لِدوا لِلمَوتِ وَاِبنوا لِلخَرابِ | فَكُلُّكُمُ يَصيرُ إِلى ذَهابِ |
لِمَن نَبني وَنَحنُ إِلى تُرابٍ | نَصيرُ كَما خُلِقنا مِن تُرابِ |
أَلا يا مَوتُ لَم أَرَ مِنكَ بُدّاً | أَبيتَ فَلا تَحيفُ وَلا تُحابي |
كَأَنَّكَ قَد هَجَمتَ عَلى مَشيبي | كَما هَجَمَ المَشيبُ عَلى شَبابي |
وَيا دُنيايَ ما لي لا أَراني | أَسومُكِ مَنزِلاً إِلّا نَبا بي |
أَلا وَأَراكَ تَبذُلُ يا زَماني | لي الدُنيا وَتَسرِعُ بِاِستِلابي |
وَإِنَّكَ يا زَمانُ لَذو صُروفٍ | وَإِنَّكَ يا زَمانُ لَذو اِنقِلابِ |
وَمالي لَستُ أَحلُبُ مِنكَ شَطراً | فَأَحمَدَ غِبَّ عاقِبَةِ الحِلابِ |
وَمالي لا أُلِحُّ عَلَيكَ إِلّا | بَعَثتَ الهَمَّ لي مِن كُلِّ بابِ |
أَراكَ وَإِن طُلِبتَ بِكُلِّ وَجهٍ | كَحُلمِ النَومِ أَو ظِلَّ السَحابِ |
أَوِ الأَمسِ الَّذي وَلّى ذَهاباً | فَلَيسَ يَعودُ أَو لَمعِ السَرابِ |
وَهَذا الخَلقُ مِنكَ عَلى وَفازٍ | وَأَرجُلُهُم جَميعاً في الرِكابِ |
وَمَوعِدُ كُلِّ ذي عَمَلٍ وَسَعيٍ | بِما أَسدى غَداً دارُ الثَوابِ |
تَقَلَّدتُ العِظامَ مِنَ الخَطايا | كَأَنّي قَد أَمِنتُ مِنَ العِقابِ |
وَمَهما دَمتُ في الدُنيا حَريصاً | فَإِنّي لا أُوَفَّقُ لِلصَوابِ |
سَأَسأَلُ عَن أُمورٍ كُنتُ فيها | فَما عُذري هُناكَ وَما جَوابي |
بِأَيِّ حُجَّةٍ أَحتَجُّ يَومَ ال | حِسابِ إِذا ذُعيتُ إِلى الحِسابِ |
هُما أَمرانِ يوضِحُ عَنهُما لي | كِتابي حينَ أَنظُرُ في كِتابي |
فَإِمّا أَن أُخَلَّدَ في نَعيمٍ | وَإِمّا أَن أُخَلَّدَ في عَذابِ |