الإثنين 8 يونيو - 20:37:41 | المشاركة رقم: |
عضو نشيط
إحصائيةالعضو | عدد المساهمات : 1169 | تاريخ التسجيل : 13/09/2014 |
|
| موضوع: تحليل مؤلف الريح الشتوية / لمبارك ربيع تحليل مؤلف الريح الشتوية / لمبارك ربيع
القراءة التوجيهية
1) التعريف بالكاتب: ولد مبارك ربيع سنة 1935 في قرية ابن معاشو بضواحي مدينة الدار البيضاء، درس بالمدارس الكبرى خلال المرحلة الابتدائية و الثانوية ثم انخرط في سلك التدريس الابتدائي و الثانوي، حصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة و علم النفس سنة 1975 من كلية الآداب في الرباط، في موضوع "آثار الأسرة و المجتمع في تكوين عواطف الأطفال الذكور"، عين على إثرها أستاذا في نفس الكلية. حصل على شهادة دكتوراه الدولة حول موضوع "مخاوف الأطفال و علاقاتها بالوسط الاجتماعي"، أسندت إليه مهمة قيدوم بكلية الآداب و العلوم الإنسانية ابن مسيك، له مجموعة من الأعمال الحكائية و الروائية نشير منها إلى "سيدنا قدر"، "دموع و دخان"، "الطيبـون"، "رفقة السـلاح و القمر". 2) التجربة القصصية: كانت بدايات مبارك ربيع شأن كل البدايات استهلت بمحاولات شعرية يغلب عليها الطابع الرومنسي لتتبلور بعد ذلك.
تحملت صفية زوجة الحمدوني عبء تربية الأبناء فاضطرت هي الأخرى إلى العمل في معمل السردين مما سبب لها معاناة كثيرة شأنها في ذلك شأن كبور و رفاقه في الكفاح الذين ساهموا في بناء حركة عمالية استطاعت أن تحقق مكاسب هامة كبناء المدرسة على سبيل المثال. و من البديهي أن تتربص السلطة الاستعمارية بالوطنيين و ستشغل أعوانها و تسند إليهم القيام بالتشويش على نشاط الوطن أمثال: سعيد، عمارة البياع و أسفرت المواجهة على سجن كبور و غيره ثم نفيه إلى الصحراء، فاضطرت زوجته هي الأخرى إلى العمل في معمل السردين. و إذا كان القسم الأول يعكس مواجهة فردية (الحمدوني و المستعمر) فإن القسم الثاني يشكل مواجهة جماعية من أجل التحرر و هو الاتجاه العام الذي يسجله رواية "الريح الشتوية".
[*]
المرحلة التحليلية
- 1) منطق العلاقة بين القسمين:
رأينا في القسم الأول أن منطق الفردية هو المتحكم و تنتهي نتائجه إلى السلبية إذ يفشل الحمدوني في استرجاع أرضه بالقانون و يشبهه في ذلك المذكوري الذي أصيب بالجنون، و في مقابل ذلك نستخلص تركيز القسم الثاني على العمل الجماعي و الانتقال بالنضال من القوة إلى الفعل يقود الحمدوني الحدث فيتصدى للمستعمر. أما المرحلة الثانية فتبدأ بصفية من خلال العمل ثم تنخرط المرأة في المقاومة إلى جانب الرجل. إن خضوع الريح الشتوية لهذا التقسيم يعكس في الحقيقة رؤية معينة لمفهوم المقاومة و النضال و كأن الكاتب أراد الاعتراض في القسم الأول على الطريقة التي سلكها الحمدوني فضمن القسم الثاني طـريقة جديدة أكثر فعالية هي العمل الجماعي بمعنـى آخر هنـاك قطيعة مع أسلـوب الحمـدوني و الاستمرارية في النضال بأساليب جديدة و يمكن أن ندرك هذه الوضعية من خلال مكونين تقوم الرواية عليهما: أ- مبدأ الاستمرار: و يقصد بذلك استمرار المواجهة بين المجتمع و الاستعمار، فاحتد الصـراع من أجل التحرر و إثبات الهوية، و يعني ذلك أن الرواية لا تقوم على البناء الحلقي حيث تخلق الأحداث بمجرد انتهائها كأنها مرتبطة بحياة رجلان بل اتجهت الرواية عند القسم الأول لمثلت هذا الخنوع، و بهذا كانت الرواية تعتمد البناء بالمراقي، فالأحداث بقيت مفتوحة لم تقف عند موت الحمدوني إذ أن هذا الأخير ترك وراءه مشكلة الأرض و الأبناء. ب- مبدأ التحول: و نعني بذلك غياب الاستمرارية في أسلوب المواجهة أو في طريقتها حيث اعتمد أسلوبا مغايرا يقوم على التكتل الجماعي تم إلغاؤها و تحويلها من المستوى الفردي إلى المستوى الجماعي و هو ما يتمظهر بصفة عامة في الحركة الوطنية و ظهور التنظيم النقابي و الطبقة العمالية، و لفهم هذه المسألة نقدم التوضيح التالي: - مات الحمدوني و برزت زوجته كطرف يدخل الصراع في إثبات الذات من خلال العمل أي برؤية مغايرة. - مات الحمدوني و ظهر كبور مقاوما من طينة جديدة لا يدافع عن قضية شخصية و لكن عن وطن بأكمله في إطار التنظيم العمالي يتعرض للسجن و النفي و تسير زوجته في المسار العام لهذا التحرر. - مات الحمدوني و عوض بالعالم و السي عبد الفتاح كأشكال نضالية تحمل رؤيا واضحة المعاني، و معنى ذلك كله أن وعيا جديدا حل محل الوعي السائد من قبل.
2) القضايا المطروحة في المؤلف: أ- قضية الأرض: الأرض في رؤية الريح الشتوية محور العمل الروائي، فالاستيلاء عليها من طرف المحتل هو الذي كان وراء هجرة العربي الحمدوني إلى المدينة، و سعيه المتواصل لاسترجاعها هو ما مثل المبرر الموضوعي لنزوح المذكوري، فكلاهما ينظر إلى الأرض نظرة خاصة. تحضر الأرض في العمل الروائي من خلال صورتين: - صورة خاصة: يحكمها إحساس ذاتي فردي بالامتلاك و هو ما نجده عند كل من العربي الحمدوني و المذكوري، فنظرتهما إلى الأرض نظرة ضيقة لا تتجاوز ما سلبه منهما المستعمر، سعى كل واحد منهما لاسترجاع الأرض لكن وقف عند حدود أفق مسدود. فكلاهما لجأ إلى خيار القوة في المرحلة الأولى و كلاهما إلى خيار القانون في المرحلة الثانية لكـن الأول يموت غـريبا عن أرضه و يجن الثاني و لم ينفذ حكم المحكمة. و الأرض بالنسبة إليهما تمثل الوجود و تمثل مبرر البقاء، و هي كذلك كيـان ينبض بالحياة، و هي فوق كل هذا و ذاك قيمة تنقلت من أسر مادي، لذلك فإن العربي الحمدوني يرفض التعويض المقترح عليه مقابل أرضه و إن كان مغريا. - صـورة عامة: يحكمها إحسـاس جماعـي لأن ما ضاع هو أوسـع من أرض العـربـي و المذكوري، إنها أرض الوطن و هو المفهوم الذي نبه إليه المحامي موهوب حينما تحدث عن أرض أوسع و أشمل و هو ما سعى العالم و عبد الفتاح و كبور و غيرهم من الوطنيين الذين كان لهم أمل كبير في تحريره و استرجاعه عبر قناة العمل السياسي. ب- قضية الاستعمار و مظاهر اضطهاده و استغلاله: تقدم رواية الريح الشتوية صورا مختلفة للممارسة الاستعمارية التي طبعت الاحتلال الفرنسي بالمغرب، و يمكن إجمال هذه المظاهر فيما يلي: - مصادرة الأراضي الفلاحية و ذلك بالإكراه أو الحيلة أو التزوير. - إلحاق كثير من المغاربة بصفوف الجيش الفرنسي قصد الدفاع عن المصالح الفرنسية في بقاع العالم. - فرنسة التعليم بالمغرب و إخضاعه لمناهج التعليم الفرنسي و برامجه. - الموقف من العمل النقابي، و كان ذلك من خلال طرد العمال أو شق صفوفهم لإحداث التفرقة أو بمنع العمل النقابي، و ربطه بالعمل النقابي الفرنسي. - انتهاج سياسة التفرقة و تمثل ذلك في سعي الفرنسيين إلى ترحيل سكان الكاريان إلى جهات مختلفة سيدي مومن، ضواحي المحمدية. - إضرام النار تخويفا و إرهابا و دفعا بالسكان لقبول الإقامة العامة. - اعتقال الوطنيين و نفيهم (نفي كبور و رفاقه إلى الصحراء). - تشويه صورة العمل الـوطني من خـلال تشويه صورة الوطنيين، فهم مجرمون و مفسدون و مشاغبون ينشرون الرعب و الفوضى. - الإبادة الجماعية و القتل. ت- تجليات العمل الوطني و صوره في رواية الريح الشتوية: شهدت ساحة العمل الوطني مشاركة فئات مختلفة من أبناء الوطن و تنوعت تجلياته في الرواية لتتخذ صورا و مظاهر مختلفة كان أبرزها ما يلي: - إنشاء مدرسة الحي التي مثلت فضاءا تمت فيه تربية النشئ تربية وطنية، كان من نتائجها محاولات جلول ولد حدوم قتل عمارة البياع و قبله كتابة ابن صفية المناشير بإيعاز من عباس كما مثلت بديلا وطنيا لما سعى المستعمر لإقامته من مدارس. - اللجوء إلى العمل الجماعي المنظم لتأطير الفعل النقابي و الاستعماري قصد مـواجهة المحتل و هو ما استدعى إبداع أشكال نضالية مختلفة مثل كتابة المناشير و عقد الاجتماعات. - إعادة تفعيل الدين في نفوس المغاربة يمثل منطلق المـواجهة ضد الاستعمـار (دور العـالم و السي عبد الفتاح). - تقليص كمية الإنتاج بالمعمل وسيلة من وسائل الضغط و شكل من أشكال المقاومة. - التضامن الاجتماعي مع كل من لحقه ظلم المحتل من طرد أو إحراق. - تنظيم حراسة ليلية تطوعية قصد إفشال أية عملية إحراق. ث- عوائق العمل الوطني في الرواية: قد اعترضت العمل الوطني عوائق عدة مثل الاستعمار بقواه و وسائله و إمكانياته العائق الموضوعي فيها أما العوائق الذاتية الأخرى فيمكن إجمالها فيما يلي: - الانهزامية و الخوف و التردد و هي سمات طبعت سلوك كثير من الأفراد. - الخيانة: و قد جسد السلوك في الروايةبجسد سعيد أخو صفية الذي تحول من مقاوم في قريته إلى عنصر بياع و هو سلوك لم سثر الكبار بل أثار حتى الصغار الذين نعتوه و لقبوه راس الغول و عمارة البياع التي أحرقته حدوم زوجة بن الصغير بعدما قتل ابنها جلول. - الفردية في التعامل مع القضايا يعكس ذلك سعي كل من العربي الحمدوني و المذكوري في حركتهما من أجل استرجاع الأرض كما يعكسها موقف بعض العمال.
- ج- الوعي الوطني و الديني في الرواية:
إن المرجعية الوحيدة التي تقدمها الرواية مؤطرة بالفعل الوطني المقاوم للاحتلال الفرنسي هي المرجعية الإسلامية عمل على تجاية معالمها و إبراز حضورها في الوعي و السلـوك كـل من العالم و السي عبد الفتاح، العالم كان يظهر عمله من خلال الحلقة و المسجد و لقاءات البيوت عمل على جمع الناس و تحقيق التواصل بينهم و توحيد قوتهم و تنبيههم إلى ما يحاك ضد الوطن، و السي عبد الفتاح الذي أكمل ما بدأه العالم و فتح للوطنيين آفاق وعي جديد تمثل أساسا في المعمل من خلال تحريض العمال على الاضرابات و النقص في الإنتاج، كما تمثل في اتساع دائرة الحماس الوطني إلى الناشئة الذين أسهموا بدورهم تجاه الوطن بعدما احتضنتهم المدرسة و بذرت في نفوسهم الروح الوطنية. ح- صورة المرأة في الريح الشتوية: تقدم الرواية عدة النماذج النسائية تقرب من خلالها طبيعة حضور المرأة في مغرب الأربعينات، فمن صفية زوجة العربي إلى عائشة العرجاء و حدوم و الغالية. و غيرهن من النماذج النسـائية كشف من خـلالها مبارك ربيع عن أنماط من الشخصيات تباينت في مـواقعها و مـواقفها و اختلفت من حيث تفاعلها مع الأحداث و المواقف، و يمكن التمييز في هذه النماذج بين نموذجين أساسيين: أ- النموذج المقاوم: و تمثله صفية زوجة العربي و الغالية زوجة كبور، فكلتا المرأتين قاومت قساوة الحياة بعد وفاة العربي و نفي كبور، و كلتاهما لم تخضع لصوت الجسد و لا لإغراءات عائشة العرجاء رغم ضغط العسار المادي عليهما و يمثل موقفهما من سلوك سعيد و رفض صفية الذهاب معه لتعيش في بيته مظهرا من مظاهر عدم الرضا بما يقوم به سعيد و يتوج هذا الموقف المقاوم لقساوة الحياة و لهيمنة الاحتلال و ظلمه بإحراق حدوم لعمارة البياع. و قد نهجت المرأة في هذا المجال سبلا نضالية تمثلت أساسا في الصبر على ظروف الاحتلال و قساوة الحياة و العمل على مواجهة هذه الظروف بالتربية الوطنية و للأبناء ثم المشاركة في العمل الوطني. ب- النموذج المستسلم: و تمثله عـائشة العرجاء، فرغم حالات الطيبوبة التي تعتريها بين الفينة و الأخرى فإنها تنهار في مواقع كثيرة منها تحويل بيتها إلى وكر من أوكار الدعارة إبان الحرب العالمية الثانية، و محاولة جلب حدوم بنت صفية بالرذيلة بدعوى تعليمها الخياطة. بنات حدوم اللائي خضعن لغواية عائشة العرجاء و عاملات المعمل اللائي يرتقين بوسائل دنيئة. و بذلك تقدم الرواية شخصية المرأة في بعديها المتقابلين النموذج المقاوم المتعفف و النموذج المستسلم الساقط. خ- الشخصيات في الرواية: لا يكتسب الحدث قيمته إلا بفعل حضور شخوص تسهم في بناء الحدث و بلورته و تناميه، قد استحضرت رواية الريح الشتوية شخوصا تنوعت مواقفها و مواقعها و اختلفت آراؤها، إذ منها الرئيسية التي مثلت محور الحدث و منها الثانوية التي أسهمت في إضاءة الحدث أو إضاءة جوانب من حياة الشخصيات الرئيسية أو حفزتها على نهج سلوك معين، كما أن هذه الشخصيات تقدم إضاءات لبعض مكونات الواقع الاجتماعي التاريخي، و هكذا نجد في المستوى الأول كلا من العربي الحمدوني و صفية و كبور و عبد الفتاح و موهوب، و نجد فـي المستـوى الثـاني كلا من عـائشة العرجاء، و الغالية، و أحمد المزابي و المذكوري و الحاكم الفرنسي. يمكن الوقوف على شخصيات عابرة مثل: الترجمان و بذلك تكون الريح الشتوية قد قدمت نماذج مختلفة نشير منها إلى ما يلي:
- 1) نموذج الشخصية الوطنية:
انطلاقا من أن رواية الريح الشتوية تراهن على رصد حالة المواجهة بين المحتل و القوى الوطنية فإنها حفلت بمجموعة من النماذج الوطنية تفاوتت من حيث اختياراتها النضالية و مواقفها من قضية الأرض. و يمكن تحديد هذه الشخصيات و توزيعها وفق الصورة التالية: أ- النموذج المرتبط بالأرض ارتباطا ذاتيا: و قد مال هذا الاختيار إلى تحكيم الذات و الرؤيا الفردية المعزولة عن حلم الجماعة و يمثل هذا النموذج كل من العربي الحمدوني و المذكوري و بذلك فإن هذا النموذج يجسد الخيار الفردي الراغب في استخلاص ما أخذه المحتل عبر القوة أولا ثم عبر القانون ثانيا و هو خيار لم ينتهي إلا بالفشل و ذلك لفساد المنطلق. ب- النموذج المحرر الثائر: تسوق الرواية خاصة في القسـم الثاني منها بعض الشخصيات التي قـامت بوظيفة التحـرير و الثتوير و التنوير (العالم، و السي عبد الفتاح) الأول صاحب تكوين ديني حاز من المعارف الكثيرة التي أهلته لتأطير الجماعات الشعبية في الحلقات و المساجد و البيوت و ذلك قصد إيصال الفكرة إلى قلوبهم و عقولهم لينهضوا بالدور التاريخي المنوط بهم و تحكم العالم مرجعية دينية إسلامية مثلت الخلفية العقدية للحركة الوطنية. أما عبد الفتاح فتتسم مرجعيته بالتنوع تجمع بين السياسة و الاقتصاد و الفلسفة صاحب رؤية متفتحة و طريقة متميزة في شد الانتباه إليه شاب وطني مفعم بالحماس فتح عيون الجماهير على ضرورة العمل الوطني و نبهها إلى وسائل نضالية جديدة مثل كتابة المناشير و المدرسة الحرة ثم العمل النقابي و النقص في الإنتاج. ت- النموذج النقابي المناضل: و تجسده في الرواية كبور أنشأ نواة من العمل النقابي لمعمل السكر مما مثل عاملا رئيسيا اتوحيد كلمة العمال و الضغط على الإدارة عبر تدني مجموعة من الصيغ النضالية منها التقليص من كمية الإنتاج مما دفع بالمسؤولين إلى فصله أو عزله من العمل لينشئ بعد ذلك خارج المعمل الإطار الخاص بالعمل الوطني، لاحقته قوى الاحتلال فسجن و نفي بعد ذلك إلى الصحراء، و قد عرف هذا النموذج نكرانه للذات و واقعيته في نضاله و صبره. ث- نموذج الشخصية المستبدة: و يحضر هذا النموذج من خلال الصور التالية: أ) نموذج المستغل: و يتمثل في مجمـوعة من الشخوص سيطـرت على القـرار السيـاسي و الاقتصادي في الوطن و من أولئك الحاكم الفرنسي monsieur Arno، و بذلك يتكامل عمل الطرفين مع، فمن امتلك سلطة القرار السياسي لعب دورا في تهجير البدو من قراهم ليسهل على الإقطاعيين من الفرنسيين أمر الاستيلاء على الأرض و ليسهل على أرباب المعامل في المدن من الفرنسيين الاستفادة من اليد العاملة الرخيصة. ب) النموذج الإقطاعي المغربي: لقد تحركت فئات الإقطاعيين و كبار الملاك المغاربة في فلك المستعمر فاستفادت هذه الفئة من سياسة التهجير التي مورست في حق الأهالي و بذلك سطا جزء منهم على أراضي المهاجرين مقابل تعاملهم مع قوى الاحتلال وضعتهم على مخازينهم و ممارساتهم المقدم ابراهيم.
- ت) النموذج الخائن: و يحضر في الرواية كذلك من خلال الزعيم أخو صفية و عمـارة البياع و لقد سخر المحتل فئة عريضة من ضعاف النفوس استغل حاجتهم فجندهم لخدمته. علي انتقل من وضعية المناضل الذي واجه المحتل في القرية إلى الاشتغال بالسرقة و السوق السوداء بعدما انتقل إلى المدينة إلى مشغل بالمزبلة و السوق السوداء لينتهي إلى متعاون مع المستعمر و بذلك يكون قد خان ثراته النضالي و أحرقه. شخصية تتميز بالجرأة و الاحتيال و حب المال و الانتهازية، و بذلك فإن العلاقة بين النماذج يطبعها التقابل و الصراع كما يمكن التمييز في هذا الإطار بين الشخصيات المساعدة ساعدت إلى إرجاع الأرض بمعنى ضيق كما يفهمه العربي الحمدوني أو بمعناه العام (الوطن). من هذه الشخصيات المساعدة العالم و السي عبد الفتاح و المذكوري و المحامي موهوب، أما الشخصيات المعارضة التي حالت دون استرجاع الأرض (الحاكم، الأعوان، الخونة، أبناء السلطة).
أما القوى الفاعلة فيقصد منها كل المؤسسات التي ساهمت في تطوير الأحداث كمؤسسة الأحداث و فعل الهجرة و الأرض ثم الأحاسيس و المشاعر التي تمثل قوى فاعلة في تطوير أحداث الرواية مثلا، حب الوطن في مقابل كره الاستعمار إذن القوى الفاعلة في هذه الرواية هي كل الأطراف التي ساهمت في دورة الأحداث و تخليقها و نمائها. أما العلاقات في النص فهي الروابط التي تجمع بين الشخوص، و يمكن حصرها فيما يلي: - علاقة القرابة: مثل التي جمعت بين صفية و سعيد. - علاقة قبلية: تجمع بين شخصيات ينتمون إلى قبيلة واحدة، و قد كان هذا الشعور بالانتماء قويا خاصة بعد الهجرة إلا أنه يتلاشى هذا الإحساس لاختلاط فئات اجتماعية متنوعة و تنتظم في آصرة جديدة، قد جمعت العلاقة القبلية بين كل من العربي، كبور، صفية، غالم. - علاقة الاستغلال: و يمثلها المستعمر و أرباب العمل. - علاقة ابتزاز: و تظهر خاصة في علاقة المستعمر بالأهالي حينما سعى لابتزاز أرضهم بشتى الوسائل، و يظهـر ذلك فـي سعي الـرجال لابتزاز النسـاء كتلك التـي جمعت بين سعيد و المستعمر و هي نفس الشبكة السابقة. - علاقة تضامن: كذلك نجد هذه العلاقة من خلال نماذج إيجابية يحكمها التضامن كالذي حدث بين سكان الكاريان عندما أحرقت براريكهم ثم كذلك تضامن العمال فيما بينهم داخل معمل السكر مع كل من تعرض للطرد. - علاقة الكراهية: كتلك التي جمعت بين الاستعمار و المواطنين ثم بين الوطنيين و الخونة.
[th]القسم الأول[/th][th]القسم الثاني[/th] البطولة الفردية | البطولة الجماعية | يتكون هذا القسم من 13 فصلا تتراوح بين الطول و القصر و أطول فصل فيها هو الفصل الثالث | يتكون هذا القسم من 20 فصلا أقصرها هو الفصل الأول | يمثل البطولة الفردية كل من العربي الحمدوني و المذكوري و يمثلان نموذج البطل السلبي | يمثل البطولة الجماعية كل من يحمل عاطفة تربطه بالوطن. نموذج السي عبد الفتاح و العالم | ينظر هذا النموذج إلى الأرض نظرة نفعية ضيقة | ينظر إلى الأرض في البعد العام الواسع (الوطن) | على مستوى القنوات لم تتحرك البطولة الفردية في قنوات سليمة (القوة و القانون) | جميع القنوات التي تحركت فيها البطولة الجماعية تختزل القنوات السياسية (إضرابات، تجمعات، نواة نقابية) | على مستوى الموقف المرسل كان الكاتب يرفض التعامل مع الأرض كشيء | على مستوى الموقف كان الكاتب يمجد التعامل مع الأرض كقيمة |
• المكان في رواية الريح الشتوية: تتعدد الفضاءات في رواية الريح الشتوية و تتنوع بتنوع حركة الشخصيات و يمكن التمييز في فضاءات الرواية بين مكانين أساسيين: أ- القرية: هو فضاء شكل منطلق الهجرة كذلك فضاء النهب و السطو على الأراضي من قبل الحاكم و أعوانه، و هو مكان لعشق الأرض و التعلق بها و استرخاص النفس دفاعا عنها و هو فضاء التلاحم و التآزر الذي نقف عليه في المدن الكبيرة و هي موطن الجمال و هي الملجأ الذي هرع إليه الناس بعد الحرب العالمية الثانية. ب- المدينة: و هي مدينة الدار البيضاء فضاء القرية و الاقتراب فضاء احتوى المهاجرين موزع بين براريك لا يحد البصر مساحتها، تشبه المستوطنات تظهر فيها مظاهر الأزمة إبان الحرب العالمية الثانية هي فضاء المعاناة و أفران معامل السكر التي تصهر أجساد العمال (المهاجرين). - المعاناة المادية و المعنوية: السكن الغير اللائق –استغلال العمال –سوء التعامل معهم، و رغم ذلك فقد شكلت المدينة بؤرة تشكل الوعي الوطني الذي انطلـق من فضـاء العمـل النقـابي و السياسي ثم من خـلال طبيعة العلاقة التي تجمع السكان (علاقة الغربة و علاقة المصلحة) و قد كان نمط الارتباط بين السكان داخل المدينة امتدادا لطبيعة العلاقة السابقة. - داخل فضاء المدينة تتواجد فضاءات جزئية نقتصر منها على ما يلي:
- 1) فضاء الكاريان: فضاء اجتماع المهاجرين أغلبهم يشتغلون بمعمل السكر و معمل السردين، مما هيأ له أن يشكل قاعدة عمالية انطلق منها العمل النقابي و السياسي سعت قوى الاحتلال لتشتيت ساكنته عبر إضرام النار أو الترحيل أو عبر التقتيل.
2) فضاء المدرسة: فضاء أنشئ داخل الكاريان بمبادرة من السي عبد الفتاح أنشأت هذه المؤسسة على غرار المؤسسات الحكومية التي تصرف البرامج الفرنسية و في هذه المؤسسة تشكل الوعي العربي الإسلامي لقيمة الوطن و هي الفضاء الذي كان يتجمع فيه الوطنيون. 3) المعامل: فضاء انتهاك العربي الحمدوني و هو باختصار تعدد أوجه الاستغلال، و هو فضاء نشوء العمل النقابي الذي سيربط بالعمل السياسي. فضاء المعمل هو فضاء التحقت به صفية بعد وفاة العربي الحمدوني و الغالية بعد نفي كبور. 4) فضاء المحكمة: فضاء لم يتحقق فيه مبدأ العدل و المساواة فضاء لم يحقق طموحات المظلومين، فضاء تم فيه الحكم على المواطنين باعتبارهم مجرمين أو فوضويين إضافة إلى ذلك هناك فضاءات كثيرة تندرج تحت فضاء (ابن مسيك، درب غلف، القريعة، درب السلطان، المدينة القديمة...).
• الزمن في رواية الريح الشتوية: يمكن التمييز في زمن الرواية بين ثلاثة أزمنة هي: أ- الزمن المرجعي: و هو الزمن الخارجي الذي يؤطر أحداث الرواية، و لا تشير الرواية إلى ما يمكن القارئ من تحديد هذا الإطار التاريخي بدقة و ذلك من خلال تحديد السنوات مثلا، و لكن يمكن إدراك هذا المستوى الزمني انطلاقا من إشارات متفرقة عبر الرواية مثل الحرب العالمية الثانية و دخول الأمركيين إلى المغرب، نهاية الحرب العالمية، و لا يتوقف الإطار الزمني المرجعي عند هذا الحد بل امتد إلى ما بعد 1945، و هو الزمن الذي يمثل بداية العمل الوطني م1 م2 م3 م4 م5 ↓ ↓ ↓ ↓ ↓ سلب الأرض الهجرة العمل في المعمل موت العربي الحمدوني نشوء الوعي الوطني
التراخي و التباطؤ: من سمات الزمن السردي أنه زمن بطيء و هي سمة تطبع جل الأعمال الروائية لمبارك ربيع، ترتبط هذه السمة أساسا بتمطيط الكاتب للأحداث و هو الأمر الذي يمكن تجاوزه إذا ما اختزلت الرواية في فصول محددة. الانقطاع: فالزمن السردي لا يسير في حركة خطية واحدة بل إنه غالبا ما يقطع و ذلك إلغاء للملل الذي قد يصيب القارئ بفعل توالي الأحداث وفق تناسق تتابعي، و هكذا لتدخل أدوات سردية مختلفة لتكسير خطية زمن السرد، و ذلك مثل الوصف و الاسترجاع و الاستباق. ج- الزمن النفسي: و يمكن التمييز فيه بين محطتين زمنيتين و هما على التوالي: - الزمن الانتظار: و من أمثلة ذلك: انتظار العربي الحمدوني. انتظار المذكوري أن ينفذ الحكم لصالحه. انتظار الوطنيين استقلالهم. هذه النماذج من الانتظار السلبي كان لها وقعا نفسيا سيئا لدى الشخوص. - زمن العودة: و هو زمن الحلم الذي يسكن شخصيات من أمثال: العربي الحمدوني و المزابي و كبور العودة إلى الفضاء الأم. الرؤية السردية هي رؤية من الخلف ذلك أن السارد ملم لكل أحداث العمل الحكائي و بتفاصيله و جزئياته، كما أنه على علم بالتحولات النفسية الدفينة التي تعتمد داخل ذواتي شخوص الرواية. و يلجأ مبارك ربيع إلى تقنية التناوب السردي، فتارة يكـون السـارد محـايدا ينقل الأخبـار و الأحداث و يتعقب التحولات النفسية العميقة للشخصيات، و تارة يكون مجسدا لصوت المستعمر. إضافة إلى السرد المباشر يتم اللجوء إلى تقنيات سردية غير مباشرة منها:
- أ) الحوار بنوعيه:
- التواصل بين الشخصيات. - العمل على تنمية البنية الحكائية. - تشخيص أحوال الشخصيات و مواقعها، فالحوار يكشف في الرواية عن مواقف الشخصيات المختلفة. و يتسم الحوار في الرواية بالقصر لأن السياق العام للرواية هو سياق توثر و صراع و من ثم جاءت الحوارات الخارجية مختزلة و قصيرة، أما بالنسبة للحوار الداخلي الذي تجريه الشخصية مع ذاتها وظيفته الأساسية هي الكشف عن خبـايا النفس و ما يتفـاعل داخل كـل شخصية من نـوازع و ميولات. ب) الوصف: لقد تركز الوصف على المكان (كاريان سنطرال) و كذلك الشخصيات إلى ذلك من خلال وصف شخصية عائشة العرجاء و شخصية سعيد. ج) الاسترجاع: و هو تقنية سردية يتم اللجوء إليها خاصة لتكسير خطية الزمن السردي و لدفع الملل عن المتلقي. د) الاستباق: و هو استحضار احتمالات حديثة قد تقع مستقبلا خارج حدوث زمن السرد.
المرحلة التركيبية 1) اللغة و الأسلوب في رواية الريح الشتوية: تتقاطع داخل الخطاب الروائي عند مبارك ربيع عدة مستويات لغوية و أنماط أسلوبية مختلفة، و يمكن حصر ذلك كله في الصور التالية: أ- التهجين: و يرتبط بتنويع المستويات اللغوية داخل الخطاب الروائي، و تتمثل هذه المستويات فيما يلي: اللغة العربية الفصحى: و هي اللغة المحورية في بناء النص الروائي توظف مع مراعاة المستويات الفكرية و الثقافية و الاجتماعية و النفسية للأطراف المتفاعلة داخل النص. العامية: و توظف في المتن الحكائي بطريقة مكثفة ليترسخ بذلك ما تمت الإشارة إليه آنفا للبعد الواقعي التسجيلي. (الواقعية لأنها رصدت مجموعة من الأحداث الاجتماعية ارتبطت بالهجرة و المعاناة و قساوة الحياة في كريان سنطرال). التسجيلية لأنها وثقت في مرحلة تـاريخية فتحضـر العامية خـاصة في الحوارات الـداخلية و الخارجية، بل اعتبرها مبارك ربيع مكونا رئيسيا في السرد. اللغة الفرنسية: و هي لغة تحضر بشكل محتشم و باهت و لا توظف إلا في سياقات حوارية و قد عكس حضورها و مزاحمتها للعامية و العربية قوة حضور الأجنبي في الواقع و في الوعي الاجتماعي. اللغة الشعرية الإيحائية: و هي لغة تتراوح بين اللغة المباشرة و اللغة الرمزية، و هي تؤدي وظيفة تواصلية تحضر خاصة أثناء السرد المباشر لأحداث الواقع و تتحقق لأدوات منها: - التشبيه، الحكم: تخترق الرواية بين الفينة و الأخرى استعمالات حكمية يبتعد باللغة عن مستواها العادي إلى المستوى الإيحائي مكسرة بذلك رتابة الحدث و خطية السرد. - الرمز: و يمثل بدوره وسيلة من الوسائل التي تمنح اللغة إيحائيتها، من أمثلة ذلك: الحديث عن الكرمة التي نشب عنها الصراع مع المكلف و كان سببا في هجرة العربي الحمدوني و سعيد إلى المدينة. - أنماط أسلوبية: تضم الرواية مجموعة من النصوص الأدبية و الشبه أدبية التي تفاعلت مع النص الأصلي و ناهضت بوظيفة أساسية هي خلق المغايرة و التنوع داخل الخطاب الروائي، و من هذه الأشكال نذكر: أ) الرسالة: رسالة المقدم ابراهيم إلى العربي الحمدوني ثم رسالة موهوب إلى العربي الحمدوني. ب) الشعر العامي أو الزجل: الأغنية التي ترددت في صفحات 30، 31، 33، 42. ت) الأمثال: كثيرا ما كان مبارك ربيع يضمن متنه أمثالا ترتبط بالسياق و بالدلالة، من أمثال ذلك "ما دوم شدة مايدوم رخا"، "ما في الهم غير اللي يفهم"، الحاجة اللي ما تشبه مولاها حرام"، و هي أمثال في مجملها مستحاة من الذاكرة الشعبية المغربية. تحضر الحوارات الخارجية خاصة قصد تدعيم آراء الشخصيات و مواقفها. ث) الأساطير: يوظفها مبارك ربيع في محطتين اثنتين هما على التوالي: أساطير أجنبية ثم أساطير عربية مثلا راس الغول الذي قتله السيد علي، و هو توظيف ذكي من الكاتب للأسطورة الشعبية. ج) القرآن الكريم: و يتحقق التواصل معه بخلق المغايرة و التنوع داخل الخطاب الروائي عبر مجموعة من الاستعمالات. تلك هي الأنماط الأسلوبية التي حضرت في الرواية و خلقت تنويعا داخل النص، فانطلاقا من هذه الدراسة للرواية يتبين أنها تحركت بالاتجاه الذي حقق للنص ما يعرف بالتناوب الحكائي. *ما هي الوظائف التي يحققها التناوب الحكائي في رواية الريح الشتوية ؟ فالاتجاه الأول اتجاه حكاية العربي الحمدوني و ما حدث له حتى نهايته، و هو اتجاه يقدم الحل الفردي و يسعى لتجاوزه و قد اتسم تعامل الكاتب مع هذا المستوى الحكائي بالواقعية. أما الاتجاه الثاني فهو مسار المقاومة الوطنية رصدها الكاتب منذ مراحلها الجنينية إلى طور التكوين و النضج (كتابة المناشير، التجمعات، تأسيس المدرسة الحرة) و التركيز على هذا الجانب هو ما دفع النقاد إلى وسم رواية الريح الشتوية بسمة الرواية التاريخية التسجيلية، إلا أنه ينبغي التنبيه إلى أن مفهوم التاريخية لم يحضر بشكل حرفي إنها تجمع في تعاطيها و تعاملها مع الـواقع بين التوثيـق و التصرف الإبداعي القائم على التخييل.
|
| |