جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتديات الجامعة و البحث العلمي :: منتدى البحوث العلمية والأدبية و الخطابات و السير الذاتيه الجاهزه :: للغة و اللسانيات. |
الأحد 25 مايو - 17:25:16 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: المنظور التطبيقي: المنظور التطبيقي: المنظور التطبيقي: حبذنا في هذه الدراسة أن نقسم معالجة المقدمة الطللية إلى قسمين، جانب نقدي يلقي نظرة موجزة على مختلف الآراء النقدية التي تناولت هذه الظاهرة الشعرية بالنقد تارة، وبالوقوف عند جوانبها التاريخية والموضوعية تارة أخرى، وجانب تطبيقي تحليلي يقف عند أهم الشعراء الذين استهلوا قصائدهم ((مطلولاتهم) بالوقوف على الأطلال، ساعين من وراء ذلك إلى استعراض أهم القواسم المشتركة بين هذه المقدمات مبنى ومعنى وربما فنياً أيضاً. حين نتأمل المقدمة الطللية التي هي نتاج حقبة زمنية تمثل مرحلة نضج الشعر الجاهلي، يمكن الخروج بعدة ملاحظات وآراء تبدو ذات أهمية قصوى، أولى هذه الملاحظات أن تلك المقدمات تنم عن روح شاعرية مضطربة قلقة، حيث استهل شعراؤنا الجاهليون قصائدهم بمقدمات فيها أساليب الأمر والتحفيز على فعل شيء ما، كما فعل امرؤ القيس الذي راح يحث رفيقيه على البكاء قبل الرحيل، ثم إن بعضهم الآخر استعمل أسلوباً استفهامياً فيه ما فيه من ملامح القلق والحيرة، مما يزيد إيماننا على أن هناك نفسية قلقة حزينة واكبت الشعراء في أشعارهم، كما يبدو ذلك على سبيل المثال في قول عنترة: ((هل غادر الشعراء من متردم))، وفي قول زهير بن أبي سلمى: ((أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلم، وفي أسلوب النداء الذي يمثله قول النابغة الذبياني: ((يا دار ميّة بالعلياء فالسند)). ثم إنّ ما يمكن ملاحظته أيضاً أن المقدمات الطللية قد تختلف من حيث عدد أبيات كل مقدمة، إلا أن هذه الأبيات تتسم بالقلة في الغالب، وذلك ينم عن الحالة النفسية للشاعر الذي يريد أن يسجل آهاته وتنهداته على ماضي غابر، رحل بأيامه ليظل ساكناً في وجدانه بما احتفظ به من ذكريات عذبة وحنين جارف، بيد أن هذا الشاعر سرعان ما يعود إلى طرق موضوعات أخرى داخل القصيدة الواحدة، وكأننا بالشاعر يستهل مطولته بالانطواء على الذات ومعاودة النفس فيما فرطت فيه وأصبح مجرد حلم عابر جميل، ثم يعود من جديد بعد أن يستفيق من غفلته لينغمس في غيرها من القضايا التي يشغل نفسه بها، عساه ينسى أثر ذلك الماضي في نفسه الملتاعة، فهو هنا مثل الهارب من نفسه حين يتذكر شيئاً له علاقة حميمة بماضيه الجميل. أما الملاحظة الثالثة التي أردنا التنويه بها هنا، فتكمن في أن بكاء الطلل أو الوقوف عليه وهو بكاء المرأة الراحلة التي لم يعد لها من أثر، وهو بكاء الوطن المتنقل، هذا الوطن الصغير الذي يمثل جزءاً من حياة الجاهلي، ولكنه سرعان ما يستبدله بوطن آخر حين يعز الماء والكلأ، وكأن الأمر يتعلق بلعنة جماعية أصيب بها جميع الشعراء، والواقع أن الأمر ليس على هذه الصورة، حيث أن المسألة تتلخص في صراع الإنسان مع الوجود، ومغالبة الزمن الذي يسير نحو النهاية الأبدية، ومن ثم فإن الطلل الدارس بكل ما يحويه من المعاني الرمزية التي تجعل هذا الشاعر يرمز لهذا الفناء أو تلك النهاية لهذا الطلل. في حين تمثلت الملاحظة الرابعة في تكرار المعاني والتراكيب بحيث يظل الطلل نفسه –تقريباً- لدى جل هؤلاء الشعراء، وتظل أدواته التي تمثل بقايا آثاره أو الدالة عليه مما يجعل القارئ المتمعن يضع أكثر من تساؤل أمام ذلك التقيد بتكرار نغمة بعينها، فهل هي واقعية الطلل وما فيه التي أملت على الشاعر التقيد بهذا التكرار، أم هي سنة يجب ذكرها أو تذكرها قبل الانتقال إلى غرض آخر، ومن ثمة لا يكلف الشاعر نفسه عناء البحث عن بدائل معنوية وتركيبية؟ أم أن الشاعر الجاهلي بما فطر عليه من قدرات خيالية محدودة أجبرته على أن يتغنى بطريقة مشابهة أو مكررة بما تغنى به من سبقه في هذا المجال القولي؟ أم أن هناك سراً في هذه الظاهرة يحتفظ به الشعراء، ولاسيما حين نلاحظ –مثلاً- أن التكرار يأتي- أحياناً- على شكل "اقتباس" فهل الأمر في مثل هاته الحالة يتعلق بتأثر شاعر بآخر إلى حد الإعجاب ببيت أو بيتين من حيث المبنى والمعنى معاً مما يجعله ينقلهما ويدمجهما في شعره، أم أن السر في ذلك كامن في ما يقوم به الرواة من خلط بين ماهو لعمر وماهو لزيد؟ تلك مجموعة من الأسئلة التي رأينا مشروعية طرحها قبل الوقوف عند هذه المقدمات تحليلاً ونقداً، وذلك، من قراءة ثانية لتراثنا الشعري العربي الذي ما زال حياً في نفوسنا بحكم ما يحمله من خصائص موضوعية وجمالية أهلته لأن يجتاز أطواراً زمنية، وكل ذلك يؤكد أصالته وإنسانيته، وما يزخر به من قيم جمالية وفنية. تحتل المقدمة الطللية- إذن- صدارة القصائد الطوال التي تسمى بالمعلقات أو المذهبات والمشهورات، كما تأتي في مقدمة القصائد الجاهلية الأخرى مما ألحقت بالمعلقات أم لم تلحق، وإذا كان المجال لا يتسع هنا للخوض في اختلاف التسمية، وعدد المعلقات، فإن ما يمكن الإشارة إليه هو أن هذه القصائد تعد من أنفس ما أنتجه خيال الشعراء الجاهليين، ويمكن النظر إليها على أنها تعد البناء المكتمل من حيث المبنى والمعنى للنص الشعري الجاهلي. وفي مقدمة هذه القصائد مطولة امرئ القيس التي يستهلها قائلاً: قِفَا نبكِ منْ ذكرَى حبيبٍ ومنزلِ بسِقْطِ اللَّوى بينَ الدَّخُولِ فَحَومَلِ فَتُوضِحَ فالمقراةِ لم يعفُ رسمُها لما نسجتْها من جنوبٍ وشَمألِ ترَى بعرَ الأرامِ في عَرَصَاتِها وقيعانِها كأنَّه حبُّ فُلْفُلِ كأَنِّي غداةَ البيْنِ يومَ تحمَّلوا لدَى سَمُراتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ وقوفاً بها صحْبِي عليَّ مطيَهم يقولون لا تهلِكْ أسىً وتجمَّلِ وإنَّ شِفائِي عبرةٌ مُهَرَاقَةٌ فهلْ عند رسم دارس من معولِ وسواء أخاطب امرؤ القيس رفيقاً واحداً، أو رفيقين، فقد استوقف غيره ليبكي وإياه ذلك المنزل الداثر الموحش الذي ظلت بعض بقاياه شاهدة عليه بفعل رياح الجنوب والشمال، فواحدة تزيل عنه الأتربة وأخرى تعيد تغطيته، لتبقى آثاره شاهدة على تلك الذكريات السعيدة التي يفترض أنها جمعت بين الشاعر وحبيبته، ويأبى امرؤ القيس إلا أن يستدل على الوجود الفعلي للطلل البالي حين يأتي على ذكر بعر الآرام التي أصبحت تسرح في ذلك المكان الذي كان عامراً بأهله، وصار مرتعاً للظباء والوحوش البرية، ثم يعود الشاعر من جديد ليعبر عن أثر يوم الرحيل في نفسه، فقد ظل تائهاً حائراً حين اشتدت أزمته النفسية فبعد البكاء تأتي مرحلة أشد وأقسى حيث تجتمع الذكريات، ويعيش الإنسان مرحلة من التيه عبّر عنها بناقف الحنظل، وربما رافقت هذه الحيرة دموع الشاعر المنهارة كما تفعل حبة الحنظل التي تُدمِع العيون لحرارتها، وأمام ذلك الموقف النفسي المؤثر، موقف الشاعر أمام الطلل، يجد المواساة من أصحابه الذين يخففون عنه بدعوتهم إياه أن يتجمل بالصبر والتجلد. وكأنه يجيب هؤلاء الصحب، أن لا شفاء له مما يعانيه إلا بإراقة دموعه مدراراً. ويخيّل إلينا أن امرأ القيس وصف الأماكن ليوهم السامع أنه عبر عن مأساته الفعلية، وأن حديثه جاء مباشراً صريحاً، فقد حدد المواضع التي كانت تؤوي الحبيبة، ثم استدل على وجودها في ذلك الحيز المكاني الذي ظل محتفظاً ببعض ما ينبئ عن آثار الدار، لينتقل بعد ذلك إلى وصف ما نستشف منه خلو هذه الدار إلا من تلك الملامح التي تدل على بقاياها. ولعل ذلك ما توحي به المعاني الغريبة التي تثيرها فينا أبيات الشاعر، غير أن هناك من الدارسين من يذهب إلى أن الشاعر لا يبكي إذ يبكي حبيبة درست منازلها، وغادرت حيها القديم ((ولكنه يبكي حروقاً قلبية، ومواجد مصيرية، وإحساسات جدية، وأحداثاً مأساوية، صدر عن عاطفة حقيقية، تبكي المجد الآفل والعز المعفى والدماء المسفوحة والأمل المشبع والأب المغدور، وليبكي مع هذه العواطف الباكية كل خلي وشجي وصديق وقريب وبعيد)). ومع أننا نشاطر هذا الرأي في بعض جوانبه، فلا بد من الإشارة إلى أن التعامل مع الشعر قد يسمو بنا إلى درجة من التمثل أو التخيل تجعلنا نذهب مذاهب بعيدة، لا لنقوّل الشاعر ما لم يقله أو يخطر على باله، ولكن لأن طبيعة الشعر قد تُثير في نفس القارئ أو الدارس خواطر ورؤى قد لا تخطر للشاعر على بال، فتلك مسلمة لا نستطيع إنكارها ونحن نتعامل مع شيء اسمه شعر، ويبدو أننا حين نتعامل مع مقدمة امرئ القيس السابقة من دون أن نوظف ما نمتلكه من خلفية تاريخية أو مرجعية عن حياة هذا الشاعر، فإن هذه الأعباء التي حمّلنا بها مقدمته تبدو مجرد تخيل، حيث أن الرأي السابق بُني على خلفية معرفية لملابسات حياة الشاعر، ولم يبْنَ على ما أثاره النص الشعري في نفس هذا الباحث، فلو تناول أي دارس مقدمة امرئ القيس بصفتها عالماً مغلقاً، فإنه يستعمل مفاتيح معرفية غير التي يستعملها المتأثّر بمعلومات عن حياة صاحب النص، ومن ثم فإن المفاتيح التي يستعملها الدارس الثاني المفترض لدخول النص ليس بالضرورة نفس المفاتيح، ومن هذا المنطلق فإن المقدمة الطللية لا تثير فينا ذلك التأويل البعيد، اللهم إلا إذا وضعنا نصب أعيننا حياة الشاعر وما اكتنفها من مآسٍ نفسية وعاطفية. أما طرفة فيقف على الأطلال كما وقف امرؤ القيس من قبل ويناجي أماكنها بعد تحديدها ((ببرقة ثهمد)) حيث كانت حبيبته ((خولة)) التي ظل يبكي ذكرياتها، ويعد البكاء إلى اليوم التالي، وهو هنا ينسجم مع امرئ القيس في البكاء، لكنه يختلف عنه في طريقة هذا البكاء، فهو حين يقول: ((لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد)) لا ينقل أثر الطلل في نفسه بقدر ما يصور بقايا هذا الطلل التي تدل عليه، كما يبرق الوشم في ظاهر اليد. ثم يأتي البيت الثاني من مقدمة طرفة الذي هو تكرار للبيت الخامس في مقدمة امرئ القيس، مع فرق ضئيل جداً بين كلمتي ((تجمل)) عند امرئ القيس، و((تجلد)) عند طرفة، ويبدو أن طرفة استعمل تجلدا لضرورة شعرية تماشياً مع حرف الروي. وفي ذلك ما يدل على تصرف الرواة في كثير من الأشعار إما بالتحريف أو بنسبة شعر شاعر إلى شاعر آخر، إذ لا نعتقد – مثلاً – أن شاعراً مثل طرفة يعمد إلى نقل بيت كامل ليقحمه في معلقته، ما دام هذا الشاعر بالذات يتميز بموهبة شعرية تؤهله لأن يعبر عن المعنى الذي عبر عنه غيره بطريقته الخاصة، اللهم إلا إذا أعجب طرفة ببيت امرئ القيس ونقله على سبيل التضمين. وأياً كان الأمر، فإن الشاعر بعد أن يصور موقف الرحيل، وما ينتابه من إحساس بالأسى واللوعة، يصف مركب الحبيبة، وهي على أهبة الرحيل، ويسم هذا المركب بالسفن العظام، وكأني به أراد أن يشيد بذلك الركب الذي يشمل نساء وأولاداً، وهو يتجه نحو أمكنة أخرى. لخولةَ أطلالٌ ببرقةَ ثهمدِ ظللتُ بِها أبكِي وأبكِي إلى الغدِ وُقُوفاً بها صحبي على مطيَّهم يقولون لا تهلِكَ أسىً وتجلَّدِ كأن حُدوجَ المالكيةِ غدوةً خلايا سفينٍ بالنواصِفِ مِنْ دَدِ في حين نلاحظ أن زهير بن أبي سلمى يختلف اختلافاً طفيفاً عن امرئ القيس أو غيره من أصحاب المعلقات، إذ يستهل مقدمته بالتساؤل الذي يعتريه الشك حول تحديد الأماكن الدالة على طلله الدارس، ولكنه سرعان ما يهتدي إلى تحديد تلك الأماكن تحديداً دقيقاً، وكأنه يريد أن يوهمنا أو يقنعنا بصدق التجربة الشعرية، وبواقعية تلك المواضع، فبعد هذا الاهتداء – إذن – راح يسائل الطلل، طلل الحبيبة بين تلك المعالم التي ظلت شاهدة على ماض تخللته حياة سعيدة، وها هو الآن لا يجيب، فقد صار مكاناً قفراً موحشاً، وكل ما هنالك بقايا آثار الدار وبعض مخلفات أثاث البيت، وكل ذلك قصد تعميق الإحساس بالوحشة النفسية التي تنتاب الإنسان أثناء وقوفه على الأطلال التي ارتبطت من قبل بجزء من حياته السعيدة في ظل علاقة إنسانية تطفح حباً وهياماً، وتحولت – فجأة – إلى مجرد ذكرى. ويأبى زهير إلا أن يحدّد الزمان، كما حدد المكان، فقد عاوده الحنين إلى حبه القديم بعد مضي عشرين سنة، تعرف بعدها إلى آثار الدار من خلال ما تبقى من أثافي ونؤى، وحينها لم يتمالك نفسه، فراح يحيي ذلك الطلل البالي تلك التحية التي ترمز إلى تحية الحبيبة التي أضفت على تلك الأماكن رونقاً وأنساً وجمالاً فجملت الحياة بوجودها، وأصابتها الوحشة والرهبة بعد ذهابها. أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم ديار لها بالرقمتين كأنها مراج وشم في نواشر معصم بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلالها ينهضن من كل مجثم وقفت بها من بعد عشرين حجة فلأيا عرفت الدار بعد توهم أثافي سفعاً في معرّس مرجل ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم فلما عرفت الدار قلت لربعها ألا انعم صباحاً أيها الربع واسلم ولعل السؤال الذي يطرح بإلحاح كلما تعاملنا مع المطولات بعامة، والمقدمات الطللية بخاصة، وهو ما السر في ذلك الإلحاح على استخدام نفس الأدوات اللغوية والمعنوية في المقدمة الطللية؟ صحيح أن البيت الجاهلي الذي عني به الشعر الطللي لا يختلف كثيراً من حيث هندسته المعمارية، ومن حيث احتواؤه على أثاث غاية في البساطة، فالتشابه كبير لا محالة، إذ لا نتصور هذه البيوت أكثر من خيام منصوبة وبيوت طينية عموماً، لكن المسألة لا تكمن في البيت بقدر ما تكمن في طريقة تصويره والتعبير عن خباياه، إذ نلاحظ أن جلّ التشابيه مستقاة من منبع واحد، فهناك تشابه من حيث المواقف كالوقوف على الطلل والبكاء عليه، بعد التوهم، وتشبيه الطلل بالوشم في ظاهر اليد أو المعصم الخ… وبطبيعة الحال فإن هذا يقودنا إلى شيء أهم، وهو السمة التعبيرية الغالبة التي تدل على تأثر واضح بنموذج تعبيري سائد، فضلاً عن معاني محدودة لم يستطع الجاهلي أن يتجاوزها إلى غيرها من التراكيب الشعرية التي تتسم بالجدة والابتكار، أو أن هذا الشاعر كان ينظر إلى مثل هذه التراكيب الجاهزة على أنها تمثل الأصالة والثراء الدلالي والمعنوي، ومن ثمة لم يشأ أن يصنع لها بديلاً، ومع ذلك لا تخلو بعض هذه المقدمات من بعض الصور الشعرية، والتعابير الرمزية، كما هو الشأن في مقدمة زهير الغنية بمعاني الاكتئاب النفسي، وتصوير الإحساس بالوحشة في ظل غياب منزل الحبيب الذي يعني –في الوقت نفسه- غياب الحبيب. فالدمنة السوداء –مثلاً- قد ترمز إلى ماضي الشاعر الغابر، وتجربته النفسية والاجتماعية، كما أن الأثافي السود هي رمز –كذلك- للعهد البائد الذي لم يعد يحمل إمكانية التجدد. أما عنترة بن شداد فيسائل الطلل مساءلة إنكارية، ولكنه يؤكد بذلك قدسية الوقوف على الطلل، فالشاعر يعي تماماً أن الشعراء لم يتركوا موضعاً مسترقعاً إلا ورقعوه وأصلحوه، وبذلك لم يعد هناك مجال لقول غير ما قالوه، ومن هنا فإن استفهامه هو استفهام إنكاري مقصود لذاته، إذ أن الشعراء قبله لم يتركوا للأواخر شيئاً يذكر على سبيل الجدة والابتكار، وهذا ما يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأن الشعراء الجاهليين قد أثّر بعضهم في شعر بعضهم الآخر من حيث الشكل والمضمون معاً، ويؤكد ذلك عنترة نفسه الذي يقرّ بأنه يعيد صيغة ما كان قد صيغ من قبل، فمعرفة الدار بعد التوهم –على سبيل المثال لا الحصر- ليست بالشيء الجديد، كما أن مخاطبة الطلل أو الحبيبة، وتحيتها من خلال تحية الربع هي من الأدوات التعبيرية التي استعملت بإسهاب، كما أن مسألة تقادم الطلل، ووحشته، وانتشار بعر الآرام وغيرها من الحيوانات الوحشية بعد رحيل الحبيبة –هي أيضاً- من الأدوات التعبيرية التي استعملت بشكل جماعي، فهل هذا يعني أن عنترة كان مقلِّداً دون غيره؟ ويبدو أن المسألة هنا ليست مقتصرة على عنترة فحسب، وإنما تتعلق بهذا المثل الفني المحتذى الذي أصبح نموذجاً يقاس على منواله، يقول عنترة: هلْ غادَرَ الشعراءُ من مُتَردّمِ أمْ هلْ عرفت الدارَ بعْدَ توهُّمِ يا دار عبلةَ بالجِواءِ تكلَّمِي وعِمي صَباحاً دارَ عبلةَ واسلمِي فوقفتُ فيها ناقَتِي وكأنَّها فدَنٌ لأقضِيَ حاجةَ المتلومِ وتَحُلُّ علبةُ بالجِواءِ وأهلُنا بالحزَن فالصّمانِ فالمتثلّمِ حييتَ من طللٍ تقادَمَ عهدُهُ أقوَى وأقفرَ بعدَ أمّ الهيْثَمِ أما الحارث بن حلزة فيستهل مطولته على نمط من سبقوه من أصحاب المعلقات إذ يقف جزعاً حائراً بعد أن أعلمته الحبيبة بساعة الفراق، وأمام هذا النبأ المحزن ربما هناك مقيم يملّ منه إقامته، ولكن الشاعر لا يملّ ثواء هذه الحبيبة، ولعل ما جعله يذهب ذلك المذهب يعود إلى العهد السعيد الذي قضاه صحبة تلك المرأة بتلك المواضع التي أضحت اليوم أطلالاً تثقل كاهليه وتزيد من أعباء حياته ذكرياتها، لاسيما حين يتذكر مختلف الأماكن التي كانت مسرحاً لحياة مفعمة بالحب والطمأنينة، ولكن أين الشاعر من تلك الأيام فما له بدّ اليوم إلا البكاء حباً وشوقاً إلى تلك الأيام الخوالي، ولكن أنى لهذا البكاء أن يرد ما فات، ومع ذلك فهو يشفي ما به من أسى وحزن على فراقها الموضوعالأصلي : المنظور التطبيقي: // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |