البلاد الصحراوية المناخ قليلة الأمطار، وتبعا لذلك فالغطاء النباتي غطاء ضعيف. مهلهل هنا وهناك.. في الفيافي، والرياض، وبطون الأودية.. وهذا الغطاء من نوعيين. شجيرات شبه دائمة كالعرفج والحمض، والحرمل.. ونباتات، وأعشاب فصلية. عادة ما تنمو في فصلي الشتاء والربيع إذا توافرت لها الأمطار الكافية.

أما الغابات التي تتكون من الأشجار الكبيرة فمعدومة في هذه البلاد.. إلا من أشجار صحراوية متناثرة في العادة في مجاري الأودية كأشجار الطلح والسدر، التي وهبها الله صبرا، وجلدا. على العطش والحرارة العالية.


وتماشياً مع توازن الطبيعة.. فقد جعل الله سبحانه وتعالى الحيوانات النباتية التي تعيش في هذه الصحراء قليلة الأكل صبورة على العطش كالجمال، وكذلك الأغنام. كالأغنام النجدية السوداء، التي حتى في طريقتها في الرعي. لا تأتي على ما والاها من العشب البري بل تأكل من هنا وهناك.. كما أن أعدادها تتواءم مع ما توفره الصحراء من غذاء.. بتلك الطريقة التي نظم الله تعالى الحياة فيها. في هذه الصحراء كان هناك توازن دائماً في الطبيعة في كل جانب من جوانب الحياة ومنها هذا الجانب..


فكان من جراء ذلك أيضاً أن الأرض كانت ثابتة والتربة متماسكة على الرغم من قلة الأمطار، وهشاشة الغطاء النباتي، وذلك لسلامتها من العبث الزائد، والرعي الجائر، والحركة الدائمة للأقدام...


هذا الوضع الذي كانت تعيشه الصحراء على مر الأزمان انقلب رأسا على عقب في هذا الزمان بعد المبالغة في تربية الماشية، والأغنام.. حتى لقد أصبحت الرعايا بالآلاف بل وعشرات الآلاف، ومن أنواع من الأغنام ما خلقت للصحراء.. كالنعيم، وسواها من تلك الأنواع التي تكنس الأرض كنسا..


انتشرت هذه الظاهرة في معظم مناطق الصحراء واجدة من الدعم المالي لمادة الشعير والأعلاف متكئا للزيادة في هذا النشاط الرعوي، والتجاري المصطنع في الماشية..


فهذه الأعداد الهائلة من القطعان في الواقع تعيش على الأعلاف المستوردة من مشارق الأرض ومغاربها، وليس على مراعي هذه البلاد الشحيحة، التي لا تكفيها غير مدة يسيرة لا ينتج عنها غير الخراب واليباب كما هو حاصل..


هذا الوضع بطبيعة الحال جعل الصحراء عارية من النباتات التي تعمل على توازن التربة وتماسكها.. كما أدى كذلك إلى شبه حرث دائم للفيافي والقفار.. نتج عنه في العقود الأخيرة ما يعانيه سكان مدن وقرى بلادنا من أتربة لا تهدأ، وغبار لا ينقطع.. تحركه الرياح من كل الاتجاهات ليلاً ونهاراً..


فهل من دراسة جادة من قبل الجهات المعنية لعلاج هذه المعضلة؟