"الدروس الخصوصية".. بيزنس أدخل المعلم فى دائرة الاتهامات، فما بين واقع مفروض على المنظومة التعليمية فى مصر، وبين سعيه لتحسين مصدر الزرق، وضع المعلمين فى دائرة لا خروج منها، ليصبحوا في نظر أولياء الأمور ناهب "جيوب الغلابة"، وفى أعين الوزارة "معلمون بلا ضمائر".


اختيار الأهالي، إعطاء أبنائهم لدروس خصوصية، واتهامهم للمدرسة بأنها لا تؤدي دورها، وأن هناك معلمين يتعمدون عدم تقديم المعلومات في الفصول حتى يتوجه لهم الطلبة في البيزنس الخاص، قابله شكوى المعلمين المستمرة من ضعف الأجور، وغلاء المعيشة، ومطالبتهم بتحسينها.

وزارة التربية والتعليم، وجهت اتهامات لضمائر المعلمين المباعة، خاصة بالمدارس الخاصة والدولية، معلنةً أن أزمة الدروس الخصوصية، لم يكتب لها النهاية، فى وجود معلمين لا يتقنون الشرح داخل الفصول.

ألقت "الرسالة" الضوء على أسباب لجوء الأهالي للدروس الخصوصية، وأسباب الاتهام الدائم للمعلمين بالجشع والاستغلال، فكان التقرير التالي:

الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، قال إن قضية رواتب المعلمين جزء من قضية الموازنة العامة للدولة، وليست قرارًا بيد وزير التربية والتعليم، مشددًا على أن هناك إجماعًا عامًا لدى مسئولي الدولة من رئيس الجمهورية إلى أصغر مسئول بأن رواتب المعلمين لابد أن ترتفع إلى 5 أضعاف ما هي عليه الآن، مشيرا إلى أن كافة المسئولين المعنيين بذلك يعملون الآن على توفير موارد من شأنها أن تحسن رواتب المعلمين، ولن نهدأ حتى نحقق ذلك".

موازنة السنة المالية المقبلة 2017/2018 خصصت حوالى 106.5 مليار جنيه، مقابل 103.96 مليار جنيه خلال السنة المالية 2016/2017، وتكشف بيانات موازنة التعليم للسنة المالية الجديدة والتي لم تختلف عن السنوات السابقة، أن أجور الموظفين تلتهم حوالى 78% من موازنة قطاع التعليم بما قيمته 84.2 مليار جنيه.

وفي مهمة البحث عن إجابة للسؤال الملح "المعلم جاني أم مجني عليه؟"، كان لا بد من الاستماع إلى أصحاب القضية أنفسهم، لعرض وجهة نظرهم في واقع التعليم ولجوء الأهالي إلى الدروس الخصوصية.

حنان راغب معلم خبير لغة عربية، أكدت أن كثرة التعديل على المناهج فشل تخطيطي، قائلة: "معظم التدهورات التعليمية الملحقة بالمنظومة سببها عدم وجود خطة محددة متطورة بالتعليم، فكل ما يذاع ماهو إلا كلام لا تطبيق له، وفي حالة التطبيق لا يتم دراسته مسبقًا ليواكب التطورات الطارئة على المجتمع، فما على أولياء الأمور إلا القضاء على خلل التعليم بتقوية أبناءهم بإلحاقهم للدروس".

وفي نفس السياق، قال وائل السيد، معلم دراسات إجتماعية بإحدي المدارس الابتدائية، إن تكرار التغيير في المناهج الدراسية أرهق المدرسين بشكل كبير، بخلاف أنه غير متطور عما سبق، فقط تعمل الوزارة طوال الوقت على تقنين مصطلح الحشو كل عام، خاصة على طلاب المرحلتين الابتدائية والإعدادية".


زينب أحمد، معلمة الرياضيات، قالت: "إن تكدس الطلاب الوجه الآخر، للهروب من الفصول والالتحاق بالدروس الخصوصية، أو المراكز التعليمية، حتى يستطيع الطالب تحقيق مجموع متميز".

مضيفة: "التكدس الطلابي جعل أولياء الأمور في حيرة، أبنائهم لا يستوعبون شيئًا بسبب كثرة الأعداد، وعدم سيطرة بعض المدرسين على الفصول أثناء الشرح".

مع الوقت تحولت الدروس الخصوصية، من دروس تقوية، إلى بيزنس، يسعى البعض إلى تحقيق ثروات طائلة من خلاله، حيث استمعت "الرسالة" لآراء المدرسين حول أسباب لجوئهم للدروس الخصوصية.

"2000 جنيه هيقضوا إيه؟".. هذا ما رواه أحد معلمي المدارس الحكومية، عماد مصطفى، مبررًا سبب إقباله على الدروس الخصوصية، لافتا إلى أن ذلك سببه عدم تقدير وزارة التربية والتعليم للمعلم، متسائلًا: "كيف لرب بيت مثله يعول 4 أفراد، أن يعيش بهذا الأجر في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلد"، واستكمل حديثه: "كان لازم أدي دروس لا أنا مستفيد ولا كثافة الفصول خلت الطالب يستفيد".

واتفق معه معلم اللغة العربية للصف الأول الثانوي، حسام طارق قائلا: "الأهالي عاوزين كدة، وكمان مفيش مرتبات مجزية أقدر بها استغنى عن الدروس الخصوصية"، واستكمل: "الدروس الخصوصية عندي زي الشغل التاني بالظبط".