جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: قسم البحوث :: منتدى الطلبات والبحوث الدراسية |
الأحد 17 مايو - 12:22:34 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: مظاهر التجديد في القصة القصيرة بالجزائر مظاهر التجديد في القصة القصيرة بالجزائر مظاهر التجديد في القصة القصيرة بالجزائر - مخلوف عامر المقدمة تعد القصة القصيرة فنا حديثاً في الأدب العالمي بالقياس إلى فنون أدبية أخرى. وهي بالنسبة للساحة الأدبية الجزائرية أكثر حداثة. وهناك ظواهر تميز القصة الجزائرية القصيرة جديرة بالاهتمام والدراسة ولعل من أبرزها: 1-انتشارها منذ الاستقلال بشكل يفوق -كميا- بقية الأنواع الأدبية وهذا الانتشار يثير عدة تساؤلات: هل مصدره سهولة كتابة القصة القصيرة أم استسهالها أم التمكن من نشرها في الصحافة بشكل سريع؟؟ 2-كثيرون من الذين تحمسوا لكتابة القصة القصيرة في بداياتهم، أخذوا يهجرونها إلى كتابة "الرواية". 3-إن لنشأة وتطور القصة الجزائرية القصيرة علاقة بالتربية الثقافية والأدبية الجزائرية، وعلاقة أخرى بالمحيط العربي والمشرقي منه خاصة. "فهل نمت في التربة الجزائرية حقاً؟ وخرج القصاصون من "معطف" (أحمد رضا حوحو) أم أن كتابنا كانوا أكثر صلة بما يفد إلينا من الأدب العربي المشرقي؟ تلكم الظواهر والتساؤلات كانت من الدواعي التي جعلتني أختار بحث هذا الموضوع لعلي أتوصل -بعد غربلة هذا الإنتاج القصصي الكثير- إلى الوقوف على مظاهر التجديد فيه. ذلك لأن البحوث الجامعية والكتب التي عالجت موضوع القصة القصيرة في الجزائر، إما أنها نحت منحى تاريخياً وصفياً مثل: كتاب القصة الجزائرية القصيرة) لـ "عبد الله خليفة ركيبي"، وإما أنها أضافت إلى التاريخ والوصف دراسة الشكل الفني والموازنة بين القصة في تونس والجزائر والمغرب ولم تتجاوز فترة زمنية محددة مثل: رسالة "عبد الله بن حلي" (القصة العربية الحديثة في الشمال الافريقي). وإما أنها بالرغم من محاولتها تغطية فترة زمنية أطول، إلا أنها بقيت أسيرة المنهج التقليدي مثل: رسالة "أحمد شريبط" (الفن القصصي في الأدب الجزائري المعاصر). وإما أنها دراسات- بالإضافة إلى اصطناعها المنهج الوصفي التقليدي- اقتصرت على نماذج قليلة لا تمثل القصة الجزائرية القصيرة في تنوعها، ومنها: (القصة القصيرة العربية الجزائرية في عهد الاستقلال) لـ "محمد مصايف" و(قراءات في القصة الجزائرية لـ "أحمد منور"). فأما الصعوبة الأولى التي واجهتني فتتمثل في الجهد الذي كان يجب بذله للإطلاع على كل المجموعات القصصية المطبوعة كشرط أساسي قبل الانتقال إلى الفرز والتمحيص بصرف النظر عن التمكن من تحقيق هذا الشرط. وأما الصعوبة الثانية، فتتمثل في عدم استفادتي بشكل كاف من أحدث ما بلغته المناهج النقدية المعاصرة، الأمر الذي ترتب عليه بعض القصور في تحليل النماذج القصصية. وقد آثرت أن أطلع على أقصى ما يمكن من الإنتاج القصصي، ولاّ أعول على تصريحات القصاصين واعترافاتهم، بل انطلق من النص أساساً، لقناعتي بأن الكاتب الناجح هو نصُّه لحظة الكتابة، وهو خارج الكتابة شخص آخر. وارتأيت أن أقسِّم البحث إلى أربعة فصول، تتصدرها مقدمة، فمدخل عام وتعقبها خاتمة. المدخل خصصته لملامح الحركة الثقافية والأدبية في الجزائر بصفة عامة لإعطاء صورة تقريبية عن التربية التي احتضنت الإنتاج القصصي. الفصل الأول، لخصت فيه بعض المبادئ النظرية التي تتصل بالقول الأدبي عامة، وبـ "القصصية" خاصة، لكونها تشكل منطلقات أستند إليها أو إلى بعضها في القسم التطبيقي لاحقاً. والفصل الثاني تعرضت فيه لمناقشة أصول القصة القصيرة وتعريفاتها. بصفة عامة كخطوة رأيتها ضرورية للدخول في الحديث عن ظروف نشأة القصة القصيرة وتطورها في الجزائر، مقتصراً على المحطات الأساسية في مسارها حتى لا يأتي البحث ناقصاً من هذا الجانب من جهة، وحتى لا أجتر كل ما قيل عن هذا الموضوع في مراجع معروفة من جهة أخرى. والفصل الثالث، بحثت فيه العوامل التي أثَّرتْ في جيل المعربين منذ الاستقلال، على أساس أن الإنتاج القصصي- جيدهُ ورديئهُ- لا شك مطبوع بتلك العوامل، وأنها تركت بصمات واضحة في آثار القصاصين. والفصل الرابع والأخير- وكان طبيعياً أن يكون أطول الفصول- أفرد للتطبيق على نماذج تبين أنها من أرقى ما بلغته التجربة القصصية في الجزائر منذ الاستقلال. داليا الهواري 21-03-2007, 01:17 AM الفصل الأول القول الأدبي والقصصية كان اليونان قد فسروا الظاهرة الأدبية بنسبتها إلى آلهةٍ تسكن جبال الأولمب، وفسرها العرب بعدهم بنسبتها إلى شياطين تسكن وادي عبقر. لكن هذا التفسير أو ذاك ليس من شأنه أن يثير الاستغراب أو الاستصغار، لأنه- وان جانب الصواب- ينم عن حدس سليم في تلمس الظاهرة الأدبية المتميزة. من حيث هي ظاهرة إنسانية، لكنها تجعل الأشياء تبدو وكأنها غير مألوفة، أو لأن "الفنان لايعيد إنتاج المرئي، بل يجعل مرئيا ما ليس مرئياً"(1) . من الطبيعي جداً أن يحتار الإنسان أمام ظاهرة غير عادية، صادرة من آخر يشبهه أو يتساوى معه في كل شيء إلا في إنتاج ما هو غير عادي بواسطة اللغة. ومن الطبيعي، بل من الضروري أن تدفعه الحيرة إلى البحث عن إجابة تطمئنه. أما اليوم فقد صار بديهياً أن يُنسب العمل الأدبي إلى الواقع. إلا أن هذه الواقعية- وإن لم تكن سوى تجلٍّ لعالم المثل في صورة غير وافية- فقد عادت في عهد لاحق لتصبح تجلياً لذات المبدع، ثم أصبحت متكأ لتفسير النص الأدبي تفسيراً تعسفياً آلياً، وربما ضجر بعضهم من هذه الآلية في الوقت الذي لم ينكر فيه المصدر الواقعي للأدب والفن، فقال بواقعية بلا ضفاف. "كل الأعمال الأدبية مصدرها الواقع، وتأثيرها في الواقع ولكنها ليست بالضرورة- كما يزعم جارودي- واقعية مهما كانت قوتها التعبيرية أو التأثيرية. إن القول بواقعية كل أدب على أساس أن مصدره الواقع أو أنه تعبير جزئي عن جانب من جوانب الواقع، هي دعوة.. لا إلى واقعية بلا ضفاف ولا حدود، بل إلى واقعية بلا مفاهيم، أو دلالات أو مبادئ"(2) . فالظاهرة الأدبية لا يصح تفسيرها تفسيراً غيبياً ولا اختزالها وتبسيطها في واقعية مبتذلة، أو واقعية بلا ضفاف ولو أن: "الواقع هو شعار العصر وهو الكلمة الأولى والأخيرة في كل شيء"(3) . ذلك لأن الظاهرة الأدبية من التعقيد بحيث تستوجب نظرة أعمق حتى لا يختزل العمل الأدبي في دلالته الاجتماعية ويفقد بعدا أساسياً فيه وهو الشكل وحتى لا يصبح الشكل هو المرجع الأول والأخير فيفرغ من نبض الحياة. فيتناغم الشكل والمضمون في كل لا فصام فيه، مظهر من مظاهر التطور والرقي. "في الحقب التي يدرك فيها التطور أوجه، ويصل فيها الفن إلى ذروة امتلائه، يؤلف الشكل والمضمون كلا متناغماً لا فصام فيه، ومتى ما رجحت كفة المضمون على الشكل، ومتى ما انفصل الشكل عن المضمون، يسعنا الجزم بدون أن نجازف بالخطأ أن المجتمع يمر بفترة ولادة أو انحلال"(4) . ومن المعروف أن التركيز على الدلالة الاجتماعية للأدب، كان من أهدافه تحديد وظيفة له وحمل الأدباء على اتخاذه سلاحاً في خدمة ما يلتزمون به من مبادئ، فضلاً عن أن هذه المبادئ كثيراً ما تحدد مسبقا ليصبح العمل الأدبي مجرد قالب تصب فيه تلك المبادئ والتوجهات. غير أن الفهم الذي يستند إلى أدلجة صارخة، ما كان له ليسيطر على كل الأذهان، بل هو ما نبه كثيرين من الأدباء والنقاد إلى ضرورة العناية بخصوصية الأدب والفن وعدم التضحية بها في سبيل ما هو ظرفي عابر. ولم تعد وظيفة الفن منحصرة في ترديد خطاب سياسي/ أيديولوجي، بقدر ما أصبحت أيضاً فرصة لتماثل "الأنا" مع الآخرين، فرصة لفهم العالم والمشاركة في تغييره ولكن دون تغييب بعده الجمالي السحري، لأنه لا يتمكن ولا يمكن من تلك الغاية إلا بفضل جماله وسحره. "إن وظيفة الفن هي دائماً أن يحرك الإنسان بكليته، وأن يسمح "للأنا" بالتماثل بحياة الآخرين، وأن يمكنها مما لم تكنه، وما هي جديرة بأن تكونه ...)، فالفن ضروري لكي يستطيع الإنسان أن يفهم العالم ويغيره، ولكنه ضروري أيضاً بسبب السحر الذي يلازمه"(5) . ولكن السحر لا يعني التفنن في التراكيب اللغوية والصنعة اللغوية المكررة، بل هو الجهد الإبداعي الذاتي، فلا يكتفي باجترار ما يلقن في المدرسة من قواعد، ولا يبدو تلوينا مفتعلا على تراكيب مستهلكة، يخادع بالزخرف الجمالي لكن بدون جمال. "ليس القول الأدبي صياغة تركيبية أو تطبيقية لقواعد لغوية أدبية جاهزة، ليس القول الأدبي إنشاءاً يحفظ أو يتوارث أو يلقن شأن التلقين في تعليمنا المدرسي: تحفيظ تراكيب وصيغ جميلة تعادل الثقافة والقدرة على الكتابة. وليس القول الأدبي رصفا قواعدياً للمفردات، أو توالياً خطياً للألفاظ. بل هو حجم وفضاء: حجمه في الدلالات التي يولدها انتظامه، الدلالات تتولد في حركة الانتظام فتشكل بالعلاقات بينها، فضاء هذه الحركة"(6) . هكذا يتبين أن القول الأدبي ليس تركيباً ولا إنشاءً ولا رصفاً أو تواليا للألفاظ، لذلك فهو لا يحفظ ولا يتوارث ولا يعلم. وكأنه بذلك خرق للقانون اللغوي السائد ليخلق قانونه الخاص، قانون الإبداع الذي هو إضافة في الحقل الأدبي وبذلك سيكون خارقاً، غير عادي، يستحق صفة أثر مُبدَعٍ بفتح الدال) حقاً. يؤكد "رولان بارت" هذه الفكرة بقوله: "والشكل ليس حلية ولا مجموعة قواعد، بل تشخيصاً لأحاسيس ملتصقة بتجاويف الذات وبأعماق الموضوع، وعلى الكاتب أن يواجه العالم والأشياء وأن يختار عزلته أو حضوره مع الآخرين"(7) . ذلك يعني أن اللغة وقواعدها تظل معطى خارجياً، يمكن تملكه بمهارات عالية، ولكن سيبقى سطحياً باهتاً ما لم يجسد الحرارة الداخلية للذات المبدِعة بكسر الدال)، ما لم يشخص حرارة الشعور وعمق الإحساس. أما إذا راح المنتج الأدبي يتتبع تفاصيل الواقع، وينسجها صنعا في نص يرتكز أساساً على المهارات اللغوية والزخرف البلاغي، فذلك مما يثبت الفرق الكبير بين أثر فني وبين أي إنتاج آخر. "الفرق هو فقط أن التفاصيل في الواقع لا يمكن أن تكون حشوا فارغاً أبداً، أما في الأعمال الشعرية فكثيراً جداً ما تنقلب بالفعل إلى بلاغة جوفاء وحَشوٍ آلي في سرد القصة"( . كل ذلك يدعو إلى بحث العلاقة بين الواقع والعمل الأدبي من زاوية تتجاوز النظرة الآلية الضيقة، وتتجاوز التجريد والتعميم اللَّذين لا رابط لهما غير الانتساب إلى الواقع بصفته مصدراً أصلياً. فـ "الإنتاج الأدبي ليس انعكاساً للواقع، بل انعكاساً لانعكاس، وفي المسافة القائمة بين الواقع وشكل انعكاسه توجد جملة من العناصر المعقدة تتضمن وتنتج آثاراً أيديولوجية معينة. فالكاتب لا "يكتب أيديولوجيا" بل يعكس بشكل لا مباشر جملة تناقضات اجتماعية تحت تأثير أيدلوجيا معينة"(9) . هذا الفهم من شأنه ألاَّ يقتل جمالية النص الأدبي بدعوى الحرص على الدلالة الواقعية الاجتماعية، وألاَّ يغيب هذا الدلالة بدعوى الحرص على الجمالية. فبالإضافة إلى العلاقة الموجودة بين الكاتب والبعد الأيديولوجي، فإن لعملية التخييل الأدبية استقلاليتها النسبية وهي تشكل البعد الآخر. "بين الكاتب وعمله مسافة ثنائية البعد تحددها عملية الكتابة وسيرورة التخييل الأدبية مسافة بين أيديولوجيا الكاتب والأيديولوجيا التي أنتج تحتها وفيها عمله الأدبي، ومسافة أخرى بين أيديولوجيا الكاتب والأيديولوجيا التي تحكم عمله الأدبي وتنتج آثاراً أيديولوجية معينة"(10) . غير أن النظرة إلى البعد الأيديولوجي، وتحديد علاقته بالعمل الأدبي ليست واحدة عند النقاد والباحثين. إذ في الوقت الذي يغيب فيه البعد الأيديولوجي عن طريق القول بالتزامن البنيوي، يحاول "لوسيان غولدمان" أن يتدارك هذا التغييب عن طريق ما سماه بالبنيوية التكوينية أو التوليدية. فـ "لفظ البنيوية التكوينية يشير إلى أن ما هو مطروح ليس دراسة البنيات من حيث هي كذلك، بصورة سكونية ولا زمنية بل العملية الجدلية لصيرورتها ووظيفتها"(11) . وقد أسس غولدمان نظرته على ثلاثة معطيات: 1-البنية الدلالية: ويريد بها العلاقة الكلية بين الأجزاء والعلاقة الداخلية بين العناصر ولكنها بانتقالها من السكونية إلى الحركة والدينامية. و"يوصي غولدمان النقد الأدبي بتبني منظور واسع، لا يغفل التحليل الداخلي للنتاج واندراجه ضمن البنيات التاريخية والاجتماعية ولايغفل كذلك دراسة السيرة الذاتية ونفسية الفنان كأدوات مساعدة. وفي المحلِ الأخير يدعو إلى إدخال النتاج في علاقات مع البنيات الأساسية للواقع التاريخي والاجتماعي"(12) . 2-رؤية العالم: ويقصد بها النسق الفكري السابق عن لحظة إنتاج العمل الأدبي، وما يبدو حاسماً عنده ليس رغبة المؤلف ولا طبيعة نواياه، بل الدلالة الموضوعية التي يكتسبها عمله سواء وافق ذلك رغبته أو جاء ضد رغبته في بعض الأحيان. 3-قيمة النتاج: وهي تتمثل في القدرة على تقديم رؤية متناسقة، لا يغترب فيها العمل على الواقع لأنه إذا افتقر إلى حرارة الواقع يفقد جماليته، وهذه الأخيرة هي عبارة عن توتر دائم وتجاوز مستمر. هذا التوتر الذي يسميه "حسين مروة" بالانفعال الذي يشكل حافزاً ضرورياً للإبداع ومحركاً له لاستكشاف الخفي وارتياد المجهول: "إن الانفعال ليس أكثر من مدخل إلى العملية الإبداعية، ومذ تبدأ العملية يتحول الانفعال إلى حركة استكشاف وارتياد يصاغ في ضوئها عالم فني يحمل في ذاته قدرة التحول إلى حركة فعل وتغيير في العالم الواقعي- ولن يستطيع أن يحمل هذه القدرة دون معرفة بقوانين حركة العالم الواقعي، ودون موقف معين من هذا العالم"(13) . وإذا كان "غولدمان" يخرق سكونية التزامن البنيوي عن طريق القول بالنسق الفكري السابق عن عملية الإنتاج والذي لا شك أن له حضوره الخاص في الأثر، فإن "غريماس" ينظر إلى الدلالة الأيديولوجية من زاوية أخرى. فهو يقول بالدلالات النووية المولدة للأيديولوجيا داخل العمل الأدبي، وهي تشكل وحدات يمكن تفكيكها. إنها تتميز بكونها ضمنية جوهرية، علاقتها بالخطاب علاقة توليدية. وكأن "غريماس" ينكر على البنيويين الذين استفادوا من جهود "دي سوسير" تحليلهم الشكلاني الذي يغيب البعد الأيديولوجي باعتماده مقولات: النسق والتزامن والتعاقب. فالتزامن لا يوحي بالسكونية فحسب، بل إن التحليل البنيوي في مجموعه يفضي في أحسن الحالات إلى تفكيك العمل الأدبي وإعادة تركيبه مفرغاً من الشحنة الأيديولوجية ومن نبض الحياة. و"الانتظام ليس وقفة زمنية في هذا النهر، ولا يمكن أن يكون كذلك، إلا من موقع التخيل والتجريد، من مسافة زمنية تغيب عملية التخريب الجزئي ولا تسقطها أو تلغيها الوقفة الزمنية بهذا المعنى، ليست وقفة بل نظرة مصوبة نحو ما يميز المرحلي في الزمن"(14) . ولكن غريماس) ينكر أيضاً أن تكون مرجعية النص خارجه. "يرى غريماس أن أيديولوجية النص لا تكمن في مرجعيته وإنما في طاقته على تغيير الدلالات الأصلية المشحونة فيه"(15) . فالنص بالنسبة له حلقة ذات عناصر متحركة، متغيرة، ومن ثم جعل العلامية sémiotique) تعتمد على قاعدتين: أ-الدلالة الأصولية. ب-النحو الأصولي المتفرع إلى علم الصرف وعلم التركيب من ذلك يتضح أن "غريماس" لا ينكر حضور البعد الأيديولوجي ولكنه يجعله داخلياً يخضع لحركة التشكيل الداخلية النامية مع صيرورة العمل الأدبي في تدرجها نحو الاكتمال. وهو يفسر ذلك الحضور من خلال قوله بالدلالات النووية المتضادة أو المتناقضة غير أنه بتجريدها في المربع العلامي، جعلها تفقد الخصوصيات الاجتماعية والتاريخية. ويمكن أن تؤخذ أية مجموعة أخرى من المتضادات والمتناقضات لتصب في هذا المربع العلامي، دون أن يدلنا المربع نفسه على خصوصيات أمة ما أو حضارة ما. علماً بأن اللغة ومنها الدلالات النووية ليست خارج الزمن، وما كان من المتناقضات أو المضادات في حضارة ما وفي حقبة زمنية ما، قد لا يبقى كذلك في حقب أخرى وهكذا. "إن علاقة التاريخ باللغة والتاريخ بالشعب، تتحدد بكون اللغة تعكس الصفة النوعية لتاريخ الشعب، ومن هنا فإن وجود عدد وافر من مفردات عربية في اللغة الإيرانية الراهنة يمكن تفسيره على أساس التأثير العميق الذي مارسه الإسلام والثقافة العربية"(16) . والأمر لا يتعلق بالمفردات فقط سواء أتعلق بما يوجد في اللغة الفارسية أم ما يوجد في اللغة الاسبانية، وإنما يتعدى ذلك إلى البنية الصوتية وكل ما يميز لغة عن أخرى. "هكذا يمكن القول أننا في حقل المفردات كما في حقل الصوتيات نواجه القاعدة نفسها، وهي أن بعض الحالات قد تكشف لنا عن علاقة لا شك فيها بالوقائع والأحداث الخارجية للتاريخ، غير أنه في حالات أخرى تبدو المتغيرات في معجم المفردات رهينة العوامل والمؤثرات الداخلية وحدها"(17) . وما دام الموضوع يرتبط بالقول الأدبي بوصفه خطاباً مكتوباً، وهو بعكس الخطاب الشفهي لا يستعمل الإشارات المساعدة، ولا يشترك المرسل والمرسل إليه في وضعية واحدة، ولا يستطيعان أن يتبادلا الأدوار بحيث يصبح المرسل إليه مرسلاً بكسر السين) والعكس، ولا يتحققان من أثر الخطاب فوراً، فإن الخطاب المكتوب ملزم بتعويض هذه الروافد التي يمتاز بها الخطاب الشفهي، وذلك بتوفير الوسائل اللغوية والأدبية الكفيلة بإيصال الرسالة في شيء من الانسجام وبالقدرة على توقع مواقف وردود فعل المتلقي. ولذلك فإن الكاتب أو المؤلف ينتج عمله في ظرف غير الظرف الذي سيقرأ فيه هذا العمل من قبل شخص آخر. إن وضعية الإنتاج تختلف عن وضعية التلقي. الكاتب ليس متأكداً من طبيعة التلقي ومدى صحته، كما أن القارئ ليس متأكداً من نوايا الكاتب ومقاصده. "الرسالة المكتوبة إذن، لا تعمل سوى أن تضع علاقة بين حالتي ارتياب وعدم تأكد: حالة الكاتب تجاه سلوك قارئة وردود فعله، وحالة القارئ تجاه نوايا الكاتب ومقاصده"(18) . وهذا يؤكد حقيقة سبقت الإشارة إليها، ولا بأس من العودة إليها، لأنها ميزة أصيلة في العمل الأدبي. وهي تتمثل في أن الكاتب/ المبدع مطالب بأن تكون له قدرات خارقة وغير عادية تمكنه من إعادة تشكيل اللغة ليعلو عن المستهلك منها، ويتجاوز التركيب إلى الصياغة والتعبير. "يتميز القول الأدبي ابتداء من عملية التركيب/ الصياغة، أو التركيب العبارة. وربما أمكن القول أن القول الأدبي هو الذي يمعن في الصياغة ليخلق التعبير، وهو الذي بالتالي، يبتعد عن التركيب، وهو، حين يمعن في الصياغة، يمعن أيضاً في الأيديولوجية، ويبالغ في حرف الكلام، في انزياحه، باحثاً عن الواقع"(19) . وإذن هناك دور حاسم لذاتية المبدع وقدرته على الصياغة، والتعبير أسلوب يميزه، لأن الاكتفاء بتكرار اللغة المستهلكة لا يسمح بالارتقاء إلى مستوى الإبداع. "اللغة تعمل وكأنها سلبية، كأنها الحد البدئي للممكن. أما الأسلوب فهو ضرورة تربط مزاج الكاتب بلغته. هناك يجد ألفة التاريخ وهنا في الأسلوب يلتقي ألفة ماضيه الخاص"(20) . يتبين في ضوء هذه النصوص التي تعمدنا إيرادها متتالية، أن العمل الأدبي لا يلتقي فيه الشكل والمضمون على أساس مفتعل مصنوع، لأنهما يخضعان لعملية تشكيل داخلية. والعلاقة بينهما ليست ولادة مسبقة، بل تتم تدريجياً لحظة الكتابة. وما دام الشكل جزءاً من ذات الكاتب ورؤياه، فلا يصح أن ينظر إليه من زاوية تبعيته للمضمون، ولا يمكن الاكتفاء بالقول: "إن الشكل في الحقيقة ليس إلا تعبيراً عن حالة توازن في داخل الشيء بين عناصره المتفاعلة"(21) . ذلك لأن الكتابة لحظة تمتزج فيها الذات بالموضوع، لحظة تأخذ فيها الذات صفة الموضوعية، ويأخذ فيها الموضوع صفة الذات، فهي ملتقى اللغة والأيديولوجيا. "فالكتابة تضفي الموضوعية على "الأنا" تدرجها في سياق التاريخ وتقدم لنا التاريخ "مُذوَّتا" والذات موَّضعَّةً. من هنا تغدو الكتابة عند بارت ملتقى اللغة والأيديولوجيا للذات المشتهية وللتاريخ الموضوعي"(22) . غير أن الكتابة وإن هي اشتركت في خصائص، إلا أنها تتمايز فيما بينها. ولا يمكن للقارئ /الناقد أن يتناول النصوص المكتوبة اعتماداً على نفس المقاييس وبنفس الأدوات. ويرى "جيرارفينيي" أن النصوص تتميز كالتالي: "-نصوص يغلب عليها الطابع القصصي ومنها التحقيقات والروايات والذكريات والعروض.. -نصوص يغلب عليها الطابع الوصفي ومنها: ما يقتطف من الروايات والذكريات والتحقيقات وعروض الأحوال والدروس.. -نصوص يغلب عليها الطابع التعبيري ومنها الشعر والروايات والمسرحيات والأشرطة المصورة والرسائل الشخصية. -نصوص منطقية استدلالية ومنها: النصوص العلمية والدروس والافتتاحيات والمحاولات والتقارير والرسائل المهنية.."(23) . ومن البديهي أن القصة تندرج ضمن النصوص التي يغلب عليها الطابع القصصي، ومن المعروف أيضاً أن صاحب الريادة في تحليل هذا النوع من النصوص أو في نوع معين منها على الأصح هو "فلاد يمير بروب"، الذي توصل -اعتماداً على منهجية الشكلاني- إلى تحديد إحدى وثلاثين وظيفة. ويعكس القول منذ البدء أن هذا الباحث قد خطا بالتحليل النقدي الأدبي خطوة كبيرة، أفاد منها اللاحقون كثيراً في مراجعة المنطلقات النقدية، والتدرج نحو بلورة رؤية نقدية تعيد إلى النص الأدبي أدبيته، وتنبه القارئ/ الناقد إلى التسلح بأدوات متطورة وإلى ضرورة نبذ التفسير الآلي والتبسيطية والابتذال. فبفضل جهود "بروب" ترسخت القناعة بأن النص بنية منسجمة، تتآلف عناصرها فيما بينها، ولا بد من معالجته على أنه وحدة واحدة لا تتجزأ إلا ليعاد تركيبها. وتأكد أن الخطاب القصصي مرتبط ببنية أخرى ضمنية ثابتة ومحدودة، وأنه يمكن تركيب عدد غير محدود من النصوص القصصية بالاعتماد على مثال يوظف في استعمالات مختلفة. وإن كان يعاب عليه أنه اقتصر على صنف قصصي معين، وبالتالي فإن النتائج التي توصل إليها قد لا يصلح تعميمها على كل ما يغلب عليه طابع قصصي. وإن الوظائف التي حددها تسير في اتجاه واحد، نحو نهاية غائبة، ثم إن في عمله اغفالاً لإحدى الخصائص الأساسية في النص القصصي والمتمثلة في البعد الذاتي والمحيط التاريخي والفكري والأدبي، لأن النص ليس وليد العدم بقدر ما هو حصيلة تراكمات نصية سابقة. ولا شك أن نقاداً وباحثين من أمثال جينات وغريماس وغيرهما، قد استفادوا من جهود "بروب" إلى حد كبير. 1-الحكاية: ويقصد بها مجموعة الأحداث التي تجري في إطار زماني ومكاني معين. 2-السرد: وهو العملية التي يقوم بها السارد أو الراوي أو الحاكي، وتنتج عنها الحكاية والخطاب القصصي معا. 3-الخطاب القصصي: وهو النظام الاصطلاحي الذي يسمح بالتعبير، ويخول للسارد أن يورد حكايته. هناك حقائق يؤكدها بعض الباحثين*)، وهي تتصل بطبيعة الواقع المتعدد المتنوع، والذي يسمح برؤية مجموعة من الأشياء والمناظر دفعة واحدة في لحظة زمنية واحدة وتتصل بطبيعة اللغة ذات البعد الأحادي الخطي، مما استدعى ضرورة ابتكار أبنية تحقق المعية، وابتكار حيل التتابع والتكرار. لأن أحادية البعد الزمني وخطيته لا ينبغي أن توهم بإمكانية التطابق السهل بينه وبين اللغة. فما أكثر ما تكون المدة المعبر عنها في الخطاب أطول في الواقع، وما أكثر ما يكون الحدث الوارد في الخطاب قد تم بحركة أسرع من حركة الجملة. فالزمن ليس واحداً في كل الأحوال والمستويات. هناك زمن الحكاية أصلاً، حيث تخضع مجريات الأحداث لترتيب خاص، وقد تخضع لترتيب آخر في الخطاب القصصي وهو زمن الخطاب أو النص، ويمكن إضافة زمن ثالث يتعلق بالموقع الزمني للسارد بالنسبة للزمنين الَّلذين سبق ذكرهما. وإذا لم يحافظ النص على الترتيب الزمني للحكاية كما في الأصل، فإن ذلك يؤدي إلى نوعين من التنافر الزمني: أحدهما يحدث بفعل الإشارة إلى حدث لم يأت أوانه بعد، والثاني يحدث بسبب العودة إلى حدث سبق ذكره بغرض المقارنة أو الدعوة إلى تأويل جديد لبعض عناصر الحكاية، وقد اصطلح على تسمية النوع الأول السوابق والنوع الثاني اللواحق. وفي علاقة الحدث بالرواية تظهر عدة مستويات، لا بد من أخذها في الحسبان عند تحليل النص القصصي. ذلك لأن حدثاً واحداً قد يأتي مساوياً لرواية واحدة، وقد تتعدد الأحداث وتتعدد معها الروايات، وقد يروى الحدث الواحد أكثر من مرة تكراراً، وقد يروى مرة واحدة ما يحدث أكثر من مرة. وللديمومة ظلها على النص ووظيفتها أيضاً، إذ قد تلخص فترة زمنية طويلة في جملة وأسطر قليلة فيكون- عندئذ- زمن النص أصغر من زمن الحكاية. والوصف قد يمثل حالة توقف، وتأمل لها وظيفتها الذاتية أو الموضوعية، مندرجة في السياق الزمني لأحداث الحكاية، أو خارجة عن إطارها في حالة ثبات. وقد يسقط الزمن نهائياً، إما لأنه ثانوي بالقياس إلى النتائج المنشودة، أو لأنه معروف ولا حاجة إلى ذكره، أو لإضفاء هالة أسطورية وتوفير بُعْدٍ جمالي وهو ما يعرف بالإضمار. وللسرد القصصي زمنه ومستوياته ووظائفه. أ-زمن السرد: 1-السرد التابع: وهو الذي يتعلق بذكر أحداث مضت قبل زمن السرد. 2-السرد المتقدم: وهو النوع الذي يستشرف ما سيأتي لاحقاً، يقوم بوظيفة استطلاعية. 3-السرد الآني: يكون معاصراً لزمن الحكاية، وقد يقتصر على سرد الحوادث، أو يختفي الحدث ليحل محله الحوار الداخلي. 4-السرد المدرج: وهو الذي يتدخل بين فترات الحكاية فيكون أكثر تعقيداً. ب- مستويات السرد: المستوى الأول، الابتدائي ويتمثل في كتابة قصة، ويتمثل المستوى الثاني في أن تروى حكاية داخل القصة. ج-وظائفه: العلاقة بين السرد من الدرجة الأولى والسرد من الدرجة الثانية، إما أن تؤدي وظيفة تفسيرية. بحيث تتضح حالة أو وضعية سابقة من خلال ما يسرد لاحقاً في استمرارية زمانية ومكانية. وإما أن تبنى العلاقة على التباين أو المجانسة دون استمرارية مكانية - زمانية وتحضر هذه العلاقة في نص قصصي بغرض التوضيح والمقارنة والتشويق. وأما السارد فإما أن يكون غريباً عن الحكاية، أو أن يكون متضمناً فيها، ويترتب على ذلك وضعيتان: *وضعية يكون فيها الراوي بطل سرده. *وضعية يلعب فيها دور الملاحظ أو المشاهد. وتحدد وظائف السارد كالتالي: -سرد الحكاية يقتضي وجوده أصلاً. -التنسيق وظيفة ضرورية يقتضيها التنافر بالتقديم والتأخير والإدراج والربط بين المقطوعات القصصية والأحداث ومستلزمات الوصف وغيرها.. -الابلاغ: لأن النص القصصي من حيث هو رسالة مكتوبة يقتضي مرسلاً ومرسلا إليه وعملية إيصال. -وظيفة انتباهية: قد تأتي عبارات محددة على لسان السارد وغرضها لفت الانتباه. -وظيفة استشهادية: وتتم عندما يلجأ السارد إلى إثبات المراجع أو المصادر التي استقى منها معلوماته أو الأحداث التي هو بصدد الحديث عنها. -وظيفة أيديولوجية أو تعليقية: والمقصود بها أن أن يستطرد السارد إلى تقديم تفسير ما أو تأويل يراه ضرورياً لمزيد من الإيضاح. -وظيفة افهامية أو تأثرية: وهي تتجسد في محاولة اقناع المتلقي بمضمون الرسالة والسعي من أجل التأثير عليه لحمله على تبنيها والعمل لها "وتبرز هذه الوظيفة خاصة في الأدب الملتزم أوالروايات العاطفية"(24) . -وظيفة انطباعية أو تعبيرية: وغالباً ما تتجسد هذه الوظيفة في أدب السيرة الذاتية والشعر الغزلي. وإنه وإن كان هذا التصنيف قد اقتضته المنهجية المعتمدة في التحليل، إلا أنه يصعب الفصل - في تقديرنا- بين الوظيفة الأيديولوجية والوظيفة الافهامية التأثيرية. ذلك لأن الأعمال المعتمدة على التحليل النفسي والتي جعلت نموذجاً للوظيفة الأيديولوجية، على أساس أنها تتطلب خطاباً تفسيرياً أو تأويلياً، لا تختلف بحكم هذه الوظيفة ذاتها عن أعمال توصف بأنها من الأدب الملتزم. وربما كان مفهوم الالتزام، أيضاً صادراً عن تمييز خاطئ بين أدب ملتزم وآخر غير ملتزم، سواء كما فهمه "جون بول سارتر" وعرضه في كتابه ما الأدب؟)، أو كما أملاه وجود اتجاهين: رأسمالي واشتراكي، فإذا كانت الدلالة الاجتماعية هي الداعية إلى هذا التمييز أو الفصل، فإنه غير صحيح. لأن كل نص سيكون ملتزماً بتقديم مضمون ما، أو دلالة معينة، إنما الاختلاف يكمن في نوع هذا الالتزام وطبيعته. "إن كل أدب هو- بالمعنى العام- أدب ملتزم، أي أدب معبر عن دلالة مؤثرة. وليس هناك أدب ملتزم وأدب غير ملتزم ..) ولكن تختلف معاني الالتزام وأبعاده باختلاف مضمون الأدب ودلالته المؤثرة"(25) . ولقد أضاف "غريماس" أن النص القصصي عبارة عن مقطوعات قصصية، وأنه من الضروري أن ينطلق الباحث المحلل من هذه المقطوعات، وكل مقطوعة تتميز بأحداثها وبلغتها، وتقوم على مقياسين: 1-مجموعة متكاملة من الأحداث. 