[size=19]كتب:محمد بهجتhttp://www.ahram.org.eg/App_Themes/Front/images/icons_read.png); background- 0px 0px; background-repeat: no-repeat;">
[/size]
عند شكسبير تحديدا وعند عدد كبير من كتاب المسرح في مختلف العصور كان المهرج هو الشخصية التي يضع المؤلف علي لسانها ما يريد قوله بصورة غير مباشرة.. علي اعتبار أن المهرج أقل من أن يحاسب علي كلامه ـ ولايمكن لأي سلطة أو جهاز رقابي أن يعلق علي كلام المهرجين ـ وهذه الفكرة هي التي عبر عنها الشاعر العظيم الراحل صلاح جاهين بقوله.. أنا قلبي كان شخشيخة أصبح جرس..جلجلت به صحيوا الخدم والحرس أنا المهرج.. قمتوا ليه؟ خفتوا ليه لا في إيدي سيف ولا تحت مني فرس..عجبي.
ولكن المهرج دائما هو الذي ينبه السادة والملوك ولديه القدرة علي انتقادهم وكشف عيوبهم عبر وسيلة الضحك والتهريج.. ومن هنا استعان الفنان الموهوب محمد الصغير بفكرة المهرجين ليقدم رؤيته الخاصة لقصة روميو وجولييت أو قصة الصراع بين الحب والكراهية المتوارثة المفروضة لاعتبارات تاريخية والمدهش في عرض روميو وجولييت الذي يقدم في القاعة الصغيرة للمسرح العائم من إنتاج مسرح الشباب هو حجم التدريب الضخم للممثلين والتناغم الهائل في الحركة والرقص والغناء بحيث تبدو حركة الممثلين كأنها حركة عشوائية لمهرجين يتقافزون ويتصايحون كل بمفرده.. ولكن هذه الحركات المختلفة تؤدي في النهاية إلي صورة جماعية شديدة الإتقان والترابط وتقدم رسالة ساخرة من المجتمع كله حيث يبدو روميو ضعيفا هزيلا نحنونا في مشاعره العاطفية علي حد تعبير الشباب ـ بينما تظهر جولييت الجميلة فتاة بلهاء مزهوة بجمالها وانوثتها بصورة مبالغ فيها ـ وأفراد العائلتين مونتاجيو وكابوليت أشبه بالبلطجية والباعة الجائلين والسحرة الأفارقة والقراصنة الأسبان ـ خليط عجيب يثير الضحك إلي حد الصراخ مثلما يثير التأمل في سلوكيات الكثير من الناس حولنا ـ والذي انعكس علي مخيلة المخرج صاحب الرؤية فقدم لنا روميو وجولييت علي هيئة مهرجين مجانين ـ والعرض قد يختلف حوله النقاد كثيرا ولكن لا خلاف في أنه يحمل فكرة جديدة وجريئة وأيضا جهدا شهورا طويلة في التدريبات لتوصيل الفكرة والإبتسامة قام ببطولة العمل كل من معتز الشاذلي ومحمد إبراهيم ووليد محمد ومحمود المصري ورأفت سعيد ومحمد سراج ومصطفي شفيق وكريم يحيي الذي لعب دور روميو وجعله قريب الشبه في طبيعته من العندليب الراحل عبدالحليم حافظ بصورة كاريكاتورية كما أدت أسراء محمد دور الأم ومها حمدي دور جولييت الفتاة الجميلة الساذجة ـ والعرض لا يعتمد علي الحوار قدر اعتماده علي الحركة والموسيقي والتمثيل بالجسد ـ ولعله لهذه الأسباب مضافا إليها الجودة الفنية العالية من العروض التي تستحق الترشيح لتمثيل مصر في المهرجانات العالمية وخاصة الأجنبية منها لأنه يتجاوز حاجز اللغة وتصل معانيه ورسالته حتي لمن لايعرفون اللغة العربية.. وبالطبع هو جهد فريق كبير من المبدعين محمد هاشم في تصميم الديكور ووليد سيف اليزل في الموسيقي والألحان وعبير البدراوي في تصميم الأزياء وأتصور أن روميو وجولييت سيكون محطة إنطلاق لعروض كثيرة مميزة من هذه المجموعة الموهوبة من الممثلين وقائدهم المميز منذ أن قدم شهادة ميلاده كمخرج كبير في عرض شيزلونج.