وسف بن تاشفين (وقيام دولة المرابطين في المغرب )وسف بن تاشفين (وقيام دولة المرابطين في المغرب )
ورث يوسف بن تاشفين عند تولية قيادة الحركة المرابطية في سنة 463هـ كل النتائج الإيجابية التي حققها قبله في المغرب عبد الله بن ياسين القائد الروحي للمرابطين، وأبو بكر بن عمر. فاتخذ من سجلماسة قاعدة جنوبية لدولته. وبفضله صارت هو يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن ترقنت المصالي الصنهاجي اللمتوني الحميري، أبو يعقوب. أمير المسلمين ومؤسس الدولة المرابطية، وأول من دعي بأمير المسلمين، وباني مدينة (مراكش). ولد في صحراء المغرب، ولما بلغ مرحلة الشباب ولاه عمه أبو بكر بن عمر اللمتوني إمارة البربر، وبايعه أشياخ المرابطين. مركز تجمع للصنهاجيين الصحراويين الجنوبيين، وخصوصا من قبائل لمتونة ومسوفة وجدالة، واهتم كذلك بمراكش وسهلها، فاتسع العمران فيها وأصبحت بالفعل عاصمة دولة كبيرة. لما جاء يوسف بن تاشفين تابع مسيرة أسلافه، فبدأ بمحاربة ما تبقى من بقايا المغراويين الزناتيين الذين كانوا يسودون من قبل هذه المنطقة ومن فيها من الصنهاجيين، فمد سلطانه إلى تادلا ووصل إلى أبواب ريف تامسنا وجبال الريف الجنوبية التي كانت موطن البرغواطيين. كما حارب الزناتيين الذين كانوا يسيطرون على حوض وادي سبو. وبهذا امتد سلطان المرابطين فشمل جبال الريف وريف تامسنا ووصل إلى طنجة، وقد اجتهد يوسف أثناء حربه تلك في القضاء على كل الفرق الضالة، وخاصة منها الفرقة البرغواطية، فمحا معالمها وأرسى قواعد الإسلام الصحيحة. وكان هذا العمل الذي قام به ابن تاشفين استمرارا للعمل الذي قام به الأدارسة في سبيل نشر الإسلام السني الصحيح في المغرب الأقصى. بعد ذلك، دخل يوسف بن تاشفين مدينة فاس، فأقدم فيها على إصلاحات هامة، وجعلها مدينة واحدة بعد أن كانت مدينتين، وأدار عليها سورا حصينا، وأكثر فيها من بناء المساجد... . وهكذا أسس دولة كبرى امتدت حدودها بين الأقصى وجزء كبير من المغرب الأوسط تحت إمرة واحدة كما نجح يوسف بن تاشفين بعد ذلك في التغلب على كل القبائل صاحبة السلطان في هذه النواحي، وخاصة غمارة ومكناسة وغياثة وبني مكود.. ودخل في طاعته شيوخ القبائل في ناحية تلمسان، ثم مد يوسف بن تاشفين سلطان المرابطين حتى مدينة الجزائر. عقب ذلك تمكن من الاستيلاء على سبتة وطنجة.. وبذلك يكون يوسف قد وحد المغرب الأقصى كله تحت سلطانه من سجلماسة إلى طنجة، بل وصل بحدوده إلى تلمسان والجزائر، وهذه هي المرة الأولى التي يتوحد فيها المغرب إفريقية والمحيط الأطلسي، وما بين البحر المتوسط إلى حدود السودان. ولهذا يعتبر يوسف بن تاشفين منشئ المغرب الأقصى الموحد وواضع أساس وحدة بلاد المغرب، وقد أكمل بذلك ما بدأ به الفاتحون العرب. اعتمد يوسف بن تاشفين في تنظيم دولته الواسعة على التنظيم القبلي، أي أنه اعتمد في إقرار الأمن وجباية الأموال على القبائل الصنهاجية السائدة في النواحي، واعتبرها مسؤولة عن ذلك، وأرسل لها القضاة، واجتهد في القضاء على كل محاولة للزناتيين في استعادة السلطان من أي ناحية من نواحي المغرب. وحرص يوسف بن تاشفين، إلى جانب ذلك، على نشر الإسلام السني الصحيح عن طريق الشيوخ والفقهاء الذين كان يرسلهم إلى منازل القبائل ويأمرهم ببناء المساجد والعناية بتحفيظ القرآن وتعلم اللغة العربية. وكانت العادة أن يعهد يوسف في حكومة النواحي وولاية المدن إلى رؤساء من القبائل الصنهاجية التي حملت عبء الدولة المرابطية وهي لمتونة ومسوفة وجدالة، ثم انضمت إليها لمطة وجزولة وتارجا وبعض القبائل الأقل أهمية. وكانت هذه الروح الجهادية العصب الحقيقي الذي استمدت منه الدولة المرابطية قوتها.
الأندلس