الإلمام الكلي والانتقاء في القراءة المنهجية- الإلمام الكلي والانتقاء في القراءة المنهجية
تروم نظرتنا لتدريس القراءة المنهجية تمكين التلاميذ من صفتين: الشمولية والانتقائية، نعني بالشمولية إقداره على الإمساك بالخيط الناظم للقراءة المنهجية، إذ هي قراءة شاملة للمكونات كلها، فالقراءة في القراءة، والدرس اللغوي في مرحلة التحليل، والإنشاء والشكل في إنجازه كله. هنا لم يعد استقلال بين المكونات، ها الاستقلال الذي لا يمكن إطلاقا تجاوزه بطريقة التدريس والتقويم الحاليتين. و نعني بالانتقائية قدرته على الاختيار بعد الإلمام، فا أول دون الثاني، فبعد استضمار الخطوات كلها يستطيع التلميذ أن ينتزع منها ما يخدم دراسته للنص. وكي نصل إلى هذين الأمرين وجب أن يكون الأستاذ من باب أولى فاهما للطابع الشمولي للقراءة المنهجية قادرا على الانتقاء أيضا، حيث ينتقي من النصوص ما ينفع، ويقترح من الطرائق ما يرفع، وذروتها أن يجعل التلاميذ يتعلمون كل حسب طاقته باستحضار الحد الأدنى دائما ، وهو الحد الذي لا يستغني عنه جميعهم. يقول Purren: " إن الشخص الذي ينتقي ما يلائمه يكون قادرا على الإحاطة بالمعارف القادمة من شتى الآفاق، ويستطيع إغناء مشروع حياته الخاصة أو العملية ".( مكسي، ص48، نقلا عن: ( la didactique des langues étrangères, 1994 .
دورنا الآن ليس التثقيف على مستوى المعارف فقط، فالفارق بين أستاذ وأستاذ ليس المعلومات وإن بلغت عنان السماء، إذ إننا لا نحاضر أمام التلاميذ، وفي حالة كنا نحاضر فلنعلم أننا لا ندرس فعلا، إننا فقط نحاضر لذوي أعمار لا تتعلم بالمحاضرة إذ هي تَعلم الجامعيين، حيث يحس الطالب بأهمية المعلومة فيحاول اقتناصها من فم الأستاذ المحاضر، نحن لم نمكن بعد هذا التلميذ في المرحلة الإعدادية من أدوات التعلم وخبراته، فكيف نحاضر أمامهم؟ إن الفرق إذن بين الأساتذة هو طريقة الاشتغال وطريقة تنشيط جماعة القسم، حين يدرك الأستاذ هذا يهتم أكثر بالتثقيف على مستوى الطرائق الجديدة، يجدد آليات اشتغاله دائما، وهذا في صالح الأستاذ أولا، إذ لن يحس الأستاذ بالرتابة في عمله، والرتابة متى دخلت مجال العمل انسحبت على حياة الموظف جاعلة منه رقم تأجير ينتظر آخر الشهر كي يؤدي صلاته المقدسة أمام حائط المصرف.