إدوارد نيلوصف، المرشح حاليا لنيل جائزة نوبل للاقتصاد، والذي يوجد في الجزائر للمشاركة في ندوة ''الخبر'' المنظمة اليوم، انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة بذلك الملاكم المغمور الذي يقترح عليه منازلة بطل العالم في الوزن الثقيل، وهو يعلم مسبقا أنه سيسحقه لا محالة• واقترح نيل في هذا الحوار على الدول المغاربية توحيد عملتها لمواجهة أوروبا وأمريكا، مؤكدا أن فكرة صرف 55 مليار دولار في التنمية يستلزم لا مركزية القرارات ومشاركة المواطن في تحديد الأولويات، لأن استيراد التجهيزات والعمالة لا يضمنان نجاح هذا المشروع• وفيما يلي نص الحديث• ما هو رأيكم في تجارب الدول التي خاضت تجربة الخوصصة والإصلاحات الاقتصادية؟ l قبل الذهاب بعيدا في الرد لابد من توضيح مسألة هامة جدا وهي ضرورة التفرقة بين الخوصصة واللامركزية، فهما مفهومان غير مترادفين، فالخوصصة قد تعني في كثير من الأحيان اللامركزية، وهي أداة مفيدة، ولكن لابد من الانتباه إلى نقطة هامة، وهي أن الخاص أو الشركة الخاصة تسعى دائما للربح، فالمحرك والهدف الأساسي عند الشركة الخاصة هو الربح والخطورة، وفي بعض الأحيان تتعارض مصلحة الشركة الخاصة مع مصالح الجمهور العريض، والأخطر من ذلك يحدث عندما تكون الشركة الخاصة تعمل في بلد ما والمركز يكون خارج ذلك البلد، وحينها قد تتعارض المصلحة الخاصة مع المصلحة الوطنية العامة• وهذا أخطر سيناريو يمكن أن يقع فيه بلد تصبح مصالحه تسيّرها شركات خاصة غير وطنية• وهناك بعض النماذج الناجحة لابد أن ندرسها بجد، فمن بين الدول المتقدمة جدا نجد مثلا النرويج ومن الدول المتقدمة ماليزيا وسنغافورة اللتان استطاعتا أن تنجحا اقتصاديا على الرغم من نظام سياسي متسلط• وهناك أيضا نموذج لولاية داخل الهند ''كارولا'' التي يبلغ عدد سكانها 31 مليون نسمة، حيث لا يتجاوز دخل الفرد يوميا 1,5 دولار، وقد تندهشين إذا قلت لك أن الأمية في هذه الولاية 0 في المائة، وأن 24 بالمائة من السكان في الجامعات من بينهم عدد كبير من النساء، وقد تندهشين أكثر إذا قلت لك أن الأمل في الحياة في هذه الولاية هو 80 سنة بالنسبة للمرأة و77 بالنسبة للرجل• فهذه الولاية وعلى الرغم من فقرها إلا أنها ناجحة اجتماعيا، والدرس هو أنه يمكن تحقيق رخاء اجتماعي• قررت الحكومة الجزائرية ضخ 55 مليار دولار لدعم النمو الاقتصادي، هل تعتقدون أن هذا هو الحل المناسب لبلد مثل الجزائر؟ l ليست لدي الكفاءة والمعرفة الكافيتين لأخوض في موضوع الجزائر، ولكن ما يمكن أن أنصح به هو أن المشكل عادة يكون في التطرف في مركزية اتخاذ القرارات• فلابد أن تكون قرارات صرف هذه المبالغ الكبيرة لا مركزية، بمعنى أنه يمكن للبلدية مثلا أن تعد برنامجا محليا بمشاركة المواطنين لتحديد الأولويات وصرف المبالغ اللازمة لتمويل هذه المشاريع• ويمكن للدولة أن تسيّر هذا الغلاف المالي ولكن بطريقة ذكية وحديثة تتمثل في تحفيز العاملين على إنجاز المشاريع، بحيث تعمل الدولة بطريقة القطاع الخاص وتظل المصلحة الوطنية هي السيدة• ومن الخطأ الاعتقاد أن إنفاق هذا المبلغ الهام في استيراد التجهيزات والعتاد لا يضمن النمو الاقتصادي وأن جلب العمالة الأجنبية للبلد يضمن النمو الاقتصادي، فلابد إذا أردنا النجاح من إشراك الفرد والتركيز على تكوينه بحيث يستوعب الأساليب الحديثة في التسيير والإنتاج• تحضّر الجزائر للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة بعد أن وقّعت على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، فهل سيكون لذلك تأثير على الاقتصاد الجزائري، إن سلبا أو إيجابا؟ l باختصار يمكن الاستعانة بتشبيه يرد على سؤالكم، فتصوري ملاكما غير معروف وغير بارع في الفن النبيل يُطلب منه المشاركة في بطولة عالمية في هذه الرياضة ومواجهة بطل العالم، فكيف سيكون رده؟ هل يفرح بهذا الخبر الذي سيحوله إلى اسم كبير•• أم يحزن لأنه متأكد من أنه سينهزم أشد هزيمة، والجمهور الذي يحضر المقابلة متأكد ألف في المائة أن الملاكم المغمور لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يصمد أمام بطل العالم• ومع ذلك ومن الناحية المبدئية فإن المنظمة العالمية للتجارة مؤسسة محترمة وجيدة، ولكن لابد من انتقادها في بعض الجوانب، لاسيما ما تعلق بدور ووزن الدول داخل هذه المنظمة، والكل يعلم أن الدول الأقوى تفرض وجهة نظرها على الدول الأقل قوة، والكل يعلم أيضا أن الشركات المتعددة الجنسيات