جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: قسم التاريخ و الحضارة الاسلامية :: قسم التاريخ و الحضارة الاسلامية |
الجمعة 8 مايو - 22:26:12 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: فارس غرناطة ...البطل المنسي فارس غرناطة ...البطل المنسي فارس غرناطة ...البطل المنسي بقلم: أحمد الظرافي بعد الانهيار المروع لسلطان الموحدين بالأندلس على أثر هزيمتهم في وقعة العقاب الشهيرة، التي استشهد فيها زهرة شباب المغرب الكبير، بأيادي قوات التحالف النصراني الشمالي، سنة 620هـ، أخذ الكاثوليك في الاستيلاء على مدن الأندلس العريقة الواحدة تلو الأخرى....وفقدت دولة الإسلام بالأندلس معظم قواعدها الكبرى مثل قرطبة وأشبيلية وشاطبة في نحو ثلاثين عاماً فقط. تبلور مملكة غرناطة وبعد تلك الضربات الكبرى والمؤلمة والمتلاحقة.. انحازت دولة الإسلام في الأندلس إلى الجزء الجنوبي، منحصرة في مملكة غرناطة، التي أسسها زعيم عربي، أبرزته الأحداث حينذاك، وهو محمد بن يوسف بن محمد بن نصر الخزرجي، المعروف بابن الأحمر. وكانت هذه المملكة الصغيرة ملجأ لكثير من مسلمين الأندلس- وعلى رأسهم الكثير من سادات البطون العربية الذين سقطت مدنهم الأصلية في أيدي الصليبيين. وقد انحاز أكثر هؤلاء لغرناطة وهم موتورون حانقون على الصليبيين. وكان منهم العلماء والأدباء والصناع والزراع وأرباب المهن والحرف فاستفادت غرناطة من خبراتهم ومهاراتهم وعمرت بهم عمراناً حافلاً، وازدهرت فيها حضارة رفيعة تناولت الجوانب المتعددة في العلوم والآداب والصنائع والعمران. بالإضافة إلى استمرار التقاليد الزراعية والتجارية على نشاطها ونموها. وذلك رغم استمرار تيارات الهجمات الصليبية من قبل الدول النصرانية الثلاث القشتالية – الأرغونية - البرتغالية، للقضاء عليها، بدعم وتحريض الباباوات في روما. فقد استمرت هذه المملكة قائمة، في هذا الخضم الهائل من التحديات لأكثر من قرنين ونصف من الزمان، ويرجع صمودها، طوال هذه الفترة، إلى حمية المسلمين الذين أفاقوا متأخرين جداً للدفاع عن آخر معاقل الإسلام في الأندلس، من جهة، وإلى وجود قيادات قوية وعلى مستوى المسئولية نسبيا على رأسها، من جهة ثانية. وإلى النجدات العسكرية التي كانت تصلها من ملوك بني مرين، حكام المغرب، من جهة ثالثة- والعامل الأخير كان أهم العوامل الثلاثة على الأطلاق-. ولكن شيئاً فشيئاً ضعفت سلطة بني مرين في المغرب، وانشغلوا بالحروب الداخلية مع الخارجين عليهم في عدوتهم، عن نصرة مسلمي الأندلس، وأصبح لسان حالهم إزاء مسلمي الأندلس كقول من قال: أصبحت ترجو الغوث من قبلي*** والُمستَغـاث إليه في شُغُلِ وفي نفس الفترة بدأ الأسبان الكاثوليك في توحيد رايتهم، واجتمعت مملكة ليون وقشتالة تحت راية واحدة سنة 1469. وذلك بعد أن تزوج فرديناند ملك ليون وأراجون إيزابيلا ملكة قشتالة، وركزوا اهتمامهم على المملكة الإسلامية الوحيدة غرناطة، التي كانت رمزا للمملكة الإسلامية الذاهبة. وبلغ الضعف غايته مع جلوس الفتى أبو عبد الله محمد الملقب بـ " الصغير " مكان أبيه على عرش غرناطة للمرة الأولى. أواخر عام 887هـ. والتي لم يظل طويلا خلالها في الحكم، فقد وقع أسيرا بيد النصارى في معركة له معهم، هُزم فيها جيشه، الذي كان هو على رأسه، وذلك في ربيع الأول من سنة 888هـ– أبريل 1483. فآل الأمر في غرناطة لعمه الأمير محمد أبي عبد الله ( الزغل ) حاكم مالقة، وكان أكفأ منه، وأقدر على إدارة شئون المملكة وتنظيم الدفاع عن أطرافها. وفي الوقت الذي جلس فيه الزغل على عرش غرناطة، كانت هناك مفاوضات حثيثة ومشبوهة تجري في السر لإطلاق سراح الملك الأسير، دعت إليها أمه الأميرة عائشة، وتولاها الوزير يوسف بن كماشة، رجل المهمات السرية ( القذرة ). وقد انتهت تلك المفاوضات بعقد اتفاقية سرية بين الطرفين قضت بإطلاق سراح أبي عبد الله الصغير مقابل تعهده بالدخول في طاعة الملك فرديناند وزوجه إيزابيلا. وما أن عاد أبو عبد الله الصغير إلى وطنه حتى قامت الفتنة بينه وبين عمه الزغل، وكان ذلك في أوائل سنة 891هـ - أوائل سنة 1486. واستمرت الحرب سجالا بين الطرفين عدة أشهر، وأخيرا رجحت كفة أبو عبد الله الصغير على عمه بمساعدة عسكرية من فرناندو ملك النصارى، فتبوأ عرش مملكة غرناطة من جديد في جمادى الأولى 892هـ - أبريل 1487. بيد أن شطرا منها – وادي آش وأعمالها – ظل بيد عمه أبو عبد الله الزغل. وتحقق بذلك ما كان يبتغيه ملك قشتالة من تمزيق البقية الباقية من دولة الإسلام بالأندلس، تمهيدا للقضاء عليها. وفي غضون ذلك كثف الكاثوليك غاراتهم على معاقل الإسلام الواقعة تحت حكم الزغل، فانتزعوا ثغر مالقة ( أواخر شعبان 892هـ - أغسطس 1484 )، وكانت أهم معاقل المسلمين المتبقية بعد غرناطة. وبسقوطها حُرم الأندلسيون من كثير من ضروب الإمداد والغوث التي كانت تأتيهم من وراء البحر. ولم يكن باقيا بعد ضياع جبل طارق ومالقة من الثغور بيد المسلمين سوى المنكب وألمرية، وإليهما كانت تفد جموع المتطوعة والمجاهدين من المغرب. وكان لا بد من الاستيلاء عليهما لقطع صلة الأندلس نهائيا بعدوة المغرب. فسقط الأول في محرم 895هـ - ديسيمبر1489 ، وسقط الثاني بعد ذلك بشهرين فقط، وعن طريق الخيانة والرشوة آلت إلى قشتالة النصرانية جميع المعاقل والحصون التي كان يحكمها أبو عبد الله الزغل، وبالتالي لم يعد أمامهم سوى الاستيلاء على غرناطة آخر القواعد الباقية بيد المسلمين. وفي هذه الفترة الحرجة والعصيبة والحالكة من تاريخ الإسلام في الأندلس ظهر فارس غرناطة. فمن هو هذا البطل يا ترى؟ ظهور موسى بن أبي الغسان إنه موسى بن أبي الغسان، ذلك الفتى المسلم العربي الأبي ، والفارس الشهم الكمي الذي كان آخر من جسد قيم البطولة في الأندلس.. بطولة العرب الكرام الأولين، الذين كانوا أول من حمل أمانة الإسلام إيمانا ونشرا وجهادا. وقد نشأ موسى على حبّ الجهاد والدفاع عن الحمى، ولقن مبادئ الفروسية والحذق بمعانيها منذ صباه. وشغف بها منذ نعومة أظفاره.. عاش موسى حياته كلها- على الأرجح - في غرناطة، مسقط رأسه، في بيتٍ ميسورٍ وجاهٍ موفورٍ، فهو من أبناء وجوه القوم، وصفوتهم في غرناطة. وكان ينتمي إلى أسرة عربية غرناطية عريقة النسب تتصل ببيت الملك، وتضرب بجذورها إلى قبيلة آل غسان العربية اليمانية العريقة التي حكمت بلاد الشام قبل الإسلام. وكانت أسرة موسى واحدة من الأسر العربية القديمة التي عرفت بروائع فروسيتها وغيرتها على دينها ووفائها لمرجعيتها الإسلامية. ولذا يصح أن يُقال فيه: رسا أصلهُ تحت الثرى وسما به***إلى النجـم فـرعٌ لا يُنال طويلُ كما تميزت أسرة موسى أيضا بإسهامها في الحياة العامة، وبدورها الكبير في تشييد نهضة غرناطة وصرحها الحضاري. وكان لنشأة موسى في هذه الأسرة العربية الكريمة المتفتحة - والغيورة على دينها وعرضها وأرضها، والواعية بالظروف الخطيرة المحدقة بالإسلام، والمحافظة على تقاليد الفروسية العربية القديمة - تأثيره وبصمته على شخصيته. وعلى الرغم من أن موسى قد نشأ في فترة الانهيار العظيم للحضارة العربية والإسلامية، وبينما كانت غرناطة تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتؤذن بنهاية الوجود الإسلامي في الأندلس، إلا أنه أدرك شيئا من بقايا قرون الفخار وأمجاد الأمس الغابر، ولا سيما فيما يتعلق بالنشاط العلمي والأدبي، فإن النشاط العلمي والأدبي لمتخب جذوته نهائياً، ووجدنا من العلماء من واصل تزويد المكتبة العربية بما جادت بهقريحته، كما أن حركة الإفتاء، والعناية بالنوازل لم تتوقف، وقد احتفظ كتاب( المعيار) للونشريسي بمجموعة مهمة من فتاوي فقهاء الأندلس في هذه الفترة، وعلىرأسهم ...ابنالأزرق- قاضى الجماعة بغرناطة - كما ظلت مجالس التدريس موئلاً للطلبة الوافدين لأخذ العلم والسماع عن الشيوخ، من أمثال الشيخ التجيبي والشيخ الدقوني المعاصرين لابن الأزرق، وقد يكونفيما ألفه هذا الأخير خير دليل على هذا النشاط العلمي الرفيع المتواصل.. ولم يذكر أحد أن موسى بن أبي الغسان كان عالما أو أديبا، وإنما ذكروا أنه كان فارسا جسورا، وبطلا مغوارا، ومبارزا جيدا. بيد أن هذا لا ينفي حفظه للقرآن الكريم، وجلوسه لطلب العلم والقراءة والتهذيب، ونهوله من المعارف والعلوم الشائعة في عصره، كعلوم القرآن والسنة والفقه والتفسير وعلوم اللغة العربية والسيرة النبوية وأخبار السلف. وغير ذلك من العلوم التي كانت لازالت تحفل بها مساجد غرناطة، منارة العلم، وموئل العلماء. ولكونه كان بطلا، فمن المحتم أن يكون مثقفا.. فكل بطلٍ مثقف، وليس كل مثقفٍ بطلا.- حسب القاعدة العامة المتعارف عليها – " وهذا هو المفهوم العام للثقافة والبطولة على السواء، أي مفهوم التفوق العقلي أو العضلي". وقد ساعده شعوره المرهف العميق بالمسئولية الملقاة على عاتقه نحو دينه وأمته وأرضه وعرضه، وشموخ أجداده المختزن في ذاكرته، وتشربه لمبادئ القرآن والسنة، أن يكون قوي الشكيمة، ومتمتعا ببعد الرؤية والمقدرة الكبيرة. وساعدته شجاعته وجرأته وإقدامه، ومؤهلاته القيادية الفذة، وحماسته الدينية المتوقدة، على أن يكون قائدا لإقرانه ومدربا ومرشدا روحيا لهم. وإنه وإن كان قد نسيه المؤرخون العرب، أو تناسوه، ولم ينوهوا باسمه وبفروسيته وبطولته، فإن سماء غرناطة وأرضها ووديانها تشهد له بذلك. مكانته السياسية والاجتماعية وفيما يبدو – من الأخبار القليلة جدا والمستقاة أساسا من المصادر النصرانية - أن موسى بن أبي الغسان لم يكن فارس فرسان غرناطة فقط، وإنما كان أيضا رئيسا لعشيرته. وهذا يفسر لنا، وجوده في بهو الحمراء ضمن أكابر الجماعة وأهل الحل والعقد وأبناء البيوتات، في غرناطة، الذين كانوا يساهمون مع الملك في إدارة شئون البلاد، وينوبون عنه في الاتصال بأهاليها، ويطلعونه على ما يستجد من أخبارهم، والذين كان يستشيرهم أيضا قبل أن يتخذ القرارات المصيرية، ويرجع إلى رأيهم في المهمات والملمات. ولا سيما في ذلك الوقت الأغبر الذي كانت فيه غرناطة على كف عفريت وعلى شفا جرف هارٍ. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عقله وثبوت فطنته وأصالة رأيه، فضلا عن دلالته على سمو رتبته وارتفاع مكانته الاجتماعية والسياسية. بيد أن الأهم من كل ذلك هو أن وجوده قريبا، من بلاط الملك أبي عبد الله الصغير، قد أتاح له المشاركة في صنع الأحداث والتأثير فيها إيجابا، ومعرفة ما يدور وراء الكواليس أولا بأول، ومن ثم التصدي بجسارة للدعاوى الاستسلامية ومعارضة الحلول الانهزامية، وتفنيد المبادرات المشبوهة وتعديلها في وقته. إلى جانب أن وجوده كان ضروريا بالنسبة لأصحاب الأمر والخاصة، وعلى رأسهم الملك أبو عبد الله الصغير، ورجال القصر وبعض الخونة والمأجورين من الوزراء والمستشارين، الذين كانوا يحيون في ذلك " الزمن المنقلب حياة المستضعفين، وهم أمس كانوا صانعي أكبر وأرقى الحضارات الإنسانية، لذلك فحاجتهم النفسية ملحة إلى من يحرك فيهم شعورهم الكبريائي النائم في أعماقهم" . وإلى من يثير غيرتهم وحسهم الإسلامي، ويقوي من عزائمهم، ويرفع من معنوياتهم. ويذكرهم باستمرار بأبعاد الصراع بينهم وبين أهل الصليب وفي كون الخطر المحدق بهم هو خطر يتعلق بالوجود وليس بالحدود. وهذا الدور هو ما كان يقوم به موسى بن أبي الغسان. " وكان مذ تبوأ أبو عبد الله محمد عرش غرناطة ينقم منه استكانته وخضوعه لملك النصارى ويعمل بكل وسع لإذكاء روح الحماسة والجهاد وتنظيم الفروسية الغرناطية وتدريبها، وقيادة السرايا إلى أرض العدو، ومفاجأة حصونه في الأنجاد المجاورة".وكان موسى صريحا عنيفا لا يهادن، ولا يلين في الحق، ونموذجا للفتى الندب، المؤمن بالمثل والقيم الإسلامية العليا. وكان ذا شخصية تحمل ذهنا لا ينقصه المنطق، ونفسا تُكبر الأخلاق والفضائل، وذا صوت جهوري مثير لم يكن يعلوه صوت في جرأته وتقحمه وطليعيته.. كان موسى بن أبي الغسان من أولئك الرجال الذين يحملون هموم الأمة، ويشعرون بوقر المسئولية نحوها، ونحو مصيرها.ولم تغره مباهج الدنيا، ومظاهر اللهو والمجون والترف واللين والتنعم المنتشرة في مجتمعه الغرناطي، وأبى إلا أن يكون الوفي لمبادئه النبيلة التي شبّ عليها، ملتزما العمل بها وتجسيدها بصورة عيانية واقعية لا تقبل الشك والجدل، وساعيا إلى إقرارها وتأكيدها وإشاعتها بين أبناء مجتمعه، وباذلا نفسه ودمه فداءً لها. ولتلك المزايا والخلال، فقد وجد فيه الثائرون والفرسان والراغبون في الجهاد من عامة الشعب الغرناطي وخاصته، خير من يمثلهم، ويتكلم باسمهم في بلاط الملك. وقد حقق موسى بعض النجاحات في هذا المضمار. ومكانته وقوة حجته، وما يستند إليه من شعبية جعلت من قوله القول الفصل في أكثر من خلاف – لاسيما في الأسابيع الأولى من الحصار، عندما كانت المعنويات لا زالت بخير. وعندما لم تكن المجاعة التي نجمت عن الحصار الطويل فيما بعد، قد دهمتهم.. هذا إلى جانب وظيفته الأساسية كمقاتل بارع، وكقائد للفرسان، وكزعيم لحركة المقاومة الإسلامية الشعبية الغرناطية. الداء العضال في المجتمع لا تستغربوا.. فنحن نتكلم عن موسى بن أبي الغسان.. فارس غرناطة .. نتكلم عن ذلك الفتى الوفي الأبي التقي النقي الفارس المغوار، الذي لم يكن يشق له غبار.. نتكلم عن ذلك البطل، الذي كانت مأساته أن يلمع نجمه في سماء الفروسية والبطولة: - في بيئةٍ استشرى فيها الترف واللين والفسق والفساد الوبيل، وتراكمت بها رواسب القرون الماضية، وتفشى الاستبداد والقهر، وتراجعت الهمم والعزائم، وضمرت إبداعات الأمة واجتهاداتها، وندر المصلحون أو القائمون بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانحسرت الخصال الحميدة، التي قامت الحضارة الإسلامية على أساسها، وضُيعت قيم الدِّين الحق كالولاء والبراء، حتى صار طبيعيا ومألوفا أن يستعين الحاكم المسلم بأعداءالدين على خصمه من أهل دينه وملّته، وذوت في نفوس أهلها روح الفتوة والفروسية والبذل والفداء، وحلت محلها روح الجبن والتخاذل والخور والهزيمة، و(جاءهم خوفالروم, وامتلأت قلوبهم رعباً، فكانوا لا يستطيعون قتالهم، فملك الروم أخذ أكثر بلادهم، وقواعدهم، وحصونهم، ومعاقلهم)، وأوشكت – بالتالي- أن يتلاشى منها الفرسان والأبطال وتنعدم القيادات والمؤسسات الحية. - وفي ظل دولةٍ – مدينةٍ، فرطت في أمر الدفاع عن نفسها، وأفرطت في تقديم التنازلات لأعدائها، وأجهدت نفسها في مداراتهم وموالاتهم، وبددت طاقاتها في مصانعتهم وخطب ودهم، وبذلت كل غالٍ ونفيس لإرضائهم، ففقدت لذلك هيبتها عندهم، واستخفوا بها، وهان أمرها لديهم، فطمعوا فيها، وتجرءوا عليها، وتطلعوا لابتلاعها، ولم يعودوا يقبلون بأقل من استسلامها المهين لجبروت تسلطهم ولقوتهم الضاربة، بل وانسلاخها عن دينها وعقيدتها وعاداتها ولغتها وتراثها، وذوبانها ذوبانا كليا في مجتمعهم الكاثوليكي العنصري الاستعلائي الجديد الذي يطفح أنانية وكراهية للإسلام والعرب ولكل ما يمت لهما بصلة من قريب أو بعيد " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم". وعندما تصل الدولة – المدينة، إلى هذا المستوى من الضعف والاستكانة والخضوع والانحلال والفتن المستعرة ويتحول بها بأس المسلمين إلى التنازع... رغم التحذير الإلهي " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين.." ( الانفال:46) ، وعندما تصبح على كف عفريت وعلى شفا جرفٍ هارٍ. أو تغدو في مرحلة الاحتضار النهائي، وحيث الروح قد بلغت الحلقوم، فما عسى أن تنفع فروسية الفرسان وبطولة الأبطال؟ هل يعد بوسعهم - مهما كانت درجة إيمانهم وإخلاصهم وحسن نواياهم، ومهما بلغت قدراتهم العسكرية والشخصية وتضحياتهم واستماتتهم في الدفاع عنها-.هل يعد بوسعهم استنقاذها ووقايتها من السقوط المدوى والزوال من الوجود؟ بل هل يعد بمقدورهم إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، كي يؤخروا من توقيت زمان ذلك السقوط، أو التخفيف من وطأته على الأقل؟! الجواب: هيهات هيهات!! فإن الأمراض المزمنة لا تُعالج بالمسكنات والمهدآت. ولا بالفروسية والبطولات الفردية، يقهر العدوان، ولا بمجرد الإخلاص والإيمان وحسن النوايا تعاد الأمور إلى مسارها الصحيح" فما يمكن أن يكرسهُ الإيمان يمكن أن ينزوي تحت تأثير همم فاترة وإيمان ضعيف، أو حماس ديني ضعيف" وكان ذلك هو حال أصحاب الحل والعقد في غرناطة آنذاك، ومن حولهم من البطانات الفاسدة وأصحاب المصالح.. وعلاوة على ذلك فإن ملوك غرناطة في العقود الأخيرة من عمرها لم يكونوا على مستوى المسئولية التي تقتضيها خطورة المرحلة، التي كانت تحتاج إلى رجال أفذاذ تجتمع فيهم السياسة إلى جانب الإقدام، فقد انشغلوا بالصراعات الداخلية على الملك، وشهد العصر الأخير من عمر هذه الدولة الصغيرة، ألوانا من التمزق والخيانة لم يعرف لها العالم الإسلامي مثيلا- طبعا إلا في عصرنا الحاضر - " فالحروب التي دارت بين أهلغرناطةأنفسهم والفتنالتي أضعفتها كانت أكبر بكثير من حروبهم مع الأسبان" النصارى" . هذا في الواقع ما كان يحدث تقريبا في غرناطة وما كان ينطبق على دولة بني الأحمر، آخر ممالك المسلمين في الأندلس، في النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي، وغداة ظهور البطل الغيور المقدام، والقائد الجسور الهمام، موسى بن أبي الغسان. فارس غرناطة. ولن تجد لسنة الله تحويلا وفي غضون ذلك كانت التحديات التي تواجه غرناطة تتجاوز كثيرا طاقاتها المحدودة، والتي تشح يوما بعد يوم، وتتجاوز أيضا رقعتها الضيقة من الأرض. والتي تقضم شيئا فشيئا، نتيجة للحملات العسكرية المتوالية والمستمرة عليها من قبل النصارى الأسبان.. لقد كانت حملات عدوانية منظمة لا تتوقف ولا يُراد لها أن تتوقف، حتى بعد اقتلاع شجرة الإسلام من هذه الأرض، وسحق المسلمين أو القذف بهم خلف البحر.. فمنذ أن اجتمعت مملكتي ليون وقشتالة تحت راية واحدة عام 1469، بعد أن تزوج فرديناند ملك ليون إيزابيلا ملكة قشتالة، لم يعد تركيزهم واهتمامهم مقتصرا على المملكة الإسلامية الوحيدة ( غرناطة)، التي كانت رمزا للمملكة الإسلامية الذاهبة، فقد كانوا يعتبرون أن سقوطها بأيديهم مسألة وقت فقط، وإنما كانوا يفكرون بما هو أبعد من ذلك بكثير، فقد كانت هناك خطط مطروحة ونوايا مبيتة للالتفاف حول العالم الإسلامي ومواصلة الحروب الصليبية التي شعروا بأنهم لم يخوضوها كما ينبغي في السابق، ومن ثم الزحف من خلالها نحو المشرق وإعادة السيطرة على القدس الشريف، وتحريرها من أيدي المسلمين " الكفار". الموضوعالأصلي : فارس غرناطة ...البطل المنسي // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |