: تحقيق توازن ميزان المدفوعات.
كانت الجزائر تتمتع بفائض مالي بفضل ارتفاع أسعار النفط حتى منتصف الثمانينات ولكن الانخفاض الشديد لأسعار النفط في سنة 1986 أظهر عدة إختلالات اقتصادية كلية وكشف هشاشة الاقتصاد الوطني، وانخفضت قيمة الصادرات النفطية بمقدار النصف بين سنتي 1985 و 1986، فلجأت السلطة إلى فرض قيود على الاستيراد، مما أدى إلى انخفاض الواردات بنسبة 43% في فترة
(85-87)، مما أدى إلى تشجيع ظهور سوق موازية للنقد الأجنبي، ومع انتعاش أسعار النفط بحلول سنة 1990، كانت الجزائر بصدد إدخال إصلاحات اقتصادية للتحول نحو اقتصاد السوق فقامت بإبرام اتفاقين تمويليين مع صندوق الدولي في عامي 1989 و 1991 ( )
وفي عام 1991 بدأت أسعار النفط في الانخفاض مرة أخرى، واتسم ميزان المدفوعات بالاختلال حيث حدث خلال هذه الفترة انخفاض في الاحتياطات مع زيادة الاقتراض، وارتفع الدين الخارجي إلى 18,4 مليار دولار أمريكي في عام 1985 (حوالي 30% من إجمالي الناتج المحلي) إلى 26,5 مليار دولار أمريكي في عام 1993 أي (63% من إجمالي الناتج المحلي)، كما أن آجال تسديد الديون اتسمت بالمدى القصير، والقروض الجديدة من مصادر وكالات قروض الصادرات قصيرة المدى أيضا(من سنتين إلى ثلاث سنوات) وقد أدى ذلك إلى زيادة نسبة خدمة الدين.
وأمام أزمة اختلال ميزان المدفوعات أو البحث عن التوازنات الخارجية، قامت السلطات باتخاذ إجراءات عديدة لتعميق الإصلاحات الاقتصادية في بداية 1994 بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج شامل لإعادة جدولة الديون في أفريل 1994 ومدة الاتفاق (الاستعداد الائتماني) سنة، بالإضافة إلى اتفاق آخر يمتد من 1995 إلى 1998، وتميز الجزء الخاص بإصلاح القطاع الخارجي بخفض خدمة الدين وتحسين وضعية ميزان المدفوعات والبحث عن التوازنات الخارجية مما أجبر السلطات العمومية على خفض قيمة الدينار بنسبة 7,3 % في مارس 1994 ونسبة 40,17 % في أفريل من نفس السنة.
وكانت حصيلة الحساب الجاري لميزان المدفوعات في 1995 رصيد سالب بـ (- 1902) مليون دولار مقابل (- 1820) في 1994.
وبالموازاة مع ارتفاع صادرات المحروقات بالحجم وأيضا أسعار البترول (17,57 دولار للبرميل) في 1995 مقابل 16,31 دولار للبرميل في 1994) حدثت زيادة في الواردات بواقع 942 مليون دولار أمريكي وعجز أثر على مداخيل رأس المال وصل (-2080) دولار واستمر ذلك على مستوى حساب رأس المال, ووصل في 1995 إلى (- 6370) مليون دولار، وسمحت إعادة الجدولة باقتصاد 478 مليون دولار التي لم تتمكن بالنسبة لهذه السنة من تغطية عجز ميزان المدفوعات الذي وصل (-1462) مليون دولار، والجدول التالي يوضح ذلك.
جدول رقم (28) تطور وضعية ميزان المدفوعات الوحدة: مليون دولار أمريكي
بيــــان 1993 1994 1995
رصيد الحساب الجـاري
الصــــــــادرات
الـــــــــواردات
خدمات بدون عوامل صافية
مداخيل رأس المال الصافي
تحـويلات صافيــــة 360
10262
8206
1336-
1945-
1586 1820-
8899
9158
1241-
1720-
1400- 1902-
10288
10100
1320-
2080-
1310
رصيد حساب رأس المال
الاستثمارات الصافية
قروض ومتوسطة وطويلة صافية
تعديلات 60-
2-
676-
618 2550-
0
2550-
0 1340-
0
1340-
0
رصيد ميزان المدفوعات
إعادة جدولة الديون 301
0 4370-
4490 6242-
4780
Source: Ministère des finances

وظهرت أزمة في النقد الأجنبي في نهاية عام 1993 عندما انخفضت الاحتياطات إلى أقل من 1.5 مليار دولار أي حوالي شهر من الواردات وانتقلت احتياطات الصرف إلى 2,64 مليار دج في 1994 ثم إلى 2,018 مليار دولار في 1995، هذه المبالغ تقدم على التوالي 2,81 شهرا و 2,0 شهرا لواردات السلع والخدمات.
بعد إعادة الجدولة، تقلص معدل خدمة الدين الأجل المتوسط والطويل إلى 48,7 % في 1994 و 40,9 % في 1995، لكن بدون إعادة جدولة الديون هذا المعدل يكون 95,9 % و 94,0 %.
إن الرصيد الإجمالي لميزان المدفوعات قد تحسن بحوالي 200 مليون دولار في الثلاثي الرابع من سنة 1995 حسب نشرية (conjoncture) التي يصدرها بنك الجزائر.
إن الظرف المواتي لسوق النفط والتوجه نحو تخفيض الواردات وبالارتباط بمتابعة مجهودات الاستقرار الاقتصاد الكلي والمالي سمح كله بالحصول على فائض تجاري بـ 100 مليون دولار خلال نفس المدة مقابل عجز بـ 180 مليون دولار في الثلاثي السابق حسب توضيح بنك الجزائر واحتياطات الصرف وصلت 2,11 مليار دولار في نهاية ديسمبر، أي 2.1 شهر لواردات السلع والخدمات مقابل 2 مليار دولار في نهاية سبتمبر 1995.
أشار البنك أيضا بأن الثلاثي الرابع تميز بتخفيف التوترات في سوق الصرف مع تعزيز المرونة في تحديد معدل الصرف".
هذا الأخير وصل حسب النشرية إلى 52,2 دينار لدولار في نهاية ديسمبر 1995 مقابل 50,3 دينار في نهاية سبتمبر من نفس السنة أي "التمهيد للاستقرار" بالاعتماد على سلوك صارم للإجراءات النقدية والمالية لبرنامج الاستقرار .
غير أن إعادة التوازن لسوق الصرف يرتكز على أهمية التمويلات الاستثنائية لميزان المدفوعات ونخص بالذكر أساسا إعادة جدولة الدين الخارجي كما توضح النشرية.
إلا أن أهمية هذه التمويلات المبذولة في 1994 و 1995 بسبب فعل التثمين أو التقويم ساهمت في ارتفاع اللجوء للدين الخارجي متوسط وطويل الأجل في نهاية 1995 الذي وصل (31,3 مليار دولار) وتراجعت نسبة خدمة الدين بـ 5 نقاط بالمقارنة مع سنة 1994 ( ).
أما إيرادات صادرات المحروقات قيمت بـ 6,3 مليار دولار في السداسي في سنة 1997 الثاني منها 600 مليون دولار على الأقل في السداسي الأول، هذا يفسر بظروف نسبيا أقل ملاءمة خلال الستة أشهر الأخيرة للسنة، وهذا يعود إلى تراجع السعر المتوسط للبرميل (19,5 دولار) بالنسبة لمستواه في السداسي الأول (20,12 دولار) وأيضا تراجع أكثر من المستوى الذي وصله في السداسي الثاني من 1996 (23,4 دولار).
استقرت إيرادات البضائع في مستوى السداسي الأول 4 مليار دولار وسجل حساب المعاملات الجارية فائضا بـ 4,1 مليار دولار مقابل 2 مليار دولار في السداسي الأول، وانخفاض هذا الفائض مرتبط أساسا بانخفاض إيرادات المحروقات في السداسي الثاني من سنة 1997.
حساب رأس المال خارج إعادة الجدولة ودعم ميزان المدفوعات قد حققا عجزا أقل من السداسي الأول وهو 1,1 مليار دولا, وفي المجموع تستمر إعادة تكوين احتياطات الصرف في السداسي الثاني لتبلغ 1,6 مليار دولار، مستوى أكبر بقليل من مستوى التمويلات الاستثنائية (بطريقة إعادة جدولة الدين الخارجي "1 مليار" ودعم متعدد لميزان المدفوعات 360 مليون دولار). التي تستمر لتساهم في تعزيز الوضعية الخارجية.
وصلت احتياطات الصرف 8,05 مليار دولار في نهاية ديسمبر 1997 (وهي 4 أشهر وتصنف لواردات السلع والخدمات) .