تأصيل الجذور اللغوية للمعجم ـ الحلقة (2)اء في مادة أرم: الأُرَّم: الحجارة، والإرَم: حجارة تُنْصب عَلَما في المفازة، والجمع آرام وأروم، والآرام: الأعلام، وخص به بعضهم أعلام عاد.وقد جمعت:رئم،وهو الظبي على الأصل :أرآم،من مادة رأم،كما جمعت على القلب المكاني :آرام(ابن منظور:اللسان 12/224) وبذا يكون قد حدث تداخل بين مادتي رأم ، ومنها آرام : الظباء ،وأرم ومنها آرام بمعنى الأعلام والأروم: قيل هي قبور عاد. والآرام: الأسْنمة. قال ابن منظور قال ابن سيدة: فلا أدري إن كانت الآرام في الأصل الأسنمة، أو شبهها بالآرام التي هي الأعلام لعظمها وطولها" (اللسان: أرم 12/15) وأحسب أن الرأي الثاني أصح. وإرم اسم جبل. قال ابن منظور في مادة هرم "الهرمان بناءان بمصر حرسها الله تعالى" (اللسان: هرم 14/608).
وأرم: أكل، وعضّ، وقطّع، وأرَمَت السائمة المرعي تأرِمُه: أتت عليه حتى لم تدع منه شيئاً. والإرْم: الضِّرس، وفلان يحْرق عليك الأُرّم: إذا تغيّظ فَحَكّ أضراسه بعضها ببعض. وفي هذا المعنى تلتقى مادة أرم بمادة قرم، فالقرم شدّة الشهوة إلى اللحم، ثم جاءت الدلالة المعنويّة وهي شدة الرغبة في اللقاء، والتقت المادتان: أرم وقرم، بالمادة: هرم. فهرَّمتُ اللحمَ تهريماً إذا قطّعته قطعاً صغاراً.
ويبدو أن بعض التداخل حدث بين أرم وأزم، إذ كلاهما دلّت على العضّ، فالأزْم: العضّ، والأُزُم: الأنياب، ويبدو أن هذا من أثر التصحيف. وكأنما لمس القدماء ذلك. قال ابن منظور في مادة: أزم، وأزَمَتْهم السنةُ أزماً: استأصلتهم. وقال شمر: إنما هو أرمَتْهم بالراء. قال وكذلك قال أبو الهيثم". ويبدو أن هذا التصحيف قد حدث في أزم وأرم في الدلالة على إحكام فتْل الحبْل وشدِّه، فأزمْت الحبْل آزِمُه أزماً: أحكمت فتله وضفره، قال ابن منظور: "بالراء والزاي جميعاً. والراء أعرف" (اللسان: أزم 14/17) ولعلّ دلالة أرم على الجبل والبناء الضخم هو الآصل في هذه المادة.
وبذا فإن أرم بالهمزة وهرم بالهاء التقتا على مفهوم الضخامة، جبلاً كان أو بناء ضخماً، أو قبراً هائلاً كقبور الفراعنة أو قبور عاد. وقد جاءت المواد: أرم وهرم وحرم دالّة على هذا المفهوم في بعض شقيقات العربيّة، ففي العبريّة aram تدل على المرتفعات والجبال. وقد أطلقت هذه التسمية على سلسلة المرتفعات الشاميّة في دمشق ولبنان حيث أقام الآراميون (Furst I :140) وإليها نسب الآراميون أي السوريون aramaya(Gesenius 67)(Costaz 20) ، وقد أصبحت هذه الكلمة لاحقاً تطلق على الوثني الذي لم يعتنق المسيحية. وانظر haram بالهاء في العبريّة، في دلالتها على المرتفع، كما دلت على الحصن الضخم، ودلت على القوة والشّدّة (Furst I : 338) وانظر في العبريّة كذلك haram وتعنى مرتفع، وقمة جبل، وتعود hirmon(Furst I : 440) إلى الأصل حرم، وتعني: حِرْمون (الجبل العظيم، وهي تطلق على جبل الشيخ).