جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتدى جواهر الأدب العربي :: مُنتدَى الأدبِ واللغةِ العَربيةِ العَام |
الأربعاء 15 أبريل - 23:13:11 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: تشظي الزمن و الذات في رواية خدعة العصر لمنير الرقي: بقلم خير الدين جمعة خيرالدين جمعة تشظي الزمن و الذات في رواية خدعة العصر لمنير الرقي: بقلم خير الدين جمعة خيرالدين جمعة تشظِّي الزمن و الذات في رواية "خدعة العصر" 03/10/2010 منير الرقي لعل ما ميز الحركة الأدبية التونسية في السنوات الأخيرة هو هذا الاحتفاء الكبير بالرواية جنسا أدبيا مغريا عرفتْ رواجا إعلاميا ساهم في بروز بعض الأعمال الجادة التي تعاملتْ مع الواقع والوجود بأبعاده المختلفة بشكل فني رائع و من الروايات التي أثَّرَتْ في المشهد الثقافي التونسي رواية " خدعة العصر"* التي رغم انزياحها الواضح عن منحى التجريب إلا أنها استطاعتْ أن تُشكِّلَ عملا سرديا يتحلى بالكثير من الجدية إذ جمع بين الكلاسيكية الفنية و الفرادة في الدلالات و الأبعاد رغم أن البعد السيميائي فيه ظلَّ مترددا مهتزا حرونا نظرا لارتباطه الشديد بالبناء الفني الدقيق الذي تبدَّى على نحوٍ فيه الكثير من الحِرَفية و الطريف من العجائبية و التخييل المترع بآلام الواقع و جرائم التاريخ لذلك ينبهر القارئ و هو يتصفح الرواية التي هي في الحقيقة رحلةُ كشْفٍ حدَّدّها عنوان النص السردي ( خدعة ) فما كانتْ إلا سؤالاً عن هوية الخادع و حقيقة المخدوع ليجد القارئ نفسه مُقْحَمًا في لعبة الخداع حين يجد السارد يتلاعب به فينقله من الماضي إلى الحاضر و من الشمال إلى الجنوب و من الحقيقة إلى الوهم ، مما يؤكد أن مقاربة نص سردي بهذا الزخم السيميائي يجعل الدارس في حيرة من أمره نظرا لكثرة أوجه الدراسة و زوايا المقاربة و ذلك يعود إلى خصائص فنية لعل أهمها : - العلاقة الوثيقة بين الرواية و التاريخ السياسي التونسي . - التداخل بين المنحى الواقعي التاريخي من ناحية و البعد الفني للرواية من ناحية أخرى إذ يمتزج فيها صرامة التاريخ وعنف الحرب ودموع الحب . - الأبعاد الدلالية الواسعة للرواية عموما والتي قد تتناغم تماما مع المكان والزمان الدقيقين عموما اللذين تتحرك فيهما شخوص واضحة المعالم . • تجليَّات تشظِّي الزَّمن : 1- نظام الزمن السردي : إن النظر في الزمن الروائي و محاولة رصد تحركاته في أي رواية يعتبّر عاملا مهمًّا في تلمس الأبعاد الدلالية التي تنغلق عليها الرواية و في رواية " خدعة العصر" سنحاول تتبع حركة الزمن بوجوهه المختلفة ففي سياق ثنائية الحكاية والخطاب سنتوقف عند البنية الزمنية الداخلية و ما يتفرَّع عنها : زمن الكاتب ، زمن القارئ ، الزمن التاريخي و لكن الذي يهمنا في كل ذلك هو الوقوف عند مُغلَّقات زمن الرواية بمعنى آخر " مواجهة نظام الأحداث التي بحوزتنا أو الدواليب الزمنية في الخطاب السردي و ذلك في نظام تتابع هذه الأحداث نفسها أو الدواليب الزمنية للحكاية " . أ- زمن القصة ( temps de la fiction ): و نقصد به المادة الحكائية في شكلها الأولي قبل تدخل التصنيف الخطابي لها ، إنها المادة الروائية في علاقتها بالفواعل ، إذن يمكن تسميته " الزمن الصرفي " . في رواية خدعة العصر تقع الأحداث في فترة زمنية محددة رغم أن الكاتب لم يوضح ذلك بشكل جليٍّ و لكنه بثَّ في ثنايا أفعاله آثارا أرادنا أن نقتفي معالمها من ذلك قولُه : " كانوا يسألونه عن سر تأخره في العودة والحرب قد انتهتْ قبل سنتين " كما أشار الكاتب إلى اللحظة التي أُلقِيَ فيها القبض على بطله ( يوسف المنصري ) و المدة التي قضاها في الاعتقال : " كان هذا يوم 21 فيفري سنة 1916 اليوم الذي لن أنساه ...لقد كانتْ لحظة كلفتني خمس سنوات ضائعة مُضافة إلى الهراء الذي أفنيْتُ فيه عمري منذ أن ولجتُ قسم الجندرمة أحمل ملفي اللعين .." هذا يعني أن البطل الذي شارك في الحرب العالمية الأولى قُبِضَ عليه قبل نهايتها بثلاث سنوات و قد اعتُقِل و حُقِّقَ معه بتهمة الخيانة و لم يقع تبرئته إلا في سنة 1921 و هي السنة التي سيعود فيها إلى وطنه تونس و من ثَمَّ مدينته قابس و هو نفس الزمن الذي يبدأ به حاضر الرواية حيث استهلَّ الكاتب روايته قائلا على لسان البطل : " نزلْتُ من الفرقاطة بعد رحلة مجهدة..." لكن ما يميز المادة الحكائية هو أن أحداثها تتكثف تقريبا في الفترة الزمنية التي حددناها وهي السنتين الأوليين من الحرب العالمية الأولى ، غير أنه من الأحداث الرئيسة التي قلبتْ المادة الحكائية رأسا على عقب والتي لولاها لما كانتْ هناك رواية أصلا : عمل يوسف المنصري مع الجندرمة و هي لحظة لا نستطيع أن نحددها موضوعيا على المستوى الزمني و لكن يمكن أن نقرِّب ذلك حيث أنه إبان عمله كانت حادثة مقاطعة الترامواي و التي وقعتْ سنة1912 وهي السنة التي سيقتل فيها يوسف المنصري البطلُ ابنَ عمه الطاهر ، كما أن ما ميَّز زمن القصة أنه لم يكن واضحا جليًّا في البداية ، خاصة عند الإشارة إلى طفولة الشخوص الثلاثة ( يوسف والطاهر والمنصف ) و لكن بنفس الطريقة يمكننا أن نحدد ذلك نسبيا من خلال بعض الإشارات النصية بحيث تكون فترة الطفولة تقريبا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر فالبطل يصرِّح منذ بداية الرواية قائلا: " خزيٌ بطعم قتل من أحببتُهمْ ابن عمي " الطاهر " ثم ابن خالي " المنصف كتب" ..