النظرية الخامسة: نظرية دنج دونج Ding Dong
وتسمى نظرية الاستعداد الفطري". وهي النظرية التي أذاعها اللغوي "ماكس موللر"، ودعاها نظرية: "دنج دونج" وخلاصتها، أن الإنسان مزود بفطرته، بالقدرة على صوغ الألفاظ الكاملة، كما أنه مطبوع على الرغبة في التعبير عن أغراضه، بأية وسيلة من الوسائل، غير أن هذه القدرة على النطق بالألفاظ، لا تظهر آثارها إلا عند الحاجة، أو في الوقت المناسب. وحينما سمي "موللر" نظريته هذه، نظرية "دنج دونج" إنما كان يريد أن يشبه هذه القوة الفطرية، بلولب الساعة الملتف في باطنها، وأن يشبه حوادث الزمن ببندول الساعة، الذي يتحرك، فيخرج بتحركه القوة الكامنة في الساعة، التي ينطوي عليها اللولب، فالزمن ومقتضيات الأحوال، هي التي تخرج هذه المقدرة، من حيز القوة إلى حيز الفعل. فكأن النفس البشرية مخزن ممتلئ بالألفاظ، ينفتح شيئاً فشيئاً، بمفتاح الزمن، ومقتضيات الحياة الواقعية.
وهذه النظرية لا تحل المشكلة، فهي لا تُبين كيف ومتى زُود الإنسان بهذه الذخيرة اللغوية؟ وكيف انطوت نفسه على تلك الألفاظ الكاملة؟ وإذا كان قد زود بفطرته بهذه الألفاظ، فلم اختلفت اللغات وتعددت اللهجات؟ فإن آثار القوى الفطرية، لابد أن تكون متحدة إلى حد ما. ثم كيف يتسنى للإنسان أن يخرج تلك الألفاظ من مكامنها، ويطلقها على المسميات المختلفة؟ فهذه النظرية، تنقل الباحث من مشكلة إلى مشكلات أشدّ غموضاً ولبساً.