الاتجاه الرومانتيكي

نشأة الرومانتيكية:

ساد المذهب الكلاسيكي في أوروبا منذ القرن السابع عشر حتى أواخر القرن الثامن عشر، و امتد في بعض البلدان الأوروبية إلى جزء من القرن التاسع عشر، فتمتع بسيادة طويلة الأمد، لم يحظ بمثلها مذهب من المذاهب الأدبية التي خلفته، ثم قام المذهب الرومانتيكي على أنقاضه، ولم يتم لهذا المذهب الانتصار إلا بعد أن هوجمت حصون المذهب الكلاسيكي على يد الأدباء والفلاسفة، من دعاة التجديد طوال القرن الثامن عشر.[1]

ومن المؤكد أن حملات كثيرة قد شنت على هذا المذهب باعتباره يتنافى مع المذهب الرومانسي في أبرز خصائصه. ولا شك أن هذه الحملات المناوئة للكلاسيكية هي التي مهدت السبيل لظهور الرومانسية.[2] ويبدو أن خصائص الرومانسية قد استحوذت على عقول شعراء هذا المذهب حتى ثاروا ضد الكلاسيكية ردا عليها في فلسفتها الفنية، وعلى أخص خصائصها والتي منها: " إن الكلاسيكية تقوم أساسا على التقليد والاتباع، وخاصة تقليد النماذج اليونانية والرومانية، فإن الرومانسية ثارت على هذه الرؤية ودعت لأن يكون الإبداع نابعا من مبدئها الأساسي وهي "الحرية"، وبقدر ما كان الكلاسيكيون يحكمون العقل والمنطق في كل شيء، ويؤمنون بالرصانة والاعتدال في رؤاهم ومواقفهم، فإن الرومانسيين على عكس من ذلك يؤمنون إيمانا قويا بالانطلاق والتحرر حتى ترتاد النفس أفاقا واسعة رحيبة"[3]
وفي تصفح لاختلاف المذاهب والمدارس الأدبية من كلاسيكية وواقعية ورمزية فإن الرومانسية تعد أهم حركة أدبية في تاريخ الأدب الأوروبي بما اشتملت عليه من مبادئ ولما مُهد لها من اتجاهات في القرن الثامن عشر، قد

[1] محمد غنيمي هلال، الرومانتيكية ص11

[2] بوجمعة بوبعية، موازنة بين شعراء المهجر الشمالي وجماعة أبو لو ص126

[3] محمد ناصر، الشعر الجزائري الحديث ص84،85

Afficher uniquement la semaine 1
4 juin - 10 juin

يسرت للإنسان الحصول على حقوقه إذ مهدت للثورات وعاصرتها ثم كانت خطوة في سبيل نشأة المذاهب الأدبية المختلفة فيما بعد[1]

خصائص الرومانسية:

إن الرومانسية قامت على أنقاض الكلاسيكية و خالفتها في كثير من أسسها العامة:

إن الرومانسيين يعتبرون العقل في ميدان الفن معارضا للخيال والإلهام الحر[2] فهم بذلك يجحدون سلطان العقل، ويتوجون مكانه العاطفة والشعور و تسليم القيادة إلى القلب الذي هو منبع الإلهام، والهادي الذي لا يخطئ. لأنه موطن الشعور. ومكان الضمير يقول ألفراد دي موسيه " أول مسألة لي هي ألا ألقي بالا إلى العقل "[3] ويقول شوليو:" العقل منبع الأخطاء الذي لا يغيض والسم الذي يفسد مشاعرنا نحو الطبيعة ويقتل الحقيقة التي منبعها العقل، إنما أنت فتنة قد يعجب بك الناس ولكن قلما يحبونك إذ لا يؤثر فينا إلا ما يوحي به القلب"[4]

تعتبر الرومانسية الإنسان منبع القيم جميعا، وتجعل الفرد جديرا بعناية الأدب،[5] فالرومانسيون يتغنون بجمال النفوس عظيمة كانت أم وضيعة وتأخذهم الرحمة بالجنس البشري كله فتفيض عيونهم بالدموع لضحايا المجتمع منادين بإنصافهم مهاجمين ما استقر في المجتمع من قواعد ومتمسكين بالحياة الوديعة الجميلة في الطبقات البسيطة التي تحي بما لا يحظى به ذووا الجاه من الطبقات الأرستقراطية[6]

ـ الخيال المجنح:
الرومانتيكيون في أدبهم لا ينشدون الحقيقة التي تواضع عليها الناس وأقرها المنطق السائد ومهما تكن من صلة بين أدبهم والحياة الواقعية فهي صلة الحلم المتحرر من حقائق المجتمع ومما يقدسه ذلك المجتمع من تقاليد " فالصور

[1] محمد غنيمي هلال الرومانتيكية ص12

[2] - محمد ناصر. الشعر الجزائري الحديث صص85

[3] - محمد غنيمي هلال. الرومانتيكية. ص16

[4] - نفسه ص16

[5] -نفسه ص8

[6] - نفسه ص 18

Afficher uniquement la semaine 2
11 juin - 17 juin

والأخيلة الأصلية التي تستخدمها لغة الأحلام، ولغة التنبؤ الشعري توجد في الطبيعة التي تحيط بنا.[1]

ـ الأدب الرومانتيكي، أدب تقدمي ينظر إلى المستقيل ليغير الحاضر ويستبدل به خيرا منه[2] فالجنوح إلى الثورة والتعلق بالمطلق واللامحدود من أخص خصائص المذاهب الرومانسي.

ـ التلقائية في التعبير.

ـ الذاتية وإبراز الشخصية (شخصية الأديب) " لأن غرض الرومانسية الوحيد هو الحقيقة الفردية، أي أسرار طبيعة الكاتب الخاصة، وأن أول واجبات الكاتب أن يكوّن نفسه بكل ما في هذه الكلمة من معنى. وهو ما عبر عنه فيكتور هيجو بقوله:" على الشاعر أن ينهل عبقريته من روحه وقلبه "[3]

بدأت بذور الشعر الحديث في الجزائر مع الأمير عبد القادر الذي يعد بحق من " رواد الحركة الأدبية الحديثة في المغرب عموما، وفي الجزائر خصوصا "[4]فهو زعيم مدرسة الأحياء في الجزائر كما يرى بعض الدارسين الجزائريين، وكما كان محمود سامي البار ودي رائدا لها في مصر والمشرق العربي.
ثم جاءت فترة الركود الأدبي والتي أصابت الشعر خصوصا، لأن الشعراء هم أكثر الناس إحساسا بالواقع، فالخمول الفكري والثقافي أعقبه ركود شعري في جل الميادين " وامتد ذلك حتى أواخر القرن التاسع عشر حين بدأ يسري في المجتمع انتعاش واعد باستئناف النهوض بعد الانكسار بفعل عوامل مختلفة داخلية وخارجية"،[5] وتعد الحركة الإصلاحية في الجزائر من أهم العوامل التي ساعدت

[1] - عن محمد غنيمي هلال. الرومانتيكية.ص18

[2] - نفسه ص27

[3] - المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا ص201 وينظر محمد ناصر الشعر الجزائري الحديث ص 85

[4] - عمر بن قينة. في الأدب الجزائري الحديث.تاريخا وأنواعا وقضايا وأعلاما .ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر1995ص15

[5] - نفسه ص