ثم ها أنا في الثلاثين مُثقلٌ بأسرار لا تقدر الكواهل على حملها..". بعد تحديد الزمن الموضوعي للقصة يمكننا الآن تحديد الترتيب الطبيعي للأحداث الكبرى في الحكاية : 1- تفوق البطل يوسف المنصري في المرحلة الابتدائية و علاقته المميزة بالسيد جاك ديشان . 2- بداية علاقته بأنجليك . 3- الانتقال إلى العاصمة للدراسة في معهد كارنو . 4- الالتحاق بالجندرمة. 5- قتله ابن عمه الطاهر سنة 1912. 6- الالتحاق بالجيش الفرنسي . 7- المشاركة في الحرب العالمية الأولى و قتله ابن خاله المنصف سنة 1916. 8- اعتقال القوات الفرنسية له سنة 1916 واتهامه بالخيانة. 9- عودته إلى وطنه تونس و حالة الغياب والمرض والضياع التي عاشها بين أهله في مدينته قابس. 10- معركته مع العبابيد و إصابته البليغة . 11- لقاؤه أنجليك و طرد أمها له. 12- فشل محاولته الانتحار و الجنون . ب-زمن السرد le temps de la narration)) : هو الزمن الذي يعطي للرواية هويتها بحيث يعمل فيها الخطاب عمله بأن يجعلها تبرز على النحو الذي يراه هو مناسبا يحدث ذلك كله في سياق العلاقة بين الراوي و المروي له ( الزمن النحوي ) فالخطاب هو الذي يحول المادة الحكائية من مستواها الاستبدالي الأوَّلي إلى مرحلتها السياقية النهائية التي تجعل الزمن يسير في خط واحد و أهم ما يتضمنه زمن السرد النظام الزمني l ordre temporelle الذي يوفر للناقد مجالا لمقارنة الأفعال في تتابعها الخطي مع طريقة ورودها في السرد و هو ما يفتح لنا بابا نلج منه إلى أهم المباحث في مستوى الزمن السردي وهو ملاحظة مدى التنافر الذي يمكن أن يحصل بين زمنَيْ الحكاية والخطاب هذا الأخير هو وحده القادر على إدخال الأفعال حالة من التشظي تكسر الترتيب الطبيعي للأفعال و قد كانت الأداة الفنية الأكثر شيوعا في الرواية : اللواحق Analapses وهو ما يعرفه جيرار جينات بأنها : " كل عملية سردية تتمثل في إيراد حدث سابق للنقطة الزمنية التي بلغها السرد " و لا نريد أن ندخل في تفريعات أنواع اللواحق لأن الأهم بالنسبة إلينا هو الوصول إلى البناء الخطابي الذي قدم به الكاتب الحكاية وما يتميز به من جمالية وما يحيل عليه من أبعاد . لقد اعتمد الراوي على اللواحق بشكل مميز ولافت و قد أفلح مبدئيا في توسل الاسترجاع في مقاطع محددة سنتوقف عند أهمها ونحاول الوقوف عند مدى استحضاره لوظائفية الخطاب و لا اعتباطية الدلالة . ويمكن إجمال تلك المقاطع في ثلاثة ربما هي الأهم : في الفصل الأول و من البداية يعترف البطل بما اقترفه في الماضي قائلا : " سأفضي إليهم بخبر الطاهر ابن عمي و أنبئهم كيف اللحم تمزقه الحربة كذلك قتلتُ ابن خالي المنصف رحمه الله.." هذا الاسترجاع ورد في الفصل الأول مقتضبا و قد كان الغرض منه شد انتباه القارئ لمعرفة تفاصيل هاتين الجريمتين و لذلك سيفرد الراوي مساحات استرجاعية طويلة لتفصيل هذين الحدثين نظرا لأهمية الحدثين في حبكة الرواية الدرامية عموما بل إن الرواية من حكاية عودة إلى حكاية قتل بحيث نجد أنفسنا أمام حكايتين متداخلتين : الأولى حكاية العودة إلى الوطن ومحاولة التأقلم معه أما الثانية فهي حكاية الخروج من الوطن و المتمثلة في حدثين : الانتماء إلى الجندرمة ثم قتل ابن عمه الطاهر و الثاني الانضمام إلى الجيش الفرنسي ثم المشاركة في الحرب العالمية الأولى و قتل ابن خاله " المنصف كْتُبْ " ، بهذا المعنى يمكن القول إن العودة إلى الوطن سبقها الخروج منه و هذا الخروج لم يكن ماديا فحسب لأن البطل خرج من وطنه وانسلخ عنه يوم غيَّر اسمه ، يوم قتل كُلاًّ من الطاهر والمنصف ، بكل ما تمثله هاتين الشخصيتين من بعد رمزي ، لقد قتل البطل الحركة الوطنية " الطاهرة المنصفة " . لقد كان الاسترجاع في الرواية إيحائيا إلى درجة كبيرة حيث أنه وصل إلى درجة التضمين enchassement فهذا الأسلوب الفني كان حاضرا و لكن ليس بالمعنى الدقيق الذي ذهب إليه تزيفتان تدوروف لأن الراوي يظل هو نفسُه البطل فالحكاية الإطار هي حكاية العودة إلى الوطن أما الحكاية المضمَّنة الأولى فهي حكاية قتل البطل ابن خاله " المنصف كتُبْ " أما الحكاية المُضمَّنَة الثانية فهي حكاية العلاقة الوثيقة بين الأقرباء الثلاثة و قد كان الراوي في تضمينه يسير من الحاضر إلى الماضي البعيد إلى الماضي الأبعد : 1- الحكاية الإطار : " نزلْتُ السلم المدرجَ .. أخرجتُ أوراقي العسكرية و حالما لمستْ قدماي الأرض.." ( العودة إلى الوطن) 2- الحكاية المضمنة (1) : " لم أنتبه بسبب القذائف و طلقات الرشاشات الجديدة ..حتى صرخ .." يما..يما" ( قتل بن الخال ) 3- الحكاية المضمنة (2) : " جلستُ أنظر إليه بعد رحلة مضنية ..فقبل اعتقال الطاهر بيومين ...دلف يوسف المنصري إلى البيت مازحا متصورا أن به فتيات و الطاهر يجذبه و دخلا المقصورة فالتقتْ الأعين ..كان المنصف جالسا و حذوه علي باش حانبه ". ( اللقاء الأخير) لقد وظف الراوي هذا الاسترجاع الزمني لأهداف دلالية جلية ولكن تبقى مقاربة هذا النوع من النصوص السردية أمرا ليس بالهين فالبطل الحامل لجثة ابن خاله يبدو في حالة من الانهيار و في مشهد أقرب إلى التصوير السينمائي المأساوي ووسط هذا الحشد المروع لأهوال الحرب نجده يتذكر آخر مرة التقى فيها قريبيْه أو بالأحرى قتيليْه ، هذا اللقاء بين الأقرباء الثلاثة أبرز بداية الانقسام بينهما على طرفين متقابليْن متعارضيْن متقاتليْن لن يلتقيا مرة أخرى أبدا : " فقام ابن الخال مُسلِّما .. وهو يحدج الطاهر بنظرة قاسية ..غير أن فكرة الزواج أفاضت الكأس و عجّلتْ بالقطيعة ..كم كنتُ بغلاً لا يفقه .." ..هذه القطيعة ستتحول إلى قتل فالبطل الذي أصبح يفكر في الزواج من فتاة فرنسية مجنونة إضافة إلى عمله في الجندرمة ، فقد آخر وتدٍ يشده إلى وطنه ، لقد جعل الراوي البطل وحيدا بعد أن تخلى عنه كل عقلاء وطنه و مثقفيه ليرمي بنفسه في أحضان ثقافة جديدة غريبة ، ففي الوقت الذي كان يوسف المنصري يفكر في الفرنسية المجنونة والمومسات ، كان الطاهر والمنصف يفكران في حرية وطنهما ، وبهذا كانت الجوانب المشينة تتضخم كلما تجاوزنا حاضر الرواية فحتى في الحب كان البطل يتهالك على تلك المجنونة ابنة المفتش و يفكر في أذى من يحبه وهي أنجليك التي وهبتْ حياتها من أجله لكنه رفضها لأنها كرهتْ فيه تشبهه بالفرنسيين و خروجه من جلده و بذلك تنغلق الرواية على البطل وهو يفقد آخر جانب مشرق في حياته إنه الجانب المضيء من فرنسا الذي لم يستطع فهمه بل يعترف أنه كان يتهالك على المومسات و يجد في ذلك نوعا من المتعة : " ...لم أعرف أبدا أنه الحب كنتُ أحمِّلهم جريرة التشبه بهم ..و أجد إلى لحمهم سبيلا فأعريه بالحقد والشبق والرغبة في النسيان " بل إنه لم يستوعب معنى الحب إلا يوم طردته السيدة ديشان ومنذ تلك اللحظة لم يبق للبطل شيء ..لقد انهزم الحب أمام الحرب و تراجعَتْ الهوية أمام الاستلاب . لكننا في كثير من الأحيان نشعر أن أنجليك ملاك يتنقل بين صفحات الرواية فالسارد يورد لنا في كثير من الأحيان صورة أنجليك في لحظة استرجاع لطيف ملائكي حالم و كأنه يريد أن يهرب من سطوة حاضر البطل القذر أو ربما هو نوع من تقريع الذات : " يوم قابلتُ أنجليك و رجتني أن أتخلى عن المركز و الوظيفة ..( كانت ) ..تعشق رائحة السوق و تألف الأقواس و الأبواب العتيقة التي أكرهها و تحب أن تجلس على الأرض و يحلو لها أن تستمع إلى تغزل الطاهر ببلده .." اللحظة الثالثة التي سنتوقف عندها هي التي تمثل مقاطع استرجاع مبثوثة تقريبا في كل الفصول و هي التي تصف أحداث الحرب والتعذيب و المحاكمة و لقد أمعن الراوي في استحضارها كلما سنحتْ الفرصة بل ركز على مشاهد بعينها لغرض واحد هو تكثيف الدلالة و لهذا كانت تلك الأحداث منثورة تقريبا في كل المواضع و هو ما أضفى بعدا إنسانيا للرواية : " ظلوا( الفرنسيون) يوهمون أعداءهم بالمكوث و كنا نحن ثمنا لذلك التخطيط .. أرجل كثيرة تحيط بي تتأمل الجيف و تجهز على الجرحى و الرصاص ." من الإيحاءات التي يمكن الوقوف عندها من وراء هذا الاسترجاع شعور البطل بالمهانة لأنه كان مجرد وقود لهذه الحرب و قد برز ذلك من خلال العنصرية داخل الجيش الفرنسي نفسه و هو ما أكد له أنه لا يمكن أن يكون فرنسيا حتى لو غيَّر اسمه وحذق لغتهم فإنه لا يمكن أن يخرج من جلدته : " كل ذلك والفرنسيون ينسحبون حتى صرنا وحدنا في هدف الألمان الماهرين . قال عبدولاي وهو يقلد الكولونيل " ستحارب فرنسا حتى آخر جندي و أردف هازئا " إفريقي" " و لقد انفتحت الرواية من البداية على أهم بعد إيحائي لها و قد ورد ذلك في الحوار الباطني حيث يعترف البطل : " خزيٌ بطعم مرارة القتل من أجل ما يعتقده وطنا فيتهمك بالخيانة " لقد تأكد البطل أن الطريق الذي راهن عليه من البداية كان خاطئا فقتْله لجذور الحركة الوطنية التونسية المجسمة في الطاهر جعلته يواصل إخفاقاته بل يمعن فيها حين يتصور أن الحرب يمكن أن تنسيه و لكن الحرب جعلته يقتل أقرب الناس إليه بل ويكتشف أيضا جملة من الحقائق لعل أهمها أنه مختلف عن الذين يحارب معهم و أن هذه الحرب لا معنى لها بما أنه لا طائل من ورائها فهي التي أفقدته إنسانيته و أكدت له أن ولاءاته لفرنسا و رموزها محض هراء ، هذا ما جناه البطل أثناء حياته فهو قد اتُّهم بالخيانة من أبناء وطنه و كذلك من قِبَل الفرنسيين الذين أفنى حياته من أجلهم و لهذا أنهى البطل حكايته كما بدأ باعترافات مريرة يقول يوسف المنصري في الفصل الأخير حين سألته أنجليك : " فيمَ أفنيْتَ حياتك " رد عليها قائلا بكل مرارة لاشيء غير الأخطاء و الحروب الخاسرة ، حياة مخفق كلها ضياع.." لئن كانت الرواية عَودًا على بدءٍ إلا أنه بين ثناياها و من وراء أفعالها كنا نشعر و كأن الراوي كان ينتقم للطاهر والمنصف من البطل بل إنه يصوِّر هذه الفئة من الناس وهي التي خدمتْ المستعمر فئة هجينة باعت كل شيء وفرطتْ في كل شيء ولم تجن شيئا أيضا ولذلك بدا البطل عاجزا عن استرداد ذرة من كرامته على مدى الرواية فالصورة التي تبقى في الذهن عنه : أنه مسخٌ في حالة من الغياب إنه خارج التاريخ لقد نُكل به وتعايش مع الفضلات في المعتقل كل ذلك ما هو إلا نوع من الانتقام ورد الفعل على جريمتَيْ القتل التين ارتكبهما ويبدو هذا بوضوح من خلال المعركة التي خاضها مع العبابيد عندما يستحضر الراوي في لمحةٍ استرجاعيةٍ قتله المنصف : " فأهوى على كتف يوسف بمنجله حتى احتك الحديد بالعظم و غاص المنجل بأسنانه المتباعدة في كومة الآلام والذكريات، حينها وجد من الألم ما أحسه المنصف والحربة تخترق العظام .." و بذلك يمكن أن نقول إن الراوي قد استند إلى لحظات الاسترجاع الكثيرة بحيث حول كسور الزمن إلى ضرب من التشظي ليؤكد الحالة التي كان يعيشها البطل في هذا التضارب الداخلي بين زمنين الماضي والحاضر . و لعل من أروع الوسائل الفنية التي اعتمدها الراوي في مستوى الخطاب توسّل الوصف لإيقاف مسار السرد فإذا كان الوصف متصلا فنيا بالمكان و يحيل على الثبات فإن الزمن مرتبط بالحركة والصيرورة و لا نتحدث في هذا السياق عن الوصف كمبحث فني مستقل وإنما نحن نريد النظر في علاقته بالسرد و من أحسن المواطن التي اعتمد فيها الوصف بإيحائه الوظائفي لحظة هي من أهم المواقف في الرواية و هي لحظة عودة البطل ووقوفه أمام باب منزلهم ففي اللحظة التي ينتظر فيها القارئ هذا اللقاء بين البطل و أمه يوقف الراوي السرد و الزمن ليغوص في أعماق ذات البطل فيبادر إلى وصف أمه و ذلك من خلال الصوت الذي بدأ يقترب لفتح الباب فإضافةً إلى عنصر التشويق نحس جلال الموقف و عمقه و توجسًا و رهبة و الغرض من كل ذلك إبراز قيمة هذه العودة التي تتعاظم لتأخذ شكلا رمزيا لأنها تصور لنا البطل وهو يعود إلى أهله ، كيف سيكون هذا اللقاء ؟ ما سيكون وقعه على الأم المسكينة و ابنها يعود إليها بعد سنتين من نهاية الحرب ؟ كل ذلك الصوت يقترب : " وقعُ خطاها صار أقرب ..كان يوسف المنصري يصيخ إلى رنين شرموخ والدته الذهبي المتدلي .." و هكذا تميزت الرواية في مستوى الزمن بالتشظي مما أثر بشكل واضح في وصف الزمان و سلوك الشخوص وملامح المكان أيضا فتداخل الزمن تبدَّى في هذا التداخل المتشعّب للزمن والذي صاحبَه انتقال سريع في مستوى المكان . ج – دلالة الزمن في بناء الفصول : إن بناء الفصول و ترتيب الأفعال المركزية فيها و علاقة كل فصل بما بعده إنما يكشف عن البناء الهندسي لزمن الخطاب كما أراده الراوي و هو في ذلك يريد أن ينقل لنا أفكاره ليس من خلال الحدث والشخوص فحسب بل و كذلك من خلال البناء الهندسي التراتبي للفصول و خاصة ما يخص بداية كل فصل ونهايته ثم علاقة كل فصل بما بعده ، الملاحظة العجيبة التي يمكن أن يتوصل إليها القارئ هو هذا الترابط الوثيق بين الفصول فنهاية الفصل الأول مثلا لها علاقة واضحة مع بداية الفصل الثاني ونهاية الفصل الرابع مثلا لها علاقة وثيقة ببداية الفصل الخامس و هكذا دواليك و هذه العلاقة تظهر على شاكلتين إما علاقة سببية أو علاقة تماهي و مماثلة. و لذلك سيخرج القارئ بنتائج عجيبة و رائعة حين يقرأ الفصول من النهاية إلى البداية أيضا و من النتائج التي يمكن الوصول إليها : - تشظي الزمن إلى درجة انعدامه أمام تعاظم مأساوية حالة البطل. - البناء المتميز للفصول خاصة في العلاقة بين البدايات والنهايات وكذلك ارتباط النهايات بالبدايات . - تحكم ثنائية السببية و التماثل في العلاقة بين بداية الفصول ونهايتها . - أن تقسيم الرواية إلى فصول كان إجرائيا شكليا في بعض الأحيان. - توظيف الراوي كل الوسائل الفنية للتأكيد على حالة الانهيار التي يعانيها البطل في الماضي والحاضر . - كثرة الانتقال من الماضي إلى الحاضر يقابله ثبات مأساة البطل و سكونية الحالة و ذلك من خلال تكرار لعبارات معينة تدل على حجم انهيار البطل الداخلي من مثل : ( الغياب – الألم – البكاء المر – الغياب عن الوعي – البصاق – مواصلة البصاق- الإغماء ) أما في مستوى الزمن فإن البطل الذي كان فاعلا حقيقةً في الماضي أصبح مفعولا في الحاضر و لذلك يمكن أن نقول إن الراوي يمارس لعبة الخفاء والتجلي مع القارئ أو ربما هي لعبة الخداع التي هي لعبته المفضلة من أجل الإفصاح حينا والتلميح أحيانا كثيرة إلى تعدد البطل في هويته و " أناه" وكأنه يقول لنا إن زمن الحاضر ربما ينتقم من زمن الماضي في الرواية . فقد وجه الراوي القارئ من خلال هذا البناء إلى أهم بعدٍ من أبعاد الرواية و هو أن البطل الذي شارك في الحرب عاد إلى تونس لاشيءَ فاقدا للذات والمعنى والوجود من أجل حضارة المستعمر قد عاد إلى وطنه بلا هوية و كأنه ظلَّ على قيد الحياة ليتعذب ويهان وينتقم منه الطاهر و المنصف وهما الميِّتان ، وحين لم يبق له شيء وفي النهاية فقد عقله ، فالانتقال السريع بين زمنَيْ الماضي والحاضر و توسُّل الوصف لإيقاف صيرورة السرد و التلاعب بالزمن في مستوى تواتر الفصول قد أدَّى إلى استقاء الدلالات السالفة الذكر و لكن ذلك كله قد جعل الزمن يتسم بصفة التشظي و الانكسار فتشظي الزمن ما هو إلا تشظٍّ للذات و لقد عبَّر الراوي عن ذلك على لسان بطله بقوله : " صرتُ إلى اللازمن في برزخ يحدو الأوان إلى غير أوانه " . • تجليَّات تشظِّي الذات : 1- البطل في علاقته بذاته: ( جدلية الامتلاء و الخواء) - تبدو عملية فصل ذات البطل عن الآخر مجرد فصل إجرائي فحسب إضافة إلى أنه لا يمكن فهم الفاعل إلا من خلال الوظيفة التي يقوم كما ذهب إلى ذلك " غريماس "( ) لأنه من العسير إدراك المكونات الداخلية لشخصية البطل بمعزل عن علاقاته بالآخر و لكننا سنتحرى في ذلك اعترافات البطل بما هي المنفذ الذي منه يبوح بأسراره عادةً فالبطل ظهر في البداية منسجما مع نفسه لأنه في علاقة تواصل مع المكان و الزمان خاصةً عندما يتذكر طفولته الحالمة فقد ارتبط به الحدث في الرواية منذ تفوقه الدراسي الذي برز في المدرسة ( 36-37) لكن التفوق لم يكن الشيء الوحيد الذي ميَّزه فإضافة إلى ذلك فقد انبهر بمعلِّمه و بالثقافة الفرنسية و حب فرنسا و هو يعترف بأن معلمه هو السبب في كل ما حصل (36) و هذا الشعور الداخلي هو الذي سيتحوَّل إلى فعل وسلوك و هو شعور لولاه لما كانت الرواية أصلا . يمكن القول إن هذه الشخصية قد تحكمتْ فيها جدلية الامتلاء و الخواء و هي جدلية تحكمتْ في حياته من بدايتها إلى نهايتها و نقصد بالامتلاء هذا الشعور بالتفوق بين الأهل و لكن تقدُّم الخواء لأخذ نصيبه من الذات بدأ يوم تحدَّى أباه ودخل مدرسة هي محل رفض من قبل كل أهله (ص 38) لكن لحظة التحول الكبير التي ستجعل البطل يشعر باختلافه كانت لحظة قتله لابن عمه و التي ستعقبها لحظة قتله ابن خاله في ساحة الحرب ففي تلك اللحظة سيحل التشظي و الانهيار محل التفوق و الاعتداد و سوف تتعقد حالته وتتصاعد إلى أن تصل حالة المفارقة للعالم فلئن استطاع مداراة جريمته و الحفاظ على توازنه الداخلي نسبيا ( ص 48) فإن البطل سينهار بعد قتله ابن خاله المنصف ، هذا الانهيار سيصبح شعورا بالفراغ الداخلي و الإحباط والهزيمة و يؤثِّر خارجيا على جسده أو على شعوره بجسده و إذا اعتمدنا على ما ذهب إليه Merleau Ponty الذي اعتبر الجسد هو ما يجعل الفرد يتجذر في العالم قائلا عن جسده الخاص إنه " هو محور العالم الذي أعيشه بواسطته " ()مثل هذا القول لو طُبق على البطل لوجدنا أنه قد فقد صلته بالعالم تماما و ذلك يبدو من خلال وصفه لجسده الجريح بل كان يركز على تصوير عذابه الجسدي إلى درجة نجده يتلذذ بتعذيب ذاته المادية تلك ( ص 89) فتَغيُّر نظرة البطل إلى نفسه جعله يمعن في الشعور بالعذاب و يتمتع به و كأنه يكابد عقابا سماويا نتيجة ما اقترفه سواء كان في ساحة الحرب ص91 أو أثناء التعذيب في المعتقل ( 152) أو في بيتهم بعد عودته حين يصف الحشرات التي كانت تتغذى من جسده ( 105) إلا أن إهانته الكبيرة كانت كانت في عراكه مع عبود وابنه و الصورة المهينة التي ظهر عليها حين كانت أخته تدافع عنه 149 و هذه اللحظة هي حلقة من سلسلة طالت عليه كان الهدف منها بحث البطل عن الموت عبثا و قد بدأ في ذلك منذ ارتكابه جريمته الثانية و لكن الموت كان مطلبا عسيرا و هو لم يصل إليه في لحظات أربع من الرواية الأولى الحرب والثانية المعتقل والثالثة بين أرجل العبابيد والرابعة عند محاولته الانتحار ( 114- 119-157- 206) و حين فشل في إنهاء حياته ومن ورائه احتار الرقي في إنهاء روايته ، وصلتْ حالة التشظي و الخواء إلى مرحلة عدم القدرة على فهم العالم فقد ركِبَه العدم والفراغ فكان لابدَّ أن يصل مرحلة الجنون بعد أن فشِل حتى في قتل نفسه . ( 103- 138- ص 57 مرتين ) 2- علاقة الذات بالآخر : ( جدلية المنتمي واللامنتمي) 1- علاقته بالطاهر والمنصف: تبدو العلاقة بين الشخصيات الثلاثة محور الرواية و لقد كانت هذه العلاقة قائمة على الانسجام و تقبّل اختلاف الآخر نتيجة لشعور الحب و الإعجاب المتبادل التي تربط بينهم و التي كانت تبرز في كثير من الأحيان منزلة المنصف و تفوّقه الثقافي ( ص 55- 71) أما في المستوى الثنائي فإن علاقة البطل بالطاهر هي التي أخذتْ مساحة نصية أكبر فالاختلاف بينهما لئن كان غير واضح في مرحلة الطفولة إلا أنه سيتعاظم شيئا فشيئا فانبهاره بالثقافة الفرنسية تجلَّى مُذْ كان طفلاً من خلال تركيزه على الصور والنقوش الموجودة في بيت المعلم الفرنسي السيد ديشان و على إقامة مقارنة بين بيوت التونسيين وبيوت الفرنسيين ( 37 ) ثم سيزداد تقاطع البطل مع أهله من خلال تحدِّي البطل أباه والرضا بالدراسة في معاهد الفرنسيين معهد كارنو ( ص 38) و في الطرف المقابل لم يتحدَّ الطاهر والده بل كان امتدادا له عندما أدخله المدرسة الصادقية ( ص 38) و منذ تلك اللحظة يبدأ التباعد بين الطرفين ( البطل – الطاهر) في مقابل تقارب ثنائي بين الطاهر والمنصف في نفس الوقت يكون الطاهر مهيئا ليكون امتدادا و مُعوِّضا للمنصف في أفكاره و سلوكه ( ص 38) بل إن هذا الثنائي لديه صفة أخرى مشتركة و هي التجذّر والانتماء فحبُّ الطاهر لبلده ووطنه فهو الدافع الذي جعل المنصف يعود إلى تونس و معه زوجته كي يتفقد مقام الولي الطاهر و يتجوَّل في مدينته هذا التجذّر من ناحية المنصف تتماهى تماما مع نظرة الطاهر الذي يعتدُّ بانتمائه و هويته منذ الصغر .( ص143) و سيتطوَّر الاختلاف إذن إلى درجة نوع من القطيعة بين طرفين : - اللامنتمي : من يعمل لمصلحة فرنسا ( البطل). - المنتَمِي : من يعمل لمصلحة وطنه ( المنصف + الطاهر) و قد تجلَّتْ القطيعة من خلال اللقاء الذي سيجمع يوسف المنصري بالمنصف في بيت الطاهر بتونس حيث لم يكن يعلم بهذا اللقاء ولم يكن يدري أن علي باش حانبة نفسه كان هناك ( ص 67) يومها عرف البطل أنه قد فارق هذا الوطن والعالم ليدخل عالماً جديدا غريبا هو عالم فرنسا و يعترف البطل بقصور فهمه لأنه اعتقد يومها أن قريبيْه غاضبان لأنه عزم على الزواج من جاكلين ابنة المفتش ( 68) لكن اللحظة الحاسمة للصراع الذي أخذ في الاحتداد كانت عندما اعتُقل الطاهر و التقى الطرفان في غرفة التحقيق حيث انقلبتْ الأدوار و أصبح الطاهر الوحيد الأقوى وهو الذي يطرح الأسئلة أيضا و كأنه يُعلِّم ابن عمه أشياء كان يجهلها أو يتجاهلها ( 44) وفي المقابل يبدو يوسف داخل السنترال و بين الفرنسيين ضعيفا مضطربا ( ص 44) ، لقد أُهينَ البطل أمام رؤسائه الفرنسيين حين أوقعه الطاهر أرضا ثم فرَّ و كأننا بهذا الأخير قد اقتنع أن لا فائدة تُرجى من ابن عمه و أنه لابد أن ينتهيَ أحدهما أما البطل فقد وجد نفسه بين استفزاز ابن عمه الطاهر من ناحية و نظرات رئيسه المُستهزئة و هكذا ستنتهي هذه العلاقة بإقصاء اللامُنتمي للمُنتمي ولكن موت الطاهر كان صوريا لأن سيبقى حيا على طول الرواية و بذلك يمكن القول إن الآلية التي تحكمتْ في هذه العلاقة هي النسقيَّة التصاعدية التي وصلتْ درجة الإقصاء . و الحقيقة أن المنصف لا يختلف في شيء عن الطاهر لأنه سيبقى وفيا لوطنه حتى بعد موته بل إنه لم يشأ أن يشِيَ بجريمة البطل ص 46و بذلك يمكن أن نستنتج أن حضور الطاهر والمنصف فعليا في السرد كان قليلا مقارنة بيوسف المنصري لكن رغم ذلك يمكن اعتبارهما البطلين الحقيقييْن لأنهما أقوى حضورا و تأثيرا و هما ميتان أكثر من البطل الحي بل إن كليهما ظلاَّ يُعلِّمانه حتى وهما ميتان من خلال رغبة المنصف بأن يتربى أبناؤه في وطن أبيهما ( ص 69) أو في استحضار الأهل الدائم لشخصية الطاهر( ص125) وقد اعترف البطل بأنه لم يستوعب الدرس جيدا من المنصف الذي قال له في آخر رسالة : " هل علينا أن نُقتَلَ من أجل الآخرين كأسلافنا" 60 لقد كانت علاقته بهما إذن محكومة بضربٍ من التشظي و الانشطار لأن البطل المأزوم أقام علاقات مأزومة والبطل في الرواية أكثر من البكاء على البطلين الحقيقييْن المنصف والطاهر فهما بطلا الواقع والتاريخ أما هو فقد كان بطلاً من ورق. 2- علاقته بفاطمة و أهله : لا نكاد نجد صورة واضحة لعلاقة البطل بأهله قبل المشاركة في الحرب و لكن يمكن أن نقول أن علاقته بأهله هي علاقة تقاطع و صدٍّ فقد كان البطل يرفض بكل ماهو مرتبط بهم سواء كان في لغتهم أو مأكلهم أو ملبسهم يعني كل ما له علاقة بثقافتهم ( 68) فانبهاره بالثقافة الفرنسية جعله يبتعد عن أهله و قد وصل به الأمر إلى درجة تحذي والده بكل ما يرمز إليه الأب ثقافيا و ذلك عندما دخل المعهد الفرنسي و في ما بعد الانضمام إلى الجندرمة . هذه العلاقة بين الطرفين ( البطل وأهله ) ستزداد توترا بعد العودة من الحرب ، إذ أن أهله بعد تجاوز مشاعر الفرحة بقدومه بدأ ت تدب فيهم مشاعر الملل من مرضه وحالة الغياب التي كان يعاني منها فقد أصبحتْ النظرة أقرب إلى الشفقة منه إلى الاحترام فأهله في الحقيقة يرمزون إلى المجتمع و نظرة المجتمع إليه هي نظرة الشفقة تجاه عليل طالتْ علتُه و لا أمل في شفائه فحتى أخاه الذي كان معجبا به في صغره فقد ضاق ذرعا بسلبيته و حالة الهذيان التي ظل يعاني منها ( ص 129) كذلك الحال مع عمه وخاله فقد أصبحا بدورهما لا يكادان يعيرانه أي أهمية ( ص 200) أما أمه فقد شعرتْ بالخطر مذْ أصبحتْ خائفة من أن يصيب ابنها ما أصاب فوزية البايرة ، لكن ذلك ما حصل في النهاية و قد كان البطل يظن أن العودة إلى الجذور و الانتماء إلى الأصول أمرا يسيرا خاصة بعد دفع ثمن خدمته لفرنسا هزيمة شنعاء و انهيارا داخليا لا شفاء له ، و قد برز ذلك من خلال الرهبة التي تملكتْه من الخروج من البيت لمواجهة الناس والمجتمع الذي سيحاسبه و لن يكون مشفقا عليه ( ص 126-143-146) غير أنه يمكن القول أن علاقته بأهله قد عرفتْ نسقية تصاعدية واضحة فعلاقة التقاطع ستزداد حدة عندما خرج و صادف ذعرَه من الناس اصطدامُ أخيه مع عبود و هكذا وجد البطل نفسه رغم تهرّبه ( ص 146) في معركة مُذِلَّة دافعتْ فيه الأخت ُ عن أخيها و استنجد فيها الأخ الأرعن بالقوات الفرنسية و هكذا فشل البطل في أول محاولة من أجل التجذر بل شوَّه سمعة أهله و دنَّس جسد أخته و عاد أو بالأحرى حُمِلَ مُحتضرا مهزوما إلى بيتهم في مشهد تعوَّدَ عليه أقرباؤه ، وهذا ما جعل عودته تبدو و كأنها خطأ لابد من تداركه فحين أصبح من الصعب القضاء على يوسف المنصري بعد أن تعسَّر ذلك في الحرب والمعتقل كان لابد من تغييبه لتعود الأمور إلى نصابها ففشله في الدفاع عن لحمه عبر عدم القدرة على الاقتران بفاطمة و تنغيص رغبة أخيه الدفينة فيها جعلتْه لا يفشل فقط في التواصل مع أهله بل ويثير الفوضى والفتنة بينهم و كأنه ورم خبيث لابد من اجتثاثه قبل أن يستشري في المجتمع عموما . رغم أنه من الصعب الحديث عن علاقة البطل بفاطمة بمعزل عن علاقته بالمرأة عموما إلا أنه يمكن القول إن فاطمة هي في الحقيقة تبدو و كأنها رمز لهوية وثقافة هي ثقافة الوطن و الذي جعلنا نذهب إلى ذلك ملامحها الجمالية ( ص 125) و هي في حبها لابن عمها زادتْ في حضور الطاهر الذي كان أول اصطدام له بالبطل سببه فاطمة و لذلك كان البطل مسكونا بالعجز عن الارتباط بابنة عمه خاصة وأنه في البداية كان يترفع عنها ( ص 123) و هو لا ينسى قول الطاهر له " و فاطمة يا يوسف " قالها حين علم أن البطل سيتزوج الفرنسية المجنونة و الحقيقة أن البعد الرمزي يتجلَّى ليس فقط في جمالها بل في رفْض البطل أيَّ عادةٍ أو عُرْف يقف وراءه المجتمع فهو رافض لثقافته ومُتجاوزٌ لحبّ فاطمة الأصيل ( بكل ما تمثله فاطمة كاسْمٍ في الثقافة العربية والإسلامية بمخزونها التراثي ولاوعيها التاريخي) ، أما البطل الذي يظل دائما ممعنا في تحطيم من يحب و كذلك من يحبُّهُ أيضا و لذلك ارتبطتْ به سمة العجز أمام فاطمة ( ص 132) و لقد كانتْ فاطمة دائما وجها من وجوه أخيها و جزءا من هوية رفضها البطل منذ البداية رغم أن فاطمة هي الشخص الوحيد الذي ظل عاشقا له حتى نهاية الرواية و لكن البطل لم يكن سوى ذلك " الذئب الخسيس الوغد ... وزر الميتِينَ.." ( ص 130) 3- علاقته بفرنسا : • أنجليك : لا يمكن الحديث عن علاقة البطل بأنجليك إلا من خلال التطرق إلى علاقته بالعائلة " ديشان " فهي العائلة التي احتضنتْه و جعلته ينبهر باللغة الفرنسية و الثقافة الفرنسية و ربما من أروع ما اعترف به البطل والذي يمهِّد بشكل جيد لما سنقول وصفُه للجنرال : " كان الجنرال صورةً مشوشةً لفرنسا عطفا وقسوةً.." ( 31)و بهذا المعنى كانتْ عائلة ديشان الجانب المشرق من في سعيه إلى تعليم الشعوب المستعمَرة و إشباعهم من ثقافته حتى يتسنى له إخراجهم من هويتهم ( مشروع التجنيس) ذلك هو الوجه الذي مثَّلتْه عائلة ديشان في الرواية ولذلك سيشعر هذا الأخير بالسعادة حين تفوَّق المنصف والطاهر على ابنته في الإملاء0إذ في ذلك تأكيد على تفوقه كمعلم ثم إنه في سعيه لإدخال البطل إلى مدارس الفرنسيين قدَّم خدمةً جليلة لفرنسا وطنه الأم عندما اجتث َّالبطل من هويته " دخلتُ المعهد فكأنني اجتُثِثْتُ من تربتي " ( 38) فذلك هو إذن مظهر التشظي الذي عاشه البطل حتى داخل هذه العائلة لأنه لم يستطع أن يقطع كليا مع هويته و تربته ولم يستطع الآخر المستعمر أن يتقبله و الدليل على ذلك أنه بعد مشاركته في الحرب و في طريق عودته إلى مدينته قابسفي السيارة كان صراخ الطفل يترجم ذلك " ماما !... العربي!..العربي.. يخيفني.." ( 28). لكن روعة التصوير في هذا المبحث تتجلى في العلاقة مع علاقة البطل بأنجليك والتي لئن كانت أحيانا تبدو مختزلة إلا أنها رغم ذلك فقد كان لها تأثيرها الكبير في البطل فالعلاقة بينهما ارتبطت بزمن الطفولة والبراءة مما جعل أثرها في نفسه كبيرا و أنجليك التي رغم أنها كانتْ تُعجب بكلام الطاهر فإنها قد أحبّتْ يوسف " و تكره مني تشبُّهي بهم " ( 185)، هذه العلاقة تحكمتْ فيها جدلية التواصل والتقاطع أيضا فحُكِمَ عليها بالتشظي فإقبال أنجليك على يوسف قابله هذا الأخير باللامبالاة و الاستغلال و الابتزاز في مواطن عديدة فكأنها علاقة قامتْ على مفارقة عجيبة " كانت تحب أن تحل محل أبيها في قاعة الدرس و كنتُ إلى هيبة المجندين و القادة مشدودا ( 143- ) ولذلك سيتواصل التقاطع بينهما خاصة عندما عارضتْ انضمامه إلى الجندرمة ثم إلى الجيش فبقدرما كانت هي تسعى إلى التقرب منه كان هو يبتعد بل ويتلذذ في تعذيبها أحيانا " ما أنا إلا حبٌّ تائه ينأى عن الصدر الطاهر إلى الأرجل الفاجرة أسكب فيها لعنة فرنسا كذلك هربتُ من براءة أنجليك إلى صدور البغايا " 202غير أن هذه السادية ( ..) ستتطور بعض الأحيان إلى درجة كبيرة لتصبح نوعا من الانتقام بحيث يبدو لنا البطل في علاقته بأنجليك ذوات متعددة " كنتُ مغرما بتعذيبها أفضي إليها بخيانتي حتى إذا شعرتُ ببعدها داعبتُ مشاعرها اللطيفة ..( ص 203) و لكن تهالك أنجليك على البطل سينقلب بعد عودته فيصبح هو الراغب و هي المتمنِّعة و كأن البطل يهدم آخر شيء يشده إلى هذا العالم فهو قد عاد إلى أنجليك مهزوما وقد حاسبتْه في نهاية الرواية على كل ما فعلَه بها حين قالتْ له :" كفى لقد انتهى عهدك ... لن أكون مجدَّدًا القينة التي تنتظر سيدها .." ( 193) إن البطل في علاقته بأنجليك تتجاذبه عواطف متضاربة تجسم هذا التشظي في علاقته بالجانب المشرق من فرنسا هذا التشظي يُخفي مشاعر متداخلة تجمع بين الحب و الكره والانتقام و هذه العلاقة المتداخلة ستنتهي في الآخر بطرد يوسف المنصري نهائيا من بيت السيد ديشان ، البيت الذي دخله وهو طفل صغير و هذا الحدث له بعدٌ رمزي مهم و لذلك ظل البطل الطريق إلى بيتهم مما يحيل أن حالة التشظي قد وصلتْ أقصاها مما يحيل على أن البطل قد خسر هويتين هوية وطنه و الهوية التي ركَّبها تركيبا ، لقد خسر البطل وجهه العربي يوسف المنصري و خسر أيضا وجهه الفرنسي Josef Mansart " أنظر في انتسابي حائرا فلا استطعتُ أن أكون فرنسيا و لا حافظتُ على جلدتي .." ( 65) 4- فرنسا الاستعمار: إن الصورة الحقيقية لفرنسا هي التي زادتْ من تشظي البطل و أكدتْ له أن ما كان يعتقده في فرنسا من جمال وثقافة كان خداعا وسرابا و هو لن يرى وجهها البشع إلا حين يعمل في الجندرمة فقد كان المفتش رمزا لفرنسا الماحقة لحركات التحرر الشعوب و كان دور البطل دور كلب الحراسة علما وأن لفظة " الكلب " قد استعملها الراوي مرتين : المرة الأولى ذكرناها وهي اللحظة التي قتل فيها البطل الطاهر : " ثم وجدتُني بوعي الكلب المدرَّب أُشهر مسدسي نحوه . وانتهى كل شيء ." ( 46) و المرة الثانية كانتْ في المعتقل : " فكان مجالا لاسترداد نفس متقطع بلهاث ٍ كلهاث الكلاب " ( ص154) ، ستظل صورته هي نفسها مع الجنرال فهو بالفعل سيقوم بدور الحارس الأمين والخائن في نفس الوقت لأن اجتثاثه من جذوره سيحوله إلى كائن ملوث بدون أخلاق و بلا مبادئ : " وجدني الجنرال واهنا فبثَّ فيَّ النكتة و ألف فرنسيتي فعلَّمني الإنصات إلى فنهم و صياحهم " ( ص 30) بل وستصل علاقته بالجنرال درجة الدناءة وذلك عندما تنتقم زوجة الجنرال من هذا الأخير ( زوجها و قاتل عشيقها) بأن تخونه مع من ظنَّ أنه حارسه المخلص أو بالأحرى كلبه الوفي يوسف المنصري لكن ضياع البطل سيتواصل حيث أن اقترابه من الجنرال في مقابل الأفارقة زاد من انشطار هويته و قد بدا ذلك حين أراد الجنديُّ السنغالي مامادو قتله بعد أن أكل من لحم الكولونيل لأنه اعتبره من زمرة القائد الفرنسي . استنتاج حول العلاقة بالآخر : لقد كان الفصل في علاقات البطل إجرائيا فحسب لأن البطل حوَّل أقرباءه إلى أعداء وضحايا واتخذ من أعدائه أصدقاء فحوَّلوه إلى مسخٍ من الخيانة غير قابل للحياة أو الاستهلاك و اكتشف في النهاية أن من باع نفسه من أجلهم حولوه إلى حطامٍ من العبث لقد حوله المستعمر بوجهه المرعب من سبب فاعل و منتِج للعنف إلى نتيجة ومفعول به فكانتْ النتيجة أن خسر كل شيء حتى عقله فقده لأنه لم يستطع أن يعود فاعلا حتى حق الموت لم يستطع أن يتخذه لقد فشل حتى في فهم الجانب الإيجابي من الاستعمار يقول البطل مبررا هزيمته مع المرأة : " قديما رغبتُ عن فاطمة إلى أنجليك ثم منها إلى ابنة المفتش ثم إلى زوجة الجنرال ، نأيْتُ عن لحم الطاهر إلى ملحمة المنصف ، و العينان الزرقاوان كانتا مهربي من كل شيء إلى كل شيء.." ص 136 د- الوصف والتصوير : ليس مبحثنا في هذا الصدد الوقوف عند خصائص الوصف لأن ذلك المبحث في حاجة إلى دراسة علمية مستقلة و إنما ما يهمنا هو تجاوز الكاتب الوصف بالكلمات إلى التصوير باللوحات خاصة في مشاهد الحرب فالراوي قد أمعن في رسم صورة كلية عن الحرب العالمية الأولى مما ذكرنا بأدب الحرب عند الأديب الروسي تولستوي في روايته الشهيرة الحرب والسلام أو الأديب الأمريكي " أرنست همنغواي " في " وداعا للسلاح "و لعل استنادنا إلى مفهوم جاك دريدا للكتابة يؤكد لنا أن الكاتب لم يكن يكتب لنا لنقرأ فحسب وإنما يكتب لنا لنشاهد أيضا فالوصف للكائنات و الأشياء جعل المشاهد تصل درجة التصوير فدقة الوصف ذكرتنا بسيناريوهات الأشرطة السينمائية التي وصلتْ حد العالمية مثل شريط " القيامة الآن " للمخرج الأمريكي فرنسيس فورد كوبولا و الذي صور فيه بشكل حِرَفِي فواجع حرب فييتنام و أهوالها أما الشريط الثاني الذي يقترب من الرواية في صورها خاصة هو شريط " فيلق " للمخرج الأمريكي أوليفر ستون و الذي ربما يلتقي مع رواية خدعة العصر في الكثير من الأفكار لعل أهمها أن الفلم في حد ذاته ما هو إلا تصوير لمذكرات المخرج إبان مشاركته مقاتلا في مشاة البحرية الأمريكية و فيه نقد لاذع للسطوة الأمريكية و لوحشية الحرب التي تحوِّل الإنسان إلى مجرد حيوان مقاتل شرس ، أما الشريط الثالث الذي يقترب كثيرا من الرواية فهو شريط أسطورة الخريف للمخرج إدوارد زفيك و الذي استند فيه إلى رواية للكاتب الأمريكي جيم هاريسون ، إن أول قراء لرواية خدعة العصر يلاحظ هذا التناص بين العملين فنيا و ذلك لأسباب عديدة لعل أهمها : أن أحداث الفلم هي أثناء الحرب العالمية الأولى فحين تشاهد كمامات الغاز على وجوه الجنود تتذكر صرخات " عبدولاي " في الرواية غاز ..غاز فالمخرج قد صور فكرة رائعة من خلال شخوصه تبرز وحشية الحرب وعبثية الحب من خلال علاقة ثلاثة أخوة أمريكيين في الحرب و حبهم الفتاة نفسها إضافة إلى طرحه مسألة العنصرية و علاقة السياسة بالمال في المجتمع الأمريكي و نحن نقرأ الرواية نتذكر هذا الشريط الرائع طبعا يبقى الاختلاف واردا بينهما في نواح كثيرة لكن ارتفاع الرواية إلى درجة التصوير السينمائي الحي جعلها تقارب هموم الإنسان رغم أن الراوي لم يكن من أولوياته تصوير الحرب أو أن تكون روايته من أدب الحرب و رغم ذلك فإن تجربة بطله يمكن أن تكون عالمية أيضا و لكن ربما الشريط الأقرب من جميع النواحي على مستوى الشخوص و الدلالات الظاهرة و هو الفلم الأحدث تاريخيا و الأقرب ثقافيا إنه فلم " السكان الأصليون " للمخرج الفرنسي من أصل جزائري رشيد بوشارب الذي أراد أن يظهر دور غير الفرنسيين و خاصة العرب المنحدرين من شمال أفريقيا في تحرير باريس نهاية الحرب العالمية الثانية فغرضه الرئيسي نوع من التصحيح التاريخي مفاده أنه ليس فقط قوات الحلفاء هم الذين حرروا العاصمة الفرنسية و بهذا المعنى تكون رواية خدعة العصر أشمل وأعمق في طرحها و ذلك بإشارتها إلى مفاصل تاريخية حرجة في تاريخ تونس إضافة إلى مشكلة الهوية و الانتماء والنضال والاستعمار فضلا عن تصوير المجتمع التونسي إبان الاستعمار عبر فئاته المختلفة . تعتبر الرواية إثراء للأدب السردي التونسي و هي ربما تُعتبَرُ امتدادا لآثار أدبية تونسية على قلتها هي ذات شأن ولعل أهمها رواية " المازقري " لمحمد لزغب لأن كلايهما يقوم على نوع من الانخداع ، انخداع بطل المازقري بالثراء السريع و تركه لقريته و انخداع بطل الرقي بالتفوق و النسيان يقول بطل محمد لزغب بنبرة مريرة فيها الكثير من الرمزية والإيحاء : " كانتْ بلد أحلامنا مغطاة بالرمال " وهو في شعوره بالفشل والمهانة والإخفاق و صفة الخيانة التي تطارده لا يختلف عن يوسف المنصري حين يقول : " الآن أُدرك أني ما كنتُ داخل "الخيش" حقا بل كنتُهُ " ص 115 يقول ميلان كونديرا : " إن الروائي هو ذلك الشخص الذي حسب فلوبير يريد أن يختفي وراء عمله الإبداعي " و هكذا يمكن القول أن الرقي فضلا عن كل الدلالات المذكورة سالفا لم يسع إلى أن يبرز مآسي الحرب وخزي بطله وهزائمه المتتالية ليبين لنا أن " البراءة هي أول ضحية للحرب " فحسب ولكن هدفه الأسمى كان ربما التأكيد على أنه ليس فقط المنتصرون هم الذين يكتبون التاريخ ، فخدعة العصر هي قراءة للتاريخ بعيون أدباء ...قراءة يمتزج فيها الحب بالحرب و الهوية بالعنصرية و الانتماء بالاستلاب و النضال بالخيانة .. من هنا تستمد خدعة العصر جماليتها فهي تراود التاريخ و تتغنى بالحب و تبكي الوطن لتخدع القارئ. * منير الرقي : خدعة العصر " سلسلة عيون المعاصرة ، دار الجنوب للنشر ، تونس 2008 . وقد فازت الرواية بجائزة الكومار الذهبي التونسية لسنة 2008 (جائزة لجنة التحكيم). خيرالدين جمعة ناقد من تونس الموضوعالأصلي : تشظي الزمن و الذات في رواية خدعة العصر لمنير الرقي: بقلم خير الدين جمعة خيرالدين جمعة // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: مستر
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |