نفق الموتى
|
الاطباء كانوا يجرون تجارب عجيبة على المرضى .. |
كما أسلفنا فأن الأطباء في مطلع القرن الماضي كانوا يعتقدون بأن شفاء الوحيد للسل يكمن في التغذية الجيدة والراحة التامة والتعرض لأشعة الشمس والهواء الطازج النقي بصورة مستمرة. وفي الحقيقة فأن العديد من مرضى ويفيرلي هيلز استعادوا عافيتهم وغادروا المصحة، لكن هناك أيضا المئات ممن لم يسعفهم القدر فماتوا.
كانت طرق العلاج بدائية وقاسية أحيانا، كان المرضى يسحبون على أسرتهم يوميا ليوضعوا قبالة شباك كبير مفتوح من اجل التعرض للهواء النقي وأشعة الشمس، هذه العملية كانت تجري يوميا لساعات طويلة ومهما كانت طبيعة الجو، حتى في الشتاء عندما تهطل الثلوج وتتدنى درجات الحرارة لما دون الصفر كان المرضى يوضعون قبالة هذه الشبابيك وهم يرتجفون من شدة البرد.
وبسبب طبيعة المرض الغامضة آنذاك، كان الأطباء يستخدمون مرضاهم أحيانا كفئران تجارب. كانوا يخلعون ضلع أو ضلعين من القفص الصدري للمريض لكي يتركوا للرئة مساحة أوسع للتمدد والتنفس، وفي بعض الأحيان كانوا يتركون الصدر مفتوحا لكي تتعرض الرئة لأشعة الشمس مباشرة!!. و الأغرب من ذلك هو أنهم كانوا يقومون في بعض الحالات المتأخرة للمرض بإدخال بالون إلى رئة المريض ثم ينفخونه لكي تتوسع الرئة!.
|
نفق الموت المرعب .. والى اليسار صورة مخرج النفق عند اسفل التل |
كان الذين يتماثلون للشفاء تماما يغادرون المصحة ليتلقاهم ذويهم بالأحضان عند البوابة الرئيسية، أما أولئك الذين يقضون نحبهم داخل المصحة فكانوا يغادرون عبر نفق طويل ينحدر لمسافة مئة وخمسون مترا أسفل المصحة نحو بوابة صغيرة تقع عند قاعدة التل الذي تنتصب فوقه المصحة. كانت جثث المرضى تسحب ويتم إخراجها عبر هذا النفق لكي لا يراها بقية المرضى فتخور معنوياتهم لأن الأطباء في ذلك الزمان – واليوم أيضا - يعتقدون أن معنويات المريض لها الدور والأثر الأكبر في التعافي والشفاء. ويقال بأن بعض العاملين في المصحة كانوا يتعاملون مع جثث الموتى برعونة وعدم احترام لحرمتها، فكانوا يقومون بسحلها أو دحرجتها كالبراميل إلى أسفل النفق ليكدسوها مع بقية الجثث، وبسبب هذه التصرفات اكتسب هذا النفق سمعة سيئة ودارت الكثير من القصص المخيفة حوله.
|
ظل الغموض يحيط بطبيعة عمل المبنى لسنوات طويلة .. |
بحسب بعض الإحصاءات فان عدد المرضى الذين ماتوا داخل المصحة خلال نصف قرن من الزمان يقدر بحوالي 64000 شخص ، أما السجلات الرسمية للمصحة فتشير إلى عشرة آلاف فقط. وفي واقع الأمر كان عشرات المرضى يلفظون أنفاسهم يوميا في أوج تفشي الوباء، لكن ثلاثينات القرن المنصرم شهدت انحسار المرض بشكل كبير، وأدى تصنيع المضادات الحيوية في الأربعينات إلى تقلص عدد المرضى إلى درجة انعدمت الحاجة معه إلى مصحات ضخمة ومكلفة مثل مصحة ويفيرلي هيلز التي أغلقت أبوابها تماما كمصحة لعلاج السل عام 1961، لكن تم افتتاحها ثانية عام 1962 كمستشفى لعلاج ورعاية المسنين تحت اسم " Woodhaven Geriatrics Hospital ".
ولعقدين من الزمان كان الغموض يحيط طبيعة عمل المشفى الجديد الذي دار حوله الكثير من اللغط، البعض زعموا بأن تجارب سرية تجري داخله، فيما زعم آخرون بأنه متخصص بعلاج الأمراض العقلية وصار الكثير من الناس يعتقدون بأنه مستشفى للمجانين. وبعيدا عن الشائعات والتكهنات فأن أمورا غير طبيعية جرت فعلا داخل المستشفى وأدت إلى إغلاقه نهائيا عام 1981 على اثر فضيحة متعلقة بتعذيب وإيذاء المرضى.
|
المالك شجع المشردين على تخريب مبنى المصحة .. |
وبعد إغلاقه تناوب على امتلاك المبنى عدة أشخاص، ويقال بأن المالك الثاني أراد هدمه لإنشاء مجمع سكني مكانه، لكن قانون الولاية كان يمنع هدم المباني الأثرية، لذلك بذل المالك جهده لكي يسقط المبنى من تلقاء نفسه، فشجع المشردين على تخريبه وسرقة محتوياته، وقام بحفر خندق مائي حوله لتخريب أساساته. لكن بالرغم من كل ذلك، ولسوء حظ المالك، فأن المبنى أبى أن يسقط وظل صامدا، بيد أنه أصيب بخراب كبير بطبيعة الحال وتحول إلى مبنى كئيب موحش، وراح الناس يتناقلون قصصا غريبة عما يجري داخله، فالعديد من المشردين الذين كانوا يدخلون المبنى ليلا من اجل المبيت أو السرقة شاهدوا في ردهاته وممراته المظلمة أمورا جعلتهم يفكرون مرتين قبل أن يقتربوا منه مرة أخرى.
وفي عام 2001 اشترى المبنى زوجان شرعا بتنظيم جولات سياحية لعشاق قصص الأشباح ومحبي الأحداث الغامضة وسرعان ما صار المبنى من أشهر الأماكن المسكونة في أمريكا، اخذ الناس يتحدثون عن الأصوات الغريبة والمجهولة المصدر التي تتردد بين جنباته، الأبواب التي تغلق وتفتح من تلقاء نفسها والمصابيح القديمة التي تضاء رغم أن الكهرباء مقطوعة عن المبنى منذ عقود! وصرخات الرعب القادمة من نفق الموتى الموجود أسفل المبنى.