اتخذ الشاعر العربي بعدا جديدا لتحديد شخصياته فهو يستخدم المشية في وصفه
للشخصية حيث جعل المشية واحدة من أربع خصائص يعرف بها عقل المرء فيقول :
يعرف عقل المرء في أربع ********** مشيته أولها و الحرك
و دور عينيه وألفاظـــــــه ********** بعد عليهن يدور الفلك
و هو لا يفعل هذا فحسب و إنما يستخدم المشية في أغراض الشعر الأخرى كالغزل و المدح
و الهجاء و الفخر . كما انه يجعل منها مؤشرا يدل على المستحسن و المستهجن منها
بالنسبة لثقافة أمته.
فأما الغزل فمن أمثلته قول ابن سناء الملك :
و أثقلها الحسن الذي قد تكاثرت ************ملاحته حتى تثنت من الثقل
و قول البهاء زهير من أبيات له :
فيا مشق ذاك القوا*************** م ويا طي الحشا
مشى لي في خفية ************** فيا حبذا من مشى
و قول أبي الحسن بن معبد
و مهفهف طالت ذوائب فرعه ********كالليل فاض على الصباح المسفر
قصر الدلال خطاه فاعتقلت به *******لي مقلة عن حبه لم تقصر
و أما المدح فنجد الإشارة إلى المشية الحسنة من قول الربيع بن أبي الحقيق
رب علم لي لو أبصرته *********حسن المشية في الدرع الزعف
و في الهجاء الممزوج بالفكاهة يقول بهاء الدين زهير يصف بغلة إنسان ثقيل و كأنه
يهجوه:
لك يا صديقي بغلـــــــة ******** ليست تساوي خردلة
تمشي فتحسبها العيـــو******** ن على الطريق مشكلة
و تــــــــــــخال مدبرة إذا ******** ما أقبلت مستعجــــــلة
مقدار خطوتهاالطـــــــــــــــــــو***** يلة حين تسرع أنملة
تـــــــــــــهتز و هي في مكانها**** فكأنما هي زلزلة
و تستخدم المشية في مجال الفخر فيقول علي ابن جبلة يصف رجلها و مشيها :
إذا اتسعت لم يلحق الذر شأوها******و خامرها دون النزاع انبهارها
و يقول الشاعر:
ليس براعي نعجات عوكل*************أحل يمشي مشية المحجل
و حتى في مجال الرثاء نجد الفخر بمشية بعينها .فهذا ابو زيد القرشي يرثي ابن أخته
يشيد ببلائه في الحرب بعد أن تخلى عنه سائر الفرسان و يصفه بأنه رغم ذلك يمشي مشية
رويدا لامشية من سحقه العدو فيقول :
غير ما ناكل يسير رويدا ************ سير لا مرهق و لا مهدود
و في تحديد المشية الحسنة و المشية القبيحة نجد الشاعر العربي يحث على المشية
الحسنة باستخدام صيغة الفعل الأمر كقول عدي بن زيد:
فامش قاصدا إذا مشيت و أبصر*********** إن للقصيد منهجا وجسورا
و قول حسان :
ذروا التخاجيء و امشوا مشية سحجا *******إن الرجال ذوو عصب و تذكير
كما نجده ينهى عن المشية القبيحة باستخدام أداة النهي كقول ابن عبد ربه في خدمة
السلطان و صحبته:
و لا تتبختر صيت النعل زاهيا *********و لا تتصدر في الفراش الممهد