التعاون مفتاح السعادة الأسرية
التضامن، الحب، التكافل، الاستقرار، الطمأنينة، الاتحاد، معانٍ عديدة لمعنى كلمة زواج، فهو شركة رأس مالها الحب، والمودة، والإخلاص، والتضحية، فيها يتقاسم الطرفان السراء والضراء،فهما يحزنان ويفرحان معا، وبالعشرة الطيبة والكلمة الحسنة يتولد الحب وتتفجر ينابيع العاطفة، ولكي يستمر هذا العطاء لا بد من تعزيز أواصر هذه المحبة، فالرجل يحتاج إلى حب المرأة، والمرأة تحتاج إلى عطف الرجل وحنانه، فالزواج اتحاد روحي بين الرجل والمرأة يذوب خلاله ضمير الأنا في كيان الأسرة، فتصبح كل أمور الحياة مشتركة.
ولعل التضامن والتعاون بين الطرفين من أجمل صور الحياة الزوجية التي تساهم بشكل فعال في دعم أواصر هذه المحبة، فعندما تقف المرأة إلى جوار زوجها يشعر بالقوة والثقة ، وعندما ترى المرأة زوجها يحتويها ويشعرها بحنانه تشعر بالأمن والطمأنينة تغمران روحها، مما ينعكس بشكل إيجابي على الأسرة والأطفال، فتتكون أسرة متماسكة ومتحابة.
لكن ترى ما هي أوجه التعاون بين الرجل والمرأة؟ وهل هناك مجال ما يصعب على الرجل الوقوف فيه بجانب الزوجة ؟
اختصاص الزوجة
هناك كثير من الرجال يعتبرون أن مساعدة الرجل للمرأة في شؤون المنزل يقلل من قيمتهم أو رجولتهم، وأن أعمال المنزل من اختصاص الزوجة فقط، وعليها القيام بها مهما وقع عليها من ضغوط كتربية الأطفال، ومراعاة بيتها وزوجها، أو عملها خارج المنزل، مما يؤدي إلى ظهور مشاعر العداوة بين الزوجين، ونشوب الخلافات بينهما، وخصوصا إذا كان الزوج لا يقدر مدى العناء الذي تتحمله الزوجة، وهو ما أكدت عليه دراسة أجريت حديثا حيث أشارت إلى أن النساء يقضين ما يقرب من 40 ساعة أسبوعيا في أداء أعمال المنزل، وأن ساعات عمل الزوج في الأسبوع لا تزيد عن 17 ساعة، وأوضحت الدراسة أن هذا الشعور بالعناء الذي تتحمله المرأة داخل وخارج المنزل يؤدي إلى ظهور مشاعر العداوة بين الزوجين، ويعمل على اندلاع المشاكل بينهما فيما بعد.
ونظراً لأهمية التعاون بين الزوجين، أكد خبراء النفس على ضرورة مساعدة الزوج لزوجته، لأنه يساهم بشكل فعال في استقرار وسعادة الحياة الأسرية.
وكذلك حث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الرجال على معاونة النساء مؤكدا على أن مساعدة الرجل لزوجته لها أجر عظيم عند الله تعالى لأن هذا يشعر المرأة بمكانتها ويعطيها ثقة بالنفس وجاء ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "رفقا بالقوارير" مشيرا إلى حسن معاملة النساء والرفق والإحسان إليهن،وقوله: " ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوانٍ (أسيرات) عندكم»، وكان صلى الله عليه وسلم يساعد زوجاته في المنزل فكان لا يعتمد على زوجاته كلية في شؤونه الخاصة به، فقد كان يخيط ثوبه ويحيك نعله.
أوجه التعاون
ولا تقتصر أوجه التعاون بين الرجل والمرأة على الأعمال المنزلية فقط، بل لا بد أن يكون هناك تعاون في شتى نواحي الحياة، فيجب أن يكون هناك تعاون بين الزوجين في أمور الدين، فيعين كل واحد الآخر على الطاعات، وترك المنكرات ، فيأمر الزوج زوجته بالصلاة ، ويتعاونا في قيام الليل فيكون لهما أجر عظيم عند الله، لقول رسولنا "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى ، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى ، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ["
وقوله: "سبحان الله! ماذا أُنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن، أيقظوا صويحبات الحُجَرات، فرب كاسيةٍ في الدنيا، عارية في الآخرة["، وكذلك التعاون في الصدقة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدةٍ، كان لها أجرها بما
أنفقت، ولزوجها بما اكتسب، وللخادم مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً"
تربية الأبناء
ومن أوجه التعاون بين الزوجين أيضا" التعاون في تربية الأبناء، فتربية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأزواج، فهما مسؤولان عن تعليم أبنائهم أمور دينهم ودنياهم، و التعاون على المعيشة ، فإذا كانت الزوجة موظفة مثلا فعليها أن تعين زوجها، حتى تسير الأمور الأسرية على الوجه المطلوب،ولابد أن يكون هناك تشاور بينهما في حل المشاكل التي تواجههم.
وفي المقابل على الزوجة أن تعين زوجها في بعض أموره، كتهيئة طعامه وملبسه، وكذلك تهيئة الجو المناسب لراحته.
وإذا حرص كل من الزوجين على تقوية روابط الود والمحبة والتفاهم بينهما من خلال التعاون، فإن هذا يؤدي إلى تحقيق الشعور بالسعادة والرضا عن الحياة الزوجية، وبالتالي الراحة النفسية، وتحقيق الإشباع الجنسي والاستقرار في العمل المنوط بهما تنفيذه، ويساهم كذلك في حل المشاكل التي تعتري الحياة الزوجية بسهولة، مما يشعر الأبناء بالأمن النفسي ويحقق الانسجام الكامل بين أفراد الأسرة. |