جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتدى تحضير بكالوريا 2020 :: منتدى تحضير بكالوريا 2020 |
|
الأحد 22 مارس - 19:35:41 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد تذكير بمساهمة فاتح الموضوع : المجال المفاهيمي الأول: العقود والشركات التجارية الوحدة الأولى: عقد البيع تصميم الدرس 1. تعريف عقد البيع. 2. تكوين عقد البيع. 3. آثار عقد البيع. أنشطة التقويم الذاتي. الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:10:27 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد A/Grammar 1‐A.Possibility B.Certainty C.Remote Possibility D. Remote Possibility E.Probability F. Possibility To express certainty we use: ‐ Subject +Will + certainly + infinitive without to ‐ I’m sure/ certain that + subject +Will+ infinitive without to To express probability we use : ‐ Subject +Will+ probably + infinitive without to ‐ It is probable that + subject +Will + infinitive without to To express possibility we use: ‐ Subject +Can/ May + infinitive without to To express remote possibility we use: ‐ Subject + Might/Could + infinitive without to Task: Certainty : 1. Food safety will (certainly) be one of the major problems in the next decade. 2. In the future people won’t (certainly) eat as much processed food as they do now. Probability: ‐ Most Algerian consumers will probably boycott products which are not environmentally safe soon Possibility: 1. The Algerian government will possibly impose an eco‐tax on polluting industries next year. 2. Flavourings and colourings can/may cause irritability and skin irritations . LISTEN AND CONSIDER The Gerund (‐ ing form ) Words ending in – ing functioning as a verb Words ending in – ing functioning as a noun Word ending in – ing functioning as an adjective Buying ‐ Increasing ‐ Destroying Eating ‐ Camping Damaging 2. We use the gerund ( ‐ing form) • after: ‐ most verbs of liking and disliking : love , enjoy, prefer, dislike, hate etc. ‐ the following verbs: stop, avoid , keep , admit, come, go etc. ‐ verbs or adjectives followed by prepositions such as: for, in ,at ,to, with etc. • We use the gerund ( ‐ing form) as : VERBS ‐ er /or ‐ tion ‐ ing ‐ment Consume Advertise Produce Promote Compete Farm Manage Treat consumer advertiser producer promoter competitor farmer manager / consumptio / production promotion competition / / / consuming advertising / promoting / farming / / / advertisement / / / / management treatment ‐ subjects ‐ adjectives • We use the gerund( ‐ing form) with: ‐ “No” in prohibition ( Example: NO PARKING) B/ VOCABULARY Task: 1‐cooking‐requires‐sitting‐smoking‐breathingcultivating ‐ exporting‐flavouring‐making‐ buy‐shoppingbeing‐ living‐ 2‐ consumers –consumption—production— advertisements — advertising—rejection— reaction 3‐ 1.with 2.from 3.from 4.about 5.to 6.for 7.from 8.of •Read and do 2 . A.T B.T C.T D.T E.F (Advertising of unhealthy foods are as harmful as advertisements for cigarettes. Therefore, they should be banned from the media) 3 ‐A.c B.a C.c 4. What do the words written in bold in the text refer to? ‐ Paragraph 1: ‐Paragraph 2 : * They = people * They =people * this = when we eat…we tak e * their = most people * them = fatty and sugary foods ‐ Paragraph 3: ‐Paragraph 4: * their = a large number of people * ones = slim people * those = …people * their = obese people Pay Reject React payer / / / rejection reaction / / / payment / / READ AND CONSIDER * This = a recent study * their = parents * they = children ‐ Paragraph 5: * which = loss of energy * they = governments A/ Grammar Present simple tense A: expository B: 1.c 2.d 3.a 4.b Task: are ‐increases ‐help ‐show ‐are If‐conditional type 1 1‐ b. condition 2‐ Supposition 3‐ If + subject + Present , الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:13:27 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد بروز الصراع وتشكل العالم الكفاءة المستهدفة عزيزي الطالب : بعد الدراسة المتأنية لهذه الوحدة ستتوصل إلى : اكتشاف تراجع مكانة أوروبا الغربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:16:00 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد قيادة العالم بقطبية ثنائية الكفاءة المستهدفة إبراز كيفية انقسام الشمال المتقدم إلى كتلتين شيوعية ورأسمالية. الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:17:10 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد العلاقات بين الكتلتين : كانت العلاقات بين الكتلتين الشرقية الشيوعية بزعامة الإتحاد السوفياتي، و الغربية الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية قائمة على الّتوتر و العداء الشديد، و غلب عليها الصراع الإيديولوجي الذي عرف ب " الحرب الباردة " لملء الفراغ، استخدمت فيه كافة الوسائل باستثناء لجوء القوتين إلى أسلحة الدمار الشامل. : مقطفات من خطاب ونستن تشرشل بجامعة فلتون 5 مارس 1946 " إني أحمل الكثير من الإعجاب و من الصداقة للشعب الروسي الباسل و لرفيقي في الكفاح الماريشال ستالين... لكن هذا لا يمنعني من واجب استعراض بعض الوقائع أمامكم تتعلق بالوضعية الحالية بأوروبا. من سنتين على بحر البلطيق إلى ترياست على البحر الأدرياتيكي نزل ستار حديدي يخترق كامل القارة. وراء هذا الخط توجد عواصم بلدان أوروبا الشرقية : فرصوفيا، و برلين، و براغ، و بودابست، و بوخارست، و صوفيا. كل هذه المدن الشهيرة، و كل تلك الأمم العريقة أصبحت توجد داخل دائرة التأثير السوفياتي، بل أكثر من ذلك أصبحت تحت رقابة موسعة و متزايدة بصفة حثيثة من طرف موسكو.................................................. الروس المنتصبون في برلين يحاولون تتبيث حزب شيوعي في المنطقة الألمانية الواقعة تحت سيطرتهم... و إذا حاولت الحكومة السوفياتية إقامة حكومة شيوعية موالية لهم في هذه المنطقة فستنجر عن ذلك صعوبات خطيرة جديدة... لا أعتقد أن روسيا ترغب في الحرب، فما ترغب فيه هو الاستفادة من ثمار الحرب و التوسيع الفرنسية، يوم 7 Le Monde اللامتناهي لهيمنتها و لمذهبها..المصدر : در: جريدة . مارس 1946 الوثيقة 1 فقد ملأ الإتحاد السوفياتي الفراغ الذي تركته ألمانيا بعد انهزامها في الحرب العالمية الثانية بنشره للشيوعية وإقامة أنظمة موالية له في أوروبا الشرقية، و في الدول المستقلة حديثا، فتوغل في الشرق الأوسط، في سوريا و مصر و اليمن الجنوبي، بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر 1956 إثر موقف الماريشال السوفياتي بولغانين الذي هدّد بضرب عواصم الدول المعتدية الثلاث (باريس و لندن و تل أبيب) إن هي لم توقف إطلاق النار و الانسحاب من بور سعيد و صحراء سيناء. كما أقام قواعد عسكرية في كوبا، أنغولا، إثيوبيا، اليمن الجنوبي، فيتنام، كمبوديا، لاوس، و مدغشقر. و حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أيضا ملأ فراغ القوى الاستعمارية الأوروبية في بعض مناطق الهند الصينية و الشرق الأوسط، فقد رفضت توقيع اتفاقية جنيف في 20 جويلية 1954 التي منحت الاستقلال للفيتنام الشمالي الشيوعي بقيادة هوشي منه، و تدخلت في الجزء الجنوبي، و أنشأت في الشرق الأوسط حلف بغداد 24 فيفري 1955 ، و وضعت مشروع أيزنهاور في 5 جانفي 1957 لمساعدة حلفائها في المنطقة الأردن و العراق. الإستراتيجيات الخاصة بكل كتلة : كانت للمعسكرين الشرقي و الغربي إستراتيجية و سياسة خاصة لتحقيق أهدافهما، و هي إستراتيجية اقتصادية و سياسية، و أبرز تلك الإستراتيجيات كانت مشروع مارشال، والكوميكون، و تدعيم حركات التحرر. مشروع مارشال : وضعه الجنرال جورج مارشال وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية و الذي ورد في (Harvard) إحدى محاضرته بجامعة هارفرد في بوسطن يوم 5 جوان 1947 ، و كان المشروع ضمن إطار مبدأ ترومان رئيس الو.م.أ. و موجّه لجميع دول أوروبا بما فيه الإتحاد السوفياتي. أهدافه : - إعادة بناء أوروبا التي دمّرتها الحرب العالمية الثانية. - توقيف تغلغل المد الشيوعي السوفياتي في أوروبا الغربية. - فرض الهيمنة الأمريكية المالية و السياسية على غرب أوروبا. جورج مارشال - قيادة العالم الرأسمالي الحر. - تعميم استخدام الدولار الأمريكي. كان مبلغ الغلاف المالي لمشروع مارشال يقدر ب 13,3 مليار دولار منها 11,8 مليار $ هبة مجانية، و 1,5 مليار$ على شكل قرض (أصبح المبلغ سنة 1997 ، أي بعد خمسين سنة، يعادل 88 مليار 1952 ، و قد استفادت منه 16 دولة - دولار)، و مدة المشروع حدّدت بأربع سنوات كاملة 1948 قيمته، وهي بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا الغربية، و ¾ أوروبية رأسمالية، تحصلت خمسة منها على هولندا، و رفضه الإتحاد السوفياتي و جميع الديمقراطيات الشعبية الشيوعية. و كانت الدول الأوروبية المؤيّدة لمشروع مارشال قد عقدت مؤتمرا في العاصمة الفرنسية باريس يوم OEEC " 16 أفريل 1948 ، و أسّست " المنظمة الاقتصادية للمجموعة الأوروبية الجدول 1: توزيع أموال مشروع مارشال على القطاعات الاقتصادية القطاعات النسب % المنتوجات الغذائية 32 المواد المصنعة 19 الصناعة الميكانيكية 14 الطاقة 15,5 بقية القطاعات 19,5 دمار وخراب في أوروبا شعار مشروع مارشال جدول 2 : توزيع مساعدات مشروع مارشال على دول أوروبا الدول الهبة القرض المجموع 3 189,8 384,8 2 بريطانيا 805 2 713,6 225,6 2 فرنسا 488,0 1 508,8 95,6 1 إيطاليا 413,2 1 390,6 216,9 1 ألمانيا الغربية 173,7 1 083,5 166,7 هولندا 916,8 706,7 - اليونان 706,7 677,8 - النمسا 677,8 559,3 68,0 بلجيكا ولوكسمبورغ 491,3 273,0 33,3 الدانمارك 239,7 255,3 39,2 النرويج 216,1 225,1 85,0 تركيا 140,1 147,5 128,2 ايرلندا الجنوبية 19,3 107,3 20,4 السويد 86,9 51,2 36,1 البرتغال 15,1 29,3 5,3 إيسلندا 24,0 الوحدة : مليون دولار Wikipédia المرجع: الموسوعة الحرة خريطة أوروبا الدول المستفيدة من مشروع مارشال " و قد سمّي المشروع الذي أقرته أمريكا لمساعدة أوروبا بمشروع مارشال، باسم واضعه الجنرال مارشال وزير الخارجية الأمريكية يومئذ. و قد وصفت الأهداف التي يرمي إليها بأنها معاونة الأمم الأوروبية على النهوض، و حماية النظم الحرة التي تعيش في ظلها، و إنقاذ المدنية الأوروبية بذلك من الانهيار. على أن الغاية الحقة أو الغاية الأساسية التي قصدت إليها أمريكا من وضعه، هي معاونة الأمم الأوروبية على العمل على مقاومة الزحف السوفياتي الشيوعي على أمم الغرب ... و قد صرّح الرئيس ترومان في بيانه الذي ألقاه أمام الكونجرس (البرلمان الأمريكي) لمناسبة طلب إقرار الإعتمادات المالية الضخمة اللازمة لتنفيذ مشروع الإغاثة الأوروبية (سنة 1948 ) بأن الغرض الأساسي من تنفيذه "هو العمل على إنهاض أوروبا و مساعدتها على مقاومة الشيوعية، و كل صور الدكتاتورية الأخرى، و أن النظم الاجتماعية الاقتصادية الحرة التي تعيش أمريكا في ظلها، تتأثر حتما بوقوع أي انقلاب مدمر للنظم الأوروبية الحرة، و من ثم كان حرص أمريكا على العمل لتدعيم النظم الأوروبية و حمايتها ضد الغزو البلشفي ". 173- محمد عبد الله عنان، المذاهب الاجتماعية الحديثة، دار الشروق، بيروت، بدون تاريخ، ص 172 الكوميكون : هو مجلس التعاون والتعاضد الاقتصادي الذي عرف أيضا ب " مجلس المساعدة الاقتصادية المتبادلة " شكله الإتحاد السوفياتي بموسكو في 22 جانفي 1949 بمشاركة بلغاريا، المجر رومانيا، تشيكوسلوفاكيا بولونيا، و انضمت إليه ألبانيا في فيفري ، 1949 و ألمانيا الشرقية 1950 ، منغوليا 1962 ، كوبا 1972 . والفيتنام 1978 و التحقت يوغوسلافيا بالكوميكون كعضو مشارك سنة 1964 ، و شاركت أفغانستان، وإثيوبيا، لاوس، نيكاراغوا، واليمن الجنوبي سنة 1986 بصفة عضو مراقب، و قد تمّ حل الكوميكون بشكل نهائي بعد 1991 و يسيطر الإتحاد السوفياتي على /6/ نهاية الحرب الباردة و تصدع المعسكر الشيوعي في 28 الكوميكون بشكل كامل، فهو يمثل نسبة 90 % من مساحة مجلس التعاضد ، و 70 % من سكانه، و 90 % من موارده الأولية، و 65 % من دخلها الوطني الخام، و مقره العاصمة موسكو، و معظم مسؤوليه من كبار السوفيات. الوثيقة 2 - دعم الحركات التحررية : الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:19:01 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد تصميم الدرس -1 الحركة الوطنية السلمية. -2 السياسة الاستعمارية بين الإغراء والقمع. -3 أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية. * الظروف الإقليمية والدولية. * مواثيق الثورة. عزيزي الطالب : نعود من جديد في هذا الإرسال لنواصل معا دراسة تاريخ الجزائر المعاصر، ما بين 1919 إلى 1989 وسنركز على مسيرة الحركة الوطنية النضالية قبيل الحرب العالمية الأولى . والتطورات التي عرفتها إلى غاية اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 عزيزي الطالب يؤكد بيان أول نوفمبر 1954 وبوضوح أن السياسة السلمية التي سلكتها الحركة الوطنية قد تبلورت في ثلاث اتجاهات (الاندماجي، الإصلاحي، و الاستقلالي). كان الاتجاه الاستقلالي أكثر تعبيرا عن رغبات الشعب في الحرية و الاستقلال إلا أن هذا التوجه وجد حصارا شديدا و مواجهة عنيفة (اعتقال، نفي، مصادرة وحل للحزب...) مما جعل رواد الحركة الوطنية يختلفون في الإقدام على الخيار الصعب (الحرية الحمراء) الذي يراه الشعب كضرورة، لأن العدوان الاستعماري هو الذي يجر الشعب إلى الخيار الحرب من أجل الحرية و الاستقلال، ترى ما هو ثمن الحرية الذي سيدفعه الشعب؟ ومن هم الوطنيون الذين سيعلنون الثورة على العدو الفرنسي؟ الحركة الوطنية السلمية لكن لنبدأ بطرح هذه الأسئلة قبل أن نصل إلى الكفاح المسلح في الواقع لم تكن هناك حركة سياسية واضحة المعالم قبيل الحرب العالمية الأولى إ ّ لا حركة واحدة و هي (لجنة الدفاع عن مصالح المسلمين) أنشأت سنة 1908 برنامجها كان يقربها إلى العمل السياسي مثل المطالبة بالمساواة في التمثيل النيابي وفي دفع الضرائب وفي معارضة التجنيس ..... أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث، وهكذا، فإن حركتنا الوطنية قد وجدت نفسها، محطمة نتيجة لسنوات طويلة من الجمود والركود والروتين، وتوجيهها السيء، محرومة من سند الرأي العام الضروري، قد تجاوزتها الأحداث، الأمر الذي جعل الاستعمار يطير فرحا ظنا منه انه قد أحرز أضخم انتصاراته في كفاحه ضد الطليعة الجزائرية.... (من بيان أول نوفمبر) وثيقة 1 - متى ظهرت الحركة الوطنية بطابعها السياسي؟ ؟1919- - ما هي مظاهر العمل السياسي خلال الفترة 1914 والتجنيد الإجباري وغيرها من المطالب. ثم ظهرت جماعة النخبة الجزائرية معظمهم تعلموا في المدارس الفرنسية لذلك كان تأثرهم بالحضارة الفرنسية عظيما إلى حد أنهم نادوا بالاندماج في المجتمع الفرنسي كما لم يرفضوا التجنيد الإجباري واعتبروه وسيلة لتحقيق المساواة والاندماج في المجتمع الفرنسي. عزيزي الطالب : الظاهر أن قانون التجنيد الإجباري الذي طرح للمناقشة سنة 1906 إلى أن وافق المجلس الوطني الفرنسي عليه رسميا في 3 فيفري 1912 حرك الشعب الجزائري ضده بشكل عنيف مما يوحي بأن الشعب لم يكن نائما، بل كان واعيا، و بدأت تظهر اللوائح من مختلف الحركات الوطنية المؤيدة و الرافضة، و هو مؤشر على انطلاق النشاط السياسي، أثناء الحرب العالمية الأولى، أخذ عدد كبير بلغ عددهم حوالي 4 آلاف من الشباب الجزائري إلى حرب لا تعنيه. اشتد الرفض الشعبي على التجنيد الإجباري حيث ظهرت عدة مظاهرات سرعان ما انتشرت عبر كامل التراب الوطني، لتتحول في بعضها إلى عنف شديد فقد وقعت مواجهات بين الشعب والشرطة ولامتصاص غضب الجزائريين أصدرت فرنسا في 19 سبتمبر 1912 قرارات في مجملها عبارة عن إغراءات مثل إعفاء المجندين من قوانين الاندجينا و حرية التنقل وحق المشاركة في الانتخابات وغيرها. و من مظاهر العمل السياسي في هذه الفترة : * اللوائح الرافضة للتجنيد الإجباري من قبل شخصيات و تجمعات وطنية مثل (لجنة الدفاع عن مصالح المسلمين) 1 التي أرسلت بعريضة إلى المجلس الوطني الفرنسي في 27 ماي 1912 يرفضون فيه التجنيد و يطالبون بالحريات السياسية و المشاركة في التمثيل النيابي. . 1930 ) ج 2 - 1 د.أبو القاسم سعد الله-الحركة الوطنية الجزائرية( 1900 نقل الشباب إلى جبهات القتال * إجبار فرنسا على تجنيد الجزائريين في هذه الحرب الفرنسية مقابل تحقيق مطالب وعد بها جورج كليمونصو (رئيس الوزراء الفرنسي). هناك من قبل هذه الوعود المغرية ظنا منهم أن المشاركة الفرنسيين في الحرب ستقربهم أكثر من المجتمع الفرنسي وبالتالي سيحققون المساواة و الإدماج، و أصحاب هذا الاتجاه جماعة النخبة من بينهم الأمير خالد. * المطالبة بالحقوق السياسية و الاجتماعية للجزائريين بعد نهاية الحرب، فرغم التضحيات الجسيمة التي قدمها الشباب في هذه الحرب إ ّ لا أن فرنسا لم توفي بوعدها بل أصدرت قانون كليمونصو 1919 التي تقيد منح الحقوق بشروط لا تتوفر حتى في النخبة. مثل : التخلي عن الشخصية الوطنية للحصول على الجنسية وكذلك أن تتوفر في الجزائري رتبة عالية و شهادة حسن السلوك في الجندية وله وسام، وأن يكون والده فرنسي الجنسية... وغيرها من الشروط التعجيزية. الشئ الذي أكد للجزائريين الوجه الحقيقي لفرنسا. وقد برز في تلك الفترة الأمير خالد الذي تخلى عن أفكاره الاندماجية وأصبح ينادي بالمساواة منفصلا عن جماعة النخبة و أنطلق في كتابة العرائض متمسكا بالوعود الفرنسية الأولى وبمبادئ ولسون (رئيس الولايات المتحدة) التي تقر بحق الشعوب في تقرير مصيرها. ومن أهم ما قام به هو تشكيل وفد لحضور مؤتمر الصلح المنعقد في باريس و قد ترأس الوفد المتكون من أربعة من زملائه و توجه إلى باريس في شهر ماي 1919 و قد تمكن من تسليم عريضة ممضاة من طرفه إلى الرئيس الأمريكي وودرو و لسن الذي كان رئيس المؤتمر، هذا النشاط غير المتوقع أقلق فرنسا في الجزائر و أصبحت تراقب نشاطاته و تحاصره، و تظهر هذه المضايقة جليا لما شارك في الانتخابات البلدية في شهر نوفمبر 1919 حيث ألغيت النتائج لإبعاده، و تكررت العملية في المرة الثانية عند ترشحه في الانتخابات الجزئية الخاصة بانتخاب المستشارين بالبلديات في جويلية 1921 ، و من نشاطاته أيضا كتاباته في جريدة (الإقدام) جورج كليمونصو الأمير خالد من اليمين: وودرو ولسن، جورج كليمنصو، لويد جورج . التي كان لها دور كبير في فضح السياسة الاستعمارية و المطالبة بحقوق المجندين في الجيش الفرنسي والحفاظ على الشخصية الإسلامية و غيرها من المطالب التي تدل على تطور الوعي و الحس الوطني. لما نفت فرنسا الأمير خالد إلى الإسكندرية سنة 1923 ، ظنت أنها تخلصت من نشاطاته السياسية لكنها لم تتفطن إلى ما خّلفه من أفكار وطنية أثرت على المثقفين في الجزائر و المهاجرين في فرنسا عندما ذهب إليها في 25 سبتمبر 1925 و فيها التقى بالوطنيين و ألقى المحاضرات و كتب في . الصحف الفرنسية مما جعل فرنسا تلقي عليه القبض و تنفيه من جديد إلى دمشق سنة 1926 عوامل تطور الحركة الوطنية : عزيزي الطالب : بعد أن استعرضنا المؤشرات الأولى للنهضة السياسية في الجزائر و هذا يعني دخول الجزائر إلى مرحلة جديدة في تاريخها النضالي بعد مرحلة المقاومة المسلحة التي كانت تقودها زعماء القبائل (و هي ما اصطلح على تسميتها بالمقاومات الشعبية). و السؤال المطلوب منك التفكير فيه قبل مواصلة قراءة الدرس هو : رسالة الأمير خالد إلى هيريو رئيس الوزراء الفرنسي سنة 1924 - المساواة مع الفرنسيين والتمتع بالحقوق التامة بما في ذلك الخدمة العسكرية. - تمثيل المسلمين في البرلمان الفرنسي ( مثل الأوربيين ). - السماح للجزائريين أن يحصلوا على أي منصب في الوظائف العامة. - احترام حرية التعبير و إنشاء الصحافة بحرية تامة. - فصل الدين عن الدولة. - إصدار عفو عام. - إصدار قوانين تشريعية تسمح للعمال الجزائريين أن يحصلوا على حقوق مماثلة لحقوق العمال الفرنسيين وثيقة 2 -1 هل كان نشاط الأمير خالد هو العامل الوحيد الذي أدى إلى تطور الحركة الوطنية الجزائرية ؟ - 2 ما هي الأحزاب الوطنية التي ظهرت بعده ؟ و ما هي المطالب التي قدمتها للإدارة الفرنسية؟ من خلال قراءتك للنشاط الدؤوب والمقلق للاستعمار الفرنسي الذي كان يقوم به الأمير خالد، قد يتبادر إلى ذهنك أنه هو السبب الرئيسي لبروز الأحزاب الوطنية، والواقع غير ذلك، فنشاطه هذا كان بسبب العوامل التي أفرزتها السياسة الاستعمارية الحاقدة من جهة و نتائج الحرب العالمية الأولى وما أحدثته من تطورات في الوعي القومي لدى الشعوب المحتلة من جهة أخرى ويمكن تلخيص هذه العوامل فيما يلي : • قانون كليمنصو 1919 الذي أكد للشعب الجزائري خيانة فرنسا لوعودها. فتسبب في انقسام دعاة الإدماج بين منتظر من فرنسا تغيير سياستها و بين رافض للاندماج و المطالبة بالمساواة مع حماية الشخصية الوطنية للشعب الجزائري. • تثبيت قانون الاندجينا على الشعب الجزائري و إصدار قوانين تزيد من تهميش الشعب، وهذا رغم ما قدمه من تضحيات في الحرب العالمية الأولى. • شلّ النشاط السياسي وكبت الحريات و منع التجمعات وفق الأحكام العرفية التي فرضتها بحجة الحرب. هذه عوامل جعلت الشعب يندفع بقوة للمطالبة بالمساواة سواء بالطرق السلمية كما فعل الأمير ( خالد أو عن طريق العنف كما حدث في العديد من المناطق الجزائرية (ثورة الأوراس 1916 أو الهجرة هروبا من جحيم الحرب و الاستبداد الفرنسي. و هناك عوامل غير مباشرة لم يكن أثرها آنيا لكن كان لها الدور الكبير في تطور الوعي القومي و السياسي و التحرري و تتمثل في : • مشاركة الشباب في الحرب العالمية الأولى، أكسبته فنون القتال. • نقل الشباب ضمن التجنيد الإجباري إلى المصانع الحربية فأحتك مع العمال الأوروبيين فتعلم لغتهم وطريقة تفكيرهم و طبيعة مطالبهم الرافضة للضغط الرأسمالي. • مبادئ وودرو ولسن (رئيس الولايات المتحدة) ال " 14 التي جاء فيها "حق الشعوب في تقرير المصير ". هذا المبدأ وّلد بصيص أمل لدى الشعوب المحتلة قاطبة، فسارعت للمطالبة بتحقيقه على أرض الواقع، فمنهم من أرسل العرائض، و منهم من أرسل الوفود، فكان لذلك دور كبير في انتشار الوعي و قد أزداد لما شعرت هذه الشعوب بخيبة أمل لما رفِضت .( مطالبهم من طرف دعاة هذا المبدأ. (مبادئ ولسن 14 ظهور الأحزاب السياسية : 2 الوثيقة - 3- تعطينا صورة شاملة للتشكيلات الوطنية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى و اختلاف اتجاهاتها حسب موقع مؤسسيها الاجتماعي و الفكري، لكل منها نظرة خاصة في الدفاع عن حقوق الجزائريين. تتمثل هذه التشكيلات (الأحزاب) فيما يلي : -1 التيار الاندماجي : أصحاب هذا الاتجاه هم جماعة النخبة معظمهم تعلموا في المدارس الفرنسية،تأثروا بالحضارة الفرنسية لذلك كانوا يرون أن الاندماج في المجتمع الفرنسي سيحقق للشعب الجزائري المساواة، و اعتبروا قانون التجنيد الإجباري فرصة لتحقيق المساواة، غير أن قانون 1919 وتنكر فرنسا للشباب المجند بمخالفة و غيرها من سياسات التمييز أحدث خيبة أمل في صفوف هذه الجماعة فانقسمت إلى قسمين : - تيار يقوده الأمير خالد الذي تحول من المطالبة بالاندماج إلى المطالبة بالمساواة نشاطاته الكبيرة الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:19:50 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد السياسة الاستعمارية بين الإغراء والقمع عزيزي الطالب: تتبعنا مسيرة الحركة الوطنية السلمية وعرفنا كيف كانت فرنسا تتلاعب بمطالبها دون اعتبار سواء لعملائها ومناصريها أو من المعتدلين في مطالبهم ففرنسا لم تكن تفرق بين هذا أو ذاك. و قد ازدادت هذه السياسة خلال الحرب العالمية الثانية فقد طبقت الإغراء و القمع في آن واحد إلى أن انتهت الحرب. السياسة الاستعمارية خلال الحرب العالمية الثانية : رغم و استسلام فرنسا لألمانيا النازية و انقسامها إلى قسمين في 22 جوان 1940 بين شمال نازي وجنوب حكومة فيشي العميلة، إلا أن سياستها الاستعمارية اتجاه الشعب الجزائري لم تتغير و تتمثل كالتالي : 1. حل جميع الأحزاب السياسية واعتقال زعمائها، خاصة ، حزب الشعب الذي تعرض للحل منذ اندلاع الحرب 1939 وشل جميع النشاطات السياسية و الخيرية و غيرها… 2.التضييق على جمعية العلماء المسلمين وذلك بغلق مدارسهم ومصادرة صحفهم ومنعهم من الخطب في المساجد، ونفي رئيسها آنذاك الشيخ البشير الإبراهيمي إلى (آفلو) ولاية الأغواط سنة 1939 ، ولم يفرج عنه إلا عام 1943 ، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 ليطلق سراحه بموجب الإفراج العام في . 16 مارس 1946 3. إعلان الأحكام العرفية بحجة أن فرنسا في حالة حرب، أدت إلى إلغاء الحريات الأساسية للشعب الجزائري 4. الزج بالشباب الجزائري في هذه الحرب حيث استعملت سياسة الوعود والإغراء. - أما على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي فتعد سنة 1941 سنة صعبة على الجزائريين، فقد أفرغت مخازن الجزائر بحجة تغذية الوطن الأم، وتموين الجيش، فانتشرت المجاعة بشكل واسع، بالإضافة إلى تجنيد كل الطاقات الجزائرية لخدمة الحرب الفرنسية ضد النازية المجندون الجزائريون في الحرب العالمية الثانية الكوارث الطبيعية (الجفاف، الأوبئة). كما انتشرت السوق السوداء و الفضائح المالية على حساب الشعب الجزائري و بتشجيع من الإدارة الاستعمارية. موقف الحركة الوطنية من فرنسا : منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية شعرت الحركة الوطنية أنها مستهدفة من السياسة الاستعمارية بحجة الحرب، فكان اعتقال زعمائها وتشريدهم والحد من كل نشاطاتهم جعلها تقترب أكثر وأكثر فيما بينها . و قد تجلى ذلك منذ دخول الحلفاء إلى الجزائر في 8 نوفمبر 1942 دخول الحلفاء إلى الجزائر جعل العديد من الزعماء الوطنيين يسارعون إلى الاتصال بهم سرا و علانية مدفوعين بشعار " حق الشعوب في تقرير المصير" الذي يعد مبدءا أساسيا من مبادئ "الميثاق الأطلسي" الذي نادى به روزفلت (رئيس الولايات المتحدة) وتشرشل (رئيس وزراء بريطانيا). غير أن الحلفاء اظهروا أن هدفهم من احتلال الجزائر، هو حماية فرنسا ومستعمراتها من النازية، مع أن الوطنيين اظهروا استعدادهم تجنيد الشعب في صفوف الحلفاء. ردهم هذا أيقظ الحركة الوطنية وجعلها تقترب من بعضها البعض، وتجتمع في 3 فيفري 1943 . لتخرج ببيان موحد وقد لعب " فرحات عباس" دورا بارزا في هذه الفترة. بيان فيفري 1943 والمواقف المختلفة منه : يعد هذا البيان من الوثائق التاريخية الهامة في مسيرة النضال الوطني ضد الوجود الاستعماري. فقد وحد الحركة الوطنية على مطالب واحدة ولأول مرة وهو ما أكد للاستعمار الفرنسي تعطش الشعب الجزائري للحرية والاستقلال ومما جاء فيه : 1. إدانة الاستعمار والقضاء عليه 2. تطبيق مبدأ تقرير المصير على كل الشعوب المستعمرة 3. منح الجزائر دستورا خاصا بها يضمن لها: • الحرية و المساواة بين كل السكان بغض النظر عن العرق والدين. • إلغاء الإقطاعية الفلاحية. • الاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية بجانب اللغة الفرنسية. • حرية الصحافة وحق الاجتماع. • التعليم المجاني والإجباري لجميع الأطفال ذكورا وإناثا. • فصل الدين عن الدولة. • إشراك الجزائريين في حكم بلادهم. فرحات عباس 4.إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين من جميع الأحزاب. وقَّع على هذا البيان كل من حزب الشعب، وجمعية العلماء و بعض النواب وسلم إلى الوالي العام مارسال بيرتون، و ُقد مت نسخ إلى ممثلي الحلفاء (الولايات المتحدة، إنجلترا و الاتحاد السوفياتي) و إلى الجنرال ديغول (رئيس الحكومة الحرة) في لندن، و حكومة مصر بالقاهرة، و عرض على الشعب الجزائري الذي أبدى تأييدا و ترحيبا بهذا البيان. موقف فرنسا من البيان تفاجأت السلطات الاستعمارية بهذا البيان، و تأكدت من لهجة الشعب الجديدة التي تنم على تحد واضح لسلطتها، فاضطر الوالي العام "مارسال بيروتون" إلى إعداد مشروع إصلاحي لتهدئة الوضع وكسب الوقت، لأن الحرب العالمية ما زالت على أشدها، إلا انه ع وض بالجنرال كاترو الذي انتهج سياسة صارمة في الجزائر، و في 12 ديسمبر 1943 حل ديغول بقسنطينة وفيها أعلن للشعب الجزائري عن إصلاحات بصفتهم فرنسيين، وتعتبر بلادهم جزء من فرنسا، و مما جاء في مشروع الإصلاحات : • منح الجنسية الفرنسية للجزائريين. • رفع عدد الممثلين الجزائريين في المجالس المحلية. • توظيف عدد من الجزائريين في الوظائف الإدارية لمن تتوفر فيهم الشروط الفرنسة (اللغة والولاء). رفضت هذه الإصلاحات من طرف الحركة الوطنية لأنها تعبر عن مطالب قديمة، و ما أراده ديغول سوى امتصاص الغضب وتهدئة الأوضاع. و في 7 مارس 1944 ، أصدرت فرنسا قرارات لا تختلف عن سابقاتها. بقيت فرنسا تماطل . و تهدد و تراوغ لكسب الوقت، إلى نهاية الحرب 1945 سياسة الترهيب والترغيب الاستعمارية : يعد يوم 8 ماي 1945 هو يوم نهاية مأساة العالم، حيث خرجت الشعوب تعبر عن فرحتها، بينما هذا اليوم هو يوم المأساة الكبرى للشعب الجزائري، فقد تعرض لمجزرة رهيبة، ليست جديدة على الشعب الجزائري، فقد تعرض لذلك منذ الاحتلال لكنها جديد في عصر أصبح شعار "حق الشعوب في تقرير المصير" تنادي به الدول الاستعمارية نفسها. لقاء جمع زعماء الأحزاب ويظهر الشيخ الإبراهيمي في رأس الطاولة على اليمين مجازر 8 ماي 1945 (أسباب و نتائج) في هذا اليوم خرج الشعب الجزائري بإذن من السلطات الفرنسية لمشاركة شعوب العالم فرحتهم بنهاية الحرب العالمية الثانية، وكذلك بعودة أهاليهم من جبهات القتال ومن سجون النازية من جهة، و من جهة أخرى، بانتهاء الضغط الذي فرض على الشعب من طرف الإدارة الاستعمارية خلال الحرب. كانت المسيرات سلمية و مرخصة، لكن سرعان ما واجهها الاستعمار بكل وحشية، مرتكبا مجازر رهيبة في سطيف، قالمة، عنابة، وخراطة ثم امتدت إلى كامل التراب الوطني شارك في هذه المجازر كل المعمرين، من عسكريين و مدنيين، مستعملين فيها كل أنواع الأسلحة، و كانت حربا حقيقية على شعب اعزل دون تمييز( لقد انتهت الحرب في برلين يوم 7 ماي و بدأت في 8 ماي في الجزائر) كما وصفها البشير الإبراهيمي. دوافع وأسباب هذه المجزرة : كانت مجازر 8 ماي 45 مدبرة من طرف الاستعمار، أراد من ورائها تحقيق أهداف، و التي في نفس الوقت أسباب و دوافع، من أهمها : - ماذا يمثل هذا اليوم بالنسبة للشعب الجزائري؟ - ما هي نتائجه على الشعب الجزائري والحركة الوطنية؟ : قال البشير الإبراهيمي واصفا حوادث 8 ماي 1945 " لو أن تاريخ فرنسا ُ كتب بأقلام من نور، ثم س جل هذا الفصل ال مخزي بعنوان، مذابح سطيف و خراطة و قالمة َل َ طمس هذا الفصل ذلك التاريخ كله". وثيقة 1 1. القضاء على الحس الوطني التحرري في المهد، وبالتالي وضع حد للصحوة التحررية التي تولدت خلال الحرب، و ما أحدثته مطالب الحركة 3 فيفري 1943 ) من إزعاج و قلق للإدارة ) الاستعمارية، فالمجزرة تعد بمثابة انتقام و قتل و ترهيب للشعب و حركته الوطنية. 2. إعادة الاعتبار للجيش الفرنسي الذي انهارت معنوياته نتيجة الهزائم خلال الحرب الثانية. 3. ترهيب باقي المستعمرات، و إظهار القوة الفرنسية حتى لا تتجرأ وتطالب بالاستقلال. 4. هذه المجازر تدخل ضمن سياسة الإبادة التي انتهجتها فرنسا في حق الجزائريين منذ الاحتلال. نتائج مجازر 8 ماي 1945 على الشعب الجزائري والحركة الوطنية : تعد هذه الحوادث من أخطر المجازر التي قامت بها السلطة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر ومن أخطر ما قامت به : - قتل أكثر من 45000 جزائري دون تمييز، ودك 45 قرية، قصفت برا و جوا و بحرا إن كانت ساحلية، و تنفيذ الإعدام بشكل عشوائي على ما يزيد عن 181 جزائري، واعتقال أكثر من 6000 معتقل. - حل كل التشكيلات السياسية بدون تمييز في المواقف، و مطارة كل الزعماء السياسيين و حكم عليهم بالمؤبد. انعكاسات المجازر على الإدارة الاستعمارية : لم يكن يدري الاستعمار الفرنسي في اندفاعه الإجرامي في حق الشعب الجزائري أنه كان يغير مسار التاريخ في الجزائري و أنه كان يعبد الطريق إلى الكفاح المسلح. كيف ذلك ؟ -1 أن المجزرة أحدثت نقطة انطلاق لأسلوب جديد للنضال الوطني، كما تأكد الشعب والحركة الوطنية بأن الحرية لا يمكن أن تتحقق بوسائل اللاعنف أو الثورة بالقانون. -2 الاستنكار الواسع للرأي العام العربي خاصة و العالمي، لهذه المجزرة أحرج فرنسا و جعلها تغير من سياستها. وبالتالي اضطرت إلى ترك القمع لتعود من جديد إلى سياسة الإغراء، فأهم ما قامت به تعبيرا على هذه السياسة الإعلان عن العفو العام في 16 مارس 1946 ، الذي شمل كل زعماء الحركة الوطنية. : إعادة بناء الحركة الوطنية 1946 استغلت الحركة الوطنية السياسة الجديدة التي ظهرت بها السلطة الاستعمارية بعد القمع و التقتيل و بعد الإعلان عن العفو العام لتستعيد نشاطها من جديد بتسميات مختلفة و هي كالتالي : 1.حركة انتصار الحريات الديمقراطية : و هي التسمية الجديدة لحزب الشعب الذي عقد أول مؤتمر سري له في فيفري 1947 لوضع برنامجه الجديد، و فيه وقع خلاف شديد بين دعاة السرية، و الإعداد للكفاح المسلح، و بين مواصلة النشاط السياسي العلني والمشاركة في الانتخابات، ولتفادي الخلاف، اقر المؤتمر على النهجين أي النشاط السياسي العلني، أما جناحه السري، في َ كلَّف بالتحضير للعمل المسلح ويبقى تابعا للتسمية .(O S) القديمة(حزب الشعب)، فت َ ك ونت المنظمة السرية شبه العسكرية 2.الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري : أسسه فرحات عباس بعد الإفراج عنه في 16 مارس 1946 بدل (حزب أحباب البيان). كانت مطالبه نفسها التي قدمت في البيان خلال الحرب العالمية الثانية، مضيفا إليها (إقامة جمهورية جزائرية مرتبطة بفرنسا ولو بدون عَلم) و كان يؤمن بالأساليب السلمية في النضال، كما شارك في الحياة الانتخابية. مبادئه السلمية هذه، جعلت حزبه لا يحظى بالتأييد الشعبي. 3. جمعية العلماء المسلمين : حافظت على اسمها و كثفت من نشاطاتها الإصلاحية و التعليمية، . و من أهم إنجازاتها إنشاء معهد ابن باديس بقسنطينة سنة 1947 دستور 1947 و محاولة التهدئة : تخوفت فرنسا من عودة الأحزاب الوطنية إلى الساحة و التي أبدت حماسا شديدا خاصة و أن التوجه نحو العمل المسلح أصبح يميل إليه الشعب أكثر بسبب تصاعد روح الكراهية و الانتقام. عزيزي الطالب : للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتعرف على الأوضاع العالمية و المحلية في تلك الفترة، و لك أن تقرأ الحوار التالي : س 1. كيف خرجت فرنسا من الحرب العالمية الثانية ؟ ج – خرجت منهارة من جميع النواحي سياسيا اقتصاديا واجتماعيا كبقية الدول التي كانت أراضيها جبهات قتال. س 2. ما هي أخطر ظاهرة عمت جزءا من العالم وأصبحت تقلق الدول الاستعمارية كفرنسا ؟ ج- انتشار الحركات التحررية في العالم، أدى إلى استقلال عدة دول في آسيا(الفلبين 1946 - الهند وباكستان 1947 ...) والوطن العربي (سوريا ولبنان 1946 )، مما جعل فرنسا تخشى من انتقال هذه الموجة التحررية إلى شعب عانى الاستعمار طيلة 116 سنة، خاصة و أن كل الظروف مواتية: شعب مستعد نفسيا بعد المجازر، وأحزاب تتنافس لقيادة هذا الشعب. إذا كانت فرنسا متخوفة من نشاطات الأحزاب الوطنية السياسية. فلماذا لجأت إلى سياسة التهدئة والمهادنة ؟ س 3.بماذا تمتاز الجزائر عن جارتيها؟ ج- مساحة واسعة وثروات متنوعة باطنية وسطحية ويد عاملة كبيرة تعاني البطالة في وقت خرجت فيها فرنسا من الحرب العالمية الثانية منهارة كما سلف لذلك حرصت فرنسا أن تنهض من جديد على حساب الجزائر المادي والبشري أي ربط الاقتصاد الجزائري لخدمة الوطن الأم (فرنسا) واستغلال اليد العاملة الجزائرية في مصانعها وأراضيها التي خربتها الحرب. س 4. من هو الشعب الآسيوي الذي بدأ يخطط لإعلان ؟ الثورة على فرنسا منذ 1946 ج- هو الشعب الفيتنامي، لذلك ففرنسا في حاجة ماسة لتجنيد القوى بشرية تدفعها كالعادة في حروبها، فوجدت في الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:20:55 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد في رأيك ما هو الحدث الذي سيبقى عائقا في وجه فرنسا ؟ وكيف ستتخلص منه ؟. ج- تعد جرائم فرنسا ( 8 ماي 1945 ) في حق الشعب الجزائري هي التي ستكون عائقا لكل سياسات فرنسا المستقبلية و لتجاوز هذا المأزق تظاهرت فرنسا بالتراجع عما اقترفته بالندم و الخطأ و أعلنت عن تغييرات سياسية كبيرة لصالح الشعب الجزائري. : القانون الخاص بالجزائر 1947 في الواقع ليس قانونا و لا دستورا إنما هي قوانين تعسفية أصدرتها فرنسا للمراوغة و كسب الوقت، من جهة، و تهدئة الشعب بعد مجزرة 8 ماي 1945 من جهة أخرى، أي أنك إذا عدت إلى التساؤلات التي طرحناها وأجبنا عنها، ستتبين لك أسباب صدور هذه القرارات. ثروات مكدسة للتصدير إلى فرنسا ثروات معدنية(منجم الفحم بالقنادسة) يد عاملة رخيصة أصدر هذا (القانون الخاص بالجزائر) حكومة ( ر مادي) في ( 30 سبتمبر 1947 ) يتناول النقاط التالية: -1 الجزائر قطعة فرنسية تتألف من ( 3) ولايات يتساوى سكانها في الحقوق و الواجبات وجنسيتهم فرنسية. -2 يحافظ الجزائريون على حالتهم الشخصية الإسلامية ولا يحول ذلك بينهم وبين الحقوق السياسية. -3 تتمتع الجزائر تحت سلطة الوالي العام ( الحاكم الفرنسي العام ) بنظام خاص و يقتضي ذلك إنشاء "مجلس جزائري" يشارك الجزائريون و الفرنسيون فيه مناصفة على أن يكون المجموع 120 نائبا و تكون الرئاسة متداولة كل سنة. يختص المجلس بدراسة ميزانية الجزائر والمشاريع الاقتصادية وقراراته لا تصبح نافذة إلاَّ إذا وافقت عليها الحكومة بباريس. -4 إلغاء البلديات المزدوجة وإلغاء الحكم العسكري في منطقة الجنوب. -5 تعتبر اللغة العربية لغة رسمية ثانية ويعتبر الدين الإسلامي مفصولا عن الحكومة. -6 يتألف حول الوالي العام "مجلس حكومة" من 6 أعضاء يعين الوالي ( 2) وينتخب المجلس بقسميه( 2) ثم رئيس ونائبه ( 3 أوروبيين – 3 جزائريين) ينظر هذا المجلس في تنفيذ قرارات المجلس الجزائري وما يتعلق به. : ردود الفعل المختلفة على الدستور 1947 • لقي هذا الدستور معارضة شديدة من الحركة الوطنية بما فيها جمعية العلماء كما أصبحت حركة الانتصار تؤيد جناحها السري (المنظمة السرية) في عملها العسكري كما استقال نواب حزب البيان من المجلس الجمهوري الفرنسي احتجاجا على عدم استشارته في وضع مواد هذا الدستور. • دمجت فرنسا مطالب الأحزاب الوطنية القديمة، وكونت منها موادا اعتبرتها دستورا مبتعدة بذلك عن مطالب بيان 3 فيفري 1943 الاستقلالية، فأكد هذا الدستور، ربط الجزائر بفرنسا في مادته الأولى، و كأنها إشارة للحركة الوطنية تطالبها بإلغاء كلمة استقلال من نشاطها السياسي. كما أنه أعطى المجلس الجزائري- الفرنسي صلاحيات واسعة للمعمرين من خلال المجلس الجزائري، الذي ليس لقراراته أي فعالية بدون موافقة باريس. لذلك نستنتج أن الهدف من هذا الدستور هو التهدئة، و كذلك التهرب من الجريمة التي ارتكبتها فأرادت أن تظهر للرأي العام الداخلي والدولي بمظهر المصلح والمستجيب لمطالب الشعب. • أما المعمرون، فمنهم من رحب بهذا الدستور لكونه منحهم صلاحيات واسعة في تسيير الشؤون الداخلية للجزائر من خلال المجلس الجزائري و منهم من رفضه لكونه س وى بينهم وبين الجزائريين، لذلك انطلقوا يخططون لتعطيل مواده الخاصة بحقوق الجزائريين، فكانت البداية تتمثل في التزوير الفادح الذي قام به (نايجلان) الحاكم العام الفرنسي في أول انتخاب للمجلس الجزائري، و التي كانت نتائجه .( كالتالي : الحكوميون ( 41 نائبا) – المستقلون ( 2) - حزب الانتصار ( 9) - أحباب البيان ( 8 - هذا التزوير زاد من سخط الحركة الوطنية و تكتلها ضد المستعمر وكان رد فعله، قمع الزعماء الوطنيين، و اكتشاف المنظمة السرية. و في فيفري 1951 كرر التلاعب بالانتخابات من جديد حيث خسر الحزبان الوطنيان 5 مقاعد 4 للحزب الأول 1 للحزب الثاني)، إذ لم ينل الحزبان إلا على 12 مقعدا. ) إنشاء المنظمة السرية : أنشأتها مجموعة من الشباب متحمسة للكفاح المسلح ضد الاستعمار، يئست من مسالمة العدو و من جرائمه و تلاعباته، و أصبحت تؤمن بالاستقلال التام. هذا التوجه أحدث خلافات في صفوف حزب الشعب الذي أصبح اسمه حركة انتصار الحريات الديمقراطية، لكنها حسمت في المؤتمر الاستثنائي للحزب في 15 فيفري 1947 ، حيث خرج بقرار أرضى الطرفين (دعاة الجل السلمي و دعاة الكفاح المسلح) فأنشأت (المنظمة السرية) برآسة محمد بلوزداد، الذي أوكلت له مهمة تشكيل تنظيم سري عسكري للإعداد للكفاح المسلح. انطلق بلوزداد يتصل بالمناضلين المخلصين لتنصيب هيئة الأركان، و من ابرز أعضائها (محمد بوضياف، أحمد بن بلة، حسين آيت أحمد…)، و جمع الأسلحة 1950 ، بالقيام بعمليات فدائية، من بينها - وأعد مراكز للتدريب... باشرت هذه المنظمة ما بين 1948 تكتب صحيفتهم: "تزوير وعنف في انتخابات الجزائر" محمد بلوزداد الهجوم على بريد وهران، ومنجم الونزة وعلى مراكز الشرطة… وفي سنة 1950 اكتشفت المنظمة و أُْلقِ ي القبض على أكثر من 300 من أعضائها واختفى الباقون، ليكونوا فيما بعد النواة المفجرة لثورة . أول نوفمبر 1954 كخلاصة لما سبق نستنتج أ ن معاناة هذا الشعب كانت عظيمة بين السياسة الاستعمارية التي كانت تنغلق على نفسها فينتج عنها القمع و التقتيل أو الانفتاح فتنطلق في سياسة المراوغة و التلاعب بالأحزاب الوطنية. إن كانت هذه الوضعية سلبية في ظاهرها ففي الواقع هي إيجابية منذ أن أعلنت عن مقاطعتها للوعود . الفرنسية المزعومة ودخل الشعب في حالة استنفار وغضب تمهيدا لتفجير الثورة في أول نوفمبر 1954 أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية • ما هي هذه الأوضاع التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا؟ • جاء في البيان ما يلي : - حان الوقت لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص. ما المقصود من ذلك ؟ عزيزي الطالب : في الدرس السابق تعرفنا إلى ما قامت به فرنسا من سياسة العنف و التقتيل ثم تظاهرت بالليونة و الترغيب، و في نفس الوقت التلاعب بالانتخابات و هي وسيلة لتهميش التيار الوطني المخلص، إضافة إلى ما بلغت إليه الحالة الاجتماعية الميؤوس منها : فقر، مجاعة، أمراض، أمية وجهل، ثم مخلفات الحرب العالمية الثانية - لأن الجزائر كانت مسرحا لهذه الحرب بين الحلفاء " أمام هذه الأوضاع التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين الذين جمعت حولها اغلب العناصر التي لا تزال سليمة و مصممة، إن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص و التأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة و التونسيين". من بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 1 و حكومة فيشي في الجزائر- و عند نهايتها تعرض الشعب لمجزرة رهيبة، كل هذه الأحداث المتتالية هي التي اعتبرها البيان أوضاعا يخشى استحالة علاجها. و بنهاية الحرب العالمية الثانية تحركت الشعوب المحتلة معتمدة على نفسها لتحقيق استقلالها سواء بالطرق السلمية أو العسكرية و نالت العديد منها استقلالها في وقت كانت فيه الحركة الوطنية تعاني التمزيق و الاختلاف خاصة التيار الثوري الذي كان يضع فيه الشعب الجزائري كل آماله، لذلك يقول البيان الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص. كل الأحزاب الوطنية التي كانت متواجدة في تلك الفترة أي إلى غاية إعادة تسميتها بعد العفو العام في 16 مارس 1946 ، و عادت للنشاط من جديد غير أنها لم تبتعد عن مطالبها القديمة كثيرا، إلا حركة الانتصار للحريات الديمقراطية (التسمية الجديدة لحزب الشعب) التي بقيت متمسكة بنهجها الثوري لذلك كانت أنظار الشعب كلها متوجهة إليها و أي أزمة فيها ستؤثر مباشرة على الشعب الجزائري و هو ما وقع حيث حدثت أزمة بين الأشخاص أو الزعماء كان أساسها صراع حول السلطة، و هو ما أرادته فرنسا بل زادت في إشعال الفتنة في وقت كان فيه مصالي الحاج في الإقامة الجبرية في فرنسا سنة .1952 المراحل التاريخية لأزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية : تعرضت حركة انتصار الحريات الديمقراطية منذ تأسيسها إلى مضايقة شديدة من طرف الاستعمار ف حّلت عدة مرات وسجن رجالها و كذلك تعرضت لأزمات داخلية كثيرا ما كادت تنتهي، لولا بعض الرجال المخلصين فيها، و من هذه الأزمات : • الأزمة البربرية التي كادت أن تقسم الحزب منذ 1946 لكنها فشلت. • و في سنة 1947 في أول مؤتمر سري للحزب، كاد أن ينقسم من جديد بسبب الاختلاف في طريقة سير الحزب بين السياسيين الذين بقوا متمسكين بالعمل السياسي و المشاركة في الانتخابات منتهجين في ذلك المطالبة والمغالبة و بين شباب يئس من الجمود و مهادنة الاستعمار، وأصبح يفضل العمل المسلح، و حتى يتم الحفاظ على وحدة الحزب تم قبول تأسيس جناح عسكري كلف به محمد بلوزداد مهمته الإعداد للكفاح المسلح على أن يبقى هذا الجناح تابعا لحزب الشعب المنحل، حتى إذا أكتشف لا ُتحل حركة انتصار الحريات الديمقراطيات. - ما هو هذا المأزق الذي وقعت فيه الحركة الوطنية ؟ و سببه الرئيسي. - تتبع المراحل التاريخية التي مرت بها هذه الأزمة، مع ذكر نتائج هذه الأزمة. • ثم ظهرت أزمة خطيرة فجرت الحزب إلى 3 أقسام متنافرة متعادية. انطلقت هذا الخلاف في 6 أفريل 1953 ) - في غياب زعيم الحزب مصالي الحاج _ خرج - المؤتمر الذي انعقد ما بين ( 4 المؤتمر بقرار يدعو إلى تحقيق الديمقراطية في الحزب، و نبذ ظاهرة عبادة الشخصية المتمثلة في مصالي الحاج، كما أقر تعيين (حسين لَ ح ول) لرئاسة اللجنة المركزية للحزب. فعارض مصالي 16- هذا القرار، و دعا أنصاره إلى مؤتمر استثنائي في (هورن - ببلجيكا) ما بين 13 جويلية 1954 و فيه اتفقوا على عزل حسين لحول، و إلغاء اللجنة المركزية، و تعيين مصالي 16 - زعيما للحزب مدى الحياة. هذا القرار رفضه الطرف الثاني، فأقاموا مؤتمرهم ما بين 13 أوت 1954 ، و قرروا عدم الاعتراف بمصالي وأنصاره. و هكذا انقسم الحزب بين : -1 المصاليون : و هم أنصار مصالي الحاج الذين رفضوا أن تنتقل الزعامة لغيره. -2 المركزيون : أو الاصلاحيون و الذين عينوا حسين لحول أمينا عاما على الحزب بغية التداول على الزعامة بطريقة ديمقراطية. -3 الشباب الثوري : معظمهم من المنظمة الخاصة، حاولوا الإصلاح بين الطرفين، فوجدوا الحل هو التوجه للعمل السري، و الإعداد للكفاح المسلح سمي هذا التنظيم (اللجنة الثورية . للوحدة و العمل)، و كانوا المخططين الأوائل لثورة أول نوفمبر 1954 الظروف الدولية والإقليمية قبل مناقشة هذه الفقرة من بيان أول نوفمبر 1954 عليكم بالبحث على أهم الأحداث التاريخية التي . وقعت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى 1954 "... أما في الأوضاع الخارجية فان الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية، التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الدبلوماسي خاصة من طرف إخواننا العرب و المسلمين." من بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 1 ابرز أحداث هذه الفترة : -1 على المستوى الإقليمي : * في تونس : بدأ الشعب التونسي يتمرد على السلطة الاستعمارية منذ 1946 لكن القمع الشديد الذي تعرض له الشعب وراح ضحيته النقابي التونسي فرحات حشاد سنة 1952 ، دفع بالشعب إلى . الكفاح المسلح منذ 1954 * في المغرب الأقصى : خطاب السلطان محمد الخامس بطنجة سنة 1947 يطالب فيها بالاستقلال كانت كافية لتشجيع الحركات الوطنية المغربية على التحرك، غير أن القمع الذي طال الشعب بما فيهم ( السلطان المغربي (محمد الخامس) الذي نفي إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر (في 20 أوت 1953 جعل الحركة الوطنية تتوحد و تخطط للكفاح المسلح. * وفي ليبيا:هي الأخرى تتحرك للمطالبة بالاستقلال وتنال استقلالها في 24 ديسمبر 1951 من ايطاليا. * و في مصر يقوم الضباط الأحرار بثورة أطاحت بالنظام الملكي في ظل الحماية الإنجليزية في ، 23 جويلية 1952 ، ثم يعلن عن قيام الجمهورية المصرية و إلغاء النظام الملكي في 18 جوان 1953 لتدخل مرحلة جديدة من الكفاح تهدف إلى التخلص النهائي من الوجود الانجليزي على قناة السويس. -2 على المستوى العربي : * في سوريا و لبنان : غادرت القوات الفرنسية سوريا و لبنان سنة 1946 و بالتالي ينالا . استقلالهما بعد مجزرة كبيرة قامت بها فرنسا خاصة في دمشق في 8 ماي 1945 -3 على المستوى الدولي : لم يقتصر نشاط الحركات التحررية على الوطن العربي فقط بل كانت حركة عالمية هزت أركان الاستعمار ففي آسيا : . * نالت بورما استقلالها في فيفري 1948 * في سنة 1946 استقلال الفلبين عن الولايات المتحدة. * و في أوت 1947 نالت كل من الهند و الباكستان استقلالهما. * اندلاع الثورة التحريرية في الهند الصينية سنة 1946 وتبقى صامدة إلى غاية الاستقلال بعد معركة ديان بيان فو في 7 مارس 19540 ثم تعترف فرنسا باستقلالها في مؤتمر جنيف في . 20 جويلية 1954 * و في سنة 1949 تنال اندونيسيا استقلالها من هولندا. هذه أهم المحطات التاريخية التي عرفتها الشعوب المستعمرة و التي بفضل إرادتها وإصرارها على التحرر تمكنت من نيل استقلالها. مواثيق الثورة سجلت الثورة منذ اندلاعها في أول نوفمبر 1954 إلى أن تحقق النصر 1962 ، مواثيق هامة كانت بمثابة النهج الحقيقي التي سارت عليه الثورة وهي : - بيان أول نوفمبر 1954 - ميثاق الصومام 1956 - ميثاق طرابلس 1962 -1 بيان أول نوفمبر 1954 : قبل التعرف على أهداف البيان و محتواه يجدر بك عزيزي الطالب، أن تبحث معي في الإجابة عن الأسئلة التالية : يعد بيان أول نوفمبر من أهم مواثيق الثورة، فهو أول نداء وجه إلى الشعب الجزائري و إلى السلطة الفرنسية، حضر في 31 أكتوبر 1954 ، ليوزع صبيحة الفاتح من نوفمبر 1954 معلنا عن قيام الكفاح المسلح، بقيادة جماعية تحت لواء جيش التحرير الوطني و الإعلان عن قيام جبهة التحرير الوطني كقيادة سياسية للثورة الجزائرية، و قد علقت عليه إذاعة صوت العرب بالقاهرة لما تسلمت نسخة منه قائلة : " في هذا اليوم- الخامس من ربيع الأول – الموافق فاتح نوفمبر 1954 - بدأت الجزائر تحيا حياة كريمة شريفة". و في هذا الدرس سنتعرض معك - عزيزي الطالب - بعض فقرات البيان بهدف التحليل و استقراء الأحداث بحكم أنها أول وثيقة تاريخية للثورة الجزائرية : • لماذا جاء إعلان البيان مع الانطلاقة الأولى للثورة؟ • ما هي مبررات الثورة التي ركز عليها البيان؟ استنادا لما جاء في نصه. في هذه الفقرة يتضح أن البيان موجه إلى الشعب و مناضلي الأحزاب الأخرى، و فيه يعلنون عن أسباب هده الثورة و دوافعها و أهدافها. و كذالك هذا البيان هو وسيلة لوضع حد للدعايات المغرضة للاستعمار. في هذه الفقرة يؤكد البيان أن الأوضاع في الداخل و الخارج مواتية لإنجاح الثورة، فمن جهة اتحاد الشعب و شغفه للكفاح المسلح و من جهة أخرى الانفراج الدولي الذي سيسمح بحل بعض المشاكل الدولية بالطرق السلمية. ثم يركز البيان على ما وصلت إليه الدول المجاورة (تونس و المغرب) من تطور في حركتهم الثورية و أن عوامل الوحدة أصبحت الآن ضرورية لأن الأهداف توحدت و هو الاستقلال. أيها الشعب الجزائري أيها المناضلون من اجل القضية الوطنية : انتم الذين ستصدرون حكمكم بشأننا_ نعني الشعب بصفة عامة، والمناضلين بصفة خاصة_ نعلمكم أن غرضنا من نشر هذا الإعلان هو: أن نوضح لكم الأسباب العميقة التي دفعتنا إلى العمل، بان نوضح لكم مشروعنا والهدف من عملنا، ومقومات وجهة نظرنا الأساسية، التي تهدف إلى الاستقلال في إطار الشمال الإفريقي، ورغبتنا أيضا هو أن نجنبكم الالتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية وعملاؤها الإداريون و بعض محترفي السياسة الانتهازية. من بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 1 ".... فإننا نعتبر أن الشعب الجزائري، في أوضاعه الداخلية متحد حول قضية الاستقلال و العمل أما في الأوضاع الخارجية فان الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية، التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الدبلوماسي خاصة من طرف إخواننا العرب والمسلمين. إن أحداث المغرب وتونس لها دلالتها في هذا الصدد، فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحريري في شمال إفريقيا، و ما يلاحظ في هذا الميدان إننا كنا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل، هذه الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقق أبدا بين الأقطار الثلاثة." من بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 2 يقدم البيان هوية الشباب الذي سيتولى الثورة، حيث انطلق في بدايته يجمع العناصر الوطنية حوله، و في نفس الوقت يحاول إخراج الحركة الوطنية من الانقسام الذي أحدثه صراع الأشخاص على الزعامة. ثم يتبرأ الشباب الثوريون من هذا الصراع و أنهم سيسلكون نهجا جديدا، موجها ضد الاستعمار الذي رفض كل الوسائل السلمية. البيان في هذه الفقرة يعلن عن ميلاد حركة جديدة تحت اسم "جبهة التحرير الوطني" و نداء صريح لكل القوى الحزبية والشعبية مساندتها والانضمام إليها، من الكفاح التحريري. ".... أمام هذه الأوضاع التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين الذين جمعت حولها اغلب العناصر التي لا تزال سليمة ومصممة، إن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص والتأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة والتونسيين . و بهذا الصدد فإننا نوضح بأننا مستقلون عن الطرفين اللذين يتنازعان السلطة، إن حركتنا قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات التافهة و المغلوطة لقضية الأشخاص و السمعة، و لذلك فهي موجهة فقط ضد الاستعمار الذي هو العدو الوحيد الأعمى. الذي رفض أمام وسائل الكفاح السلمية، أن يمنح أدنى حرية." من بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 3 " ونظن أن هذه أسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية تظهر تحت اسم "جبهة التحرير الوطني". وهكذا نتخلص من جميع التنازلات ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية، وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية الفرصة أن تنضم إلى الكفاح التحريري دون أدنى اعتبار آخر. من بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 4 ينطلق البيان في بداية هذه الفقرة، الأهداف من الكفاح المسلح بحيث يعتبر الهدف الأساسي والرئيسي: هو الاستقلال التام، وإقامة الدولة الجزائرية ذات السيادة حيث تحترم فيها كل الحريات الأساسية. ثم يسرد البيان مجموعة من الأهداف الداخلية والأهداف الخارجية. فعلى المستوى الداخلي يركز على تنظيم الشعب لاحتواء ثورته وتحقيق استقلاله، أما على المستوى الخارجي فيركز على التعريف بالقضية الجزائرية عن طريق تدويلها، والتقرب من محيطنا الإقليمي و الحضاري للمشاركة الايجابية ضمن الحركات التحررية. " الهدف : الاستقلال الوطني بواسطة: -1 إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية. -2 احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني. الأهداف الداخلية : -1 التطهير السياسي بإعادة الحركة الوطنية إلى نهجها الحقيقي والقضاء على جميع مخلفات الفساد وروح الإصلاح التي كانت عاملا هاما في تخلفنا الحالي. -2 تجميع وتنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام الاستعماري. الأهداف الخارجية : -1 تدويل القضية الجزائرية. -2 تحقيق الوحدة الإفريقية في داخل إطارها الطبيعي العربي والإسلامي. -3 تأكيد عطفنا الفعال تجاه جميع الأمم التي تساند قضيتنا التحريرية. من بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 5 وسائل الكفاح : و انسجاما مع المبادئ الثورية، و اعتبارا للأوضاع الداخلية والخارجية، فإننا سنواصل الكفاح بجميع الوسائل حتى تحقيق هدفنا. إن جبهة التحرير الوطني، لكي تحقق هدفها يجب عليها أن تنجز مهمتين أساسيتين في وقت واحد و هما : العمل الداخلي، سواء في الميدان السياسي أو في ميدان العمل المحض، و العمل في الخارج لجعل القضية الجزائرية حقيقة واقعة في العالم كله، و ذلك بمساندة كل حلفائنا الطبيعيين. إن هذه مهمة شاقة ثقيلة العبء، و تتطلب تجنيد كل القوى وتعبئة كل الموارد الوطنية". و حقيقة أن الكفاح سيكون طويلا و لكن النصر محقق. من بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 6 في هذه الفقرة من البيان يركز البيان على الوسائل التي ستتخذ في الكفاح المسلح بحيث ستستغل كل الوسائل الداخلية و الخارجية المتاحة لمواجهة العدو، و لا يتأتى ذلك إلا بتجنيد الشعب حول قضيته، مع الاعتراف أن المهمة طويلة و شاقة. يؤكد البيان أن الاستعمار لن تهدأ وسائل إعلامه من تشويه الثورة و رجالها لذلك لم يهمل النداء هذا الجانب بل أعد له خطة تتمثل في فتح أبواب الحوار و التفاوض مع المستعمر تجنبا لإراقة الدماء شريطة أن تكون من اجل الاستقلال المتمثلة في الاعتراف بالجنسية الجزائرية التي ليس لها أي ارتباط بفرنسا، و فتح المفاوضات على أسس الاعتراف بالسيادة الوطنية، و إطلاق سراح كل المساجين وإيقاف المطاردات. -2 ميثاق الصومام 20 أوت 1956 وضع ميثاق الصومام إستراتيجية جديدة يسير عليها الكفاح المسلح تضمن قرارات و توجيهات لكل القوى المدنية و العسكرية. "و في الأخير، وتحاشيا للتأويلات الخاطئة و للتدليل على رغبتنا الحقيقية في السلم، وتح الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:21:36 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد انبثق الميثاق عن مؤتمر الصومام في 14 أوت 1956 ضم ممثلون عن كل ولاية، ترأس المؤتمر ، محمد العربي بن المهيدي و دام 10 أيام تم خلالها مناقشة مسار الكفاح المسلح منذ أول نوفمبر 1954 و في الفترة من 20 إلى 23 أوت انفرد القادة الكبار للاتفاق على اللائحة، و خرجوا بلائحة ختامية اعتبرت ميثاقا للثورة، تناولت تنظيمات تسير عليها الثورة على المستوى الداخلي والخارجي مست كل الجوانب العسكرية، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، وغيرها. و من أهم النقاط التي ركز عليها المؤتمر : في هذه الوثيقة يحدد القادة موقف الجبهة الحاسم من مسار الثورة منذ اندلاعها بحيث يناقشون الأوضاع السياسية و الآفاق العامة و وسائل الكفاح والدعاية، وفي هذا البيان يتفق القادة على مواصلة الكفاح المسلح. غرض هذا الجزء من البيان الأساسي لنشاط جبهة التحرير الوطني، هو تحديد موقف الجبهة بصفة عامة في مرحلة حاسمة من مراحل الثورة الجزائرية، مقسما إلى أقسام ثلاثة : 1) الحالة السياسية الحاضرة. 2) البوادر العامة. 3) وسائل العمل والدعاية. تحارب الجزائر منذ عامين ببطولة وبأس شديد في سبيل الاستقلال الوطني. و إن الثورة الوطنية المناهضة للاستعمار لجادة في السير، و إنها لتفرض إعجاب الرأي العام العالمي. - من ميثاق المؤتمر الصومام- وثيقة 8 -1 الحالة السياسية الحاضرة : - جانب المقاومة : يؤكد المؤتمر في هذه الوثيقة، انتصارات جيش التحرير الوطني و التي بفضلها عرفت انتشارا و شمولية و بالتالي فك الحصار الذي كان مفروضا على منطقة الأوراس و القبائل. إفشال مخططات الإبادة التي كانت مفروضة على المنطقة. كما عرفت المقاومة تطورا بسبب إصرارها من حرب العصابات إلى حرب أكثر إستراتيجية. و جيش التحرير الوطني تتكون عناصره من الشعب و من الضباط و المحترفين الذين فروا بأسلحتهم و خبرتهم من الجيش الفرنسي لينظموا إلى الثورة، و هذه إشارة من البيان إلى احتضان الشعب لثورته. "...لقد خرج جيش التحرير الوطني من أول اختبار في القتال موفقا فائزا في وقت قصير نسبيا، بعد أن كان منحصرا في جبال الأوراس و في بلاد القبائل. فقد أحبط التطويق و الإبادة التي شنها عليه جيش قوي عصري هو في خدمة النظام الاستعماري لدولة من أكبر دول العالم. ... واستطاع أن ينتقل بمزيد السرعة من حرب العصابات إلى مستوى حرب المواجهة الجريئة... ... إن جيش التحرير الوطني يحارب من أجل قضية عادلة إنه يضم وطنيين و متطوعين و مجاهدين عازمين مصممين على الكفاح و النضال باذلين النفس و النفيس إلى أن يتم تحرير الوطن الشهيد. و لقد تعزز جانبه بمن انضم إليه من ضباط و الجنود المحترفين أو المجندين الذين استيقظت فيهم مشاعر الوطنية فهاجروا صفوف الجيش الفرنسي بما لهم من سلاح وجهاز. - من ميثاق المؤتمر الصومام- وثيقة 9 - جانب التنظيم السياسي : "... أصبحت جبهة التحرير الوطني رغم كون نشاطها سريا هي المنظمة الوطنية الحقيقية الوحيدة. ونفوذها في عامة القطر الجزائري واقع لا يقبل و لا يتجادل فيه أحد. ففي فترة من الزمن قصيرة جدا وفقت الجبهة إلى التفوق على سائر الأحزاب السياسية الموجودة منذ عشرات السنين. و لم يحدث ذلك عرضا ومصادفة، و لكن كان نتيجة توفر الشروط الضرورية الآتية : 1. منع النفوذ الشخصي و إقرار مبدأ الإدارة الجماعية المؤلفة من رجال أطهار أمناء يتنزهون عن الرشوة، شجعان لا يردهم الخطر و لا السجن و لا رهبة الموت. 2. وضوح المذهب، فالغاية المنشودة هي الاستقلال الوطني والوسيلة هي الثورة بتدمير الحكم الاستعماري. 3. إتحاد الشعب تحقق في الكفاح ضد العدو المشترك، بدون تحيز أو تعصب لقد أكدت جبهة التحرير الوطني في أول عهد الثورة أن "تحرير الجزائر سكون عمل جميع الجزائريين. لا عمل جزء فقط من الشعب الجزائري، مهما كان هذا الجزء كبيرا. و لذا فإن جبهة التحرير ستعتبر في كفاحها جميع القوى المضادة للاستعمار، و إن هي لم تزل خارجة عن نطاق إشرافها". 4. الاستنكار النهائي لتقديس الشخصية والكفاح العلني ضد الصعاليك والوشاة وخدام الإدارة و الشرطيين وعيونهم. ومن ثم كانت قدرة جبهة التحرير الوطني على إحباط المناورات السياسية وإبطال مكائد المنظمات الشرطية الفرنسية. وليس معنى هذا أن المصاعب أزيلت كلها فإن نشاطنا قد عاقته في أول مرة العوائق الآتية : 1. قلة الإطارات وقلة الوسائل المادة والمالية. 2. ضرورة القيام بعمل شاق في توضيح الجو السياسي وبيان الموقف بأناة وصبر وثبات للتغلب على الاضطراب الذي لابد منه مثل لاضطراب في الجسم إبان البلوغ. 3. الواجب الاستراتيجي الذي يقتضي تعليق كل شيء بجبهة الكفاح المسلح. وأن هذا الضعف الذي هو عادي ولابد منه في البداية قد أصلح وأمكن استدراكه فبعد المدة التي كانت جبهة التحرير فيها تكتفي بإلقاء الأوامر بمقاومة الاستعمار، قد شهدنا بروزا حقيقيا في ميدان الكفاح السياسي.... - من ميثاق المؤتمر الصومام- وثيقة 10 استعن بالوثيقة - 10 - للإجابة عن الأسئلة التالية : -1 كيف تمكنت جبهة التحرير من التفوق على الأحزاب التي كانت موجودة قبل اندلاع ثورة أول نوفمبر؟ -2 ما هي المصاعب التي كانت تعيق نشاطات جبهة في أول الأمر؟ -3 البوادر السياسية : "... موقفنا في هذا الباب يعتمد على ثلاثة اعتبارات جوهرية للانتفاع بتوازن القوى : 1) اتخاذ مذهب سياسي واضح. 2) توسيع نطاق الكفاح المسلح توسيعا مستمرا إلى أن تصير الثورة عامة. 3) القيام بنشاط سياسي واسع النطاق. لماذا نحارب؟ أولا) أهداف الحرب ...أهداف الحرب هي نهاية الحرب التي منها يبدأ تحقيق أهداف السلم... -1 إضعاف الجيش الفرنسي... -2 إتلاف الاقتصاد الفرنسي... -3 الإخلال إلى أقصى حد ممكن بالحالة في فرنسا في الميدان الاقتصادي والاجتماعي بحيث يستحيل عليها مواصلة الحرب. -4 عزل فرنسا سياسيا في الجزائر و في العالم. -5 توسيع الثورة إلى حد يجعلها مطابقة للقوانين الدولية... -6 مؤازرة و الشعب مؤازرة ثابتة... وثيقة 11 من خلال الوثيقة- 11 - اجب عما يلي : -1 هل الثورة ضد الاستعمار الفرنسي جاءت من أجل الحرب؟ وضح ذلك من خلال كتابة فقرة معبرة. -2 ما هي الشروط التي وضعتها الثورة من أجل وقف القتال؟ ثانيا) وقف القتال : أ- الشروط السياسية : -1 الاعتراف بالشعب الجزائري شعب واحد لا يتجزأ... -2 الاعتراف باستقلال الجزائر و سيادتها... -3 الإفراج عن جميع الجزائريين و الجزائريات... -4 الاعتراف بجبهة التحرير الوطني بصفتها الهيأة الوحيدة التي تمثل الشعب الجزائري... ثالثا) المفاوضات للسلم : -1 إذا توفرت شروط وقف القتال أمكن إجراء المفاوضات، والمفاوض الصحيح الوحيد هو جبهة التحرير الوطني... -2 تجري المفاوضات على أساس الاستقلال بما يشمله من الدبلوماسية والدفاع الوطني. -3 تحديد شروط المفاوضات : - حدود القطر الجزائري (الحدود الحاضرة بما تتضمنه الصحراء الجزائرية) - الأقلية الفرنسية (على أساس الجنسية الجزائرية أو الفرنسية – لا تخص بنظام تفضيلي- ولا جنسية مزدوجة جزائرية وفرنسية). - الأملاك الفرنسية: أملاك الدولة الفرنسية. أملاك المواطنين الفرنسيين. - نقل الاختصاصات (الإدارة). - أشكال المساعدة الفرنسية في الميادين الاقتصادية و النقدية و الاجتماعية و الثقافية الخ. - من ميثاق المؤتمر الصومام- : ( -3 ميثاق طرابلس ( 27 ماي 4 جوان 1962 ما هي العراقيل التي ستجدها الحكومة الجديدة بعد الاستقلال أكتب مقالا في ذلك مستعينا بما جاء في الوثيقة - 12 - ومن مراجع أخرى. النشاط الأول " في 19 مارس 1962 أعلن إيقاف القتال فوقع بهذا حدا لحرب إبادية طويلة غذتها الرأسمالية الفرنسية ضد الشعب الجزائري... "... إن اندفاع الجماهير الجزائرية في الكفاح لم يكن من نتيجة فقط تحطيم النظام الاستعماري والإقطاعية بل إنه بعث وعيا جماعيا فيما يتعلق بالمهام اللازمة لإعادة تشكيل المجتمع و بنائه على قواعد جديدة وأن الشعب الجزائري عندما أخذ من جديد زمام المبادرة قد أكد إرادته في التحرر وربط هذا التحرر شاعرا أو غير شاعر بالضرورة التاريخية للتقدم في جميع الميادين ...." "...إن الحكومة الجزائرية المقبلة ستجد نفسها أمام بلاد استنزفت قواها، فهناك مناطق ريفية شاسعة كانت مزدهرة لم تعد الآن إلا قفارا خالية من الحياة وفي المدن الكبرى والمتوسطة نجد البؤس الرهيب ينخر السكان الذين يتكدسون في الأحياء القديمة ومدن القصدير، يجب وبدون تأخير علاج هذه الحالة بإيجاد العمل للبالغين وتعليم الأطفال وتنظيم مقاومة الجوع والمرض وإرجاع طعم الحياة وإعادة بناء ما تحطم على نطاق واسع، تراب محتل عسكريا وسلم مهدد بلا انقطاع من طرف المستعمرين المتعنتين وإدارة معادية تتجه إلى التعطيل المنظم واقتصاد فوضوي هذا ما ورثته الجزائرية مقبلة على استقلالها... - -من ميثاق طرابلس 1962 وثيقة 12 اختبر مكتسباتك المعرفية "إن كل واحد منها قد اندفع اليوم في هذا السبيل، أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث، و هكذا، فإن حركتنا الوطنية قد وجدت نفسها، محطمة نتيجة لسنوات طويلة من الجمود و الركود و الروتين، توجيهها سيء محرومة من سند الرأي العام الضروري، قد تجاوزتها الأحداث، الأمر الذي جعل الاستعمار يطير فرحا ظنا منه انه قد أحرز أضخم انتصاراته في كفاحه ضد الطليعة الجزائرية". - - من بيان أول نوفمبر 1954 حاول من خلال قراءتك للبيان أن تجيب عن الأسئلة التالية : -1 ما هي الفكرة الرئيسية للنص ؟ -2 "اندفعت اليوم في هذا السبيل" يقصد من بهذه العبارة الواردة في النص ؟ (عليك بمطالعة البيان كاملا). -3 ما المقصود بكوننا بقينا في مؤخرة الركب؟ -4 ما هو الجمود التي يشير إليه البيان؟ -1 النشاط الثاني : إليك تواريخ معلمية لكل منها دلالة على حدث بارز في تاريخ الجزائر النضالي. 8 نوفمبر 1942 - 7 جوان 1936 - 5 ماي 1931 - 3 فيفري 1912 16 مارس 1946 - 8 ماي 1945 - 7 مارس 1944 - 3 فيفري 1943 المطلوب : -1 أربط التواريخ وما يناسبها من حدث بارز في تاريخ الجزائر. -2 ما أثر كل حدث على التطورات في الجزائر؟ ____________________ -2 النشاط الثالث : إليك صور لبعض الشخصيات الوطنية. المطلوب: -1 أعط تعريفا مختصرا لحياة هذه الشخصيات. -2 الدور البارز لكل منها في الحركة الوطنية الجزائرية. الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:24:02 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد تصميم الدرس -1 إستراتيجية تنفيذ الثورة -2 إستراتيجية الاستعمار للقضاء على الثورة ثورتنا وأهدافها الأساسية (بقلم محمد العربي بن المهيدي) "ثورة فاتح نوفمبر 1954 التي قامت تحت قيادة جبهة التحرير وجيش التحرير الوطني هي عبارة عن إرادة شعبية جبارة لتحقيق الحرية والاستقلال. والشعب الجزائري يحمل السلاح مرة أخرى لطرد المحتل الاستعماري، .... "...الشعب الجزائري يعتمد في كفاحه من أجل تحريره الوطني على المساعدة المتينة من طرف الشعبين المغربيين الشقيقين، وعلى التضامن العربي الفعال و صداقة الإفريقيين و الآسيويين و م ودة الشعب الفرنسي و الديمقراطيين و التقدميين في العالم كله....." جريدة المجاهد (لسان حال جبهة التحرير الوطني) العدد 2 سنة 1956 طالع النص (الوثيقة 1) الذي كتبه الشهيد محمد العربي بن المهيدي في جريدة المجاهد الثورية سنة 1956 ، ماذا تستنتج؟ إستراتيجية تنفيذ الثورة ما كتبه الشهيد العربي بن المهيدي في جريدة المجاهد ( الوثيقة 1 ) هي الإستراتيجية التي أرادها الشباب الثوري تتمثل في تهيئة الشعب لخوض حرب تحريرية هي ليست غريبة عليه لأنه قد حارب الاستعمار من قبل هذا داخليا، أما من الناحية الخارجية فيرى الشهيد أن هذه الثورة في حاجة إلى مواقف ايجابية، و مساعدات الشعوب المناصرة للحرية من تأييد مادي و معنوي. مراحل التخطيط للثورة : -1 تكفل جماعة من الشباب للإعداد للكفاح المسلح، بعد أن فشلت في المصالحة بين المتصارعين في حركة انتصار الحريات الديمقراطية (بين المصاليين و المركزيين)، فأسسوا تنظيما سريا مستقلا (اللجنة الثورية للوحدة و العمل)، و أخذوا يتصلون بالمناضلين الشباب المخلصين للوطن. -2 في شهر جويلية 1954 نظم ( 22 ) شابا من أعضاء هذه اللجنة عدة لقاءات عينوا خلالها لجنة مصغرة من ( 6) كلفوا بتحديد يوم تفجير الثورة. 10 أكتوبر 1954 ) اجتمعت لجنة الأعضاء ( 6) وحددوا بداية الثورة بفاتح نوفمبر 1954 ) -3 و توزعوا على جهات الوطن حددوها ب ( 5) مناطق. المنطقة الأولى : الأوراس عين عليها (مصطفي بن بولعيد ) المنطقة الثانية: الشمال القسنطيني (ديدوش مراد) المنطقة الثالثة : منطقة جرجرة(كريم بلقاسم). المنطقة الرابعة : الجزائر العاصمة وضواحيها(رابح بيطاط). المنطقة الخامسة : منطقة وهران (محمد العربي بن المهيدي). أما محمد بوضياف فقد كلف بالاتصال في الخارج ب (آيت أحمد – أحمد بن بلة – محمد خيضر) أوكلت لهم مهمة إبلاغ صوت الثورة إلى العالم الخارجي، وفي ( 23 أكتوبر 54 ) انتهى اللقاء بعد أن وضعت كل التدابير اللازمة. -4 و في منتصف ليلة يوم الاثنين أول نوفمبر 1954 قام حوالي ( 3500 ) مجاهد بعمليات تفجير لعدة مواقع فرنسية في الجزائر بلغت ( 30 ) عملية ناجحة في وقت واحد و هو ما فاجأ الاستعمار وأربكه منذ البداية. -5 و في صبيحة يوم الاثنين ( 1 نوفمبر 54 ) نشر بيان أول نوفمبر للشعب وهو نداء حددت فيه أسباب الثورة، أهدافها، وسائلها، و الإعلان عن ميلاد جبهة التحرير الوطني. إستراتيجية تنفيذ الثورة على المستوى الداخلي : التعبئة الشعبية : -I إن البيان منذ انطلاق الثورة يحدد الإستراتيجية التي وضعها على المستوى الداخلي و هي الأهداف التي يعمل القادة على تحقيقها لإنجاح الثورة أساسها توحيد الشعب و دفعه إلى الثورة المسلحة. كيف كان رد فعل الشعب الجزائري لهذه الثورة ؟ وكيف كانت التعبئة ؟ تجاوب الشعب الجزائري للثورة بشكل كبير، حيث كان ممولها الرئيسي خاصة في الأرياف والمناطق الجبلية، ومنه تكونت النواة الأولى للعمل المسلح في كافة الولايات، ومن مظاهر التعبئة الشعبية : -1 القيام بحملات توعية، لإيصال صوت الثورة إلى أوساط الشعب الجزائري. -2 حث الشعب على مساندة الثورة و دفع الاشتراك. -3 دعوة الأحزاب الوطنية للانضمام إلى جبهة التحرير الوطني، وقد كانت الاستجابة واسعة من طرف الوطنيين من بينهم طلبة جمعية العلماء المسلمين الذين التحقوا بالثورة، كما لعبت صحف الجمعية دورا بارزا في تحريك الشعب لمساندة الثورة، فجريدة البصائر منذ 1 نوفمبر 1954 إلى غاية 28 جانفي 1955 أصدرت 4 بيانات أكدت فيها تجاوبها مع الثورة. كما فعل الكثير من الوطنيين المخلصين حيث انظموا إلى الثورة فرادى، يائسين من أحزابهم، و هو ما فعله العديد من مناضلي ( حركة انتصار الحريات الديمقراطية ) التي حلتها فرنسا في 05 . نوفمبر 1954 حملات التوعية المجاهدون بين أحضان التحام الشعب بمجاهديه (سكان القرية يوفرون التنظيم المؤسساتي : -II أرادت جبهة التحرير أن تكون لها مؤسسات كاملة تعتمد عليها في حربها التحريرية لكل منها دورها الذي تلعبه يغذيها الشعب الجزائر بماله و إطاراته ونفسه. * الاتحاد العام للطلبة المسلمين (تأسس في 4 جويلية 1955 بباريس) حيث بانضمام الطلبة إلى الثورة خاصة بعد النداء للإضراب العام في 19 ماي 1956 ، دعمت الثورة بإطارات في جميع الميادين على رأسها الأطباء والممرضين الذين خدموا الثورة خدمة مباشرة. إضافة إلى الاختصاصات المختلفة الأخرى. * الاتحاد العام للعمال الجزائريين ( 24 فيفري 1956 ) و الهدف من تأسيسه هو لم َ شمل العمال في تنظيم جزائري ثوري تقوده جبهة التحرير الوطني بعيدا عن النقابات الفرنسية التي كانت تسيره لصالح المعمرين. و كذلك دفع شريحة هامة من المجتمع ليس للدفاع عن العمال بل للمشاركة في الثورة وتحقيق الاستقلال، و تبليغ صوت الثورة إلى الرأي العام العالمي من خلال الانضمام إلى تنظيمات دولية مثل الجامعة العالمية للنقابات الحرة، كما كان لع فروع في تونس و المغرب الأقصى، و قد برز دوره في الإضراب العام لمدة 8 أيام في 28 جانفي 1957 تعبيرا عن تجاوب التجار الجزائريين لنداء الثورة. ممثلو الاتحاد العام للعمال الجزائريين في مؤتمر للجامعة العالمية للنقابات الحرة "....حياكم الله وأحياكم، وأحيا بكم الجزائر، وجعل منكم نورا يمشي من بين يديها ومن خلفها......وكان العالم يسمع بلايا الاستعمار الفرنسي لدياركم، فيعجب كيف لم تثوروا وكان يسمع أنينكم وتوجعكم منه.......إنكم مع فرنسا في موقف لا خيار فيه، ونهايته الموت، فاختاروا ميتة الشرف على حياة العبودية التي هي شر من الموت. إنكم كتبتم البسملة بدماء في صفحة الجهاد الطويلة العريضة، فاملأوها بآيات البطولة التي هي شعاركم في التاريخ،وهي ارث العروبة والإسلام فيكم... " وثيقة 2 - مقتطف من البيان الذي أصدره البشير الإبراهيمي في 8 نوفمبر 1954 مساندة * وسائل الإعلام و الاتصال : لعبت درا أساسيا في التعريف بالثورة فعلى المستوى الداخلي كانت وسيلة للتوعية و نشر ثقافة الثورة و جعل الشعب يتتبع أخبارها و كذلك لمواجهة الدعايات المغرضة التي كان يطلقها الاستعمار بغية تشويه الثورة، و أهم هذه الوسائل : جريدة المقاومة الجزائرية : ( لسان حال جبهة التحرير ◘ ، و جيش التحرير الوطني) كان أول عدد لها في 1 نوفمبر 1956 ثم حلت محلها جريدة المجاهد باللغتين العربية و الفرنسية. صوت الجزائر الحرة المكافحة هو اسم الإذاعة الجزائرية التي ◘ كانت تبث الأخبار يوميا من الجزائر منذ جانفي 1957 في سرية تامة و متنقلة حتى لا تكتشف. أما قبل إنشائها رسميا في المغرب الأقصى ديسمبر عام 1956 ، كانت تبث الأخبار من مصر ثم تونس. كان قادة الثورة يدركون دور الدعاية الفرنسية (بالإعلام المضاد) على الأفراد و الجماعات، لذلك كان لزاما عليهم محاربة العدو إعلاميا، و إيصال صوت الثورة إلى الشعب الجزائري خاصة و العالم عامة. إنشاء الفرق الرياضية والفنية في جميع الاختصاصات و الهوايات مثل الفرق الرياضية، المسرح، السينما و الفن، كلهم كانوا يشاركون في التجمعات العالمية، الهدف منها جعل الجزائر حاضرة ككيان موجود أرادت فرنسا أن تمحيه، و بالتالي فهذه النشاطات كانت وسيلة للتعريف بالجزائر و قضيتها العادلة. فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم في ملعب بالعراق جريدة المقاومة الجزائرية جريدة المجاهد المخططات العسكرية : -III تعد المخططات العسكرية من أهم الاستراتيجيات التي كان القادة يولونها الاهتمام الدقيق، فالثورة ليست سلمية بل عسكرية و مصيرها مبني على نجاح أي عملية يقوم بها المجاهدون، والجيش الفرنسي تنهكه الخسائر البشرية أكثر من أي خسائر أخرى فهي تكلفه فقدان ثقة شعبه في فرنسا ورعب المعمرين في الداخل إضافة إلى اتساع خبر الثورة الجزائرية في الخارج. كانت المصاريف الضخمة تنفق على التنظيم العسكري وهذا للحاجة الدائمة للتسليح والدواء والغذاء واللباس وغيرها من الأعباء وكان الانضمام إلى صفوف المجاهدين يخضع لشروط قاسية تختلف عن السياسي من بينها القيام بعملية قتل خائن أو عسكري فرنسي وغيرها من الشروط. يتكون النظام العسكري من 3 عناصر رئيسية هي : -1 المجاهدون : وهم الذين يواجهون العدو في الجبال وفي كل مكان، يتميزون بتنظيم عسكري و بلباس خاص ازداد تنظيمهم أكثر بعد مؤتمر الصومام. -2 المسبلون : و هم أعين المجاهدين في الأرياف والقرى، حيث يراقبون تحركات العدو، ويحمون بذلك المجاهدين وهم الذين يزودونهم بالغذاء و اللباس وغيرها ويسلكون بهم الطرق الوعرة و يوفرون الإيواء و الأمن، إضافة إلى أنهم يقومون بعمليات تخريب و قتل، لذلك كان انتقام المستعمر من سكان المداشر والقرى عظيم لمعرفة دورهم في مساندة الثورة. -3 الفدائيون : و هم أعين المجاهدين في المدن و القرى و في كل مكان يقومون بعمليات فدائية لإضعاف العدو و تشتيته. الصنفان الأخيران ليس لهما لباس مميز كالمجاهدين فهم مدنيون، يمثلون احتياطي جيش التحرير الوطني و كذلك اليد الضاربة التي تبث الرعب في صفوف الاستعمار و المعمرين المتعصبين في كل مكان. سكان القرى أكثر استهدافا لكون الاستعمار يعلم بأنهم يساندون عبور الأسلاك الشائكة رغم خطورتها كانت معابر للمجاهدين والأسلحة عبر الحدود الشرقية والغربية - كذلك اهتمام القادة الثوريين بوضع قنوات في الداخل و الخارج مهمتها جلب الأسلحة، عن طريق عمليات مخططة آمنة لضمان وصولها إلى مواقع المجاهدين. - و من المخططات العسكرية، انتهاج الكتمان و السرية التامة في كل العمليات وهو العنصر الرئيسي في انتصار الثورة، فالتخطيط للثورة في أول نوفمبر 1954 لم يكن يعلم بتوقيتها إلا لجنة الستة الذين كلفوا بالإعداد لها. المواجهة الأولى بين جيش التحرير و قوات العدو الفرنسي في الشمال القسنطيني : تفاجأت قوات العدو بهجوم 20 أوت 1955 الذي شمل 20 مدينة من مدن الشرق الجزائري بقيادة الشهيد زيغود يوسف، فيه أظهر القادة قمة التخطيط المحكم للثورة. انطلقت هذه الهجومات في منتصف النهار، و دامت أسبوعا كاملا، حيث قام المجاهدون بعمليات مختلفة كحرق محلات المعمرين، و الهجوم على بعض مكاتب الشرطة و الجندرمة و الثكنات فأحدثوا هلعا و فزعا في الجهاز الإداري الاستعماري و المعمرين. من دوافعه الداخلية و الخارجية : -1 تعميم الثورة و تأكيد استمراريتها. -2 فك الحصار الذي فرضه الاستعمار على منطقة الأوراس. -3 الانتقام من عمليات الإبادة و التقتيل والاعتقالات الجماعية في حق الشعب (خاصة مذبحة سكيكدة). -4 الرد على الإشاعات و أكاذيب الاستعمار. -5 رفع معنويات المجاهدين و تحطيم أسطورة الاستعمار و جيشه الذي لا يقهر. الشهيد زيغود يوسف قائد هجوم 20 أوت 1955 (La dépêche Quotidienne جريدة 22 أوت - الصادرة يوم 21 d’Algérie) -6 أكد هذا الهجوم حقيقة الثورة الجزائرية للرأي العام العالمي. -7 تأكيد مغاربية الثورة خاصة وأن هذا الهجوم صادف الذكرى الثانية لنفي ملك المغرب محمد الخامس، وفي نفس هذا اليوم وقع هجوم من طرف الثوار المغاربة على المراكز الاستعمارية في المغرب. نتائجه : -1 استطاعت الثورة أن تفرض وجودها داخليا و خارجيا، و تنال التأييد والإعجاب خاصة من الأشقاء العرب، فقد أخرجتها من مجالها الضيق الداخلي الذي أراد الاستعمار أن يحصرها فيه إلى المستوى العالمي. -2 تأكد الاستعمار من جدية الثورة، و أصبح يبحث عن حجج أخرى لإضعافها، فاتهم مصر بأنها من . وراءها، فكانت المشاركة في العدوان عليها مع كل من إسرائيل و بريطانيا 1956 -3 تطور موقف الكتلة الآفرو- آسيوية اتجاه الثورة، وقد اتضح ذلك في مؤتمر باندونغ بالمطالبة بإدراج قضية الجزائر في أشغال هيئة الأمم المتحدة. -4 وضع حد لشكوك بعض الزعماء السياسيين من جدية الثورة و كذلك تردد آخرين لذلك انظم العديد منهم للثورة الجزائرية من بينهم فرحات عباس. نص للمطالعة : يعتبر مؤتمر الصومام حدثا تاريخيا بارزا، غيَّر مسار الثورة بجناحيها السياسي والعسكري. – " ومنذ اندلاع الثورة التحريرية الكبرى – فاتح نوفمبر 1954 إلى غاية يناير 1955 أصدرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أربعة بيانات بأسماء وعناوين مختلفة، منها البيان الذي أصدرته يوم 28 يناير 1955 جاء فيه على الخصوص: << وتتوجه الجمعية إلى الأمة بكلمة طيبة تستحثها فيها على التماسك و التكتل و الوحدة المطلقة في سبيل الدفاع عن حريتها، المنتهكة و حقها المغصوب وكرامتها المهدورة و روحياتها التي ا مُتهَِنت، حتى تخرج من هذه الأزمة الطويلة المدى بتحقيقها أهدافها، و بلوغ غايتها الكبرى، و أن تصبر الصبر الجميل على ما تعانيه من إرهاق و مظالم فساعة الفرج قريبة بحول الله >> . عن جريدة البصائر – 11 جمادى الثانية 1374 ه . الموافق ل 4 فبراير 1955 ظروف و أسباب انعقاد المؤتمر : إن التطورات التي عرفتها الثورة على جميع الأصعدة، و الإقبال الشعبي الواسع للانضمام إلى صفوف المجاهدين، والموقف الخطير الذي أبداه الاستعمار لمواجهة الثورة، حيث استقدم جيوشه من كامل مستعمراته تقريبا (الفيتنام، تونس، المغرب) وغيرها من المستعمرات، بالإضافة إلى ظروف وأسباب أخرى كانت دافعا إلى عقد المؤتمر منها : -1 الحصار المفروض من طرف الاستعمار على كامل التراب الوطني، احدث صعوبة في الاتصال بين المجاهدين، مما أدى إلى انعدام التنسيق في عدة عمليات، خاصة في الولاية الأولى والثانية ( الأوراس، النمامشة، والشمال القسنطيني). -2 استشهاد العديد من رجال الثورة الأوائل، حيث تمكن الاستعمار من تفكيك الخلايا الثورية الأولى. -3 التشويه المستمر، والدعايات المغرضة ضد الثورة. فقد جندت كل وسائل إعلامها الخاص منها والعام، فاتهمت رجالاتها، بكونهم عصابات إجرامية، و أنها حركة شيوعية بدعم من المعسكر الشيوعي، ثم اتهمت مصر بهذه الأحداث. كما لعبت دبلوماسيتها دورا هاما في تحريض الدول الأوروبية ضد الثورة و رجالها المتواجدين فيها، و تخويفهم من امتدادها إلى شعوب مستعمراتهم في إفريقيا، و الهدف من كل ذلك مطاردة السياسيين الذين ينشطون في القارة الأوروبية، و جر دولها إلى مساندتها و محاصرة الثورة حتى لا تخرج عن النطاق الجزائري. -4 العراقيل و الشكوك التي كانت تحدثها بعض الشخصيات، و الأحزاب السياسية ضد الكفاح المسلح، إما حبا في الزعامة، أو لارتباطات مع الاستعمار بسبب المصالح و الامتيازات، أو إيمانا بعدم استعداد الشعب و اعتبار هذه الثورة مغامرة (حركة المصاليين). -5 انضمام الشعب للكفاح المسلح استجابة لنداء الثورة خاصة بعد الانتصار الباهر لهجوم 20 أوت 1955 ، اجبر القادة على إعادة التنظيم، و العمل على جلب السلاح. أهداف المؤتمر : -1 تقييم انجاز مرحلة الانطلاق من عمر الثورة. -2 وضع إستراتيجية موحدة و شاملة للثورة على الصعيد الداخلي و الخارجي. -3 تنصيب خلايا ومؤسسات ترعى شؤون الشعب أثناء الثورة إلى غاية الاستقلال، تمس الميادين السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية و الثقافية… -4 التعريف بالقضية الجزائرية على المستوى الدولي. زمان و مكان انعقاده : انعقد المؤتمر في منطقة الصومام و بالتحديد في (قرية إيفري بأوزلاقن، داخل غابة جبل أكفادو، فوق مدينة آقبو، جنوب غرب بجاية، على الضفة الغربية لوادي الصومام)، اختير هذا المكان و هي (المنطقة الثالثة ) لتوفر الأمن بها، و لكون الاستعمار يعتبر سكانها و المنطقة بأكملها خاضعة له وتحت سيطرته، و بالتالي كان اهتمامه مْن صبا على مناطق أخرى من الوطن خاصة منطقة الأوراس والشرق الجزائري التي كانت في حصار شديد، كما أنها تتوسط الولايات الأخرى مما يسهل عملية الاتصال . • أما ا اختيار التوقيت ( 20 أوت) فيعود لتوافقه مع ذكرى هجوم زيغود يوسف ( 1955 )، و نفي ملك المغرب محمد الخامس، كما انه يصادف اقتراب موعد انعقاد الدورة العادية للجمعية العامة لهيئة الأمم . المتحدة (سبتمبر)، التي دخلتها القضية منذ أكتوبر 1955 قراراته : جاء في كلمة أحمد توفيق المدني حول مؤتمر الصومام قائلا : بالفعل كانت قراراته عبارة عن ميثاق حقيقي لذلك كثيرا ما يقال عنها ب (ميثاق الصومام). - أسندت رئاسته للشهيد العربي بن المهيدي، و الأمانة العامة لعبان رمضان، في 20 أوت انفرد القادة 23- الكبار في اجتماعات مضيقة لمناقشة القرارات النهائية التي طرحت منذ انطلاق المؤتمر ( 14 أوت). و من قراراته : المنزل الذي انعقد فيه مؤتمر "لقد كان مؤتمر الصومام صغيرا بحجمه كبيرا في سمعته، كانت مقرراته تشبه ميثاقا وطنيا أعطى لأول مرة محتوى للثورة الجزائرية و وضعها في مسارها الحقيقي وقادها نحو النصر". على المستوى السياسي : -1 العمل بمبدأ القيادة الجماعية في مواصلة الثورة إلى أن يتحقق النصر. -2 تقديم القيادة في الداخل على الخارج (في المسؤولية و الرأي). -3 تقديم السياسي على العسكري مع ضبط الاختصاصات و إعطاء المسؤول الأعلى مسؤولية مزدوجة (سياسية و عسكرية). -4 توحيد القيادة وقد اتفق على تشكيل : ا- المجلس الوطني للثورة الجزائرية : وهي الهيئة العليا المقررة للثورة و المسؤولة عن توجيه السياسة الداخلية و الخارجية لجبهة التحرير، تتكون من 34 عضوا نصفهم دائمون . ب- لجنة التنسيق والتنفيذ: و هي الهيئة التنفيذية لكل القرارات و المسؤولة عن توجيه و إدارة جميع فروع الثورة وأجهزتها العسكرية، السياسية، و الدبلوماسية أمام المجلس الوطني، و هي بمثابة أركان حرب، تتكون من 5 أعضاء دائمين مقر تواجدهم داخل الوطن لمتابعة و تسيير الثورة عن قرب. ج- التنظيم العسكري : من القرارات العسكرية التي خرج بها المؤتمر: -1 توسيع نطاق العمليات الفدائية والعسكرية. -2 تنظيم وتوحيد تشكيلات جيش التحرير، ورتبه العسكرية، وقد قسم إلى قسمين : القسم الأول : المجاهدون : وهم الجنود بلباسهم العسكري المميز ورتبهم المختلفة يقاتلون العدو في -I كل الميادين وفي كل الأوقات. القسم الثاني : و يتفرع إلى فرعين بلباسهم المدني، يمثلون احتياطي الجيش و عين و سمع -II المجاهدين، وهم : الفدائيون : يتواجدون في المدن، فيها يقومون بعمليات فدائية ويمثلون همزة وصل بين السكان الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:25:38 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد استعادة السيادة الوطنية وبناء الدولة الجزائرية. الكفاءة المستهدفة : عزيزي الطالب : في هذا المبعث الدراسي سنتتبع مراحل بناء الدولة الجزائرية الحديثة انطلاقا من اتفاقيات أيفيان و الإقرار بالاستقلال إلى غاية عودة النشاط السياسي و التعددية الحزبية، و ستتعرف بالشرح على هذه المحطات التاريخية و الإنجازات المحققة في الجزائر. تصميم الدرس 1962/ 1. المفاوضات الجزائرية - الفرنسية 1960 2. ظروف قيام الدولة الجزائرية. 3. الاختيارات الكبرى لإعادة بناء الدولة الجزائرية. 4. مهام البناء الوطني والخيارات السياسية والعقائدية. 5. مخططات التنمية الاقتصادية، الاجتماعية و الثقافية. . 6. التطور السياسي للدولة الجزائرية من 1965 إلى 1989 1962/ المفاوضات الجزائرية - الفرنسية 1960 طالع (الوثيقة 1) بتم عن وأجب عما يلي : -1 من خلال فقرات البيان ما هي الشروط التي وضعتها الثورة الجزائرية لإيقاف الحرب وإعلان السلم والتعاون مع فرنسا ؟. -2 ما هي الشروط التي وضعتها الثورة الجزائرية للدخول في المفاوضات مع الحكومة الفرنسية ؟. "وفي الأخير، وتحاشيا للتأويلات الخاطئة وللتدليل على رغبتنا الحقيقية في السلم، وتحديدا للخسائر البشرية وإراقة الدماء، فقد اعددنا للسلطات الفرنسية وثيقة مشرفة للمناقشة، إذا كانت السلطات تحدوها النية الطيبة، وتعترف نهائيا للشعوب التي تستعمرها بحقها في تقرير مصيرها بنفسها. -1 الاعتراف بالجنسية الجزائرية بطريقة علنية ورسمية، ملغية بذلك كل الأقاويل و القرارات و القوانين التي تجعل من الجزائر أرضا فرنسية رغم التاريخ، و الجغرافيا و اللغة و الدين و العادات للشعب الجزائري. -2 فتح مفاوضات مع الممثلين المفوضين من طرف الشعب الجزائري على أساس الاعتراف بالسيادة الجزائرية وحدة لا تتجزأ. -3 خلق جو من الثقة وذلك بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين و رفع كل الإجراءات الخاصة، و إيقاف كل مطاردة ضد القوات المكافحة. وفي المقابل : 1- فان المصالح الفرنسية، ثقافية كانت أو اقتصادية أو المتحصل عليها بنزاهة، ستحترم و كذلك الأمر بالنسبة للأشخاص و العائلات. -2 جميع الفرنسيين الذين يرغبون في البقاء بالجزائر يكون لهم الاختيار بين جنسيتهم الأصلية و يعتبرون بذلك كأجانب تجاه القوانين السارية، أو يختارون الجنسية الجزائرية و في هذه الحالة يعتبرون كجزائريين بما لهم من حقوق و ما عليهم من واجبات. -3 تحدد الروابط بين فرنسا والجزائر و تكون موضوع اتفاق بين القوتين الاثنتين على أساس المساواة و الاحترام المتبادل. – - بيان أول نوفمبر 1954 وثيقة 1 واصلت الثورة الجزائرية صمودها أمام الهمجية الاستعمارية، سائرة على النهج الذي رسمته منذ مؤتمر الصومام 1956 ، فانتصاراتها عزلت فرنسا دوليا وهزتها اقتصاديا وسياسيا، لدرجة أن ديغول فقد ثقة الجنرالات الذين جاءوا به إلى الحكم الفرنسي 1958 ، و أصبح غير مرغوب فيه، و انطلقت التخطيطات على قدم وساق للإطاحة بحكمه، فكان الانقلاب الأول الفاشل في 26 جانفي 1960 ، بعدها تأكد أن بلاده في خطر التراجع كدولة عظمى إن لم يسارع إلى إيجاد مخرج مشرف، لذلك منذ أن أعلن عن اعترافه بحق تقرير المصير 1959 ، و إدارته تحاول الاتصال بالحكومة الجزائرية المؤقتة، و من هنا يمكننا أن نتساءل عن الأسباب التي عجلت فرنسا للتجاوب مع مبدأ المفاوضات و البحث عن الحل المشرف. أسباب و دوافع المفاوضات : -1 تصاعد العمل المسلح و اتساعه ليصل إلى فرنسا نفسها، و في المقابل فشلت كل المخططات الاستعمارية العسكرية والدبلوماسية في عزل الثورة أو تعتيمها. -2 كسب الرأي العام العالمي إلى جانب الثورة الجزائرية، و شعور فرنسا بعزلة دولية، خاصة بعد اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بحق الشعب في تقرير مصيره .( 19 ديسمبر 1960 ) -3 فشل كل محاولات الاحتواء لفصل الشعب عن ثورته، وذلك عن طريق الإصلاحات الإغرائية… و المرفوضة حتى لدى المستوطنين الفرنسيين بالجزائر. الجنرال شال الجنرال صالان الجنرال زيللر الجنرال جوهو الجنرالات الذين رفضوا كل هدنة أو مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني وهم الذين أنشئوا (المنظمة السرية العسكرية) وكانوا وراء كل المآسي الذي (OAS) تعرض لها الشعب الجزائري من إبادة وتقتيل. -4 التكاليف الحربية المرتفعة أثرت سلبا على الميزانية الفرنسية و مخططات التنمية بفرنسا (خسائر مالية باهظة...). -5 زيادة التلاحم الشعبي مع الثورة( 11 ديسمبر 1960 ) التي أجبرت ديغول على التفاوض مع جبهة التحرير الوطني -6 فشل ديغول في تحقيق ما وعد به من استعادة الأمن في الجزائر و إنهاء حالة الحرب بها، هذا الفشل افقد ثقة المعمرين فيه، فكانت عدة محاولات انقلاب ضده 26 جانفي 1960 ) و المحاولة الثانية في ) . 22 أفريل 1961 أولا- اللقاءات السرية الأسباب و الدوافع السالفة الذكر اضطرت الإدارة الاستعمارية إلى محاولة الاتصال بقادة الثورة وهذا قبل أن يصل ديغول إلى الحكم، كانت كل هذه اللقاءات سرية و عن طريق شخصيات غير رسمية، الهدف منها جس النبض، و كانت تعتبرها "محادثات " و ليس الدخول في المفاوضات الرسمية. جاء ديغول لإنقاذ بلاده من الانهيار والحرب الأهلية التي أصبحت تلوح في الأفق تمرد الفرنسيين ضد الحرب في الجزائر تمرد المعمرين ضد وعند مجيء ديغول، و إعلانه تصريح 16 سبتمبر 1959 القاضي بإجراء استفتاء حول تقرير المصير، بدأت عدة شخصيات فرنسية تقوم باتصالات بالحكومة المؤقتة لشرح وتوضيح أهداف هذا التصريح، لكن القادة رفضوا هذه المبادرة لكونهم لا يمثلون السلطة الفعلية الفرنسية، وفي نفس الوقت أعلنت عن ترك أبواب الحوار مفتوحا، شريطة الاعتراف بالاستقلال الكامل والقائم على وحدة الشعب والتراب. : ( 29 جوان 1960 - ثانيا- مفاوضات مولان الأولى ( 25 تعد من اللقاءات الرسمية التي دعا إليها ديغول وقبلتها الحكومة المؤقتة. بقيادة كل من: احمد بومنجل ومحمد الصديق بن يحي، وفيها اكتشف الممثلان الجزائريان أنهما أمام قيود وشروط أرادت فرنسا فرضها، تستهدف فقط وقف القتال، إضافة إلى معاملتهما معاملة الأسير، مما دفعهما إلى الانسحاب من المفاوضات. على اثر هذا اللقاء عمدت السلطات الاستعمارية إلى اتخاذ إجراءات قمعية، لتحطيم موقف الجبهة والبحث عن بديل لها، فرد الشعب على . ذلك بمظاهرات عارمة في 11 ديسمبر 1960 تعد هذه المظاهرات الشعبية الضخمة من أهم المظاهرات في تاريخ الثورة الجزائرية، فقد عبر الشعب فيها عن تأييده الكامل لجبهة التحرير. انطلقت من حي بلكور (بلوزداد حاليا) لتعم معظم المدن الكبرى يوم 10 ديسمبر 1960 لتشتد يوم 11 ديسمبر إلى غاية 16 من نفس الشهر. اشترك فيها الأطفال و النساء و الرجال، حاملين علم الجزائر، مرددين شعارات تنادي بحياة الجزائر و الحكومة المؤقتة وجبهة التحرير. واجهها الاستعمار بكل وحشية ذهب ضحيتها 500 قتيل. تعد هذه المظاهرات، ردا حاسما على استفزازات المعمرين الذين أرادوا ج ر الجزائريين إلى مساندتهم في إضراب عام يوم مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي أكدت لديغول حقيقة إرادة الشعب الحكومة الجزائرية المؤقتة ( (تأسست في 19 سبتمبر 1958 - تونس - 9 ديسمبر 1960 ) ضد زيارة ديغول في 10 ديسمبر 1960 من جهة، وكذلك على سياسته و رفضه ) لجبهة التحرير الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الجزائري، من جهة أخرى، و بالتالي فالمظاهرات هي رد على المعمرين وعلى ديغول وعلى الوجود الاستعماري. و من نتائج هذه المظاهرات : - أنها بعثت من جديد روح المقاومة والصمود في الدول الكبرى التي ظلت تحت الإدارة والمراقبة العسكرية والمدنية. - أثبتت لديغول مدى تلاحم الشعب بثورته، و زيف التقارير التي تعدها الطغمة العسكرية فوضعته أمام الأمر الواقع الشيء الذي جعله يعود إلى مبدأ التفاوض من جديد مع جبهة التحرير الوطني. كما أكدت للعالم شعبية الثورة، عكس ما تدعي فرنسا، بأنه تمرد معزول. ثالثا- مفاوضات إيفيان (المفاوضات الرسمية والجدية) : - تمت عدة لقاءات سرية لكن كلها كانت فاشلة من بينها مفاوضات لوسارن الثانية ( 20 فيفري 1961 )، فشلت لكون السلطات الاستعمارية تريد منح الحكم الذاتي و ترفض التفاوض حول الصحراء، بينما كان المفاوضون الجزائريون يريدون السيادة الكاملة للجزائر بما فيها الصحراء. - أحس المعمرون بجدية ديغول في المفاوضات فدبروا ضده انقلابا جديدا في 22 أفريل 1961 لكنهم فشلوا، وهنا تيقن ديغول من الخطر على فرنسا من المعمرين من جهة، و الثورة الجزائرية من جهة أخرى، لأن المراوغة وتضييع الوقت سيؤديان حتما إلى حرب أهلية في بلاده بين معمرين يريدون التمسك بالجزائر و لو دفعوا بكل الشعب الفرنسي إلى الموت، والشعب الفرنسي الذي بدأ يرفض التضحية بأبنائه من اجل المعمرين. : ( - مفاوضات إيفيان الأولى ( 20 ماي- 14 جوان 1961 الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:27:56 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد تأثير الجزائر وإسهامها في حركة التحرر العالمية. الكفاءة المستهدفة : عزيزي الطالب: تعد الثورة الجزائرية من أعنف الثورات التي عرفها التاريخ نظرا لطبيعة الاستعمار و إصراره على البقاء في الأرض ولو بإبادة الشعب كله وفي المقابل إصرار الشعب على الاستقلال بكل الطرق والوسائل. هذا الإصرار والتحدي كان له تأثير كبير على كل الحركات التحررية في العالم، لذلك سنتعرف في هذا المبحث عن : - تأثير الثورة الجزائرية على الحركات الأخرى - دور الثورة الريادي في دعم الحركات الأخرى ومساندتها وعلى رأسها القضية الفلسطينية. تصميم الدرس 1. الثورة الجزائرية نموذج ريادي. 2.الجزائر والمنظمات الإقليمية، القارية والدولية. 3. الجزائر والقضية الفلسطينية. الثورة الجزائرية نموذج ريادي -1 تقويض أركان الاستعمار : تعد الثورة الجزائرية من بين أهم الثورات في العالم، نظرا لما أحدثته على المستوى الداخلي و الخارجي. فقد ثارت على أقوى دولة في الحلف الأطلسي، عدة وعتادا، كما أنها لم تكن محصورة في المكان مثل بقية الثورات بل تخطت حدودها بفضل الأهداف السامية التي كانت تنادي بها، كما أنها تركت بصمات واضحة على كل الشعوب، فالمنهج الذي اتبعته الثورة ترك تأثيرا مباشرا على كل الحركات التحررية نوجزها كالتالي : 1. كشف أساليب الاستعمار في كل مكان، جعل الشعوب تتخذ الحيطة والحذر، وهو ما أضعف فرنسا بين مستعمراتها، وعزلها عالميا. 2. مبادئ الثورة السامية ومساندتها للحركات التحررية التي تؤمن بالقضية الجزائرية جعل العديد من قادتها يتخذون من الجزائر قبلة لهم (قبلة الثوار كما كانت توصف). 3. مقاومة الاستعمار الفرنسي تعدى الحدود ليصل إلى فرنسا نفسها وهو ما لم تقم به أي ثورة. "...إن الثورة الجزائرية الحالية تستمد قوتها و قيمتها من هذا الوضع الاستعماري الخاص. و لهذا فان فشل الثورة يكون معناه احتلال تونس والمغرب من جديد. كما لا يتردد في المطالبة صراحة بعض الشخصيات الفرنسية، كما أنه يعني توقفا حتميا للحركات التحريرية في الشعوب المضطهدة. و أخيرا يم ّ كن الدول الاستعمارية من استعادة قوتها و من الطمع في تحقيق حلمها القديم الذي لم تتخل عنه بعد. و بالعكس فإن انتصار الثورة الجزائرية سيعزز عقيدة وآمال جميع الشعوب التي ما يزال تحت وطأة الاحتلال الأجنبي وخصوصا في القارة الإفريقية. كما أنه سيضع حدا نهائيا للأطماع الاستعمارية. (1958/03/15- (جريدة المجاهد-العدد 20 وثيقة 1 طالع الوثيقة- 1- المستمدة من جريدة المجاهد الصادرة سنة 1958 واستنتج منها أهمية الثورة الجزائرية وتأثيراتها على الحركة الوطنية. 4. شراسة الثورة، وانتصاراتها الباهرة، جعل الشعوب المستعمرة تستغل الظروف التي تمر بها فرنسا من هزائم على كل الأصعدة الداخلية و الخارجية. 5. تأثير الثورة الجزائرية على كل الحركات التحررية جعل الحلف الأطلسي الاستعماري يتخوف من انتشارها بين مستعمراته، لذلك سارع إلى مساندة فرنسا بطريقة مباشرة في حربها ضد الثورة الجزائرية. 6. تمكنت الثورة الجزائرية من مواجهة فرنسا في كل الجبهات، مما أيقظ الشعوب الإفريقية التي كانت شبه نائمة قبل الثورة الجزائرية. 7. شدة الثورة جعل كل من تونس والمغرب الأقصى وليبيا تتحرك بكل حرية لتطالب ، باستقلالها، مما جعل فرنسا ترضخ، وتنسحب من فزان الليبية نهائيا في 10 أوت 1955 ومن المغرب الأقصى 2 مارس 1956 ، ومن تونس 20 مارس 1956 . منح فرنسا الاستقلال لهذه الدول الهدف منه جلب كل قواتها للحرب في الجزائر، لأنه في خطتها لن تنسحب من الجزائر، مهما كانت النتائج. 8. لم ينحصر هذا التحرك في بلدان المغرب بل امتد إلى الشعوب الإفريقية، انطلاقا من غينيا سنة 1958 ، حيث تحرك شعبها بعنف مطالبا بالاستقلال رافضا عرض ديغول الذي قام بزيارة إلى المستعمرات الفرنسية في أوت 1958 ليعرض عليها دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة، والطلب هو الاختيار بين الاندماج أو الفدرالية مع فرنسا. فاضطر ديغول إلى منح الاستقلال لغينيا حتى لا تتحرك الشعوب الأخرى إلا أن الثورة الجزائرية أفشلت السياسة الفرنسية في إفريقيا عن طريق النشاط الدبلوماسي للجزائريين في المحافل الدولية والمنظمات الإقليمية وغيرها. هذا النشاط كان له الأثر المباشر حيث تحركت الشعوب الإفريقية مطالبة بالاستقلال. تخوف فرنسا من فقدان الجزائر دفعها إلى منح الاستقلال ل 12 دولة افريقية في غربها و وسطها سنة 1960 مرة واحدة بعد الاعتراف باستقلال موريتانيا لتتفرغ للجزائر، وهو مكسب عظيم لشعوب القارة الإفريقية بفضل الثورة الجزائرية. 9. المتتبع لتاريخ الكفاح المسلح الجزائرية يستنتج أن الثورة الجزائرية كانت تعمل ليس فقط على طرد المستعمر من الجزائر بل طرده من كامل القارة الإفريقية، وهو ما حدث فعلا حيث لم تنل الجزائر استقلالها إلا بعد خروج فرنسا من إفريقيا. 10 . إصرار الشعب على المضي قدما إلى الأمام، رغم ما قامت به فرنسا من إغراءات، إضافة إلى التنظيم المحكم في مواجهة المستعمر أكسب الثورة التأييد الكلي من طرف كل شعوب آسيا يتجلى ذلك بوضوح منذ مؤتمر باندونغ 1955 ، حيث أصبحت الثورة الجزائرية هي لب كل المحادثات والمؤتمرات، ومثلا في الصمود تقتدي به الحركات الوطنية في المنطقة. 11 . تمكنت الثورة الجزائرية من إيصال صوتها والتأثير على الرأي العام العالمي سواء منه العالم الثالث المحتل أو شعوب العالم المتقدم عن طريق المكاتب التي أنشأتها في عواصم الدول حيث كانت تعرف بنضال الشعب الجزائري مستعملة كل وسائل الاتصال. عزيزي الطالب إليك مجموعة من الوثائق اقرأها و استنتج ما ترمي إليه كل وثيقة. اتحاد الشمال الإفريقي: إن إفريقيا الشمالية هي مجموعة كلية تؤلفها الجغرافية والتاريخ، واللغة والحضارة والمصير. ومن ثم يجب أن يسفر هذا التضامن بالطبع عن أسس لإتحاد لدول شمال إفريقيا. ومن مصلحة الشعوب الشقيقة الثلاثة أن تبدأ بتنظيم دفاع مشترك، وإتحاد ونشاط دبلوماسي مشترك، وحرية للمبادلات، وخطة مشتركة ومفيدة، في التجهيز والتصنيع وسياسة نقدية مشتركة والتعليم، وتبادل الأركان الفنية والاختصاصية، والمبادلات الثقافية واستثمار مخزون الأرض بالنواحي الصحراوية التابعة لكل بلد. ( من الدستور السياسي(قرارات مؤتمر الصومام): ( 20 أوت 1956 - وثيقة - 2 إننا عندما نطالب إفريقيا بإعانتنا، فلا ننسى واجب تضامننا مع إخواننا الذين يناضلون ويتألمون ويموتون لكي يتخلصوا من الاستعمار، ومن الإهانات السياسية، والتمييز العنصري. إن كفاحهم هو كفاحنا، وإننا مستعدون لنبحث معكم عن وسائل تعزيز النضال وإن تضامننا الفعال شرط لتحقيق أهدافنا في حرية إفريقيا البطولي الذي يقوم به إخواننا في الشرق، وفي الغرب وفي الوسط والجنوب من القارة الإفريقية. (من خطاب محمد يزيد وزير الأخبار في ندوة أديس أبابا بإثيوبيا) ( 24/14 جوان 1960 ) - وثيقة - 3 -2 نموذج للتنمية : لم تكن الجزائر رائدة فقط في مواجهة القوى الاستعمارية الكبرى – دول الحلف الأطلسي وعلى رأسهم فرنسا- بل أيضا أظهرت نموذجا للتنمية فالوثيقة - 6- تشير إلى الوسائل التي سوف تعتمد عليها الجزائر المستقلة في التنمية وقد ركزت على أسلوبين هما:التعبئة الجماهيرية وطاقة الادخار. "... فالجزائر تسعى لدعم التضامن في الكفاح، ضد الإمبريالية و الاستعمار قديمه وجديده. ...والجزائر باعتبارها بلدا من بلدان العالم الثالث، متضامنة مع كل شعوب آسيا، و إفريقيا، و أمريكا اللاتينية من أجل تحررها السياسي و دعم استقلالها، و نموها الاقتصادي. ...إن الجزائر تعمل جادة في سبيل الوحدة العربية..." ( من ميثاق طرابلس (ما بين ماي وجوان 1962 - وثيقة - 5 "....و قد أكد المجلس الوطني للثورة الجزائرية من جديد مواقف الثورة الجزائرية في ميدان المغرب العربي، و الميدان العربي الإفريقي، و في النطاق الإفريقي-الآسيوي، و هي مواقف تندرج في حركات التحرير التي تقودها الشعوب للتخلص من الاستعمار المباشر و من مخلفاته المتمثلة في الاستعمار الحديث، كما أن الثورة الجزائرية تدرج كفاحها في حركة الوحدة المغربية و العربية و الإفريقية...." بيان المجلس الوطني للثورة الجزائرية عقب اجتماعه في طرابلس ( 27/9 أوت 1961 ) - وثيقة- 4 كيف نبني مستقبلنا الاقتصادي الوسائل : 1.التعبئة الجماهيرية، تعبئة كل الشعب لإنجاز مشاريع التطور الاقتصادي والتقدم الاجتماعي...إن التعبئة لا تكفي...(ولذلك اشترطنا نحن تقويض الوضع القديم قبل كل شيء)... 2. بالإضافة إلى هذه "الطاقة البشرية" يجب أن نجند "طاقة الادخار" ما معنى ذلك؟ معناه أن الجزائر تملك إمكانيات لادخار يستطيع أن يساهم في مضاعفة وسائل الإنتاج عوض أن يستغل في عمليات مرابية أو يضيع في استهلاك وسائل الترف المضرة بميزاننا التجاري. (. 8 جانفي 1962 - (جريدة المجاهد- العدد 112 - وثيقة - 6 - كما وضح ميثاق طرابلس بصراحة الخطوط العريضة في التنمية الوطنية من خلال هذه الوثيقة- 7 هذه الاختيارات التنموية في الواقع هي إعلان حرب جديدة ضد الاحتكار الدولي في العالم الثالث وعلى رأسهم فرنسا التي ما زال وجودها الاقتصادي واضحا من خلال شركاتها في الجنوب والشمال والذي ضمنت حمايتها في اتفاقيات إيفيان. وقد خاضت الجزائر الحرب الاقتصادية وانتصرت و بذلك أثبتت للعالم قدرتها المواجهة من خلال الإجراءات التي قامت بها بعد الاستقلال و تتمثل في : -1 سياسة التأميم : . أ- تأميم أراضي المعمرين و البنوك سنة 1963 ب- في 8 ماي 1966 أممت المناجم و حولت الأملاك الشاغرة إلى الدولة، و في نفس السنة أممت شركة التأميم. . ج- تأميم الشركات البترولية الانجليزية و الأمريكية و كان ذلك في 6 جوان 1967 د- وفي 24 فيفري 1971 أقدمت الجزائر إلى أخطر عملية تأميم وهي تأميم المحروقات و قد نجحت بهذا التحدي في وقت فشلت فيه العديد من دول العالم الثالث. -2 الاعتماد على صناعة وطنية حديثة : أ- تأسيس شركات عمومية مثل شركة سوناتراك 1963 التي سوف تتطور تدريجيا لتحل محل الشركات الاحتكارية البترولية. ب- التخلص من البنوك بإنشاء البنك المركزي وصك العملة الجزائرية (الدينار) سنة .1963 . ج- تدشين مركب الحجار الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:29:17 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد تصميم الدرس - 1 الموضوع الأول. -2 الموضوع الثاني. -3 الموضوع الثالث. الموضوع الأول نص تاريخي : "إن تربيتنا العلمية الدراسية المبنية على بيان الحقيقة و إجلائها على ما هي عليه صيرتنا لا نستطيع شيئا من المواربة و التلبيس. نعرف كثيرا من أبنائنا الذين تعلموا في غير أحضاننا ينكرون- وربما عن غير سوء قصد - تاريخنا ومقوماتنا ويودون لو خلعنا ذلك كله واندمجنا في غيرنا وكنا نرد عليهم بالقول في كل مناسبة تبدو منهم فيه مثل هذه البوادر السامة الخاطئة... ." الشيخ عبد الحميد بن باديس المطلوب : حلل وناقش النص مبينا ما يلي : 2 نقطتان -1 لماذا في رأيك عبد الحميد بن باديس ينتقد التربية العلمية الدراسية في وقته؟ 3نقاط -2 ما هي الفئة التي يقصدها الشيخ عندما يقول أبنائنا؟ 2 نقطتان -3 ما هي مطالبها؟ وهل كان لها صوت بين الشعب؟ لماذا؟ 3نقاط الموضوع الثاني تواريخ معلمية : إليك تواريخ معلمية تركت نتائج هامة على مسيرة الثورة : ، 20 - أوت 20 ،1955 أوت 28 ،1956 جانفي 1957 . 16 سبتمبر 11 ،1959 سبتمبر 1960 المطلوب : أ- أبرز طبيعة هذه التواريخ . 3 نقاط ب- بين انعكاساتها على الثورة الجزائرية في الداخل والخارج. 3 نقاط ج- ما هي العلاقة القائمة بين هذه التواريخ ؟. 2 نقطتان المنهجية ( مقدمة + خاتمة ) 2 نقطتان الموضوع الثالث أسئلة جزئية ( موضوع عام ) : إن انتصار الثورة الجزائرية سيعزز عقيدة وآمال جميع الشعوب التي ما تزال تحت وطأة الاحتلال الأجنبي وخصوصا في القارة الإفريقية. كما أنه سيضع حدا نهائيا للأطماع الاستعمارية. (1958/03/15- (جريدة المجاهد-العدد 20 المطلوب : ناقش العبارة مبينا ما يلي : أ- خصائص الثورة الجزائرية. 3 نقاط ب- كيف أن انتصار الثورة الجزائرية سيعزز آمال الشعوب المحتلة؟. 2 نقاط ج- لماذا أكدت جريدة المجاهد الثورية على إفريقيا؟ وما هي الأطماع الاستعمارية التي تقصدها؟. 3 نقاط المنهجية ( مقدمة + خاتمة ) 2 نقطتان الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:41:43 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد الميكانيزمات الاقتصادية La monnaie الوحدة الأول : النقود تصميم الدرس 1. المبادلة 2. النقود أسئلة التقويم الذاتي الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الأحد 22 مارس - 23:43:00 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد للنقود عدة وظائف أساسية نلخصها فيما يلي: الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 10:30:00 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد هل يصح القول بأن لكل سؤال جوابا ؟ *** تصميم الدرس مقدمة : طرح المشكلة عرض و تحليل الوضعية المشكلة I أولا : عرض الوضعية ثانيا : تحليل الوضعية و التعليق عليها السؤال العلمي والسؤال الفلسفي II أولا : السؤال العلمي؛ ثانيا : السؤال الفلسفي . هل الأسئلة التي يطرحها البشر لها أجوبة دائما ؟ III أولا : الموقف الأول : بعض الأسئلة لا جواب عنها ثانيا : الموقف الثاني : لكل سؤال جواب . خاتمة : حل المشكلة. مقدمة : طرح المشكلة من العبارات التي ألفنا سماعها واستعمالها في حديثنا اليومي، أنه لكل سؤال جواب. ولكن هذا الجواب قد يكون سهلا، وقد يكون صعبا. وصعوبة هذه الإجابة لا تتولد عنها فقط، إجابات قابلة للنفي والإثبات معا، بل تتولد عنها إجابات لا هي قابلة للإثبات ولا هي قالبة للنفي، وهذا ما سنحاول أن نتدارسه معا، أخي الطالب، في تناولنا لهذه المشكلة؛ فتابعنا .... عرض و تحليل الوضعية المشكلة : I أولا الوضعية المشكلة : أيّها الطالب، أنت مدع و لملاحظة الوضعية التالية والتعليق عليها : 1 قال تعالى:" وَتَفقَّد الطَّي ر َفَقالَ ما لِ ي َلا أَ رى الْ هد هد أَمْ . 1"( كَا ن مِ ن اْل َ غائِبِي ن ( 20 2 وقال جلّ وعلى:" أَ م م ن يبدأُ الْ َ خلْ َ ق ُثم يعِيده و من ير زُق ُ كم مِ ن ال سماءِ واْلأَ رضِ أإله م ع اللَّهِ ُقلْ هاُتوا ب ر هاَن ُ ك م إِ ن ُ كْنُت م .1( صادِقِي ن ( 64 1 الآية 20 من سورة النمل. قال الرازي في تفسيره لآية أما قوله : { َفَقالَ مالِ ي َ لا أَ رى الهدهد أَ م كَا ن مِ ن الغائبين} فأم هي المنقطعة نظر إلى مكان الهدهد فلم يبصره فقال ما لي لا أراه ، على معنى أنه لا يراه وهو حاضر لساتر ستره أو غير ذلك ثم لاح له أنه غائب فأضرب عن ذلك وأخذ يقول : أهو غائب؟ كأنه يسأل عن صحة ما لاح له، 3 يحدث في واقع الناس أن يتعرف بعضهم على بعض، وقد يبادر أحد المتعارفين ما اسمك؟ فيجيبه الآخر محمود، وأنت ما أسمك ؟ فيرد عليه " أنا عبد الأعلى ". 4 أستاذ الكيمياء يسأل الطالب : هل الماء جسم بسيط أو مركب؟ والطالب يجيبه في ثقة العارف والمراجع لدروسه، إن علم الكيمياء الحديث أثبت أن جزيء الماء يتألف من ذرتي أوكسجين وذرة هيدروجين، و لهذا فهو مركب و ليس بسيطا. 5 هل الاستنساخ الباثولوجي 2 حلال أو حرام؟ خير أو شر؟ نافع أو ضار؟ 6 يقول أفلاطون "كل ما يقوله سقراط صادق" , ويقول سقراط "كل ما يقوله أفلاطون غير صادق." فإذا كان قول كل واحدٍ منهما يتعارض مع قول الآخر بحيث يستحيل أن يكون كلاهما على حق فأيّهما صادق؟ 7 في بداية الثلاثي الأول من السنة الدراسية، وقبل أن يتخطى الطالب صباحا عتبة باب الثانوية، اكتشف وهذا قبل موعد 1 الآية 64 من سورة النمل . ويقول الرازي في تفسير الآية { أَ من يبدأُ الخلق } يبتدئه من النطفة { ُثم يعيده } بعد الموت { و من ي ر زُق ُ كم م ن السماء } بالمطر { والأرض } بالنبات { أءله م ع الله } سوى الله فعل ذلك { ُقلْ هاُتوْا ب ر هاَن ُ ك م } حجتكم { إِن ُ كنُت م صادِقِي ن } أن مع الله آلهة شتى. أنظر المكتبة الشاملة على الويب. 2 الاستنساخ الباثولوجي: الغرض منه علاجي. الحصة بعشر دقائق أنه نسي كتابه الخاص بالنصوص الفلسفية، وتردد في الدخول؛ مخافة العقاب بسبب إهماله، وفي الوقت نفسه أراد الدخول مخافة عدم فهم الدرس لِ ما له من أهمية ضمن البرنامج وشعر بأّنه يواجه أمرا مستعصيا يحتاج إلى حل مستعجل، وتساءل: ما العمل؟ ثانيا تحليل الوضعية و التعليق عليها : أيّها الطالب، في تحليلك لهذه الوضعية أنت مدعو لتلاحظ فيما تتشابه وحداتها و فيما تختلف، لتتمكن فيما بعد من اكتشاف العلاقات وتصنيف وحدات الوضعية. إن هذه الوضعية هي مجموعة من الجمل،إمّا أّنها وردت على صيغة سؤال أو أنها تنتهي بسؤال. لكن هل جميع ما جاء منها على صيغة سؤال، يفيد معناه السؤال؟ وإذا لم تكن جميعا تفيد معنى السؤال مع كونها في الظاهر هي أسئلة، كيف أميز بينها ؟ ارجع إلى الجملة الأولى و لاحظ أنها آية قرآنية يقول فيها تعالى على لسان سليمان : " وَتَفقَّد الطَّي ر َفَقالَ ما لِ ي َلا أَ رى الْ هد هد أَ م كَا ن مِ ن اْل َ غائِبِي ن ( 20 )" ؟ و سليمان يسأل بعد أن اجتهد في طلب الهدهد ببصره وبدا له أنه ليس في جملة الحاضرين، هل هو إذن في جملة من غاب عن مجلسه؟ إنه يطلب التثبت ويريد أن يعرف كي لا يظلم الهدهد في اتهامه بالغياب عن مجلس الملك سليمان. والأمر نفسه نجده مع الجمل: 8،7،6،5،4،3 .في الجملة ( 3)محمود يسأل عبد الأعلى، وعبد الأعلى يسأل محمود ليعرف كل منهما اسم صاحبه. وفي الجملة( 4) أستاذ الكيمياء يسأل الطالب مختبرا إياه ليعرف مدى تحصيله واستيعابه، وقدرته على الاستنتاج. في الجملة ( 5) يطلب السؤال معرفة حكم الشرع فيما يتعلق بالاستنساخ الباثولوجي. و في الجملة( 6) يطلب السؤال معرفة أي الرجلين أصدق في الحكم على صاحبه، وفي الجملة ( 7) الطالب يريد معرف الحل؛ أي ما في وسعه أن يفعل كي يحضر الحصة ولا بتعرض للعقاب؟ ولكن لاحظ، أخي الطالب، أن الجملة الثانية وهي آية قرآنية ورد في وسطها سؤال أءله مع الله ؟ ولكن الله تعالى – غني عن الشريك والشبيه - لا يسأل إن كان معه إله آخر، وإّنما يستنكر على الذين يعبدون غيره، وذلك بعد أن يذ ّ كرهم بنعمه، كيف ينعم عليهم وهم يعبدون غيره! وبهذا يتضح لك، أخي الطالب، أن صيغة السؤال لا تفيد الاستفهام وطلب المعرفة دائما، بل بعضها يفيد الإنكار وبالتالي يكون جوابا أكثر منه سؤالا، مثل ما جاء في الآية، فالله تعالى لا يسألهم وإّنما يردّ عليهم أي يجيبهم وينكر عليهم أن يتخذوا معبودا غير الله. إذا كان السؤال لا يتحدد بصيغة الاستفهام فقط، فما هو السؤال إذن؟ 1 فما هو السؤال إذن و ما هي محدداته؟ لو أنك عدت إلى الوضعية وتأملت الجمل التي قلنا أنها تتضمن سؤالا ستكتشف أنها جميعا تتضمن طلبا. فسليمان يطلب معرفة حقيقة ما بدا له من غياب الهدهد( 1)؛ وكلا من محمود الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 10:34:23 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد كيف يمكن للفكر (الثابت ) أن ينطبق مع نفسه، وكيف يمكنه أن ينطبق مع الواقع (المتغير ) ؟ 03 المشك ل ة الأو ل ى متى ينطبق الفكر مع نفسه؟ وهل حصول هذا الانطباق كاف لضمان وفاق جميع العقول؟ وهل يكفي أن نعرف قواعد المنطق الصوري، حتى نكون في مأمن من الأخطاء و الأغاليط ؟ 04 المشكلة الثانية كيف ينطبق الفكر مع الواقع؟ وكيف يصل إلى هذا الانطباق، إذا عرفنا أنه قبل الخوض في دراسة الطبيعة وظواهره ا، يأخذ بأحكام مسبقة غير مؤكدة علميا؟ كيف يستطيع بهذا الأسلوب المنطقي، أن يضمن ل نا الوصول إلى الحقيقة ؟ وهل الانطباق مع الواقع في هذه الحالة ، يمنع الفكر من أن ينطبق مع نفسه أيضا ؟ الكفاءات المقصودة { شعبة علوم تجريبية و رياضيات } يتبع ... الكفاءة الختامية الأولى : أن تتحكّ م، أيها المتعّلم، في آليات الفكر النسقي ثانيا : الكفاءة المحورية الثانية (التحكم في آليات الفكر المنطق ي). الكفاءات الخاصة لهذه الكفاءة المحورية : 1 أن تكون قادرا على ضبط المفاهيم المنطقية ؛ 2 أن تكون قادرا على التحكّم في البرهنة ؛ 3 أن تكون قادرا على استخدام القياس في مجاله وسياقه. الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 10:35:25 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد متى يثير فينا، السؤال الدهشة و الإحراج ؟ *** تصميم الدرس مقدمة : طرح المشكلة هل كل سؤال هو مشكلة؟ I أولا : ما المشكلة ؟ ثانيا : العلاقة بين السؤال و المشكلة. وهل الإشكالية ترادف؟ هل نتحدث عن مشكلة أم إشكالية؟ II أولا : ما الإشكالية ؟ ثانيا : الإشكالية لا ترادف المشكلة . ثالثا : هل نتحدث عن مشكلة أم إشكالية ؟ متى يثير السؤال الفلسفي الدهشة والإحراج؟ وما هي شروطه III في تحقيق غاياته ووظيفته؟ أولا : تحديد المفاهيم ؛ ثانيا : مصدر الدهشة ؛ ثالثا : تعريف الإحراج ؛ رابعا : علاقة السؤال بالدهشة و الإحراج ؛ وما طبيعة هذه الإثارة؟ و ما طبيعة العلاقة بين متقابلين؟ IV أولا : الإثارة متوّقفة على بنية السؤال و استعداد المتعّلم . ثانيا : صور التقابل و طبيعة العلاقة بين متقابلين ؛ ثالثا : لماذا يقلقنا السؤال . وما نطاقها؟ وما نهايتها ؟ V أولا : نطاقها ؛ ثانيا : نهايته خاتمة : حل المشكلة . كيف تعالج نصا فلسفيا مقدمة : طرح المشكلة من جملة العوامل الأساسية التي تقوم عليها أية عملية تربوية أو تعلُّمية، وجود المتعلم، وموضوع التعلم، والحافز عليه. نقول المتعلم، لأنه المعنِي الأول بالعملية، ولأنه مصدر الشعور والإرادة والقرار؛ ونقول الموضوع، لأنه المادة المعرفية أو السلوكية التي يحتاج إليها المتعلم في مسعاه؛ ونقول أخيرا، الحافز على التعلم، لأنه المحرك الذي يقف وراء ميول المتعلم، وإرادته، وينشط فيه القريح َ ة، وي ْ ش حذ فيه الفضولَ، و يفتح له باب المزيد من التعلُّمات والاكتسابات. ولا يخفى ما لهذا العامل الأخير، من أهمية في عملية التعلم. إنه بمثابة همزة وصل بين المتعلم ومادة التعلم. فهو يثير في العامل الأول، نوعا من الرغبة المتحمسة في طلب الموضوع، ويزرع في العامل الثاني، الحركة عندما ينبجس منه في شكل سؤال، وكأنه يريد تقديم المادة كإجابة عنه، تبرر العلاقة بينهما. وهذا يعني أن غياب السؤال أي الحافز والدافع، تترتب عنه انزلاقا ٌ ت تربوية خطيرة: منها، نقل المادة التعلمية بشكلها الجاف إلى متعلم لا يتمتع بإرادة ولا تحركه رغبات ولا تدفعه مشاعر الحماسة؛ ويقع ذلك، عن طريق معلمٍ، لم ي ع د يرى من أسلوبٍ في عمله سوى التلقين والتحفيظ . وعليه، فإن السؤال، ما يزال يحتل صدارة المسارات التعّلمية من غير منازع؛ وعلى أساس هذا المبدأ العام، قام كثير من علماء النفس البيداغوجي، ينادون بترسيخ قيمة السؤال وتأصيلها لدى الدارسين والمدرّسين. وإذا كان الأمر كذلك، فماذا نقول في شأن ممارسة التفلسف، التي لا مبرر لوجودها إطلاقا، سوى أن تنطلق من السؤال الإشكالي. إن الشروع في عملية التفلسف يتطلب مّنا أن ندرك السؤال، وأن نفهم طبيعة العلاقات المنطقية التي تربط الحدود 1 فيما بينها، و التي يحتوي عليها السؤال . هذا، وإذا كان لا يعَقل أن نبدأ فعل التفلسف من لا شيء، فإنه يتعين علينا في هذا السياق، ونحن نجتاز عتبة التمهيد للفلسفة أن نطرح معنى مفهوم السؤال، ومجال امتداداته، وأن نتساءل: متى ولماذا يثير الدهش َ ة والإحراج؟ وبتعبير منهجي، نتساءل، عما هي علاقة السؤال بالمشكلة الفلسفية؟ وما علاقة هذه المشكلة بالإشكالية؟ وما علاقة السؤال بإثارة الدهشة والإحراج، وما طبيعة هذه الإثارة؟ وأخيرا، ما نطاقها وما نهايتها؟ 1 عرض الوضعية المشكلة : (... هذا اليوم لم يكن في صندوق البريد إلا رسالة صغيرة، كانت الرسالة معنونة ببساطة: . Sophie و كانت موجهة لصوفي صوفي أمندسون 3 زقاق النفل. لا شيء آخر. أية إشارة عن المرسل، حتى ولا طوابع. 1 انظر مشكلة تطابق الفكر مع نفسه الحدود المنطقية . استعجلت صوفي إغلاق البوابة خلفها وفتحت المغلف، فلم تجد داخله إلا ورقة صغيرة، لا تتجاوز مساحتها الظرف، وعليها جملة واحدة فقط: من أنتِ؟ ............ من أنتِ؟ أي سؤال أبله، و كأّنها لا تعرف أنها صوفي أمندسون ! و لكن من هي صوفي هذه في النهاية؟ إنها لا تعرف الكثير، و بدقة عن ذلك، و لو أنهم أطلقوا عليها اسما آخر، آن كنوتسن، مثلا، هل كانت ستكون شخصا آخر؟ لم تتقبل صوفي أمندسون صورتها دائما، غالبا ما يقال لها أن لديك عينين لوزيتين، وذلك دون شك لتجنب الملاحظة أن أنفها صغير جدا،وفمها كبير قليلا.إضافة إلى أن أذنيها قريبتان جدا من عينيها. لكن الأسوأ هو شعرها المسدل تماما، مما يجعل تسريحه صعبا.أحيانا يمرر أبوها يده في شعرها وهو يناديها "بذات الشعر القطني". لقد كان الكلام سهلا بالنسبة له، فهو غير محكوم طوال حياته بهذا الشعر الطويل المنسدل الناعم. إذ لم يكن أي نوع من المستحضرات يثبت على شعر صوفي. كانت ترى رأسها بشعا جدا إلى الحد الذي يجعلها تتساءل أحيانا عما إذا كانت قد ولدت مع تشوه خلقي. على أية حال، لقد قالت لها أ مها أن ولادتها كانت صعبة. لكن هل تحكم ولادتنا مظهرنا إلى الأبد؟ [...] أليس من غير العدل أ ّ لا نستطيع اختيار مظهرنا الخارجي؟ نحن نستطيع أن نختار أصدقائنا لكننا لم نختر أنفسنا. أنها حتى لم تختر أن تكون كائنا بشريا. ما هو الكائن البشري؟ رفعت صوفي من جديد عينيها إلى الفتاة التي في المرآة، معتذرة لها بقولها : أعتقد أنني سأصعد لأقوم بواجباتي المدرسية في علم الأحياء. بعد لحظة كانت في الممر، ثم عادت ففكرت: " لا .. في النهاية، أنا أفضل الذهاب إلى الحديقة." بس .. بس . دفعت صوفي الهر إلى السلم، وأعادت إقفال الباب وراءها...) 1 2 تحليل الوضعية المشكلة و التعليق عليها : أيّها الطالب، هذه الوضعية مقطع من رواية "عالم صوفي" ل:"جوستاين غاردر" وهو يصور حالة طالبة عادت لتوها من المدرسة، لتعثر في صندوق برديها على رسالة غريبة، يحمل الظرف اسمها وعنوانها دون أدنى إشارة إلى المرسل، و داخل الظرف ورقة ُ كتب عليها من أنتِ؟ رواية حول - le monde de SOPHIE 1 جوستاين غاردر- عالم صوفي تاريخ الفلسفة النص العربي بقلم حياة الحويك عطية. دار المنى .{ ص( 8 10 مراسلة كهذه غير مألوفة وهذا بعث في نفس صوفي توترا، وحيرة دفعت بها إلى التفكير. وتقف" صوفي" أمام المرآة لتجيب عن السؤال الذي ب دا لها أوّل الأمر أنه تافه، لكن سرعان ما فتح أمامها وابلا من الأسئلة، جعلتها في حرج شديد، وأصبحت الإجابات تبدو أكثر صعوبة مما اعتقدت. أيّها المتعّلم، إن الذي أزعج "صوفي" في الحقيقة هو اكتشافها أنها لم تكن تعرف ما كانت تعتقد لزمن طويل أنها تعرفه. بين ما تعرفه وبين ما كانت تعتقد أنها تعرفه، وهي في الحقيقة لا تعرفه، تعارض يكشف عن جهلها الخاص، وعن رغبتها في المعرفة. هذا الذي وضعها في مواجهة مع مشكلة معرفية " من أنتِ؟ " . إن السؤال هنا أثار المشكلة لكنه لم يخلقها، إن المشكلة نشأت عن التعارض بين اعتقادها في كونها كانت تعرف من تكون بل اعتبرت معرفتها بذاتها من البديهيات، التي لا تحتاج إلى تفكير، وبين الواقع الذي اكتشفته وهي أنها لا تعرف حقيقة من تكون، وما تعرفه هو أمور ثانوية تتعلق باسمها و جسمها ونسبها وهي أمور لا تجيب عن السؤال الكبير " من أنت؟ " . ثم إن جسم صوفي لم يكن يرضيها، وهذا جعلها تواجه مشكلة أخرى تختزل في التعارض بين واقع "جسم لا ترضى عنه" و" رغبة " صورة جسم ترضى به "، ولكن المثير للانتباه هنا أيها الطالب، ليس هذه المشكلة الواقعية، التي قد تستدعي أخصائيين نفسانيين لمساعدة صوفي على تقبل صورة جسمها، بل أن هذه المشكلة خلقت مشكلة فلسفية أخرى أكثر عمقا و تعقيدا. ولخصه السارد∗ في تساؤلها التالي: " كانت ترى ( أي صوفي) رأسها بشعا جدا إلى الحد الذي يجعلها تتساءل أحيانا عمّا إذا كانت قد ولدت مع تشوه خلقي. على أية حال، لقد قالت لها أمها أن ولادتها كانت صعبة. لكن هل تحكم ولادتنا مظهرنا إلى الأبد؟ [...]أليس من غير العدل أ ّ لا نستطيع اختيار مظهرنا الخارجي؟ نحن نستطيع أن نختار أصدقائنا لكننا لم نختر أنفسنا. أنها حتى لم تختر أن تكون كائنا بشريا."و بهذا فنحن نختار ولا نختار، وبالتالي أحرار ولسنا أحرارا. من العدل أن يفرض علينا مظهرنا أم ليس من العدل. ومن هذه الوضعية يجب أن تعلم وتسجل هذا، عزيزي الطالب، أننا جميعا مثل "صوفي"، لا نبدأ بالتفكير إ ّ لا عندما تواجهنا مشكلة؛ أي عندما يوجد تعارض بين واقع وفكرة، أو فكرة وفكرة. وإلى هنا يمكننا، أيّها الطالب، أن نل ّ خص ما تضمنته الوضعية من مسائل مهمة: ∗ السارد هو الراوي الذي يحكي أحداث القصة أو الرواية. 1 . صوفي تعثر على رسالة غير مألوفة فتندهش لذلك. 2 . صوفي عندما تباشر التفكير في السؤال " من أنتِ؟" سرعان ما تصيبها الحيرة. 3 .صوفي وهي تحاول الإجابة عن السؤال، تنفتح أمامها مشكلات أكثر عمقا وصعوبة فتتردد و يصيبها الحرج وتريد التخلي عن التفكير، لكنها تعود له من جديد. تعال ، أيّها الطالب، لنكتشف معًا مفهوم المشك و الإشكالية، والدهشة والإحراج وعلاقة كلّ ذلك بالسؤال وذلك لأن الشروع في التفلسف يتطلب منا أن ندرك السؤال ونطرحه على نحو دقيق و واضح، وأن نفهم طبيعة العلاقات المنطقية التي تربط الحدود التي يتألف منها السؤال؟ هل كل سؤال هو مشكلة؟ I تحدثنا في المشكلة السابقة عن السؤال و أدواته وأنواعه، ومن جملة ما ذكرناه هناك أن "هل" أداة يسأل بها عن الوجود، و بهذا يكون السؤال الذي معنا يطلب معرفة " ما إذا كانت المشكلة موجودة في كل سؤال" و الإجابة عن هذا السؤال تستدعي معرفة ما هي المشكلة. أولا ما هي المشكلة؟ 1 . في الاستخدام العام يشير المعنى العام لكلمة ” مشكلة “ إلى وجود صعوبةٍ ما أمام " موضوع " معين، وقد تكون هذه الصعوبة "غموض في المعنى" وذلك مثل ما عانت منه صوفي في الجواب على السؤال "من أنت؟" إذ لم تكن تملك معًنى واضحا للضمير "أنتِ" هل يشير إلى الاسم؟ أم إلى الجسم؟ أم إلى النفس؟ أو إلى الانتماء الاجتماعي؟ في الجملة إن مثل هذه الضمائر لا تستخدم دائما للدلالة على معنى و احد وإنما يتحدد معناه بحسب السياق فالقول أنت شخص وسيم، وأنت رجل، وأنت مسلم لا يجوز لك أن تكذب...، و لمّا كانت الصفات التي يمكن أن تسند للضمير " أنتِ" كثيرة جدا صار من الصعب على الذي يسأل من أنت؟أن يعثر على جواب واحد. كما تشير كلمة " المشكلة" إلى "ضيق في أفاق الحل"،أو "تعدد للحلول وبالتالي صعوبة الاختيار من بينها". ولذلك فقد تكون المشكلة نظرية أو عملية، أو ربما مزيج بينهما مثلما لاحظنا في وضعية صوفي. 2 . من الناحية اللغوية المشكلة جمعها مشاكل ومشكلات، و هي الأمر الملتبِس. يقال َ ش َ كلَ الأمر يش ُ كل شَك ً لا أي التبس. وفي لسان العرب لابن منظور " قيل للأَمر المشَتبه مشْكِلٌ وأَ ْ ش َ كل علَ ي الأَ مر [...] في القاموس (يقصد القاموس المحيط للفيروز آبادي ) وأشكل الأمر التبس كشكل وشكل إِذا ا ْ خَتَلط وأَشْ َ كَلتْ عل ي الأَخبار و أَح َ كَلتْ بمعنىً واحد و الأَ ْ ش َ كل عند العرب اللونان المختلطان". المشكل اسم فاعل من الإشكال وهو الداخل في أشكاله وأمثاله بحيث يصعب تمييزه. 3 . في الاصطلاح عند علماء الأصول المشكل هو اسم للفظ يشتبه المراد منه بدخوله في أشكاله على وجه لا يعرف المراد منه إ ّ لا بدليل يتميز به من بين سائر الأشكال، وعند"الجرجاني": "المشكل هو ما لا ينال المراد منه إ ّ لا بتأمل بعد الطلب وهو الداخل في أشكاله أي في أمثاله وأشباهه مأخوذ من قولهم أشكل أي صار ذا شكل كما يقال أحرم إذا دخل في الحرم وصار ذا حرمة… “. أما في الفلسفة، أخي الطالب، يشير مصطلح المشكلة إلى وضعية تعاني منها الذات نزاعا بين طرفين متعارضين. ولتوضيح فكرة المشكلة قدّم السيد "مولينو" الاقتراح التالي:"افترضوا أعمى بالولادة هو الآن [ راشد ] جرى تعليمه التفريق باللمس بين مكعب وكرة من معدن واحد و من الحجم نفسه تقريبا؛ افترضوا...أن هذا الأعمى تمتع بالبصر. فنتساءل إن كان في إمكانه أن يميّزهما دون لمسهما و أن يقول . ما هو المكعب و ما هي الكرة" 1 إن هذه مشكلة لأنها تحتمل جوابين متعارضين الجواب الأول 1) يمكنه أن يميّزهما ويحدد أيهما الكرة وأيهما المكعب. والجواب ) الثاني( 2) لا يمكنه أن يميّزهما و يحدد أيهما الكرة و أيهما المكعب، وحل 1 أندري لالاند - موسوعة لالاند الفلسفية - تعريب خليل أحمد خليل منشورات . عويدات بيروت – باريس 2001 ص 1052 هذه المشكلة يتوقف على تطور العلاج الطبي لمرضى العيون. وقبل ذلك تظل المشكلة قائمة، وفي هذه الأثناء فإنها تصبح معضلة. وهذا يدفعنا إلى التساؤل ما الذي يميز بين المشكلة والمعضلة، وبينهما وبين القضية؟ أخي المتعّلم، من خلال تعريف هذه المصطلحات يمكنك أن تلحظ الفرق بينها : 1) المشكلة تتضمن تعارضا ينشأ عنه التباس يمكن إزالته بالتأمل والتفكير النقدي الجدي. 2) المعضلة هي مشكلة تزيد من الحرج بحيث تضيق فرص حلها، و المعضلة النظرية أو العملية التي لا يتوصل فيها إلى حل يقيني. 3) القضية في المنطق هي الصيغة اللفظية للحكم. وهي ما يستدعي الفصل والقطع. لاحِظ وس جل، أخي الطالب، أن الفرق بين هذه المصطلحات يتحدد في درجة التعقيد، وما تثيره من مستويات انفعالية متباينة. ومن العلاقة بين درجة التعقيد والحالة الانفعالية التي يمكن أن تثيرها ننشأ الثنائيات التالية بحسب ترتيب درجة تعقدها: القضية ↔ رغبة الفصل في الحكم ( عندما نكون أمام " قضية حكم" نريد التثبت من صدقها).المشكلة ↔ دهشة( عندما نكون أمام مشكلة نكتشف التعارض الموجود فيصيبنا التوّتر ونبحث عن حلٍّ لذلك التعارض). المعضلة ↔ إحراج ( عندما نكتشف أن أفاق حل المشكلة أصبحت أكثر ضيقا فيزد توترنا إلى حد الإحراج، نكون أمام معضلة.) ثانيا : العلاقة بين السؤال و المشكلة : ترتبط المشكلة من حيث هي تعارض بين تصورات أو بين تصورات و وقائع أو بين وقائع و وقائع يثير في النفس توترا "دهشة " بالسؤال من حيث هو طلب لجواب أو لحل،أشد ارتباطا، فوراء كل مشكلة سؤال، و العكس ليس صحيحا، فليس وراء كل سؤال مشكلة. بعودتك، أخي الطالب ، إلى وضعية "صوفي" بإمكانك أن تستنتج هذه العلاقة. لو أنّ الرسالة التي تلقتها صوفي كانت تحمل السؤال التالي: "ما اسمك؟ " ، سؤال كهذا لا يتضمن أي مشكلة، فهو سؤال مبتذل، و هذا ما فهمته صوفي في البداية عندما قرأت السؤال " من أنت؟" و هكذا تحدث السارد (الراوي) على لسانها قائلا: " من أنت؟"أ ي سؤال أبله، و كأنها لا تعرف أنها صوفي أمندسون ! و لكن من هي صوفي هذه في النهاية؟ إنها لا تعرف الكثير، و بدقة عن ذلك، ولو أنهم أطلقوا عليها اسما آخر، آن كنوتسن، مثلا، هل كانت ستكون شخصا آخر؟ إذن هي َفهِمت من السؤال في أول الأمر،جريا مع العادة" من أنتِ؟ "بمعنى ما اسمك؟" ، غير أن الرابط المنطقي- النحوي ( لكن) كشف عن مشكلة عندما استدركت الجواب المألوف، لو كان الشخص هو اسمه لتغير بتغير اسمه، وهذا غير صحيح . وهكذا تظهر المشكلة أمام صوفي. إنها لا تعرف من تكون، وهي التي اعتقدت أنها تعرف ذاتها وأن السؤال من أنت هو سؤال مبتذل. وأول من تعرض لمفهوم السؤال وجعل منه قضية فلسفية يقول: Topica في كتاباته المنطقية هو "أرسطو"؛ ففي كتاب المسائل إّنما تخالف المقدمة [ القضية [ problème ”والمسألة [ أي المشكلة بالجهة. “على اعتبار أن الفرق بينهما هو فرق [ proposition في تحوّل صيغة العبارة، فإذا وضعت العبارة على هذا النحو : ” أليس الحي جنسا للإنسان ؟ “ كانت مقدمة أو قضية" . أما إذا قيل : ” هل قولنا ”الحي” جنس للإنسان أم لا ؟ “فإنّ العبارة تكون مسألة ، أي مشكلة. كما يضيف "أرسطو"بعد ذلك تمييزا آخر بين "المقدمة المنطقية" وبين "المسألة المنطقية " بأن يقول: "والمقدمة المنطقية هي مسألة ذائعة إمّا عند جميع الناس، أوعند أكثرهم، أو عند جماعة الفلاسفة وجميع الآراء أيضا الموجودة في الصناعات المستخرجة قد تكون مقدمات منطقية" ، أما المسألة المنطقية فهي” طلب معنى ينتفع به في الإيثار للشيء والهرب منه ، أو في الحق والمعرفة - مثال ذلك قولنا هل اللذة مؤثرة أم لا . "والوضع هو رأي مب دع لبعض المشهورين بالفلسفة …فالوضع أيضا مسألة، وليس كل مسألة وضعا، لأن بعض المسائل يجري مجرى ما لا يعتقد فيها أن الأمر فيها كذاأو كذا". وللسؤال أهمية خاصة في الفلسفة، فهو المدخل الأساسي إلى الحكمة، إلى الفلسفة والتفلسف. والسؤال هوالذي يش ّ كل المشكلة؛ فالمشكلة في نهاية الأمر سؤال يبحث عن إجابة. وقد حظي مفهوم"السؤال" بأهمية خاصة في الفلسفة الوجودية، وبوجه خاص لدى"هيدجر"الذي ذهب إلى تأويله على أنه سؤال عن ماهية الوجود الإنساني. يحدّد " ديكارت" ثلاثة شروط لأهلية ”السؤال“كتمهيد للمعرفة وهي : 1 ينبغي أن يكون في كل سؤال شيء غير معروف . 2 أن يكون هذا المجهول معروفا على نحو معين وإلى حدٍّ معين. 3 أن هذا المجهول لا يمكنه أن يصبح معروفا إ ّ لا بواسطة ما هو معروف. 1 ليست علاقتهما طردا ولا عكسا ليس كل سؤال مشكلة بالضرورة، لأن الأسئلة المبتذلة التي لا تتطلب جهدا في حلها، والتي لا تثير فينا، إحراجا ولا دهشة، لا يمكن أن ترقى إلى أسئلة مشكِلةٍ حقيقية؛ وفي مقابل ذلك، يمكن القول بأن المشكلة جديرة بأن تكون سؤالا، عند القراءة الأولى، إذا هو أثار قضية مستعصية عن الحل، وإذا جاء في صيغة استفهامية. إلا أن هناك حالات، تثبت فيها المشكلة، و يغيب عنها الاستفهام. فقد تكون المشكلة الفلسفية مثار دهشة أمام العقل، دون أن تقدم في صياغة استفهامية [؟]، كما هو الحال في عرض مجرد أطروحة فقط، ُند عى للنظر فيها بعد " مش َ كَلتها"، كما هو شأن الأطروحتين الآتيتين: "قد يجتمع الضدان، الحرية والحتمية"؛ و"بين السلب والإيجاب علاقة تكاملية"؛ وكما في حالة إضافة المطلوب التالي، إلى كلا الطرحين: ((حلل وناقش)). والمشكلة ليست أيضا، سؤالا من حيث إنه مجرد موضوع ما دام لم يترك في الذهن بعض التساؤلات، ،(sujet) ومبحث أو مطلب ولم يخلف وراءه استفهامات صريح ً ة أو ضمنية. هذا، بالإضافة إلى أنه ليست كل مشكلة مطلبا فلسفيا؛ فبإمكاني أن أواجه مشكلة تسرب المياه على مستوى سقف بيتي، لأنها مشكلة عملية. كما أنه لا يجب الخلط من جهة، بين المشكلة الفلسفية التي تسعى إلى البحث عن الحقيقة . البعيدة ، والمشكلة العلمية التي تهتم بالحقيقة القريبة، من جهة أخرى 1 2 التفكير أساس العلاقة بينهما إن مصير السؤال الفلسفي، يتوقف على الإنسان، ككائن عاقل وفضولي، يعيش على الفطرة ويعيش أيضا على الاكتساب، وليس بالضرورة أن يكون هذا في سِ ن دون أخرى؛ فللأطفال حقهم في ذلك، إِذ يحملون من الانشغالات ومن التساؤلات، ما يحرجوننا به، ونقف . أمامهم حائرين عاجزين 2 الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 10:36:31 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد لقد أكد علم النفس التربوي على أن التعلم يتأسس على التساؤل، وعلى أّنه لا تعلُّ م إ ّ لا عن طريق التساؤل الذي يحركه الفضول. وهذا يعني، أنه لا معرفة واضحة، ولا ناجعة، ولا حقيقية، دون 1 ابحث عن العلاقة بين الفلسفة و العلم، بالرجوع إلى المصادر الخاصة بهذا الموضوع. 2 Voir, Michel Tozzi, (professeur des universités à Montpellier) et Le questionnement philosophique des enfants. أن تكون رد فعل عن سؤال. من هنا، تنشط المحفزات، ويتحمس المتعلم للسعي إلى العمل الفكري. وبصورة عكسية، كلُّ معرفة اكتسبناها أو سوف نكتسبها ، هي في الحقيقة، جواب عن سؤال، نكون قد واجهناه أو بادرنا إلى طرحه. ولهذا، فإننا عندما نكون أمام أي نص معرفي، ترانا نحاول (مساءلته)، عّلنا نصل إلى الإحاطة بالسؤال الذي كان دافعا وسببا في الجواب.وهذا معناه الانتقال من الحلِّ إلى السؤال.{ راجع النص الفلسفي}. يمكننا إذن، اعتبار التساؤل مفتاح التعلم والمعرفة، وحافزا على تقدم العمل الفكري. وهل الإشكالية ترادف المشكلة؟هل نتحدث عن مشكلة أم إشكالية؟ II أولا : ما هي الإشكالية؟ هي على وجه العموم، (La Problématique) الإشكالية المسألة التي تثير نتائ جها الشكوك، تدفع إلى الارتياب والمخاطرة. ويرى بعض الفرنسيين أنها أيضا، جملة من المسائل التي يطرحها العالم أو الفيلسوف طرحا يكون مقبولا بالنظر إلى وسائله، وإلى موضوع . انشغاله وتصوره 1 1 والإشكالية عند (لالاند)، هي على وجه الخصوص، سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة (ربما تكون حقيقية)، لكن الذي يتحدث لا يؤكدها صراحة. سجل ما يلي : الإشكالية على وجه الخصوص، هي القضية التي يمكن فيها الإقرار بالإثبات أو بالنفي، على حد سواء أو تحتمل النفي والإثبات معا. مثال ذلك : هل الإنسان حر أم مقيد ؟ ثانيا : الإشكالية لا ترادف المشكلة إذا كانت الإشكالية هي المعضلة الفلسفية التي تترامى حدودها، وتتسع أكثر وتنضوي تحتها المشكلات الجزئية، فإن المشكلة كما ترشد إلى ذلك، الممارسة الفلسفية، مجال بحثها في الفلسفة، أقل اتساعا من الإشكالية، حتى أننا نضع على رأس كل قضية فلسفية أساسية، سؤالا جوهريا يقوم مقام الإشكالية، ثم نفصّل السؤال الجوهري هذا، إلى عدد من الأسئلة الجزئية، تقوم مقام المشكلات. وإذا كان مصدر اشتقاقهما واحدا، فإنّ الاستعمال المريح، يفصل بينهما فصل الكل عن أجزائه. هذا فضلا عن أن الإشكالية قضية تثير قلقا نفسيا، وتشوّشا منطقيا؛ والباحث فيها،لا يقتنع بحل أو بأطروحة أو بجملة من الأطروحات، ويبقى مجال حلها مفتوحا. موسوعة لالاند الفلسفية تعريب خليل أحمد خليل منشورات عويدات بيروت – بريس .1051- الطبعة الثانية 2001 ص ص 1050 ثالثا : مشكلة أم إشكالية؟ 1 إذا كانت العلاقة بينهما، هي علاقة المجموعة بعناصرها، أدركنا جيدا، متى نستعمل لفظ المشكلة، ومتى نستعمل لفظ الإشكالية. ولتوضيح هذه العلاقة، يجب أن نشير إلى أن الإشكالية على صيغة إِفعالية مثل إِكمالية وإِقطاعية وإِعدادية هي في تركيبها اللغوي، مصدر (أشكل)، وهو إشكال، أضيفت إليه ياء المذكر ليصبح (إشكالي)، ثم أضيفت إلى هذه الصيغة الأخيرة، تاء التأنيث لتصبح إشكالية. وكلتا الصيغتين منسوبة إلى الِإشكال، كمصدر أو كأصل يحتضن . كل المشتقات، وكذا الأمر بالنسبة إلى إكمال وإكمالي وإكمالية 1 وعلى هذا الأساس، تكون الإشكالية محتضِنة لمختلف المشكلات؛ وإذا حددنا موضوع الإشكالية، عرفنا المشكلات التي تتبعها، كما تتبع الأجزاءُ . الكلَّ الذي يحتضنها 2 1 وليس من المستبعد أن يكون لفظ الإشكالي أو الإشكالية، صفة لاسمٍ محذوفٍ تقديره، الأمر الإشكالي والأمور الإشكالية، مثل ما هو شأن المدرسة الإكمالية، والسلطة الِإقطاعية، والفلسفة الإباحية. 2 عندما يكون عدد المشكلات في نفس القضية، اثنين فما فوق، يصبح وجود الإشكالية أمرا شرعيا، لأن ذلك، تقتضيه ضرورة منهجية. وتكون هذه الإشكالية بمثابة المظلة المفتوحة التي تنضوي تحتها كل المشكلات التي تناسبها. وكذلك الأمر بالنسبة للإشكاليات، فقد تجمعها على أساس نفس المبدأ، إشكالية واحدة أوسع نسميها إشكالية الإشكاليات أو أم الإشكاليات. وهكذا... فقد يجمع با ب الأخلاق، مشكلاتٍ تحت غطاء إشكالية واحدة؛ وقد تجمع أم الإشكاليات عددا من الأبواب كالأخلاق، والميتافيزيقا، وفلسفة العلوم، والمنطق. 2 وفي شأن تحويل قضية ما أو مسألة ما، من مستوى صعوبتها المألوفة، إلى مستوى الإحراج العقلي، يقولون مشْ َ كلَ يمشكل، ،(Problématiser) وأشكل يؤشكل، وهي ألفاظ تقابل في لغة الفرنسيين أما .(La Problématisation) ويقابلون المصدرين: مشكل ً ة وأشكل ً ة ب الشكلانية، فهي نزعة سوقية، يستشكل أصحابها أتفه القضايا، ويستعظمون أبسط الأشياء، وينظرون إليها، على أنها أشياء مشكِلة. ولقد شاعت في لغة الناس، وكثير من أهل التعليم؛ فالتمرين عندهم، إشكالية، والصعوبات المهنية إشكالية، وتأجيل الرحلة الجوية إشكالية، وهكذا... وهي أيضا، . تعبير عن القلق الذي يعيشه الناس في حياتهم اليومية 1 هكذا إذن، وعلى هذا الأساس، نستعمل الإشكالية باعتبارها المعضلة الأساسية التي تحتاج إلى أكثر من دراسة وتحليل، والتي تستوجب مقاربُتها ومعالجتها أكثر من زاوية ومن وجهة نظر. فهي بمثابة المصدر الذي لا تنقضي عجائبه. وفي مقابل ذلك، نستعمل المشكلة باعتبارها القضية الجزئية التي تساعد على الاقتراب من الإشكالية. 1 ويمكن بمنطق المماثلة، فتح قائمة للتعبير عن ظاهرة التحويل هاته، وتسجيل ما يأتي: َ ش وكل يشوكل شوكل ً ة، كما نقول فوعل فوعلة وعوضل عوضلة وحوسب حوسبة، أو مش َ كل م ْ ش َ كًلة و معضل معضلة؛ ويمكن القول أيضا، وبنفس المنطق، شكلل شكللة مثل فعلل فعللة وعضلل عضللة، وشكلن شكلنة مثل فعلنة وعضلن عضلنة. ولعل هذه الصيغة الأخيرة، أنسب نظرا إلى انتشار مثيلاتها واعتناقها من طرف المجمع اللغوي العربي، كما هو الشأن مثلا، في الصياغات التالية: عقلن (Rationaliser, Rationalisation, Rationalisme) وعقلنة وعقلانية متى يثير السؤال الفلسفي الدهشة و الإحراج؟ III أولا: تحديد المفاهيم 1 السؤال الفلسفي : إنه على ثلاثة أنواع، سؤال فلسفي يطرح إشكالية؛ وسؤال فلسفي يطرح مشكلة؛ وسؤال فلسفي يطرح الإشكالية والمشكلة في آن واحد. الأول يستوعب مشكلتين على الأقل؛ والثاني يتضمن أطروحة أو فكرة واحدة أو أكثر، أو تحليلا لقضية بشتى الطرق، كما هو الشأن في هذا الدرس؛ وفي الثالث وهو أصعبهما، تذوب المشكلة في الإشكالية، نظرا إلى درجة صعوبتها، في انتظار مبادرات المفكرين ومحاولات الفلاسفة 1، كما هو شأن السؤال التالي: هل هناك ما يدعو إلى الحديث عن الثوابت المطلقة، في عصر المتغيرات؟ وهنا نتساءل، هل هناك من لا يؤمن بالتغير، وهو يجترفنا؟ ما معنى أن نحيا، إذا كنّا غير منسجمين مع زماننا ومكاننا؟ 2 الدهشة أ للدهشة (أو الحيرة) عدة معان أهمها : 1) هي شعور المرء بِجهلِ وجه الصواب حيث لم يدرِ أين منفذه ؛ 2 ) وهي الاضطراب في السير، والتردد في الاتجاه، وهي أيضا، معاناة المتردد الذي يضل الطريق، ولم يحظ بالاهتداء إلى سبيله ؛ 3 ) وهي غشيان البصر؛ (attonare) " 4 ) وهي في اللغة اللاتينية الكلاسيكية، "أطونار ومعناها، هزيم الرعد؛ 1 إن الإشكالية هنا، لا تتضمن إلا مشكلة واحدة مفتوحة نظرا إلى صعوبتها. 5 ) أما الدهشة التي نعنيها هنا، فليست تلك الدهشة العادية الخاصة بمن يفاجأ بأمر غير عادي، وإّنما على العكس من ذلك، هي الدهشة الفلسفية التي تتعلق بأشياء الطبيعة وما وراءها، الأشياء التي نراها ونتخيلها يوميا. والفيلسوف هو الذي يتساءل لماذا جاءت الأشياء هكذا. وبالدهشة، يأخذ الفيلسوف في الوعي بجهله، ويسعى إلى التحرر منه، ويستيقظ فضوله، أمام عالم سحري، يشتبك فيه المرئي وغير المرئي، ويجتهد في اختراق أسراره. ونحن هنا، لا نقصد بالدهشة أيضا، ذلك الانفعال القوي الذي يذهب بسكينة الجسم والنفس ويذهب بمنطق العلاقات الاجتماعية. فهناك ما يدعو إلى التمييز بين هذا النوع من الدهشة الذهولية الذي ي ُ شلُّ الفكر، وما كان يسميه ديكارت في كتابه محن الدهشة والإعجاب"، وهو نوع "(Les passions de l'âme) : الروح من الدهشة الفلسفية التي يتولد عنها، الفضول لا الشرود. و الدهشة لا يجب أن تقف عند مجرد المفاجأة ، بل يجب أن تح ر ك الفك ر، ولا تشله في البحث عن الحقيقة. إّنها تستجيب لأسمى تطلعات الفكر الذي يبحث بالطبيعة عن أن يعرف، من أجل أن يعرف. 6) إنها لحظة شخصية و أخلاقية، إنها ملكيتي الفردية، ملكية الأنا المتكلم. وشؤون الأنا المتكلم، ليست قضية الجميع ولا قضية المخاطب الشريك. إنّ مركز مشكلة الدهشة 1، هو ا سمِي الشخصي لا غير. 1 قيل في هذا السياق: "اغط س في الدهشة وفي الحيرة التي لا حدود لها، تك ن من غير حدود، ومن ثمة تكن لانهائيا". نستنتج أن الحديث عن التفلسف، هو حديث عن المعاناة الذاتية للمتفلسف ( المف ّ كر). ثانيا مصدرالدهشة وإذا كان لا تفلسف من غير دهشة، فإنه لا دهشة من غير حافزيْن أساسيين: الوعي بالجهل، وإدراك صعوبة السؤال. فبقدر اتساع الوعي بالجهل، يكون الشعور بضرورة البحث عن أسباب المعرفة، وهذا حافز يدعو إلى التفكير والتأمل. ولقد اشتهر عن سقراط، أنه قال: "كل ما أعرف هو أنني لا أعرف شيئا". سجل معي، أخي الدارس، ما يلي : [ و بقدر إدراك العقبات التي تطرحها المشكلة الفلسفية، يكون اندفاع الفضول نحو الكشف عن مصدر الانفراج والتخفيف من الجهل. يقول "كارل ياسبرس"، في هذا السياق،: " يدفعني الاندهاش إلى المعرفة ، فيشعرني بجهلي " و اعلم ، أخي الطالب ، أن هدف تعليم الفلسفة هو بالدرجة الأولى دفع المتعلم إلى ممارسة التفكير العقلاني الجاد في معالجة القضايا المطروحة للدراسة ]. ثالثا تعريف الإحراج؟ هو لغ ً ة، من حرِج يح رج الشي ء: ضاق؛ وأحرجه: صيّره إلى ضيق وح صر وانغلاق؛ وعك سه، الانشراح والاتساع لقبول أمر أو قضية. وضاق بالأمر ذرعا أي شق عليه. والحرج هو الأمر الذي لا منفذ له؛ والضيق هو ما يكون له مدخل دون مخرج. وقيل الحرج أضيق الضيق، أي أضيق من أمرٍ، فيه مطلق الصعوبة. ولا يصدق الضيق إلا على ما كان في غاية الصعوبة والشدة. والحرج اصطلاحا ، هو" كل ما يؤدي إلى مشقة زائدة في الدين أو النفس أو المال حالا أو مالا "؛ وهو أيضا، الشك لأن . الشا ك في ضيق من أمره حتى يلوح له اليقين 1 وفي النهاية، إن الإحراج من الحرج، وهو الضيق الذي لا مدخل له ولا مخرج. والمح رج هو من يعاني مشقة زائدة على اللزوم، فيما يملك من نفس، وعقيدة، ومال أو يعيش حالة من الشك والارتياب، 1 انظر، الكشاف للزمخشري، ج. 1 ص، 254 ، النساء، 65 . ولفظ الحرجة، معناه الوادي الكثير الشجر، المشتبك الذي لا طريق فيه. وفي القرآن ما يدل على هذه المعاني؛ يقول تعالي: "ومن يرِ د أن يضِلَّه َيجعلْ ص د ره ضيقا حرِجًا كأنما يصعد في ال سماء " (الأنعام، 125 ). إن العلم يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا، والجهل يورثه الضيق، والحصر، والحبس، والالتباس، والانغلاق. فكلما اتسع علم العبد، انشرح صدره واتَّسع، وليس هذا لكل علم، بل للعلم الموروث عن الرسول (ص)، وهو العلم النافع؛ فأهله أشرح الناس صدرا، وأوسعهم قلبا. فيما يبدو له يقينيا؛ وهذه هي الحالة التي تهمنا في موضوعنا أكثر من غيرها. رابعا : علاقة السؤال بالدهشة وبالإحراج تقوم علاقة السؤال بالدهشة و الإحراج على أساس شروط، قصد تحقيق وظيفته : 1 ما هي شروط السؤال الفلسفي؟ يمكن إجمالها في سبع نقاط، بحيث يجب أن: أ يتضمن قضية فكرية عالمية، وتأملية إنسانية؛ ؛ ب يتضمن مفارقات، وتناقضات 1 ج يتعرض لموضوع يهز في طرحه، الإنسا ن في أعماقه النفسية والمنطقية والاجتماعية؛ وتدعوه إلى الانتقال من الحيرة التامة، إلى الرضا العقلي والنفسي؛ كأن نقدم أمورا، تتعارض مع أفكاره وتصوراته واعتقاداته. ومعنى هذا، أنها تشد فضوله، وُتقلقه، وتحيره، فيندفع من ثمة، إلى البحث والتأمل؛ هذا، وعندما كان يقول "أفلاطون": "إن خاصية الفلاسفة هي الاندهاش من كل الأشياء، وكان يضع الحيرة في موقع المحرك للفلسفة". ولقد وضع "هيجل" من جهته، محركا ثانيا، هو تعارض الآراء: أطروحة ونقيض أطروحة وتركيب أو تجاوز. فكّلما أن القضيتين المتناقضتين قد تكون كلتاهما ،IV 1 وسنرى تحت العنوان الرابع صحيحة، وهذا من أخطر وأعمق الأسئلة الفلسفية، وهو الذي أشرنا إليه بالإشكالية. كان هناك جديد أو تناقض، كانت هناك فلسفة؛ فالجديد يردنا إلى "أفلاطون"، والتناقض يردنا إلى "هيجل". د أن يكون الإحراج حقيقيا، لأنه لا اعتبار للإحراج التو همي. ولهذا، فالخطوة الأولى للشروع في ممارسة التفلسف، هي الشعور بالجهل، وهو شعور لا توجد بدونه، أية رغبة في التعلم ولا في طلب الحقيقة: لقد كان سقراط يبدأ بإزالة العقبة الرئيسية للمعرفة، بإقناع متعلمه بجهله: فيخترق معه المألوف 1، وينازعه فيه، في المجال الاجتماعي والديني والمنطقي والعلمي و الإبستيمولوجي . ه يدعو إلى بناء أطروحة مؤسسة، وبناء فكري شمولي . تتسق فيه المتناقضات 2 1 إن طرح الإشكالية يقتضي الانطلاق مما هو مألوف أو مسلم به لدى المتعلمين؛ فقد يكون هذا المألوف عادة اجتماعية أو عقائدية أو تصورا من التصورات بحيث تشكل عملية ضبط هذا التصور أو هذا المألوف مدخلا يمهد لطرح الإشكالية. ومن هنا،فإن ضبط التصور الذي يسبق الإشكالية في الطرائق التقليدية المعروفة في تدريس الفلسفة ما هو سوى مرحلةٍ تهيئ لعرض التساؤل الإشكالي. 2 وهذا ما يسمى بالمنطق الديناميكي أو الجدلي للوحدة و التركيب (وهناك من يميز بين المنطق الجدلي الهيجلي من جهة، ومنطق الوحدة وهو المقصود هنا، من جهة أخرى). وفيه، يسعى العقل إلى جمع كل المتنافرات التي تأتي من الواقع، في قاعدة واحدة ودستور واحد. والغرض منه إدماج هذه المتنافرات في مستوى منطقي أعلى حيث تلتقي فيما بينها دون أن تختلط. و يسمح بعرض مواقف وقضايا من دون تحديد نهايات لها، لإتاحة الفرصة للمتعلمين للبحث عن نهايات مقبولة حول المشكلة، من مصادر متعددة. ز يصاغ بدقة وبلغة سليمة وواضحة. 2 تحقيق وظيفته هكذا، تتحقق الغايات التي من أجلها نصوغ السؤال، وهي إدراك ما تنطوي عليه مسألٌ ة فكرية محيرة من التباسات وصعوبات، وتشخيص مصدر إعجازها، والسعي إلى إمكانية حّلها أو القطع فيها، بآليات معروفة تحتاج إلى التفكير والتأمل والبحث. وليس الغرض من ذلك، الوصولَ إلى مجرد الحل فقط، وإّنما وبوجه أخص، الوصول إلى التغلب على الجهل والحيرة، والانتقال من ثمة، إلى حسن تسيير الموقف، وتهذيب ما كان يبدو غير قابل للتهذيب. 4 إن الإشكالية والمشكلة تشخَّص كلتاهما، على أساس ما تخّلفه هاته أو تلك من آثار الاضطراب في الإنسان. فإذا كان هذا الاضطراب إحراجا، كانت القضية المطروحة إشكالية، وإذا كان هذا الاضطراب دهشة، كانت القضية مشكلة. وكأن الفرق بينهما هو فرق بين الإحراج و الدهشة. وما طبيعة هذه الإثارة؟ IV أولا: الإثارة متوقفة على بنية السؤال واستعداد المتعلم لماذا تترتب عن السؤال الفلسفي الإثارُة ؟ إن الرد على ذلك، يستوجب التساؤل عن طبيعة العلاقة بين السؤال والإثارة. وهنا، يجب التذكير بأنه لا معنى للسؤال الفلسفي في غياب من يتوجه إليه وهو الإنسان، وفي غياب المشكلة؛ ولا تكون المشكلة قابلة لإثارة الحيرة والإحراج، دون علاقة معينة تربط الحدود والمفاهيم فيما بينها. ومعرفة طبيعة هاته العلاقة هي التي تكشف لنا سرّ القضية المطروحة. إن إدراك طبيعة العلاقة بين متفارقين أو متنافرين أمر ضروري، لأنه لا يُعقل أن نبدأ التفلسف، دون الاهتمام بآليات التفكير المنطقي، وخاصة آليات التمييز بين مختلف صور المفارقات فيما بين طرفين أو أكثر، وهي مفارقات تعتبر أصلا، في إثارة الحيرة والقلق. ثانيا : صور التقابل و طبيعة العلاقة بين متقابلين نكتفي تحت هذا العنوان، بعرض الصور الأربع الآتية : 1 إدراك التناقض التناقض هو ثبوت أمر ونفيه، كثبوت الحركة ونفيها، وهي حالة لا يوجد بينهما أو بين مساويهما واسطة؛ فهما لا يصدقان معا، ولا يكذبان معا، لأنهما يستنفدان كل أفراد عاَلم المقال، كالحركة واللاحركة والأبيض واللاأبيض. وبتعبير آخر، المتناقضان هما معطيان متعارضان بحيث لا يكونان صحيحين معا؛ أي إذا كان أحدُهما صحيحا، كان الآخر بالضرورة كاذبا، والعكس بالعكس. ولكن، ماذا لو تقدم المتناقضان بحيث يصدقان معا؟ وهل في صدقهما يتساويان ويتطابقان؟ وهذا مايجعلنا نطرح السؤال التالي: هل كل المتناقضات هي مشكلات فلسفية؟ ك ّ لا ! لا يكفي أن نواجه متناقضات حتى نقول، إننا أمام مشكلة فلسفية؛ لأنه يجب فضلا عن ذلك، أن يكون حدا التناقض صحيحين معا، وهذا لسد احتمال إيجاد كل المبررات لاختيار هذا أو ذاك. وفي كلمة، لطرح المشكلة الحقيقية، وجب أن تظهر القضيتان المتناقضتان صحيحتين على الأقل. وهذا يعني، أنه إذا كانت كل المشكلات الفلسفية متناقضات، فإنه ليس كل المتناقضات مشكلات فلسفية:فإن المشكلات حيث يكون أحد الحدين كاذبا،هي مجرد متناقضات،يسهل فيها الفصل(لأنه إذا كان أحدهما صادقا، فالآخر يكون بالضرورة كاذبا) ولكنها ليست بالنسبة إلينا مشكلات،إلا في حالةٍ يكون البحث فيها عن الحقيقة، معاقاأو مسدودا. مثلا: إذا سقط الثلج، انخفضت درجة الحرارة، لكن الثلج سقط، فإذن، انخفضت الحرارة. إمّا أن يسقط الثلج، فتنخفض درجة الحرارة أو تزرق السماء، فتحلو النزهة؛ * احتمال أول : لكن الثلج يسقط، فتنخفض درجة الحرارة ؛ * احتمال ثان : لكن تزرق السماء فتحلو النزهة . 2 إدراك التضاد التضاد لغة هو التخالف؛ ومِن صدف المفارقات أن الضد نفسه ينطوي على معنيين متضادين وهو المخالف والنظير؛ والتضاد اصطلاحا، هو كل منافٍ وجوديا كان أو عدميا. والضدان هما المعنيان الوجوديان اللذان بينهما، غاية الخلاف،أي غاية التنافي، ولا تتوقف عقلية أحدهما، على عقلية الآخر، كالبياض والسواد. والمقصود بغاية الخلاف، أن بينهما وسطا طويلا جدا، كال صفرة و الحمرة و الزرقة، على خلاف ما نجده بين المتناقضين. وهما لا يجتمعان، وقد يرتفعان؛ أي لا يصدقان معا وقد يكذبان معا، كالحركة والسكون. فالحركة ليست نقيضا للسكون، وإنما نقيضها هو (لاسكون). فكلاهما مساوٍ لنقيض الآخر:لأن نقيض السكون لا سكون، وهو مساو للحركة؛ و نقيض الحركة هو . (لاحركة)، وهو مساوٍ للسكون 1 ( سيأتي تفصيل هذا في مشكلة انطباق الفكر مع نفسه). 3 إدراك التعاكس العكس لغة، هو رد آخِرِ الشيء على أ وله [أو قلب الشيء في اتجاه مخالف]؛ والمعاكسة هي المخالفة؛ والتعاكس انقلاب الشيء كما في المرآة بحيث يجعل أعلاه أسفله أو يجعل باطُنه ظاه ره ...؛ وهو أحد وجوه المخالفة حيث تعنِي اللاموافقة واللااتفاق. .108 - 1 محمد بن يوسف السنوسي، شرح أم البراهين ، ص 107 والعكس في المنطق الصوري الأرسطي، هو عكس القضية في مجال التقابل، وهو الحصول على قضية أخرى، بتبديل كلٍّ من طرفي القضية الأصلية بالآخر، أي جعل الموضوع محمولا، والمحمولِ موضوعا، مع إبقاء الصدق والكيف،أي الإيجاب والسلب، كقولنا مثلا، الإنسان فان، وعكسه بعض الفاني إنسان 1؛ ويبقى مفتوحا على شتى أنواع التخالف والتنافي. 4 إدراك التنافر التنافر هو الصورة الشاملة لكل هذه الحدود المتقابلة، وكأن التنافر هو القاسِم المشترك بين المتناقضين، وكذا بين المتضادين، وكذا بين المتعاكسين. فالتناقض تنافر، والتضاد تنافر، والتعاكس تنافر. ثالثا: لماذا يقلقنا السؤال؟ 1 يجب شرح ما يقلق ماهوالشيء المقلق؟ هوالارتباك في الاختيار بين إجابتين (أطروحتين) تظهران صحيحتين على الرغم، من تنافرهما، نعتقد أوليا، أن الجواب الصحيح عنهما، هو بالضرورة واحد من اثنين. يقع مشكل فلسفي، عندما يكون اتخاذ موقف منه، ليس من قبيل البداهة ولا من قبيل التماسك العقلي، نظرا إلى وجود عقبة 1 انظر "العكس" لدى أرسطو، في المشكلة الجزئية : " انطباق الفكر مع نفسه " في هذا الكتاب. حاجبة لمعقولية الشيء، موضوع الاهتمام؛ وإنما يقع المشكل دائما، في خط البحث عن التماسك، سواء كان ذلك، في المجال العلمي أو في مجالي الفلسفة والدين. والمشكل يستوجب تحدي د وتبيين الصعوبة التي يلزم تجاوزها، لأنه هو هنا، غياب البداهة في إثبات العقل من جهة، وإمكانية التعبير عن رأيٍ مقابل، من جهة أخرى. والسبب في ذلك، التحليلات اللغوية، وتحديد عناصر الفكر، وتحديد العلاقة التي تعبر عنها هذه العناصر 1. ولكن، يجب توضيح كيف يتقدم المشكل، لنرى كيف نتمكن من تجاوزه. 2 كيف يتقدم المشكل؟ العلاقات بين الحدود التي يتضمنها السؤال وأقلها عددا اثنان متعددة ومتنوعة، لا يمكن الإحاطة بها كلِّها؛ نكتفي على سبيل المثال، بخمسة أنواع، هي :علاقة هوية، وعلاقة تلازم، وعلاقة شرط بمشروط، وعلاقة تنافر أو تلازم، وعلاقة تلازم وتنافر. نقرأ في الجدول التالي، نماذج من أسئلة فلسفية، وما يقابلها من طبيعة علاقتها، و رموزها، والتعليق عليها. 1 يجب الانتباه إلى ما تفيده بعض الأدوات والعبارات اللغوية، من مدلول وما تؤديه من دور منطقي في السياق التي ترد فيه، مثل: لأن، إذن، أو، نستنتج، بقدر، بينما، بالتالي، إنما، الخ. نماذج من أسئلة فلسفية و طبيعة علاقتها الرقم نص السؤال طبيعة العلاقة رمز العلاقة تعليق 1 برهن على أن التفلسف ضروري[.] علاقة هوية (بين التفلسف و حتمية ممارسته) ( أ) س (أ) يسائل= س= ×( (أ (أ) ← 2 هل السؤال والجواب يلازم أحدهما الآخر[؟] علاقة تلازم ( (أ 1) س (أ 2 أو ( (أ 2) س(أ 1 جواز تبادل الموقع ( بين(أ 1) و(أ 2 3 متى يثير السؤال الفلسفي الإحراج[؟] علاقة شرط بمشروط (أ) س (ب) ( أ ) ← ( ب ) 4 هل الضدان يرتفعان أو يجتمعان[؟] علاقة تنافر أو تلازم (أ) ( س(ب 1)/(ب 2 ( (أ) ←(ب 1 ( أو (ب 2 5 فنٍّد القول بأن الضدين لا يجتمعان، ولا يرتفعان[.] علاقة تلازم وتنافر ( (أ) س(ب 1 ( و (ب 2 ( (أ)←(ب 1 ( و(ب 2 إن إدراك طبيعة العلاقة الموجودة بين عناصر السؤال، لا يساعدنا فقط،على فهم المطلوب، بل يمكِّننا أيضا وبوجه خاص ،من معاناة المشكلة التي يوحي بها السؤال؛ وهذه المعاناة تترجمها حالا ٌ ت من الحيرة والإحراج،وتدفع بنا إلى تأمل المشكلة والبحث عن حقيقتها. وفي الجدول أمامنا، نقرأ خمسة أنواع فقط، من العلاقات التي تنظم منطق الأسئلة. أ ففي الموضوع الأول، "برهن على أن التفلسف ضروري[.]" 1، إن المطلوب هو إثبات صدق القول بأن بين التفلسف وضرورة ممارسته، علاق ً ة حتمية تقوم على مبدأ الهوية بحيث إذا ارتفعت "الضرورة"، ارتفعت مبررات وجود التفلسف، ومعناه. وبالرموز، يمكننا التعبير عن هذه العلاقة بهذا الشكل: (أ) تسأل عن مبرر وجودها،في حتمية ضرورة ممارستها من طرف الإنسان؛ وكأن (أ) تسأل نفسها، عن هويتها ومصير وجودها، ويمكن التعبير عن هذا التساؤل، بما يلي: س أو (أ) ←. ×( (أ ب و في الموضوع الثاني، "هل السؤال والجواب يلازم أحدهما الآخر[؟]" 2، نلاحظ أن القضية مؤسسة على مدى صحة علاقة التلازم بين السؤال والجواب. ويوحي الموضوع، بأن التلازم، قد يتجه من السؤال إلى الجواب أي (أ 1) س (أ 2) أو من الجواب إلى السؤال؛ أي 1 يتقدم السؤال في صيغة غير استفهامية، والعلامة (؟) الدالة غير موجودة. 2 يتقدم السؤال في صيغة استفهامية. (أ 2) س(أ 1). فقد يكون السؤال، ويكون الجواب، وقد يكون الجواب، ويكون السؤال؛ وهي حالة، تتضح فيها، علاقة التلازم التي تجمع بين الطرفين. إ ّ لا أن هذه العلاقة تختل في حالة وجود السؤال، يغيب فيها الجواب عنه، فتكون علاقة تقاطع على الرغم، من استمرار علاقة التلازم في اتجاهها، بين الجواب والسؤال. ج وفي الموضوع الثالث،"متى يثير السؤال الفلسفي الإحراج[؟]"، لا تخفى علاقة الشرط بالمشروط؛ فمتى، هو اسم استفهام وشرط يفيد الزمان ويفيد أيضا، ظرف امتداد الشروط وحجمها.و لا يخفى فيه، الحدان المتباينان لفظا، ومعنىً. و يمكن ترجمة هذه العلاقة بما يأتي: السؤال يثير الإحراج، ولكن متى؟ وبشكل آخر، السؤال (أ) [متى] يثير (س) الإحراج (ب)؟ (أ) س (ب) = (أ)←(ب). د أما الموضوع الرابع، "هل الضدان يرتفعان أو يجتمعان[؟]"، فيطرح محتواه، قضي ً ة منطقية وفلسفية، تتناول طبيعة العلاقة بين الضدين، فهل يتنافيان؟ أو يجتمعان (أي يتلازمان)؟ والمشكلة ليست في تنافيهما، لأن هذا هو الأصل، ولكنها في اجتماعهما وتلازمهما. ولقد عبرنا عن هذا النوع من العلاقة، بهذا الشكل: هل الضدان (أ) س يرتفعان(ب 1) أو [باعتبار(أو) هنا، أداة تردد] (/) يجتمعان (ب 2)؟ وكذا، ؟( هل (أ) ←(ب 1) أو(ب 2 ه والموضوع الخامس والأخير، "فنِّد القول بأن الضدين لا يجتمعان، ولا يرتفعان[.]"، يطرح محتواه، قضية منطقية وفلسفية تتناول طبيعة العلاقة بين الضدين، حيث يتجه المطلوب إلى إبطال القول، بأن الضدين لا يجتمعان معا، ولا ينتفيان معا. وحل المشكلة ليست في معاكسة علاقة اللاارتفاع واللااجتماع (أي اللاتلازم)، بقدر ما هي في دحضها، ورفعها بعد مناقشتها. ويمكن التعبير عن هذه العلاقة، ( في الشكل التالي: أبطل القول بأن الضدين (أ) س. لا يجتمعان (ب 1 .( ولا ينتفيان (ب 2)، و كذا، (أ) ←(ب 1) و(ب 2 وفي هذه القائمة، نلاحظ صنفين من الأسئلة: الأ ول يمثله وهو صنف الأسئلة التي لا توحي بأي (III) سؤال مفتوح كما هو حال رقم جواب لا ب (نعم) ولا ب(لا)، ولا بأية طريقة خاصة، إ ّ لا إذا حوّلت إلى مشكلات مقيدة؛ وصنف الأسئلة المغلوقة، كما هو حال الأسئلة الأربعة الباقية في الجدول؛ وهي تلك التي يحتمل بعضها الجواب ب(لا) أو ب(نعم)،ويحتمل بعضها الآخر تجاوز إقرار الإيجاب أو النفي، وانصرافها إلى إجابة جديدة، قد تكون جمعا بينهما أو تهذيبا لتنافرهما. هكذا إذن، يتوقف معنى السؤال الفلسفي على ثلاثة عوامل أساسية، الشخص المجيب عن السؤال، والمشكلة التي يتضمنها السؤال، وإثارة الدهشة التي تربط الشخص بالمشكلة. وما نطاقها؟ وما نهايتها؟ V أولا: نطاقها إن المقصود بالنطاق، هو مجال الموضوعات الذي تنشغل به الفلسفة، ومستوى البحث فيه. إن السؤال الفلسفي لا تهمه كثيرا، الظواهرالجزئية والحقائق القريبة، لأن هذا من قبيل عاَلم الحسيات؛ وما هو من هذا القبيل، يدخل في دائرة اهتمامات العلماء. وإّنما ما يهم السؤال الفلسفي، هو طرح القضايا الفكرية التي تتجاوز الحسيات نحو العقليات، حيث ينصبّ البحث على حقيقة الحقائق، وأصل الأصول، ومبدأ المبادئ الذي يّفسر كل ما يجري في الطبيعة، وما وراء الطبيعة. . فالمشكل الفلسفي، ليس مشكلا ذا طابع حسي وعملي كما رأينا، ليس فقط، لدى العلماء في مختلف التخصصات، بل لدى جميع الناس في حياتهم المعيشية؛ إنه يتموقع في مستوى الأفكار، ومنطقها، وأنساقها، ومستوى التصورات الكلية، والتطلعات الشمولية.إنه إذن، صعوبة عقلية على درجة عالية من التجريد، تواجه العقل، فتزعج سكينته. وهنا، يجب أن نذكر بأن الدهشة التي ينطلق منها التفلسف، أشد وأبلغ في سؤال، يتقدم كأطروحة عقلية ومجردة، منها في سؤال يتقدم كوضعية عملية مشكلة؛ لأنها تهز الإنسان في كل كيانه، وفي كل أعماق حياته الذهنية والاجتماعية. إن الموضوعات التي تناولها السؤال الفلسفي لدى اليونان مثلا، كانت مغرقة في التجريد، ومثيرة للاندهاش والإحراج؛ ومن ذلك، نسجل التساؤل عن أصل الوجود من أعلى الألوهية إلى أدنى موجود، وعن طبيعة الأشياء، في تركيبها وتغيرها أو ثباتها. ثانيا: نهايتها وإذا كان الناس يقولون لكل سؤال جواب، ولكل مشكلة حل، فهل في الفلسفة وبوجه أخص، في هذا النوع من الأطروحات، يصل البحث إلى نهايته؟ أجل! إنه يصل ولا يصل؛ يصل من حيث إن لكل بداية نهاي ً ة، أي لكل منطلق فكري نهاية يصل إليها؛ ولكن النهاية هنا، ليست نهاية مطلقة، كما هو الشأن في العلم مثلا، ولا نهاية مبدئية، تستجيب لمنطق التفكير وقواعده. فقد تكون النهاية مجرد علامة لتواُفق المقدمات مع النتائج، ومجرد إجابة مقنعة عن مشكلة ما، ضمن إشكالية عامة. وقد تكون في طابعها الإقناعي، إجابة يختلف الناس في الأخذ بها، أو إجابة مفتوحة على قضايا فكرية أخرى، تشكل مباحث متواصلة، ونطاقا يحتاج إلى اهتمامات مستمرة. حل المشكلة إن الانفعال الذي يثيره السؤال الفلسفي، إحراجا كان أو دهشة، لا مرد له، أمام إشكالية واضحة في لغتها، وفي التزام طرحها بقواعد المفارقات. إنه يتحدى عقولنا، ويحرك مشاعرنا، ويحفز فضولنا نحو كشف الحقيقة، ومصارعة الجهل. وهذه المهمة اللانهائية، نضال مستمر، ما دام الإنسان كائنا عاقلا، لا تنقطع فضوليته عن السؤال. وكمخرج من الإشكالية الأولى، إن السؤال الفلسفي صنفان: الأول يثير المفارقات المنطقية فيهز عقولنا ويحيرها ويدفعها إلى البحث عن الحلّ المناسب ليهدأ ولا يتنازع مع نفسه. والثاني يذهب خلف العقل، ليتغلغل في الإنسان، فيغوص في أعماقه وفي شؤونه الحميمية المتعلقة مثلا، بهوية الأنا ومعتقداته وما أَلَِفه من قيم ومفاهيم.الأول مشكلة بالنسبة لأي إنسان،لأنه يتعامل مع المجردات، والثاني إشكالية(أي مشكلة المشكلات) حيث يقع الانصراف من العام المشترك إلى ما هو خاص، فيقحم الإنسان بكل كيانه، لا أحد غيره يستطيع أن يواجهها، وكأّن الإشكالية قضية تهمه هو ذاته لا غيره؛ وهذا الصنف يتعامل مع كل ما هو ملتصق بالشخص كشخص في كل امتداداته وأبعاده المتداخلة.هناك إذن، فرق بين الحيرة العقلية والمعاناة الذهنية الشاملة، بين قضية ينطلق فيها الباحث متفائلا في الخروج منها بحلٍّ مناسب ومتماسك، وقضية تشعره بالإحراج فتصاحبه وتلاحقه وتقذف به إلى تأملات فلسفية حقيقية ومستمرة. وعليه، فإنه عندما يطرح السؤال الفلسفي عموما، لا يكون بالضرورة، في مجال أمهات المشاكل ما دام لم يمس من كيانه إ ّ لا جزءا واحدا لا يتعدى دائرة العقل المجرد. وما يقدمه عموما، بشأن المشكلة من حلول ما هو سوى حلول تناسب منطق نزعته: حتى إذا استطاع تهدئة فضوله وإقناعه، فهو لا يقضي عليه إطلاقا. وأغرب ما في الأمر، هو أن هذه الحلول التي يصل إليها الفلاسفة للمشكلات المطروحة ضمن الإشكالية، لا توفر لهم وهي مجتمعة، سبل الخروج النهائي من الإشكالية. وليس من المبالغة القول بأن الاستشكال الفلسفي الحقيقي ليس في طرح الأسئلة المشكلة ومحاولة حلها أو على الأقل فهم حلولها بقدر ما هي في التساؤل المستمر وتأمل الأسئلة الإشكالية. كيف تعالج نصا فلسفيا : أخي الطالب، إن النص الفلسفي هو نص مقتطع من أثر (كتاب)، وهو يتميز عن باقي النصوص الأدبية والعلمية كونه يستثير فكر القارئ و روح التساؤل والنقد لديه، لأن النص لا يقدم لنا إجابة نهائية عن المشكل المطروح، ولا يدعي أي مفكر أّنه قادر على تقديم الحل النهائي والقطعي لأي مشكل فلسفي بطبيعته وماهيته، وكلّ ما تحمله النصوص الفلسفية هو مواقف من المشكلات وآراء يقترحها أصحابها للإجابة عن التساؤلات التي يطرحها هؤلاء المفكرين والفلاسفة ويؤسسون لتبريرها. كما أنّ تحليل النصوص الفلسفية يحتاج إلى مكتسبات معرفية ومنهجية ومنطقية سابقة، كما يتوقف ذلك أيضا على النص الفلسفي في حد ذاته من حيث المواصفات التي يجب أن ُتراعى في اختياره، فكل نص لا يكون نصّا فلسفيا إ ّ لا إذا كان يطرح مشكلا جديدا يعالج في ضوء قراءة فلسفية لمضمونه بالدرجة الأولى؛ وذلك هدف من أهداف تدريب التلاميذ على القراءة الفلسفية للنصوص وعلى كيفية تحرير مقالة فلسفية انطلاقا منها (نصوص فلسفية). والقراءة الفلسفية المقصود بها استيعاب محتوى ومضمون النص من حيث المشكل المطروح والموقف المعبر عنه بصورة صريحة أو ضمنية، ومن حيث الحجج المقدمة لتدعيم ذلك الموقف وتبريره؛ حتى يحق للطالب أو القارئ مناقشة هذا الموقف وبيان قيمته من الناحية المعرفية والمنهجية. كما نؤكد في هذا الصدد على ضرورة التزام الدارس بما ورد في النص (عبارات النص، الروابط المنطقية، الأمثلة والوقائع ... الخ )، ومحاولة استثمار ذلك بشكل يسمح له باكتساب القدرة على تحديد المشكل الذي يطرحه النص، بصورة دقيقة و واضحة ومن ثمة التدرب على بناء الموقف انطلاقا من شرح وتحليل عبارات النص، وأخيرا من حيث إدراك الحجة التي قدمها صاحب النص للدفاع عن موقفه وتفنيد وإبطال الموقف المعارض؛ وهذا كله لتجنيب الطالب الوقوع في خطا منهجي فادح ؛ يتكرر لدى طلابنا بصورة عامة نتيجة تسرعهم أو عدم تمييزهم بين الجوهري والعرضي في النص الخ.؛ وهو إثارة مشكل جانبي أو مشكل مغاير للمشكل المطروح في النص، وهذا يؤدي بالضرورة إلى الخروج عن الموضوع. ومن جهة أخرى يمكن أن يوظف تحليل النص الفلسفي لأغراض تربوية كثيرة كأن يتعرف الطالب على منهجية فيلسوف في طرح القضايا ومعالجتها في نسق فلسفي معين، أو لتوضيح فكرة، أو كيفية نقد وإبطال موقف الخ. لذلك عليك، أخي الطالب، أن تستعين بما هو في متناولك من معاجم فلسفية ولغوية حتى تحقق مبتغاك وغايتك من دراسة الفلسفة بشكل إيجابي وناجع؛ إضافة إلى استغلال مختلف الوسائل المتاحة لك لتدعيم نشاطك وإثراء معارفك وإنجاز واجباتك، وإننا على يقين بأنك ستستمع بهذه الأنشطة وستزداد ارتباطا بهذه المادة ؛ وهي في متناولك. وسنقدم لك نموذجا أوليا كتطبيق عن المشكلة الأولى؛ فتابعنا. تد رب على ما يلي : قراءة النص قراءة سليمة ومتمعنة؛ شرح المصطلحات والعبارات الغامضة وضبط الروابط المنطقية؛ استعن في ذلك بالمعجم الفلسفي والمنجد اللغوي، وكل ما هو متوفر لديك في هذا المجال ؛ تصنيف عبارات النص. حاول أن " تتمثل" المشكلة التي يطرحها صاحب النص وقم بصياغتها بعبارات دقيقة و واضحة وتحقق من أنها المشكلة الجوهرية وليست الثانوية. ن ّ ظم تحليلك للنص بالشكل التالي : ع رف بصاحب النص؛ إن كانت لديك معرفة سابقة أو اجتهد في البحث عن ذلك؛ مع التركيز على نزعته واتجاهه وعصره؛ أي بما يساعدك على فهم واستيعاب موقفه من المشكلة المعالجة؛ وضع النص في إطاره الفلسفي ببيان دوافع وخلفيات طرح هذه المشكلة والسياق الذي طرحت فيه؛ إعادة صياغة المشكلة في شكل تساؤل؛ ثم بناء وعرض موقف صاحب النص بكل موضوعية وأمانة دون تحيّز أو تحامل مع ضبط الحجة التي اعتمد عليها صاحب النص لتدعيم وتبرير موقفه؛ نقد وتقييم ببيان قيمة النص من الناحية المعرفية والمنهجية. كن حريصا، أخي الطالب، على أن تلتزم بمضمون النص شرحا وتحليلا؛ لأن ذلك يدربك على القراءة السليمة للآثار الفلسفية والاستفادة منها؛ فأحسن الإصغاء إلى الفيلسوف وأنت تطالع ما كتب وشار ْ كه في تفكيره وستستفيد منه. طرائق كتابة المقالة الفلسفية : طريقة تحليل نص فلسفي المحطات 3 الطريقة التحليلية في دراسة النص طرح المشكلة تحديد وتعليق المشكلة التي يحتمل أن يكون النص معالج ً ة لها تحليل محتوى و مضمون النص الفلسفي تقويم النص محاولة حل المشكلة بناء رأي شخصي يساهم في معالجة المشكلة حل المشكلة موقع الرأي المؤسس حول المشكلة تدريب : نص فلسفي المشكلة و الإشكالية '' من القضايا الأساسية التي تشغل في الظرف الراهن الرأي العام العربي، والمثقف منه خاصة، القضية التي تطرح على شكل ثنائية : العروبة / الإسلام و هي قضية ينصرف التفكير فيها إلى الكيفية التي يجب أن ترتب بها العلاقة بين العروبة والإسلام في تحديد هوية سكان المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا .... أيهما يجب أن يكون المحدد الأول والأساسي لهوية سكان هذه المنطقة : العروبة أم الإسلام ؟ وبعد فقد عرضنا، في هذه الحلقة المدخل للأطروحات والأطروحات المضادة السالف ذكرها، لا من أجل مناصرة جانب منها دون جانب، ومن أجل نقد بعضها والاستسلام لبعضها الآخر. إن موقفا من هذا النوع لم يعد اليوم مجديا، وهو غير مجديا أبدا عندما تكون أدلة الطرفين متكافئة، أو عندما تكون أدلة أحد الطرفين تخدم بقضيته دون أن تنقض القضية المعارضة. لنقتصر، إذن، على القول بشأن تلك الأطروحات : إن كل واحدة منها محقة في ما تثبت غير محقة في ما تنفي. ونحن عندما نقول هذا لا نقوله من أجل ترضية الفريقين معا، ولا من أجل إقرار الاتفاق داخل الاختلاف، أو تأكيد الاختلاف داخل الاتفاق ... بل نقول أن الأطروحات المذكورة كلها محقة في ما تثبت غير محقة في ما تنفي، فهي ليست من المسائل التي تخضع لمنطق (إما ...وإما ) منطق الثالث المرفوع. والمسائل التي من هذا النوع هي في الغالب إما إحدى التجليات الحركة و التغير، والمنطق الذي يحكمها هو منطق الصيرورة، المنطق الجدلي، الذي ينتهي فيه التعارض والصراع بين الإثبات والنفي إلى نفي النفي ... وإما مسائل مزيفة، يعود مصدر الزيف فيها إلى أن المتكلمين في شأنها لا يتكلمون لغة واحدة، ولا يفهمون من الألفاظ نفس المعنى، أو أنهم يتكلمون من مواقع مختلفة تحكمها سلطات مرجعية، معرفية وإيديولوجية، متباينة متضاربة. وقد يرجع الأمر إلى أن الطريقة التي تطرح بها المسألة طريقة خاطئة ...، وفي جميع هذه الأحوال ليس إبداء وجهة نظر بل المطلوب إعادة النظر''. محمد عابد الجابري " وجهة نظر: نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر" 1992 استعن في فهم النص بالتساؤلات التالية : 1 هل النص يعالج مشكلا أم إشكالية ؟ 2 كيف تميز بين القضية والمشكل؟ حدد نوع العلاقة بينهما؟ 3 هل كل تعارض هو تناقض ؟ 4 هل في كل تعارض يكون أحد طرفيه صادقا و الطرف الآخر كاذبا ؟ 5 متى يمكن للفيلسوف أن يجمع بين قضيتن متعارضتين ؟ 6 هل الجمع بين المتعارضين يستدعي التنازل عن الحقيقة ؟ أيّها الطالب، ليس غرضنا مع هذا النص الأول التدرب على أسلوب ومنهجية تحليل النصوص الفلسفية، بل الغرض منه هو تقديم سند يدعم بعض ما درست في الإشكالية الأولى. التحليل: التعريف الوظيفي بصاحب النص: محمد عابد الجابري : مفكر مغربي معاصر ولد سنة 1936 بمنطقة الفجيج على الحدود المغربية الجزائرية، وتوفي في 3 ماي 2010 ، عمل أستاذا للفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بالرباط، اهتم بقضايا الفكر والسياسة في العالم العربي والإسلامي. له مؤلفات عديدة في هذا المجال، منها : تكوين العقل العربي، نقد العقل العربي، بنية العقل السياسي العربي، هذه الثلاثية التي أحدث ثورة في الفكر العربي المعاصر، ومن أبرز نقاده المفكر اللبناني "جورج طرابيشي: الذي ردّ عليه في كتاب سماه " نقد نقد العقل العربي" . إلى جانب مؤلفات كثيرة تزخر بها المكتبة العربية . طرح المشكلة: إن أي نص أو تفكير فلسفي أو علمي وجد من أجل رفع ُلبس وإزالة غموض نشأ عن تعارض بين تصورات أو قضايا. وقد يتحدد هذا الالتباس والغموض في صورة مشكلة أو إشكالية بحسب تعقده وما يثير من توتر نفسي ( دهشة أو إحراج ). والنص الذي بين أيدينا يتعرض لإحدى الثنائيات التي شغلت الرأي العام العربي وتتضمن تعارضا، والمطلوب معرفة طبيعة هذا التعارض هل هو يعبر عن مشكلة أم عن إشكالية ؟ محاولة حل المشكلة: موقف صاحب النص: 1. إن هذا النص يعرض لمشكلة فلسفية وثقافية أثارت جدلا واسعا وحادا بين المثقفين العرب في العصر الحديث. وتتمثل هذه المشكلة في التعارض الذي حدث بين الأطروحة والأطروحة المضادة. الأطروحة التي يعتقد أصحابها أن الإسلام هو المحدد الأول لهوية الشعوب التي توجد على الرقعة الجغرافية الممتد من الخليج إلى المحيط إذ لو لا الفتح الإسلامي في زمن الصحابة والتابعين لبقيت تلك الشعوب على تباينها وتشتتها، والأطروحة المضادة التي يعتقد أصحابها أن العروبة هي المحدد الأول لهوية هذه الشعوب،على اعتبار أن هناك شعوبا أخرى غير الأمة العربية تشارك هذه الأمة في الدين (الإسلام)، ولا تشاركها في الهوية كالفرس والترك و شعوب شرق آسيا. يمكن تحديد التعارض في الصورة التالية: - الأطروحة الأولى : المحدد الأول لهوية الأمّة العربية الإسلام و ليست العروبة ؛ - الأطروحة المضادة : المحدد الأول لهوية الأمة العربية العروبة و ليس الإسلام. البرهنة : (الحجة) 1 . وما يثبت أن هذا التعارض يعبر عن مشكلة وليس إشكالية، هو كونه لا يثير إحراجا وإّنما دهشة، سرعان ما تزول إذا تأمّلنا تاريخ الثقافة العربية الإسلامية لنكتشف أن العربية والإسلام كانا ومازالا متضامنين. كما أن المشكلة التي يعرضها النص هي جزء من إشكالية الهوية التي تتضمن مشكلات الأنا والآخر، الاشتراك والاختلاف في العادات ... 2. قد تستخدم كلمة القضية للدلالة على المشكلة مثل قولنا القضية الفلسطينية أي المشكلة، وقد جاءت في هذا النص بمعنى المشكلة. أمّا في الاصطلاح المنطقي فإن القضية هي الجملة الخبرية وهي الصيغة اللفظية للحكم. والذي يميّز بينها وبين المشكلة هو أن القضية تحتمل الصدق والكذب أما المشكلة فهي تشير إلى تعارض يستدعي حلا. 3. إذا كانت المشكلة تتضمن تعارضا، فإن من التعارض ما هو تناقض 1 ومنها ما هو تضاد ومنها ما هو دخول تحت التضاد، والتناقض هو الذي عبر عنه الجابري ب:" منطق إما ... وإما "؛ أي الحالة التي لا يجتمع فيها المتعارضان و لا ينتفيان. 4. فإذا كان التعارض يتضمن تناقضا، لا بد أن يكون أحد المتعارضين صادقا والآخر كاذبا، أما تضمن تضادا فصدقهما معا ممتنع أما كذبهما معا ممكن، وإذا كان التعارض دخول تحت الضاد فكذب 1 راجع صور التقابل بين الحدود و القضايا في مشكلة تطابق الفكر مع نفسه . القضيتين المتعارضتين ممتنع و صدقهما معا ممكن. و سيتضح لك هذا بصورة أوضح عندما تتعرض إلى جدول التقابل عند أرسطو. 5. يمكن للفيلسوف أن يركب بين الأطروحتين المتعارضتين إذا لم يكن بينهما تناقض؛ أي لا تكونان من منطق " إما...و إما". مناقشة: إن "الجابري" في هذا النص يحاول مساعدة القارى على التدرج في إدراك الحل الذي سوف يقدمه للمشكلة التي يقترحها، و لذلك فهو يمثل مقدمة منهجية بالنسبة لحل المشكلة التي يعرضها، وأهم فائدة نجنيها، أخي الطالب من هذا النص ،هو أن قدرتنا على حل أي مشكلة تتوقف على إدراك طبيعة التعارض الذي تتضمنه المشكلة، فهناك من المشكلات ما يمكن فيه الجمع بين المتعارضين، ويسمى هذا تركيبا ويكون هذا في حالة علاقة الدخول تحت التضاد وهناك مشكلات يكون حلها بالدفاع عن أحد المتعارضين وإبطال الآخر إذا تبين لنا صواب الأول وفساد الثاني، وهذا يكون في حالة تناقض المتعارضين وهذا يسمى تغليبا. وهناك حالة ثالثة: مشكلات يكون حّلها بإبطال المتعارضين، واقتراح أطروحة جديدة، وهذا يكون في التضاد إِذ يمكن أن تكذب الأطروحتان معا وبالتالي نقترح جوابا جديدا. غير أن النص الذي معنا لم يتعرض لهذه الحالة الأخيرة من صور حل المشكلة. حل المشكلة : 6 . ومن التحليل السابق يتضح أن النص تعرض إلى تحليل مشكلة وليس إشكالية، وذلك من خلال التأليف بين الأطروحتين، على اعتبار أنه بعض حالات جمع المتناقضين ليس تنازلا عن الحقيقة. خاصة إذا كان الواقع هو الذي يتضمن التقاء المتعارضات فيصبح الجمع بينها في الفلسفة والعلم تعبيرا عن الحقيقة، و ليس تنازلا عنها، و هذا ما أكده منطق الحركة أو الصيرورة أي المنطق الجدلي. لكن هناك بعض الحالات يكون فيها الجمع بين المتعارضين تعسفا و بالتالي تنازلا عن الحقيقة، وح ّ لا وهميا للمشكلة. ملاحظة: الأرقام الواردة في تحليل النص تشير إلى مواطن الإجابة عن الأسئلة المرفقة بالنص. الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 12:12:01 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد 04 ) المشكلة الثانية : { انطباق الفكر مع الواقع } ) كيف ينطبق الفكر مع الواقع ؟ وكيف يصل إلى هذا الانطباق، إذا عرفنا أنه قبل الخوض في دراسة الطبيعة، يأخذ بأحكام مسبقة غير مؤكدة علميًا ؟ كيف يستطيع بهذا الأسلوب المنطقي، أن يضمن لنا الوصول إلى الحقيقة ؟ وهل الانطباق في هذه الحالة، يمنع الفكر من أن ينطبق مع نفسه أيضا ؟ *** تصميم الدرس طرح المشكلة : إلى أيّ مدى يمكن تجاوز مأزق التمييز بين ما هو عقلي وما هو I تجريبي؟ كيف ينطبق الفكر مع الواقع؟ II أولا : التعرف على طبيعة الاستقراء ثانيا : التعرف على الاستقراء من الناحية الإجرائية وكيف يصل إلى هذا الانطباق، إذا كان يأخذ بأحكام مسبقة غير III مؤكدة علميًا؟ ؟ أولا : يُفترض أن يحصل الانطباق بدون سوابق أحكام ثانيا: ومع ذلك، يجب أن يسلِّم الفكر بمبادئ تسبق التجربة أثر هذه المبادىء في البحث العلمي IV أولا : الوصول إلى الحقيقة بضمانةٍ من عقلنة الظواهر ثانيا : الوصول إلى الحقيقة بضمانةٍ من انتظام الظواهر وهل الانطباق مع الواقع في هذه الحالة، يمنع الفكر من الانطباق V مع نفسه أيضًا؟ أولا : النسق الرياضي يترجم انطباق الفكر مع نفسه ومع الواقع ؛ ثانيا : النسق المنطقي يضمن انطباق الفكر مع نفسه ومع الواقع ؛ خاتمة : حل المشكلة . طرائق كتابة المقالة الفلسفية تطبيقات: طرح المشكلة إن العقل البشري، بما جُبِل ( فطر) عليه من تماسُكٍ في مبادئه ونظامٍ دقيقٍ في أحكامه، في مجال تطابق الفكر مع نفسه كما رأينا ذلك سابقا ؛ ليس منطويا على ذاته فقط و منغلقا عليها ، بل هو مّتجه باستمرار إلى معرفة الواقع وما ينطوي عليه من كائناتٍ وظواه ر وأشياء. وتحقيق هذه المعرفة يقتضي منه عدم الانسياق وراء الأحكام المسبقة والعادات الفكرية و الاستدلالات العشوائية؛ وذلك يعني أن انطباق الفكر مع الواقع ، لا يقوم إ ّ لا على أساسٍ تجريبي استقرائي ( وسنتعرف على ذلك لاحقا ) وضعي و موضوعي. ولأجل حلِّ هذه المسألة، يتو جب علينا عرض مشكلة عدم التمييز بين ما عقلي وما هو تجريبي وبيان: كيف ينطبق الفكر مع الواقع؟ وكيف يصل الفكر إلى هذا الانطباق، إذا عرفنا أنه قبل الخوض في دراسة الطبيعة و ظواهرها ، يأخذ بأحكامٍ مسبقة وغير مؤكدة علميًا ؟ كيف يستطيع بهذا الأسلوب المنطقي،أن يضمن لنا الوصول إلى الحقيقة ؟ وهل الانطباق في هذه الحالة، يمنع الفكر من أن ينطبق مع نفسه أيضا ؟ أ َ لا يوجد تكامل بين حركة الفكر مع ذاته وحركته نحو الواقع ؟ إلى أيّ مدى يمكن تجاوز مأزق التمييز بين ما هو عقلي وما هو I تجريبي؟ 1. عرض وضعية مشكلة اقرأ هذا النص ل "كلود برنار" و تم عن في مضمونه : لقد أُوتي ذات يوم في مخبري بأرانب من السوق ، » فوضعتها على منضدة حيث بالت ، لاحظت صدف ً ة أن بولها كان صافيا و حامضا . َفَلَف َ ت نظري هذا الأمر ، للأرانب في العادة بولها عكر قلوي بصفتها معتشبة، بينما اللاحمة كما هو معلوم، لها على العكس أبوال صافية وحامضة. وقد أوحت إليّ هذه الملاحظة لحموضة البول لدى الأرانب، أن هذه الحيوانات يجب أن تكون في الحالة الغذائية المعروفة لدى اللاحمة، ففرضت أنها ربّما لم تأكل منذ مدة طويلة، وأن الصيام قد حوّلها إلى حيوانات لاحمة حقيقية تتغذى من دمها ذاته، وكان من السهل التحقق بواسطة التجربة من هذه الفكرة المسبقة أي هذا الفرض. فأعطيت الأرانب عشبا تأكله، وبعد بضع ساعات صارت أبوالها عكرة وقلوية، ثم أخضعت الأرانب ذاتها للصيام و بعد 24 ساعة على الأكثر عادت أبوالها صافية و شديدة الحموضة ، ثم أنها كانت تصير من . « جديد قلوية عند إعطائها العشب إلى آخره فأر التجارب 2. ملخصها نستخلص من تحليلنا للنص السابق : أن الذي أثار التساؤل هو ذلك التعارض و التناقض بين ما نعرفه ( معارف علمية سابقة ) و بين ما نراه أمام أعيننا من وقائع ، ثم أن الفضول كان وراء استمرار البحث في هذه المشكلة ، كما أن العقل لم يقدم تفسيرات نهائية لهذه الظاهرة، ولم يثق فيما اقترحه من تفسير، بل أخضعه إلى منطق الواقع ، هو الحكم الفصل في مثل هذا النوع Expérimentation و التجريب من الموضوعات و الوقائع ، كما أن العقل استند إلى أسس منطقية لتعليل الظاهرة ، باعتبار أن الظاهرة لم تحدث من تلقاء نفسها، بل هناك شروط تتحكم في حدوثها بهذا الشكل و ليس بشكل آخر ، وأنه كّلما حدثت نفس الأسباب أدت إلى نفس النتائج، وهذا ما سمح له بتكرار هذه التجارب ، كما يمكن أن نقول : كل الحيوانات العاشبة تصير لاحمة إذا ما تع رضت للصيام؛ و يمكن أن يصير بول الحصان صافيا و حامضيا إذا ت عرض للصيام ، لعّلة مشتركة بينه و بين الأرانب أي أنهم من نفس المجموعة ( الحيوانات العاشبة )، ما الذي يضمن أن تكرار الظاهرة في نفس الشروط يؤدي إلى تعميمها في جميع الحالات؟ ، هل سهولة التحقق التي تحدث عنها " كلود برنار" ممكنة في جميع مجالات المعرفة الإنسانية ؛ أي في مختلف مجالات العلم ؟