2-الأسلوب أو التعبير. وعنده أن الملفوظات القصصية أنواع هي: البسيط والصيغي والوصفي والاسنادي. ومما تقدم يمكن أن نخلص إلى الاستنتاجات التالية: -النص الأدبي يتعامل مع اللغة بطريقة غير عادية ويجعل الأشياء المألوفة تبدو وكأنها غير مألوفة، الأمر الذي يميزه عن الكلام العادي وعن غيره من النشاطات. -أدبية الأدب لا ينبغي أن تكون مدعاة لإلغاء المحيط التاريخي والاجتماعي والأيديولوجي، الذي يحضر في النص بصفة أو بأخرى. -هذا البعد الواقعي- بدوره- لا يصح أن يصبح مبرراً لقراءة النص بمرجعه. -النص القصصي- وإن هو انتمى إلى الحقل الأدبي - إلا أن له مميزاته الخاصة وقوانينه التي يمكن اكتشافها والتنظير لها. -لكل واقع قصصي ثلاثة أبعاد هي: الحكاية والسرد والنص أو الخطاب. -للحكاية زمنها وللنص القصصي زمنه، كما قد يكون للسارد زمنه أيضاً، وهذه الأزمنة تتداخل تقديماً وتأخيراً واندماجاً، ولكن في استطاعة الباحث القدير أن يفرز تشابكها ويحدد طبيعة كل منها. -للسرد زمنه ومستوياته ووظائفه. وإذا كان للقصصية تميزها داخل الحقل الأدبي، فإن للقصصية -أيضاً- حقولها الفرعية ولذلك لا بد من أن تؤخذ هذه الأدوات النقدية المبتكرة سواء لدى "جينات" أو "غريماس" أو"بروب" قبلهما بشيء من الحيطة والاحتراز حتى لا تطبق تعسفا على كل النصوص التي يغلب عليها الطابع القصصي بنفس القولبة. وما عرض في الصفحات السابقة من آراء الباحثين الثلاثة، قد ورد مفصلاً ومبسطاً في مرجع سبقت الإحالة إليه وهو مدخل إلى نظرية القصة) الذي أخذنا منه أكثر من غيره. (1) -العيد يمنى): الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطقي في لبنان بين الحربين العالميتين -دار الفارابي- بيروت 1979 ص68. (2) -العالم محمود أمين): ملاحظات حول نظرية الأدب وعلاقتها بالثورة الاجتماعية -وزارة التعليم العالي- الشركة الوطنية "الشعب الصحافة"، ص21. (3) -بيلينسكي فيساربون غريغوريفتش): نصوص مختارة. ترجمة يوسف حلاق- منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي- دمشق 1980 ص48. (4) -بليخانوف جورج): الفن والتطور المادي للتاريخ- ترجمة جورج طرابيشي- دار الطليعة- بيروت ط1 -نوفمبر 1977، ص41. (5) -فيشر أرنست): ضرورة الفن -ترجمة ميشال سليمان- دار الحقيقة- بيروت 1965-، ص16. (6) -العيد يمنى): في معرفة النص- منشورات دار الآفاق الجديدة- ط1-1983-ص18. (7) -بارت رولان): درجة الصفر للكتابة- ترجمة محمد برادة- الشركة المغربية للناشرين المتحدين- دار الطليعة- بيروت -ط1 أكتوبر 1981. ( -تشيرنشفكي ن،غ): علاقات الفن الجمالية بالواقع- ترجمة يوسف حلاق- منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق 1983 ص125. (9) - دراج فيصل): الأدب والأيديولوجيا -مجلة الطريق- العدد 5- تشرين الأول- اكتوبر 1979-ص45. (10) -المرجع السابق ص45. (11) -البنيوية التكوينية والنقد الأدبي -مراجعة الترجمة- محمد سبيلا- مؤسسة الأبحاث العربية- ط1-1984-ص عن مقال: "البنيوية التكوينية ولوسيان غولدمان لـ بون باسكاري" ترجمة: محمد سبيلا، ص43. (12) -المرجع السابق: ص48. (13) -مروة حسين): دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي- دار الفارابي- بيروت- لبنان- ط2- 1967- ص299. (14) -العيد يمنى): في معرفة النص- ص66. (15) -مرزوقي سمير)، شاكر جميل): مدخل إلى نظرية القصة- الدار التونسية للنشر- ديوان المطبوعات الجامعية- الجزائر -ص118. (16) -دراسات لغوية في ضوء الماركسية -ترجمة "ميشال عاصي"- دار ابن خلدون- ط1- 1979-ص10. (17) -نفسه: ص27. (18) -Vigner Gerar) - Didactique des langues étrangéres (1) lire= du texte au sens, éléments pour un apprentissage et une enseignemenl de la lecture. collection dirigée par Robert Galisson 1979- p12. (19) -العيد يمني): في معرفة النص ص75. (20) -بارت رولان): درجة الصفر للكتابة -ص35. (21) -العالم محمود أمين): الثقافة والثورة -دار الآداب- بيروت ط1- اكتوبر 1970- ص326. (22) -بارت رولان) درجة الصفر الكتابة- ص9. (23) -Vigner Gerard) lirerd= du rexte au sens- page *) -راجع Kerloc,k Jean pierre) Bourrelier Armand- Colin) La reconstitution du texte methode structurale- imprimerie Nouvelle orléans- 2e- édition- 1980. (24) -مرزوقي سمير):[شاكر جميل)] مدخل إلى نظرية القصة - ص110. (25) -العالم محمود أمين) ملاحظات حول نظرية الأدب وعلاقتها بالثورة الاجتماعية- ص20. داليا الهواري 21-03-2007, 01:36 AM الفصل الثاني القصة القصيرة في الجزائر نشأتها وتطورها) كلما أراد الباحث أن يخوض في البحث عن أصول الفن القصصي ومنه القصة القصيرة، يصطدم بعقبة تحيلهُ إلى عقبات، وقد يخرج في نهاية المطاف بنتائج لا تقنع الجميع. فالبحث في هذه الأصول، غالباً ما يتجه نحو التركيز على ظاهرة القص التي هي ظاهرة بارزة في هذا الفن. ذلك ما يفسر ظاهرة العودة إلى العصور القديمة لتقصي جذور هذا الفن في النوادر والملاحم والقصص الشعبي وأحاديث السمر والمغازى والكتب السماوية، وخاصة التوراة والانجيل والقرآن. وإذا كان البحث مشوبا بشيء من الذاتية، ونفخ فيه الباحث من روحه السياسي/ الايديولوجي، وربما العرقي، فإن الأصل سينسب إلى أمهٍ محددة. فما أكثر النشاطات الإنسانية التي حصرتها المركزية الأوربية في أوروبا، وما أكثر النشاطات التي حصرت في الشرق برد فعل المركزية الشرقية. ولا تخلو البحوث العربية من محاولات كثيرة لتلمس جذور القصصية في الأدب شعراً ونثراً. ولقد كان للعرب- حقاً- نوادرهم- وأساطيرهم ومغازيهم وقصصهم وجاء القصص القرآني ليؤكد رسوخ القص ويزيده تنشيطاً. ولم يكتف العرب المسلمون بما هو متوارث لديهم من انتاجهم، بل نشطت حركة الترجمة مع ظهور التدوين واهتموا بنقل القصص الهندي والفارسي. وظهر في ظل الدولة العربية الإسلامية من الأعمال القصصية، ما كان له تأثير واسع عميق في الكتابة الأدبية في العالم وعلى مر العصور. ولكن هناك من يريد أن يكون أكثر صراحة وحسماً في نسبة النشأة الأولى للقصة القصية إلى أرض العرب فيقول: "والغريب في الأمر أنه بينما تستمد القصة القصيرة العربية- بشكل عام- والسورية- بشكل خاص- أصولها وملامحها من القصة الأجنبية، التي رسخ دعائمها كل من ألن بو، غوغول، موباسان وتشيخوف) فإن أول ميلاد للأدب القصصي في العالم كان من أرض العرب"(1) . ويضيف الباحث نفسه في موضع آخر محدداً: "إن نوادر جحا كانت إذن البدايات الحقيقية لفن القصة القصيرة"(2) . وإذا كانت Nouvilia) الايطالية وNouvellen) الألمانية وNews) الانجليزية، كلها تعني الأخبار الحديثة التي لم يمر عليها زمن طويل، وإذا كانت Nouvelle) الفرنسية تعني القصة، والمصطلحات: كلمة حكاية العربية)، وكلمة Conte) الفرنسية، وكلمة) Tale الانجليزية تعني جميعها سرد مغامرات لا تستند على الواقع الحياتي للإنسان، وإنما على الخيال والأساطير وتهدف إلى التسلية"(3) "فإن الذي نخلص إليه هو أن مصطلح القصة القصيرة، نقل عن المصطلح الانجليزي Short Story)، وعن المصطلح الفرنسي) Nouvelle) وهما- في رأينا- اسمان لمصطلح واحد ومدلول واحد"(4) . ويذكر أن بدايات القصة القصيرة من حيث الحجم لا من حيث الشكل الفني المكتمل في تاريخ الآداب الغربية، كانت قد ظهرت. "في القرن الرابع عشر في روما داخل حجرة فسيحة من حجرات قصر الفاتيكان، كانوا يطلقون عليها اسم "مصنع الأكاذيب" اعتاد أن يتردد عليها في المساء نفر من سكرتيري البابا وأصدقائهم للهو والتسلية وتبادل الأخبار.. وفي مصنع الأكاذيب هذا كانت تخترع أو تقص كثير من النوادر الطريفة عن رجال ونساء ايطاليا بل وعن البابا نفسه مما دعا الكثيرين من الأهالي إلى التردد على هذه الندوات حتى لا يهزأ بهم في غيبتهم"(5) . ويرى البعض أن ظهور شكل القصة القصيرة، بدأ بعدة محاولات، و"يرجع إلى العصور الوسطى حيث ظهرت محاولات لأشخاص أمثال "بوتشيو" في "الفاشيتيا" و"بوكاشيو" في "قصص الديكاميرون" وتشوسر" في "حكايات كانتربرى"(6) . وهكذا استمر فن القصة القصيرة في التطور إلى أن اكتمل نضجه على أيدي الرواد المعروفين. "ادجار الان بو في أمريكا سنة 1809 إلى سنة 1849م) وجي دي موباسان في فرنسا من سنة 1850 إلى سنة 1893م) وانطوان تشيكوف في روسيا من سنة 1860 إلى سنة 1904م)(7) . وفي الواقع لا يخلو تراث أي أمة من الظاهرة القصصية، ولا يقتصر وجودها على الكتب المقدسة، وإنما توجد في معظم الأشكال الأدبية "رسمية" و"شعبية" فإذا اتخذت القصصية في ذاتها مقياسا للتدليل على نشأة القصة القصيرة أوالرواية في هذا الأدب أو ذاك، فإن كل عرق سيجد ضالته في تراثه. ولذلك فإن المنطق المعقول يقتضي أن تكون فترة النضج واكتمال الشكل الفني هي بداية التأريخ الحقيقي. وهذا لا يتناقض مع أن كاتباً ما يتمكن في لحظة معينة، وبفضل عوامل مختلفة أن يعصر التراكمات السابقة من الثقافة والمعرفة الأدبية فينشيء نموذجاً جديداً، ويأخذ مواصفاته من كل ما سبق ليختلف عن كل ما سبق. الموضوعالأصلي : مظاهر التجديد في القصة القصيرة بالجزائر // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: زرزومية
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |