قراءة في شعرنا المعاصر- نموذج تـطـبـيـقـي - قُولي لهمْ ما يَكرهُونَ
بقلم : إدوارد فرنسيس



قُولــي لَهُــم مــا يَكْرَهُــون!!

*شعر: هــلال الفــارع


قُولي لهمْ ما يَكرهُونَ سَماعَهُ،
قُولي لهمْ ما يَكرَهُونْ
قُولي لهم:
في البَدْءِ صافَحَني
وَتَنَقَّلَتْ عَيْنَاهُ في أُفُقي تُحاصِرُني
وَدَنا قَليلاً،
ثُمَّ شاغَلَني
وَدَنا .. فَخَاصَرَني
حاوَلْتُ.. كم حاوَلْتُ أنْ أثنيهِ،
إلاَّ أنَّهُ غَالى.. فَعانَقَني
قولي لهم:
ماذا أَقولُ، وقد وجّدتُ بِأَنَّهُ
- مِنْ قبلِ أنْ أَلْقاهُ -
بينَ يَدَيْهِ عَنْوَنَنِي؟!!
***
قُولي لهمْ ما يَكرهُونَ،
ولا تَخافي مِنْ حَرَجْ:
شيءٌ كَطَعْمِ النَّارِ في روحِي عَرَجْ
وَكَأَنَّ قَلبي دَقَّ أَبوابَ الحياةِ بِشِدَّةٍ،
فَتَفَتَّحَتْ،
وبِلَحْظَةٍ،
وَبِخِفَّةٍ،
وَبِدونِ أنْ أدري... خَرَجْ!
***
قُولي لهمْ ما يَكرهُونَ،
وَشَيِّعِي الْخَبَرَ الأَكيدْ
قُولي لهم:
إِنِّي أَنا في قَلْبِهِ الحُبُّ الوَحيدْ
وَأَنا التي أَصْبَحْتُ مُلْهِمَةَ القصيدْ
وَحَرارَةَ النَارِ الأَكُولَةِ،
وارتِجافاتِ الْجَلِيدْ
وَأَنا النُّعاسُ بِمِقْلَتَيْهِ،
أَنا بِها الأَرَقُ العَنيدْ
وَأَنا القريبُ، أَنا البَعيدْ
وَأَريهُمُو كُلَّ التَّصاويرِ التي
صَنَعَتْ لهذا الكونِ عِيدْ
وارْوي لَهُمْ نَبَأَ ابْتِسامَتِكِ التي
وَضَعَتْ لِشِعْرِ العِشْقِ قامُوسًا جَديدْ
قُولي لهم:
إِنِّي أنا بِخَيالِهِ الأُفُقُ المَديدْ
وبِروحِهِ رُوحُ الحَياةِ،
أَنا دَمٌ.. وَأَنا وَرِيدْ!!
***

قُولي لهمْ ما يَكرهُونَ،
وَحَرِّكِي فيهِمْ مَفاتيحَ الْمَواجِعْ
وَضَعِي يَدَيْكِ عَلَى يَدَيْكِ:
كَذا تَعَانَقَتِ الأَصابِعْ
وَكَذا تَحاوَرَتِ العُيونُ،
فَدَغْدَغَتْ أَلَمَ الْمَرِابِعْ
وَاحْكِي لَهُمْ عَنْ قِصَّةِ النَّجْوى التي
ازْدانَتْ بِها حُلَلُ الْمَواقِعْ
قُولي لَهُمْ:
كادَتْ رِمالُ الأَرْضِ تَتْبَعُنا،
وَتَخْرُجُ عَنْ رَتَابَتِها الشَّوارِعْ!!
***

قُولي لهمْ ما يَكرهُونَ،
وَرَاوِحِي بينَ الحَقيقَةِ والْخَيالْ
وَاعْطِي لِسانَكِ حَقَّهُ،
في نَثْرِ أَسْرارِ الْجَمالْ
وَتَلاثَغِي في كُلِّ حَرْفٍ،
وَاسْرُدي ما شِئْتِ مِنْ عِشْقٍ،
وَتِيهي في دلالْ
قُولي لَهُم:
إِنَّا بَنَيْنا حُبَّنا بينَ النُّجُومِ،
فَكانَ عَرْشًا،
رَغْمَ إِصْرارِ المُحالْ!!
***
قُولي لهمْ ما يَكرهُونَ سَماعَهُ:
القلبُ سُكْنَاهُ
وَهَواهُ سَيْفٌ،
غِمْدُهُ في خَافِقي،
واللَّحْظُ حَدَّهُ
قُولي لهمْ:
يا لَلْهَوى،
سَيْفٌ يَنَامُ بِمُهْجَتِي،
وَأَقولُ أَهْواهُ!
قولي لهمْ:
رَبَّاهُ.. كم هوَ عاشِقٌ لِلحُسْنِ رَبَّاهُ!
لَمْ يُبْقِ فِيَّ غَريزَةً،
إِلاَّ وَأَيْقَظَها بِنَجْواهُ
وَتَخَطَّفَتْ حُسْنِي بِلا إِذْنٍ،
وَذابَتْ فيهِ عَيْنَاهُ
وَتَفَرْعَنَتْ في لَهْفَةٍ في الصَّدْرِ كَفَّاهُ
قُولي لهم:
كَمْ طَوَّحَتْ روحي،
عليهِ وعَنْهُ.. يُمْناهُ
فَخَرَجْتُ مِنْ دُنْيايَ عاشِقَةً لِدُنْياهُ
قولي لهم،
وَتَمَزَّقي شَوْقًا إِلَيَّ:
..... مَتى سَأَلْقاهُ؟!!
--------------------------------------------------------------------------

هذه دراسة و قراءة نموذجية لإحدى قصائد شــعرنا المعاصر ، نتمني أن يُحْتَـذَى بهـا في قراءة شـعرنا العربي و أخص من يهتم به ، وبترجمته إلي اللغات الأجنبية ، حتي تتضح كل معالم القصيدة ومايُلحقُ بها من توابع ، و حقائق لا تُخْفى عن أحد .
و قد قمنا في هذه الدراسة بتجـريد العروس من كل أثر لزينتهــا جعلنا كل الصور أصلية ، أرجعنا فيها الأفعال إلي أصولهـا ، فَصَلنا كل المتصلات و الملحقات وحروف الجـر و العطف والوصل و النهي و النفى وأسماء الإشارة والحروف السببية ، والضمائر المتصلة بالأفعال حسب زمن الفعل حيث قمنا بتقسيم بسيط للتركيبات اللفظية التي تقوم بالدور الهام في القصيدة : إلي الأزمنة المعروفة : أمر ، و مضارع ، و ماضي ، و صيغ و أسـاليب أخرى .
و هذه الصيغ و الأساليب ما هي إلا جملاً متجردة من الأفعال ( أشباه جُمَـل ) إندمجت فيها موسيقا الكلمات مع حركات الأفعال بصيغها المختلفة لتصنع لنا هذا العمل الفريد ، الذى لعب مبدعه دوراً أسـاسياً ، كله شمـوخـاً وإعتزازاً بنفســه و رأيه ، كما رأيناه من قبل عند شـاعرنا : أمل دنقل .

أولاً : في البدء ، نظرة تعارف

كما يقول أمير الشـعراء : أحمد شــوقي (نظرة ، فإبتسام ، فكلام ، فموعد ، فلقاء )

قولي لهم

– صافحني
– تنقلت عيناه في أفقي .... تحاصرني
– دنا (قليلاً)
– ثم شــاغلني
– و و و و دنــا
– فــ خـاصرنـي
– حاوَلْتُ.. كم كم كم كم كم حاوَلْتُ
– أنْ أثنيهِ،
– إلاَّ أنَّهُ غَالى
– فَـ عانَقَني

ثانياً : تبرير العناق

أن الحياة دقت باب قلبي
ففتحت ... بســرعة و بخفــة /
دون أن أدري ... خرج قلبي و ذهب و حط ... ( بين يديه عنونني )

ثالثاً : نشــر الخبر بعدما صارت مليكة قلبه وآثرته

أنا : الحب الوحيد / ملهمة القصيد / حرارة النار الأكولة / إرتجافات الجليد /
النعاس و الأرق بمقلتيه / القريب و البعيد / من وضعت لشعر العشق قاموسـاً جديداً /
ملكتُ روحه و خياله فصـرت له الوريد الذى يغذيه بالدم ليَحيا .

رابعاً : مظـاهر العشـق

تصافح / عناق/ حوار العيون / الحكي عن أسطورة الحب
إحكي لهم عن السعادة ، حتى أن الطرق كلها تؤدي إلى درب سعادتنا

قولي لهم :

و إحكي لهم عن قصة النجوى === التي إزدانت بها حلل المواقع
كادت رمال الأرض تـتـبـعـنـا === وتخرج عن رتابتها الشوارع

فهل تملك الطرق تغييراً لدروبهــا ؟

و هل يملك النهر تغييراً لمجراه ؟ كما قال شــاعرنا : نزار قباني

خامســاً : التجاوز في عملية الـســـرد

قولي لهم :
أسردي كل الحقيقة ، / و بالغي ما إستطعت في الحكي / بوحي بكل جميل /
و تعالي فوق الأبجدية و النطق لحروفها .
و لأن كل الطرق أدت إلي دربنا ، فنحن بنينا عُشُـــنَـا بين عرش النجوم ، حتى يتطلع إليه كل البشـــر و إن كان هذا محالاً .

سـادســاً : المأْوَى

قولي لهم :
إني أهواه / و في القلب ســكـناه / أحيطه بلحـظـي ، و لن أكف عـن البوح بهـواه .

ســابعـاً : مـا بين الـحـقـيـقـة و الـخـيـال

قولي لهم :
إنه يرفع من شــأني دائمـاً / إنه فَـتَـق كل زهــوري ، ســواء بمنـاجاته لكل مشــاعري ســواء بالهمـس أو باللمسِ .

قولي لهم :
كم عانقت مليكي ، مكافأة له ، فهو مكتشـفي ، و به ســـر حـيـاتي ، و إننـي مـلهـوفة على لقائه.

جدول تفصيلي لقراءتي الخاصة يوضح التتابع الزمني في القصيدة و أحداثها

صيغة الأمر


قولي ( لهم )
قولي ( لهم )
قولي ( لهم )
----
----
----
-----
---
---
---
---
---
---
---
قولي ( لهم )
-----
قولي ( لهم )
-----
----
--------
----
----
----
قولي ( لهم )
( و ) شــيعي
قولي ( لهم ):
-------
--------
---
----
----
---
( و ) أريهمو
--------
( و ) إروي
----
قولي ( لهم )
---