" الجنيبن " للأطفال " الجنيبن " للأطفال .
إنَّ هذه القصَّة َعلى صغرها من ناحية ِ عددِ الصفحات فهي رائعة ٌ وتثقيفيَّة ٌَ َومسليَّة ٌ للأطفال وللكبار أيضًا . وللولوج ِ إلى عالم ِ الطفل ِ وكتابة ِ أدبٍ وعمل ِ فنيٍّ لهُ ليسَ بالأمر ِ الهيٍّن ِ والسهل ، لأنَّ الكتابة َ للأطفال ِ لها مواصفاتٌ وشروط ٌ خاصَّة وبحاجةٍ إلى خيال ٍ وفانتازيا أدبيَّة . وكاتبتنا " سعاد بولس – دانيال " ُتعتبرُ الكاتبة َ الأولى والرائدة َ في هذا المجال ِ على الصعيدِ المحلي ( في نظر ِ الكثيرين ) ، فقد درستْ موضوعَ أدبِ الأطفال وعلم النفس الإجتماع ، وتعرفُ كيفَ تتعاملُ مع الطفل ... وماذا تكتبُ وتقدِّم ُ لهُ من مواد وأشياء ضروريَّة لتكونَ كما الحليب بالضبط لغذائهِ َونُمُوِّهِ ...ولكن ليسَ جسديًّا فقط ... بل فكريّاً وعقليًّا ونفسيًّا وعاطفيًّا وتوجيهًا وسُلوكًا بيبن أهلهِ وأسرتهِ ثمَّ بينَ مجتمعهِ ومحيطهِ الأوسع فيما بعد . فكاتبتنا سعاد دانيال عرفت كيفَ تدخلُ وتتوغَّل إلى عالم الطفل البريىء والجميل . فلديها خيالٌ وفانتازيا أدبيَّة ولديها أيضًا بناءٌ هورموني لصياغةِ الكلمات وعندها يكتملُ الإبداعُ كليًّا .. فقصصُ الأطفال التي تكتبها والموجَّهة إلى الطفل ِ مباشرة ً تكونُ استفزازيَّة نوعا ما وتحريضيَّة وهي وتربويَّة وتثقيفيَّة ، فاستطاعت الدخول إلى قلب الطفل وأن ترى في عينيهِ وتحلق َ في خيالهِ وتوجِّهَهُ وتقودهُ نحوَ النور والمسلك ِ الصحيح ِ ليكونَ الشَّاب الواعي والحكيم والقائدَ الواعدَ مستقبلا ً . وأسلوبُ " سعاد دانيال " الكتابي في هذه القصَّة " الجنين " تُتوِّجُهُ باللجوءِ إلى نقطةِ البدءِ في مثلثِ اهتمامها ( الجنس ) كبارًا كنا أو صغارًا ، وجاءت قصَّتُها ( الجنين ) التي نحنُ في صددها قفزة ً نوعيَّة ً أخرى ، وإضافة ً إبداعيَّة ً مميَّزة إلى نتاجِها الأدبي لتترعَ وتثري مكتبة َ الطفل ِ الفلسطيني التي تفتقرُ كثيرًا إلى هذا النوع ِ من الأدبِ الرائع والقيِّم . وفي قصَّة ( الجنين ) يقومُ ويدورُ عنصرُ الحوار بينَ الطفل " سامي " وأمِّهِ الحامل التي على وشك ِ الولادة ، وكانَ يسأل ُ أمَّهُ دائمًا عن الجنين ( الطفل لذي في بطنها ) ومتى سيخرجُ إلى النور ويكبر ويلعب معه . ففي هذه القصَّة تحاولُ الإجابة َ على أسئلةِ معظم ِ الأطفال الذين يزدادُ فضولهُم في توجيهِ الأسئلة لأمَّهاتِهِم عندما يكنَّ حواملَ عن الجنين والولادة . فتعطي دروسًا تثقيفيَّة ً بيولوجيَّة ً ثمَّ ُتظهرُ شغفَ الطفل ِ وانتظارهِ لأخيهِ الذي سَيُولدُ قريبًا ورُؤيته ... ثمَّ فيما بعد مشاركتهُ في لعبهِ لأنهُ بحاجة ٍ إلى زميل ٍ وتربٍ يشاركهُ ألعابَهُ وفرحَهُ وحياتهُ الطفوليَّة البريئة . ولكن بعد َ ولادةِ الأخ ( الطفل المولود حديثا ً ) وفي مراحل نشأته وترعرعهِ يكون اهتمام ُ الأهل ِ إليهِ ُمكثَّفا ً ( للطفل ِالقادم حديثا ً ) ويخفُّ ويضمحلُّ اهتمامُهم واعتناؤهم لولدهِم ( شقيقه الأكبر سنًّا ) ... وهذا ممَّا يؤدي إلى زيادة ِ غيرتهِ من أخيهِ ويشعرُ بالإهمال ِ وبالإجحاف وبظلم ِ الأهل ِ لهُ ... وهذا الشُّعورُ ينتابُ معظم الأطفال . فكاتبتنا ( سعاد ) استطاعت الدخولَ إلى عالم ِ الطفل ولِفكرهِ وخيالهِ وقلبهِ وصوَّرتْ بالضبط ورسَمت بالكلماتِ ما يُحِسُّ وما يفكِّرُ وما يريدُ منِ أمور ِ وأشياءٍ في هذهِ الحياة . فجسَّدتْ عوالمهُ ومحيطهُ بكتاباتها ، لأنها درسَت نفسيَّتهُ وفهمتها بشكل ٍ واسع وعميق ، كما أنها بحدِّ ذاتها إنسانة ٌ شفافة ٌ مُرْهَفة ُالحِسِّ فنانة ٌ بريئة ٌ تحملُ براءة َ الأطفال وتحبُّ مساعدة َجميع ِ الناس وتهتمُّ لمصالحِهم ونجاحِهم وسعادتهم . فبراءتها من براءة ِ الأطفال ، وشفافيَّتها ورومانسيَّتها من رومانسيَّتِهِم وعالمِهِم الملائكيِّ الشَّفاف والإنساني المثالي . وكما أنها في كتاباتِها تعطي للطفل ِ الثقافة َ والعلمَ والتفكيرَ والتأمُّلَ وتعلمهُ العديدَ من الأمورَ الحياتيَّة َ الهامَّة َ التي كانَ يجهلها ... وذلك بأسلوبٍ قصصيٍّ سهل ٍ جميل ٍ وجذ َّاب يتفهَّمُهُ الطفلُ بسهولةٍ من خلال ِ منهاج ِ وسرد ِ القصَّة ، ولكن " سعاد " تحافظ ُ في قصصِهَا على المستوى الفني والفكري وعلى اللغة ِ والجمال ِالبلاغي ، فقصصُهَا تصلحُ للكبار ِ وللصغار ِ ولا يوجدُ عندها أيُّ نوع ٍ من ركاكة ِ اللغة ِ والألفاظ ، بل لغتها سليمة ٌوفصحى مئة بالمئة وجميلة وساحرة ودافئة ( السهل الممتنع ) ولها قيمة ٌ أدبيَّة ٌ وتربويَّة ٌ وأبعادٌ فكريَّة ٌ وثقافيَّة ٌ وفلسفيَّة ٌ وحكميَّة ٌ . فنجحت في معالجة ِ هموم ِ الطفل ِ ومشاكلهِ وقضاياه وفي الدخول ِ إلى عوالمهِ وتسليتهِ وتعليمهِ وتربيتهِ والأخذ بهِ نحوَ النور والضياءِ والطريق الصَّحيح والسليم في الحياة ومضمارها على جميع ِ الأصعدةِ : الإنسانيَّة ، التربويَّة ، والأخلاقيَّة والعلميَّة . كما أنَّ الكبيرَ يستفيدُ ويتعلَّمُ من قصصِها ويقرؤُها بشغفٍ وحبٍّ . فأسلوبُ " سعاد دانيال " مُمَيَّز ٌ ومنفردٌ ورائدٌ ورائعٌ في هذا المجال ِ ، ولا يوجدُ كاتبٌ محلّي يُضاهيها في هذا اللون الأدبي " قصص الأطفال " فهي بحقٍّ وحقيقة ٍ الكاتبة ُ الأولى في أدب ِ الأطفال ( قصة وشعر ومقالات وخواطر ... إلخ ... ) على الصعيد المحلي - داخل الحط الأخضر - ، ولكن لأسبابٍ عديدة لم تأخذ حقَّهَا من الشُّهرة ِ والإنتشار ِ ، كما يجب ، محليًّا ، مثلا ً : لأنها إنسانة ٌ مبدئيَّة ٌ وملتزمة ٌ وطنيًّا وقوميًّا وانتماءً وعروبة ً وتعتزُّ بهذا الإنتماء . كما أنها صادقة ٌ ومبدعة ٌ في كتاباتِها التي على مختلف ِ أنواعها ُتذكي الشُّعورَ الوطني والقومي في نفوس ِ الجماهير ِ العربيَّة ِ في الداخل ِ والخارجِ وتعمِّق ُ فيهم الوعيَ الثقافي والإنساني والأممي الشامل ، وربَّما لأسباب ٍ شخصيَّة أيضًا من قبل ِ بعض ِ الأطر ِالإعلاميَّة . وكما أنَّ هنالك جهاتٌ إعلاميَّة ٌ عديدة ٌ تعملُ محليًّا بوسائل مختلفة في التشويش والعرقلة ِ والتعتيم على كلِّ عمل ٍ أدبيٍّ وثقافيٍّ فلسطينيٍّ رائد وتقدّمي إبداعي ذي طابع ٍ قوميٍّ يحملُ رسالة ً مُثلى لخدمةِ الشَّعب الفلسطيني عامَّة ًوالأمَّة َ العربيَّة َ وجميع القضابا الإنسانيَّة شاملة ً ، والتعتيم على أصحابهِ ورُوَّادهِ . وأنا ، شخصيًّا ، وهنالكَ العديدُ من الزملاء الكتاب والشعراء المبدئيِّين المبدعين والوطنيين القوميِّين المخلصين واجَهُوا الكثيرَ من التعتيم ِ المُبَرمَج والمقصود والتشويش على أدبهِم وانتشاره . وأنا دائمًا أعتبرُ الأديبة َ والصديقة َ والأمَّ المرحومة ( سعاد بولس - دانيال " أم زاهر ") ليست فقط الكاتبة َ الأولى محليًّا في مجال ِ أدب الأطفال ، بل كتاباتها في هذا المضمار ُتضاهي ما ُكتِبَ على صعيدِ العالم العربي ( في الدول العربيَّة ) ، وعلى الصَّعيد العالمي أيضًا.... فتستحقُّ كتاباتها ( الشِّعريَّة والنثريَّة والقصصيَّة ) أن تترجمَ للغاتٍ عالميَّة . وأنا ، بدوري ، لقد قرأتُ الكثيرَ من الأدب العربي والعالمي – والمترجم ، وخاصَّة ً أدب الأطفال ، ووجدتُ أنَّ بعضَ الكتاب ِ العالميِّين في أدب ِ وقصص ِ الأطفال لا يتفوَّقونَ أو يتميَّزونَ عن كاتبتنا ( سعاد دانيال ) من ناحيةِ المستوى الفني والأدبي والبعدِ الثقافي والتربوي ، بل هي تتفوَّق ُ على بعضهم مستوًى وإبداعًا ورسالة ً إنسانيَّة ً أمميَّة ً مثلى وسامية ً . ولكن لأسبابٍ عديدةٍ ( كالمذكورة ِ أعلاه ) حالت دونَ انتشارها وشهرتِها عربيًّا وعالميًّا . وربَّما تسنحُ الفرصُ والظروفُ مستقبلا ً وتصلُ كتاباتها وقصصُهَا إلى جهاتٍ عربيَّة ٍ ُمتفهِّمة ٍ للأدبِ والفنِّ على مستوى مسؤول فتهتمُّ بإنتاجها الكتابي وترجمتهِ ونشرهِ وليصلَ إلى معظم المؤسساتِ الأدبيَّة والثقافية ووسائل الأعلام العالميَّة فيأخذ حقهُ منَ الشُّهرةِ والإنتشار العربي والعال