جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتدى تحضير بكالوريا 2020 :: منتدى تحضير بكالوريا 2020 |
الأربعاء 4 نوفمبر - 21:22:18 | المشاركة رقم: | |||||||
جوهري
| موضوع: جيلي عبد الرحمن كما عرفته...بقلم:عبد الرحمن الابنودي جيلي عبد الرحمن كما عرفته...بقلم:عبد الرحمن الابنودي جيلي كما عرفته لم يخلص كما اخلص للشعر .. وكان ابنا حقيقيا لحواري القاهرة بقلم:عبد الرحمن الابنودي عبد الرحمن الأبنودي بعد أن انهينا دراستنا الثانوية إنا وأمل دنقل جئنا للقاهرة بدعوة من مركز الفنون الشعبية لنشارك في لقاء شعري دبره لنا الأستاذ توفيق حنا، وكان مدرساً للغة الفرنسية في قنا، وهي المحافظة التي تنتمي إليها قريتنا. ورأي توفيق في ذلك الحين ، وبذل توفيق حنا كل الجهد في لم شمل الأصدقاء والأحباب لسماعنا ، واذكر في تلك الليلة وقد تعرفت فيها إلى ثلاثة أصدقاء رحلوا عن دنيتنا جميعا وظلوا أصدقائي إلى آخر لحظة، هم عبد الفتاح الجمل وجيلي عبد الرحمن، وفاروق منيب. ومن المصادفة أن ثلاثتهم كانوا يعملون بجريدة المساء، وبعد أن انتهت تلك الأمسية الشعرية قرروا الاحتفال بنا. وتجمع حولنا جمهور من شباب الأدباء في ذلك الوقت، وأكلنا وشربنا – لنكتشف بعد ذلك أن مضيفنا كان الشاعر جيلي عبد الرحمن، والذي كان فقيراً جداً في ذلك الوقت، ولكنه اقسم أن لا يمد سعادته الخاصة، وفرحته الخاصة. ثم غادرنا أنا وأمل إلى قرانا مرة أخرى وعملنا بالمحاكم. ولم نعد إلا في أوائل عام 1962 م، وبحثت في كل القاهرة عن تلك الوجوه التي التقيناها عام 1958 – واكتشفت أن جميعهم في السجون والمعتقلات ، وان الكوليرا السياسية حصدتهم في أول ليلة من عام 1952 ، ولم يكن في القاهرة لحظتها سوي نفس الثلاثي جيلي والجمل ومنيب. ولما كنت قد جئت لأبقى بالقاهرة، فلم يكن لي من عائلة سواه كان يعيش كالجمل بريا لا تتنبأ بلحظات لغضبه أو لسروره، وكان مخيفا لنا جداً.. يحمل قلبه عذوبة أخيك الصغير، ولكنه يملك بطش الأب وصرامته، وهو من الأوائل الذين اعتنوا بجيل الستينيات واعتبروه ونشروا له. إما منيب فقد كان وجيلي يلعبان لعبه النخلة والظل؛ فلا تعرف أيهما الأصل وأيهما الصورة، عاشا متلازمين، ولم يفرق بينهما إلا المرض والسفر والموت. كانا يحملان نفس الصفات ويغترفان عواطفهما من بئر واحد. كان كل منهما يعطي الأمان للآخر من خوفه وإحساسه برعب الأيام أو قسوة الحكام، فقد غيبت السجون في ذلك الوقت كل أصدقائهما، فكانا يهيمان في شوارع المدينة يستمع كل منهما للآخر ويخلقان أنسا لم يكن يغنيهما عن الإحساس العميق بالرعب والوحدة في عالم المدينة الواسع، وقد كان جيلي من اكبر (المذعورين) الذين التقيت بهم في حياتي – وكان لخوفه وذعره نبل خاص، ورغم أن الفترة تلك كانت فترة اتهامات قاسية، إلا أن أحدا لم يعتبر ذلك الذعر وذلك الخوف قيمة إنسانية رائعة، قد كان جيلي كذلك. إن جيلي بطعمه يحمل قدرا عاليا من (الأمومة).. عاطفته العميقة تلك تلخص عواطف الأمهات السودانيات جميعهن.. ولا تحس معه انه السوداني، أو انك مصري، بل هو ابن عمك الذي يسكن حواري عابدين، وتنتقي أشعاره التي تتناثر في ثنايا أقوال كالطيور المذبوحة. وفي أشعاره لم تكن القضايا الوطنية بالمعنى المتعارف عليه، وإنمأ همسا ذاتيا رقيقا عميقا يقرب لك الأشياء البعيدة ويشركك معه في تنفسها. لم يكن شعره شعرا بالمعني الكلاسيكي للكلمة، وإنما كان شيئا ما في سلوكه، أو خلجات بدنه، كأنه يعرق ويمسح عرقه بمنديله، الرابض دائما في جيبه مفروداً. وبقدر ما قرأنا في ذلك الوقت عن لوممبا وجيفارا وكاسترو، وثورات أمريكا اللاتينية، والمد الثوري في العالم في تلك الأيام، إلا أننا لم نجد من مرت عليه كل هذه الإحداث كالنسائم الطيبة البسيطة التي كانت تتنفسها أشعار جيلي عبد الرحمن. كان حين يغني حواري عابدين نحس نحن المصريون الغربة في المدينة؛ فقد كان ابناً حقيقيا لحواري القاهرة دون ادعاء مواطنه أو تزلف غرباء. وبالرغم من أن القاهرة كانت تعج بالشعراء السودانيين في ذلك الوقت، إلا انه لم يحترف الغناء لأفريقيا أو غابات الكاكاو ، كما كنا نري في إشعار الآخرين، وكان صديقه تاج السر الحسن قد رحل الى موسكو في ذلك الوقت. كانت هنالك أصوات أخرى من الشعراء السودانيين، الفيتوري ومحي الدين فارس وحسن صبحي – وكان جيلي يخجل أن يلقي الشعر علي الناس.. كان فقط يهمس لنا به اواخر الليل. كان يبكي كثيرا أحبابه الذين ابتلعتهم السجون وكان معدنه الإنساني من النوع النادر.. تواضعه لا حد له وأدبه لا حد له وتوقه للمعرفة لا حد له.. وغربه جيلي لم تكن غربه سودانيين في القاهرة بقدر ما كانت غربة طفل في هذا الكون المرعب، وعلي العكس كنا نحس أننا الغرباء وأننا لسنا غرباء به في هذه المدينة المعقدة. ولم يكن ذلك إحساس أحسه وحدي، بل أن جيل الستينات في بدايته من قصاصين وشعراء وفنانين وتشكيليين ومؤرخين، هم جيمعا يدينون بالكثير لذلك الحضن الدافئ القادر دائما علي المطابقة بين عواطف الإنسان وعواطف الشاعر بنفس القدر. وبالرغم من أن جيلي بنظره سطحية كان يبدو كائنا مذعورا، إلا انه في حقيقة الأمر كان محصناً من الداخل بذكائنا وحنكتنا الجنوبية والتي تجعله يلف قماشه علي تكوينه الخاص المحمل بملحوظته الحقيقية ووعيه الخاص، وبتكوين قد يبدو مستقلاً ومنفصلاً عن تكوين ذلك الرجل الذي كان يلقانا بوجهه في الجريدة أو الندوة أو الحانة. وكان إذا شرب قليلا ينفجر بالبكاء كطفل ضال في شوارع مدينة معقدة ولم نكن نملك إلا الصمت حتى تنتهي النوبة. ومن لم ير جيلي ينفجر بكاء في طقسه الليلي.. هذا البكاء الذي يستبعد وينفي من حوله ويرده إلى مواطنه الحقيقية في الوطن أو الوعي أو الشعر، فانه لا يكون قد عرف جيلي أو رآه وأظن إن لحظات البكاء هذه هي نفس اللحظات التي يستدعي فيها علي منابع شعره الإنساني العظيم، إذ كان سرعان ما يهدأ ويسترد قامته كنخلة أمالتها الريح ومضت عنها، فيعود له رونقه ووفاؤه وطفولته. أن ذلك الطفل الرائع بكل ما تحمله الكلمة بعيدا عن الابتذال الثقافي الذي افقدنا معناها، وهي اللحظات نفسها التي تستطيع أن تطلب منه فيها قراءة قصيدة، صيما والأداء الشعري عند جيلي نوع من النواح الممتزج بالوجود والدروشة، فهو يحكم إغلاق قبضته اليمني، ويدب علي المنضدة دبا لينا لا تكاد يده تصل إلى سطح المنضدة هادئة، بينما الشعر يكمل فعل القبضة، وان كان الصوت يحمل رقة، بل وضعفا، بقدر ما كان يضايقه، بقدر ما كان هو استكمالنا لملامح جيلي التي كان يخفي معظمها عنا. لا اعرف أيهما أكثر قوة في ذاكرته الإنسانية والعاطفية السودان أو حي (عابدين)؟ ففي تلك الفترة كان جيلي مصريا من عابدين، رمته المقادير للعيش في السودان أو كان مواطنا سودانيا ولد في عابدين وأحب حواريها وتمرغ قي ترابها وعشق فتيات شرفتها، وقد كانت منطقة عابدين في ذلك الوقت منطقة شبه سودانية ونوبية. وفي حالات نادرة كنا نحس بمصرية غرباء المثقفين في القاهرة، وكان علي رأس هؤلاء جيلي عبد الرحمن. وربما هو أول مثقف ومبدع سواني ألتقيه وأحبه وأعاشره وربما كان بوابتي الحقيقية للسودان الذي أحبه كثيرا. كان يكتب الشعر علي فترات.. أي يصمت طويلا ثم يكتب كثيرا، وكان وجهه يتعضن ويزدهر تبعا لذاك فيتألق جدا وتعود له صحته وشبابه حين تكون في جيبه قصيدة جديدة. وفي الفترات التي يصاب فيها بالجدب الشعري تراه مريضا كسيحا، شبه اعمي، متورما ثقيل البدن والروح، كهلا متشردا لا أهل له ولا وطن.. فهو رجل لم يخلص كما اخلص للقصيدة، ولم يعط حياته إلا للشعر.. وقد نسي الزمن ونسيه الزمن وهو يطارد قصائده حتى اكتشف في أخر العمر انه لم يتزوج، وانه لم يعتن بصحته كثيرا وانه عليه أن يختار إما الدنيا وإما الشعر. ملتقى الادباء والمبدعين العرب الموضوعالأصلي : جيلي عبد الرحمن كما عرفته...بقلم:عبد الرحمن الابنودي // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: farid
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |