جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: قسم البحوث :: منتدى الطلبات والبحوث الدراسية |
الأربعاء 10 يونيو - 20:43:42 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: -خلاصة مجزوءة المعرفة ----- -خلاصة مجزوءة المعرفة ----- ..المعرفة تقديم: يمكن أن نعتبر أن المعرفة هي علاقة تفاعل دينامي بين ذات و موضوع. عملية تغتني فيها الذات من خلال بناءها للموضوع بطريقة منهجية. بذلك تكون المعرفة فعالية بشرية متعددة الأوجه وتفتح على الذات الإنسانية في بعدها الفردي والجماعي و الزماني. لقد كانت علاقة النظرية بالتجربة مظهرا لجدلية الذات بالموضوع. جدلية طبعت المعرفة البشرية حين انصبت على الطبيعة بهدف اكتشاف القوانين المحددة لظواهرها. فأنتجت العلوم الطبيعية وكانت تتويجا للنجاحات التي حققها العقل بفضل الصياغة الرياضية والتجريب. و بعد ذلك حاول الإنسان أن يجعل من ذاته موضوعا للمعرفة العلمية. فكانت العلوم الإنسانية تعبيرا عن الرغبة في فهم ذاته و معرفة القوانين المتحكمة في سلوكه. مما أتاح له الفرصة لبناء معرفة بنفسه وبغيره وبتاريخه. لكن هذا المطمح، سرعان ما سيصطدم بطبيعة الظواهر الإنسانية التي تتميز عن الظواهر الطبيعية الثابتة. هذا ما سيدفع إلى التساؤل عن علمية العلوم الإنسانية بل التساؤل عن مفهوم الحقيقة ليس كما أفصحت عنها العلوم الإنسانية فقط بل حتى العلوم الدقيقة عبر تاريخها. لقد فكرت ابستملوجيا العلوم في معايير الحقيقة وقيمتها النظرية والعلمية وطبيعتها. النظرية والتجربة التقديم: إذا تأملنا لفظتي النظرية والتجربة ، قد يتبادر إلى أذهاننا التوتر الحاصل بين مجالين يبدوان لأول وهلة وكأنهما متنافرين ومتباعدين. مجال الفكري العقلي والمجرد في مقابل مجال الواقعي المادي والملموس. وإذا ارتبطنا بالعلوم الطبيعية كمجال لإشكاليتنا، سوف يبدو أن الحوار بين النظرية والتجربة يخفي عنا أشكال التداخل الكبير بينهما. كما أن هذا الحوار سوف يجعلنا ننفتح على تاريخ العلوم و الخلاف بين الموقفين الاختباري والعقلاني[T1] . فهل هناك انفصالا ومفارقة بينهما في بناء المعرفة العلمية؟ ما دور كل من العقل والتجربة في بناء النظريات العلمية؟ ما هي معايير العلمية في العلوم الطبيعية؟ وهل تستمد النظريات العلمية مصداقيتها وصلاحيتها من الواقع أو العقل؟ المحور الأول: التجربة والتجريب. نلاحظ بدء أن مفهومي التجربة و التجريب يطرحان نوعا من اللبس الدلالي لارتباطهما بمجالات واسعة من مجالات التجربة الإنسانية. تعني التجربة المعرفة الناتجة عن الممارسة الإنسانية تلك الممارسة التي تتحدد من خلالها علاقة الإنسان بواقعه ومحيطه. أما التجريب فيعني منهجا لمساءلة الظواهر الطبيعية بهدف التحقق من صدق الافتراضات التي يبنيها العالم والوقوف على قوانينها.وفي هذا المعنى تحيل التجربة على إعادة إحداث ظاهرة ما في ظروف اصطناعية بهدف دراستها و تحديد المتغيرات المتحكمة فيها. إذا كان الأمر كذلك فما هي شروط تحقيق العلمية؟ هل يعتبر الواقع والتجربة طريق بناء النظرية العلمية دون غيرهما؟ ألا يكون للعقل دورا في ذلك البناء؟ ألا يمكن أن ينفتح العلم على الافتراضي والخيالي؟ يعتبر شيخ الاختبارين نيوتن أن النظرية العلمية هي انعكاس للواقع في الفكر، وأن على العالم أن يخبر عن الواقع كما هو ويعود إلى الواقع للتأكد من صحة النظرية. فهو يقول:" لم أتوصل إلى نظرية الجاذبية عن طريق مخالفتها أو عدم اتفاقها مع النظريات الأخرى، بل استخلصتها من الخبرات استخلاصا وضعيا مباشرا. لذا فالكيفية الملائمة للتأكد منها هي ملاحظة ما إذا كانت التجارب التي اقترحها تؤكدها فعليا." من هنا يستبعد نيوتن أي دور للفكر وللفرضية في بناء النظرية العلمية. وفي نفس السياق يعتبر كلود بيرنار أن على العالم أن ينصت للطبيعة وأن يكون أثناء ملاحظته للظواهر بمثابة آلة تصوير تنقل الواقع كما هو. أي أن الواقع والتجربة هما منطلق كل نظرية علمية. لكنه يضيف أنه بعد الملاحظة ومعاينة الواقع تبرز الفكرة ويتدخل العقل. ويقصد بالفكرة هذه، الفرضية التي يبنيها العالم بعد معاينة الواقع، والتي ينبغي أن تكون منطلق التحقق التجريبي ومصدرا للقانون. إن كلود بيرنار إذن لا ينفي دور العقل في بناء النظرية العلمية، وإن كان الواقع هو منطلق التجريب لبناء الفرضيات، ومنتهاه للتحقق من صلاحيتها. و في كتابه '' فلسفة العلوم اليوم '' اعتبر روني طوم أن العلم لا يمكن أن يكون علما إلا إذا انفتح على الافتراضي والخيالي. انتقد التصور التقليدي حول التجريب. حيث اعتبر أن الفرضية العلمية كمنطلق للتجريب، قد لا تستمد من ملاحظة الواقع. فلا وجود لفرضية دون وجود شكل من أشكال النظرية. ذلك أن النظرية تتضمن أفكارا عن العلاقات التي تربط المتغيرات بالظواهر. ولا يمكن للتجريب وحده أن يكتشف أسباب ظاهرة ما. ينبغي إكمال الواقع بالخيال. والخيال هنا عملية ذهنية أو تجربة ذهنية لا يمكن لأي جهاز آلي أن يعوضها. ويستنتج روني طوم أن التجريب لا يكون علميا وذا مغزى إلا إذا ارتبط بالتفكير. نخلص من كل ما سبق، إنه إذا كان الواقع هو موضوع العلم، وكان من اللازم اعتماد التجربة والتجريب لبناء النظرية العلمية، فإن وقائع علمية جديدة وسعت مفهوم العلمية والتجربة فلم تعد التجربة استقراء للواقع ولا إنصاتا سلبيا للظواهر بل قد يكون الواقع العلمي بناء عقليا والتجربة ذهنية. وبذلك يكون للعقل دورا أساسيا إلى جانب الملاحظة و التجريب في بناء النظرية العلمية. المحور الثاني: العقلانية العلمية. في إطار الابستملوجيا المعاصرة، ونتيجة للثورات العلمية المتعاقبة، ألم نعد أمام إشكاليات جديدة وحوار مغاير بين النظرية والتجربة؟ فما دور كل من العقل والتجربة في بناء النظرية العلمية؟ هل أحدثت العلوم المعاصرة قطيعة مع المنهج التجريبي؟ هل انتصرت العلوم المعاصرة للعقل وللعقلانية على حساب التجريبية والواقع؟ في كتابه" كيف أنظر إلى العالم " أعلن، الفيزيائي الكبير ألبير إنشتاين، أن منبع النظرية الفيزيائية ليس الواقع ولا التجربة بل إنه العقل الرياضي. إي أن أساس النظرية العلمية هو الاستنباط الرياضي المنطقي وليس الملاحظة التجريبية للوقائع[TEM2] . من هنا لا تكون النظرية هي ما يجب أن يطابق الواقع ويصفه بل على الوقائع أن تطابق القوانين والقضايا الناتجة عن النظرية. فهو يقول:" إنني على يقين أن البناء الرياضي الخالص، يمكننا من اكتشاف المفاهيم والقوانين التي تسمح بفهم الظواهر( ... ) إن المبدأ الخلاق في العلم لا يوجد في التجربة، بل في العقل الرياضي[TEM3] ." ألا يعيد بهذا الطرح، الاعتبار للعقلانية الكلاسيكية؟ كجواب على هذه الاستفسارات، يرى الإبستملوجي الفرنسي غاستون باشلار،أن الثورة العلمية المعاصرة أدت إلى تأزيم العقل التقليدي وتفنيد التصورات التجريبية. فالمعرفة العلمية هي نتاج الحوار الجدلي بين العقل والتجربة: فليس الواقع هو المصدر الوحيد للمعرفة العلمية، كما أن العقل ليس مكتف بذاته كما تؤكد العقلانيات التقليدية. فهو يقول:" ... لا توجد عقلانية فارغة، كما لا توجد اختبارية عمياء. هذان هما الإلزامات الفلسفيان اللذان يؤسسان التركيب الدقيق والحثيث لكل من النظرية والتجربة في الفيزياء المعاصرة[TEM4] ." إن العقلانية المعاصرة تؤكد على جدلية العقل و ديناميته.إنه ليس عقلا منغلقا على ذاته وعلى مبادئه كما أنه ليس ثابتا وليس واحدا في كل مجالات انطباقه، بل إنه منفتح على موضوعاته وعلى الواقع يغير ذاته باستمرار ويعيد النظر في مبادئه لتوافق الوقائع الجديدة.يقول باشلار في نفس المرجع:"لقد أصبح المطلوب الآن، أن يتموضع العالم في مركز بحيث يكون فيه العقل العارف مشروطا بموضوع معرفته." ومن جهة أخرى إن الواقع العلمي في العلوم المعاصرة وفي منظور العقلانية المعاصر لم يعد هو الأشياء الجاهزة والظواهر كما هي معطاة للملاحظة المباشرة، بل إنه بنيات وعلاقات رياضية. إن الواقع العلمي فقد صفته الشيئية والنظرية العلمية هي إنشاء لهذا الواقع وإعادة صياغته علميا. نستنتج إذن أننا أمام إشكالية علمية جديدة غيرت نظرة العلم إلى الطبيعة فلم تعد هذه النظرة اختبارية تجريبية محضة.كما لم تعد العلمية تتلخص في الموضوعية والحياد وتصوير الواقع بل أصبحت للذات وللعقل المبادرة. و من جهة أخرى لقد أدت الثورات العلمية المتلاحقة إلى إعادة النظر في مفاهيم عديدة كمفهوم العقل والعقلانية، ومفهوم الواقع والتجربة، ومفهوم العلم والعلمية... المحور الثالث: علمية النظريات العلمية. ما معيار صلاحية وصدق النظرية العلمية، هل هو الواقع ومطابقة النظرية للتجربة؟ إذا كانت الاتجاهات الاختبارية التجريبية تعتبر أن الواقع والتجربة هما مصدر النظرية العلمية، فإنها تعتبر، نتيجة لذلك، أن الاحتكام إلى الواقع والرجوع إلى التجربة هما معيار علمية أية نظرية علمية. على خلاف هذا، يعتبر بيير تويليي في كتابه "اشتغال العلم ورهاناته" أن هذه التصورات اختزالية وتبسيطية. فالتحقق التجريبي لا يعطي دلائل قطعية على صلاحية النظرية العلمية.ذلك لأن كل تجربة علمية لا تتم إلا بمساعدة نظريات أخرى. ومن جهة ثانية لا توجد نظرية معزولة عن نظريات أخرى. إن التحقق التجريبي،إذن، لا يشكل إلا فحصا من بين فحوص أخرى. فما يضفي قوة على النظرية العلمية، تعدد الفروض والاختبارات التي تخرج النظرية العلمية من عزلتها وتربطها بنظريات أخرى. أما كارل بوبر، فيرى أن معيار" القابلية للتكذيب" أو معيار " التفنيد" هو معيار صلاحية النظرية العلمية. ويعني قابلية كل نظرية علمية "للاختبار". فكل نظرية تبقى صالحة ما لم يتم الكشف عن فروض ووقائع جديدة تفندها. فكل نظرية تنفي إمكانية تفنيدها و اكتشاف العيب فيها هي نظرية خارجة عن مجال العلوم التجريبية. فالنظرية النسبية مثلا، تبرز أنها قابلة للتكذيب وأن عيبها ارتباطها بسرعة الضوء. وتبقى صالحة ما لم يتم اكتشاف مستوى آخر للسرعة. نستنتج وفق هذا التصور، أن صلاحية النظرية العلمية تكمن في قدرتها على تقديم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها وتبرز نقط ضعفها. نخلص من كل ما سبق، أن التساؤل عن صلاحية النظرية العلمية، وما يحيل عليه من تباين في الموقف، يحيل على تبين عن أي علم نتحدث وعن أي واقع علمي. فإذا ارتبطنا بالعلوم التجريبية في صيغتها الكلاسيكية وارتباطها بالواقع كمعطى ، يتضح أن الكلام عن معيار المطابقة التجريبي كمعيار لصلاحية النظرية العلمية، كلام منطقي. لكن حينما ننتقل إلى العلوم المعاصرة والواقع الميكروفيزيائي، يصبح الواقع العلمي بناء عقليا وعلاقات رياضية، فيفقد معه معيار المطابقة التجريبي صلاحيته ووجاهته. خلاصة عامة: إن تأمل تاريخ بناء النظريات العلمية في العلوم التجريبية، يبرز أن هناك تداخلا وتكاملا بين مفهومي النظرية والتجربة،رغم ما قد يشوب علاقتهما من توتر و صراع. إنهما يكونان معا النظرية العلمية التجريبية. فالتجربة ليست مجرد ملاحظة للواقع، ومن الخطأ الاعتقاد أن النظرية تأمل ذهني خالص. و لا وجود لنظرية علمية خالصة، ولا لتجربة علمية مستقلة عن العقل. فعمل العلم وتبلوره هو حوار وجدلية بين التجربة والنظرية، بين الواقع والعقل. لأن انغلاق النظرية على ذاتها هو فناؤها، كما أن انغلاق العقل على ذاته هو عزلته ونهايته. وأخير يمكن القول أن حوار النظرية والتجربة في العلوم الحديثة، ساهم في إعادة النظر في مفاهيم إبستملوجية أساسية: العقل،الواقع، الذات،الموضوع، التجربة، الخطأ، اليقين، العلمية... ************************** الحــقـيـقــــــة تقديــــــــــــــــم: يرتبط مفهوم الحقيقة بالمعرفة كفاعلية إنسانية تتحدد من خلالها علاقة الإنسان بذاته بغيره وبالعالم. ويتحدد مجالها الإشكالي بسعي الإنسان إلى اكتشاف ذاته والغير والعالم وفتح مغاليقها وإزاحة ما أشكل عليه فيها. من هنا يفتح مفهوم الحقيقة على مشكل طرقها ومعاييرها وغاياتها وقيمتها. ما علاقة الحقيقة بالرأي؟ هل الحقيقة معطاة أم أنها بناء؟ما هو سبيل بلوغها؟ فما علاقة الإنسان بالحقيقة؟ ما قيمة الحقيقة ولماذا نرغب فيها ؟ وهل الحقيقة منفصلة عن أضدادها كاللاحقيقة والوهم؟ المحور الأول: الرأي والحقيقة. عادة ما تنادي الفلسفات، ومنذ اليونان، أن طريق الحقيقة مفارق لعالم الحس والرأي. فأفلاطون يرى أن عالم الحقيقة هو عالم المثل. وسقراط يوصي بعدم الاستكانة إلى العادة والتقليد والحس المشترك. فما تعتقد الجماعة أنه حقيقي لا يعني بالضرورة أنه كذلك.فالحكم ، إذن، هو العقل. على خلاف ذلك، هناك من يرى أن الحقيقة ليست حكرا على العقل وحده. فبليز باسكال، يعتبر أن العقل لا يمكنه احتكار الحقيقة، لأن هناك طرقا أخرى لمعرفتها، منها القلب أو العاطفة أو الرأي. فإذا كان العقل أداة لمعرفة القضايا عن طريق البرهنة والاستدلال العقليين، فإن القلب أداة لإدراك المبادئ الأولى عن طريق الشعور والحدس. ويشير القلب عند صاحبنا، إلى قوة الإدراك المباشر للحقائق. فالمبادئ هي الحقائق الأولى التي يتعذر الوصول إليها بالاستدلال العقلي كالمكان والزمان والحركة والأعداد...و عليها يستند العقل لتأسيس قضاياه وخطابه بكامله. إننا نشعر بالمبادئ أما القضايا فنستخلص بعضها من بعض عن طريق الاستدلال العقلي. ولكل منهما نفس اليقين وإن اختلفت الطرق المؤدية إليه. في مقابل هذا الطرح، يرى الإبستملوجي الفرنسي، غاستون باشلار، أن العلم يتعارض مع الرأي. فالحقيقة العلمية لا ينبغي أن تأسس على الرأي لأن الرأي تفكير سيئ بل إنه لا يفكر البتة.إنه يربط المعرفة بالمنفعة، و يترجم الحاجات إلى معارف. إن الرأي عائق ابستملوجي، ينبغي هدمه وتخطيه وإحداث قطيعة إبستملوجية معه. يمكن أن نستنتج أن هناك مفارقة بين الحقيقة والرأي. فقد يبدو الرأي هشا على اعتبار أنه حقيقة خاصة مرتبطة بشخص أو اعتقاد صادر عن الوجدان أو العاطفة أو القلب. وفي المقابل نعتقد أن الحقيقة تكون صلبة حينما تصدر عن العقل. لكن ألا يكون الرأي أكثر صلابة من الحقيقة؟ ألا نؤمن ونركن لما يصدر عن القلب والوجدان أكثر مما نرتاح لما يصدر عن العقل؟ ألا يكون العقل عاجز عن معرفة كل شيء؟ المحور الثاني: معايير الحقيقة. على ماذا يمكن أن تتأسس الحقيقة؟ ما معيار صدقها وصلاحيتها؟ ومن أين تستمد الحقيقة قوتها؟ يعتبر روني ديكارت، أن الأفعال العقلية التي تمكن من بلوغ الحقيقة،هما الحدس والاستنباط.ويعني الحدس في نظره، إدراكا عقليا بسيطا يصدر عن عقل خالص ويقض لا يبقى معه أدنى شك. أما الاستنباط فهو مصدر غير مباشر لإدراك الحقائق يتم من خلاله استنتاج حقائق جديدة من حقائق أولى معلومة من قبل وإن لم تكن بديهية. فالاستنباط يضمن الترابط الضروري بين الحقائق الأولى والنتائج. لذا يربط ديكارت قواعد المنهج بالحدس والاستنباط : فالبداهة ترتبط بالحدس. أما التحليل والتركيب والمراجعة فترتبط بالاستنباط . نستنتج أن إدراك الحقيقة يتم بواسطة الحدس أولا ثم الاستنباط ثانيا. لأنهما فعلان لفحص الحقائق وتمييزها عن الأخطاء، بل هما أساس المنهج المؤدي إلى الحقيقة. أما الفيلسوف الهولندي باروخ اسبينوزا، فيرى أن الحقيقة معيار ذاتها ولا تحتاج لأي شيء خارج عنها. إنها بديهية واضحة تفرض نفسها بوضوحها التام، على النظر ولا يمكن حجبها. إنها في نظر اسبينوزا كالنور بها ينقشع الظلام، وهي بذلك لا تحتاج إلى ما يكشفها أو يؤكدها. ومن ثمة فهي التي تكشف وتضيء جميع الأفكار. إذا كانت الحقيقة تستهدف بلوغ اليقين والإقناع وفرض سلطتها المعرفية، فإن ذلك يطرح مشكل معاييرها وسبل تحقيقها لذلك. فهل تكون كذلك لكونها حدسية أم عقلية أم واقعية. ويتضح من خلال ما سبق أن معيار الحقيقة يتمثل في انسجام الفكر مع ذاته ومع مبادئه من منظور عقلاني. أما الاتجاهات التجريبية فيكون معيارها لديها مدى مطابقتها للواقع. المحور الثالث:الحقيقة بوصفها قيمة. ما قيمة الحقيقة؟هل تستمد قيمتها الفلسفية من ذاتها كحقيقة أم من خلال أضدادها كالتيه والخطأ والوهم؟ أليست للحقيقة قيمة نفعية؟ ينتقد هايدجر التصور التقليدي للحقيقة لأنه يتأسس على مفهوم المطابقة[TEM8] . إنها، في نظره،تتمثل في العلاقة الإشهادية بين الحكم والشيء، فالحكم يشهد ويحضر الشيء أمامنا باعتباره موضوعا. وتنبثق الحقيقة باعتبارها انكشافا للموجود أمام فكر منفتح عليه. و يدل الكشف، من هذا المنظور، عن نسيان ونفي للخفاء. وتكون الحقيقة كانكشاف مشروطة بالذات وحريتها. وإذا كان الأمر كذلك،وبما أن الذات تتحدد من خلال وجودها معالغير[TEM9] .أي من خلال الوجود الزائف الذي يخلقه << الوجود ـ مع ـ الغير >> ال،، هم ،، Le ON ، وهذا الوجود هو نسيان للموجود وانصراف إلى ما هو أكثر رواجا، فإن الحقيقة تكون مشروطة باللاحقيقة والتيه، باعتبار التيه هو ميدان نسيان الوجود. نستنتج أن الإنسان لا يقيم في الحقيقة فقط،بل يقيم في اللاحقيقة وفي التيه كذلك، من هنا لا يمكن للحقيقة أن تشتغل في معزل عن اللاحقيقة. أي أن الحقيقة ليست قيمة مطلقة وليست لها ماهية خاصة معزولة عن ضدها وهو التيه. من منطلقات فلسفية مغايرة، يربط إريك فايل بين الحقيقة والخطاب. فمشكل الحقيقة لا يمكن اختزاله في مطابقة الفكر للواقع، ليكون الخطأ، بالتالي،تعبيرا عن عدم المطابقة بينهما. إن مشكل الحقيقة، في نظر فايل، هو مطابقة الإنسان مع الفكر. ذلك من خلال بناء خطاب متماسك عقلاني يؤسس المعنى وينفي العنف. إن الوعي الصحيح، إذن، لا يتحدد في امتلاك الحقيقة بل في الفعل وفهم الفعل. و قيمة الحقيقة لا تتحدد في تجاوز الخطأ و اللامعنى بل في إلغاء العنف لصالح المعنى. خلاصة عامة: يتضح من خلال ما سبق أن الحقيقة مفهوم إشكالي يحيل علىتفكير الإنسان في ذاته و في العالم والغير. ومن جهة أخرى تحيل الحقيقة، كغاية للمعرفة البشرية، على مفاهيم محايثة لها كالرأي والقلب... كما يحيل التفكير في الحقيقة على مشكل معاييرها. فبقدر ما يطرح الحدس والاستنباط العقلي كأسس لها، بقدر ما يعتبر البعض أنها معيار ذاتها. وأخيرا تحيل الحقيقة كقيمة على التوتر الأنطلوجي بينها وبين أضدادها كاللاحقيقة والتيه والوهم والخطأ و العنف... خلاصة المجزوءة: يتأسس الوجود البشري على نشاط عقلي منتج للمعرفة. وجود لا يتوقف عند وعيه بذاته وبالعالم وبالغير، بل يحاول فهم وتفسير ذاته وغيره والعالم، وغايته في ذلك بلوغ الحقيقة. والمعرفة باعتبارها فعالية إنسانية، تتميز من جهة بالموضوعية، حين تحاول التعامل مع الواقع ومع الظواهر الإنسانية، بمناهج اختبارية تتأسس على التجريب والصياغة الرياضية. ومن جهة ثانية، تتميز بحضور الذات وتجاوز الموضوعية، بحيث لا ينصت العالم للطبيعة بل يسائلها ويستنطقها من خلال اعتماد فروض وكيانات من إنتاج الذات. وإذا كانت الحقيقة في الأولى موضوعية مستقلة عن تدخل الذات، تكون في الثانية ذاتية. من هنا يتضح أنه في مجال المعرفة الإنسانية يصعب وضع خط فاصل بين ما هو موضوعي وما هو ذاتي. ومن ثمة تفترض المعرفة البشرية مقاربة مفتوحة يتداخل فيها الذاتي والموضوعي، العقلي والواقعي، الحقيقي و اللاحقيقي، النظري والتجريبي.... الموضوعالأصلي : -خلاصة مجزوءة المعرفة ----- // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: فارس النجوم
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |