جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: قسم البحوث :: منتدى الطلبات والبحوث الدراسية |
الخميس 3 سبتمبر - 20:18:03 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: بـــحــث مـــفـــصـــل عــــ || الـلـغــات || ـــــــن بـــحــث مـــفـــصـــل عــــ || الـلـغــات || ـــــــن بـــحــث مـــفـــصـــل عــــ || الـلـغــات || ـــــــن المقدمة الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن اللغة نعمة كريمة، تعد من أجَلّ النعم التي أسبغها الله على الإنسان. وجعلها سبيل اتصال الإنسان بمحيط أسرته، ومجتمعه، ووطنه، والإنسانية جمعاء، وجعلها وسيلة نقل أفكاره، وأحاسيسه، وعواطفه، وميوله، بل اللغة، هي القالب الذي تصوغ فيه الأمة أفكارها، ومفاهيمها، وثقافتها، ومعتقداتها، وإنجازاتها. ونظراً لأهمية اللغة القصوى؛ فلم تحظ قضية من قضايا الحياة الإنسانية، بدراسة منتظمة، واسعة وعميقة، مثل ما حظيت به قضية اللغة. ولأن الموضوعات المتعلقة باللغة، ونشأتها، وتطورها، وأنواعها، وتصنيفها، هي موضوعات كثيرة، وبالغة التشعب؛ فقد اكتفى هذا البحث بتناول أهم تلك الموضوعات وأبرزها، وحرص على الإيجاز في تناولها، خشية الإطالة، فاستعرض النظريات المختلفة في نشأة اللغة مع ترجيح أقربها إلى الصحة، وأدلة ذلك. ثم تناول تطور اللغة، وجوانب الصراع بين اللغات، وتصنيفها، ورجوعها إلى أصل واحد، ومناقشة الآراء المختلفة في هذه اللغة الأصل، وخَلُصَ إلى ترجيح أن اللغة العربية هي أصل اللغات جميعاً، مع سوق الأدلة المختلفة التي تثبت ذلك. ثم تحدث بعد ذلك، عن لغة المخلوقات الأخرى في الكون، من حيوانات وطيور وحشرات، بل ولغة الجن والملائكة، وأدلة ذلك. ويُختتم البحث بالحديث عن إمكان وجود لغة عالمية واحدة، يتفاهم بها جميع البشر، والواجب على المسلمين جميعاً، تجاه لغة القرآن، والدعوة إليها وصيانتها. فقرات من كتاب "مقاتل من الصحراء" فاتجهت إلى مدرسة اللغات وعملت مساعداً لمديرها. ولكن هذا العمل لم يُرْضِ تطلعاتي، فتقدمت إلى امتحان للدراسة في الولايات المتحدة واجتزته. كانت مهمتي أن أعمل على تكامل قوات من دول مختلفة، تتحدث لغات مختلفة، وتستخدم معدات وأسلحة مختلفة في البر والبحر والجو، كي تشكل قوة قتالية فعالة. وهكذا، تم حل مشكلة التكامل بين مختلف نظم الدفاع الجوي لدول التحالف، التي تتحدث لغات مختلفة، وعلى شبكات اتصال غير متجانسة في أكثر الأحيان، وتُطبق عقائد متباينة وإجراءات مختلفة، وتستخدم أسلحة متنوعة. وكنت أعرف، لخبرتي بالدفاع الجوي، أن هذا الأمر بالغ الصعوبة، حتى وأنت تتعامل مع قوة متجانسة تتحدث لغة واحدة، فكيف تكون الحال إذاً وأنت تتعامل مع قوات من جنسيات متعددة، تتحدث لغات مختلفة! لم أشأ، عند تقييم كل وحدة وتخصيص المهام لها، أن أغير من أسلوب استخدامها القتالي، أو أضعها في موقف يؤدّي فيه اختلاف اللغات إلى صعوبة الاتصال والتفاهم مع الوحدات المجاورة. أدى اختلاف اللغات بين قوات الدول المتحالفة إلى صعوبات تعوق الاتصال بينها، إذ لم يكن كل سعودي في جهاز الإمداد والتموين يتكلم الإنجليزية، ناهيك من الفرنسية. ولكن حتى إن لم تكن كل هذه المخاوف سوى أوهام، فإنني لا أنكِر أن وجود ما يقرب من750 ألف جندي، بينهم نحو نصف مليون أمريكي، كان قضية تدعو للاهتمام والقلق. فلم أكن أعرف بالتحديد تأثير وجود هذا الحشد المتباين من الأعراق واللغات والثقافات والعادات والتقاليد والمعتقدات في الشعب السعودي نفسه، ولهذا كنت أودُّ أن تُحسم الأزمة في أسرع وقت ممكن. المبحث الأول تعريف اللغة ونشأتها هي كلام البشر المنطوق، أو المكتوب، وهي نظام الاتصال الأكثر شيوعاً بين البشر؛ لأنها تتيح للناس جميعاً التحدث بعضهم مع بعض، والتعبير نطقاً أو كتابة، عن أفكارهم وآرائهم. وقد ورد في كتاب الله الكريم ما يفيد أن الله علم الإنسان البيان، قال عز وجل: ] الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [ w ، (سورة الرحمن: الآيات 1-4). ويمكن استخدام كلمة لغة بصورة غير محددة، لتدل على أي نظام للاتصال كإشارات المرور الضوئية أو الإشارات الدخانية للهنود، إلا أن أصل الكلمة يبين معناها الأساسي. وتوجد اللغة أينما وُجد المجتمع البشري. وتعتمد معظم أشكال النشاط البشري، على تعاون اثنين أو أكثر من الناس. وتمكِّن اللغة المشتركة الناس، من العمل معاً، بوسائل متنوعة غير محدودة. وقد يسرت اللغة تشييد حضارة تقنية متطورة، ولولا وجود اللغة لما كانت العلوم، والتجارة، والحكومة، والفن، والأدب، والفلسفة. أولاً: نشأة اللغة لم يختلف العلماء في مسألة من مسائل اللغة، مثل اختلافهم حول نشأة اللغة، ولم يحظ موضوع من موضوعات اللغة في تاريخ الفكر الإنساني بقدر من الاهتمام والتفكير مثلما حظي موضوع نشأة اللغة وأصلها. ففي كل العصور، وعلى امتداد الحضارات القديمة في مصر وبابل، والهند والصين واليونان والرومان، ثم في العصور الوسطى، إبان ازدهار الحضارة الإسلامية، ثم أثناء عصور الظلام في أوروبا وعصر النهضة بعدها، كان الفلاسفة، وعلماء اللغة، ورجال الدين، مشتغلين بفكرة البحث عن أصل اللغة الإنسانية، كيف نشأت؟ ومن أين جاء الإنسان بهذه القدرة على الكلام؟. وفي ذلك يقول ماريوباي: "فيما يختص بنشأة اللغة، وطبيعتها، لدينا مصادر، تعتمد على الأساطير والروايات المتناثرة، والمناقشات الفلسفية، ولكن تنقصنا الحقائق العلمية في هذا الصدد". ولذا فقد تجنب كثير من العلماء الخوض في هذا الموضوع، بينما تناوله بعضهم الآخر، باعتبار أن الكلام فيه نوع من الفلسفة اللغوية، التي قد يكون من المفيد معرفة طالب علم اللغة بها. ثانياً: كيف بدأت اللغة لا أحد يعرف كيف بدأت اللغة، ونظراً لأن جميع الناس غير المعاقين لديهم القدرة على الكلام، فمن المحتمل أن اللغة قد وجدت منذ ظهور الجنس البشري. وليس هناك سجل للغة يغطي معظم فترات وجودها. إن الدليل الفعلي الأول للغة هو الكتابة. إلا أن الباحثين يعتقدون أن الكتابة لم تظهر، إلا بعد نشوء اللغة المنطوقة بآلاف السنين. إن السجلات المكتوبة، الأولى، والمعروفة حتى الآن، هي صور الكلمات السومرية الموضوعة في حوالي عام 3500 ق.م، والكتابة الهيروغليفية المصرية التي تعود إلى عام 3000 ق.م. تقريباً. وتعود الصينية المكتوبة إلى حوالي عام 1500 ق.م. والإغريقية إلى عام 1400 ق.م.، على وجه التقريب، واللاتينية إلى حوالي عام 500 ق.م. ولا بأس من الإلمام هنا إلمامة سريعة بأبرز النظريات، والآراء، التي حاول بها العلماء تفسير نشأة اللغة الإنسانية، وقد دارت الآراء والنظريات بين اتجاهين رئيسين: · اتجاه يرى أن اللغة "توقيفية" أي هبة من الله. · اتجاه يرى أنها اصطلاحية مكتسبة من صنع الإنسان. بين هذين الاتجاهين، مضت الدراسات حول نشأة اللغة الإنسانية، تأخذ صوراً شتى، من الآراء والنظريات، أبرزها: 1. النظرية الأولى: "التوقيف" أو الوحي والإلهام ويرى أصحاب هذه النظرية، أن اللغة هبة من الله عز وجل، وأنه لمّا خلق الأشياء ألهم آدم u أن يضع لها أسماء فوضعها. قال تعالى ] وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا [ w ، (سورة البقرة: الآية 31) أضف إلى ذلك قول أفلاطون Plato [1] ، فيلسوف اليونان الأشهر، في القرن الخامس ق.م، حيث يقول: "إن اللغة ظاهرة طبيعية لا شأن للإنسان في وجودها". وفي إحدى محاورات أفلاطون، يتحيز أحد المتناظرين، ويدعي كرايتليس، للرأي القائل بأن اللغة هبة منحتها السماء لبني الإنسان، وأن أسماء الأشياء ليست رموزاً مجردة، ولكنها جزء لا يتجزأ من جوهر المسمى. وكذلك قال الفيلسوف اليوناني هيراقليلتوس Heraclitus [2] :إنها وحي من السماء"، في القرن الخامس قبل الميلاد. وكثير من علماء اليهود والنصارى يقولون بذلك الرأي مستدلين بما ورد في التوراة حيث جاء فيها: "والله خلق من الطين جميع حيوانات الحقول، وجميع طيور السماء، ثم عرضها على آدم ليرى كيف يسميها، وليحمل كل منها الاسم الذي يضعه له آدم، فوضع آدم أسماء لجميع الحيوانات المستأنسة وطيور السماء ودواب الحقل" [3]. وأكثر علماء المسلمين على هذا الرأي، واستندوا إلى قول الله عز وجل: (سورة البقرة: الآية 31). وقال مجاهِدٌ: علَّمه اسمَ كلِّ شيءٍ حتى القَصْعة والقُصَيْعة، والفَسْوة والفُسَيْوة [4]،. وعن سعيد بن جُبَيْر: حتى البعير، والبقرة، والشَّاة، واسم الإنسان، واسم الدَّابة، واسم كل شيء. وعن قتادة: علَّم آدم من أسماء خلقه ما لم يعلِّم الملائكة، فسمّى كل شيءٍ باسمه، وألجأ كل شيءٍ إلى جنسه. وعن عطاء: "قال يا آدمُ أَنْبِئهم بأسمائهم"، فقال: "هذه نَاقَة، جَمَل، بَقَرة، نَعْجَة، شَاة، فَرَس، وهو من خلق ربِّي". فكلُّ شيءٍ سمّاه آدمُ فهو اسمه إلى يوم القيامة، وجعل يدعو كلَّ شيءٍ باسْمه، وهو يمرُّ بين يديه، فعَلِمت الملائكةُ أنه أكرمُ على الله وأَعْلم منهم. ومن هؤلاء العلماء أبو الحسن الأشعري [5]، وأتباعه، وابن فورك [6]، قال ابنُ فارس [7]: دليلُ ذلك قولُه تعالى:"وعلَّم آدم الأسماء كلها"، قال ابن عباس: وهي هذه الأسماء التي يتعارفها الناس؛ من دابة، وأرض، وسهل، وجبل، وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. قال السُّيوطيُّ: وفي هذا فضيلةٌ عظيمةٌ، ومَنْقَبةٌ شريفةُ، لعِلْم اللُّغة. وقال ابنُ فارس: "وقد كان في الصحابة، وهم البُلَغاءُ والفُصَحاءُ، من النَّظر في العلوم الشَّريفة، ما لا خفاء به، وما عَلِمناهم اصطلحوا على اختراع لغةٍ واحدة، أو إحداث لفظةٍ لم تَتَقدَّمْهم. ومعلوم، أنَّ حوادث العالم لا تّنْقَضي، إلاّ بانقِضائه، ولا تزول إلاَّ بزواله، وفي كلِّ ذلك، دليل على أنَّ أصل اللُّغة، وحْيٌ وتوقيف، لا مُواضَعَة واصطلاح، وأن الله سبحانه، ذمّ قوماً على تسميتهم بعضَ الأشياء، من دون توقيف بقوله: ] إنْ هِيَ إلاّ أسْماءٌ سمَّيْتُموها أنْتُم وآباؤُكمْ، ما أنْزَل اللهُ بها مِنْ سُلْطَان [ w ، (سورة النجم، الآية 23). فقد صنعوا الأصنام وعبدوها ووضعوا لها أسماءً ابتدعوها، من عند أنفسهم. فلو لم تكن اللُّغة توقيفيِّةً لمَا صحَّ هذا الذمُّ. وقال أبو الفتح بن جني: " إنني تأملت حال هذه اللغة الشريفة، الكريمة، اللطيفة، فوجدت فيها من الحكمة، والدقة، والإرهاب، والرقة، ما يملك عليَّ جانب الفكر، حتى يكاد يطمح به، أمام غلوة السحر، فعرفت بتتابُعِه، وانقياده، على بُعد مرامِيه وآماده، صِحَّة ما وُفِّقوا لتقديمه منه، ولطف ما أُسعدوا به، وفُرق لهم عنه. وانضاف إلى ذلك وارد الأخبار المأثورة بأنها من عند الله، فقوِيَ في نفسي اعتقادُ كونها من الله تعالي، وأنها وَحْيٌ". وقد جمع الإمام السيوطي، كل ما قيل من آراء، حول هذا الاتجاه في كتابه المزهر. والآية التي ذَكَرَت تعليم الله ـ عزّ وجلّ ـ لآدم الأسماء كلها، حين استدل بها علماء العربية والأصول، قالوا: "الأسماء كلها معلمة من عند الله بالنص، وكذا الأفعال، والحروف، لعدم القائل بالفصل، ولأن الأفعال والحروف أيضاً أسماء، لأن الاسم ما كان علامة". وأضافوا "لو كانت اللغات اصطلاحية لاحتاجت في التخاطب بها إلى اصطلاح آخر، من لغة، أو كتابة، ويعود إليه الكلام، ويلزم إما الدور أو التسلسل في الأوضاع، وهو محال فلابد من التوقيف". والإمام الغزالي يقول: "لعل الله ألهم آدم الحاجة إلى وضع الأسماء، فوضعها بتدبيره وفكره، ونسب ذلك إلى تعليم الله تعالى؛ لأنه الهادي والملهم. أو لعل الله علم آدم لغة، كان قد اصطلح عليها الجن، أو فريق من الملائكة. أو لعل آدم تعلم اللغة ثم نسيها، أولم يعلمها غيره، ثم اصطلح بعده أولاده على هذه اللغات المعهودة". وقبول الغزالي لمذهب التوقيف، يأتي من طريق أن الله تعالى قد خلق الأصوات والحروف، وخلق العلم بدلالتها على المسميات المختلفة، وتلك مقدرة للخالق، لا يمكن إنكارها. وهكذا أدلى العلماء المسلمون بدلوهم، وقد أُوجزت أقوالهم فيما ذُكر من قبل، وفي العصور الحديثة قال بهذا الاتجاه طائفة من العلماء على رأسهم الأب لامي Lami في كتابه "فن الكلام" L'Art de parler . 2. النظرية الثانية: مذهب "المواضعة والاصطلاح" أي أن اللغة اصطلاح واتفاق بين البشر. وقد تبنى أرسطو Aristotle [8] ـ أشهر فلاسفة اليونان قاطبة ـ هذا الرأي، عندما عالج اللغة، على أنها رابطة اجتماعية. ويقال إن الفيلسوف اليوناني ديمقريطوس [9] Democritus ، قد سبقه إلى هذا القول. وقد استمر القول بهذا الاتجاه أيام الرومان القدماء، وإبان العصور الوسطى، وعصر النهضة، وحتى العصور الحديثة، حيث كان أشهر من قال بــه في القــرن التاسع عشر الفيلسوف الإنجليزي آدم سميث Adam Smith [10] ، والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو Jean Jacques Rousseau [11] . ليسوا هم وحدهم، بل إن بعض علماء العربية قال به مثلهم من هؤلاء ابن جني حيث يقول: "إن أصل اللغة لابد فيه من المواضعة، وذلك كأن يجتمع حكيمان، أو ثلاثة فصاعداً، فيحتاجون إلى الإبانة عن الأشياء، فيضعوا لكل منها سمة ولفظاً يدل عليه، ويغني عن إحضاره أمام البصر. وطريقة ذلك أن يقبلوا مثلاً على شخص، ويومئوا إليه قائلين: إنسان!! فتصبح هذه الكلمة اسماً له، وإن أرادوا سمة عينه، أو يده، أو رأسه، أو قدمه، أشاروا إلى العضو وقالوا: يد، عين، رأس، قدم….الخ. ويسيرون على هذه الوتيرة، في أسماء بقية الأشياء، وفي الأفعال والحروف، وفي المعاني الكلية، والأمور المعينة نفسها". والذي يقرره هذا المذهب يتعارض مع القواعد العامة التي تسير عليها النظم الاجتماعية، فالعهد بهذه النظم أنها لا تُرتجل ارتجالاً، بل تتكون بالتدريج، هذا إلى أن التواضع على التسمية يتوقف في كثير من مظاهره على لغة صوتية يتفاهم بها المتواضعون. فكيف نشأت هذه اللغة الصوتية إذن؟ وهكذا نرى أن ما يجعله أصحاب هذه النظرية منشأ للغة، يتوقف هو نفسه على وجودها من قبل. فهذه الصورة الخيالية للمواضعة، إذا افترضنا تصورها مع الأسماء، فمن الصعب تصورها في الأفعال ناهيك بالحروف التي لا يوجد لها معادل في الواقع. 3. النظرية الثالثة: وتسمى نظرية بوه ـ بوه Pooh-Pooh وسماها البعض "التنفيس عن النفس" [12]. وهذه النظرية، تقرر أن الفضل في نشأة اللغة، يرجع إلى غريزة خاصة، زُود بها في الأصل، بنو الإنسان، وأن هذه الغريزة، كانت تحمل كل فرد على التعبير عن انفعالاته، بحركات وأصوات خاصة، مثل انقباض الأسارير، وانبساطها، أو الضحك، أو البكاء، أو غير ذلك، مما يعبر به عن انفعالاته كالغضب، والخوف، والحزن، والسرور، وأنها كانت متحدة عند جميع الأفراد في طبيعتها، ووظائفها، وما يصدر عنها، وأنه بفضل ذلك اتحدت المفردات، وتشابهت طرق التعبير، عند الجماعات الإنسانية الأولى، فاستطاع الأفراد التفاهم فيما بينهم. ويدين أصحاب هذه النظرية بما نادى به " داروين Charles Darwin " [13]، في نظريته المشهورة، الخاصة بتطور الكائنات الحية، فقد ربط بين نشأة اللغة، وتلك الأصوات الغريزية الانفعالية، من تأوهات، وآهات، وشهقات. كما حاول أن يربط بين هذه الأصوات، وتقلصات أعضاء النطق وانبساطها، فالشعور بالازدراء أو الغضب مثلاً، يصحبه عادة ميل إلى النفخ بالفم، أو الأنف، فينشأ الصوت (Pooh) أو ـ أُف [14] ـ المستخدم في العربية للتعبير عن الضيق أو الغضب، وإليه أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: ] فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا [ w (سورة الإسراء، الآية 23)، ومثل ذلك حين يُدهش المرء، فينطق صوتاً يشبه صوت الضمة Oh ، أو صوت الفتحة (آه) نتيجة لاستدارة الفم في الصوت الأول، أو فتحه في الصوت الثاني، وهكذا. وكان الفلاسفة الأبيقوريون اليونان في القرن الرابع ق.م [15]، هم أول من آمن بهذه النظرية، وأيدها الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، في القرن الثامن عشر الميلادي، وكل من العلامة الألماني ماكس موللر Max Muller [16] في كتابه "علم اللغة"، والفرنسي أرنست رينان [17] Ernest Renan في القرن التاسع عشر. وهذه النظرية تبدو غامضة وناقصة، فأما غموضها، فلأنها لا تشرح لنا السر في أن تلك الأصوات الساذجة، الانفعالية، قد تحولت إلى ألفاظ أو أصوات. وأمّا نقصها، فلأنها لا تبين منشأ الكلمات الكثيرة، التي لا يمكن ردها إلى أصوات انفعالية. 4. النظرية الرابعة: نظرية البو ـ واو Bow-Wow . وتسمى أيضاً "المحاكاة" ويرى أصحابها، أن اللغة نشأت من تقليد أصوات الطبيعة، وهي النظرية التي أشار إليها ابن جني بقوله: "وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها، إنما هو من الأصوات المسموعات، كدوي الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس، ونزيب الظبي، ونحو ذلك. ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد. وهذا عندي وجه صالح متقبل". وترى هذه النظرية أن الإنسان الأول، عندما أراد أن يميز بين الكائنات، بأسماء ليتحدث عنها، أو يشير إليها في غير وجودها، أخذ في محاكاة أصواتها الطبيعية، فنباح الكلب، مثلاً، اتخذ رمزاً ليدل على هذا الحيوان، ومثل ذلك عواء الذئب، وزئير الأسد، ومواء القط، ومن ثم أصبحت هذه الأصوات الحيوانية المختلفة رموزاً، يشير بها الإنسان الأول إلى هذه الحيوانات، ومثل ذلك في حفيف الشجر، وزفير النار، وقصف الرعد، وخرير الماء وغيرها. ومن هذه الأصوات، تكونت مجموعة من الكلمات، هي أقدم الكلمات في لغات البشر، ثم تطورت هذه الأصوات، أو الكلمات من الدلالة على هذه المعاني الحسية المباشرة، إلى معان أخرى، أكثر تجريداً، ومن هذه الأصوات البدائية، تكونت اللغات فيما بعد على مدى قرون طويلة. وآمن بهذه النظرية الفلاسفة الرواقيون اليونان [18]، ولاقت قبولاً كبيراً، في القرن التاسع عشر، والعشرين. وأيدها علماء بارزون، مثل جسبرسين، و د. إبراهيم أنيس، و د. علي عبدالواحد وافي، ودافعوا عنها دفاعاً شديداً ووصفوها بأنها: "أدنى النظريات إلى الصحة، وأقربها إلى المعقول، وأكثرها اتفاقاً مع طبيعة الأمور، وهي إلى هذا وذاك تفسر المشكلة التي نحن بصددها، وهي الأسلوب الذي سار عليه الإنسان في مبدأ الأمر". وقد سخر بعض النقاد من هذه النظرية، حيث وصفوها بأنها تقف بالفكر الإنساني عند حدود حظائر الحيوانات، وتجعل اللغة الإنسانية الراقية مقصورة النشأة، على تلك الأصوات الفطرية الغريزية. ومن الجدير بالذكر، أن جمهرة اللغويين المحدثين، يرفضون هذه النظرية. ويقررون أن المنهج العلمي "لعلم اللغة" يتعارض مع هذه النظرية، ويجعلها وهما باطلاً. ومن المعلوم، أن المتحدثين بلغات مختلفة، يسمعون الأصوات الطبيعية بأشكال مختلفة، ثم يقلدون هذه الأصوات بطرق متباينة، فينتج من ذلك كلمات تدل على صوت واحد، ولكنها تختلف من لغة إلى أخرى. فنباح الكلب، يرمز إليه المتحدث باللغة الإنجليزية "باو واو" أو "ووف ووف"، في حين أن الإيطالي يرمز للصوت نفسه بكلمة "بو بو"، والفرنسي "واء واء" كما أن صياح الديك، يرمز إليه بكلمات صوتية، تختلف باختلاف اللغات. ولو كانت هذه النظرية صحيحة لكانت أسماء الحيوانات، والكائنات الأخرى، أو مظاهر الطبيعة واحدة، في جميع اللغات، لأنها تقليد أو حكاية لأصوات لا تتغير من بيئة إلى أخرى، وإنما الذي نجده غالباً أن مثل هذه الكلمات، تختلف من لغة إلى أخرى، مما يدل على أنها موضوعة، أو مصطلح عليها، فليست تقليداً لأصوات الطبيعة. زد على ذلك أن الإنسان، عندما يقوم بالمحاكاة، فإنه يقتصر في محاكاته على ماله صوت فحسب، فكيف بتقليد الأشياء الجامدة وتسميتها، كالحجر والمنزل، والمثلث، والمكعب وسواها. ولذا فالقول بهذه النظرية، يعني النزول بالتفكير، إلى مستوى التصوير الفوتوغرافي. وأهم ما يؤخذ على هذه النظرية، أنها تحصر أساس نشأة اللغة، في الملاحظة المبنية على الإحساس، بما يحدث في البيئة، وتتجاهل الحاجة الطبيعية الماسة، إلى التخاطب والتفاهم، والتعبير عما في النفس، تلك الحاجة، التي هي من أهم الدوافع إلى نشأة اللغة الإنسانية. أضف إلى هذا أن هذه النظرية، لا تبين لنا كيف نشأت الكلمات الكثيرة، التي نجدها في اللغات المختلفة، ولا نرى فيها محاكاة لأصوات المسميات، ويتضح ذلك بوجه خاص في أسماء المعاني، كالعدل والمروءة، والكرم، والشجاعة، وغيرها. الموضوعالأصلي : بـــحــث مـــفـــصـــل عــــ || الـلـغــات || ـــــــن // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: ommare
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |