جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: فنون منوعة |
الأحد 31 مايو - 19:29:33 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: مسرحية شهادة البكاء في زمن الضحك مسرحية شهادة البكاء في زمن الضحك . د .المنظر " ساحة يمتد منها شارع ذو رصيف .. إلي اليمين حوانيت ومقاهي ومنازل متواضعه ، وإلي اليسار عمارات شاهقة تعطي ظهرها للمكان ، وفي نهاية الشارع الممتد قصر ضخم ذو أسوار عالية ، يحيط بها الحراس ، المكان خال .. لا أحد يمر ، تظهر العرافة أو (ضاربة الرمل) وتنظر حولها في المكان". العرافة : ( في استغراب ) لا أحد هناك ! (تصرخ) أصرخ في المدينة المستسلمة – لعلها تبصق ساكنيها – أدور في الساحات والشوارع ، أنفخ في الحفائظ المرة والضغائن – لعلها تدفع من بينها ، فتي يرحمني من جسدي الجوال ، بين السؤال والسؤال ... أصرخ فيكم ... أصرخ في المدينة الملعونة ، لعلها تخرج رأسها من معطف الترقب المهزوم ، لعلها تقوم ، وتشرئب كي تأكلني ، حتي يجيئها سيف مغامر بضربة ، في الرقبة ، يطيح بالرقبة. (يبدأ الناس في الظهور بالتدريج – تحاول الاقتراب منهم وهم كالسائرين نياماً) أراك يا مدينتي أضحية تنتظر السكين ، لكن .. ويا للأسف .. ظل الناس ، أقفيه مدبوغة .. بالصفع وكأن الرأس حذاء للأقدام. (ظهر (الشاعر) سائراً مائل الرأس محاذراً – تقترب منه (العرافة) تحاول أن تستوقفه بعد أن ازداد عبور الناس) العرافة : ماذا بك يا ولدي ؟ لماذا تمشي هكذا .. مائل الرأس .. محاذراً ؟ الشاعر : (متوجساً) أري عيون الشرطة السرية ، تلمع من وجه إلي وجه ، تنسكب الوجوه في الشوارع الخلفية ، كل قفا وراءه عينان تحرقان ظلمة النخاع ، تسألان عن هواجس الهوية وإرثنا المكتوم بين الشفة الخرساء ، والشغاف ، وعن حوارنا الضائع بين البحر والضفاف ، وعن توهج الزواج بين الحمأ المسنون والشرارة الكونية ، أري عيون الشرطة السرية. (يظهر بعض رجال الشرطة قادمين من ناحية القصر الضخم من ذوي البزة اللامعة) يحاول (الشاعر) أن يختفي بعيداً في أحد الأركان ، تسرع إليه العرافة في حنو). العرافة : ماذا بك؟ لماذا تسير مائل الرأس محاذراً في الطرق المشبوهة؟ الشاعر : يطاردني العساكر والمصابيح الضبابية فجئت مفزعاً .. قد خانني قلبي .. أقتات من جهامه الصوت وعقم رجعه لقمتي المكروهه ، أؤمر في كل تقاطع أن أخذ المداخل الفرعية .. العرافة : من أنت يا ولدي ؟! الشاعر : أنا شاعر.. أطرح في كل قصيدة علي مشرحة الأسئلة اللئيمة ، أُسأل في خلقتي المعوجة القويمة، أُسأل عن تهرباتي في طرق الرعب ، ورعبي في طرق العصر وعتمه الرؤي وغيبه الفكاهة .. العرافة : فماذا تريد مني؟ الشاعر : خذي عني الجراب الفارغ المقطوع ، هبيني كسرة من خبزك الأخضر ، هبيني كوبه من مائك الدموي يعشب لونها في أضلعي الجوفاء .. فأنا علي منابر الفقر طعمت من أرغفه التخويف (يحيط رجال الشرطة بالشاعر – بينما يتراقص بعض الشباب اللاهين وترتفع موسيقاهم الصاخبة من ملاهي الأثرياء) شرطي (1 ): صراخك يزعج الجميع – اصمت . الشاعر : العالم الذي أقام ليلة المأتم ماله يرقص في سرادق الجرائد المحنطة ؟! والجبل الذي تطعمنا كنوزه برادة الحديد .. ماله يجتذب السفائن الممغنطة (تتعالي الضجة والأصوات المختلفة) القصص المستسخفات ، والقصائد المعادة ، والناقد الأبله والمعلم الجرارة – أقيسه منُتجة في منطق البلادة ، وأقسم لكم أني سوف أموت غيلة ، وأني سأبدأ العبادة ، وأخذ الصفرة من وجوه الكارهين كي أفرشها سجادة. شرطي (1): أنت لست بشاعر – أنت متسول حقير . الشاعر : لو كنت شاعراً يا سادتي الحاضرين لاغتسلت في أحرفي قوالب الأشياء ، ولانفلتت يدي المخبأة – بين السطور – فجأة ، وصفعت أقفية القراء. شرطي (2): ما هذا النحيب في حفلنا السعيد؟! الشاعر : أنا احترفت في قصائدي قافية التأبين .. أفتل مشنقات ، أحفر مقبرات ، ألطم خدي أمام هودج العرس الذي يقام حينما تنتحر العروس .. شرطي (1): أنت لست بشاعر – أنت نكرة .. الشاعر : لو كنت شاعراً لمت جائعاً في الشارع المضاء (سرح بعيدا) لو كنت شاعراً يا قريتي البعيدة لانتحرت قصائدي كراهة للأوجه السعيدة أو هربت حروفها من غيهب الجريدة ، وطعمت صداقة الهواء ، لو كنت شاعراً لأخترت أن أمر في مزالق الأعراف. لكنه السياف .. لكنها تجارة الأصداف ، لكنها خيانة اليدين ، وراحة الضمائر المبررة – لكنه تخبطي في الكون والفساد. شرطي (2) : كفي .. أنت لست بشاعر .. الشاعر : لو كنت شاعر ، ما أنغرست خطاي في محابر الرماد – لكنني أموت .. تشنقني قصائدي في خيط عنكبوت .. شرطي (1): مازلت تكذب وتتحايل وتزعجنا بكلماتك السخيفة .. اعترف .. من أنت أيها المرائي؟ الشاعر : أنا اليتيم – جئتكم مضيعاً ، وجائعاً مفزعاً ... طعامكم يقتلني ، والجوع في جبلتي يبعثني .. الجوع شارتي ولقبي ... علامتي ، أمجاد أبائي ، قبيلتي ، ونسبي . شرطي (1) : عد إلي قريتك أيها القبيح ، وأسعي.. وراء حمار السباخ ، )يضحك الجميع إستهزاء( الشاعر : )لا يأبه بضحكاتهم) الجوع في القري معشوشب يخضر في حشائش الجداول .. يصفر في السنابل .. يسود في لفائف الأطفال والوجوه .. يبيض في حفائر المقابر .. يطير في قزح الأصائل المطيرة . (يخرج بعض الفقراء من الحواري – ينظر الشاعر اليهم ، ويشير إلي الجميع) الجوع في المدينة .. يصفر في انسكابة الجدائل .. يخضر في المزابل .. يسود في حدائق الأسفلت والسكوت ، يطير في شوارع الزجاج والأحجار ، ملونا في الصحف الفقيرة ، معطراً بما يفوح من جوارب الأموات في الظهيرة .. شرطي (1) : ماذا تنتظر – عد إلي جحرك يا بليد .. الشاعر : إتسلي بانتظار الكذب الأسود أن يفقس في عش الصحيفة .. بين شعب كل من فيه قميئ ونبات متطفل .. فأراهم يسجدون ثم يمضون فرادي ، يلتقون .. بين أسنانهم الخوف لجام حجري ومقاود .. فإذا هم يضحكون ، ويحيلون الدم النازف والموتي حكاية ، والمآسي نكته ضاحكة ، والرعب خيلا من خيول الثرثرة ، العرافة : (بحنان) لا تخف يا ولدي. الشاعر : ارتعدت مفاصلي من خوف أن أخاف وأنا أنظر زيف الشعراء .. كلما ضجوا تدلوا في طريق المجزرة .. يبنون من الشعر توابيتنا ، ومن زيفه القوافي مقبرة ، أنتظر حتي أري الشعب المخادع .. كلما أغرق في الضحك تدلي رأسة ، وتري الأرض اللعينة فرغت من ساكنيها. (يدخل شاعر (2) (متأنق – تلمع ملابسه ، ويتجاوز رجال الشرطة ، ويتقدم لدخول القصر ، فيستوقفه شرطي (1) وشرطي(2) شرطي ( :(1)كيف جرؤت هذه اللحظة أن تمر عبر بابنا المحرم ؟ شرطي (2): (تعال) لا أنت من طينتنا ولا علي ثوبك شارة الدخول ؟! شاعر ( :(2 أنا مسافر مغترب .. غسلت طينتي في مطر الفصول – أرقص في الأعراس (يتراقص كالبهلوان). شرطي (1): (للشاعر) هذا شاعر حقيقي – قل له من أنت؟ شاعر (2): أنا مسافر أدخل البوابة الممنوعة وشارتي قصائدي الطيعة المطيعة ..(للشاعر) لا تلمني. فأنا علي منابر الفقر طعمت من أرغفة التخويف، وأمتضغتني طرق الرعب فجئتكم بالقلم الأليف ، وأمتسخت ملامحي التوقعات والخيبة والتسويف فجئتكم أفتح صدري علي هواء العالم الكثيف .. مُسمراً علي حوائط النذالة – تتبعني مواسم السخرة والزيف لقاء حفنه من النخالة .. تربطني في وتد الربا ، تطلقني في حافر الرغيف .. الشاعر : أما أنا فشاعر يخوض زحمه العالم بين مهده ولحده – تسأله الأشياء ، في وجهة يلبس كل شئ عباءة القضاء .. ففي الزمن المرعب كل لفظة شهادة، وكل سكتة شهادة ، يرجمنا الكفر – تميتنا العبادة ، يرفضنا المزدحم المليئ والخلاء – فقد حاكمني الصباح ، حاكمني المساء ، طرحت بين حجة الصمت وحجة الغناء ، وانكشفت تحت شموس الفقر سؤاتي ، وغلقت منافذ الأمام والوراء ، وأحترقت عريضة الدفاع في مواسم البيع وفي كهانة الشراء. العرافة : يا ولدي .. في زمن الجوع تسمن الأقفية المفلطحة ، وتملأ الجرائد المملحة بالصور البذيئة. )في الخلفية في ساحة القصر ترقص أجساد عارية في صخب( العرافة : في زمن الجوع تغلق الشوارع المفتحة بالجثث المطوحة ، وتستنير المدن القميئة بالأنجم النحاس والأهلة الفضية الصديئه . )يتحسس رجال الشرطة الرتب التي علي اكتافهم( الشاعر : (يتوجه إلي شاعر (2) كيف نجوت ؟! إذ دخلت الطرق التائهة الغريبة ، وأفلتت رأسك من حوافر الخيل ، ومن خناجر الظلمة والرطوبة ! كيف لم تسقط بك القنطرة الواهية الرهيبة ؟! كيف لم يغلق عليك العالم الحائط ؟! كيف لم تغرق بك الجزيرة – المنفي ؟! ، ولم تسقط عليك السدم – الأعجوبة؟! شاعر (2 ): تركت في منقطع اليأس رواحلي ، شربت من ساقيه الدماء في دواخلي ، أكلت ما أبقته لي النيران من سنابل ، وجئتكم أظلع في توافه الهموم ...أجمع باقتي من شجر الزقوم – أنشد في مدائح الفحول ، أو أنشد المرثية التي أعددتها لكل مأتم ، أو أسكب النبيذ للذي يدفع من عصارة الدم .. حنجرة أنا لكل نابح وصاهل وشاحج .. للندب .. للطبول .. مؤتمن علي الحريم .. عالم في شجر الأنساب أو في كيمياء الجنس للعنين والأكول .. ادخل في المدائن المدخولة الأصول أجعلها طاهرة في كتب النسابة العدول .. أدخل .. متخماً بالطبع ... في أزمنة المجاعة .. أجعلها حديقة مثمرة (تحرك في المكان بشكل استعراضي) أو غيمة ممطرة (ينظر إلي السماء في غرور) في كتب التاريخ والشريعة.. العرافة : (الشاعر (2 ) : استر وجهك الموصوم عنا . الشاعر (2 ) : حاولت أن أجمع باقتي من شجر الزقوم وأخصف من أشواكها دراعة تسترني عن وجهي الموصوم .. فكيف لي أن أبتعد عن الغنائم المقسمة ، وأغيب عن المحالفات والتواصلات والمساومة !؟ (ينظر اليه العسكر والبعض بإعجاب). الشاعر : يعلمونك من أول الصباحي حتي إحالة التقاعد شحذ ملكات الحرص والمساومة ، ويعلموننا كيف نتفنن في استغفال جارنا في قبضة من الملح وعلبة من الثقاب ... نعرف من طبائع النمل ومن طقوسنا الكلبية كيف نواري وجهنا الأجرب كي نأخذ – بالمجان – دخينة أو كوبة من الشراب .. نظل عمرنا نحلم بالسفر إلي بلاد النفط والجمارك المفتوحة والأرؤس الفارغة المحشوة بالرمل والملوحة ، والشبق الغبي والمراهم الجنسية ... (يتجه للعرافة متسائلاً) أيها العرافة .. لماذا خلت أرضنا من مكان لنا؟ لماذا خلا العالم الرحب من موطئ للقدم؟ العرافة : (تغني مع المجموعة) جادك الغيث إذا البرق رمي رمحه بين الضحي والغلس.. فأحال الصمت ناراً ودما .. شاعر (2 ): يا عرافة .. غناؤك لا يبهجني .. العرافة : (تغني) سدد السهم فاصمي أذرعي .. طائر الخوف وعصر العسس ، وأحال البرق أطلال الحمي .. بئر نار في هشيم اليبس شاعر : (2)أيها الشاعر الكئيب افتح نوافذك وابتهج يا حزين. الشاعر : أفتح الآن زجاج النافذة – فإذا بنا نرفع في المحافل شاره وعلامة لقدوم (ظلمائيل) مد كفيه إلي جميزة الحزن القديم .. في دمي هز الفروع .. فارتمت منها وريقات الدموع ، وأقبل الموت بوجه وقناع ... ضمني وهو يغني بالوداع لزمان اليأس بالأندلس. شاعر (2): أعوذ بالله من أشعارك وغنائك ... الشاعر : أعوذ بالشعر من الجنون ، لولاه ما كنت ولا تفتحت مشارط الشمس بأمشاج الرؤية في العيون ، لولاه ما تكورت وانبسطت جوانب المهجور والمسكون ، لولاه ما انتحرت تحت مطر الدهشة بالصمت أو الخيانة. شاعر (2): حيرتني .. من أنت ؟! الشاعر : أنا أيوب .. العرافة : (تغني) في ليلة عرسك يا أيوب ، سيحط علي مئذنة الصيف قمر ثلجي مصلوب . في ليلة عرسك يا (أيوب) سيحط (البوم) علي صفصاف الليل ، ويطير الصقر الأسود في التبانة ، فتفر نجوم الليل من غير مدار في .. ليلة عرسك يا أيوب سيساق إليك الهودج مطويا من غير عروس .. ستمد اليك موائد لا يعمرها غير السوس ، وسيرقص في محفلك جراء الصيف ، وتموء القطط الليلية .. في ليلة عرسك يا أيوب ستزف وحيدا معصوب الرأس ، وتفاجأ فوق سرير العرس ، بالعتمة والصمت الثيب. شاعر (2) (للعرافة) : كفي نحيباً يا بومة الشؤم .. هذا شاعر خائن .. عدو للوطن .. الشاعر : أنا فزاعة الطير بأرض الفقراء .. كنت في قلب العراء واقفا ، يستألف الطير ذراعي – الخشبة ، وكرات القش في رأسي الغريب المستباح ... كل يوم بيضه تفقس في أعشاش أحزاني مدينة ... كل ظل عابر ينبت في وهمي كوي للحس والرؤيا وأصواتي السجينة ، وأنا أسمع في الظلمة صوت العابرين ... فأري عورة أحزاني تعرت ... أنحني ، أسقط ، أرمي للفضاء الأسود غربان الأغاني .. أكتب جوعي رغيفا ورمحا وشمساً أخبئها في قميصي. شاعر (2 ): نسيت بلادك يا خائن الوطن. الشاعر : فلتنسجي كفني يا بلادي .. ليست بلادي بلادي ، كانت تحل ضفائرها تحت ألوية السبي ... تنثر ابناءها في نسيج الشوارع ، وهذي النعوش المليئة مسبحتي ، ودمي طالع في عروق الشمس. شرطي (1): ( يتدخل في غلظة) أنت مثير للبلبلة ولابد من اعتقالك. العرافة : )تتدخل مع المجموعة في غناء( آه يا ليلا زجاجي العيون .. اطفئ الآن عيون الحرس .. علني أهرب في نعش الجنون .. هرب الطين بجذر النرجس. الشاعر : أري عيون الشرطة السرية تلمع من وجه إلي وجه ، أري عيون الشرطة السرية .. أنا في الرغيف الخميرة ، في السوق سر الربا ، في كنوز الصبايا قشعريرة ، وأنا فيضان الكلام المؤجل .. أتحول في النهر دوامه من حجارة.. باسم من أكتب.. والليل أمامي كتب مصفوفة، والشعب لا يقرأ .. شاعر (2): الكئيب مسكين .. لا يعرف كيف يضحك .. الشاعر : أضحك في مأتم المدينة .. مكذباً مناقب الموتي ، ورافضا مدامع الأحياء .. مستعدياً تاريخها الوالغ في الدماء )يتقدم ستة رجال متأنقين فيرحب بهم شاعر (2)فيشير اليهم في فخر وكبريا) شاعر ): (2)للشاعر) هؤلاء هم الرجال الوطنيون بحق .. الشاعر : هؤلاء ! كانوا أربعة بصاصين وجلادين .. (يشير إلي الأول) ممثل متهدل السمنه يلمع سالفة من تحت الصلعة .. ، وهذا .. لص الأشعار الضائع في أوهام قزامته ، يتخلل لحيته بأصابع من دخان الشيشة أو لفتات وقاحته الهشة .. كان الثالث ... من تسع سنين – يسمع أو ، يتشمم وقع خطاي .. بقامته الفارعة المشدودة ، والعينين الجاحظتين وأرنبة الأنف الذئبية ... رابعهم جرو مفروق الشعر ، خفيف ، ينصت ، في ركن منفرد من أرصفه المقهي ، يغوي ، الشعراء المبتدئين بسمت بلاهته المندهشة ، وهذا الإنسان الثرثار ، مجدور الوجه ، ثقيل الشفتين ، يتحدث منه دثار فوق دثار ، فتقول عباءته خطبا ومواعظ كونية ، تتفجر منه المزق التحتية ، ثرثرة ملأي بالأخطاء النحوية ، وأنا مطروح تجرف قلبي النار .. العرافة (تتدخل) : دعك منهم يا ولدي شاعر (2): (متحدياً) من أين أتيت يا نكرة ؟ الشاعر : أتيت اليك من سفر إلي سفر ، تركت جوادي المهزول فوق قناطر القرية ، وجئت اليك مرتعشاً خلال شوارع المدن ، ركبت عواصف الطرقات ، وأستلقيت في السفن (مخاطباً العرافة) وأعرف أن عينيك المغرغرتين بالرحمة، ستمتلئان بالقمر المجنح آخر الصيف ، وتنسكبان في ضعفي. العرافة : (تغني) من الذي يركض في البرية – في جيبه فطيرة الرمل ، وفي لسانه أغنية منسية ... من الذي يركض في البرية – يركض مرة ضبا ومرة خرافة – يصير هامة تصرخ أو مجاهدًا يرفع بيرق العرافة ، أو رقصة في ساعة مخيفة ، بندولها يقتل إذ يذهب في الفضاء أو يبُعث إذ يُحيي !! من الذي يركض في البرية ، منسلخاً من لحمه النيئ ، هاربا من دمه المختمر المحموم، مستقبلاً في وجهه حوافر النجوم. الشاعر : أعضائي هي الأرض الوسيعة ، والخليفة قبضة من طينتي ، والناس أبنائي .. ألبستني القري عريها معطفا وأساور طينية من مجاعاتها ، وهبتني قبيل رحيلي زواده من مواويلها ، والبكاء .. برجلي خفان ، أبوابها موعد للبكاء وأعتابها غربة تترجل في وطن الروح ، والثأر أحصنه جمحت تحت شمس الشراسة ... ألقت بفرسانها في جرار من الماء والنار ، والنهر بالجثث الطافية ، وكل القري انتظرت جثث الميتين بعيداً ... فهل يفتح النهر أبوابه في سواعدهم .. فهل يجيئون ..هل ؟! شاعر (2): أنت إذن – خائف .. فلماذا تدعي الشجاعة ؟! الشاعر : أيها الخوف – الأب .. الخبز الصديق لو جئت في عباءة الهزيمة .. فأفسحوا طريقي ... ففي جيوبها دفاتر الجريمة ، وبومة الكبريت والحريق .. (رجال الشرطة يحيطون بالشاعر فيتفرق الجميع في خوف ما عدا (العرافة)) العرافة : (تشير للهاربين) وجوه مدبوغة بصفرة الشمس المعتلة ، وغبار الأحذية ، عيون تختلط فيها حمرة بصفرة براووق البن المتخثر ، ولا يشبهها شئ إلا عيون الكلاب الميتة في مجرور النهر ومستنقعات النتن الدهري – كأن (خنوم) رب الخلق الخزاف الذي يشكل الحياة .. ذلك المعبود ذو رأس الكبش والقرنين والذي خلق الإنسان من طمي النيل .. كان يدخرها في فواخيره الأزلية ، حرسا سرمدياً لفراعنة كل الدهور ، وسوي رب الخلق (خنوم) الخزاف .. لا ألهة هناك !! الشاعر : (يشير إلي رجال الشرطة المحيطين به) خمسون عاما ... كنت شاهدها الضحية ، والمقاود جررت فولاذها الريح العفية ، عسكر الثوار ، حفارو القبور ، المخبرون ، نخاسة الأفكار في الزيف الأجير ، كتائب من سرايا الأمن ، تبدأ ركعة الموت المعاد علي ربوبيات لاظوغلي ، ونهش الكهرباء علي المحاصم والمحاشم. العرافة : (تحاول إعادة الهاربين من المكان) هيا ارجعوا ... كونوا شهود عدل (لا يرد أحد) مجد ولا شرف ، والشعب تحت عراء العار يرتجف !! قد يسلم الترف المأبون في زمن ديوثة الصحف ، ما أنت تحت سياط الكهرباء وبين القيد والظلمات السود ... تعترف ... إن الكلاب ملوك والملوك دمي ، والأرض تحت جيوش الروم تنجرف ... كل المماليك العتاة الأقدمون المحدثون ، يتنزلون خلائفاً من ظلماء الجوع والفوضي .. (يتم تعذيب الشاعر علي أيدي رجال الشرطة) العرافة : (من بعيد) كلب في علو البغل يقعي ، أخر في ، هيئة الوحش الخرافي اشرأب. الشاعر : بسم الله ، بسم الإنسان في طرقات الطاعة ، والمشبوح الكلمة في أحزان القلب ، بسم اللعنة والمغضوب عليهم والضالين ، أبتهل إلي الكلمات – الحرية، والإيقاع الطعنة ، والفاصلة الحادة كالسكين ، أن تقطع ما يربطني بالإنسان ، أن تجعل مني ذئباً يعوي في ظلمات الوحشة والبرية ... وأعوذ بالرفض وبالقصيدة ، من نعمة الرضا. شرطي (1): (زاجراً إياه) أين كنت بالأمس ؟ الشاعر : كنت أقاتل شبح الطاغية القابع في كل ضمير ، والملوك المتخفين بأسمال اليتامي الضائعين ، وعروش الفقراء الخونة .. العرافة : ويا إنسان ، بقايا من خشاش الأرض أنت ، وشائه الخلقة ، يطاردك العساكر والقناديل المسائية ، فتضرب تائها من مهدك الثلجي لللحِد ، دماؤك ليس تخضر ، وأرضك لم تفجر ماءها بئرا ، وطول الدهر لم تثمر شجيرات الدم المغدور عنقوداً من الغضب ... (تخرج من الزنزانة وتبحث في كل مكان حولها وتهرول في كل ركن – بينما الآخرون يسترقون السمع من خلف الأبواب ، وينظرون إلي الخارج في رعب) (وتتحول الخلفية إلي عيون وآذانّ في هلع). العرافة : (صارخة) شعب (خنومي) ، وجيش مشتري من صيد نخاسين ، والباشا يقدم في رطانته جلائبه ، الطواشي ، القضاة ، المخبرين ، السادة الخصيان ، أعيان التسول ، جلجوت المنبريات الزواني ، البزرميط المدعي .. درع عن الشرف المفتت ، والسيوف مباعة كي يملك الغرب الرقاب ، هذه كانت حدود العبقرية في المكان ، سجين وجلادون ، أدوار (الخنومبين) ما بين الهزائم والزرائب ، في الأرض من أقصي غوايات القناصل وابتياع السيف حتي الموت في ختل الكلام ... (تتجه إلي زنزانة الشاعر).. هل كل مجدك يا (خنوم) ؟! هذي الدمي الفخار تذروها الهشاشة في رياح السجن والتعذيب من جيل لجيل (يتحول المنظر إلي زنزانة التعذيب) الشاعر : وطن السر الذي يطلع مني ، خطو في تاريخه ، رأسي فضاء انجمه ، لحمي علامات النجوم، وطيور البر، إذ تأكل لحمي وتطير ، وجعلت لحمي تاجا ، جعلتني ملكاً تمتد من تحتي حدود المملكة .. العرافة : (تحنو علي الشاعر المقيد تحت نير التعذيب) كيف احترقت نفسك يا شاعر حتي أصبحت حفرة نار في الجحيم ، وأنا علمت أجدادك روح الرب في (الكلمة) ، وأسرجت من أخيلة الرؤيا براقا، ثم فتحت من الدهشة والنشوة معراج ذهول!! الشاعر : أنا أكتب جوعي مظاهره تستحم بدمع الشوارع .. تكبر تحت الهراوات .. تدخل أروقة السر، تحلم بالثورة الغامضة . العرافة : (تخاطب رجال الشرطة في رجاء) من يمنح الحجر المخبأ تحت ذاكرة الطفولة (صهوة) ، أو في (قرابات) البيت الأليف .. غير القصيدة ؟! الشاعر : القصيدة – من سواها ، حين يداخلها الحجر ، متكشفاً عن وجهه الحجري ثم يقيم فيها ! العرافة : متي تعبر تلك الهوة با فتاي . ؟ الشاعر : الهوة التي يحفرها الإنسان ، بالصمت والكآبة ، بالصوت والكتابة ، وباقتسام الأمر بين شارة السيد أو مقاود العبيد ، الهوة التي تمتد – كي تضيق ، متي يعبرها الإنسان !! شرطي (1): (في غلظة) سندفنك هنا حيا .. العرافة : إلي جوار النهر ادفنوه الشاعر : أيها النهر انتظرني ، واتخذ جمجتي عشا ، وخذ من جسدي الحي دفاترك .. خذ يدي واكتب بها في الرمل (شكواك) القديمة ، خد لساني بومه تنعب في ليل الهزيمة ، خذ دمي حبرا وأعراقي دواة وأنتشلني من سهوب اليأس وأطرحني علي رجليك رغوة .. العرافة : (في حيرة تتساءل) ماذا تفعل يا فتاي .. هل اقتربت النهاية ؟! الشاعر : أنا ..، أرسم الطقوس ، دمي علي جبهتي ، عيناي رمح مغمس في الشموس! وفي ضلوعي جعبة للسهام ، والأرض من تحتي حصان شموس ، والبرق خبز شعائري ، والأفق طيرا الغمام ، وسكتي حلم طائف بالرؤوس ، فأبدأي – معي – مع الشعب – رسم الطقوس. العرافة : لهفي عليك يا فتاي .. الشاعر : ظلي علي الأرض ممدود يراوغني .. هذا أنا – فمن انحلت مفاصلة – أرخي يديه علي كتفي ينهدل ؟ هل كنت أحمله حتي أفر به عبر التواريخ، والغربان شاهدة أن التواريخ مجلي القتل .. مجزرة في إثر مجزرة ؟ العرافة : (لرجال الشرطة) دعوني أغُسله وأكفنه بيدي. شرطي (1): (يمنعها) دعينا ننهي الأمر في هدوء ... (يمارسون مهمة الغُسل) الشاعر : هل تسمعونني ؟! أصرخ تحت ماء الغسل خائفاً من كفني. لا تربطوا يدي .. لا تقيدوا أقدامي ... فربما أهرب في الظلام ، ولا تقيموا مأتمي .. فإنتي المطلوب بالثأر لكل صرخة وقطرة من الدم .. العرافة : (ترثية) وأنت أيتها الأرض ، ويا أيها الموت أنت بارد .. لكنه كان سيدك .. ستنال الأرض جسده .. أما روحه ففي السماء .. النهاية الموضوعالأصلي : مسرحية شهادة البكاء في زمن الضحك // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: عاشقة الورود
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |