الإدارة الإلكترونية
الإدارةالإلكترونية
مقدمة :لقد عرف العالم في العقود الأخيرةخاصة في الألفية الثالثة ثورة هائلة في جل المجالات العلمية والتكنولوجية, التيأحدث تغيير في الحياة اليومية للإنسان وأصبحت من الركائز الجوهرية والمعول عليها فيإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذا ما انعكس على الإدارة العمومية التيتعتبر هي الآلية التي تحرك عجلة التنمية في الدولة وتخدم المواطنين، بذلك تم إدراجالبرمجة المعلوماتية داخل نسق عمل الإدارة. والجانب المعلوماتي الحديث ينفرد بخوصصةمتميزة عن الثروات التقنية الأخرى إذ أن رأسماليها هو العقل البشري والثورة البشريةداخل الدولة. والمغرب من بين الدول التي عملت على تطوير وتسريع وتحيين مرد ودية فيأداء الخدمات الإدارية، إذ يجعل من الإدارة ضرورة تطوير نظم المعلومات المتكاملةبما فيها التنظيم والمعالجة، ونخص بالذكر استخدام الحاسوب وتكنولوجيا الاتصالاتوتكنولوجيا البرمجيات. وانطلاقا مما سبق، فإنه لا يمكن أن نتصور تقديم خدماتإلكترونية متاحة عبر الشبكة العالمية "الإنترنت" دون اللجوء إلى تبسيط المساطروإدخال بعض الحركة والمرونة في إجراءاتها حيث يعتبر الآن مشروع الإدارة أو الحكومةالإلكترونية نتيجة حتمية لتفاعلات مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال وتبسيطالمساطر وتحسين وتسهيل العلاقة مع المواطن والإدارة. هذا ما يدفعنا إلى مزج مجموعةمن التساؤلات تتمحور حول الجانب النظري للموضوع سواء في ما يخص الأهمية أو التنظيم،ثم الجانب الواقعي خاصة الإدارة الإلكترونية بالمغرب. لذلك أخضعنا موضوعنا للتصميمالتالي : مقدمة : • الفصل الأول : الإدارة الإلكترونية . - المبحث الأول : ماهيةالإدارة الإلكترونية . = المطلب الأول : إدارة إلكترونية أم محكومة إلكترونية. = المطلب الثاني : أهمية المعلومات في الإدارة. - المبحث الثاني : خصائص الإدارةالإلكترونية : = المطلب الأول : السرعة والفعالية . = المطلب الثاني : الرفع منالمر دودية . • الفصل الثاني : الإدارة الإلكترونية المغربية وآفاقها المستقبلية . - المبحث الأول : الإدارة الإلكترونية المغربية (نموذج وزارة العدل) = المطلب الأول : الخدمات الإلكترونية التي تقدمها وزارة العدل. = المطلب الثاني : الآفاق الجديدةللإدارة الإلكترونية بقطاع العدل. - المبحث الثاني : الآفاق المستقبلية لاستعمالتكنولوجيا المعلومات بالإدارة المغربية . = المطلب الأول : ضرورة انفتاح الإدارةعلى محيطها من خلال المعلومات. = المطلب الثاني : ترشيد وتنمية استعمال المعلوماتبالإدارة. خاتمة : الفصل الأول : الإدارة الإلكترونية المبحث الأول : ماهية الإدارةالإلكترونية المطلب الأول : إدارة إلكترونية أم حكومة إلكترونية؟ في سبيل التوافقبين مفهوم الحكومة الإلكترونية والخدمات التي تقدمها إدارات الدولة رأى الدكتور عبدالفتاح بيومي أن تعبير الإدارة الإلكترونية هو المصطلح الأقرب لتحقيق ذلك التوافق (1)، على أساس أن المراد ليس ممارسة سلطة الحكم بطريقة إلكترونية، وإنما المقصود،إدارة الأمور بطريقة إلكترونية سواء على المستوى الحكومي أو الأهلي. وتعني الإدارةالإلكترونية من وجهة نظره تحول المصالح الحكومية وجهات القطاع الخاص نحو قضاءوظائفها ومهامها فيما يتصل بتقديم الخدمات لجمهور المتعاملين معها، أو فيما بينهابطريقة سهلة ميسرة من خلال استخدام تقنية المعلومات وتطور الاتصالات في أداء مهامكل منها (2). ويبدو من مطالعة رأي الدكتور عبد الفتاح بيومي، تسليمه بعدم التطابقبين مفهوم الإدارة الإلكترونية والمعنى الدستوري والقانوني للحكومة، وهو ما يبدوواضحا فيما أردفه من تسويغ اختياره لمفهوم الإدارة الإلكترونية بأنه مفهوم يتسعليشمل كل عمل إليكتروني سواء قامت به الحكومة أو القطاع الخاص، ويدعو إلى التخلي عنالمفاهيم التقليدية، ومن بينها مفهوم الحومة حسب النص الدستوري أو القانوني بدعوىأن ضرورات التقدم العلمي وثورة الاتصالات هي التي تفرض ذلك. وتحسبا لما قد يوجه إلىمفهومي الإدارة والحكومة الإلكترونية من انتقادات، ذكر أن البعض رأي إطلاق مصطلحالحومة بديلا عن المفهومين (3). وفي الختام يقرر أنه أيا كان المسمي أو المصطلحالذي يؤخذ به، فإنه يجب أن يؤخذ في الحسبان التداخل ما بين السياسة أو الإدارةالعامة والخاصة، والذي فرضته ثورة المعلومات والاتصالات التي تعيشها الإنسانية،ولكي يتحقق ذلك يلزم الأخذ بمفهوم واسع للحكومة الإلكترونية (4) وهذا القول فيهنظر، ويقبل النقاش، وهو ما سنوضحه فيما يلي : وهكذا فإذا كان التحديث والعصرنة منالعوامل التي دفعت بالإدارة إلى إدخال المعلومات إلى مصالحها، فإنه يجب الحرص علىاستخدامها الاستخدام الأمثل بما لها من إمكانيات وقدرات هائلة، وذلك من أجل تلبيةالحاجيات الإدارية. - المطلب الثاني : أهمية المعلومات في الإدارة . تعتبرالمعلومات من أهم العوامل المؤثرة على نمو المجتمعات وتطورها في شتى مجالات الحياة،وقد أصبحت بعد العامل البشري أهم العوامل التي يقاس بها تقدم الإدارة. فالمعلوماتإذا، هي المادة الضرورية لاتخاذ القرارات وتوجيه الإدارة بصورة سليمة من هنا نشأتالحاجة إلى تطوير أنظمة معلوماتية متكاملة لتوفير المعلومات اللازمة لتسهيل اتخاذالقرارات الحكيمة والرشيدة، طبقا لإحداث المعلومات المتوفرة ونظرا للكم الهائل منالمعلومات في شتى المجالات كان لا بد من استخدام الحاسوب لضبط وتنظيم عملية توفيرالمعلومات الدقيقة وبأسرع ما يمكن (5). ونتيجة للتأثير الكبير لهذه التكنولوجيا فقدأصبحت المجتمعات الحديثة تعيش فيما يسمى "البيئة المعلوماتية المعقدة" حيث أصبحتالمعلومات من الموارد الاستراتيجية للتنمية في هذه المجتمعات، تهتم بها وتحافظ علىاستمرارها، وتحديثها والاستفادة منها في جميع المجالات ويمكن القول أن أهم مظاهرهذه البيئة المعلوماتية المعقدة التي تعيشها المجتمعات الحديثة، هي كثرة المعلوماتوقلة الوقت المتاح لاستهلاكها، مما يتطلب استخدام التكنولوجيا الذكية الحديثةلتنظيمها وضبطها (6). وعلى العموم فإن ضبط المعلومات وتنظيمها على المستوى العلمي،ما زالت غير واضحة في أذهان الكثيرين ، ومن تم فإن الاهتمام بها ما يزال محدودا،نظرا لرداءة الوسائل في تجميع المعلومات وتخزينها والاحتفاظ بها، الشيء الذي يجعلالإدارة أحيانا أمام فراغ من المعلومات. المبحث الثاني : السرعة، الفعالية، والرفعمن المردودية: إن الأهداف العامة المسطرة في مجال استعمال تكنولوجيا المعلوماتوالاتصال ترمي على العموم إلى تزويد المواطن المغربي بإدارة فاعلة وسريعة وخدماتذات مستوى عال وتمكينه من الحصول على طلباته الإدارية بصفة شفافة ومنتظمة . أماالأهداف الخاصة بهذا المجال فيمكن تلخيصها كالتالي : - الانتقال من التدبر الورقيعلى التدبر المعلوماتي، أي التحرر من العمليات الحسابية ومن بعض الأعمال المتكررةوتقليص عدد المطبوعات والتسجيلات التي كانت تأخذ منهم جهدا ووقتا كبيرين مع تبسيطالمهام والإجراءات. - توسيع وتعميماستعمال تكنولوجيا المعلومات بالإداراتالمغربية. - تقديم خدمات إلكترونية عبر الشبكة العالمية "أنترنيت" بأقل تكلفة وأكثرإتاحة وشفافية. - التخزين والوضع على الخط العالمي لجميع الوثائق الإدارية ذاتالصبغة العمومية. - إن تحقيق هذه الأهداف الخاصة سيمكن لا محالة الإدارة المغربيةمن بلوغ النتائج التالية : - الارتقاء بالإدارة المغربية إلى الفعالية والإنتاجيةالعالية وجعلها متواصلة فيما بينها وبين المتعاملين معها. - الرفع من جودة الخدماتالإدارية المقدمة للإدارة نفسها وللمواطن والمقاولة. - تقليص المدة الزمنية : السرعة في الإنجاز والتنفيذ. - السهولة في البحث عن الخدمة أو المعلومة الإدارية. - تقريب الخدمة من المتعاملين مع الإدارة. - تقليص مسببات الرشوة (7). إذا كانتالمعلومات تمنح القدرة على المعالجة الآتية والسريعة لأكبر كمية ممكنة من المعلومات (
. وفتح آفاق واسعة أمام طموح الإنسان، فإنها في المقابل تطرح العديد من المشاكلوالسلبيات إذا أسيء استخدامها. الفصل الثاني : الوضعية الحالية لتكنولوجياالمعلومات والاتصال بالإدارة المغربية في إطار مهمة الإصلاح والتحديث التي تنهجهاالحكومة المغربية تكون التكنولوجيا الحديثة بالنظر للإمكانيات التي تتيحها أداةفعالة وأساسية لتحقيق هذه الغاية فاللجوء إليها يكون حلقة ضرورية لدخول الإدارةالمغربية عهد المعلومات والمعرفة. وهكذا فمسألة إدخال وتنشيط التكنولوجيا الحديثةبالإدارة المغربية ليس بعمل مؤسساتي انفرادي . بل أن هذه الأخيرة تسعى سعيا متواصلاللحاق بركب التقدم التكنولوجي في جميع نواحيه للنهوض بالمجتمع المغربي والاتصال يعدإنجازا لا بأس به بفضل خبراتها في جميع المجالات، ونخص بالذكر وزارة العدل (9). المطلب الأول : واقع استعمال المعلومات في الإدارة المغربية. يسعى استعمال الوسائلالإلكترونية والمعلوماتية في تقديم الإدارة العمومية لخدماتها للمواطنين الطبيعيينأو المعنويين بالحكومة الإلكترونية. (le gouvernement électronique commerce) وهومقتبس عن مفهوم التجارة الإلكترونيةe- حيث يتم تبادلالسلع والخدمات بين
الخواص بعضهم بعض، لكنالحكومة الإلكترونية تشمل تبادل المعلومات بين الإدارة والمواطنين دون أن يكونلهاته المعلومات طابع تجاري أو تتسم بهدف الربح مثل إيداع التصريحات الضريبية أوطلب وثيقة إدارية وهو ما يفيد الجانبين (المرفق والإدارة). الفرع الأول : محدوديةحضور تكنولوجيا المعلومات في الإدارة المغربية : في ضوء المعلومات المتوفرة حتىالآن ما زال الاستثمار الفعلي للإدارة في مجال تنمية استعمال تكنولوجيا المعلوماتوالاتصال محدودا للغاية وذلك بالرغم من الحماس الكبير المعبر عنه من طرف الجميع فيالارتقاء بهذا المجال . فالإدارة المغربية تسعى إلى التقدم في مجال التكنولوجياالمعلوميات والنهوض بالمجتمع المغربي. وفي غياب دراسة دقيقة في الموضوع قد يلاحظالبعض أنه بالغم من صرف أموال طائفة في اقتناء المعدات المعلوماتية والبرمجيات علىمدى سنوات عدة، فلم تؤثر إيجابيا على المردودية وتحسين جودة الخدمات المقدمة من طرفالإدارة، حيث يقال أن الحواسيب لا تستغل الآن إلا لأغراض الطباعة فقط. فالبرنامجالمتبع حتى الآن في مجال استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالإدارة المغربيةيتميز بالأساس بعدم التنسيق بين الإدارات في شتى مكونات المعلومات من معداتوبرمجيات ودراسات، وإتباع كل وزارة أو إدارة منهجية وخطة عمل حرة غير مرتبطةبالأهداف والتوجهات العامة للحكومة. وبالرغم من عدم الانتهاء من دراسة دقيقة لمدىاستعمال المعلوميات في الإدارة المغربية التي تقوم بها كتابة الدولة المكافةبالبريد وتقنيات الاتصال والإعلام، فقد أثبتت بعض الدراسات العامة التي أجرتها هذهالأخيرة على مستوى استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالأجهزة الإدارية مفارقاتمهمة يمكن أن نخلص بعضها في ثلاث مستويات على مستوى الشبكة والمعدات : - أغلبيةالإدارات تتوفر على شبكة داخلية على الصعيد المركزي. - حوالي 35 موظفا مشتركين فيحاسوب واحد. - نسبة الموظفين الذين يمتلكون حاسوبا في الإدارة تناهز % 2.8. - أقلمن % 20 من الحواسيب مرتبطة بالشبكة المعلوماتية. على مستوى نوعية وإعداد الموظفينالمكلفين بالمجال المعلوماتي. - قلة عدد التقنيين في تكنولوجيا المعلومات: 1200موظف متخصص في المعلومات موزعة بين المهندسين والتقنيين أي ما يقارب % 0.3 من عددالموظفين. - التكوين المستمر في ميدان تكنولوجيا المعلوميات بالنسبة لموظفي الدولةشبه منعدم. على مستوى الميزانية المرصودة : - ضعف في المصاريف المخصصة لمجالتكنولوجيا المعلومات : 550 مليون درهم في السنة. - معدل المصاريف المخصصة في مجالتكنولوجيا المعلومات في الوزارات يقل عن %1 من الميزانية الإجمالية. بالإضافة إلىهذه المعطيات، يلاحظ جليا تباين واضح بين الإدارات في مستوى استعمال تكنولوجياالمعلومات، كما تشير التقارير إلى عدد مستعملي الأنترنيت في المغرب لا يتجاوز % 1.5من عدد السكان. وعن مستوى مكننة الخدمات والمساطر الإدارية فهي لا ترقى إلى الحدالأدنى اللازم توفره. فلازالت المعاملات الإدارية تستعمل الورق بكثرة كوثيقة ضروريةللاتصال والمرسلة وإن ارتقت في بعض الأحيان إلى استعمال الأقراص المرنة. وعلاوة علىذلك، يلاحظ تنامي ظاهرة هجرة العقول تخص بالأساس التقنيين وذلك لأسباب كثيرة، لعلمن أهمها تباين الوافر المادية بين المغرب والبلدان المعنية بهذه الظاهرة، وكذاظروف ومحيط الشغل وإهدار بعض الحقوق، والذي يلفت الانتباه هو بالرغم من تفشي هذهالهجرة فما زالت الحكومة لم تقف على الأسباب الجوهرية للمشكلة ولم تتدارك بعد حقيقةالخطلا على مستقبل المغرب وأجياله في هدر هذه الثروة البشرية المهمة، فالإدارةتعاني حاليا من هذه المشكلة وتترك آثارها على جودة الخدمات المعلوماتية. أما فيمايخص الإستراتيجية الحكومية « e-Maroc » المعتمدةفي ميدان تكنولوجيا المعلومات والاتصال والتي تهم بالأساس الإدارة على الخط،التجارة الإلكترونية التكوين، فقد ترجمت إلى عدة توجهات وأهداف ارتكزت على تشخيصمدقق لوضعية هذا القطاع. إذن بالرغم من المجهودات المتخذة لمكننة الإدارة، فإنغالبية المساطر الإدارية لا زالت تعتمد على الورق، وهذا يؤكد لنا أن هناك مشاكلوعوائق تقف أمام إدخال المعلومات للإدارة المغربية، فما هي هذه المشاكل. معيقاتومشاكل إدخال تكنولوجيا المعلومات للإدارة المغربية إن أي محاولة تحديثية تصطدمبمشاكل وعراقيل عديدة تعمل على التشويش عليها وعدم اكتمالها، وهكذا يتعرض إدخالتكنولوجيا المعلومات للإدارة المغربية صعوبات أهمها: - عدم توفر إمكانية استعمالهامن طرف الجمهور، فما فائدة وضع المساطر عن بعد (Les téleproce lesteleprocédures) أوالشبابيك عن بعد (les téléguichets) إن لم يكن متاحا للمواطن الدخول إلى عالم المعلومياتبسهولة وبكلفة معقولة، لهذا بادرت تجهيز الإدارة معلوماتيا لا بد وأن تكون متزامنةمع توسيع قاعدة المستفيدين من هذه التقنية وذلك بتخفيض أو حذف الضرائب الجمركيةوالضريبية على القيمة المضافة المطبقة على العداد المعلوماتي وكذا النظر فيالتعريفة الهاتفية التي تجعل الارتباط بشبكة الإنترنيت ضربا من الصرف والتبذير حتىعند الميسورين . الأمية الأبجدية التي تجعل من المستحيل الحديث عن مجتمع الإعلاموعن استعمال المعلومات وهي أمية تمس % 66 من ساكنة المغرب، أما الأمية فتمس نسباهامة هي %34 المتعلقة بالمعلوميات وهم مواطنين يفترض فيهم أنهم غير آمنين. فلا بدأن يكون المتعامل مع هذه التقنية يعرف على الأقل كيف يرسل رسالة إلكترونيةE-Mailوكيف يفتح نافذة على الأنترنيت. ضعف الاهتمام بصيانة المعدات الإعلامية والتي تبقىبعد أول عطب عرضة للضياع والصدأ دون أن تتم صيانتها وإعادة تشغيلها. لهذا منالمألوف أن يصدم المرتفق بعبارة " الحاسوب معطل" أو "الشبكة لا تعمل" فتصبح بهذاالأداة الإعلامية عاملا معطلا ومؤخرا لمصالح المواطنين بدل أن تكون عامل تسريعوخدمة لهم. تفاوت تجهيز الإدارات العمومية للمغرب بالمعلوميات، ففي الوقت الذي نجدفيه وزارة المالية رائدة في هذا المجال، هناك وزارات أخرى لا زالت إلى الآن تشتغلبوسائل جد قديمة، وهو ما يعكس غياب إستراتيجية وطنية واضحة في هذا المجال، هناكوزارات أخرى لا زالت إلى الآن تشتغل بوسائل جد قديمة، وهو ما يعكس غياب إستراتيجيةوطنية واضحة في هذا الباب تكون موجهة لشراءات الوزارات للعتاد الإعلامي وذلكللحيلولة دون تكريس التفاوت الموجود أصلا بينها وهو تفاوت كان موضع انتقاد البنكالدولي للإدارة العمومية بالمغرب في تقريره الشهير المنشور سنة 1996. في مقابلالفوائد التي يمكن أن يجنيا المواطن من إدخال المعلوميات للإدارة من سرعة وكفاءة فيالخدمات المقدمة إليه يكون عرضة لأخطاء متنوعة فالمعلومات أصبحت تشكل وسيلة لضبطالأشخاص واستبعادهم بشكل جديد في الوقت الذي أخذت فيه المعطيات الإسمية المعالجةتتمحور حول رقم معين خاص بالهوية، وتحصر النشاط الإنساني أو جزء منه في آلياتمحددة، فقد مكنت المعلوميات تكاد تكون كاملة عن كل مظاهر حياة الفرد الاقتصاديةوالاجتماعية والسياسية الشيء الذي نجم عنخ الحد من استغلال الفرد وتقييد حريته (10)، ومن أشكال الأخطار التي يمكن أن تمس المواطن، قيام عمل عمدي يستهدف استعمالالمعلومات المتعلقة بماضيه أو باتجاهاته أو غيرها من المعلومات المخزنة بالحاسوبللضغط عليه أو توريطه أو ابتزازه. كما أن تلك المعلومات (المعطيات الإسمية) تساعدعلى تركيز السلطة وضبط الأفراد. رفض الإدارة تقديم معلومات كافية إلى من يطلبهاكالباحثين والأساتذة والطلبة وذلك بدعوى السر المهني مما يجعل وعدها برقمنتهالمعطيات العمومية وبثها مباشرة على الأنترنيت موضع شك، فبعض المسؤولين يعتبر أنالمعلومات أداة فعالة للسلطة وبالتالي فأي تفريط فيها هو تفريط في أهم أدوات نفوذهمومكانتهم داخل الهيكل الإداري الذي يشتغلون فيه. المخاطر المترتبة عن الأخطاءالتقنية والتي تحدث نتيجة خلل فني أو عيب في اشتغال الأجهزة المعلوماتية أو فيمصادر التغذية الكهربائية، بحيث يمكن أن يترتب عن خلل في التيار الكهربائي اندثارالمعطيات والمعلومات المخزنة في الحاسوب، كما يمكن أن يكون هذا الخطأ عبارة عن "دمجالمعطيات المخزنة في الحاسوب أو اختلال تصنيفها أو محو وإضافة بعض المعلومات لأشخاصلا تعتبر في الحقيقة عن حالتهم الاجتماعية ا, السياسية أو المالية أو الصحية،وبالتالي إعطاء نتائج غير صحيحة عن العمليات التي تقوم بها الإدارة أو المؤسسةالحائزة للجذاذات الإسمية" وقد أورد الأستاذ أسامة عبد الله في كتابه الحمايةالجنائية وبنوك المعلومات حكم المحكمة العليا في منيا بوليس في حكم لها أقرت فيهمبدأ المسؤولية عن هذا النوع من الأخطاء، حيث حكمت بتعويض مستخدمي الحاسوبالمتضررين من خطأ تقني بسبب عيب في صنع الجهاز. الأخطاء الناتجة عن التعامل البشريمع المعلوميات وهي أخطاء قد تتم بشكل عمدي أو بدون عمد، ومهما يكن نوع الخطأ فإنالمتضرر الأكبر من ذلك هو المواطن العادي الذي لا يملك أحيانا كيف يحصل على دليلالخطاء الناتج عن الموظف مستعمل أداة الإعلامية وهو ما يضيع عليه حقوقه أو يعمل علىسلب حريته. إذن فأمام هذه المشاكل والعوائق التي تحول دون مسايرة الإدارة المغربيةلتقنية المعلوميات، أصبح لزاما على الدولة البحث عن إستراتيجية جديدة تساعد هذهالإدارة على تحسين وتوسيع مجال المعلوميات، وبالتالي مواجهة مختلف التغيراتالمستقبلية. السياسة الحكومية في مجال تقنية المعلومات والاتصال : نظرا لكون تقنيةالمعلوميات، قد أصبحت أكثر من مجرد أداة لتطوير الأداء وتحسين الإنتاجية وضعفالتكاليف، بل تجاوزت ذلك بكونها موردا هاما وعاملا أساسيا لتمكين الإدارة من مواجهةاتحاديات المتمثلة في التغيرات البيئية المختلفة، من خلال تعزيز إمكانية وقدرةالإدارة على التكيف والاستجابة لهذه التغيرات، فإن تقنية المعلوميات تكون أداةالإدارة الرئيسية لمواجهة التحديات المستقبلية ولكي تتمكن الإدارة المغربية منتحقيق ذلك، أي امتلاك هذه الأداة الهامة واستخدامها في مواجهة هذه التحديات، يجبعلى جهاز المكونة بجميع مؤسساته وأجهزته أن يقوم بدور رئيسي وهام في رسم وتنفيذالسياسات تخطيطا دقيقا وإدارة مسؤولية تستطيع مواكبة المستقبل وتطوراته، وتحديد أينومتى وكيف وإلى أي مدى يجب توظيف تقنية المعلوميات. وسنعالج فيما يلي أهم النقطالتي حاولت التوجهات الحكومية في مجال تقنية المعلوميات والاتصال التطرق إليها معمحاولة الوقوف على بعض الإجراءات العملية والقانونية المقترحة في هذا الباب. تنفيذمشروع الإدارة الإلكترونية إن الطموح لدى الجهات المسئولة هو بناء إدارة عصرية