،هل قيام جسم الكائن الحي بهذا التغير يّتم بصورة عفوية و آلية؟أم لغرض حيوي و هو الحفاظ على حياة الكائن الحي وعلى تكيفه؟ هل هناك نظام ثابت يضمن بأن الحوادث التي حدثت في الماضي بهذا الشكل ستحدث دائما بنفس الصورة ؟ . هذه التساؤلات و غيرها ، سنجيب عنها في معالجتنا لموضوع تطابق الفكر مع الواقع . أمّا الاستدلالات التي يمكن أن نستخلصها من النص السابق تكون على الصورة التالية : و هي على حسب أنواع الاستدلال : فالأول : يمكن صياغته على النحو الآتي : كل الحيوانات العاشبة إذا تعرضت للصيام لمدة طويلة صار بولها كبول الحيوانات اللاحمة ، الحصان من الحيوانات العاشبة إذن الحصان إذا تعرض جسمه للصوم صار بوله كبول الحيوانات اللاحمة. و هذا استنتاج انتقلنا فيه من العام إلى الخاص. والثاني : يمكن صياغته على النحو الآتي : الأرنب إذا تعرض جسمه للصوم صار بوله كبول الحيوانات اللاحمة ، فالحصان، إذن، إذا تعرض جسمه للصوم صار بوله كبول الحيوانات اللاحمة ، وهذا تمثيل انتقلنا فيه من الخاص إلى الخاص لعّلة مشتركة بينهما { تصنيف المملكة الحيوانية}. والثالث : يمكن صياغته على النحو الآتي: الأرنب والحصان والبقرة (حيوانات عاشبة)، إذا تع رض جسمها للصوم صار بولها كبول الحيوانات اللاحمة، فإذن كل الحيوانات العاشبة إذا تعرضت للصوم صار بولها كبول الحيوانات اللاحمة. وهذا استقراء انتقلنا فيه من الخاص إلى العام . وهذه هي مجمل الاستدلالات التي تنظِّم حركة الفكر في انتقاله من المقدمات إلى النتائج. نستنتج ا ن الاستدلال ثلاثة أنواع، وهي : الاستنتاج والاستقراء والتمثيل. 3. الاستقراء أوثق سبيل إلى المعرفة : وعندما نعزل الاستدلال الثالث (الاستقراء) من أجل بيان قيمته ، من الناحية المعرفية ، يتبين لنا أن الاستقراء عملية منطقية مزدوجة : يتم تبريرُها كمعرفة، انطلاقًا من وقائع ، ثم الإحاطة بهذه الوقائع من خلال مبادئ عقلية . فالنتيجة التي آل إليها الاستدلال الاستقرائي: " كل (الحيوانات ... ..الخ")، تحمل في طياتها عْن ص ري "التعميم وإمكانية التنبؤ"؛ وهما عنصران لا يّتسقان إلاَّ بإيمان م سبق من العقل، بحتمية حدوث تلك الوقائع بمجرد توفر أسبابها وشروطها، وذلك بمعزل عن اللانظام و العشوائية . إن هذا النوع من الاستدلال هو الذي يقوم عليه العلم من خلال المنهج التجريبي الذي يوظِّفه؛ وسبب ذلك كونه استدلا ً لا يتميز بالخصوبة والإنتاج . وعليه، فإنه لمن الضروري الاطِّلا ع على المنطق الاستقرائي 1، ومحاولة الإجابة عن كل التساؤلات التي تتعلق بمشكلة انطباق الفكر مع الواقع . كيف ينطبق الفكر مع الواقع ؟ II 1 ويسمى أيضا بالمنطق المادي، كما يجدر بنا أن نشير إلى أن المنهج التجريبي كثيرا ما يطلق عليه اسم المنهج الاستقرائي. يتجلَّى ذلك في التع رف على طبيعة الاستقراء من الناحية النسقية: مفهومه، وأنواعه، ومن الناحية الإجرائية : خطواته، وقواعده، في سياق البحث العلمي( أو المنهج التجريبي )، و هذا ما سيساعدك ، أخي الطالب، على التع رف على طبيعة المنهج التجريبي في مختلف العلوم . أولا : التعرف على طبيعة الاستقراء وتتمثَّل هذه الطبيعة النسقية في مفهوميه التقليدي والحديث ، وفي ذكر أنواعه : 1 مفهوم الاستقراء أو المنهج التجريبي أ في الفكر القديم : وهو عند أرسطو؛ وهو أ ول 1 ؛ نوع من أنواع الاستدلال (Induction) من استخدم كلمة استقراء وع رفه بأنه (Analogie و التمثيل Déduction ( إلى جانب الاستنتاج "إقامة قضية عامة بالالتجاء إلى الأمثلة و العناصر الجزئية التي يكمن فيها صدق تلك القضية العامة أو الحكم العام "؛ أو هو: البرهنة على أن قضي ً ة ما صادقة صدقًا كليًا بإثبات أنها صادقة في كل حالةٍ جزئية إثباتًا تجريبيًا" 2. ويقول عنه ابن تيمية :"هو الاستدلال بالجزئي على الكلِّي، ويكون يقينيًا إذا كان استقراء تا مًا، لأنه حينئذ نكون قد حكمنا على القدر 1 و الاستقراء هو تتبع الشيء لمعرفة أحواله . 2 أرسطو، منطق أرسطو، تحقيق عبد الرحمن بدوي، ج. 3، مكتبة النهضة . المصرية، 1952 ، ص، 713 المشترك بما وجدناه في جميع الأفراد وإ ّ لا فهو ناقص" 1. وبهذا المعنى، فهو عند الأقدمين أدنى من حيث الأهمية مقارنة بالقياس المنطقي. أ ما المنهج هو بصفة عامة الطريق الواضح الذي ي ْ فضي إلى غاية مقصودة، فهو طريق محدد لتنظيم النشاط من أجل تحقيق هدف، وعندما نتحدث عن المنهج التجريبي نقصد بذلك جملة الخطوات التي يتبعها العالم في دراسته للظواهر الطبيعية دراس ً ة وضعي ً ة و موضوعية قصد تفسيرها. وسيأتي ،أخي الطالب ، تفصيل ذلك لاحقا . ب في الفكر الحديث : ارتبط مفهومه بالنقد اللاذع الذي (1626 -1561) " François Bacon و جهه "فرانسيس بيكون إلى المنطق الصوري، وخاصة نظرية القياس المنطقي، كما م ر بنا، باعتبارها تحصيل حاصل لا يحمل أي جديد؛ كما ارتبط الاستقراء من جهة أخرى ، أخي الطالب ، بعاَلم الظواهر الطبيعية ( العالم المادي ) أو عاَلم الواقع أيضا، كما أّننا نطبقه في حياتنا اليومية ، فمن السهل، عليك أيها المتعلم، أن تحكم على شخص بالصدق و الأمانة بمجرد التعامل معه و إظهاره لهذه الخصال في موقف ما، و اعلم أن الإنسان قد يجد سهولة في تعميم أحكامه بصورة عامة . وقد عُ رف الاستقراء بأنه" استنتاج قضية كلية من أكثر من قضيتين، وبعبارة أخرى ، هو استخلاص القواعد . 1 ابن تيمية، الرد على المنطقيين، مكتبة بومباي، 1949 ، ص 6 1873 ) يرى أن - العامة من الأحكام الجزئية" 1. وكان ج. س. مل ( 1806 القياس المنطقي لا قيمة له ، لأن الاستدلال فيه يعتمد أص ً لا على أمثلة جزئية ، وليس على مقدمة كبرى كلية ليست في الحقيقة ، إلاَّ نتيجة استقراءٍ ناقص، وكلما َ كُثرت المقدمات التي يتك ون منها الاستقراء ، كلما زاد احتمال صدق النتيجة المنبثقة عنها. فالاستقراء يتميّز بكونه ي عمّّم Induction ويوسِّع الأحكام ( لذلك سمِّي بالاستقراء الموسّع فهو الحكم على الكل لثبوت ذلك الحكم في الجزئيات. ،( Amplifiante فإذا لاحظت أن الحديد معدن يتمدد بالحرارة و لاحظت ذلك في النحاس .... فمن السهل أن تصل إلى الحكم العام : كل المعادن تتمدد بالحرارة . 2 أنواع الاستقراء الاستقراء نوعان: تام وناقصٌ ؛ والناقص ينقسم هو كذلك إلى قسمين: معلَّل وغير معلَّلٍ. وهو : (L'Induction complète) : أ الاستقراء التَّام استقراء يقيني لأنه يقوم على استقراءٍ لكل جزئيات موضوع البحث، سوا ء كانت هذه أجناسًا أو أنواعًا أو أفرادًا، وبعبارة أخرى، هو انتقال الفكر من حكم جزئي على كل فردٍ من أفراد مجموعة معينة إلى حكم كلِّي يتناول كل أفراد هذه المجموعة . ولا يكون الاستقراء التَّام ممكنا ، إ ّ لا متى استند إلى مقدماتٍ جزئية محدودةِ العدد و أمكن إحصاء جميع عناصر هذه المجموعة ، مثال ذلك : 1 د.مهدي فضل الله، مدخل إلى علم المنطق، ط. 3، دار الطليعة ، بيروت . 1985 ، ص 244 1 الأب و الأم و الأولاد المجموع يساوي الأسرة ، 2 الإنسان والحيوان والنبات هي مجموعة الكائنات الحية. ويستمد هذا الاستقراء يقينه من كونه يجمع و يحصي بشكل كلي عناصر القضية الكلية أو الحكم الكلي. : (L'Induction incomplète) : ب الاستقراء الناقص وهو استقراءٌ غير يقيني بصورة مطلقة؛ لأنه يقوم على تف حص بعض الجزئيات فقط؛ ومعنى ذلك، أن الفكر ينتقل من الحكم على بعض الجزئيات إلى حكمٍ كل ي يتناول كل النوع أو الجنس الذي يشمل هذه الجزئيات؛ وبعبارة أخرى، هو حركة الانتقال من معرفة جزئيةإلى معرفة كلية. وهذا لا يعني أنه استقراء لا يحتمل اليقين، بل الواقع يشير فقط ، إلى تعذُّر ملاحظة كل الجزئيات للوصول إلى قانون عام . وعليه ، يمكن تقسيم الاستقراء الناقص إلى قسمين * استقراء ناقص معّلل: وهو استقراءٌ يقيني لأن الحكم فيه يستند إلى علَّة مشتركة قائمة في كل جزئياته، واستقراءٌ كمي وكيفي يقوم على الملاحظة والتعليل معًا ( الاستقراء التجريبي) ؛ مثال ذلك : إذا لاحظنا أنه كّلما زاد الضغط على بعض الغازات ، قلَّ حجمُها؛ وأنه كّلما نقص الضغط عليها، زاد حجمها بنسبةٍ معينة وتحت درجة حرارةٍ معينة، أمكننا أن نستنتج بأن: كل غازٍ يتعرض لزيادة الضغط عليه ، يقلُّ حجمه؛ وكل غازٍ يتعرض لنقصٍ في الضغط عليه، يزداد حجمه بنسبة ودرجة حرارة معينة. وتعليل هذا، أن الغازات كلَّها ذات طبيعة متشابهة، والعلة الوحيدة التي تسببُ زيادة حجمها أو نقصاَنه هو زيادة الضغط عليها أو نقصان. إليك ، أيها المتعّلم ، المثال التالي :الحديد يتمدد بالحرارة ويتقلص بالبرودة ؛ وكذلك الأمر بالنسبة للذهب والفضة والنحاس؛ فنستنتج أن كل المعادن تتمدد بالحرارة و تتقّلص بالبرودة ؛ أي أن العّلة في تمدد المعادن و تقّلصها هي ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها . * استقراء ناقص غير معّلل: وهو استقراء غير يقيني لأ ن الحكم فيه لا يقوم على أساسٍ من التعليل، وإنما فقط على الملاحظة؛ كمعرفة صفةٍ عرضية لبعض الجزئيات وتعميمِ هذه الصفة على جميع الجزئيات المشابهة لها. مثال ذلك قولنا الإنسان يحرك ف ّ كه الأسفل عند المضغ ؛ الجمل والأسد والحمار حيوانات تحرك ف ّ كها الأسفل عند المضغ كل حيوان يحرك ف ّ كه الأسفل عند المضغ.(نتيجة) فالنتيجة هنا خطأ لأ ن صدق الجزء لا يستتبع بالضرورة ، أي صدق الكل المتداخل معه ؛ فإذا كان الإنسان والجمل والأسد والحمار كائنات تحرك ف ّ كها الأسفل عند المضغ، فإن بعض الحيوان لا يحرك ف ّ كه الأسفل عند المضغ مثل التمساح الذي يحرك فكه الأعلى، و بعض الحيوان ليس له ف ك أص ً لا. والنتيجة الصحيحة: أن بعض الحيوان يحرك ف ّ كه الأسفل عند المضغ وليس كل حيوان، والاستثناء لا يؤسس القانون. ( راجع قواعد الاستدلال المباشر ). تذكر، أخي الطالب ، أنّ الاستقراء نوعان : استقراء تام و استقراء ناقص و هذا الأخير يبقسم أيضا إلى نوعين: استقراء معّلل و استقراء غير معّلل . ثانيا: التعرف على الاستقراء من الناحية الإجرائية وتتمثل طبيعة الاستقراء الإجرائية في عرض خطوات المنهج التجريبي، وبيان قواعده : 1 خطوات المنهج التجريبي وهي عند المنظرين من الفلاسفة، ثلاث خطوات، وهي: الملاحظة، والفرضية، والتجريب 1. لو عدت ، أخي الطالب ، إلى نص" كلود برنار" لأمكنك استخلاص ما يشير إلى هذه الخطوات ومنها ما يلي : لاحظت ، لفت نظري ، أوحت إل ي ، فقرضت ، من السهل التحقق ... . 1 وبعضهم يضيف خطوة رابعة هي استخلاص القوانين؛ إلا أنها في التقسيم الثلاثي، تلاحق خطوة التجريب دون انفصال عنها. : Observation أ الملاحظة إن دراسة خطوة الملاحظة ، تكشف لنا عن مستويات مختلفة لها؛ فليست الملاحظات جميعًا من نفس النوع . فملاحظة الرجل العادي تختلف عن ملاحظة العالِم من حيث إن الملاحظة الأولى مشا هدة عادية و عابرة، والملاحظة الثانية ملاحظة علمية. والملاحظة العلمية بدورها إ ما بسيطة أو مسلَّحة، وقد تكون كيفية أو كمية. فكيف نميز بين هذه الأنماط من الملاحظة داخل الخطوة الواحدة ؟ إن الملاحظة التي يقوم بها الرجل العادي في حياته اليومية، تختلف عن ملاحظة العالِم. فالرجل العادي لا يبغي التوصل لكشفٍ علمي، مما يجعل ملاحظته عرضية، وغالبًا ما تخضع لغرض النفع العام؛ فلا تتضمن النقد الفاحص للظواهر ولا تطرح إشكا ً لا ما . أما الملاحظة العلمية، فإنها تتجاوز مج رد المشاهدة ( لأنها تنطلق من إشكالية ) 1 ؛ فلا علم دون إشكاليات ، أي أن العلم هو إجابة عن تساؤلات العلماء ، (و هذا ما يؤكده تاريخ العلوم )؛ إنها " تركي ز الانتباه لغرض البحث ، وبصيرٌة ذات تمييز، وإدراكٌ عقلي لأوجه الشبه والاختلاف، وحدُّة الذهن وقدرته على التمييز والفهم العميق" ، والعالِم حين يلاحظ ظاهرًة معينة، فإن ملاحظته لها تكون بهدف الكشف ع ما هو جديد فيها، ليصبح جزءًا مك م ً لا لنسق معرفته عن العاَلم وظواهره الطبيعية ( تراكم المعارف العلمية عن ظواهر الطبيعة ). 1 لوجود تعارض بين الظاهرة الملاحظة (الواقعة ) و بين المعارف السابقة . ومن هنا، فإّنه يمكن القول بأن الملاحظة العرضية قد تتح ول، من خلال النشاط العقلي، إلى ملاحظة مقصودة ومن ّ ظمة إذا تحلَّت بالأناة والصبر، وابتعدت عن كل ما هو ذاتي، واعتمدت فقط، على الحواس التي تُعد بمثابة الأدوات المباشرة للملاحظة، وعلى وجهٍ أخ ص حاسة البصر. وإذا كانت سلامة الحواس شرطًا ضروريًا لأداء عملها، إ ّ لا أن أداءها هذا، محدود بحدٍّ أعلى وحدٍّ أدنى (حدود الحواس ، من حيث القوة و الضعف حسب عتبة 1 الإحساس ) لا يتجاوزهما ( فهناك ألوان يمكن للعين المجردة أن تراها وهناك ألوان أخرى تعجز العين عن رؤيتها )، ولذلك فالملاحظة العلمية تحتاج إلى أن تكون مسلَّحة أحيانا بأجهزة تقنية متخصصة تتعلق برصد ، (Observation armée) واللامتناهي ،( Macroscopique) حوادث العاَلمين : اللاَّمتناه في الكبر أو بقياسها على نحوٍ كم ي دقيقٍ. ،(Microscopique ) في الصغر والأجهزة على أنواع : كأجهزة تكبير ( الميكروسكوب بجميع أنواعه )، أجهزة تقريب (كالمنظار الفلكي)، أجهزة تثبيت ( الصور بالأشعة )، وأجهزة قياس، وغيرها من الوسائل والآلات. والغرض من هذه الملاحظة هو جمع المعلومات المتعلقة بالظاهرة المدروسة، و قد تأخذ هذه المرحلة وقتا طويلا، و هذه المعلومات هي التي تي سر للعالم أو توحي له بالفكرة ( التفسير المؤقت). الحد الأدنى من مقدار التنبيه الذي يكون مصحوبا Seuil 1 عتبة الإحساس بالاستجابة ( العتبة المطلقة ).أما إذا كانت في حدها الأعلى فتسمى بالعتبة العليا . نستنتج م ما سبق ا ن أول خطوة في منهج البحث العلمي هي مرحلة الملاحظة العلمية ومن أهم خصائصها أّنها ملاحظة إشكالية بثيرها التعارض بين المعارف السابقة والظاهرة، وهي مدعمة بالوسائل والأجهزة التي يوّفرها التطور التكنولوجي، وإن لم تكن متوفرة فإن الباحث يصنعها بنفسه ، كما كان يصنع العلماء العرب . ب الفرضية إن الظواهر التي يشاهدها العالِم ، سوا ء في عاَلم الملاحظة الكبير، أو في معمل أبحاثه ، ُتثير في ذهنه أفكارًا أو تصوراتٍ معينة ، فما حقيقة هذه الخطوة، وما .(Hypothèse) وهو ما ندعوه بالفرضية أهميتها في البحث و الكشوفات العلمية ؟ فإذا كان هناك تساؤل و إشكال، فإن العقل سيظل يقظا و يترقب الإجابة في أي وقت و كل هذا بدافع الفضول الإنساني ، حتى قيل: "إن نشأة العلم مرتبطة بهذا الفضول و حب المعرفة". إن الفرضية في معناها العام؛ وهي تختلف عن الفرضية في الرياضيات؛ "هي ظ ن ( أو تخمينٌ أو مشروع ) يتقدم به العالم لتفسير ، واقعةٍ و ظاهرةٍ ما ، أو إيجاد علاقةٍ ما بين مجموعة من الوقائع " 1 1916 -1838 ) "تفسيرٌ )E. Mach " وبذلك، فهي على حد تعبير "ماخ مؤقت لوقائ ع معينة بمعزلٍ عن امتحان الوقائع (قبل التجريب ) ، حتى إذا ما امُتحِن في الوقائع ( بعد التجريب ) ، أصبح من بعدُ،إ ما فرضًا فاشلا 1 ماهر محمد علي، المنطق و مناهج البحث ط 1دار النهضة العربية، بيروت . 1985 ص 185 يجب العدول عنه إلى غيره، وإ ما قانونًا يفسر مجرى الظواهر" 1. كأن نقول مثلا أن سبب حدوث هذه الظاهرة بهذا الشكل يعود إلى السبب كذا أو الإشارة إلى القانون الذي يحدد كيفية حدوث هذه الظاهرة. و لكن لنتساءل ، أخي الطالب ، كيف تنشأ الفرضية في ذهن العالم؟ كيف اهتدى "كلود برنار" إلى تفسير ظاهرة تغير خصائص بول الأرانب؟ إن دراسة أعمال العلماء واكتشافاتهم العلمية ،تكشف لنا صلات وثيقة بين الفرضية و الخيال ( العلمي ) والحدس ؛ فهذه الأعمال و الكشوفات هي من التعقيد والتشابك بحيث إّنه حين تستثير العالِ م مشكل ٌ ة من المشكلات ، فهو مُطالب بأن يأخذ في النظر إليها و ملاحظتها من جميع جوانبها ليختزَلها إلى أقلّ عددٍ ممكن من المشكلات الجزئية، ويقلِّبها على أوجهها المختلفة في الذهن للوصول إلى الحلول المقترحة للمشكلة . والعنصر السيكولوجي المتض من عادًة في الفرضية ، هو ما يجعل منهج العلم مؤ سسًا على تخمينات جريئة 2 هي من إنشاء التخيل المبدع ، وقد يندفع حلٌّ من الحلول فجأ ً ة (في اللحظة الراهنة )، أمام . ذهن الباحث دون مقدمات، وهو ما نطلق عليه الحدس أو الإلهام 3 أما العوامل الخارجية، فليست إلا مج رد فرصٍ ومناسبات لوضع الفرضية، ولا يمكن بأ ي حالٍ من الأحوال أن تكون شروطًا كافية 1 عبد الرحمن بدوي، مناهج البحث العلمي، وكالة المطبوعات ، ط 3، الكويت، . 1977 ، ص 145 2 { العقل ذو كبرياء إذ يعتقد أّنه بمقدوره تفسير كل شيء }. 3 راجع تاريخ بعض الاكتشافات العلمية : كاكتشاف أرخميدس للقوة الدافعة . للافتراض؛ وأكثر الظواهر التي شاهدها كبار العلماء وأقاموا عليها فرضياتهم العلمية، يشاهدها الناس كل يوم دون أن يثير ذلك أدنى انتباهٍ لديهم؛ "فظاهرة سقوط الأجسام مث ً لا، ظاهرٌة مشاهدة في كل دقيقة وعند . كل إنسانٍ، ومع ذلك لم يصل أحدٌ قبل نيوتن إلى وضع قانون الجاذبية" 1 وهكذا، فالفرضية العلمية يجب أن تبدأ من واقعة مشا هدة ، وأن تكون م ما يقبل التحّقق، وخالي ً ة من التناقض الداخلي أو مع معطيات العلم السابقة، حتى تتبوأ مكانتها كخطوة رئيسة من خطوات المنهج التجريبي. فإن قيل ما وظيفتها؟ فنقول إن للفرضية وظيفتين أساسيتين على الأقل : أولا:أنها تزيل قلق الفكر الإنساني نتيجة ما تقدمه من معرفة و لو بصورة مؤقتة، و ثانيا: لها وظيفة منهجية بحيث أنها تساعد العالِم في إجراء تجاربه، فلولا الفرضية لما استطاع العالِم أن يتقدم خطوة في دراسته لأي ظاهرة طبيعية و لما استطاع أن يقوم بأي تجريب . ج التجريب إن الباحث في مجال المنهج التجريبي، يعتمد على التجريب في بناء النسق العلمي للمعرفة أكث ر من اعتماده على مج رد ملاحظة وقائع العاَلم المادي. فالتجريب يز ود العلم بالأساس الواقعي الذي يثبت أو ينفي وجهة نظر الباحث أو الفرضية التي يعتمدها . ويذهب المشتغلون بالبحث 1 عبدالرحمن بدوي: مناهج البحث العلمي، وكالة المطبوعات ط 3 الكويت . 1977 ص 145 العلمي إلى تعريفات معينة للتجريب. فهو ملاحظة مستثارة تتمُّ تحت شروط معينة، تمكِّن من استبعاد أكبر قدرٍ من المؤثرات الخارجية، للحصول على نتيجة معلومة. وهو يقتضي من المج رب، أن يقوم بتنويع عمله لتأكيد طابع الشمولية، أو لغرض تعديلها من أجل تقريبها ما أمكن في Objectivité للتفسير المطلوب، ويُملي عليه التحلِّي بالموضوعية 1 حكمه على نتائجها. فالمجرب البارع يستطيع أن يستبعد العوامل الذاتية، ويعي د ترتيب الأشياء في ضوء النسق الذي يدرسه ، لِيُضف ي على الأشياء، الوحد َ ة والنظام و هذا شرط المعقولية ، فلا يمكن تفسير، إ ّ لا الأشياء التي تحدث وفق نظام معين . وكثيرًا ما يتعرض الباحث للخطأ في إجراء تجاربه لأسبابٍ، أبرزها قصورُ أدواته المستعملة،أو إغفالُ ناحية لها أهميتها في تعليل الظاهرة، وخاصً ة حينما يتدخل في مجرى حدوثها، أو يغير من ظروفها أو تركيبتها حتى تظهر في أنسب صورة لدراستها، بل قد لا يتي سر إجراء التجارب في الكثير من الحالات، كحالة الفلكي الذي يرصد أجرام الفضاء، والجيولوجي الذي يتناول تكوين الطبقات الأرضية، والفيزيولوجي الذي يدرس وظائف أعضاء الجسم، فض ً لا عن عالِم الإنسان. لذلك فإنه، كما في خطوة الملاحظة،على المج رب أن يستعين بالآلات والأجهزة المعملية التي تز ّ وده بنسبٍ ودلالات محددة لتذليل هذه العوائق. 1 وهي من خصائص الروح العلمية ؛ ويقصد بها : مسلك الذهن الذي يرى الأشياء على ما هي عليه في الواقع فلا يشوبها بنظرة ضيقة أو تحيز خاص . وث مة ميزة هامة في التجريب كوُنه يتعلق بضبط المقادير وبتغيرها كميًا؛ إذ يقوم الباحث بتحليل عينات لمعرفة مكوناتها الأولية، ويُفضي ذلك به إلى تعيين نسبٍ كمية في صورة أرقام قد تكون صارمة، أو تقريبية بحساب احتمالات الخطأ الممكنة. ولذلك، يرى بعض الدارسين أن التجريب يرتبط باستخدام الرياضيات، وأساليب القياس الكمي، إذ يقال: " لا علم إ ّ لا بالقياس الكمي". فالرياضيات هي أسلوب العصر، وهي السبيل إلى اليقين الموضوعي. والمعطيات التي يحصل عليها الباحث من العاَلم الخارجي ويُخضعها للتفكير الرياضي المستند إلى التجريب، تكشف دلالاُتها عن درجةٍ من الموضوعية واليقين تقترب إلى حد كبير من يقين الرياضيات ذاتها ، ومن ثم يمكن القول بأن التجارب تجري على أشياء تخضع للملاحظة والقياس الكمي الدقيق؛ فلا يكتفي العلم باللغة الوصفية أو التعبيرات الكيفية مثل كثير أو قليل ، أسرع و أبطأ ؛ أقرب و أبعد فهي كلها تقديرات تقريبية و نسبية . نستنتج أن التجريب مرحلة أساسية في البحث العلمي وعليها يتوقف الحكم على الفرضية ومن ثمة على نتائج العلم بصورة عامة. يل ّ خص " كلود برنار" خطوات المنهج التجريبي في المقولة التالية:"الظاهرة توحي بالفكرة، و الفكرة تقود إلى التجربة ،والتجربة تحكم على الفكرة " . لاحظ؛أخي الطالب؛ أننا انطلقنا من واقعة، ثم إلى العقل الذي كشف عن الفكرة ثم رجعنا إلى الواقع ثانية عند التجريب، وهذه الحركة هي التي تكشف عن ضرورة تطابق الفكر مع الواقع، عكس ما لاحظناه في المنطق الصوري وما سنراه في العلوم الرياضيات. 2 قواعد المنهج التجريبي فض ً لا عن الخطوات التي يتَّبعها الاستقراء وهي: الملاحظة، ووضع الفروض وتحقيقها (التجريب) لاستخلاص القوانين العامة فإن هناك طرقًا (أو قواعد) اشترطها بعض المهت مين بالمنهج، لتبرير وصول الاستقراء إلى تلك العلل و القوانين . فما هي طبيعة هذه الطرق (أو القواعد) ؟ يمثل هذا الشكل تكامل مراحل المنهج الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 12:14:39 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد { تذكير : خاص بشعبتي : تقني رياضي و تسيير و اقتصاد } كيف يمكن فهم الإشكالية القائلة بأنه قد تختلف مضامين المذاهب الفلسفية ولا تختلف صورها المنطقية التي تؤسسها ؟ 05 المشكلة الأو ل ى : المذهب العقلاني والمذهب التجريبي . إذا كان لكلٍّ من المذهبين : العقلاني و التجريبي في مجال مصدر المعرفة نسقُ ه المنطقي، وإذا كان ، لا يعقل لهذا السبب رفض هما أو رفض أحدهما، فأيّهما نتبنَّى، وأيهما نرفض، و هل يجوز الأخذُ بهما معا، على ا لرغم من تنافرهما؟ 06 المشكلة الثانية : المذهب الراغماتي و ا لمذهب الوجودي . أي المسعيين نحتاج إليه، المسعى الداعي إلى العمل النافع في الحياة أم المسعى الداعي إلى رجوع الإنسان إلى ذاته الباطنية لتحقيق ماهيته ؟ الكفاءات المقصودة الكفاءة المحورية : اكتساب الفهم السليم و الحوار المؤسس ؛ الكفاءات الخاصة : أ أن تكون ،أيها المتعّلم ، قادرا على ممارسة تطابق الفكر مع نفس ه؛ ب أن تكون ، أيها المتعّلم ، ٌقادرا على ممارسة تطابق الفكر مع التجربة ؛ ج أن تكون ، أيها المتعّلم ، ٌقادرا على ممارسة الافتراض و بناء المسلمات ؛ د أن تكون ، أيها المتعّلم ، ٌقادرا على اختبار و تقويم المفهوم ؛ ه أن تكون، أيها المتعّلم ، ٌقادرا على إدراك إشكالية المذهب، ومن طقه، ونسقه، و محتوى أطروحته، واستثمار ذلك في إنجاز بعض المحاولات . و أن تكون، أيها المتعّلم، ٌقادرا على كفاءة تفكيك المركب، و تحليل البنية ، و تركيب النسق ،تنازليا و تصاعديا ، ز أن تكون، أيها المتعّلم ، ٌقادرا على إبراز ما يضمن الكفاءة في تبني المذهب و في رفعه . الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 12:15:46 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد ) المشكلة الأولى: { المذهب العقلاني والمذهب التجريبي} ) "إذا كان لكلٍّ من المذهبين: العقلاني والتجريبي في مجال مصدر المعرفة نسُق ه المنطقي، وإذا كان، لا يعقل لهذا السبب رفض هما أو رفض أحدهما، فأّيهما نتبنَّى، وأيهما نرفض، وهل يجوز الأخُذ بهما معا، على الرغم من تنافرهما؟" *** تصميم الدرس مقدمة: طرح المشكلة المذهب العقلاني -I أولا : مدخل إلى المذهب العقلاني ؛ ثانيا : مسلمات المذهب العقلاني؛ ثالثا : اختبار المسلمات . المذهب التجريبي -II أولا : مدخل إلى المذهب التجريبي ؛ ثانيا : المسلمات التي يأخذ بها؛ ثالثا : اختبار المسلمات . الفلسفة النقدية بين العقلانيين و التجريبيين -III أولا : في المجال المعرفي؛ ثانيا : في المجال الأخلاقي. خاتمة: حل المشكلة تطبيق : تصميم مقالة فلسفية مقدمة : طرح المشكلة ما مصدر المعارف التي يحملها الإنسان؟ هل هو العقل أو التجربة؟ فإن كان العقل هو المصدر الحقيقي للمعرفة، فهل معنى هذا، أنه كان سيكون المسؤول عن ذلك، حتى في حالة غياب التجربة والحواس؟ وإن افترضنا أن التجربة هي المصدر، فكيف تتشكل المعرفة من غير عقل؟ وقبل الفصل في القضية، يكون من المفيد الإطلال على رأي كلٍ من العقلانيين والتجريبيين، وتقدي ر النسق الفكري لكل طرف منهما. المذهب العقلاني: I إ ن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتميز بالعقل؛ هذا العقل الذي لا يظهر بالضرورة عند الولادة، لأن مك وناته فطرية وكامنة وتامة التكوين؛ ومع ذلك، نراه يأخذ في الظهور تدريجيا مع نمو الإنسان وبلوغ رشده. وهو أيضا، مَلكة فطرية لدى جميع الناس، تحتوي على مبادئ كلية و عالمية وثابتة ، َتصلح لكل الأوضاع في كل زمان ومكان. أما الحوا س، فلو كانت تشكل في الحقيقة ، مصدرا للمعرفة ، لكان الحيوان أحقَّ بها أيضا، نظرا إلى تزودها بالحواس، ولكان سيشاركنا في خاصية العقل. وهذا باطل. وحتى إذا عقدنا لها بعض الدور، فليس لها دور معرفي ولا آثار موثوق بها. ولهذا، فإن وراء أي إحساس أو تجربة، عقلا يمنح الأشياء الإطار العقلاني الملائم، ولا يقوى على ذلك إلا لأنه يملك بالفطرة، الأدوات التي تساعده في ذلك. ومن هذه الأدوات، يمكننا استشفا ُ ف مبدأ الهوية ومبدأ السبب الكافي وكذا فكرة وجود الله. ومن الملاحظ أن السؤال المشكل : هل العقل ثابت في عالم الأشياء المتغيرة؟ وهل سيظل ثابتا ؟ سيجيب عنه المذهب العقلاني ، بالكيفية التي يراها سليمة، والتي تنطبق مع أسسه ونظامه. أولا : مدخل إلى المذهب العقلاني ألا تعتقد ؛ أخي الطالب ؛ أننا عندما نع رف الإنسان نقول عنه أنه: "حيوان عاقل" ؟ ألا ترى أن العقل هو الصفة الجوهرية التي تميز الإنسان و ترفع من مرتبته بين المخلوقات ؟ و يترتب عن هذه الميزة أنه الوحيد القادر على تحمل المسؤولية وتعمير الأرض؛ ألا تلاحظ أن بلوغ سن الرشد عنوان النضج العقلي ؟ ألا ترى بأن الله سبحانه وتعالى يخاطب الإنسانية بصفة العقل : منها أفلا يعقلون ؛ يا أولي الألباب؟ ألا ترى أ ن أفكار و أفعال الإنسان و تصرفاته مجموع ً ة توحي بأنها تستجيب لنظام فكري محدد وتو جهٍ ن سقي معين، تستجيب للعقل باعتباره مجموعة من المبادى الكلية والبديهية ؟ إن كل التشريعات تأمر الإنسان و تنهاه باعتباره كائنا عاقلا ؛ إّنه لمن التناقض و من ال ّ لاعدل أن نكلف شخصا لمهمة ما وهو فاقد لقواه العقلية ؛ فإذا كنت تمجد العقل فيمكن وصفك بأنك عقلاني أو أّنك ديكارتي 1 ؛ لذلك يُطلق اسم العقلانية على كل نزعة فكرية تقدس ( Cartésien ) و تمجِّد العقل، وتجعل منه المصدر الأول لكل ما يمكن أن نعرفه و لكل 1670 ) الذي خّلص الفلسفة - 1 نسبة إلى الفيلسوف الفرنسي ديكارت ( 1596 من سلطة الكنيسة و رد الاعتبار لسلطة العقل . ما يجب أن نعمله ، و العقل هو الأداة الأساسية التي تحرك كل المراحل المنطقية التي يسير عليها الاستدلال المنطقي كما سترى ذلك لاحقا ، و العقل هو المقيا س الأول في تقدير القيم و المعايير كالخير والصواب و الجمال . د ون معي، أخي الطالب ، ما يلي : مفهوم العقلانية : العقلانية نزعة تطلق على أنحاء شتى ومجالات متنوعة، في مجالات الميتافيزيقا و اللاهوت وفي نظرية المعرفة وفي مجال الأخلاق؛ و بالتالي فالعقلانية معالجة و تفسير و تقييم معظم القضايا التي يطرحها الفكر . وهي نزعة نسقٍ معرف ي متكاملٍ يتعارض مع اللاعقلانية، لأنها تعارض كل من يأخذ بمصدر آخر غير مصدر العقل ؛ كما هو الحال لدى التجريبيين( الذين يرجعون ذلك إلى التجربة الحسية )؛ فالعقلانية نزعة تتعامل مع الآليات العقلية والمنطقية وأُسسِها كالبداهة والبرهنة والاستدلال. وهكذا إذن، فالعقلانية مذهب فكري يقول بأولية العقل وأن جميع المعارف تنشأ عن المبادئ العقلية القبلية والضرورية الموجودة فيه و الملازمة له ، والتي ليست متولدة من الحس أو التجربة . والأشياء لا يمكن أن يكون لها وجود بمعزِل عن ذهنٍ يدركها و يعيها ؛ أما التجربة فهي بديلٌ للعقل أدنى منه مرتبة، وأن المعتقدات و المبادئ، و المعارف عموما ، التي تقوم عليها وعلى الخبرة مشوبة بالخطأ. ثانيا مسلمات 1المذهب العقلاني : إن قراءة الإنتاج لبعض من ينتمي إلى العقلانية من المفكرين والفلاسفة ( أمثال أفلاطون وابن رشد وديكارت ...الخ ) ، توحي بأن هذه النزعة تقوم على أساس مصادرة جوهرية واحدة ، وهي أن الأصل الأ ول للعلم الإنساني ومصدره الأسبق، هو العقل ، وليس التجربة . ويكون معنى ذلك، أن المعارف التي يملكها الإنسان مهما تسلسلت حلقاتها، ترجع في نهاية الأمر،إلى منبعٍ أ ول وواحد هو العقل. ولهذه المصادرة، مسلمات جزئية أربع ، وهي : أ ترجع المعرفة الحقيقية و اليقينية إلى ما يميز الإنسان؛ وما يميزه، هو العقل ؛ وهذا العقل قوة فطرية لدى جميع الناس، ينهلون منها المعارف ، يثقون فيها ويطمئنون إليها. أما الحواس فموضو عها عالَم الأشياء ومعطيات ها لا تثبت على حال. فما هو كبير بحكم العقل يبدو صغيرا في معطيات الحواس ؛ فالقمر يبدو صغيرا ؛ و سرعة الطائرة تبدو بطيئة ... ؛ و العقل هو الذي يصحح هذه الأحكام . 1 و أ ما المسلمات ؛ فعبارة عن ما أخذ من القضايا على أنه مبرهن في نفسه ؛ فإن كان ذلك مع طمأنينة الّنفس ، سميت أصولا موضوعة ، <و إلا > فمصادرات. كتاب الكبين في شرح ألفاظ الحكماء و المتكلمين ، لسيف الدين أبيالحسن علي الآمدي. المصطلح الفلسفي عند العرب الدكتور عبدالأمير الأعسم الدار التونسية للنشر و المؤسسة الوطنية للكتاب ، ص 345 ب والعقل يتضمن الحقائق و التصورات الكلية و المبادئ العامة، التي توفر المنطلق الأساسي والأول للمعرفة و العمل أي للحق و الخير، و هذه المبادئ هي جزء من ماهيته و جوهره. ج و من مميزات هذه الحقائق التي يحكم بها العقل، أنها كلية صادقة صدقا ضروريا، وسابقة لكل تجربة، لا يتطرق إليها الشك. ومنها يستنبط العقل النتائ ج التي َتلزم عنها، وبهذا تتشكل المعرفة اليقينية التي تصدق في كل زمان ومكان؛ لأنه ينطلق من معيار البداهة و الوضوح و التميز ، كما يقول ديكارت : " أ ّ لا أقبل أي شيء على أنه حق، ما لم أتبين بالبداهة أّنه كذلك " . د وهذه الحقائق أو المبادئ العقلية الكلية ليست حكرا على المعرفة مجردة كانت أو مادية ؛ فمنها يستمد كذلك الفيلسوف الأخلاقي قواعده الأولى، ومنها يستلهم المرشدون والمربون والناس العاديون مقاصدهم السلوكية، بدون أدنى بحث عن برهان، لأنها واضحة. نستنتج م ما سبق أن أساس المذهب العقلاني مسلمة جوهرية تؤمن بقدرة العقل على إدراك الحقيقة ، لأنه يملك المبادىء و المعايير التي تكشف له و تميز ما هو حق ع ما سواه ، و لهذه المسلمة ما يب ررها . 348 ق. م - أفلاطون 428 ثالثا اختبار هذه المسلمات أ ترجع المعرفة الحقيقية و اليقينية إلى ما يميز الإنسان؛ وما يميزه، هو العقل لا الحواس؛ وهذا العقل قوة فطرية لدى جميع الناس ينهلون منها المعارف ويطمئنون إليها. أما الحواس فموضوعها عالم الأشياء ومعطياتها لا تثبت على حال. و لكن ، أخي الطالب ، ألا يوجد ما يبرر صحة هذه الأحكام التي يعتز بها العقلانيون؟ إن الأفكار التالية ستدافع عن هذه المسلمة و تبررها و تؤكد صحتها : * لأن العقل في جملته، ملكة ذهنية يستطيع الإنسان بواسطتها، إدراك المعرفة وإصدار الأحكام وتحديد سلوكه طبقا لهذه المعرفة.إنه مصدر جميع أفكاره ، وقوة فطرية يتأسس أصلا على مبادئ عالمية (العقل أعدل الأشياء تو زعا بين الناس) ، كما يقول" ديكارت " ؛ وهو فوق هذا وذاك، أصدق محك للوحي. فقد أَجلَّ ه العديد من الفلاسفة وخاصة منهم العقلانيين ووهبوه ثقة مطلقة . وقالوا عنه بأّنه مصدر كل أصناف المعرفة الحقيقية ؛ لا يخضع صاحبه إلا لمبدئه و صرامة استنتاجاته . فالعقل أساس العلم و العمل . * ولأن كثيرا من العقلانيين شهدوا النور الذي شع منه (العقل). لقد رد له ديكارت الاعتبار في وقت لم يعرف فيه ( العقل ) سوى الازدراء والتهميش . فأرجع له سلطانه بعد أن هدمته مدرسة 1592 )، ورفض - الشكاك التي تزعمها في فرنسا قبله ، مونتاني ( 1533 السلطة الدينية ممثلة في الكنيسة ، والعلمية ممثلة في أرسطو، رَف ضهما باعتبارهما، مصدرا للحقيقة، و رد الحقيقة إلى العقل، وجعل البداهة معيارها ومقياس الصواب والخطأ . * ولتوافق الوحي والعقل عند أغلبهم حيث تناصر العقلانية القول بأن المبادئ الأساسية للدين فطرية أو بديهية . ومع ذلك ، ويوجب رفض التسليم بكل ما لم يساير منطق العقل؛ أي رفض كل ما يخالف معطيات العقل و الفكر السليم. ومن ثمة، يبقى العقل خير مقياس لحقائق الوحي. ولقد شاء القدر أن يرشح ديكارت زعيما للاتجاه الفلسفي في القرن السابع عشر، فقضى حياته في تبجيل العقل والعمل بتعليماته بقدر إجلاله لمن ز وده به وهو الله. * ولأن هذه المبادئ الفطرية البسيطة والواضحة لا يشوبها الخطأ، يقول"ديكارت" : "إنها أفكار فطرية لا يخشى منها ضرر لأنها لا تؤدي إلى الخطأ إطلاقا، فهي متصلة بطبيعة العقل اتصالا وثيقا بحيث يستحيل فصلها عنه؛ ومن هنا، كانت فكرتنا عن وجود أنفسنا وفكرتنا عن وجود الله صحيحتين لأنهما فطريتان ولأنهما واضحتان جليتان تامتان أشد ما يكون الوضوح والجلاء والتمام". * ولأن ما يقوم على أسس عالمية، يحقق الاتفاق بين الناس؛ إّنه العقل الذي يتأسس أصلا بالفطرة على مبادئ كلية ، تعرف بالأوليات أو البديهيات؛ وهي مبادئ يدركها جميع الأفراد ، من غير ما حاجة إلى تجربة، ولا يختلفون فيها لأنهم جميعا، يملكون بالفطرة هذه الأوليات الثابتة والمبادئ الكلية ، وفي هذا المعنى، يكتب "ديكارت" قائلا: الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 12:16:23 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد "العقل هو أحسن الأشياء تو زعا بين الناس، إذ يعتقد كل فرد أنه أُوتي منه الكفاية [...] يتساوى بين كل الناس بالفطرة". و هذه المبادئ بأسلوب أوضح، ليست من أثر العالم الخارجي فينا، ولكنها ُتولد معنا [...]، فهي أساس جميع أفكارنا" 1، كمبدأ الهوية الذي يقول: "إن الشيء هو عين ذاته، ولا يمكن أن يكون شيئا آخر في نفس الوقت و من نفس الزاوية" ؛ و مبدأ عدم التناقض الذي يقرر "أن الشيء، لا يمكن أن يكون (موجودا) و(لاموجودا) في آن واحد"؛ والبديهيات الرياضية كقولنا: "الكميتان المساويتان لثالثة متساويتان"؛ و أ ن "الكل أكبر من جزئه" . ومن هذه الأفكار الفطرية والمبادئ الأخلاقية الأولية كالخير والشر، والحقائق الإلهية كفكرة الخالق. وهذه الأوليات أو البديهيات تسمى عند المسلمين، بالمعقولات الأولى (أو الفطرية أو الضروريات أو الأوائل المتعارفة) ، بحيث قيل: " تحصل للإنسان منذ أول أمره من حيث لا يشعر، ولا يدري كيف ومن أين حصلت". وهي أيضا، قضايا يصدق بها ، العقل الصريح لذاته، وبفطرته، لا لسبب من الأسباب الخارجية عنه، من تعلم أو تخلق أو تجربة، ولا تدعو إليها قوة الوهم أو قوة أخرى من قوى النفس.مثال ذلك أن الإنسان؛ قديما وحديثا ؛ يرجع وقوع الحوادث إلى أسباب وغايات بغض النظر عن طبيعة هذه الأسباب والغايات . فكلّ ما يرفضه العقل هو وقوع حوادث دون أسباب ، لأن هذا منافٍ للمعقولية . 1 كمال يوسف الحاج ، رينه ديكارت أبو الفلسفة الحديثة ، ص 106 * ولأن ما يصمد أمام قوة الشك ؛ كما هو شأن فكرة "وجود أنفسنا" كفكرة شديدة الوضوح لا مفر منها 1. ولتقريب الغرض من هذه الحجة، يمكننا تلخيص تجربة "ديكارت" في الصورة الاستدلالية التالية: "إذا كن ُ ت لا أستطي ع أن أ ُ شك في شكِّي، فإن ي على الأقل، متيقِّ ن بأنني أ ُ ش ك؛ و إذا كن ُ ت على وعيٍ بأنني أشك، فأنا أفكر دائما؛ وكوني أفكر دائما، هي قاعدة صلبة لا أَحِيد عنها لأنها إثبات لوجودي، و لأنها في غاية الوضوح و سبب هذا اليقين الذاتي أن الله يلقي فينا فطريا بعض الأفكار: فكرة الله، وأفكار الشؤون الرياضية، ويمنحنا المفهوم المباشر الخاص ببعض المبادئ الأولية. ويجعل الذهن فينا يأتي بهذه الأفكار من نفسه، ومن نفسه فقط. فالذهن بفضل الله يملك هذا الاستعداد الطبيعي، لأنه يجد في ذاته بوساطة الشهود المباشر، المفاهيم التي تدل على ذوات حقيقية أزلية وثابتة لا تتغير؛ وهي حالة يعدها ديكارت الآن، موجودة في داخل الذهن نفسه بعد محنة الشك الذي طرحه. * ولأن اليقين والتماسك الذين يطمح إليهما كل باحث عن المعرفة، يوفرهما العقل الاستدلالي الصحيح كما هو الحال في الاستدلال الرياضي، رمز الدقة و اليقين و الصرامة و كذلك الحال بالنسبة للمنطق الصوري و الرمزي . و هذه الغاية لا تحققها التجربة ، و نتائجها نسبية و احتمالية كما سنرى ذلك في المنهج التجريبي . 1 يقول ديكارت: "(أنا كائن وأنا موجود) قضية صحيحة بالضرورة، { وتبقى .( صحيحة } كلما نطقت بها وكلما تصورتها في ذهني". (التأمل الثاني، الفقرة، 5 * ولأنه ( العقل ) أخيرا، بفضله يهتدي الإنسان إلى اكتشاف خِداع الحواس، وهذه حقيقة يكتشفها بنفسه. يقول ديكارت 1 : " كل ما تلقيته حتى الآن على أنه أصدق الأشياء وأوثقها، قد تعلمته من الحواس أو عن طريق الحواس : غير أنني اختبرت أحيانا هذه الحواس، فوجدتها خداعة(صيغة للمبالغة )؛ وأنه من الحذر أ ّ لا نطمئن أبدا إلى من خدعونا ولو مرة واحدة ". وفعلا ، فإنه لم يشك في الأشياء فقط، ويسحب الثقة عن حواسه فحسب، بل شك أيضا، في جسمه بحجة أن ما كان يراه في الحلم تحول إلى أوهام بمجرد الانتقال إلى اليقظة. إلا أّنه تثبت من أن الأفكار الرياضية ما تزال صامدة على الدوام، إذ أضلاع المثلث تبقى دائما ثلاثة، وبأن الكائن الذي يحمل بالفطرة تصور اللانهائي مع علمه بأنه متناه، يدرك هذه الحقيقة وهي أن هذا التصور عن اللانهائي قد أودعه فينا كائن لامتناه . إن الله هو الوحيد . الذي يملك صفات كائن اللامتناهي. فوجوده إذن، يقيني 2 نستنتج أن أنصار المذهب العقلاني يؤكدون على أن العقل هو التصورات و التصديقات الحاصلة للنفس بالفطرة، وأساس جميع معارفنا و هو أساس التثبت من صحتها و حقيقتها و يقينها. . 1 تأملات في الفلسفة الأولى، ترجمة عثمان أمين، التأمل الأول الفقرة 3 2 تأملات، التأمل 3؛ وحتى في حالة شكه، شك في كل شيء ما عدا أنه يفكر وبأن الله موجود ب والعقل يتضمن الحقائق المحدوسة ؛ أي التي ندركها مباشرة دون استدلال عقلي ولا برهان منطقي؛ التي توفر المنطلق الصلب والأول للمعرفة. ويثبت الاختبار صدق هذه المسلمة في ثلاث نقاط، وذلك: * لتوفرنا على الحدس أولا وقبل كل شيء . لقد تأكد العقلانيون من أن الحقائق الأولى،(الأوليات ،Intuition الرياضية والمنطقية) تنشأ وتدرك بالعقل عن طريق الحدس 1 ومن غير مقدمات؛ والحدس نور فطري غريزي يمكِّن العقل من إدراك فكرةٍ ما، دفعة واحدة ، وليس على مراحل . فالحدس إدراك مباشر غير مسبوق بمقدمات تسلم إليه. فالكل أكبر من الجزء ؛ وهو لا يقوم على اختبار تجريبي، ولا تأمل عقلي، لأن هذا الإدراك من الوضوح بحيث يمتنع معه كل شك، لأّنه لا يقوم على شهادة الحس، ولا على أحكام الخيال الخداع؛ بل هو عمل عقلي محض، به تُدرك الأفكار والطبائع البسيطة التي لا تنقسم إلى أجزاء، كالوجود والوحدة والزمان والمكان والامتداد. والأفكار عند زعيم العقلانيين " ديكارت "ثلاثة أصناف : صنف عرضي و مرجعه إلى الطبيعة الخارجية، كفكرة الشمس والحرارة والألوان و الطعوم ، وهذه أفكار غامضة، لا تشكل معرفة صحيحة؛ 1 سرعة انتقال الذهن من المبادئ إلى المطالب تعريفات الجرجاني ، و المقصود بالمطالب النتائج . و "هي تمثل المبادئ المرتبة في النفس دفعة واحدة من غير قصد و اختبار سواء بعد طلب أو لا ، فيحصل المطلوب ". تعريفات التهاوني . وصنف مصطنع ركَّبه العقل من الأفكار العرضية السالفة، كصورة عرائس البحر الفاتنات والخيل ذوات الأجنحة الطائرة، وهذه أفكار مركبة؛ وصنف فطري، مثل فكرة اللانهاية، وفكرة الكمال، ليس مستفادا من الحواس 1 ، ولأّنه لا يوجد شيىء في الواقع يوصف بأّنه كامل . * لبلوغنا الحقائق الخالدة بمنٍّ من الله: إن بعض القضايا التي يحكم بها العقل، قضايا لا يتطرق إليها الشك، وتصدق في كل زمان ومكان. ومن المنطلقات العقلية الأساسية والصلبة التي فرضت نفسها عليه ولم يستطع أن يشك فيها إطلاقا، فكرتا اللانهائي ووجود الله. لا يمكن أن يأتي تصور اللانهائي من كائن غير كامل: وهذا الكائن غير الكامل لا يعني سوى هذه المادة المفكرة التي تشك والتي ترغب. فهذه الفكرة لم يبنِها فكرنا انطلاقا من عناصر التجربة (حيث إن كل سبب خارجي هو متناه ومحدود) ولا إبداعا مستقلا عن عقولنا الناقصة. يقول "ديكارت" في التأمل الثالث (الفقرة 21 ): "أجد أن فكرة اللامتناهي سابقة لدي لفكرة المتناهي أي أن إدراك الله سابق لإدراك نفسي إذ كيف لي أن أعرف أني أشك وأرغب أي أن شيئا ينقصني وأنني لست كاملا تمام الكمال إذا لم تكن لدي أية فكرة عن وجود أكمل من وجودي، عرفت بالقياس إليه، ما في طبيعتي من عيوب"؟ وعليه، فبِما أن لكل أثر سببا وأن السبب ليس أقل واقعية من الأثر، وجب أن تكون فكرة اللانهائي أثرا لكائن كامل يكون هو الصانع الحقيقي. إذن الله موجود، والفكرة التي أملكها عن اللانهائي هي أثر من آثار صنعه. إّنه أثر الخالق . 1 ديكارت: التأملات، التأمل الثالث الفقرة 9 في مخلوقه. وهذه الفكرة معطاة لنا بالفطرة: ففي الوقت الذي أفكر، فإن الوضوح والبداهة في مَلكتي، يجعلاني أدرك أن الله موجود. "وأفكارنا الفطرية تأتي من ملكتنا الفكرية نفسها". فهذه الفكرة إذن، لا يمكن أن تكون صادرة إلا عن الله الذي طبعها في أنفسنا منذ النشأة الأولى". ويصل هنا، "ديكارت" إلى الله عن طريق الحدس من الداخل، ولم يشعر بالحاجة إلى شهادةٍ من التجربة الخارجية، لأن الله لا يحتاج إلى ضمان العالم الخارجي؛ ولكن على العكس، إن العالم الخارجي هو الذي يكون بشهادة من الله، وإلا تحطم وانقلب أضغاث أحلام 1. من أجل هذا رفض "ديكارت" أن يتسلل إلى الله عن طريق العالم، بل رأى عكس ذلك، أن معرفتنا للعالم هي في بدءٍ من معرفتنا لله. فبدل أن يأخذ الأرض مصعدا إلى السماء، أخذ السماء منحدرا إلى الأرض. فالله عند الأقدمين من وراء الكون؛ والكون عند ديكارت من وراء الله. وقد استخرج ديكارت من فكرة الكمال اللامتناه ي التي عثر عليها في "أنا أفكر، إذن أنا موجود"، براهي ن . ثلاث ً ة على وجود الله، المبدعِ لجميع الأشياء في الكون 2 وعندما ضمن "ديكارت" وجود الله، ارتأى أنه الآن يستطيع امتلاك يقين متين لتأسيس معارفنا. لكن الإنسان غير الكامل يخطئ ويمكن أن يحمل على الخطأ، والكائن الكامل لا يخدع لأن الخداع يشارك في النقص ولا يمكننا أن نصف به الله دون تناقض. إذا كان الله موجودا، .(132- 1 كمال يوسف الحاج، ديكارت أبو الفلسفة الحديثة، ص ( 130 2 ويفضل أهل التفكير الإشادَة في هذا السياق، بمقولة "مالبرنش" المشهورة: "أنا أفكر، إذن الله موجود". وأنني بالأفكار الفطرية أشارك في كماله، فإن الخطأ عندئذ، ليس نتيجة لنقص أنطولوجي (وجودي)، وإنما يأتي فقط، من قصور ملكاتي. ولأننا نملك فكرة الكمال، نستطيع الاعتراف بلاكمالنا. فال ّ لاكمال الذاتي ؛ أي لاكمال الكائن المفكر يفترض الكمال الموضوعي الأنطولوجي أو يفترض وجود الله. ونتيج ُ ة البحث هذا عن الأسس الأولى، تصل بنا إلى إدخال الله في نظرية المعرفة، مع التساؤل عما مجال هذه المعرفة؟ إنها معرفة نظام وقوانين الطبيعة بمشاركتنا في الكمال الإلهي. وما نعرفه في النهاية، هو حقائق خالدة أسستها الإرادة الربانية الثابتة والمطلقة. لذلك من يطلب الحقيقة عليه أن يستعين بالله واهب العقل دون سواه. * لتقدم الحقائق الخالدة كمبدأ لا مبدأ قبله: كانت الفلسفة الأوروبية في القرن السابع عشر، يسودها الاعتقاد بوجود هذه الأفكار الفطرية التي تمثل حقائق بسيطة مركبة، وحقائق موضوعية غير ذاتية، كفكرة الله وفكرة النفس وفكرة الامتداد ونحوها ؛ وهي مبادئ ليست من ورائها مبادئ، وخاصة منها فكرة وجود الله. فهي تدرك بالحدس، ومن غير مقدمات. ومنها، يستنبط العقل النتائج التي تلزم عنها، و بهذا، تتألف المعرفة اليقينية التي تصدق في كل زمان و مكان. يعتقد "ديكارت" أن كل إنسان يحمل معه منذ الولادة، عددا من المفاهيم التي م ن الله بها عليه: مفهوم الله بالذات، فكرة الأشياء الرياضية المختلفة، فكرة عددٍ من المبادئ الأولية المتحكمة بالعلوم. ومثل هذه المبادئ العقلية، تشبه في نظرهم، قوانين المنطق من حيث إنها موضوعية عامة شاملة، بمعنى أنها لا تنسحب على فرد دون فرد، بالإضافة إلى أنها ثابتة غير متغيرة. ج ومن مميزات هذه الحقائق التي يحكم بها العقل، أنها كلية صادقة صدقا ضروريا، وسابقة لكل تجربة، لا يتطرق إليها الشك. ومنها يستنبط العقل النتائج التي تلزم عنها، وبهذا تتشكل المعرفة اليقينية التي تصدق في كل زمان ومكان. وصدق هذه المسلمة، يتجلى في نقطتين، وذلك: * لأن هذه الحقائق كلية صادقة: تتميز هذه المعرفة، بالضرورة والشمول؛ والمقصود بالضرورة والشمول، انسجام القضايا المعرفية تلقائيا، مع متطلبات العقل المنطقية، وتعميمها على كل العقول البشرية في كل زمان ومكان. وهي قضايا، لا يمكن أن تصدق مرة، وتكذب أخرى، كقولك: إذا كانت (أ) أكبر من (ب) و (ب) أكبر من (ح)، كانت (أ) أكبر من (ح). هذا حكم صادق دوما. ومثل هذا، يقال في قوانين و مبادئ المنطق، وقضايا الرياضيات البديهية . هذا، وُت وفِّر الرياضيات المنهج الملائم للمسعى العقلاني من حيث إنها تشكل النموذج المثالي لكل العلوم، لأنها تطرح المشاكل طرحا واضحا وبينا، وتملك المفاهيم والمبادئ التي بواسطتها يمكن اكتشاف بعض الحقائق العالمية والبديهية واستنتاج مبادئ قبلية وغير مردودة. إن بعض القضايا التي يحكم بها العقل، قضايا كلية صادقة صدقا ضروريا، لا يتطرق إليها الشك، ويعتبرون ذلك، دليلا قاطعا الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 12:20:07 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد وفي الأخلاق كذلك، يبقى العقل دائما هو المصدر الأول لمبادئها، وهي مبادئ لا تحتاج بدورها، إلى برهان، لأن ما في القوانين الخلقية من قوة موجبة للعمل، أو ما تتصف به من عموم وشمول ؛ كأن تقول : "عليك بالصدق و الأمانة" ؛ و هذا يحملنا إلى اعتبار هذه القوانين، أمورا صادرة مباشرة عن طبيعة العقل العملي؛ و كذلك فالأخلاقيون؛ من أصحاب مذهب البديهة ؛ ينظرون إلى أن المبادئ الخلقية تستغني في إدراكها أو تعميمها عن البرهان. إن الأخلاقية في رأيهم، حقيقة موضوعية مستقلة عن كل إرادة إنسانية أو إلهية، لأن في طبيعة الفعل الخير ما يجعله خيرا وليس في وسع الإنسان ولا في وسع الله أن يجعله شرا. وإلى ما يشبه هذا، ذهب قبلهم المعتزلة في الإسلام . و باختصار، أخي الطالب ؛ إذا كان الإنسان يتميز عن غيره من الكائنات الأخرى، بالعقل ، فلأن في هذا العقل س را؛ و س ره أنه يحدس 1 الحقائق البديهية الثابتة فيؤمن بها ، ويجعلها وحدها منطلقا صلبا لاكتشاف الحقيقة؛ فهو يجمع بين الحدس والاستدلال. فالحدس يوفر له الأرضية الصالحة المعلومة التي لا ينجح الشك في زعزعتها، والاستدلال يتقدم فيها إلى اكتشاف المجهول عن طريق الآليات العقلية ( شأن العلوم الرياضية و المنطقية ) . وفي بحثه و سعيه عن الحقيقة، فإّنه لا يفرق في مجالات البحث بين موضوعات معرفية وأخرى أخلاقية و ميتافيزيقية ولاهوتية مع احترام خصوصيات كل موضوع . فالبناء و هو القدرة على إدراك الحقائق مباشرة دون استخدام أي Intuition 1 الحدس استدلال منطقي عقلي و لا تجريبي . العقلاني والنسقي الذي يقيمه يقتضي أن تكون كل هذه الموضوعات منسجمة من حيث إن مصدرها ومنهلها ومنطقها وفهمنا لها يؤول كل ذلك، في بداية المطاف وفي نهايته إلى العقل وحده . و هذا النسق نجده متكاملا في كل المذاهب العقلية على اختلافها، بداية من "أرسطو" المعّلم الأول إلى يومنا هذا . المذهب التجريبي أو مذهب الحسيين II أولا : مدخل إلى المذهب التجريبي : في مجالي المعرفة والأخلاق. بدأت التجريبية (كنسق معرفي) في مفهومها التقليدي مع فلاسفة القرنين السابع عشر والثامن عشر، أمثال بيكون ، و لوك، وهيوم ؛ واستمرت في مفهومها الجديد مع فلاسفة الوضعية المنطقية والنفعيين في القرنين التاسع عشر والعشرين. وتجدر الإشارة إلى أنها في مفهومها الأول، اتجه الاهتمام نحو نظرية المعرفة ، واتسع الانشغال في مفهومها الثاني، إلى كل حقول التفكير، كالأخلاق والتشريع فضلا عن المعرفة؛ و هذه النسقية تحكم كل مذهب فلسفي؛ إ ّ لا أن الأمر الذي يهمنا في هذا المقام هو الحديث عن المذهب من حيث أسسه لا من حيث ممثلوه. ثانيا : المسلمات التي يأخذون بها إنها في الحقيقة مسلمة واحدة وهي الأساسية ذات مظهرين. أما الأساسية، فهي أن المصدر الجوهري الأسبق لكل أنواع المعرفة والعمل، هو التجربة، و هي مسلمة تتفرع إلى جزأين الأول نقدي يتم فيه تفنيد وإبطال المذهب العقلاني من أصوله، والثاني تأسيسي و بنائي ، يتم فيه بناء المذهب التجريبي ، وهما : 1 ) العقل لا يستطيع أن ينشئ بالفطرة ( و لا يملك بالفطرة شيئا)، المعاني والتصورات. وليست له القدرة على إضفاء صفة الصدق على ما يبتدعه من معرفة ؛ 2 ) العلم في كل صوره ، يرجع إلى التجربة. ثالثا : اختبار المسلمات 1 لا يستطيع العقل أن يبتدع بالفطرة ، المعاني والتصورات الكلية . وليست له القدرة على إضفاء صفة الصدق واليقين على ما يك ونه و ينشئه من معارف . و من الحجج التي يبرر بها التجريبيون مزاعم العقلانيين، ما يأتي : أ لقد رفض التجريبيون التسليم بالأفكار الفطرية الموروثة، والمبادئ العقلية البديهية الواضحة ، والقواعد الخلقية الأولى التي لا تأتي اكتسابا؛ وأنكروا الحدس الذي يزعم أهله ، أنهم يدركون به الأوليات الرياضية والمنطقية . ألا تلاحظ ؛ أخي الطالب ؛ أّنهم بهذا قد فّندوا و أبطلوا كل ما أسس عليه العقلانيون فلسفتهم؛ واعتبروها مجرد أوهام من وحي الخيال لا أكثر ؛ لنر ما يقدمونه من حجج لتبرير موقفهم ، تابع ما يلي : * وذلك لأن المرء يكون قبل التجربة، عبارة عن صفحة ليس فيها نقش سابق للتجربة ؛ فهولا يعرف شيئا ، Table rase بيضاء 1 ويبدأ في اكتشاف العالم الخارجي عن طريق الحواس . فبأ ي وسيلة سحرية هاته، يتمكن من إدراك الأفكار العقلية الأولية بصورة مباشرة لا واسطة بينهما ؟ وهل يعقل الحديث عن أفكار جاهزة قبلية يحملها كل إنسان بالفطرة دون انتظار تأثير العالم الخارجي عن طريق الحواس؟ و إذا سّلمنا أننا ننطلق من عاَلم الأشياء ، فإ ن هذا يقتضي رفض كل منطلق آخر غيره سواء كان حدسا أو إلهاما. * ولأننا نعرف الملموس قبل المجرد والخاص قبل العام. ولا نصل إلى المجرد إ ّ لا انطلاقا من الملموس. يقول الفيلسوف الانجليزي إن الأبيض ليس الأسود، واللذة ليست : " Locke 1704 - " لوك 1632 الألم؛ فلا يعقل القول بأننا نسلم بهذه القضايا الملموسة والجزئية، لأننا نسلم بقضايا أخرى مجردة وعامة هي بمثابة المبدأ بالنسبة إلى القضايا الأولى و معنى ذلك أن التمييز بين معطيات التجربة لا يخضع لأي مبدأ خارج التجربة . 1 ألا تلاحظ أنهم استبدلوا مسلمة بأخرى ؟ و هي مسلمة ( مصادرة ) يمكن قبولها أو رفضها أيضا . ، * ولأن المبادئ لا يمكن أن تكون فطرية فيما يرى لوك 1 إذا كانت الألفاظ المكونة لها غير فطرية. فالمبادئ القائلة مثلا، إن "لكل واقعة علة" أو "لا يمكن للشيء أن يكون هو ذاته وضده في نفس الوقت، ومن نفس الوجهة"، لا يسعها هي وأمثالها أن تكون فطرية إذا كنا لا نملك فكرة فطرية عن كلمتي واقعة وشيء، و نستنتج من ذلك أّنه إذا كان الفكر غير مستقل عن الألفاظ التي يستعين بها للتعبير عن نفسه، فذلك يعني أننا ندرك معاني الكلمات بالفطرة أيضا ، و هذا ما لا يقبله التجريبيون . ب و رفضوا أن يكون العقل قادرا على الوصول إلى أي علمٍ يقيني ثابت بطريقة الفطرة، وما تجود به هذه الفطرة من أوليات و أفكار كلية؛ * و ذلك لأن الأحكام العقلية تتغير بتغير الزمان والمكان، وتختلف باختلاف ظروف الأعمال ومجالات البحث. إن العقل لم يعد يتصور كنظام ثابت من المبادئ المحددة قبليا، وإنما كواقع لين و حركي. وما نعتبره جهدا عقلانيا، إّنما يتوقف كثيرا على السياق التاريخي الذي . بذل فيه، وعلى حالة المعارف وتطور تقنيات الملاحظة والتجريب 2 ولهذا، ف " إن العلم يتقدم بالتجاوزات المتتابعة لأشكال عقلية فقدت صلاحيتها". فالعقل ليس مستقلا عن الواقع فهناك جدل دائم بين الواقع و العقل، و هذا الأخير مطالب بتعديل و تكييف نفسه ؛ من حيث المبادىء 1 ودعمها بعده فلاسفة الوضعية المنطقية أو التجريبية. 2 للتفصيل، انظر: غاستون باشلار، الروح العلمية، ترجمة عادل الع وا. والأحكام ؛ مع كل هذه التطورات، و الدليل على ذلك ما وقع في العلم من ثورات معرفية في مجال المبادىء والأسس كفكرة الحتمية و اللاحتمية و القانون ومبدأ السببية و الغائية ( في العلوم الفيزيائية و البيولوجية ) . * ولأنه لو ص ح وجود هذه المبادئ الكلية، والمعاني الفطرية القبلية، كما يعتقد "ديكارت" و "كانط" ، لتساوى في العلم بها، الناس في كل زمان ومكان؛ لكننا نلاحظ أن مبدأ عدم التناقض أو الهوية أو غيرهما مما يظن أنه من المبادئ الفطرية، لا يعرفه إ ّ لا قلة من المثقفين، ويجهله الأطفال البدائيون أو كما يسميهم الأنثروبولوجيون وأ ما المبادئ العملية . Prélogique " بأصحاب الذهنية "ما قبل المنطقية سواء كانت خلقية أو قانونية و تشريعية فيختلف الناس في أمرها، باختلاف الزمان والمكان. إن القيم الأخلاقية إذا كانت في جوهرها واحدة ، فإّنها في مادتها نسبية : فما هو عدل أو خير بالقياس إلى هذا، ليس بالضرورة كذلك بالقياس إلى ذلك. ويمكن تعميم هذه القاعدة الواقعية على أشخاص وشعوب وحضارات باختلاف الحدود الزمانية والمكانية. نستنتج من كلّ ما سبق أن أنصار النزعة التجريبة حاولوا إبطال و تفنيد كل مسلمات المذهب العقلي ، في مجالي المعرفة و العمل ، فرفضوا التسليم بقدرة العقل على ابتداع معارف و أحكام و معاني كلية ، كما رفضوا التسليم بوجود أفكار عقلية سابقة لكل تجربة ، كما رفضوا أيضا المبدأ الصوري كمعيار للحكم الأخلاقي ، فحتى الأخلاق بالنسبة لهم تخضع لحكم التجربة . 2 العلم في كل صوره ، يرجع إلى التجربة . أ نشأت فكرة السببية نشوءا طبيعيا عند الإنسان بسبب ما كان يلاحظه من تغير الأشياء. فما انفك الشيء الواحد يتغير ويتبدل حالا بعد حال، حتى يأخذ العقل في التساؤل: أيكون ثمة علاقة بين الحموضة مثلا، التي حلت بالطعام وبين ارتفاع الحرارة في الهواء المحيط به؟ وإذا كان هناك علاقة بينهما فماذا تكون؟ يقول" لوك": "ليس في العقل شيء جديد إ ّ لا وقد سبق وجوده في الحس أولا". * وذلك لأن من فقد حاسة، فقد المعاني المتعلقة بها. فالليمونة مثلا، يصل إلينا لونها عن طريق البصر، ورائحتها عن طريق الشم وطعمها عن طريق الذوق وملمسها عن طريق اللمس؛ فلو تناول هذه الليمونة كفيف البصر يحيط بكل أعراضها وصفتها إلا لونها. فالكفيف محروم من فكرة الألوان، والأصم ليس محروما من الأصوات فقط، بل من النطق وما يقتضيه من ألفاظ ومعان. فلولا الحواس لما كان للأشياء الخارجية وجود فضلا عن وجودها في العقل، فمن فقد حاسة فقد علما. * ولأن مفهوم السببية يستوحى من التجربة. فقد لاحظ الناس في جميع الأجيال والعصور، أشياء معلولة، و أخرى عللا لها. و ربطوا الأولى بالثانية؛ فأصبحت فكرة العلة مقترنة بفكرة المعلول، اقتران المتضايفين الذين لا يفهم أحدهما، إلا بالإضافة إلى الآخر. وهذه الرابطة القوية الدائمة التي اكتسبت بالتجربة، هي أساس ما نسميه بالضرورة، في مبدأ العلية. ومعنى هذا، أن مبدأ العلية ضروري، لا بمعنى أن العقل بمحض فطرته، يدرك بداهته، ويقينه كما يقول العقلانيون، بل لأن التجربة د عمته وقوته و ربطت بين طرفيه برباط قوي. و بهذه الطريقة، يف سر "هيوم" و"ميل"، المبادئ الأخرى التي يدعي العقلانيون أنها ضرورية يقينية. لا شيء من الأفكار"يستطيع " :" David hume يقول "هيوم 1 أن يحقق لنفسه ظهورا في العقل ما لم يكن قد سبقته ومهدت له الطريق انطباعات مقابلة له" 2. ويقول أيضا، "العادة هي المرشد العظيم للحياة البشرية؛ فهذا المبدأ وحده هو الذي يجعل خبرتنا ذات نفع لنا، ويتيح لنا أن نتوقع في المستقبل سلسلة من الحوادث شبيهة بسلسلة الحوادث التي ظهرت فيما مضى؛ وبغير تأثير العادة نكون على جهل تام بكل أمر من أمور الواقع" 3. فالمبادىء هي مجرد عادات فكرية. إن "هيوم " لا يعترف بوجود اقتران ضروري بين الظواهر لأن المشاهدة لا ترينا وجود قوة خالقة تنتقل من العلة إلى المعلول. فكل ما هنالك هو أن الحوادث يتلو بعضها بعضا. وليس بينها سوى تعاقبٍ ثابتٍ. وبذلك ينقل فكرة العلية من معانيها الأرسطية إلى معنى 1776 )؛ يجب التذكير بأّنه هو الأب الروحي للمذهب - 1 دافيد هيوم ( 1711 التجريبي. . 2 رسالة في الطبيعة، عن زكي نجيب محمود، دافيد هيوم، ص 181 3 زكي نجيب محمود، نفس المصدر والصفحة. التتابع المجرد بين السبب والمسبب أي التتابع الذي لا يعني شيئا أكثر من أن السبب سابق لمسببه فيما دّلت عليه التجربة (العادة) ، وقد كان يمكن من الناحية العقلية و النظرية، أن يجيء الترتيب على صورة أخرى 1 لكنه جاء هكذا. فنحن نشاهد كرة "البلياردو" تتحرك وتصدم كرة أخرى فتحركها. فإننا هنا ، لم نر أية قوة داخلية أو خارجية انتقلت من الكرة الأولى إلى الكرة الثانية، بل كل ما حدث هو أن حركة الكرة الأولى تلتها بعد الصدمة ، حركة الكرة الثانية. فاعتدنا القول: إن الحركة . الأولى سبب والثانية مسبب 2 ويرجع الترابط بين الأفكار إلى قانون تداعي المعاني، بالتشابه أو التجاور الزماني أو المكاني أو بالعلاقة العلية. و بهذا، التي ظن العقليون أنها فطرية، (Postulats) ف سرت المبادئ المسلمة وعامة تصدق في كل زمان و مكان. و من ذلك، أنه اعتبر مبدأ العلية، مجرد عادة ذهنية، تنشأ عند الناس، كّلما رأوا حادثتين مطردتي الوقوع أي كل ما نتصور إمكان وجوده أو عدم وجوده . ؛Contingent 1 جائز و ممكن 2 تجدر الإشارة إلى أنه إذا قلنا بأن الحرارة تسبق تمدد المعادن، فنحن هنا نربط بين الحرارة والتمدد بشكل سبب ومسبب لفائدة عملية، وهي الحصول على التمدد. أ ما العلم الحديث، فإنه لا يقصد إلى أي الظواهر سابق وأيها لاحق، وإنما يقصد إلى القانون وهو تفسير حتمي للظواهر أو تعبير عن علاقات ثابتة بين الظواهر بمتحولات وتوابع. وعندما يتمكن العلم من تقدير هذه المتحولات ومن معرفة نسبتها إلى بعضها، يضفي على العلاقات التي تحكم الظواهر صيغة كمية رياضية. .( (ج. بوقلي حسن، قضايا فلسفية، ص 469 أو متتابعتين باستمرار، ترتب على هذا عندهم، اعتقاد بأن اللاحق (أي النتيجة) يتبع السابق ( العلة)، ويتمثل هذا الاعتقاد في ميل الإنسان إلى أن يتوقع حدوث لاحقٍ متى وقع ساب ٌ ق عليه. ولا يعقل أن تعرف رابطة العلية بالاستدلال العقلي، إذ لا يمكن استنتاج معنى المعلول من معنى العلة؛ وهل كان في وسع امرئ أن يستنتج بعقله من نظرته إلى الماء أنه أصل الحياة؟ و هو موقف شبيه بموقف أبي حامد الغزالي من فكرة العلية حيث يقول : "الاقتران بين ما يعتقد في العادة سببا و بين ما يعتقد مسببا ليس ضروريا عندنا ... لا إثبات أحدهما متضمنا لإثبات الآخر، ولا نفيه متضمنا لنفي الآخر" . * ولأن الأفكار تتبع آثار الحواس. ولا فرق في ذلك، بين مبدأ التعليل وأي قانون استقرائي آخر. يذهب "هيوم" إلى أن الفكرة ليست سوى "نسخة من انطباع مماثل" بحيث "لم تتعد القدرة الخلاقة التي يقر بوجودها أهل العقل، أكثر من أن تكون ملكة تتولى عملية تركيب وتخفيف المواد التي توفرها لنا الحواس والتجربة". وأنه من الحادثة-السبب بحكم وجودها، يستحيل استنتاج قبليا أي أثر منها. فمن فكرة برودة الماء، لا يمكنا استخلاص فكرة تصلبه أو تحوله إلى ثلج. وبالفعل، فإنه إذا تأكدت لنا علاق ٌ ة سببية، فذلك يتم بين ظواهر متنافرة ومنفصلة عقليا. ومن هنا وجب استبعاد الفكرة الميتافيزيقية الساعية إلى الوقوف على مصدر السببية في الكائن ذاته. يميز "هيوم" كما ذهب إليه "لوك" من قبله، بين الأفكار البسيطة والأفكار المركبة. فالمركبة هي الأفكار التي ينتجها الفكر البشري نفسه عن طريق ترابط الأفكار البسيطة. والأفكار البسيطة هي على العكس من ذلك، الأفكار التي لا يصنعها الفكر والتي لا يحدسها، وإّنما هي تلك التي يجب بالضرورة أن يستقبلها من التجربة . وبصورة عكسية الآثار الحسية هي المرجع الأخير الذي نقيس به صحة الأفكار وحقيقتها؛ فإذا استطعنا أن نرجع الفكرة إلى أصلها الحسي كانت صادقة، وإلا فهي وهم واختلاق من العقل؛ وليس لها أصل مما تلقته حواسنا من آثار. حقا إن هناك أفكارا مركبة لا تماثل الآثار الحسية، ولكن لو حللناها ألفيناها مك ونة من عدد من الأفكار البسيطة التي تنشأ من الحواس مباشرة، وعلى ذلك تكون تلك الأفكار المركبة صحيحة. وما دامت الأفكار تتبع آثار الحواس، وهذه الآثار الحسية لا تكون إلا في تجارب الحياة، فليس ثمة إذن، أفكار مفطور عليها العقل منذ ولادته على الإطلاق.، ب إن العلم بجميع أنواعه، لا يرجع فقط ، إلى التجربة، بل ويتسع في كل صوره، كلما اتسعت تجارب الإنسان . * لأن جميع أفكارنا، تتطور وتتسع مع ما نكتسبه من خبرة، في حياتنا اليومية. لقد وقع مبدأ الحتمية في أزمة حقيقية وعلمية تصدى لها أكثر الفلاسفة المحدثون. ويقول "لويس دو بروي" في كتابه "المادة والضوء" تحت عنوان أزمة الحتمية : "يعتقد الناظر إلى الطبيعة وإلى السماء أن كل شيء يسير بانتظام، وبصورة ثابتة لا تتغير، وكأ ن القبة السماوية وبكل ما فيها عبارة عن ساعة دقيقة، فكل ظاهرة طبيعية فيها لا بد لها من نظام تسير عليه...ولكن قد اتضح بعد الكم) التي تفسر المادة على أنها )Quanta دراسة نظرية الكوانتا 1 جزئيات مرتبطة بموجة وظهور نسب اللاحتمية و الارتياب التي وضعها "هيزنبرغ"، والنظرية النسبية التي وضعها الع ّ لامة "أينشتاين"، بأن الحتمية ليست دقيقة وأن جميع القوانين التي نعرفها ليست دقيقة أيضا". ومهما كانت هذه النسبة في عدم الدقة صغيرة جدا، فإن القول بأن القوانين مطلقة فطرية كانت أو مسلم بها قول لا ينطبق مع الواقع المتغير. إن مبادئ العقل لما تكتمل بعد ولما تستقر على شكل نهائي. إنها لا تزال غير كلية، ولا يعتقد كل الناس بصحتها. وإّنها . في تطور مستمر بطيء جدا لتصبح عالمية وثابتة 2 * ولأنه أمام ما تؤكده التجربة العادية والتجربة العلمية، تبقى المبادئ العقلية غير قابلة للبرهان ليس فقط، في مذهب العقلانيين باسم البداهة والفطرة، ولكن أيضا، في مذهب التجريبيين باسم أسبقية العالم الخارجي لعالم الأفكار وتأثيره على الحواس، ومسؤوليته في إنشاء التصورات العقلية. هذا، لما كانت التصورات الماورائية الميتافيزيقية، وما تنتجه من فلسفات ، تشوِّش حقيقة الأشياء ، و تموه مصدرها الأول ،أقام التجريبيون المحدثون و المعاصرون العلم على التجربة و الرياضة؛ فبلغ إنكار "هيوم" للتفكير الميتافيزيقي ، حدا بعيدا إلى درجة أّنه قال بضرورة إحراق كل كتاب ، لا يقوم على الرياضيات أو التجربة. . Max Planck 1 مصطلح وضعه العالم الفيزيائي ماكس بلانك . 2 وفيق العظمة، علم النفس الحديث، ص 302 * ولأنه أيضا، وفي هذا السياق، أخذ أهل الوضعية المنطقية على أنفسهم ألا يعترفوا بغير الواقع المحسوس الذي يمكن إخضاعه لمناهج الملاحظة والتجربة. واهتموا بالفكر باعتباره لغة يتحتم عليها أن تنطبق مع الواقع الحسي وواقع الأحكام المنطقية. وقرروا أن "لا فكر ولا تفكير وكل ما هناك ألفاظ". وكل لفظ لا يشير إلى شيء محسوس يمكن التثبت منه بالتجربة، يبقى عديم المعنى فلا يوصف بالصدق ولا بالكذب. إن اللغة ألفاظ خداعة فارغة من المعنى ولكنها تثير عند الذين يستخدمونها مشاكل لا وجود لها إلا في أذهانهم، فيضطرهم توهم وجودها إلى بذل الجهد العنيف في سبيل حلها 1. فلا معنى للحديث عن العلل الأولى والمبادئ المطلقة والأوليات التي تسبق كل تجربة. إن أحكام المنطق الصحيح إنما هو الحقائق وقوانينها والظواهر والعلاقات الثابتة التي تربط بعضها بالبعض الآخر. أما البحث العقلي في موضوع المطلق فلا طائل تحته. وباختصار، يمكن القول بأن مصدر المعارف العلمية أو الأخلاقية التي يحملها الإنسان، إنما هو التجربة لدى الفلاسفة التجريبيين أو الحسيين؛ و ذلك، لأن نشاط العقل بأكمله ، ينطلق من العالم الخارجي فضلا عن حياة الناس ومشاكلها الطبيعية. وإذا كان كل ذلك يشكل المنبع الأساسي الأول الذي ينهل منه الإنسان معطياته الأولى، فذلك، لأنه يملك القدرات العقلية المؤهلة لذلك. فالأمر الذي آل إليه، المذهب التجريبي، هو أن التجربة أولا، ثم العقل، بعد ذلك. وهكذا، تتأكد . 1 توفيق الطويل، أسس الفلسفة، ط. 5، ص 270 (1804 – كانط ( 1724 مسلمات المذهب في القول بأن العقل: لا يستطيع أن يبتدع بالفطرة المعاني والتصورات. وليست له القدرة على خلع صفة الصدق على ما يبتدعه من معرفة، وأن العلم في كل صوره، يرجع في النهاية، إلى التجربة. الفلسفة النقدية بين العقلانيين والتجريبيين III استطاع " كانط " بتص وره الخاص للعقل أن يتجاوز مشكلة التعارض بين العقلانيين والتجريبيين، في مجالي المعرفة والأخلاق : أولا : في المجال المعرفي ماذا يمكنني أن أعرف ؟ يرى "كانط" أّننا في حاجة إلى حقائق و مبادئ كلية تحمل طابع الضرورة الداخلية بقطع النظر عن العالم الخارجي؛ وحتى تبقى ضرورية ومطلقة في ذاتها، وجب أن تكون مستقلة عن التجربة. فالمعرفة الرياضية مثلا، ضرورية تؤكدها التجربة اليوم وفي المستقبل. 1) يمكن أن + ولهذا فليس من قبيل الممكن الاعتقاد طيلة حياتنا بأن ( 1 يكون غير ( 2) لأن هذه حقيقة سابقة لعالم التجربة وهو عالم لا يعطينا شيئا سوى أحاسيس منفصلة وحوادث متفرقة قد يطرأ عليها تغير في تعاقبها مستقبليا. ولكن العقل من جهة أخرى، عضو نشيط يح ول . الإحساسات المادية إلى أفكار، والوقائع المشتتة إلى وحدة فكرية محكمة 1 إن الآثار الحسية هي المادة الخام التي تبدأ بها التجربة والحافز على تنشيط العقل. إّنها لم تبلغ حد المعرفة لأنها منفصلة مفرقة. ثم إننا لا نختار و نصطفي مما يصلنا من إحساسات إ ّ لا ما يمكن تحويله إلى إدراكات حسية تتناسب مع إرادتنا في تلك اللحظة. فإذا كنا نريد الجمع فإن الرقم ( 3) والرقم ( 7) يتحولان إلى ( 10 )، وإذا كنا نريد الضرب تحولا إلى ( 21 ) مع العلم بأن الإحساس الذي يصلنا من الرقمين هو واحد كلتا العمليتين: الجمع والضرب؛ وبأن الغرض الذي كنا نريده هو الذي تغير. إن الإحساسات والأفكار فيما يقول "كانط"، هي خدم لنا تنتظر دعوتنا ولا تأتي إلى أذهاننا إلا إذا احتجنا إليها 2.إن النظام والوحدة والسياق لم يأت من الأشياء نفسها. وفي سياق تقريب المصدرين المعرفيين، يقول"كانط": " إن الإدراكات الحسية بغير المدركات العقلية عمياء"، وأن قوانين الفكر هي قوانين الأشياء أيضا 3. إن عقل الإنسان ليس لوحا جامدا من الشمع تكتب عليه الأحاسيس؛ و التجربة إرادتها المطلقة و المتقلبة و ليس سلسلة من الحالات العقلية .إّنه عضونشيط . 1 ويل ديورانت قصة الفلسفة، ص 335 . 2 ويل ديورانت قصة الفلسفة ، ص 338 . 3 ويل ديورانت المصدر السابق، ص 342 يسبك و ينسق الإحساسات إلى أفكار ، عضو يحوِّل ضروب التجربة الكثيرة المشوشة و غير المنظمة إلى وحدة من الفكر المنظم المرتب. ثانيا: في المجال الأخلاقي : ماذا يجب أن أعمل ؟ يمكن التماس رأي كانط في مستويين: مستوى العقل العملي ومستوى الإرادة، وفي ما تركته من آثار في غيره. 1 العقل العملي وفي مجال الأخلاق، يربط "كانط" بين العقل النظري والعقل العملي أي بين المبادئ القبلية والنزوع إلى الخير. ويقيم الأخلاق (أو على تعبيره "الواجب") على ثلاثة مبادئ و مسلمات عقلية متكاملة وثابتة : وجود الله وخلود الروح والإرادة الحرة، لأنه لا معنى لسلوك خير من دون الأخذ أولا، بإله مطلق يراقب الأعمال، وبدون ثانيا، الإيمان بخلود الروح التي تستحق الجزاء، ومن غير الانطلاق مسبقا، ثالثا و أخيرا، من كون الإرادة حرة تتحمل عواقب أعمالها عند الاقتضاء . ومن القواعد الأساسية التي تلخص المبادئ الكلية في الأخلاق، قوله: " اِعمل بحيث تكون إرادتك، باعتبارك كائنا ناطقا، هي الإرادة المشرعة الكلية". فبموجب القانون الأخلاقي المفطور في نفوسنا يكون العمل فاضلا و صالحا لا بسبب ما ينتج عن هذا العمل من نتائج حسنة و طيبة أو بما فيه من حكمة و لكن لأ ن هذا العمل قد أدى وفقًا لهذا . الشعور الداخلي بالواجب 1 2 الإرادة الخيرة وما يحدد هذه الإرادة التي يقوم عليها الواجب، عند "كانط" ليس أي "مضمون" أو شرط تجريبي، بل هو الضرورة الخالصة للقانون الأخلاقي. فالأوامر على نوعين، كما يلاحظ "كانط" :أوامر شرطية مقيدة، وأوامر قطعية مطلقة؛ الأولى ُتلزم المرء بإتباع الوسائل الضرورية لإدراك الغايات المنشودة، كأن يقول له قائل: "إذا أردت أن تحبا سعيدا كن صالحا"، فالحياة السعيدة مرتبطة بأن يكون صالحا ، وأ ما الثانية، فهي أوامر مستقلة عن أي غاية كقوله : "كن أمينا "و" كن صادقا " دون أن يربط هذا بالغايات أو الوسائل ؛ فهذا الأمر كلي وشامل، و يصلح لكل شخص وفي كل زمان ، و لأن الأمانة فضيلة في حد ذاتها و الصدق فضيلة في حد ذاته . وهذا انطلاقا من قاعدة " كانط" المشهورة: " اعمل الواجب من أجل الواجب "، فالتاجر يجب أن يكون أمينا بغض النظر عن علاقة ذلك بمعاملاته التجارية مع زبائنه . وتتصف هذه الأوامر المستقلة والمطلقة بأنها قوانين ؛ أي أنها قوانين مجردة وعامة و مطلقة غير مقيدة بإطاري الزمان و المكان . 1 قصة الفلسفة ل "ول ديورانت" ، ترجمة فتح الله المشعشع المرجع السابق ، . ص 218 خاتمة: حل المشكلة وعند العودة إلى السؤال المشكل الذي انطلقنا منه، وبعد عرضنا وتحليلنا لمذهبي العقلانيين والتجريبيين، يمكن القول بأننا وصلنا إلى موقف جديد جمعت بينهما الفلسفة النقدية مع "كانط". وإذا كان لا بد من الإجابة المباشرة كحل للمشكلة، نقول بأنه لا يعقل رفض المذهبين معا، لأن لكل واحد منهما موقفا متماسكا و متناسقا من قضيته ، وهو صادق بالنظر إلى سياقه ونسقه ومنطقه و مسلماته ؛ وقد نرفض أحدهما لعدم اقتناعنا برأيه كموقف فلسفي شخصي، أو لأّنه لا يتماشى مع ميولنا ومعتقداتنا وتصوراتنا الفكرية. وقد نقبلهما معا كنسقين مختلفين إذا جاز لنا عدم رفضهما معا كما م ر بنا. وقد نهذب التنافر بينهما، بنقل القضية ونقيضها إلى منطق جديد هو المنطق الحركي حيث يفرض التركيب ضرورته، ونتجاوز بهذا الأسلوب، التقابل التقليدي السكوني و الستاتيكي بين العقلانيين والتجريبيين. تطبيق : تصميم مقالة فلسفية : تبدو المسلمة التالية صالحة : " التجربة هي مصدر جميع معارفنا "، و تقرر لديك إبطالها، ماذا تصنع؟ مقدمة: طرح المشكلة حتى نعرف أن لون هذا الثوب أصفر أو أبيض، أو نعرف إن كان الجو باردا أم دافئا يجب أن نحس بذلك، و هذا دفع بعض الفلاسفة إلى الاعتقاد أن معارفنا تعود إلى التجربة الحسية. لكن في الوقت نفسه نملك معارف لا يوجد لها مقابل في العالم الحسي، كالخير و العدل والصداقة...الخ ، و هذا يثير لدينا شكا حول الأطروحة القائلة أن مصدر جميع معارفنا هوالتجربة. و منه يمكن التساؤل: هل تعود فعلا، جميع معارفنا إلى معطيات الحس فقط ؟ محاولة حل المشكلة: * عرض منطق الأطروحة: الأصل الأول للمعرفة الإنسانية هو التجربة، وليس العقل. لأن العقل لا يستطيع أن ينشئ المعاني والتصورات الكلية من لا شيء ، و على نحو فطري، و لا أن يعطي صفة الصدق للمعرفة التي ينتجها. والعلم في كل صوره، يرجع إلى التجربة. وذلك لأن العقل قبل التجربة، يكون عبارة عن صفحة بيضاء، ويبدأ في اكتشاف العالم الخارجي عن طريق الحواس. وذلك أيضا، لأن من فقد حاسة، فقد المعاني المتعلقة بها. إن الأعمى بالميلاد لا يمكنه معرفة اللون أو تشكيل أي صورة ذهنية له، مهما كان رجحان عقله. *عرض منطق المناصرين و نقده: يقول "لوك": "ليس في العقل شيء جديد إلا وقد سبق وجوده في الحس أولا". و قرر الوضعيون المنطقيون: أنه "لا فكر ولا تفكير وكل ما هناك ألفاظ". وكل لفظ لا يشير إلى شيء محسوس يمكن التثبت منه بالتجربة، يبقى عديم المعنى فلا يوصف بالصدق ولا بالكذب. ولأننا: نعرف الملموس قبل المجرد والخاص قبل العام. ولا نصل إلى المجرد و العام إلا انطلاقا من الملموس و الخاص. ولأن: ما نسميه مبادئ العقل ليست سوى أفكار أمدنا بها الواقع. إن مبدأ السببية مثلا يستوحى من التجربة، إذ لاحظ الناس في جميع الأجيال والعصور، أشياء معلولة، و أخرى عللا لها. و ربطوا الأولى بالثانية؛ فأصبحت فكرة العلة مقترنة بفكرة المعلول. لأن : جميع أفكارنا، تتطور وتتسع مع ما نكتسبه من خبرة، في حياتنا. وتخبرنا التجربة أن عدد الأشياء التي رفض العقل أول الأمر الاعتراف بها، ثم قبلها في النهاية، لعدد كبير جدا. ( فكرة مركزية الأرض و كرويتها ). إذا كان الواقع يثبت أن الفاقد لحاسة من الحواس فاقد لما يقابلها من المعارف، فإنه يثبت أهمية الحواس في المعرفة، و لكنه لا يثبت أّنها مصدرها الوحيد. إذن الحواس شرط للمعرفة وليست سببا لها، و هذا ضعف منطقي في فلسفة كثيرٍ من التجريبيين ( الخلط بين السبب و الشرط). إن الخبرة التجريبية ذاتها أثبتت أن الحواس خدعتنا، و لهذا يجب أن لا نثق بالمعارف التي تمدنا بها الحواس، ما لم يتثبت العقل من صدقها. ألا ترى أن العصا المستقية إذا غمست في الماء تبدو في الحس ( البصر) منكسرة لكن العقل يحكم باستقامتها. والطائرة المحلقة في الأجواء كلما ابتعدت بدت للعين أصغر لكن العقل يثبت أنها صارت أبعد. *إبطال الأطروحة بحجج شخصية: لا يوجد أي مبرر تجريبي يثبت أن صدق الأحكام على حالات جزئية يستلزم صدقها على جميع الحالات المماثلة، و الحواس لا تطلعنا إ ّ لا على معطيات جزئية، لكن المعرفة العلمية لا تكون إلا كلية. إن اليقين الملحوظ في العلوم الصورية كالرياضيات والمنطق هو المثل الأعلى لليقين الذي تريد أن تصل إليه البشرية في المعرفة. وهذا اليقين نفتقده في المعرفة التي تقوم على معطيات الحس. لأن معطيات الحس لا تكف عن خداعنا قال "ديكارت" ( و هو أحد العقلانيين ): "كل ما تلقيته حتى الآن على أنه أصدق الأشياء وأوثقها، قد تعلمته من الحواس أو عن طريق الحواس: غير أنني اختبرت أحيانا هذه الحواس، فوجدتها خداعة؛ وأنه من الحذر ألا نطمئن أبدا إلى من خدعونا ولو مرة واحدة". حل المشكلة: و مما تقدم يمكن القول أن الحواس شرط ضروري للمعرفة الإنسانية، لكنه ليس شرطا كافيا بمفرده لتحقيقها، و من هذا يلزم عن غيابه غيابها، و لا يلزم عن وجوده وجودها. فالتجريبيون بالغوا في تقدير أهمية الحواس في إنشاء المعرفة الإنسانية، في مقابل العقلانيين الذين بالغوا في التقليل من شأنها. إذن التجربة الحسية ليست المصدر الوحيد الذي تعود إليه جميع معارف. الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 12:21:06 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد الداعي إلى رجوع الإنسان إلى ذاته الباطنية لتحقيق ماهيته ومن ثمة ، تحمله تبعات كل ما يترتب عن ذلك ، من قلق ؟ *** تصميم الدرس مقدمة: طرح المشكلة المذهب البراغماتي: الأسس الفكرية والمنطقية للمذهب البراغماتي I أولا : كيف ولماذا وقع رفض الفلسفات التقليدية المجردة؟ ثانيا : ما هي القواعد التي ساعدت على تأسيس فلسفة عملية؟ المذهب الوجودي: الأسس الفكرية والمنطقية للمذهب الوجودي II أولا : هل الطبيعة التي يتصف بها وجود الأشياء تشبه طبيعة وجود الإنسان؟ ثانيا : أليس بإمكان الإنسان التمرد عن نظام الأشياء؟ ثالثا : وهل المعرفة الحقيقية تأتي من عالم الأشياء أو من العالم الداخلي للإنسان؟ رابعا : وهل يرتجى من كون الإنسان إنسانا، الحصولُ على السعادة أو الارتماءُ في يَمِّ المخاطرة وما يترتب عنها من قلق وشؤم؟ خاتمة : حل المشكلة. تطبيقات مقدمة : طرح المشكلة إنه على الرغم من المفارقات التي نلمسها في المذهبين ، المذهب البراغماتي والمذهب الوجودي، ومن خصوصيات مصدرهما، فهل لأحدنا الحق في طرح التساؤلات التالية : أيهما الأصلح بالنسبة إل ي: المذهب الذي يقدم لي الوسائل والأدوات التي تساعدني على العمل والنجاح فيه أم هو الذي يهيئ لي فرصة الرجوع إلى ماهية ذاتي أتأملها؟ هل هو الذي يعود عل ي بفائدةٍ تحل مشاكلي النظرية والعملية التي تواجهني، أم هو الذي يسوقني إلى أعماق نفسي فأعيها وأتدبرها وأعيش ما يخالجها من حالات نفسية؟ هل هو الذي يرفع عني الغموض الذي يخيِّم على مستقبلي حيث يستريح عقلي وتطمئن نفسي، أم هو الذي يمدني بحكمة البدء قبل كل شيء، بمعرفة حقيقة وجودي وبإمكانيات إثباتها من خلال ما أصنع وما أفعل؟ للرد على هذه التساؤلات، يجدر بنا الوقوف على الأسس الفكرية والمنطقية التي يرتكز عليها كل من المذهبين: البراغماتي والوجودي. المذهب البراغماتي: الأسس الفكرية والمنطقية I يقوم المذهب البراغماتي (الذرائعي) على ركيزتين أساسيتين: أ : رفض الفلسفات التقليدية النظرية والمجردة لأنها لا تخدم انشغالات الإنسان و لا تحل مشاكل حياته اليومية في عصرٍ َتن َ شط فيه الصناع ُ ة و تزدهر فيه الحركة الاقتصادية. ب : تأسيس منهجٍ جديد أو فلسفة عملية إجرائية . ألا تلاحظ ، أيها المتعّلم، أن كل الفلسفات الجديدة تنطلق من عدم كفاية الفلسفات السابقة عن الإحاطة ببعض القضايا والإجابة عن بعض التساؤلات، وهذا ما يدفع بالفلاسفة إلى البحث عن نسق جديد يحاولون من خلاله تقديم إجابات و حلول لها ؟ أولا : ما هي القواعد التي ساعدت على تأسيس فلسفة عملية ؟ 1 نشوء المذهب نشأ المذهب البراغماتي( الذرائعي) في أمْريكا مطلعَ C . القرن العشرين على يد ثلاثةٍ من أعلام المفكرين:" تشارلز بيرس 1910-1842 ) و"جون )"W. James 1914-1839 ) و"وليم جيمس ) "Peirce 1952-1859 ). وق رر، بحكم منشئه في هذا المحيط )" J . DEWEY ديوي المتصنِّع، استنكارَ و رفض الفلسفة التقليدية ، والسع ي إلى بناء منهجٍ عصر ي يساير حاجات الناس المتجددة، وتقلبات رغباتهم اليومية؛ وهو منهجٌ يدعو إلى التحول من " الفكر للفكر" نحو"الفكر للعملّ ، استجاب ً ة لضرورات الحياة واستشرافا للمستقبل. 2 تعريف المذهب البراغماتية أو الذرائعية 1 مذهب "فلسفي" يجعل من كل فكرة أو منطلق أو مسلمةٍ ذريع ً ة و وسيلة لتحقيق غايات عملية تعود بالنفع على الإنسان بالمفرد أو على الناس بالجمع. ومهما كانت طبيعة هذا المنطلق الذي نأخذ به حسي ً ة كانت أو عقلية أو ميتافيزيقية فإن المهم (Pragma) " أن نحقق بواسطته مطال ب عملية فعلية. ولفظ "براغمَه ( سنة ( 1878 " Peirce باليونانية يعني العمل والمزاولة؛ أدرجه " بيرس في كتابه "كيف نجعل أفكارَنا واضحة". وكل موضوع هو مجرد وسيلة لتحقيق أغراض الإنسان النظرية منها، والعملية 2. والحياة كّلها عند " جون ديوي" 3، هي تواُف ٌ ق بين الفرد وبيئته. فإذا كانت الحقيقة هي القيمة الفورية للفكر، فعوضا أن نتساءل عن مصدر الفكرة ومن أين جاءت أو استمدت أو ما هي مقدماتها، فإن البراجماتزم تفحص نتائجها. وهي تبتعد عن كنه الشيء ومصدره، و تتجه إلى نتيجة الشيء و ثمرته وعقباه. فعوضا أن نتساءل و يستخدم "ديوي" مصطلح الأداتية ،(Le pragmatisme) 1 أو البراغماتزم " المعرفة العقلية آلة و وظيفة في خدمة مطالب الحياة ". Instrumentalisme. 2 وليم جيمس، البراغماتية، الترجمة العربية، محمد علي العريان، دار النهضة 65 ) استأنس أيضا، ب توفيق الطويل، أسس - العربية، القاهرة، 1965 ، ص: ( 64 . الفلسفة، ط. 5، ص: 65 3 من أهم كتبه : " المدرسة و المجتمع " و" الديمقراطية و المجتمع " و المنطق : نظرية البحث " . عن ما هو الشيء و نضيع أنفسنا و نضل في البحث عن كنهه وماهيته أو حقيقته أو نتساءل عن أصله، فإن البراجماتزم تتساءل عن نتائج الشيء . وبذلك تح ول وجه الفكر إلى العمل و المستقبل 1 أ العبرة بالنتائج إن أول مقياس يؤسس عليه الذرائعيون قيم َ ة أيِّ فرض من الفروض أو فكرة من الأفكار أو منطَلقٍ من المنطلقات، هو تحقيق منفعة عملية. وكل فكرة لا تحمل في طياتها مشروعا قابلا لإنتاج آثارٍ عملية نفعية، ُتعتبر خراف ً ة ، شأُنها شأنُ الكلام الفارغ. ، ففكرة القلم تشير إلى ما يمكن أن يقدمه لي من منافع عملية، لذلك رفض" بيرس" في البداية كل الأفكار الميتافيزيقية و اللاهوتية، لكنه تراجع و قبَِلها فيما بعد و لكن بشرط أن تكون ذا َ ت قابلية لبلوغ منفعة عملية أو روحية ومن ذلك مثلا ، فإنهم يعتبرون المعتقد الديني صادقا و حقيقيا، طالما ترتَّبت عليه آثا ر و نتائ ج عملية في حياتنا اليومية؛ وهذا يعني أن صدق المعتقد وصدق المعنى مرهونان بآثارهما العملية 2. لقد كان "فرديناند شيلر" 3 يتسامح في قبول كلِّ مسلَّمة ولو كانت ميتافيزيقية متى أمكن الإفادُة منها في الحياة الدنيا، (ومتى قصدت أيضا، إلى تحرير العقل 1 قصة الفسفة ، ول ديورانت ترجمة الدكتور فتح الله المشعشع ، مكتبة المهارف . بيروت، ص 377 . (241- 2 وليم جيمس، البراغماتية، ن.م.، ص ( 239 3 (Ferdinand Schiller 1864-1937). من قيود العرف وجمود التقليد وطغيان السلطة) . مثال ذلك أننا نبحث دائما عن مبررات ودوافع العمل . ومن ذلك أيضا، أن البراغماتيين يَقبَلون كلَّ التيارات: يقبلون التفكير المنطقي، وكذا نشاط الحواس؛ ويوافقون على الأخذ في حُسبانهم أبسط التجارب، وأخ صها. وحتى التجارب الصوفية يقبلونها إذا ما ترتبت عنها نتائج عملية. ومن هنا، نفهم كيف استحالت الفلسفة على يدهم، إلى منهج لاختبار فاعلية الأحاسيس والأفكار في الحياة؛ وكيف انصرف التفكير معهم من المبادئ والأسس إلى النتائج والغايات . ويؤكد " بيرس" في كتابه "كيف نوضح أفكارنا لأنفسنا"؟ أن كل فكرة (أو اعتقاد) لا تنتهي إلى سلوك عملي في دنيا الواقع، تعتبر فكرة باطلة؛ وأن العبرة في ذلك، هي العمل المنتج بدلا من التخمينات الفارغة؛ وفي هذا العمل بالذات، نقرأ الصدق والحق 1. ومقياس هذا الصدق أو الحق في رأي " شيلر"، لا يقوم في مطابقته لموضوعاته، بل في مدى ما يحققه من نتائج للبشرية، وليس ثمة حق يقوم بمعزِل عن هذه البشرية. وما يحققه من نتائج عملية، لا يمكن إ ّ لا أن يكون ناجحا. ويعلق "إد لوروا" على مفهوم البراغماتية بقوله :"أعتقد فقط، سواء في النظام العلمي أم في النظام الأخلاقي ،إ ن إحدى علامات الفكرة بفعالية، « العمل » ل « الأداء » الصحيحة هي خصوبتها، قابليتها ل و أعتقد أ ن هذه القابلية لا تتجلى إ ّ لا بالتجربة" . . 1 عن توفيق الطويل، نفس المصدر السابق، ص 65 ب العبرة بالنتائج الناجحة ويتمثل النجاح في التوافق بين مستقبل الوقائع ورغبات الإنسان وأمانِيه. وفي حالة الإخفاق، يظل المستقبل غامضا حيث يتعين على الفرد العيش في قلق وكآبة واضطراب عقلي. ولهذا، فإن المنهج الصحيح هو ذلك الذي يحدد الآفاق المستقبلية التي يتحقق فيها التناغمُ الفعلي بين تطلعات الأفراد وأحلامهم. إّنه الوصول إلى حلول لمشكلاتٍ نظرية لا عن طريق تحليلها تحليلا نظريا أو عن طريق افتراض فروض َقبْلية مستقلة عن التجربة، بل يكون حل المشكلات بمتابعة آثارها الملموسة ونتائجها الحِ سية بحيث إن لم يكن للمشكلة نتيجٌ ة من هذا القبيل أو أن يكون لحلها أث ر نافع في الحياة، كانت المشكلة باطلة. يقول "جيمس": "إن آية الحق النجاح، وآية الباطل الإخفاق 1" ويضيف أيضا: ." "الفكرة الصادقة هي تلك التي تؤدي بنا إلى النجاح في الحياة 2 ج المرونة والمراجعة المستمرة لا يوجد فرض أصد ُ ق من فرض آخر، ولا فكرة أحق من فكرة أخرى، إذ أن الصدق الوحيد هو الواقع المتقلب نفسه. وما يبرر ذلك، أن التجربة هي في تجدد مستمر، وحركة دائمة. ولكي يكون نشا ٌ ط معرف ي نشاطا يستحق أن نصفه بالصدق، يلزم أن يوفِّق بين معارفنا . 1 وليم جيمس، المصدر السابق ، ص : 237 .(353- 2 وليم جيمس، المصدر السابق ، ص : ( 352 القديمة والتجارب الجديدة ؛ فالصدق هو صدق بالنسبة إلى الواقع الذي ليس سكونيا ولا ثابتا على حال. د الصدق صدق لأنه نافع وفي هذه النقطة، يصرح "جيمس" بقوله: "إني َاستخدم ، البراغماتية بمعنى أوسع، أعني أنها نظرية خاصة في الصدق" 1 والمعروف أن مبحث الصدق هو أحد المباحث الأساسية لنظرية المعرفة. ويؤكد بأن الصدق و المنفعة صفتان مترادفتان للفكرة : "أسمي الفكرة صادقة، حين أبدأ بتحقيقها تحقيقا تجريبيا؛ فإذا ما انتهي ُ ت من التحقيق وتأكد ُ ت من سلامة الفكرة، سميتها نافعة 2، ويضيف قائلا: "إن هذه الآثار التي تنتهي إليها الفكرة،هي الدليل على صدقها أو هي مقياس صوابه" 3 ، و"أن التفكير هو أولا و آخرا ودائما، من أجل العمل"، و "تص و رنا لأي شيء ندركه بالحدس، ليس في الواقع إ ّ لا أدا ً ة نحقق بها غاية ما"، و أن أساس التفكير هو ما يواجهه الفرد من مشكلات . ولهذا، فإن الفكرة تستمد صدقها بواسطة الأحداث. إنه لمن العبث مثلا، أن يوجد تطاحن بين النظريات المضادة وأن يستغرق 1 راجع وليم جيمس، ن.م.، مفهوم البراغماتية للحقيقة. .(353- 2 وليم جيمس، ن.م.، ص: ( 352 3 إن الأطروحات الجامعية تفقد معناها إن لم تتحول إلى عمل نافع؛ وهذا معروف منذ العشرات من السنين في الجامعات الغرْبية وخاصة منها الأمريكية حيث لا قيمة لبحث إن لم يتحول إلى تطبيق أو لا يرتجى منه خير. الباحثين الجدلُ في (أيهما حق وأيهما باطل؟)؛ فالنزاع بين الماديين والروحيين عبث ومضيعة للوقت، فهو لن ينتهي إلى نتيجة تؤثر في سلوكنا العملي، ولك ن النظر إلى مستقبل العالم، يرجِّح كفة المذهب الروحي، لأنه يملأ الإنسان أملا، ويثير في نفسه التفاؤل، ويمكِّنه من احتمال متاعب الحياة. وهنا، يجتمع الصدق والنفع، أو بتعبير أدق، ليس الصدق صدقا إ ّ لا لأنه نافع، وليس نافعا إ ّ لا لأنه وسيلة تستجيب . للواقع المشخص للإنسان 1 ويدعم "ديوي" هذا الموقف، بتأكيده أن الفكر ليس إلا ذريعة لخدمة الحياة؛ ويطالب بتطبيق المنهج العلمي في شتى مجالات التفكير، وهو منهج يصطحبه الباحث في الخروج من نطاق الفكر إلى نطاق العمل. وبهذا، يظل مخزونُ الفكر اقتراحا لحل مشكلة، فإن وُفِّقت إلى حله، كانت صوابا 2. وإذا كان هذا المخزون نظري ً ة، فإنها تصبح أداة للبحث بدلا من إجابة عن لغز وبالتالي تنتهي من كل بحث. فهي لا تصلح لنا من أجل أن نستريح، وإّنما من أجل أن نندفع إلى الأمام، لُنعيد بناء العالم من جديد، وُننعش أفكارنا البالية 3 وأمام هذا المخزون المتحجر، فإ ن البراغماتية تمنح أفكارنا مرونة غير مسبوقة وتجعلها تتحرك. فبينما نكون قد امتلكنا مجموعة من المعارف، فإذا بتجربة جديدة طارئة تضفي عليها بعض الاضطراب: فهذا شخص مثلا يناقضها، أو نحن بأنفسنا .(241- 1 وليم جيمس، نفس السابق ص: ( 240 (67- 2 عن توفيق الطويل، نفس المصدر السابق ص: ( 66 3 (Recycler ses idées pour s’aligner sur de nouvelles données) . نكتشف في فترة تأمل، بأنها متناقضة، أو يبلغنا أن هناك ظواهر تتوافق معها، أو تطرأ فينا رغبات لم تعُدْ تحقُِّقها. وهنا، يتولد انزعا ج لم يَعْهَدْه تفكيرنا. وللخروج منه، فلا عيب في أن نغير أفكارنا السالفة. ومن المفيد هنا، أن ُنذكِّر بأن الصدق ليس في مجرد المطابقة، وإنما في إثراء العالم الموجود وإمداده بالجديد. أما الصدق في ذاته، كما تذهب إليه الفلسفات التقليدية، فلف ٌ ظ أجو ُ ف لا يحمل معًنى. فهو ليس مجرد صفة عينية تقوم في طبيعة الفكرة أو المعتقد، كما يزعم أنصار النزعة الصورية من الفلاسفة، ولا هو حق بصرف النظر عن ظروفه، كما هو لدى العقلانيين؛ و؛ إنه كالسلعة، قيمُتها تقدر بثمنها الذي يُدفع فيها فعلا في السوق. ومع ذلك، فإن الإنسان ليس مصدر الحكم على الأشياء بالصدق أو الكذب. "إن كل ما يرشدنا إلى الحق فيما يقول "ديوي" فهو حق". إن الوقائع المادية والعلاقات فيما بينها، ليست في حد ذاتها صادقة ولا كاذبة، وإّنما هي أشياء موجودة فحسب. إنها خرساء، ونحن الذين نكتشف قيمَتها من خلال تجلِّياتها النفعية، فَنصِفها بالصدق أو بالكذب. ولهذا، فإن المصدر الوحيد للمعرفة الصحيحة هو الواقع؛ إ ّ لا أن هذا الواقع لا يرضى لنفسه السكونَ المطلق ولا الانغلاق عن طبيعة رغباتنا المتقلبة. إنه واقع خاضع لنا أي أنه ليِّ ن مَرِ ن قابلٌ للتشكيل والتعديل. وتوضيحا لهذه العلاقة بين الصدق والأغراض النفعية، يضرب " وليام جيمس" المثال الآتي: يمكنك أن تعتبر العدد 27 مكعب العدد 3 1) أو باقي طرح 73 من 100 + 9) أو حاصل جمع ( 26 × أو حاصل ضرب ( 3 أو بطرقٍ لا نهاية لها؛ وكلها صادقة. إننا نضيف إلى العالم من صنعنا؛ .... وكل إضافة هي مطابِقة له وليست واحدة من هذه الإضافات بخاطئة 1 وباختصار، إن النَّ سق الذي تبنَّاه المذه ب البراغماتي الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 23 مارس - 12:22:21 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد و هو عند " ماركس " فقدان الإنسان لحريته و استقلاله الذاتي بتأثير الأسباب الاقتصادية أو الاجتماعية و يصبح ملكا لغيره أو عبدا للأشياء المادية . 1، و من الفلسفات الرائدة في هذا المجال نذكر الفلسفة الوجودية أو المذهب الوجودي، و المنطلقات التي يأخذ بها الوجوديون لتقريب مختلف وجهاتهم الفلسفية 2، تكمن في أربعة تساؤلات : أولا : هل الطبيعة التي يتصف بها وجود الأشياء تشبه طبيعة وجود الإنسان؟ ثانيا : أليس بإمكان الإنسان التمرد على نظام الأشياء؟ ثالثا : وهل المعرفة الحقيقية تأتي من عالم الأشياء أو من العالم الداخلي للإنسان؟ رابعا : هل يرتجى من كون الإنسان إنسانا، الحصول على السعادة أو الارتماء في المخاطرة وما يترتب عنها من قلق وشؤم؟ 1 طرائق تدريس الفلسفة و التربية ، د صالحة سنقر و د ملكة أبيض .مطبعة خالد . 1986 ، ص 33 / بن الوليد دمشق 1985 2 وهم فرقتان: المسيحية والملحدة؛ الأولى تشد نفسها إلى عقيدة، هي تقول بالمشاركة والمحبة؛ وتضم "سورين كيركجورد" الدانمركي (ت. 1855 ) و "غابرييل مارسيل" (ت. 1973 ) و"لويس لافيل" و "كارل ياسبيرس" (ت. 1960 )؛ والثانية ترى بأن الوجود مأساة جاثمة لا معنى لها، والغير هو مصدر عذاب الذات، وأنه ليس ثمة ذات مفردة معطاة وحدها بل كل ذات تفترض بطبعها، الغير الذي تساكنه ونوجد معه؛ وهذا الغير يستولي على وجود الذات بما يفرضه عليها من أحوال وأوضاع؛ وينضوي ( تحتها "هيدجور" (ت. 1976 ) و"سارتر" (ت. 1980 ) و"ألبير كامو" (ت. 1960 1986 ) و"جورج باطاي"(ت. 1962 ). وكلتاهما - و"سيمون دي بوفوار" ( 1908 تعترف ب "كيركجورد" بوصفه الأب الروحي للوجودية بكل توجهاتها. انظر للتفصيل، .(13- محمد غلاب: الوجودية المؤمنة والوجودية الملحدة، ص: ( 10 و إجابات الفلاسفة الوجوديين عن هذه التساؤلات هي التي تحدد نسقهم الفلسفي . أولا : هل الطبيعة التي يتصف بها وجود الأشياء تشبه طبيعة وجود الإنسان ؟ هل الأشياء التي أراها في العالم الخارجي هي من نفس الطبيعة التي أنتمي إليها، وهل أنا جزء من نظام الأشياء ؟ هل عالم الأشياء هو حقيق ً ة العالم الذي يناسبني؟ فعندما أقول "الشجرة موجودة " و" أنا موجود" فهل يعني ذلك أننا نشترك في نفس الوجود ؟ أليس الوجودُ وجوديْن: وجو د الأشياء و وجودي أنا ، وجودَ الظواهر الجامدة ووجودَ ذاتي المتغيرة ؟ إن هذه الاستفهامات لا يطرحها الوجوديون لمجرد طرحها. إّنها من الأصداء التي أفرزتها الظرو ُ ف المزرية التي انتهى إليها مصير أوروبا وغيرِها وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية. ولم تمر هذه الأوضاع اللاإنسانية دون أن تؤثر عالميا في مشاعر الناس وتفكيرهم، وتدفعَهم إلى التساؤل عن حقيقة الوجود الإنساني وطبيعة علاقته مع عالم الآخرين وعالم الأشياء ، فالفلسفة الوجودية مذهب إنساني يريد أن يعيد الاعتبار للإنسان من حيث أّنه إنسان و يعبر عن انشغالاته ومعاناته في عالم حاول أن يج رده من كل قيمه الذاتية، لذلك نجد أن الوجود اتخذت مولقف متباينة منها المعتدلة و منها المتطرفة، إن صح هذا القول، في مجال الرد عن هذه التساؤلات . للرد على هذه التساؤلات، يجب التصريح بأن الوجو د . l’Être و وجود لذاته L’Être en-soi وجودان: وجود في ذاته pour-soi 1 الوجود في ذاته وجود الأشياء وهو يمثل عالم الأشياء، وهذه الأشياءُ هي ظواهرُ خارجي ٌ ة قابلة للدراسة العلمية تخضع لتجربة ويفهمها العقلُ، وهي موضوعات ثابتة، لأنها تستجيب لنظام مطَّرد من قوانين الكون، أستطيع أن أحدد ماهيَتها الثابتة و خصائصها و أتصور وجودها بكل أبعاده. فالكتاب هو الكتاب ، و القلم هو القلم ... . 2 الوجود لذاته وجود الإنسان و المقصود به هو الوجود الإنساني الذي يشعر به كل واحد مّنا في عالمه الداخلي. ومن مميزاته أنه ليس وضعا نهائيا ولا ساكنا، وإّنما هو تجاوزٌ مستمر لما هو عليه كل واحدٍ مّنا . نستنتج من ذلك أن وجود الإنسان ، كما يرى الوجوديون ، هو المشكلة الأساسية الأولى في الفلسفة، وهو ملْهِ م كتاباتهم الأدبية والفكرية؛ وبأن الفلسفة ذاَتها َلُتخطئ خطأً جسيما، عندما تمنح الأولوية للفكرالنظري المج رد أو لشرح العالم وتعليله. إنّ الإنسان في بحثه عن الشعور بالطمأنينة والسكينة ، أع رض عن التأمل المجرد والبحث في العالم الخارجي ليتجه نحو التفكير في ذاته وتبطُّنها. وفي هذا السياق، يقول "سارتر" : "إن الأشجار والأحجار هي مجرد كائنات، وأن الإنسان . في هذا العالم هو وحده الذي يُوجَدُ "لذاته" أي يمتلك وِجْدانا " 1 ثانيا: أليس بإمكان الإنسان التم رد على نظام الأشياء؟ وهل الإنسان مشروع أو موضوع ، أي هل ما سأكونه هو سابق لوجودي، أم العكس أي وجودي سابق لماهيتي؟ هل أنا أُقرِّر مصيري أم أن مصيري يتقرر قبل أن أُوجَدَ؟ أليس بإمكاني أن أتمرد عن النظام الذي تخضع له الأشياء ؟هل أستمد ماهيتي من ذاتي أم م ما خارج عنها ؟ يتضمن الجواب نقطتين محوريتين : 1 التمرد على القول بأن الماهية سابقة للوجود من المعروف أن الوجودية ُتعتبر ثورًة عنيفة ضد الفلسفات التقليدية، وخاصة منها الحركة العقلية والمثالية التي بدأت في عهد "ديكارت"، وانتهت عند "هيجل". وذلك لأن هذه الفلسفات : 1 وتعليقا على هذا المفهوم للوجود، يقول لافيل: " إن كلمة الموجود لها معنى واحد في إطلاقها على الإله والممكنات، وعلى الجوهر والعرض". محمد غلاب، ن.م.، ص: 36 . والوجود من حيث هو وجود، يتناول في الفلسفة الإسلامية، الوجود المطلق والوجود المقيد؛ ولكن جميع الموجودات المقيدة تنهل وجودها من المطلق، وأن الوجود الحقيقي في المقيد، هو المقتبس من المطلق. وهذا معروف أيضا، في الفلسفات الكلاسيكية. أ افتقدت الإنسان الواقعي المشخَّصَ : إن الإنسان في هذه الفلسفات مجرد مفهوم فارغ من كل تعيين و تحديد ؛ وظهرت صي ُ غها في هذا الصدد، صيغا عقلية جوفاءَ لا تربطها بِدْنيا الواقع رابط ٌ ة؛ وكأنها تدعو إلى صبِّ جميع الناس في قوالبَ معين ً ة تذوب فيها العواط ُ ف والاعتقادات وأساليب الحياة ومناهج التفكير؛ وهي قوالب تنحصر في معن ى مجردٍ وكلي صالح لكل الأزمان 1 ، على الرغم من أن الإنسان في الحقيقة وكما يقول "كيركجورد"، فرد فريد لا يمكن تكرارُه، ولا يوضَع تحت معنىً أعم؛ ومن هنا، ينحصر في معنىً مجردٍ و لا توجد ماهية مشتركة يمكن أن يشترك فيها جميع الناس . ب وأ ضرت هذه الفلسفات بفهم حقيقة الإنسان التي تتمثل في حضور الشعور ودوامه ؛ إن أبغض شيء إلى الفلسفة والأدب 2البعدُ عن دائرة الوجود الحق وجود الذات، ولا يمكن أن يتساوى عندهما وجودُ الإنسان الفرد ووجود الأشياء. ولهذا، نلاحظ كيف َتنُفر الوجودية من العلم .Chosification وتتهمه بأشنع الاتهامات، كالتعميم و التشييء . وتستعيض عنه بالأسلوب الأدبي 3 1 لقد فهم "هيجل" العالم عن طريق العقل إلى أقصى درجة ممكنة، فسحق كل الخصوصيات الوجودية التي ينفرد بها الوعي. 2 لأن الفلسفة الوجودية خارج أدبياتها، لا تستطيع أن تكون وفية لرسالتها. 3 و هو أسلوب أبلغ للتعبير عن معاناة الإنسان ، كالرواية و المسرحية . ج وجعلت هذه الفلسفات الأشياءَ الخارجية مستقلة عن الذات العارفة ؛ واعتبرتها مصدر الحقيقة، كما هو واضح لدى الواقعيين والوضعيين بوجه أخص . د و تنظر إلى الوجود باعتباره لاحقا للماهية، وليس سابقا لها؛ وَفاَتها أن هذه القاعدَة تنطبق على الأشياء لا على الإنسان. فبذرة البرتقال مثلا، لا تعطينا تِيًنا ولا تفاحا، فهي شجرة لا حول لها ولا قوة سوى أن تستجيب لحتميتها، وهي أن تكون شجرة للبرتقالو هي ماهيتها. أما الإنسان، كما سيتأكد لنا لاحقا، فهو وجودٌ ( مشروع ) يتول ى تحدي د ماهيته بنفسه . ومن هنا، نفهم رفض الفلسفة الوجودية لكثيرٍ من الفلسفات التقليدية التي كانت تنظر إلى الإنسان نظرتها إلى أيّ شيء آخر موجود في الطبيعة، كما تخضع مفهومه لمقولات الفكر والمنطق و العلم، يمكن تعريف الإنسان و تحديد ماهيته كما نصنع ذلك مع أي موضوع من موضوعات الفكر أو العالم الخارجي؛ أي أن الإنسان موضوع يقبل المحمولات من أجناس و أنواع 1 . فالفلسفة الوجودية ترفض، باختصار أن تكون ماهية الإنسان ثابتة ومحدّدة مسبقا. فالإنسان يوجد أولا و هو المسؤول عن تحقيق ماهيته ثانيا. 1 تعريف الشيء ، في المنطق الصوري ، هو ذكر خصائصه ، فالمع رف هو الموضوع و الخصائص هي المحمولات التي ُتْلحق به، كقولنا : الإنسان حيوان عاقل. 2 إثبات القول بأن الوجود سابق للماهية، والتمرد على نظام الأشياء أ الوجود أ و ً لا عرفت، أخي الطالب، أن أهم مشكلة في الفلسفة الوجودية، هي مشكلة الوجود الإنساني، وهذا ما يبرر انتقالها من دراسة الوجود المجرّد ( النظري )، إلى دراسة الإنسان المش ّ خص في وجوده الواقعي، وفي مواقفه الواقعية التي تربطه بزمانه ومكانه وظروفه وأحواله. ولماذا يجب أن يبحث الفيلسوف عن المعرفة الصحيحة في أعماق نفسه؛ ، لذلك يمكن القول مع "سارتر" على لسان المتكلم: "أنا أفكر، فأنا إذن كنت موجودا" ؛ أي الوجود أولا، والتفكير أو العمل ثانيا... فأنا (الموضوع) لست هذا المحمول أو ذاك ؛ فلي أن أكون. وفي ما يشبه هذا السياق، يقول "سارتر" كذلك : "سأكون عندما لا أكون" ؛ أي سأكون، ما سأكون قد أنجزته إلى حلول الموت ؛ أي المشروع الذي حاولت أن أحققه . وهنا ندرك أن " كوني موجودا " يعني إني كائن يفعل ويتمثل فيما يفعل و ينجز. فأنا أُفرغ ذاتي (وكياني) بأكملها في العمل؛ فأنا ما أفعله و ما أحققه . ومعنى هذا، أن وجودي يقوم في بداية الأمر، بغير ماهية ؛ مجرد مشروع ؛ وأكون عند ولادتي ناقص الصورة ، لأني الكائن الوحيد الذي يكمن وجوده، في حريته، على عكس الحال مع سائر الكائنات. إن حريتي في اختيار موقف دون آخر، تجعل من المستحيل التنبؤُ باختياري مقد ما، ومن ثمة، أبقى الكائنَ الوحيد الذي أحدد ماهيتي، و أكون ما أشاء. ب التمرّد على نظام الأشياء ولكي أحدد ماهيتي، وجب أنْ َاختار، ولكي َاختار وجب أن أكون موجودا؛ ولأنني متمرد على طبيعة الأشياء، ولأنني مشروع لا موضو ع، فأنا لا أتوقف عن الاختيار،ولا عن تحمل المسؤولية بكل أبعادها. والشيء الذي يقف حجَرَ عَْثرَةٍ أمام محاولات تعريفٍ ثابت للإنسان، هو مصي ره و تحقيقه الذاتي المتغير، وهنا يحذرالوجوديون من التعريف 1 الجامع المانع له،لأن كل إنسان هو ما ينتهي إلى صناعته؛ ولهذا، فتعريفه يستمر ناقصا غيرَ مكتمِل قبل نهاية حياته؛ فالقول بأن الإنسان هو ثلاث نقاط (أي هوكذا و كذا ...) أو نقطة استفهام (ماذا؟)، َلَتعْري ٌ ف يعوِّض نقصَه المحمولُ عند انتهاء الحياة. والمقصود بالمحمول الماهي ُ ة التي كان يسعى إلى تحقيقها إلى يوم الرحيل، فالإنسان مشروع ناقص، غيرقابل للتحقيق أبدا . 1 بمعنى أّنه لا توجد طبيعة إنسانية ثابتة ولا خصائص مشتركة ، إ ّ لا كون الإنسان ح را. " سارتر و سيمون دي بوفوار نستنتج من كل ما سبق أن الفلسفة الوجودية، بعد أن رفضت الفلسفات التقليدية ، حاولت أن تؤسس لفلسفتها الخاصة و تدافع عن أفكارها الخاصة منها على وجه الخصوص : فكرة الماهية سابقة للوجود ؛أي أن الإنسان هو الموجود الوحيد الذي يحدّد ماهيته انطلاقا من مشروعه الخاص و الذي لن يكتمل أبدا ، و بالتالي فإن ماهيته ستظل ناقصة و لا يمكن الإحاطة بها ، كما هو الحال في موضوعات العلوم المختلفة . ثالثا : وهل المعرفة الحقيقية تأتي من عالم الأشياء أو من العالم الداخلي للإنسان؟ وهل الأداة التي أُدرك بها الأشياء، هي نفسُها التي أعرف بها ذاتي؟ أين المعرفة الصحيحة: فهل هي التي تنبُع من أعماقي أم هي التي تجيئُني من عاَلم الأشياء؟ هل هي التي تجعلني أحيا الوجودَ أم هي التي تجعلني أسعى إلى مجرد التفكير في الوجود؟ أيهما الحقيقة، التفكير في وجود العالم الخارجي أو استبطان ذاتي لذاتها والعيش معها؟ 1 الشعور أو الحدس هو الوسيلة التي ُتناسِبُني وإذا كان العقل لا يستطيع أن يتقدم في هذا السبيل لينبئنا عن شيء، أو ليقرِّرَ أمرا، فلا منا ص من استعمال الشعور؛ فهو وحده الذي يعتمد على تبليغنا أشياء ، كثيرا ما نفتقدها بين المجالات الوجدانية. فهو قادر على الاستمرار، حيثما تنقطع سلسلة الاستدلالات العقلية والمقارنة الفلسفية الخالصة . وإذا كان العقلانيون يقدسون العقل، ويضعونه فوق كل اعتبار، فإن الوجوديين يضعون الوجود وما يستدعيه من شعور باطني وانفعالي، فوق كل حقيقة . يقول "كيركجورد" : "إن النتائج التي تنتهي هي وحدها الخليقة بالإيمان، هي وحدها المقنعة (Passion) إليها المحنة 1 فلا حقيقة عند الفرد إ ّ لا ما يحياه وينفعل له. و لهذا كانت كل حقيقةٍ " انفعالي ً ة عنده. ولقد جعل سارتر من الشعور الباطني نقطة البدء الأولى لكل فن، ولكل أدب، ولكل فلسفة، حتى أن التفلسف صار ينبع عنده، من داخل الشعور ومن صميم الوجدان. 2 الشعور هو دائما، يتجه إلى العالم الخارجي، ولا يرضى لذاته، أن تكون منطوية على نفسها. 2 يستلزم بالضرورة، "Husserl إن الأنا المدرِك عند "هُ سرل قصدا مُعينا أي اتجاها نحو موضوع مد رك لأن الوجدان عنده دائما وجدانُ شيء. وفي هذه النقطة، يؤكد سارتر بأن العالم يكون قبل تدخل الوجدان الذي يعرفه، خليطا لامعقولا. وهذا الشعور باللامعقولية هو الذي يجلب "الغثيان" 3. يقول: إن علاقتي بالعالم هي التي صيرَْته بالنسبة إل ي ذا دلالة، إذ أنه صار قابلا للمعقولية، وهو يتكون من ظواهرَ هي التي تؤلف الموجودات الحقيقي َ ة. ومعنى هذا، أن العالم "الفي ذاته" لا يسير إلى الوجود، إلا بواسطة الإدراك الذي لدينا عنه. وإذن، فالعاَلمُ يتن وعُ بتنوع الأفراد والشعوب والعصور، بل إن السيكولوجيا التقليدية قد سجلت أن .Crainte et tremblement, p. 1 (الخوف والقشعريرة): 165 2 وهو صاحب الفلسفة الظواهرية الذي يرجع إليه الفضل في وضع الأرضية التي أقامت عليها الوجودية حركتها. .(La Nausée ؛ 3 ولقد سمى إحدى رواياته ب"الغثيان" ( 1938 الر سام وعالِمَ طبقات الأرض والمهندسَ والراعي يرون في المشهد الطبيعي الواحد أشيا ء مختلفة، ولك ن الفلاسفة لم يعرفوا كيف يستخلصون النتيجة المُرادَة من هذا. ولسنا نحن الذين نتعلق به، وإنما هو الذي يتعلق . بنا مطلقا، وهو بدوننا ليس شيئا 1 وعليه، فالإنسان هو الذي يخلق العاَلمَ الحقيق ي الموجود بالنسبة إلينا؛ وليس هذا فحسب، بل إن هذا العاَلمَ المخلوق يتنوع تبعا للغايات التي يهدف إليها الإنسان. 3 الغرض من هذا لقد جعل" كيركجورد" الوجود الذاتي في علاقته مع العالم، أصلا لكل بحث ولكل فلسفة مقابل تصور "هيجل" الذي كان ينظر إلى الفصل بين العقل والوجود، بين الإنسان والعالم على أنه شيء طبيعي ومعقول جدا. قال في يومياته سنة ( 1835 ): " كان شغلي الشاغل أن "أجد حقيق ً ة، ولكنْ بالنسبة إلى نفسي أنا؛ وأن أجد الفكرة التي من أجلها أريدُ أن أحيا وأمو َ ت". وهذا الشغل يفترض الاختيارَ والتغير و الانفراد والذاتية وهو الهم المُتَّصل. رابعا: هل يرتجى من كون الإنسان إنسانا أي من كونه مشروعا ووجودا متراميا، الحصولُ على السعادة أو على العكس من ذلك، الارتما ء في ي م المخاطرة، وما يترتب عنها من قلق وتشاؤم؟ . 1 محمد غلاب: نفس المصدر السابق ص: 56 1 الحرية إن الإنسان حر مختار، وفي اختياره يقرر نقصانه، لأنه لا يملك تحقي َ ق الممكنات كلِّها. فهو يسعى بين الإمكان (وهوالوجود الماهوي) وبين الواقع (وهو الوجود في العالم)؛ وذاُته تعلو على نفسها بأن تنتقل من الممكن إلى الواقع ، فتحقق ما تق رر تحقيُقه؛ وفي هذا التحقيق َتخاط ر، لأنها مع رضٌ ة للنجاح والإخفاق. ومن الشعور بالمخاطرة ينتابه القلق؛ لأنه على وعي بأن تشكيل ماهيته بين يديه ؛ (Le risque) وفي تشكيلها، يتحمل المسؤولية ليس فقط، عن اختياره كوجود ، وإّنما عن مصائر جميع الناس ؛ ويتم ذلك على الرغم من أن اختياره لا يُقترن برؤية ، ولا يكون مسبوقا بتدبير عقل ي أو تحديدٍ لغاية أو معرفةٍ لبواعث. مما يفضي به لا محالة إلى الضيق والقلق والحيرة . وإذا كان الواحد مّنا مضطرا إلى الاختيار، فذلك لأنه لا بد من أن يفعل ، إذ الفعل هو الوجود وبغيره لا يوجد الفرد. ولكي يفعل ، ليس في وُسعه أن يفعل كل الممكنات ، بل لا بد له من أن يختار أحدَ أوْجُه الممكنات العديدة . لكن الاختيار معناه نبُذ إمكاناتٍ أخرى موضوعة أمامه، وهذا الإقرار مخاطرة. ومن هنا، قال "كيركجورد" : إن الاختيار يجر إلى الخطيئة وإلى المخاطرة ؛ والمخاطرة بطبعها ، تؤدي إلى القلق . واليأس 1 1 عن عبد الرحمن بدوي، دراسات في الفلسفة الوجودية، راجع فصلي المقال، .(49- كيركجورد ، ص ( 30 والحرية اختيار مطلق؛ والاختيار ينطوي على النبذ، مما يسمح للعدم بوُلوج الوجود. و لهذا، كان في الوجود هُوٌَة وثغرة لا يمكن ملؤها أبدا. و لا سبيل إلى الخلاص من اليأس. ليس منشأ القلق عند "سارتر" ، الأحاسيسَ والعواطف على نحو ما هو عند غيره من الوجوديين، وذلك طبيع ي ، لأن الفكر عنده، يبدو أنه يخنق العواطف أو يكتم أنفاسها. وإّنما منشؤه هو مجموعة نتائج اختيارنا للقواعد التي يسير عليها في سلوكه ، دون أن يستطيع الحكمَ على قيمتها التي هي ذاُتها ، تنشأ من هذا الاختيار نفسه ؛ وأصل هذا القلق هو شعور الفرد في أثناء فعله الحر، بالخطيئة الناشئة بالضرورة عن الاختيار، لأن الاختيار نبٌذ للممكنات. 2 الموت أما اللحظات العليا للوجود، فهي تلك التي يكون فيها الوجودُ مهددا في كيانه الأصيل، إنها وجود الموت؛ لأنه إذا كان لا بد من الموت، فماذا يبقى للحياة من معنى؟ وهذا التساؤل له وق ع شديدُ الألم لدى الوجوديين الملحدين، بوجه أخص. أما الوجوديون المسيحيون 1، فإن الإنسان عندهم، معلق في كل لحظة بالأمر الإلهي الذي يحتفظ به في الوجود. إلا أنه يعيش هو الآخر، القلق الذي يزيد زيادة مطردة بسبب شعوره الحاد بالسير المتواصل نحو الموت. 1 وكذا لدى المسلمين المعاصرين أمثال عبد الرحمن بدوي. 3 تناقض الوجود وإذا كانت الأشياء متناهية، فلماذا أعيش بين المتناهي واللامتناهي، بين الزمني والسرمدي؟ أليس هناك ما يدعو إلى القلق المستمر؟ وفي هذه النقطة، يرى سارتر بأن الوجود في ذاته، مَلْ ء ثابت ليس فيه من الدينامية شيء؛ فهو يستحيل أن يكون مجلوبا من غيره أو من موجود ممكن؛ لأنه يتعلق بوجود الأشياء والموضوعات، كالشجرة والجبل وهو المعنِي بالواقع؛ أما الوجود لذاته، فيتصف بالتغير وعدم ويمكن أن ،Anéantissement التماسك؛ فهو يحمل عنصر الإعدام 1 . يُهدم نفسه ليجعل من نفسه شيئا آخر 2 والوجود في ذاته متناه؛ وسِ ر التناهي فيه، هو دخولُ الزمان في تركيبه. أما الوجود لذاته، فهو وجود يَدخل في مق وماته العدمُ، والعدم يكشف عن نفسه في حال القلق. وهذا الوجود تناقض، لأنه نقطة التلاقي بين المتناهي واللامتناهي بين الزمني والسرمدي. فهو في فرديته المتناهية مغمو ر في الزمان، يعود إلى نفسه ويدور حولها مؤكِّدا لنفسه في عينيتها و فردانيتها . ولكن الوجود بوصفه حضورا في اللامتناهي وفي السرمدية، 2 ما دام الإنسان يختار، فإنه بالضرورة يحمل أسباب عدمه؛ فقد لا يتمكن من تحقيق كلّ مشاريعه؛ و قد يخطئ الصواب . و يتجلى ذلك في إخفاقاته و انزلاقاته . 2 عبد الرحمن بدوي: نفس المصدر السابق ص، 169 وما بعدها. إنما يعود إلى الله ، إلى المطلق 1 . و في هذا، تقاطع بين الفردية المنطوية على نفسها، والحضرة المشارِكة في الرابطة مع الله. هكذا إذن، نخلص إلى أن وجود الأشياء لا يعرف (لا يعيش) وجود الزمن أ ولا، ولا يدرك معنى الحرية ثانيا؛ أما الإنسان فهو وحده الذي يستطيع أن يُحِ س بالحرية ويشعر بمدلولها وامتداداتها. وهو الكائن الوحيد الذي يحس بالوجود الحقيقي. 4 تعدد الوجدانات مصدر للنزاعات هذا، وإن الآخرين بالنسبة إل ي كما يعبر عن ذلك سارتر، ليسوا سوى موضوعاتٍ كالموضوعات الأخرى، وإذن فهُم يتعلقون بي أنا الذي هُم مَدينون لي بوجودهم في العالم. ولكني أعرف أنهم ذوو وجدانات مِثلي، وأنهم يتمثلون العالم في وجداناتهم حَسْبَ وجهات نظرهم؛ بل أنا نفسي متض من في هذا التمثل بالنسبة إليهم كوسيلة أو كأداة. وبسبب هذا التعدد للوجدانات، قد حدثت تلك المنازعات. ففي الواقع، أنه عندما يقتحم أحدُ الآ َ خرين تمثُّلي للعالم، أشعر بأن العالم يَفِ ر مني، وأن عناصره تنتظم حول القادِم الجديد؛ وحينئذ، أشعر أن جميع الأشياء التي كانت لي، ُتدير وجهَها نحو هذا الآخر، وَتفِ ر مني إليه ؛ ولا يكتفي هذا الآخرُ بأن يسرق العاَلمَ مني، بل هو يريد أن يَستخدِمَني أنا نفسي. إّنه يحاكمُني وت ُ كون له عني فكرٌة حسب جسمي؛ أي حسب ما مضى دون أن يكترث بمشروعاتي، أي بما أريد أن أ ُ كوَنه في 1 وهو تعبير يستعمله المؤمنون من الوجوديين. المستقبل ؛ وذلك الذي أريد أن أكونه هو وجودي الحقيق ي. وإذا لم أدافع عن نفسي ، فإ ن ما يريد أن أكونه، سأكوُنه ؛ وإذ ذَّاك أجد نفسي شيئا بين أشياءِ عاَلمِه هو. ومن هذا، ينشأ العارُ وينشأ شعوري بأني كائ ن، قد سُلبَ ْ ت منه مميزاُته وصار تابعا. وهنا، فجوهر العلاقة بين الوجدانات، ليس هو الرابط بينها، الموضوعالأصلي : جميع الدروس مستوي التالثة تانوي تسير واقتصاد // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
صفحات الموضوع | انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5 |
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |