الهمذاني، أبو الفضل al- Hamadhani, A. F.
الهمذاني، أبوالفضل (358 - 398هـ ، 969 - 1008م). أبوالفضل أحمد بن الحسين الهمذاني المشهور ببديع الزمان، عربي الأصل فارسي النشأة، من أشهر الكتاب الشعراء في القرن الرابع الهجري. وُلدَ في همذان وتتلمذ على يد أبي الحسين، أحمد بن فارس اللغوي الكبير، وعلى يد عيسى بن هشام الإخباري وغيرهما.
اتسمت حياته القصيرة نسبيًا بكثرة التنقل والترحال. فقد ارتحل عن همذان سنة 380هـ ، وكان عمره آنذاك نحو اثنتين وعشرين سنة. وقصد الوزير الكاتب الصاحب ابن عبَّاد في الرَّيّ ومكث عنده زمنًا. ثم ترك الصاحب وارتحل إلى جرجان حيث أقام بها مدة على مداخلة الإسماعيلية والتَّعيُّش في أكنافهم، كما يقول الثعالبي. لكن المقام لم يطب له فيها طويلاً فتركها وقصد نيسابور التي وافاها سنة 382هـ ، بعد أن سلبه قُطَّاع الطريق وهو في طريقه إليها. وكانت نيسابور آنذاك موطنًا للأديب الكبير أبي بكر الخوارزمي، الذي يبدو أن بديع الزمان كان يؤمل الخير على يديه. لكن الخوارزمي لم يُحسن إليه وخيَّب ظنه، فأبغضه بديع الزمان ودخل معه في مناظرات مشهورة (رواها بديع الزمان نفسه) حول عدد من الموضوعات الأدبية. وقد استطاع بديع الزمان ـ بتأييد جماعة من سكان نيسابور ـ أن ينتصر على الخوارزمي الذي لم يعش طويلاً بعد هذه المناظرات فخلا الجو لبديع الزمان.
وقد شاع أمره وذاع صيته، واتصل بعدد من الأمراء والوزراء وصار يتنقل بين مدن المشرق الإسلامي. فقصد خراسان وسجستان وغزنة، وأخيرًا ألقى عصا الترحال في هراة، حيث صاهر أبا علي الحسين بن محمد الخشنامي، أحد علمائها، فتحسنت أحواله وأقبلت الدنيا عليه. لكن المنية لم تمهله ففارق الدنيا وهو في سن الأربعين. ويقال في سبب وفاته إنه أصيب بغيبوبة فظن أهله أنه قد مات، وعجلوا بدفنه، فأفاق في قبره وسُمع صوته في الليل فنُبش عنه فوجد ميتًا وقد قبض على لحيته بيده.
عُرف بديع الزمان بكثرة إبداعاته وابتداعاته ـ ومن هنا جاء لقبه ـ في النثر العربي عامة وفي الترسلي منه خاصة. وبالرغم من أنه قد خلّف ديوان رسائله الذي يشتمل على أكثر من 230 رسالة، أغلبها في الإخوانيات، وديوان شعره، إلا أن شهرته ارتبطت كثيرًا بابتداعه للفن القصصي العربي المشهور فن المقامات. انظر:المقامات. فقد كتب اثنتين وخمسين مقامة، أصبحت نموذجًا يحتذيه عدد كبير من الكتاب الذين جاءوا بعده.
وينتمي في ترسله إلى مدرسة السجع والبديع التي أرسى قواعدها ابن العميد، ويُعد من أواخر الكتاب الذين استطاعوا ـ إلى حد كبير ـ أن يوظفوا السجع والبديع توظيفًا فنيًا في كتاباتهم قبل أن يتحول السجع والبديع إلى قيود تكبل النثر العربي وتقيده .