ينيين وعلى امتداد خمسة آلاف عام أربعة خيوط ثقافية, وهي تظهر أيضاً عبر المفاوضات التجارية الصينية.
الخيط الأول هو الطابع الزراعي, فعلى خلاف الشعب الأمريكي الذي هو في معظمه
من أبناء فإن ثلثي الشعب الصيني لايزالون يعيشون في مناطق ريفية ويعملون
أساساً في زراعة الأرز أو القمح.
وتأخذ الزراعة الصينية التقليدية شكل الزراعة الفلاحية.
فهي جماعية وليست فردية: ويعتمد البقاء على تعاون المجموعة ودرجة تجانسها وانسجامها.
ويربط الولاء للتنظيم الهرمي العائلي وطاعته تلك المجموعات مع بعضها بعضاً,
إذ إن العديد من قاطني المدن في الصين ولد ونشأ في الريف وحافظ على قيمه
المستمدة من البيئة الزرعية.
وكما أن معظم الأمريكيين الحضر متأثرون بجذور رعاة البقر الريفية – حيث
تسود عقلية "أطلق النار أولاً, ثم اطرح الأسئلة فيما بعد" :"افرد أوراقك
على الطاولة".
وهكذا – فقد تأثر الصينيون المعاصرون بقرون من العيش اللصيق بالأرض.
الخيط الثاني هو الأخلاق, وقد أدت كتابات كونفوشيوس دور الأساس للثقافة الصينية على مايقرب من ألفي عام.
وخلال هاتين الألفيتين كانت المعرفة بنصوص كونفوشيوس هي المقوم الأساسي للتعييت في المناصب الحكومية.
وأكد كونفوشيوس ان المجتمع المؤسس على دستور أخلاقي خير سيكون مجتمعاً
مزدهراً ويتمتع بالاستقرار السياسي وبالتالي سيكون آمناً من أي خطر (هجوم).
وكان يوصي أيضاً باحترام العلماء والأقرباء, وحدد خمس علاقات اساسية : بين
الآباء والأبناء, بين الإخوة الكبار والإخوة الصغار, وبين الصديق وصديقه.
كانت جميع العلاقات مطبوعة بصفة الهرمية الصارمة, وكان يطلب من المحكومين –
اي الزوجات والأبناء والإخوة الصغار – ان يقدموا الطاعة والولاء مقابل كسب
احسان حاكميهم – اي الازواج والآباء والإخوة الكبار.
وقد ولد الالتزام التام بهذه العلاقات الهرمية تناغماً اجتماعياً, كان العلاج للعنف والحرب المدنية في زمن كونفوشيوس.
الخيط الثالث في الثقافة الصينية هو اللغة التصويرية, فكما يتعلم الأطفال في الغرب قراءة الحروف والأعداد الرومانية في سن مبكرة.
يتعلم الأطفال الصينيون تذكر آلاف الأشكال المصورة, وعلى اعتبار ان الكلمات
في اللغة الصينية هي صور وليست تسلسلاً من الحروف فإن التفكير الصيني يميل
الى الاعتماد على المعالجة الشاملة للمعلومات,وقد وجد مايكل هاريس بوند,
استاذ علم النفس في الجامعة الصينية بهونغ كونغ, ان الاطفال الصينيين
يتفوقون في رؤية الصورة الشاملة, في حين يتمتع الاطفال الامريكيون بالتركيز
على التفاصيل.
اما الخيط الرابع فهو حذر الشغب الصيني من الاجانب, وهو امر تعلموه من
تجربة قاسية – من تاريخ طويل وعنيف شهدته البلاد من هجمات من جميع أنحاء
البوصلة.
وعلى المنوال نفسه, ايضاً, سقطت الصين ضحية النزاعات المحلية والحروب الأهلية, وتعاقب الإمبراطوريات.
وقد ولدت محصلة ذلك تهكماً على قواعد القانون وعلى الأحكام بشكل عام, ويمكن
القول ان الصينيين يثقون بشيئين فقط, بعائلاتهم وحساباتهم المصرفية