جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: قسم البحوث :: منتدى الطلبات والبحوث الدراسية |
الخميس 11 سبتمبر - 13:49:36 | المشاركة رقم: | ||||||||
عضو نشيط
| موضوع: طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال اريدو من اخوني ان يعطوني بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال وجزاكم الله خير الموضوعالأصلي : طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: نمر مقنع
| ||||||||
الخميس 11 سبتمبر - 14:02:55 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال من مناَّ لم تغزُ سمعه دقات الطبول التي تهوّل الخدمات التي أداها الاستعمار للإسلام لردّ الأمور إلى نصابها؟! نستعرض بعجالة السياسة الاستعمارية الفرنسية نحو الإسلام في هذا البلد، مشيرين إلى أن الاستعمار له مثالبه الأكيدة باعتباره المسؤول عن تدني وضع المسلمين من الناحية الثقافية في السنغال، وكانت له جوانب- لاشك- إيجابية استفاد منها المسلمون أيما استفادة. على أنَّ العلاقات بين الإسلام والاستعمار الفرنسي في السنغال مرّت بمراحل عدَّة تميزت بالاضطراب والغليان، والصعود والهبوط… عداوة مستحكمة متبادلة: ذلك أن الاستعمار حين وصوله للسنغال لم يصادف أمامه قوة منظمة تعترض سبيله عدا القوة الإسلام، كان الاستعمار العائق الأساسي لانتشار دين الله تعالى في السنغال، نظراً لتوفر الظروف الموضوعية كلها لتحقيق ذلك؛ إذ تزامنت فترة ظهور المستعمرين في المنطقة مع صعود الحركات الإسلامية بغربي أفريقيا عامة وبالقطر السنغالي خاصة، وكاد أن يكتب لها النجاح لولا تصدي القوى الاستعمارية لها، وبلغ من عداء النظام الاستعماري للإسلام أنه كان يستعين بطائفة "تيدو" لإخضاع المسلمين، وذلك تشفياًّ منهم وإهانة لهم. ولم يخف المستعمرون يوماً من الأيام عداءهم للإسلام، بل أعلنوا ضده حرباً صليبية لا هوادة فيها، وقد اعترف الكاتب الفرنسي "ديشام " DESCHAMPS بأن القائدين العسكريين: "أرشينارد " ARCHINARD و "ماجين " MAGIN كانا يقودان حروباً صليبية ضد "أحمد عمر تال "، والإمام ساموري (SAMORI ). ومن مظاهر تلك العداوة أن المستعمر كان يشكك بمدى قوة وعمق العقيدة الإسلامية لدى المسلم الأفريقي، ويزعم أن هذه الديانة تتعارض مع طبيعة الإنسان في القارة الأفريقية، يقول "بول مارتي (PAUL MARTY ) بهذا الخصوص: "إنَّ ثوب الإسلام أياَّ كانت بساطته ولياقته لم يفصل للسود، فهؤلاء يفصلونه من جديد لمقاييسهم ويزينونه حسب ذوقهم "ولا يكتفي المستعمر بادعاء تنافر الإسلام مع طبيعة الأفريقيين، واستحالة اعتناقهم له، بل يذهب بعض المستعمرين إلى ابعد من ذلك حيث زعم" أبدون أوجين ماج (ABDON EUGENE MAGE ) سنة 1868 م "أن أغلب مساوئ أفريقيا أتت من الإسلام، ولذلك لا ينبغي تشجيعه في أي ظرف من الظروف، سواء في مستعمراتنا الحالية أو تلك التي سنؤسسها مستقيلاً، حتى ولو كان يبدو في مظاهر أكثر جاذبية، كما يظهر ذلك أحياناً في السنغال، ونمكن ان تكون مبارزته علانية وخيمة، أما تشجيعه فهو أخطر، وفي رابي أن ذلك- أي التشجيع- جريمة التواطؤ ". وقد نفذت الإدارة الاستعمارية هذه السياسة المبنية على كره الإسلام، حيث اعتبرته ألدّ أعدائها، فلم تتأخر في اتخاذ التدابير التعسفية للحيلولة دون نموه الطبيعي وانتشاره المطّرد في السنغال. فكل ما قام به المستعمر من أعمال تبدو في صالح الديانة الإسلامية إنما قام بها بعد ألف حساب "إنه من الواجب الملقى على عواتقنا أن نسهر كي لا تكون أبداً العقيدة التي تدعو إليها الجماعات الإسلامية خطراً على تحقيق الحضارة الكبيرة التي نتابعها "(12). والإسلام، كما يدعي"بريفي (BREVIE) قد فرض على السود " إذ لم يختاروه عن طواعية منهم وإنما فرض عليهم بالقوة، سواء أكان ذلك بعد فتوحات البربر المسلمين في الصحراء أو كان بيد الملوك الذين كانوا نقهر ونهم لاعتناقه". على أنه في بعض المراحل ، لم يُقدم الاستعمار على مجابهة الإسلام مباشرة وعلانية وإنما وضع خطة تهدف على المدى البعيد إلى محو العقيدة الإسلامية، وقد كشف "بيير أرنود (PIERRE ARNAUD ) عن نوايا بلاده في المستعمرات بقوله: "لا تعترف في أفريقيا الغربية إلاَّ بسلوك أخلاقي واحد هو سلوكنا ". واتسمت المراحل الأولى من اتصال الإسلام في السنغال بالاستعمار بالعنف الشديد والعداوة، حيث ظل المستعمر يعتقد ان الديانة الإسلامية هي العدو الذي لا مندوحة من القضاء عليه كي يصفو له الجو في المنطقة، يقول فر وليش، أحد مخططي الاستعمار الفرنسي : "إنًّ كل أعدائنا كانوا تقريباً من المسلمين. " انطلاقاً من هذه الفكرة، كثَّف المستعمر جهوده كلّها لاستئصال الإسلام، ولما فشل في ذلك عمل لاحتوائه مستخدماً مختلف الوسائل المتوفرة لديه، ونذكر بعضاً من تلك الوسائل القمعية: مراقبة المسلمين في حركاتهم وسكناتهم: · لهذا الغرض وضعت الإدارة الأجنبية بطاقات استعلامات ل "شخصيات سياسية ودينية متهمة بالقيام سرًّا بدعوة ضد فرنسا وأوروبا، وتُظهر قابلية في زمن ما لخلق صعوبات لنا، أو لتحويل قسم من السكان عناّ، وذلك بسبب ثقافتها وعلاقاتها وثروتها، أو بسبب نفوذها الذي اكتسبته بفضل دعوتها الملتهبة " (13). وكانت الإدارة الاستعمارية قد قسمت الطائفة الإسلامية في السنغال إلى فئات: · فئة لا ترى مناصاً من الدخول في عراك معها لتحطيمها وإبعاد شرها. · وأخرى لا تثق بها لكنها لا تمثل خطورة كبيرة، ولكن يجب أن تظل مراقبة. · وفئة ثالثة لا خوف منها ولا تتوقع منها شرًّا. · ورابعة تعتمد عليها فتستغلها لأغراض إدارية وسياسية. · وخامسة تعتبرها خطرة جدًّا يتحتم إبعادها عن البلاد لاتقاء شرها. · وأخيراً فئة صالحة- بنظرها- تستحق التشجيع لقبولها التعاون معها، فكافأتها بالأوسمة والألقاب. مراقبة المؤسسات الدينية الإسلامية: حدَّدت الإدارة الاستعمارية نطاق إنشاء المساجد، فكانت لا تسمح ببناء مسجد إلاَّ لأفراد يحظون بثقتها، وهو القلة بطبيعة الحال؛ وكان الاستعمار يخاف من المسجد خوفه من سائر المؤسسات الإسلامية، فبناء مسجد يعتبر وسيلة لتقدم: "إنَّ الإسلام لدى السود أمر معرقل أمامنا… لكن في النهاية إن وُجِدَ المسجد، فلا رجوع لنا بعدئذٍ "، وفي الحقيقة، كما يقول الراهب (14): "إنَّ من بين الشيوخ في (سانت لويس ) عدداً كبيراً يربون الأطفال على كره العمل والبيض ". امتدت يد الاستعمار إلى المحاكم الشرعية للتلاعب بها، وذلك بإنشاء محكمة إسلامية صورية استندت إلى شخص واحد، قال في شأنه "فيدريب ": "لا أجد اليوم من المسلمين إلاَّ فردًّا يوحي إليَّ بالثقة الكاملة… أعتقد أنه من الأحسن ان تراجع السلطة العليا المستعمرة أحكام المحكمة الإسلامية ". أما عن التضييق على المؤسسات التعليمية فحدِّث ولا حرج. كان هدف المستعمر ضرب الحصار على السنغال حتى لا تتأثر بما يحدث بأقطار إسلامية خارج نطاق مستعمراته، لأنه كان يخشى من بلورة فكرة الجماعة الإسلامية على المستعمرة. فأقدم على عزلها عن العالم الخارجي، مما دفعه إلى اختلاق ما يسميه بـ (الإسلام الأسود ) ولكن لم يكن متيسراً تحويل تيار ديني وثقافي دون القيام بعمل مضاد لهذا التيار، لذلك نهضت فرنسا بإنشاء مدارس (15) تنافس مدارس المسلمين ومجالسهم ولكنها كانت- كما قال أحدهم-: "تستهدف غرضاً آخر غير أهداف مدارس المسلمين المعارضة دائماً، والسائدة في الزوايا ولدى الشيوخ؛ وهذه هي وحدها الموجودة حتى الآن في الميدان " ولم تترك لتلك المدارس المعارضة للمدارس الأهلية أدنى حرية لأنَّ هدفها كما حدَّده فريقه هو: "توجيه النفوذ الذي يمارسه المسلمون المتعلمون على إخوانهم في الدين لصالح السياسة الفرنسية " وفي الواقع فإن كلمة "العربية " في اصطلاح المستعمر عادلت لفظة الإسلام، ولا عجب حينئذٍ أن تدخل اللغة العربية، أي الإسلام، في صراع مرير مع السلطات الاستعمارية من جهة ومع لغة المستعمر من جهة ثانية. واتخذت الإدارة الفرنسية إجراءات صارمة تهدف إلى تحطيم الإسلام ولغة القرآن؛ إذ بدون تلاشيهما لا سبيل إلى تمكن الحضارة النصرانية في المنطقة؛ وكان من جملة الأساليب التي سلكها المسؤولون الفرنسيون بهدف تحقيق ذلك: تقليص ظل المعاهد الإسلامية، معاقل الإسلام، فاصدروا قرارات جائرة للحيلولة دون أداء المدارس القرآنية وظيفتها التاريخية، وقد عكست إجراءات الحاكم العسكري (فيدريب ) هذا الحيف حين فرض سنة 1857 م على كل من يرغب في فتح مدرسة عربية أن يتقدم لامتحان خاصًّ يهدف لمعرفة مستواه بهذه اللفة ، وذلك بدعوى تحسين التعليم الإسلامي واختيار معلمين أكفياء. غير أن الهدف الحقيقي في الواقع هو الحيلولة دون انتشار لغة القرآن والقضاء عليها عن طريق فرض شروط مفرطة في التعقيد والصعوبة، وانفضحت المؤامرة، إذ لو كانت الإدارة الفرنسية ترغب حقاًّ في تنظيم التعليم الإسلامي لشجعت المدارس الإسلامية. ثم تلت ذلك القرار قرارات مجحفة حيث علَّق فتح مدرسة إسلامية بالحصول مسبقا على إذن من السلطات الاستعمارية، ورم تملص (فر وليش ) صاحب كتاب (مسلمي أفريقيا السوداء ) فإنه لم يجد مندوحة من الاعتراف بأن "الرخصة التي كان يخضع لها ألئك الذين يترشحون لفتح مدرسة عربية مرفوضة أحياناً، حينما تظهر سوابق طالب الرخصة ممثلة خطورة للنظام العام " ولا يعني هذا الكلام سوى أن الرخصة مرفوضة لكل المسلمين؛ لأنَّ الاستعمار كان يرتاب فيهم جميعا؛ إذ يمثلون في نظره خطورة على نظامه. وللعلّة نفسها جهد الاستعمار في قطع كل صلة بين المتعلمين السنغاليين وبين مصادر الثقافة الإسلامية، وكان نمنعهم من ممارسة النطق باللغة العربية والتعامل بها بأي شكل من الأشكال، وبلغ من تعنته أن حاول استبدال اللغات المحلية في المجالس والمدارس باللغة العربية، لهذا الغرض توجه أحد كبار إدارة الشؤون الإسلامية إلى مدرسة في "سيغو " (جمهورية مالي اليوم ) فعرض على الشيخ "ديمبا واغي "- مؤسس مدرسة عربية هناك- تغيير لغة التدريس عن طريق إلقاء الدروس باللغات المحلية، وكان ردّ الشيخ بارعاً ومفحماً، إذ رفض الدخول مع الصليبي في مناقشات عقيمة، بل طلب منه أن يأتي التطبيق منه وذلك بتدريس مادة ما أمام الطلبة، فبهت الذي كفر (16). وفي نطاق تضييق الخناق على التعليم العربي الإسلامي، جاء مرسوم يحدد الكتب التي يسمح بإدخالها إلى السنغال، وهذه الكتب هي: المصاحف وبعض الأدعية الصوفية. فتعليمات الحاكم (فليام بونتي ) سنة 1911 م قالت: "إن كل نشرة" تمثل شكلاً معادياً أو تكون مشجعةً نشاط الشيوخ، يجب تحطيمها؛ إذ لا ينبني دورنا بطبيعة الحال على تشجيع نمو العقيدة الإسلامية، ولا على مساعدة الجامعة الإسلامية بل العكس و "ولا ينبغي بالخصوص أن يطلع الأفارقة المسلمون على ما يجري في شمالي أفريقيا والشرق الأوسط حتى لا تصل إليهم عدوى الأفكار الهدّامة من النهضة الإسلامية، ونريد كذلك أن نبعد التشجيع على استخدام اللغة العربية ". وظلَّت المعركة حامية الوطيس بين الاستعمار والمدارس القرآنية، ولم يحل ذلك دون ازدياد طلبتها باطراد بشهادة "مارتي " أحد أقطاب الاستعمار الذي قام سنة 1918 م بإحصاء تلامذة المدارس العربية بمدينة سانت لويس-SAINT LOUIS السنغالية فوجدهم أضعاف أضعاف تلاميذ المدارس الفرنسية؛ لكن بعد ثلاث عشرة سنة من هذا الإحصاء رجحت كفَّة الميزان لصالح اللغة الفرنسية، وتخليدًا لهذا الانتصار على اللغة العربية كتب أحد المفتشين للتعليم الابتدائي سنة 1930 م في تقرير يقول: "انهزمت المدرسة القرآنية "(17). وعند ما ظهرت المدارس الحرّة في المرحلة الأخيرة من الاستعمار أولت الإدارة الفرنسية الاهتمام للمؤسسات التعليمية النصرانية، وكانت تمدها بكل ما تحتاج إليه، في حين كانت تحرم مدارس المسلمين من كل معونة، وبلغ الأمر إلى حدّ استنكار بعض النصارى هذا الإجحاف والتنديد به، فقد استنكر "ألبرتو فود جري " في كتابه: (أفريقيا الثائرة ) تلك الممارسات بقوله: "إنَّ العدالة ليس لها حدود… وأقصد بقولي هذا خاصة المسلمين الذين تمنعهم السلطات من فتح المدارس، وإذا سمحت لهم فإنها لا تدخل مدارسهم في باب المساعدات المالية الحكومية التي تعطى للمدارس النصرانية، وإنها قضية إنصاف علينا مواجهتها بجرأة وشجاعة، وإذا تجاهلنا أن الإسلام دين الأغلبية في أفريقيا السوداء وأكدناه بوسائل ملتوية فإن ذلك لن يكون بأي شكل من الأشكال في مصلحة أفريقيا والسلام "(18). مرحلة المرونة والتظاهر بالتعاون لم تغير السلطات الاستعمارية موقفها العدائي للإسلام، وإنما حوّرت تكتيكها كما قال "فروليش ": "منذ بدخولنا- طبقنا سياسة الرفق،بعد ملاحظة أن أعداءنا كلّهم تقريباً من المسلمين "، ولكن كانت الإدارة الأجنبية مضطرة إلى الليونة لحاجتها إلى خدمات المسلمين في إدارة مستعمراتها؛ لأنَّ الإداريين العسكريين الذين كانوا في شمالي أفريقيا سابقاً يجدون سهولة في التعامل مع المسلمين بينما يلاقون نفوراً طبيعياًّ مع الأراواحيين؛ من أجل ذلك يقول (فروليش ): "بحثنا عن زعماء لديهم لمساعدة أعمالنا الإدارية فلم نجد-بسبب الاستحالة- سوى مسلمين؛ فاضطررنا إلى الاعتراف بهم في المجتمعات التقليدية غير الإسلامية ". وظلت معاملة الاستعمار للمسلمين متأرجحة بين الصعود والهبوط، بين القسوة والليونة، تبعاً لسياسة الحكومات الفرنسية المتباينة وشخصية الحكام العامين الذين يديرون البلاد. ففي بداية الاستعمار، كما يقول (فروليش )، كانت العلاقة بين الإسلامي والاستعمار في السنغال تتسم بالعنف الشديد والعداوة المستحكمة المتبادلة بين الطرفين، ولم تنجل غيوم الصراع المسلح بينهما إلاَّ في مستهل القرن العشرين، وكان من جملة من حمل المستعمر السلاح ضدهم الحاج عمر الفوتي والشيخ ماباجاخو، وفودي كبا، وأخمد الشيخ، ومحمد الأمين درامي وعشرات غيرهم ممن فازوا بشرف الاستشهاد، إلى جانب أعداد وافرة من المسلمين كان نصيبهم النفي خارج السنغال لسنين طويلة، أو التنكيل بهم. الجانب الذي استفاد منه الإسلام من حركة الاستعمار وفي مرحلة متأخرة، فهم المستعمر أنه رغم انتصاره العسكري، ونفيه وتنكيله بزعماء المسلمين، لم يتمكن من احتلال قلوب الشعب السنغالي، وأنه لن ينجح في توطيد سلطانه وسلطاته دون الاستعانة بفئات ذات نفوذ في المجتمع السنغالي، خصوصاً وأن اختفاء القيادة الأرواحية لم يفض إلى بروز زعامة جديدة في محيط الأهلية، لأنَّ هذه الأخيرة، كما يقول "بول مارتي ": "قد أفل نجمها بقوة حقيقة الإسلام وبمزايا ونزاهة الشيوخ " بل نجم من سيطرة فرنسا على البلاد: التفاف العامة حول الزعامات الدينية الإسلامية، لا سيما وأن الغزو الاستعماري أشبه إلى حدّ بعيد نظام وأسلوب (تيدو ) من حيث إشعال النار في القرى، وتعذيب المقاومين، وإتلاف المحصولات، مما جعل الشعب يضمر البغض للمستعمر؛ ولكي تصل الإدارة الأجنبية إلى مرماها، وتحقق هدفها، تظاهرت بالمرونة أحياناً، فتقربت إلى بعض المسلمين للاستعانة بهم في إدارة مناطق وأقاليم غير إسلامية، وكانت في ذلك مضطرة، لأنَّ المسلمين كانوا يقومون بدور الترجمان، فضلاً عن أن "الزعيم المسلم كان ذا نفوذ، ويلبس على شاكلة القائد الجزائري، فهو فارس ماهر، يحيط به الجنود الحرس والحاشية؛ أما الزعيم الوثني- إلاَّ ما ندر- فشخصية غامضة " (19). فعبر الموظف، سواء على رأس المقاطعات أو في المصالح الإدارية الأخرى، استطاع الإسلام أن ينفذ إلى مناطق لم يكن قد وصلها من قبل، وساهم تطور وتوفر وسائط المواصلات وسهولة الاتصالات، وإضافة إلى ظهور المراكز الحضارية والتجارية والقرى الفلاحية وحركة (سورغا ) في عملية انتشار الإسلام. دور المواصلات تجدر الإشارة إلى أنَّ الوظائف الثانوية كانت متوفرة، وأسندت في الأغلب الأعم إلى موظفين مسلمين، إما لأنهم يعرفون قراءة وكتابة الحروف العربية أو اللغة العربية نفسها، وإما أنهم يتقنون لغة المستعمر،وكان من دأب هذا الموظف أنه أينما حلَّ وارتحل يتأبط سجادة ويحمل معه (مقراجا ً) (20). وأحياناً يتم تعيينه في مناطق بعيدة في أوساط جماعات غير إسلامية، تعجبها رؤية شخص من بني جلدتها تختلف معه من حيث الهندام والمستوى الاجتماعي: فهو يرتدي ملابس نظيفة جميلة، ويعيش، ويقرأ الكتب، ويكتب على الورق، ويتحاور مع البيض الأجانب… ورقى المسلم الاجتماعي هذا أحدث نوعاً من عدم الرضا عن النفس لدى الأرواحي، وجعله يتطلع إلى وضع اجتماعي يماثل وضع الموظف المسلم الذي لا يختلف معه في اللون والتركيب ا لجسماني في شيء. ومن هنا كان نور الإسلام يغزو نفس الأرواحي، فتصبو إليه، وتنجذب نحوه، ولا تمر فترة من تعرفها على الديانة الإسلامية حتى تستجيب لندائها وتنضوي تحت لوائها. وكانت سهولة الموصلات ذات أهمية بالغة؛ إذ بفضلها استطاع هذا الموظف الجندي في خدمة الإسلام أن يتصل بالأرواحي ويبلغه الرسالة الإسلامية في المناطق النائية: ففي جنوبي السنغال (كازا ما نسا ) دخل العديد من الناس في دين الله بواسطة موظفين لا تزال آثار نشاطهم واضحة المعالم بوجود أشخاص يحملون أسماء عائلية غير أصيلة في المنطقة، ذلك أن المسلمين الجدد حملوا إثر دخولهم الإسلام، الأسماء العائلية للأشخاص الذين أدخلوهم في الديانة الإسلامية. فمع ظهور السكك الحديدية، والسيارات والدراجات والبواخر… أخذت الدعوة الإسلامية أبعاداً جديدة وأهمية قصوى، وأصبح من الميسور على الداعي التنقل بسرعة ويسر وأمن لمقابلة غير المسلمين في مناطقهم، ونطبق المثل القائل "مكره أخاك لا بطل " على الإدارة الاستعمارية التي كانت بأمس الحاجة إلى حركة تجارية نشطة تساهم في ترويج البضائع الواردة من الـ"ميتروبول" وتسهل توزيعها على مختلف الأقطار المستعمرة، فمدت سكك الحديد، وعبَّدت الطرق وشجّعت تجارة المتنقلين جولا (DIOLA ) الذين كثَّفوا كعادتهم نشاط التبليغ. لم تكن المرافىء أقل شأناً من وسائط المواصلات السابقة الذكر، حيث يزدهر النشاط التجاري وتكثر الخدمات المختلفة فيها فينجذب إليها عدد كبير من شباب كان قد غادر محيطه القروي الأرواحي بحثاً عن عمل، سواء خلال فترة فصل الجفاف الممتد من شهر ديسمبر (كانون الأول ) إلى نهاية يونيو (حزيران )، أو خلال سني القحط والمجاعة؛ ففي هذه المرافىء يجد الشباب الأرواحي نفسه في أحضان عالم جديد عليه، منظم منسّق، يغاير عالمه الأرواحي الضيّق الحدود. ففي بداية اتصاله به يلازم جانب الجذر ويقوقع نفسه في دنياه الخاصة، فلا يشارك الناس-المسلمين- حياتهم الروحية ولا ما هم فيه، ويشعر حينئذٍ بفراغ روحي وعزلة اجتماعية كاملة لا عهد له بها، فلا يبرح يحاول كسر قيود الأرواحية التي صارت مهلهلة، فيضطر إلى البحث عن جماعة دينية تكون وسيلة لتحطيم الأسوار المحيطة به، وتكون تأشيرة لدخول المجتمع الذي يعيش في وسطه، وفي وضع السنغال لم يجد المهاجر الأرواحي نحو المرافىء جماعة لائقة له أكثر من الجماعة الإسلامية باعتبارها الأقوى عدداً والأقرب إلى نفسه.. تأسيس مدن عصريَّة اقتضت طبيعة الأسس التي انبنى علنها نظام الاستعمار- بجانب استغلال ثروات المستعمرات، وتسخير أهلها، وإيجاد سوق محلية تستوعب السلع المصنعة الفرنسية لمستهلكين في المستعمرات-: إنشاء مرافق عامة مهيئة لاستقطاب مختلف النشاطات الني ظهرت بعد تطور المرافئ ووسائط النقل المختلفة؛ من هنا برزت المدن العصرية حول بلك المرافق، وأصبحت خلية حيَّة، ومحور الحركة التجارية والإدارية، وملتقى عناصر وأجناس عديدة؛ على أنَّ العنصر الإسلامي كان قطب الرحى في مدن السنغال، مما جعل تأثيره على الطوائف الأخرى بالغ الأهمية، خصوصاً الشاب الذي غادر محيطه القروي بكل ما يرفل به من عقائد بالية، وطقوس أرواحية، وعادات وتقاليد يمجها الذوق السليم، ليستقر في محيط متحضر مغاير، حيث تقل فرصة ممارسة التقاليد المطبقة في القرية، بينما يرى الناَّس حوله يجتمعون-على الأقل- خمس مرَّات كل أربع وعشرين ساعة للصلاة، ويشاهد تجمهرهم في مناسبات دينية أخرى، مثل: صلاة عيدي الفطر والأضحى؛ والاحتفالات التي تقام بمناسبة ذكرى المولد النبوي… وتجدر الإشارة إلى أن جوّ البهرج والتظاهر يبهر الإنسان السنغالي ويخلب قلبه، فما بالك إذا كان يشعر بالعزلة ويلاحقه الذعر والقلق بفعل ابتعاده عن الأشياء التي يعتقد أنها مانعته من غضب مظاهر الطبيعة!! لذلك كلّه نجد الشاب الأرواحي المهاجر إلى المراكز الحضرية الحديثة ينجذب نحو الإسلام؛ التماساً للسلام، وانسلاخاً من عزلته الاجتماعية، ومحاولة لنزع غلالة الحصار الاجتماعي الذي فرضه عليه معتقده الأرواحي… إذن فالانفلات من العزلة، والبحث عما يصون من عوادي الطبيعة، والانتفاع بمزايا العضوية في دين ذي انضباط واتساع كبير حمل المهاجر الأرواحي على اعتناق الديانة الإسلامية، ليست لأنها مجرد بديل فحسب ولكن لأنها الوسيلة الأفضل للاندماج بيسر في المجتمع الحضري السنغالي والانفتاح على آفاق أوسع… الرماة السنغاليون (21) ولا يحسن إهمال الجيش الذي كوّنته فرنسا من أبناء مستعمراتها المعروف بـ"الرماة السنغاليين" في نشر الإسلام بغربي أفريقيا الفرنسي كلّه؛ إذ كان هذا الجيش يضم عناصر مختلفة من القبائل، لا تجمع بينها أية أواصر من أي نوع كان، باستثناء العناصر المسلمة، فإنها كلما التقت تعارفت وتآلفت ونسجت بينها علاقات منظمة ومنسقة، ترتب حياتها الدينية داخل الثكنات، الأمر الذي كان يثير إعجاب غيرها من الجماعات غير المنضوية تحت لواء دين سماوي، فاستطاعا لجنود المسلمون، بفضل نظامهم المتميز، أن يُدخلوا عددًا كبيرًا من الأرواحيين في الإسلام؛ ومما سهل مهمة الجماعة الإسلامية في الجيش الفرنسي أن الأرواحي كان محل سخرية وتهكم لسذاجة عقيدته، وغياب أدنى ضابط لذلك. تغيير نظام الإنتاج على أن تغيير نظام الإنتاج بإدخال أسلوب نشاط اقتصادي، أساسه النقد والسوق، وتبديل المواد المزروعة تقليدياًّ بمزروعات تهيّأ أساساً للتصدير، ساهم في بلورة الدعوة الإسلامية. فحينما أدخل المستعمر زراعة الفول السودانيين وشجّع الهجرة الموسمية إلى المناطق المعروفة بإنتاجه من أقطار كثيرة إلى السنغال، تمَّ خلال ذلك احتكاك العناصر غير الإسلامية بالمسلمين فأسلم العديد منها. الكنيسة النصرانية في السنغال ما دام الحديث يدور حول الاستعمار، فلا مندوحة من التعرض للكنيسة باعتبارها ربيبة له، إذ مهما حاول رجال الكنيسة اليوم في السنغال نفي ارتباط مؤسستهم الدينية بالاستعمار فإنَّ الوقائع والأحداث التاريخية تؤكد وجود صلة بينهما… ولعلَّ القاسم المشترك بينهما فيما يخص الإسلام هو سعيهما الحثيث لتشويهه، بعد أن تأكدت استحالة تحويل المسلم السنغالي عن دينه. ولم ترض الكنيسة للسنغاليين بدين سوى النصرانية، الأمر الذي كان القرآن الكريم- قبل أربعة عشر قرناً- قد نبَّه إليه، وأن النصارى يعملون للقضاء على دين الله عزّ وجل، وتحويل المسلمين إلى النصرانية: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) (البقرة: 120)، وهذا روبير أرنود(ROBERT ARNAUD ) يكرر اللهجة ذاتها "لا نعترف في أفريقيا الغربية إلاَّ بسلوك أخلاقي واحد ألا وهو سلوكنا " أي: السلوك النصراني. وقد طلبت النصرانية من المسلمين من قبل ان يتحولوا عن دينهم إن أرادوا هدىً. الموضوعالأصلي : طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الخميس 11 سبتمبر - 14:03:34 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: رد: طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال (وقالوا كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا ) (البقرة:135)، ويقول محمد أسد، وكان مستشرقاً نمساويًّا اهتدى إلى الإسلام: "لا تجد موقف الأوروبي موقف كره في غير مبالاة فحسب، كما هي الحال من موقفه من الأديان والثقافات غير الإسلامية كلها، بل كره عميق الجذور، يقوم في الأكثر على حدود التعصب الشديد، وهذا الكره ليس عقلياًّ فقط ولكنه يصطبغ بصبغة عاطفية قوية " (22). وخليق أن نلاحظ أن أغلبية المسلمين في السنغال تجهل ما يضمره غيرهم من أتباع التثليث للإسلام من حقد، يستوي في هذا الحقد النصراني الأوروبي، والنصراني السنغالي، ومما يساند هذه المقولة ما جاء في تحقيقات أجراها العالم الاجتماعي "بيير فوجير ولاس-(PIERRE FOGEUROLLA ) حول موقف المسلمات السنغاليات من النصرانية وموقف النصرانيات من الإسلام، فتبين أن ثلاثة أرباع المسلمات صرحن أن النصرانية والإسلام يتجهان إلى إله واحد، وأن النصارى مع الأسف يجهلون الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم ؛وبالمقابل، اتهم ربع النصرانيات وأعضاء أديان أخرى المسلمين بالكذب والنفاق "(23). وبقليل والباحث موقف النصرانيات بكونهن ينتمين إلى الأقلية الدينية في البلاد… تعليل لا يقنع أحداً، أنَّ موقف النصارى من الإسلام له خلفية غير مجرّد الانتساب إلى الأقلية، إذ لو قلبنا الصورة فأجري التحقيق في بلد لا تشتكي النصرانية فيه قلة عدد لما تغيرت النتيجة. فتحقيقات "فوجير ولاس " هذه تفيد مزاعم القائلين بنزاهة النصراني وصفاء طويته، لقد صدق الحق سبحانه وتعالى؛ حيث كشف عن أعداء دينه: (ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردّونكم مِّن بعد إيمانكم كفاّرًا حسدًا من عند أنفسهم مِّن بعد ما تبيَّن لهم الحق ّ) (البقرة:109) وأما قذف النصرانيات السنغاليات المسلمين بالكذب والنفاق فليس بدعاً في سجل علاقة الإسلام بالنصرانية، فقد تعرِّض النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لشتائم في العالم النصراني، وساهم في ذلك النصارى بمختلف مشاربهم، وعبر العصور، من ذلك ما كتبه "فولتير " سنة 1745 م في مسرحيته التي سماها (محمد-أو التعصب ) وقذف فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بأقذع الشتائم؛ ولأدهى من ذلك كله، أن "فولتير " قدم المسرحية هذه إلى بابا روما مخاطباً إيَّه: "فلتغفر قداستك لعبد خاضع، من أشدّ النَّاس إعجاباً بالفضيلة، إذ تجرّأ فقدم إلى رئيس الديانة الحقيقية (كذا) ما كتبه ضد مؤسس ديانة كاذبة بربرية (كذا) أستطيع أن أوجّه بنقدي قسوة نبي وأغلاطه (كذا) فلتأذن لي قداستك في أن أضع عند قداستك الكتاب ومؤلفه، وأن أجرؤ على سؤالك الحماية والبركة، وإنني مع الإجلال العميق أجثو وأقيِّل قدميك القدسيتين- فولتير17 أغسطس [آب] 1745 م " يستغرب مثقفون معجبون بـ"فولتير " أن تصدر عنه مثل هذه السخافات، معتبرين إياَّه مفكّراً حرًّا، في حين أن الأمر طبيعي وعادي في علاقة النصرانية بالإسلام،لأنَّ "فولتير" وأمثاله ليسوا أحراراً إلا بالقدر الذي تسمح به ثقافتهم النصرانية المفعمة بالحقد على الإسلام… ويلاحظ توفيق الحكيم بمرارة أن "رو سو " لم ينصف رسول الله عليه الصلاة والسلام: "علمت_ يقول توفيق الحكيم- في ذلك أن (رو سو) كان يتناول بالنقد أعمال (فولتير)، فاطّلعت على ما قاله في قصة محمد صلى الله عليه وسلم علّني أجد ما يرد الحق إلى نصابه فلم أر هذا المفكر الحر أيضاً يدافع عماَّ ألصق به كذباً، وكأنَّ الأمر لا يعنيه، وكأنَّ ما قيل في هذا النبي صلى الله عليه وسلم لا غبار عليه ولا حرج فيه… "(24) أما هجوم النصرانية علناًّ الإسلام أياَّم الاحتلال الاستعماري فقد تجاوز الحدّ، ولعلَّ ذكر بعض تصريحات أسقف مدينة داكار في ذلك العهد يكفي دليلاً على ما نقول، كتب لو فيفر-(LE FEVRE ) سنة 1953 م في صحيفة إكليسيا(ECCLESSIA ) قائلاً: "إما أن تتبع أفريقيا أهدافها البعيدة بالبساطة والنزاهة والتدين وتعتنق النصرانية، وإما أن تؤكد نفسها خارج الأديان، تحت تعدد الزوجات الحقير، وسيطرة الضعف والتشاؤم فتلقي بنفسها في أحضان الإسلام… إنَّ الدين النصراني هو وحده الذي يطالب باحترام البسطاء "(25) غير أنَّ ما كان يحققه الإسلام أصبح مثار امتعاض للأسقف، فنغص عليه حياته إلى حدّ الاختناق والهوس، فزعم في مقالة أخرى كتبها سنة 1959 م أن أفريقيا السوداء ساقطة لا محالة في يد الشيوعية إذا اطّرد زحف الإسلام فيها: "يصبح تدخل روسيا في أفريقيا حقيقة يوماً بعد يوم، وذلك أمر غير متوقع بالنسبة لأولئك الذين لا يفهمون الإسلام جيداً، فالدول التي فيها أغلبية مسلمة هي التي تنفصل بسرعة عن الغرب وتستورد الأساليب الشيوعية التي تشبه إلى حدًّ بعيد الأساليب الإسلامية: التعصب والاشتراكية والعبودية، كل ذلك من تقاليد الإسلام(كذا)، وبالعكس ، تقاوم الدول التي فيها أغلبية نصرانية بفعاليةٍ الشيوعيةَ وتظل كذلك مرتبطة ارتباطاً قوياًّ بالغرب… ويقدم السنغال حالة نادرة " (26). لا حاجة إلى تفنيد ادّعاءات الأسقف "لو فيفر " بذكر الدول التي تحوَّلت إلى الشيوعية؛ ولكننا نريد مدى الحقد الذي تكنّه الطائفة النصرانية للإسلام. وقد استمرت حملة الكنيسة على الدين الإسلامي بعد أن نال السنغال استقلاله، وزادت حدّتها إثر ظهور بوادر صحوة إسلامية في السنوات الأخيرة، والنصرانية تتخوف من مغبّة نجاح أي ازدهار إسلامي بالسنغال، فهكذا دقّت ناقوس الخطر لدى وجود ظاهرة عزوف الشباب المسلم عن الحضارة الغربية النصرانية "فقد ظهرت- أي الصحوة الإسلامية- حتى في الملابس؛ باعتبارها شكلاً من أشكال رفض الغرب(…) ويواظب الشباب المسلم على تعهد أما كن العبادة ويقرأ القرآن ويحاول أن يعيش عقيدته "(27). وتعتبر النصرانية الصحوة الإسلامية جريمة ترتكب ضدّها، ويفقد الناطق بلسانها السيطرة على نفسه حين يتأكّد من وجود تياَّر إسلامي جارف يجتاح السنغال، ويلاحظ بمرارة أنه "في كل عيد نصراني أو علماني، يجهدون أنفسهم- أي قادة الحركات الإسلامية-من أجل تعبئة المواطنين التأكيد عقيدتهم، ففي أعياد مثل 24و31 ديسمبر[كانون الأول]- التي يحتفل فيها النصارى بأعياد الميلاد بالعربدة والسكر- يدعون الشباب المسلم إلى إحياء تلك الليالي في العبادة معهم "(28). والأدهى في هذا الأمر أنَّ النصارى لم يكترثوا يوماً من الأيام بأعياد المسلمين، علماً بأنَّ منطق الأشياء يفرض عليهم ذلك نظراً لكونهم يمثلون أقليَّة في البلاد، بينما هم يريدون أن تظل أعيادهم العديدة أعياداً وطنية يحتفل بها الداني والقاصي، لذلك يتذكرون من انصراف المسلم عن الاحتفاء بعيدي الفصح والخمسين، بل يكابرون أن ينكر المسلمون إثبات الأعياد النصرانية العديدة في التقويم الرسمي. ولا يكفيهم أنَّ الدوائر الحكومية تتعطل في جميع الأعياد النصرانية على كثرتها، في حين لم يصبح رأس السنة الهجرية عطلة رسمية إلاَّ سنة 1983م (!!). وكما كان الوضع في عهد الاستعمار، فإنَّ الكنيسة لا تزال تحلم بأن تبقى الصلة منقطعة بين السنغال والعالم الإسلامي، وترى أنَّه ليس من حقِّ المسلمين السنغال والعالم الإسلامي، وترى أنَّه ليس من حقِّ المسلمين السنغاليين تنمية علاقاتهم بإخوانهم في العقيدة، بل تنعى على بوادر التعاون التي بدأت تظهر في الأفق بين مسلمي هذا البلد وتني دينهم"فأدَّت-أي الصحوة الإسلامية- إلى توسيع نطاق نفوذ العالم الإسلامي في المجتمع السنغالي، خصوصاً وأنَّ العرب يقومون ببناء المساجد وتقديم المنح". وأكبر ما يقض مضاجع الطوائف النصرانية في السنغال من الصحوة الإسلامية كونها ذات مضمون شمولي، وكونها تهدف إلى تصفية الدين الإسلامي مما علق به من بدع وشوائب وترهات، وإلى تنظيم المجتمع على أسس العقيدة الإسلامية السمحاء "نالت-أي الصحوة الإسلامية-نتائج لدى الأسر، حيث أصبح سلوك الفرد فيها مبنياًّ على تعاليم القرآن، بدرجة يرقب معها الآباء تصرفات أبنائهم، وبدأت الأصوات تتعالى بشكل مستمر تدعو إلى تحريم إعطاء الرخص لاستيراد الخمور وإلى إقفال أبواب المراقص ودور اللهو "(29). على أنَّ المتتبع لأحوال الأقلية النصرانية ومجالات نشاطها يجد أنها لا تتناسب مع حقيقة وضعها "الديموغرافي "؛ فهي تراقب قطاعات حيوية هامة في ميدان التربية والتعليم والنشاط الاجتماعي. تملك الطائفة النصرانية في السنغال مئات المدارس من ابتدائية وإعدادية وثانوية منتشرة في المدن والقرى، وتستلم من أجل تسييرها مساعدات سخيَّة من الدولة منذ أياَّم الاستعمار، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وعلى سبيل المثال: حصلت المدارس النصرانية عم 1984م على ما يزيد قليلاً على (55) مليون فرنك أفريقي من أصل (75) مليون فريك قدّمتها الحكومة لمساعدة المؤسسات التعليمية الحرة، عدا ما تتلقاه من المنظمات النصرانية العالمية، الأمر الذي جعل مدارسها أفضل تجهيزاً وأكثر ازدهاراً من أية مؤسسات تعليمية أخرى في البلاد كلّها. تأسست تلك المدارس مبدئياًّ لاستقبال أبناء النصارى ليتلقوا فيها مبادئ ديانتهم إلى جانب المواد الأخرى المقررة في المدارس الرسمية، لكنها بحكم ما لها من إمكانية، وما تتصف به-صدقاًّ أو كذباً-من فاعلية وكفاءة، تمتلئ بأبناء المسلمين، فالناشئة الإسلامية التي تتعهد المدارس النصرانية، إن لم تعتنق النصرانية على مقاعد تلك المؤسسات التعليمية فإنها تلقن فيها ما من شأنه أن يخلق في نفسها البلبلة وروح الكراهية للإسلام، ويبعدها عن كل ما يمتّ بصلة إلى عقيدة آبائها، و هذا مكسب هام للكنيسة لأنّ المهم كما يقول القس (زويمر ): "وليس هو تنصير المسلمين، ولكن الهدف الأساسي يجب أن يتركز على تشكيكهم في دينهم وزعزعة معتقدهم؛ وهذا في حدّ ذاته يكفي "(30)، ويقول (فال شاتليه ): "لا شكّ أن إرساليات التنصير من بروتستانتية وكاثوليكية تعجز عن أن تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس متبعيها، ولكي يتم لها ذلك يجب أن تبث أفكارها عن طريق نشر اللغات الأوروبية وتسريب ما تريده من أفكار إلى العالم الإسلامي ". للدافع نفسه تراقب الكنيسة عن كثب النشاط الكشفي في السنغال، باعتبار المنظمة الكشفية السنغالية تابعة لها؛ تضع قوانينها، وتشرف على سيرها مباشرة، وتوجهها حسب مشيئتها، نظرًا لكون الحركة الكشفية السنغالية من أهم تنظيمات النصارى الأساسية؛ ولا يخفى على أحد حينئذٍ خطورة استيلاء الكنيسة على جهاز يقوم بتوجيه وتكوين النشء الإسلامي. ويلاحظ أن الهيئات النصرانية تهتم بالشباب المسلم، حتى المجلات الأسبوعية التي اقتطفنا بعض فقراتها لا تعتني باتجاهات المسلمين الذين جاوزوا مرحلة الشباب بل تبكي على الشبيبة الإسلامية التي ـ في زعمها ـ في طريق الإفلات من قبضة الكنيسة وتنظيماتها. يضاف إلى ما سبق أن الكنيسة النصرانية تملك عددًا من مرافق الخدمات الاجتماعية من مستوصفات ومراكز صحيحة ومؤسسات خيرية تقدم العلاج وتعلم المهن النسوية، وتؤوي المعوزين مقدمة لهم العلاج، وأحيانًا التعليم، الأمر الذي يسهل لها الاحتكاك والاتصال المباشر بأبناء المسلمين، ثم تبنيهم وتنصيرهم (31). خلا النشرات الدورية التي تعكس وجهة نظر مختلف الطوائف النصرانية الموجودة في السنغال، تملك الكنيسة الكاثوليكية صحيفة أسبوعية ذائعة في غربي أفريقيا كلها هي (أفريك نوفيل AFRIQUE NOUVELLE ) وتصدر بمدينة داكار باللغة الفرنسية، وتعكس وجهة نظر الأقلية النصرانية، وتركز هجومها على الإسلام والمسلمين، وقد استساغت ذلك لأن الجو مناسب يمكنها من أن تبيض وتصفر طالما لا تملك الجماعة الإسلامية حولا ولا طولا للقيام بالرد على اعتداءات الصحف النصرانية. ونشير بهذا الصدد أنه ثارت ثائرة الطائفة النصرانية حينما أعلنت جماعة إسلامية عزمها على إصدار صحيفة يومية، فاعتبرت ذلك مكابرة، فكتبت "أفريك نوفيل " تقول: "إنهم يستعدون لإصدار صحيفة يومية عما قريب " ثم تساءلت: "إلى أين يسير صعود التيار الإسلامي؟ "، وتذهب العجرفة بالصحيفة النصرانية إلى حد نقد كبار المسؤولين في أجهزة الدولة والحكومة لتركهم المتعاطفين مع التيار الإسلامي داخل الحكومة نفسها: "وكان رئيس الدولة على اطلاع على أهداف الدعاة المسلمين، ولكنه ماذا يفعل حينما يكون بعض أعضاء حكومته متعاطفين مع أعداء السلطة؟ (32) " هذه السلطة قد تكون سلطة الدولة ولكن ليس ببعيد أن يكون المقصود بها سلطة الكنيسة. وبما أن الكنيسة، بعد تجارب سنين طوال، اقتنعت أنها لن تنجح في تنصير المسلمين، لأن ذلك هدف بعيد المنال، فإنها تكتفي ببث البلبلة في نفوسهم، وتنصير تصرفاتهم، فذلك سائغ لانعدام أي جهة تتصدى لمخططاتهم الصليبية؛ فلم يكن لدى الشيوخ ـ الذين بمقدرتهم التصدي لها ـ وعي كافٍ بخطورة ما تبيته الكنيسة للإسلام وأتباعه، كما أن تنظيمات المستعربين من الضعف بحيث لا ينتظر أحد منها القيام بمثل هذه المهام الشاقة التي تتطلب توفر حدّ أدنى من الاستقرار والاستقلال النفسي والمادي، فالمستعربون الذين بحكم ثقافتهم يعون جيدًا خطورة نوايا النصرانية تجاه المسلمين مجردون من كل سلاح يقاومون به تهجمات الكنيسة التي تتعاون مع جهات مشبوهة للتشكيك بالإسلام، لهذا الهدف وجهت اتهامات باطلة للإسلام تدّعي أنه السبب في التأخر المادي للمسلمين في السنغال، والمسؤول عن وضع المرأة المتردي في نظر الكنيسة. وتقف بجانب النصرانية في مهاجمة الإسلام طوائف دينية أخرى في السنغال متهمة المسلمين بالتعصب الديني(33)… اتهامات باطلة تبث البلبلة في نفوس مسلمي السنغال لقد كان من تقدير الله تعالى أن يكثر أعداء دينه في هذا البلد، يقومون بمناوأته، وينقبون عن مثالب أتباعه، ويفتعلون العيوب لزعمائه، وينبشون تناقضات الفئات المنتمية إليه، جاعلين ذلك كله منطلقًا للهجوم والقضاء على الإسلام، وبث البلبلة في النفوس. لم تكن الكنيسة وحدها في هذا الميدان، بل عملت هي وهيئات معادية للإسلام للتشكيك فيه، ونجحت إلى حدٍّ ما، فقد بتنا نجد أشخاصًا يحملون أسماء إسلامية، ويتزيون بزي المسلمين، لكنهم يعيشون بعقلية النصارى، ويتصرفون على شاكلة الأوروبيين، مخربين دينهم الإسلامي بأيديهم بتغرير من الهيئات النصرانية والماسونية والبهائية المتسترة وراء نوادٍ مشبوهة ومجهولة الهوية، ولا تتورع عن التلفيق والافتراء لكسب الأتباع من أجل الحصول على موطئ قدم على أرض هذا البلد المضياف. وتلقى هذه الحركات التشويشية صدًى كبيرًا لدى بعض كبار الكوادر الذين تستهويهم شعارات الماسونية الزائفة، وتمويهات البهائية، اللتين تزعمان أن مبادئهما لا تتنافى مع الإسلام (!!). وتجدر الإشارة إلى أن الماسونية تملك بعض المحافل التي تضم عددًا من كبار الشخصيات، ويقال: إن لها أتباعًا حتى بين متزعمي الطرق الصوفية، ومن المستعربين، فهؤلاء يقومون بدور العملاء، ينظمون المحاضرات للهجوم على الإسلام في مختلف المناسبات. وفي الساحة ذاتها تتحرك الطائفة البهائية التي ـ وإن لم تفلح حتى الآن بالتغرير بأحد من المسلمين ـ فإن وجودها في السنغال يعتبر خطرًا على الناشئة، نظرًا للحرية المعطاة لها حيث تستطيع بكل سهولة الاتصال بالجمهور السنغالي عن طريق الصحافة، وكان من دأبها أن تنشر من حين لآخر في اليومية شبه الرسمية (لو سولي ) [LE SOLEIL ] بلاغات منمقة وبيانات مزيفة تشرح من خلالها مبادئها، وتعرض عبرها وجهة نظرها حول قضايا اجتماعية مختلفة مع شيء كثير من الحذلقة والمغالطة، الأمر الذي يمكن، في المستقبل، أن يُسقط في حبائلها الشباب المسلم. غير أن خطر البهائية، في الوقت الراهن لم يستفحل، لأنها لا تتوفر على مؤسسات ذات أهمية، وذلك خلاف وضعها في غامبيا المجاورة التي تكوّن مع السنغال اتحادًا "كونفيدراليًّا" حيث بنت مستشفيات ومراكز صحية ومدارس، وتشر الكتيبات باللغة العربية مما يلزم التفكير في اتخاذ الاحتياطيات للحيلولة دون تسرب عدواها إلى السنغال، وبالتالي تطهير غامبيا الشقيقة من هذا الوباء. يضاف إلى أعداء الإسلام هؤلاء منظمات تعمل متسترة خلف أقنعة متعددة على الساحة السنغالية، منها: منظمة "كاريتاس KARITAS " وهي هيئة عالمية نصرانية، لها فروع في كل بلد يوجد فيه نصارى، مهما قل عددهم؛ هدفها المعلن: إسعاف ضحايا الكوارث الطبيعية في بقاء العالم كلها؛ عقدت فروعها في السنغال اجتماعًا بمدينة "داكار " في العاشر من مارس 1984م خصصته لدراسة وضع منكوبي الجفاف، وما يمكن أن تقدمه لهم من مساعدات في هذا السبيل!! تتبع هذه المنظمة سياسة مدروسة تقوم على اختيار عيِّنات خاصة من قرى المسلمين ـ تعيش في ظروف اقتصادية بائسة تجعل أهلها معرضين، أو لديهم قابلية للتنصير ـ تقدم لهم ما يحتاجونه، وتوزع عليهم بعض علب السردين، ومسحوق الحليب المجفف، وحفنات من الأرز والدقيق… ومن هذه المنظمات أيضًا: نوادي "الروتاري" التي تقوم بدورها كذلك، وتقدم معونات إلى هؤلاء الفقراء، وهذه النوادي ـ كما هو معروف ـ ذات علاقة وثيقة بالمحافل الماسونية، تحقد على الإسلام، وتغري كبار الكوادر بالمناصب التي تزعم أنها تضمنها لهم في الجهازين: السياسي والاقتصادي في البلاد… وتستغلهم بعد ذلك لتحقيق مآربها في توهين عرى الإسلام، وإضعاف المسلمين. هذه المنظمات وكثير غيرها، تختلف أسماؤها، إلاّ أنَّ أهدافها واحدة، فعلى سبيل المثال: نوادي "الليونز " تشبه "الروتاري " في أسلوب عملها، من حيث الادعاء بأنها غير دينية، وما ذلك إلاّ لإخفاء هويتها الحقيقية التي تعمل لخدمة وتحقيق أهداف أعداء الإسلام. من هنا كان الجفاف الذي حاق ببلدان إسلامية فرصة اهتبلتها هذه المنظمات النصرانية والماسونية تحت غطاء "الأخوة الإنسانية " و "التضامن الإنساني " لتتسلل إلى عقر دار الإسلام، نافثة سمومها، داعية إلى عقائدها الفاسدة الهدامة. إنّ استقرار الجفاف والجوع في منطقة الساحل، وهي منطقة يكوِّن فيها المسلمون الأغلبية الساحقة، أعطى فرصة لهذه المنظمات التنصيرية وأمثالها للظهور والتحرك؛ حيث تقوم بتقديم المواد الغذائية والملابس والأدوية، في الوقت الذي تكاد الهيئات الإسلامية أن تختفي فيه عن الساحة نفسها!! ومن الأفكار المنمقة التي تروجها تلك الطوائف المعادية للإسلام الزعم أن كل تأخر وتخلف فكري ومادي عائد إلى الإسلام، وأن كل تفتح ثقافي وتقدم حضاري راجع إلى غيره، وهم يتجاهلون أن من الحيف أن تنسب (التقدمية ) إلى دين بعينه، وتُنفى عن آخر، في حين أن الأديان السماوية أتت أساسًا لإنقاذ البشرية من الهمجية وبراثن الجهالة، وورطة العماية، ولا قتيادها نحو الخير والهداية ونور الحضارة، ولذلك عندما تُنفى (التقدمية ) عن دين ما فقد جرد من أهم خصائصه، وعلّة وجوده، وجوهر مقوماته. ومن المقولات المتداولة لدى أعداء الإسلام بالسنغال، قولهم: إن النصرانية بمثابة سهم يشير إلى الأمام؛ بينما يومئ سهم الديانة الإسلامية إلى الوراء لاحتوائه عناصر سالبة في جوهر العقيدة: ويمثلون لذلك: اعتقاد المسلم بـ (المكتوب )، وعجزه عن تغيير ما يحيط به من عوالم، ونفي كل إرادة نابعة منه، والاستسلام الكلي للقدر… مما أقعده عن المجازفة، وثبط عزمه، وشل لديه كل مبادرة، لذلك لم يحاول بذل أي جهد لتغيير وضعه من سيئ إلى حسن، ومن حسن إلى أحسن، فالمؤمن يردد أن الرزق بيد البارئ يعطيه النائم الكسول، ويحرمه العامل النشيط الذكي (!!) فلا داعي والحالة هذه، للاكتساب والارتزاق، والكد والنّصَبِ لضمان حياة مادية أو روحية راقية، إذ لا طائل من وراء ما يبذل من جهد لتحويل اتجاه العجلة. لا شك أن تلك المقولات بعيدة كل البعد عن حقيقة العقيدة الإسلامية السليمة، لأن هذه القدرية العمياء لا تعبر عن وجهة نظر الإسلام الصحيح الذي يدفع المسلم نحو العمل الصالح المفيد، ويجعل ذلك مقياس التفاضل بين الناس؛ ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر المسلم، حتى ولو قامت عليه القيامة، وبيده فسيلة أن يزرعها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، والله عز وجل يقول: ((وابتغِ فيما آتاكَ الله الدّار الآخِرة ولا تنْسَ نصيبك مِن الدُّنْيا وأحسِنْ كما أحْسنَ الله إليك )) [القصص:77] وهو الذي ربط التغيير في المجتمع بتغيير المسلم لما في نفسه: ((إنَّ الله لا يُغيِّر مَا بِقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم )) [الرعد:11). إذا كان الرد بالنفي، ترى ماذا في العقيدة الإسلامية يعوق التقدم، ويحول دون استخدام ملكات العقل والجسم، ويمنع المسلمين من محاولة تغيير محيطهم لصالحهم؟! ويكفي للرد على هؤلاء أن ندعوهم إلى استقراء ماضي الإسلام، ليس في فترة ازدهاره في دمشق الأمويين، وبغداد العباسيين، وقرطبة المسلمة بالأندلس، بل عن طريق مقارنة المجتمع الأفريقي المسلم وما يماثله من مجتمعات أرواحية: "إن السكان المسلمين يمكن أن يصبحوا بسهولة متعصبين ومعادين للبيض، ولكن مما لا شك فيه أن الإسلام لدى السود خميرة للحضارة، ويمكن أن يرقى بأخلاقية السكان الأصليين، ويرفع بشكل ملموس من مستواهم العقلي(34) ". ثم إن دستور الإسلام: القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وتطبيقات السلف الصالح رضوان الله عليهم تفند مزاعم الاتكاليين الكسالي، وادعاءات مناوئي الديانة الإسلامية، بل كيف يتصور العقل السليم أن يدوِّخ هذا الدين، لفترة غير وجيزة، مشرق الأرض ومغربها، من مشارف الصين إلى تخوم جبال "البرانسطن " ويبني صرح ضارة لم تبل معالمها رغم ما تعاقب عليها من أطوار وأحداث وفتن؟ ويبدو أن بعض الفئات تتذرع بمثل تلك الأفكار الخاطئة لتشكيك المسلمين في دينهم وبث التشويش في نفوسهم، فضلاً عن أن إلصاق (التأخرية ) إلى الإسلام ما هو إلا تبسيط لأعوص معضلة تشغل بال العالم كله، إذ ـ حسب هذا الادعاء ـ تنحل عقدة التخلف بعصا سحرية بمجرد ما يتنكر مجتمع إسلامي لعقيدته الإسلامية باعتناق بدائلها من نصرانية ويهودية أو حتى أرواحية… لا يفتر هؤلاء المعادون للإسلام عن ذكر ما يزعمون أنه ثغرة في النظام الإسلامي، ألا وهو وضع المرأة: فهي مهضومة الحقوق، غير مساوية للرجل، وهي دون الجنس الآخر في كل شيء… لسنا هنا بصدد استعراض ما تتمتع به المرأة في ظل النظام الإسلامي، وإنما نشير فقط إلى وضع المرأة في المجتمع الأرواحي حيث لم يكن لها أي حق؛ بل كانت عليها واجبات فقط؛ فهي لا ترث بل كانت موضوعًا للإرث، فعندما يتوفى عنها زوجها لا يكون لديها خيار في الاقتران بمن تشاء، إنما هي مرغمة على الزواج بأحد أقارب الزوج المتوفى، والعلة في ذلك أن المهر يعتبر ثمنًا لها، أي أنها تصبح به في ملك الزوج ووارثيه. لا نتعرض لجميع الاتهامات المفتريات ضد الإسلام، ولكننا نؤكد أنها افتراءات تستحق منا أن تؤخذ بمأخذ الجد، لأن أعداء الإسلام يتخذونها مطية لتنفير ضعاف القلوب والمغفلين وأنصاف المثقفين من المسلمين من دينهم. لا يدرك هؤلاء أن هذا الدين يدعو إلى تحرير الإنسان من ربقة العبودية، عبودية الشهوات والمادة والجاه. ولعل أفدح خطأ يقع فيه دعاة القضاء على الإسلام في السنغال هو تصورهم أن تصفية هذا الدين يتم بالسهولة نفسها التي يصفي بها انقلاب عسكري آثار حكومة عائمة غير ذات قاعدة شعبية متينة!! فمن المتعذر ـ إن لم يكن من المستحيل ـ استئصال العقيدة الإسلامية الراسخة الجذور في النفوس، لأن ذلك منوط باجتثاث عروق الشعب السنغالي نفسه؛ وإذا ما قامت ثورة بإبادة مواطنيها، تفقد تلقائيًّا علة قيامها. ونحن نعتقد أن الإسلام سيكون أول المستفيدين من أية حركة هادفة تعمل من أجل إخراج هذا البلد من التخلف، وهو عمل يساعد العاملين في الساحة الإسلامية على إصلاح المفاهيم الخاطئة حول المجتمع الذي يقترحه الإسلام للإنسانية. إن أي حركة سياسية أو اجتماعية لا تقدر الوضع الخاص للإسلام في السنغال محكوم عليها بالفشل، كما أن أي إصلاح لا يضع ضمن أولوياته العناية بالدين الإسلامي لن يكتب له النجاح، وذلك لسبب بسيط وهو أن 95% من سكان السنغال مسلمون لهم تاريخ طويل في حظيرة هذا الدين، وأن الطائفة النصرانية ـ رغم ما لها من نفوذ لا يتناسب مع وزنها العددي ـ لا تستطيع أن تتطاول لتؤدي دورًا اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا ـ بالحدة نفسها في الدول الأفريقية التي فيها تضخم سكاني نصراني ـ في السنغال لتفاهة عدد أتباعها، فليس السنغال من الأقطار التي يحتكر فيها النصارى الثقافة الأوروبية، والمهارة الفنية. ولعل من الدوافع التي ينبغي أن تقوّي تمسك السنغاليين بعروة الإسلام كونه عامل وحدة وطنية، وباعث شعور بوحدة الانتماء إلى أمة، إذ لم تكن هناك صلة تربط (الأولوفي ) بـ (الماندنكي ) أشد متانة من صلات الدين الإسلامي، فقد وحد الإسلام العناصر المختلفة واللغة والعادات، ونظمها وقارب سلوكها ونمط حياتها: تحتفل الجماعات في أيام واحدة وساعات واحدة بأعياد الإسلام، مما ساعد على التخفيف من عناصر التمايز وإطفاء الشيء الكثير من أوار نار النعرة العنصرية والنخوة العرقية الجوفاء. ويبدو أن اعتبار الإسلام عنصرًا جوهريًّا للوحدة الوطنية تخطى حدود السنغال إلى غيره من الأقطار الإسلامية، "الدين هو الأساس، وأحيانًا الأساس الوحيد لعنصر الوحدة في كثير من المجتمعات الوطنية لبلدان أفريقية وعربية آسيوية. الموضوعالأصلي : طلب بحث حول الاستعمار الفرنسي للسنغال // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |