جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: فنون منوعة |
الجمعة 7 يوليو - 20:12:55 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: ملك الدنيا _ نص مسرحي ملك الدنيا _ نص مسرحي المنظر: كومة هائلة من الركام في الخلفية.. هي بقايا عالم منهار.. هو كل ما تبقى من حطام مدينة الحلم السعيد.. يتضح في وسط الحطام خيمة عشوائية مصنوعة من بقايا أخشاب وقماش ممزق. الزمن: ما بعد واقعة الانهيار بيوم.. والأيام التالية. الشخوص: - ملك مدينة الحلم السعيد - دنيا.. إبنة الراعي - شبح الملكة - شبح الوزير الأول =============================================== برولوج: كان ياما كان مدن وشعوب وقبائل كانت ثم غابت كأن لم تكن هكذا.. كانت مدينتنا.. مدينة الحكاية.. مدينة الحلم السعيد. وكان ملك.. وشعب.. دنيا.. دنيا صغيرة.. دنيا تسر العين.. كانت.. كانت دنيا.. وكان الملك.. ملك يزهو بمدينته.. يتمطع بين أرجاء هدوئها الناعم.. لا يحلم بشيء أكثر من صيد ثمين.. يخرج إليه في رحلة كل يوم. حتى جاء يوم.. يوم الزلزال.. أو الطوفان.. يوم الواقعة.. خرج املك كعادته.. يطارد صيدا بعيد.. ولما عاد وحيدا.. لم يجد منها سوى حطام عظيم.. وكأن الأرض انشقت وبلعت كل شيء.. الشعب والحاشية.. الشوارع والقصور.. ولم يبق شيء.. إلا رياح الخراب تنعق فوق الأطلال.. لا شيء إلا رماد وغبار.. وصوت وحيد.. يغني الوحدة والضياع.. ينتظر عودة الشارد.. هذا الذي لا يعود.. مهما طال الانتظار. *** مشهد/1: - وسط غبار ودخان.. تخرج دنيا من الخيمة، تنفض عنها الأترية.. تتطلع حولها في شرود.. تفكر قليلا، ثم تبدأ في ممارسة طقوس منزلية شبه يومية في تنظيف المكان، وهي تدندن بلحن حزين.. تتذكر شيئا فجأة، فتهرع إلى خيمتها، وتخرج بيدها صفارة من الغاب.. تتسلق جزء مرتفعا من الحطام، لتجلس في العمق، وتصفر بالناي.. تنادي قطيعها الشارد. - تتوقف فجأة عن العزف، ويبدو أنها قد لمحت شيئا أو شخصا يتحرك في اتجاهها من بعيد.. تهرول مسرعة هابطة نحو الخيمة، تلملم أغراضها المتناثرة إلى داخل الخيمة، ثم تخرج وبيدها عصا طويلة تستعملها كسلاح.. تتحرك بعصبية هنا وهناك في تحفز.. تبحث عن موضعا تتوارى فيه انتظارا للخطر القادم. - يدخل الملك مذهولا.. بيده قوس الصيد، يتأمل مندهشا كومة الحطام غير مصدق.. يتحرك يائسا.. يقترب من باب الخيمة.. يسمع حركة من خلفه.. يلتفت فيفاجأ بوجود الفتاة متحفزة في شراسة.. بيدها العصا موجهة نحوه.. يرفع قوسه في مواجهتها، وينشأ بينهما نوع من الحوار الحركي المتوتر، ومن ثم الحوار التالي: الملك: من..؟ من هناك..؟ قفي مكانك وإلا..! دنيـا: قف أنت ولا تتحرك.. من تكون أيها الغريب..؟ الملك: أنا من يسأل.. وعليك الإجابة.. من أنت..؟ دنيـا: أنت من حاول اقتحام خيمتي.. الملك: أي خيمة..؟ (باحتقار) هذه..؟ وليكن.. أعتذر لك سيدتي (بحركة تصنع ظاهرة).. والآن قولي لي.. من أنت..؟ وأين مدينتي..؟ دنيـا: ليس هنا من مدن غير هذا الحطام.. والآن فلترحل عني في سلام.. الملك: ماذا..؟ هل جننت يا فتاة..؟ (يدور في المكان وهي بمواجهته متحفزة، بينما يتصاعد هياجه غير مصدق) أهذه مدينتي..؟ درة تاج أسرتي.؟ إرث أبي وأجدادي.؟.. مدينتي.. قصوري وحدائقي وبساتيني المزهرة.. عرشي...؟؟ دنيـا: مدينتك.. مدينتك.. إنها مدينتنا أيضا.. هنا كان ميلادي، ومسقط رأسي، وأهلي وأصحابي، وساحات طفولتي.. تلك هي مدينة الحلم السعيد، وليست مدينتك أنت أيها الغريب. الملك: لا.. يبدو أنك معتوهة.. (يحاول تمالك نفسه) لا بأس.. هل يمكن أن تقولي لي من تكوني..؟ دنيـا: أنا..؟ الملك: نعم حضرتك.. من..؟ دنيـا: دنيا.. الملك: (يسرح متفكرا) دنيا..؟ دنيـا: ابنة الراعي الأعمى.. كيف لا تعرفني إذا كنت حقا من هنا..؟ الملك: (بقوة) أنا لست من هنا.. أنا "هنا".. ولا أعرف عمن تتحدثين.. أنا لا أعرف أي رعاة. دنيـا: وإذن أنت كما قلت غريب.. وحتى اسمك "هنا"..!! غريب.. لم أسمع أحدا بهذا الاسم من قبل.. هنا..!! غريب..!! الملك: أنا لست هنا.. أقصد هذا ليس اسمي. دنيـا: كما تشاء، والآن فلترحل هيا.. ابتعد عن خيمتي، وإلا سأضربك كما تُضرب الذئاب. الملك: لا تجعلينني أفقد صبري أيتها المعتوهة المتشردة.. دنيـا: أنا لست معتوهة بل أنت المعتوه.. (ساخرة) أنت هنا ولست هنا..! (تصرخ فجأة) أنا دنيا.. وهنا مدينتي.. وتلك خيمتي.. بيتي. الملك: طيب.. أنت دنيا.. دنيا.. وهذه خيمتك.. اهدئي.. أنا لا أريد بك شرا.. أنا فقط أسأل.. اهدئي.. افهم جيدا ما أنت فيه.. فما حدث لا يُصدق.. أنا نفسي لا أصدق.. إنه حلم.. لا.. لا .. بل كابوس.. كابوس رهيب.. فأين هذا الحطام من قصري المذهب.. من مدينتي.. مدينة المدن.. تلك التي كانت تتمدد هنا كصبية فاتنة ما بين الصحراء والبحر. دنيـا: ( مشفقة) مسكين.. وأين كنت إذن ساعة الصوت الكبير..؟ الملك: أي صوت.. لم أسمع شيئا.. كنت هناك ليس بعيد من هنا.. ولكني لم أسمع شيئا.. كنت في رحلة صيد.. لم يكن علي أن أخرج وحدي.. لم يكن علي أن أتركها وحيدة.. دنيـا: هل أنت صياد..؟ الملك: لا.. لست صيادا محترفا.. بل هي هواية تعلقت بها منذ الصغر.. عادة لم أنقطع عنها ولا يوما واحدا.. دنيـا: ومن تكون إذن..؟ بماذا تعمل..؟ الملك: لا أعمل شيئا.. دنيـا: وكيف تعيش إذن..؟ كيف تحصل على طعامك وملابسك..؟ الملك: أنا لا أحتاج شيئا.. فعندي كل شيء. دنيـا: لماذا لا تريد أن تخبرني عن عملك..؟ دعني أقول لك أنا .. أ،ت..! (تفكر وتدور حوله متأملة).. أنت... راعي.! الملك: (مستسلما) تقريبا.. يعني. دنيـا: وأين قطيعك..؟ لا.. لا تقل شيئا.. لابد أنهم شردوا مع الصوت الكبير.. ولماذا لا تبحث عنهم..؟ اسمع.. هيا.. هيا.. (مستثارة فجأة) هيا نبحث عنهم سويا.. هيا.. لا تقف هكذا كالراعي الأحمق الصغير الذي يسكن خلف الطاحونة.. تعال. الملك: إلى أين..؟ دنيـا: نبحث عن القطيع هناك خلف التلة.. ولكن (تتوقف) لنتفق أولا.. فأنا أعرف قطيعي جيدا.. وسمتهم جميعا بعلامة واحدة هكذا (ترسم بيديها في الهواء).. وأنت.؟ الملك: أنا.. ماذا..؟ دنيـا: ألا تعرف قطيعك..؟ ألا تستطيع تمييزهم بين القطعان الأخرى..؟ الملك: هه.. لا.. للأسف.. فأنا لا أعرف الفرق بينهم وبين الآخرين.. كل القطعان تتشابه.. تعلمين.. لم يكن لدي وقت لتمييزهم، أو التعرف عليهم كلهم.. فهم كثيرون جدا.. دنيـا: (مندهشة) أكثر من عشرة..؟ الملك: قولي عشرات.. مئات.. ألوف.. لم أعرف عددهم أبدا. دنيـا: غريبة (مرتابة) هل أنت على ما يرام..؟ هل تشعر بشيء هنا.. (تشير إلى رأسه) الملك: (يضحك) تظنينني مجنونا.. أليس كذلك..؟ دنيـا: نعم.. لا.. أقصد.. دعنا من هذا.. لم تقل لي ما اسمك..؟ الملك: أنا..؟ دنيـا: طبعا أنت.. هذا طبعا إذا لم تكن أنت "هنا".. الملك: (يضحك عاليا) لا.. لا.. لست هنا.. أقصد ليس اسمي هنا.. ما قصدته هو أني .. (يتوقف فجأة).. ولكن.. ألا تستطيعين حقا التعرف علي..؟ ألا تعرفينني بالفعل..؟ دنيـا: وكيف أعرفك.. هل عدنا ثانية للـ.. (تشير بيدها بحركة تعني الجنون) الملك: لا.. لم نعد.. أنا فقط أسألك كيف تكونين أنت ابنة الراعي الأعمى، الذي يعرفه كل سكان المدينة، وكنت تسكنين معه.. ولا تعرفين... الملك.؟ دنيـا: ومن لا يعرف الملك..؟ الملك: ها عظيم.. إذن أنت تعرفين شكله..؟ دنيـا: أعرفه.. نعم.. ولكني لا أعرف شكله..! الملك: ألم ترينه أبدا في حياتك..؟ دنيـا: أبدا.. ولكني أعرفه طبعا.. مولانا الملك.. بل إنني كنت أحلف برأسه دائما على غنمي. الملك: نعم..؟ دنيـا: أجل.. فعندما كانوا يبتعدون عني.. أو يعصون ندائي.. كنت أمسك بالعصا بقوة.. وأنظر لهم غاضبة، وأصرخ فيهم: هاي.. ارجعوا هنا.. ورأس مولانا املك إن لم تعودوا لأضربكم جميعا بهذه العصا.. الملك: حسنا.. حسنا.. والآن هذه هي رأس مولاك الملك التي تحلفين بها أمامك تنظر إليك وتتكلم معك.. ما رأيك.؟ دنيـا: (تتأمله مستغربة) لكنها عارية.. أقصد بلا تاج.. فأبي كان يقول لي إن للملك تاج عظيم فوق رأسه.. فأين تاجك..؟ الملك: أنا لا ألبس تاجي إلا في مواعيد العمل الرسمية.. ألم أقل لك إنني كنت في رحلة صيد.؟ ثم أن التاج ليس مهما.. المهم الرأس.. الرأس التي ترتدي التاج. دنيـا: لكن أبي كان يقول لي إن التاج هو الملك.. من يلبس التاج هو الملك حتى ولو كان هو الراعي الأعمى. الملك: (بعصبية) هراء.. هذا الكلام هراء يردده أولئك العواجيز المخرفين من مدعي الحكمة. الملك هو الملك حتى ولو كان بدون أي تاج. دنيـا: لا تغضب.. أنا آسفة.. لم أقصد أن أقول لك ما يزعجك.. الملك: لا عليك.. المهم.. دنيـا: المهم ماذا ستفعل أنت الآن..؟ كيف ستعيش بدون وظيفتك..؟ الملك: لن أفعل شيئا.. أنا الملك.. وسأظل الملك حتى الموت.. اسمعي يا دنيا.. يجب ألا نظل هكذا نتكلم بلا فائدة.. يجب أن نفعل شيئا. دنيـا: (تطيعه بلا تردد) هيا.. نفعل شيئا.. الملك: أجل تحركي.. فتشي بين الأنقاض.. قد نجد شيئا ما.. هيا. دنيـا: حاضر.. افتش بين الأنقاض.. الملك: ليس من هنا.. من هناك.. وأنا سأنتظر هنا.. لا.. الأفضل أن أذهب معك.. فقد يخرج علينا وحش مفترس.. هيا .. لنتحرك معا.. دنيـا: هيا.. يا.. لكنك لم تقل لي ما اسمك..؟ الملك: هل عدنا مرة أخرى..؟ دنيـا: حاضر.. لا تغضب.. هيا يا.. يا مولاي. (تنحني بطريقة ساذجة) الملك: (في رضا) هو ذاك.. هيا يا رعيتي..؟ (يتحركان بسرعة) - إظلام تدريجي –مشهد/2: - يدخل الملك ومن خلفه دنيا.. مرهقان.. يبدوان في حالة إعياء وحزن شديد.. دنيـا: آه تعبت.. وأنت..؟ الملك: أنا..؟ أين أنا..؟ دنيـا: أنت هنا.. ما بك هل أنت مريض..؟ لم يكن عليك المجيء معي..؟ الملك: لا..لا.. سأكون بخير.. ياربي مازلت لا أصدق عيني.. هل هذه هي مدينتي..؟ دنيـا: لم يعد هناك شيء حي..؟ وكأن الدنيا لم تكن هنا يوما..؟ الملك: لم يعد سوانا.. أنا وأنت..؟ دنيـا: اسمع.. (تتلفت حولها منصتة) أشعر أنهم حولي وسيظهرون في أي لحظة.. الملك: من هؤلاء..؟ دنيـا: غنماتي الصغار.. قطيعي الشارد.. سأنادي عليهم (تخرج صفارتها) الملك: وهل يعرفون صوتك..؟ دنيـا: طبعا.. فلم يكن لهم أن يناموا إلا على أغانيَ وألحاني.. الملك: هكذا.. دنيـا: نعم.. اجلس أنت لتستريح هنا.. وسأصعد أنا لأنادي عليهم.. (يتخذ الملك لنفسه مكانا جانبيا.. بينما تصعد هي إلى أعلى التلة، وتصفر لحنا من ألحان الرعاة الحزينة.. يستمع إليها في اهتمام، ثم يصفق لها عندما تنتهي من العزف والغناء.. فتهبط حزينة) الملك: رائع.. أنت راعية ماهرة حقا.. ترعين حملانك بالعصا والصفارة أيضا.. هكذا تكون أصول المهنة.. فالقطيع تفرقه العصا وتجمعه الصفارة. دنيـا: وأنت..؟ كيف كنت ترعى قطيعك..؟ الملك: (بسرعة) مثلك.. بالسيف والصفارة.. (يتراجع) أقصد لا.. كان لدي جيش من المساعدين والحاشية يقومون بهذا العمل، أما أنا فكنت أقرأ ما يرفعونه لي من تقارير يومية عن أحوال الرعية. دنيـا: ألم تكن تراهم، وترعاهم بنفسك..؟ ألم تكن تتحدث إليهم..؟ الملك: لا.. كنت أراهم طبعا خلال الاحتفالات، والأعياد عندما يمر موكبي بينهم، لكنني لم أستطع أبدا تمييز ملامحهم. دنيـا: ولماذا..؟ الملك: هكذا.. طبيعي.. فعندما أمر بينهم، ينحني الجميع لتحيتي.. وهكذا.. ـ دنيـا: (تقاطعه) كان أبي يقول لي هذا دائما.. فعند مرور الملك لابد أن ينحني الجميع، وإلا فمن يرفع رأسه فلن يجدها مكانها.! الملك: من قال هذا..؟ دنيـا: أبي.. الملك: جائز.. المهم أنه لم يكن من الممكن أن يميز أحدنا الآخر.. لكني كنت أتحدث إليهم مرة في كل عام. دنيـا: في عيد التتويج. الملك: تمام.. هو ذاك.. هل سمعتني مرة..؟ دنيـا: لا.. الحمد لله. الملك: ماذا..؟ دنيـا: أقصد الحمد لله أنني أراك الآن وأتحدث معك.. ولو أنك لم تعد ملكا. الملك: هه.. ماذا تقولين..؟ هل جننت..؟ دنيـا: لا.. بل هي الحقيقة.. فهذه المدينة وقد صارت حطاما، واختفى كل مساعديك والوزراء.. تماما كما ضاع تاجك وقطيعي.. لا يوجد ملك بلا رعية أو تاج.. الملك: عدت إذن لكلمات العجوز المخرف.. أبوك.. ولكن ماذا أقول.. إنك بالفعل مسكينة، أفسد أبوك عقلك بهرائه.. الملك يا بنية يولد ملكا.. ويموت ملكا.. لا يهم الرعية، أو التاج.. فهذه مظاهر زائلة.. التاريخ لا يكتب أسماء الرعايا، ولا ألوان التيجان.. بل يحفر بالذهب أسماء الملوك وسلالاتهم.. الملك هو الجوهر.. هو الأصل الذي تجتمع حوله الرعية.. وهي في الحقيقة مجرد ديكور. دنيـا: يمكن.. لكن هناك قطعان كثيرة في البرية بلا رعاة.. أما الراعي فلا يكون راعيا إلا في وجود الغنم، حتى ولو لم يكن لديه سوى عنزة واحدة. الملك: (مفكرا) هم.. ممكن.. وخاصة في حالتنا هذه.. دنيـا: لا أفهم..! الملك: أنت قلتها.. دنيـا: قلت ماذا..؟ الملك: الراعي يظل راعيا مادامت هناك حتى ولو عنزة واحدة. دنيـا: هه.. الملك: فأنا مازلت الملك.. ولو لم يبقى من رعيتي سواك يا شعبي العزيز المشاكس.. أنا الملك.. ملك الدنيا.. (يضحك ساخرا) دنيـا: ولكن..! الملك: خلاص.. انتهى النقاش.. لا أريد معارضة من الآن فصاعدا.. أنا متعب جدا، وأريد أن أنام.. سأدخل إلى قصري، وسوف تسهرين هنا لحراستي.. (يتجه إلى الخيمة) دنيـا: لكن هذه خيمتي.. أنا صنعتها.. الملك: ومن تظنين بنى لي قصوري السابقة..؟ أنت صنعتها لي. هذا أمر طبيعي.. ها.. كوني يقظة.. (يتثاءب.. داخلا إلى الخيمة مغيظا إياها) - دنيـا وحيدة يائسة، وقد أسقط في يدها.. تتحرك هنا وهناك متوترة.. تصعد في النهاية إلى التلة، تجلس وتخرج صفارتها.. تصفر أغنية حزينة.. يغالبها النعاس. - إظلام تدريجي – مشهد/3: - دنيا في مكانها نائمة.. بينما يتلو ن الجو بألوان وأصوات الحلم، أو الكابوس يغشى الملك، الذي يخرج كالمسحور وراء صوت يناديه من بعيد، وشبح شفيف لامرأة هي الملكة زوجته.. تمد له يدها.. يرقصان معا رقصة فالس تقليدية.. تهمس له، ويجيبها.. يبدو حديثهما وكأنه صدى صوت يأتي من بعيد: شبح الملكة: لماذا تأخرت..؟ الملك: كنت أطارد صيدا عنيد. شبح الملكة: وتركتني وحدي.. فريسة.. أو صيدا لكلاب القصر. الملك: ماذا تقولين..؟ وهل يجرؤون..؟ شبح الملكة: ومن يمنعهم..؟ الملك: أنا.. الملك..! شبح الملكة: أنت الملك حين تكون فوق عرشك، وفوق رأسك تاجك الملكي. الملك: أنت تتحدثين مثلها إذن..! شبح الملكة: من هي..؟ الملك: دنيا.. الملكة: وهل تعرف دنيا غيري..؟ الملك: ابنة الراعي الأعمى.. الملكة: أنا هي.. وهي أنا.. الملك: ماذا..؟ لا.. هي دنيا.. وأنت.. (تنسل من بين يديه، وترب صاعدة نحو التلة.. يهرول وراءها..) تعال .. إلى أين..؟ (يصعد التلة .. تتغير ألوان الحلم.. فيجد نفسه أمام دنيا النائمة.. يستمر في هذيانه تعال.. لا تتركينني هنا وحدي.. تعالي.. دنيـا: (تصحو فزعة) من..؟ من..؟ هل عادوا.. هل رأيت أحدا..؟ الملك: هه.. (يستفيق قليلا) من هم..؟ دنيـا: القطيع.. ياه.. كان حلما جميلا. الملك: هل كنت تحلمين..؟ دنيـا: نعم.. رأيتني وسط قطيعي الصغير.. أغني لهم لحنا جديدا لم أغنه من قبل.. وكانوا حولي يتراقصون في حقل واسع، وحول نبع صاف.. الملك: حلم جميل فعلا. دنيـا: وأنت هل نمت جيدا.. ولماذا صحوت هكذا فجأة.. هل كنت تحلم..؟ الملك: لا.. نعم.. لا أدري هل كان هذا حلما أم حقيقة.. فقد كانت معي.. نرقص كعادتنا، على نفس اللحن القديم، وفجأة اختفت. دنيـا: من هي..؟ الملك: الملكة.. زوجتي.. دنيـا: (متشككة) وهل لك زوجة..؟ لقد كان الملك بلا.. الملك: كانت لي.. و.. دنيـا: ماتت منذ كنت صغيرة جدا.. أذكر هذا.. كان أبى يقول إنها كانت سيدة طيبة، تحب الرعية وتعطف عليها.. أبي كان يحبها جدا، حتى أنه سماني باسمها.. الملك: صحيح.. كانت ملكة رائعة.. لكنها لم تمت.! دنيـا: نعم..! الملك: أجل.. هي معي دائما.. أراها كل يوم على نفس صورتها.. تناديني.. ترقص معي.. تهمس لي كلماتها الحلوة.. ثم.. ثم تذهب.. هل تعرفين ماذا كانت تسميني..؟ دنيـا: لا.. الملك: ملك الدنيا.. أنا الملك.. وهي ألـ.. دنيـا: (مقاطعة) دنيا.. اللهم اجعله خير. الملك: (مهتاجا فجأة) ومن أين يأتي الخير ..؟ دنيـا: مولاي.. هل حدث ما أغضبك..؟ الملك: طبعا.. عندما ينام الحارس فلابد أن يغضب الملك.. ألم اقل لك كوني يقظة.. كيف تنامين أثناء نوبة حراستك..؟ دنيـا: تعبت.. فنمت. الملك: بل هو الكسل.. كلكم كسالى.. إن الرعية هكذا تميل بطبعها إلى الكسل، وتهوى مخالفة الأوامر.. تماما كما كان يقول وزيري الأول دائما. دنيـا: (يائسة) وإذن.. سأذهب لأعد لك شيئا تشربه. الملك: وما هذا.. خمر..؟ دنيـا: لا.. بل هو نوع من عصير الأعشاب يهديء النفس، ويساعد على النوم.. الملك: مخدر يعني.. لا.. لا أريد أن أنام. دنيـا: كما تشاء. الملك: أنا جائع. دنيـا: سأذهب لأعد لك طعاما. الملك: بسرعة.. فلدي غدا عملا شاقا.. دنيـا: عمل..؟ الملك: هل نسيت..؟ غدا هو عيد التتويج..؟ وهو عيد ميلادي.. لابد أن أعد خطبة العرش.. ولكن من أين لراعية غنم مثلك أن تعرف هذه الأشياء.. أنت حتى لم تري وجه الملك ولا مرة واحدة. دنيـا: هاأنذا أسعد برؤياه.. الملك: هيا ولا داعي للثرثرة.. اذهبي لعملك.. مولاك الملك جائع.. ولا تنسي تلك الأصناف التي أحبها. دنيـا: (ساخرة) سمعا وطاعة يا مولاي.. - تتحرك ما بين الخيمة والخارج بسرعة.. تجمع بعض الحطب.. تشعل نارا.. تحضر مواد الطهي المختلفة.. بينما يتابعها من بعيد، وهو شارد.. يفكر.. يتمتم بكلمات غير مسموعة. الموضوعالأصلي : ملك الدنيا _ نص مسرحي // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: الحرف المتمرد
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |