الأسود العنسي مدعي النبوة وأبي مسلم الخولانيالأسود العنسي مدعي النبوة وأبي مسلم الخولاني
*الأسود العنسي ذلكم الساحر القبيح الظالم، الذي ادعى النبوة بـاليمن ، يجتمع حوله اللصوص وقطاع الطرق ليكونوا فرقة تسمى فرقة الصد عن سبيل الله جل وعلا؛ ليذبح الدعاة في سبيل الله، ذبح من المسلمين من ذبح، وأحرق منهم من أحرق، وطرد منهم من طرد، وهتك أعراض بعضهم وفر الناس بدينهم، عذب من الدعاة من عذب وكان من هؤلاء أبو مسلم الخولاني -عليه رحمة الله ورضوانه- عذبه فثبت كثبات سحرة فرعون، حاول أن يثنيه عن دعوته قال: كلا والذي فطرني! لن أقف: فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [طه:72]^.
فما كان منه إلا أن جمع الجموع كلها، وقال لهم: إن كان داعيتكم على حق فسينجيه الحق، وإن كان على غير ذلك فسترون. ثم أمر بنار عظيمة فأضرمت، ثم جاء بـأبي مسلم الخولاني -عليه رحمة الله- فربط يديه وربط رجليه ووضعوه في مقلاع ثم رموه في لهيب النار ولظاها.
إن هذه النار -كما يقولون- كان يمر الطير من فوقها فتسقط الطيور في وسطها من عظم ألسنة لهبها، وهو بين السماء والأرض لم يذكر إلا الله جل وعلا، فكان يقول: حسبي الله ونعم الوكيل؛ ليسقط فى وسط النار وكادت قلوب الموحدين أن تنخلع وكادت أن تنفطر وانتظروا والنار تخبو شيئاً فشيئاً وإذا بـأبي مسلم قد فكت النار وثاقه، ثيابه لم تحترق، رجلاه حافيتان يمشي بهما على الجمر ويتبسم، ذهل الطاغية وخاف أن يسلم من بقي من الناس فقام يتهددهم ويتوعدهم، أما هذا الرجل فانطلق إلى المدينة النبوية إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر ويصل إلى المسجد ويصلي ركعتين، ويسمع عمر رضي الله عنه وأرضاه بهذا الرجل، فينطلق ويأتي إليه، ويقول: أأنت أبو مسلم ؟ قال: نعم. قال: أأنت الذي قذفت في النار وأنقذك الله منها؟ قال: نعم. فيعتنقه ويبكي ويقول: الحمد لله الذي أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم عليه السلام، من حفظ أبا مسلم ؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو، حفظ الله عز وجل فحفظه الله: فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64]^.