جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتديات الجامعة و البحث العلمي :: منتدى البحوث العلمية والأدبية و الخطابات و السير الذاتيه الجاهزه :: للغة و اللسانيات. |
الجمعة 15 أغسطس - 22:06:44 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: علم الجمال الرُّومنسي فى الادب الأمريكي علم الجمال الرُّومنسي فى الادب الأمريكي علم الجمال الرُّومنسي فى الادب الأمريكي أ.ن.نيكَليوكِن ـ ت.د.نوفل نيوّف بدأ الوعي الذَّاتيّ الجمالي يتشكّل لدى الشّعب الأمريكيّ منذ فجر تاريخه القوميّ إبَّان حرب الاستقلال في نهاية القرن الثّامن عشر، حين كان هذا الشّعب يخوض "واحدة من أعظم الحروب التّحرّريّة حقّاً في تاريخ الإنسانيَّة، وواحدة من الحروب القليلة الثّوريّة بالفعل في تاريخ البشريَّة". إنّ النَّشاط الثّوريّ الذي قامت به الجماهير الشّعبيَّة العريضة، والتي لم يقتصر طموحها على بلوغ التَّحرّر من نير هيمنة الميتروبول الإنكليزيّ، بل تجاوزه إلى إنجاز تحوّلات اجتماعيّة، كان نشاطاً أسفر عن قيم جديدة في عقول أولئك الذين كانوا بالأمس سكّان مستعمرة في أمريكا الشّمالية. وقد كان توحيد البلاد على مستوى السّياسة والدّولة بداية لتشكّل ثقافة وأدب وفنّ لـه صفة قوميَّة. يمكن أن نميّز في تاريخ الرّومنسيَّة الأمريكيّة ثلاث مراحل تتناسب مع هذا التطَّور الاجتماعي السّياسيّ في تلك البلاد. إنّ المرحلة الأولى التّي سبقت الرّومنسيَّة وارتبطت بزمن الحرب من أجل الاستقلال تتميّز بغلبة النّزعات الكلاسيَّة. إذ تظهر أولى براعم الرّومنسيّة في ذلك الوقت بالذَّات. وتُلاحَظ هذه العمليَّة في ميدان الأدب والنقد الأدبيّ وعلم الجمال سواء بسواء. وقد كان فيليب فرينو أبرز شخصيَّة حدَّدت ملامح هذه المرحلة. إذ أن مقالته "نصيحة للمؤلفين" تعتبر بالنّسبة للرّومنسيّة الأمريكيّة أوّل بيان أدبيّ وردت فيه فكرة معاداة المجتمع البرجوازيّ الأمريكيّ للشّعر. أمَّا بنيامين فرانكلن وتوماس بين فقد كانا سلفين ومعاصرين لفرينو. وقد أثّرت آراء ونظرات هذين الكاتبين الاجتماعيّين والمفكّرين البارزين تأثيراً جوهريَّاً يومها على الفكر الجماليّ الوليد في الجمهوريَّة الأمريكيَّة الفتَّية. يأخذ النّهوض الجديد للفنّ والأدب في الولايات المتّحدة الأمريكيَّة بالبروز في عشرينات وثلاثينات القرن التّاسع عشر، حين تنطلق الرّومنسيَّة الأمريكيّة إلى الميدان العالميّ. ثمّ هناك، أخيراً، المرحلة الختاميَّة بالنّسبة لعلم جمال الرُّومنسيَّة في الولايات المتَّحدة الأمريكية، وهي مرحلة يمتد تاريخها من الأربعينات والخمسينات وصولاً إلى بداية الحرب الوطنيَّة. سلك علم الجمال والنَّقد الرّومنسيَّان في النّصف الأوَّل من القرن التَّاسع عشر خطّ تطوّر بالغ التّعقيد. إذ أنّ واحدة من أضخم مجلاَّت ذلك الزَّمن، وهي "أمريكا الشّمالية" الَّتي كانت تصدر منذ سنة 1815، إنَّما اتّخذت موقفاً نقديَّاً حادَّاً ضدّ الرّومنسيّين الإنكليز في سنواتها الأولى. فالنّظرات الّتي تكوّنت في أوربّا القرن الثّامن عشر حول أهداف ومناهج الإبداع الفنّي، وغدت في ذلك الوقت نظرات محافظة، هي الّتي اتّخذها نقّاد في "مجلَّة أمريكا الشمالية" حجّة في مواجهة ما عرف في شعر كلٍّ من بايرون وكولريدج وشيلي وكيتس من انطلاقات رومنسيَّة ورفض للقواعد الأدبية الكلاسيكيّة. وتكمن ميزة ظهور وتشكّل الفكر الجمالي الأمريكي في كون هذا الفكر قد ركّز اهتمامه في البداية تركيزاً استثنائيّاً على قضايا الأدب القوميّ. وقد ظلّت هذه القضايا أساسيَّة وحاسمة في تطوّر علم الجمال الأمريكيّ حتّى الحرب الوطنيَّة. إذ ليس مصادفة أن يكون كوبّر، وبراينت، وإدغار بو، وإمرسون، وبعدهم ويتمن، وهنري جيمس، ونورِّس... هم بالضّبط الكتَّاب الّذين يعود إليهم الفضل الأساسيّ في إغناء كنز علم الجمال في الولايات المتَّحدة الأمريكيّة أثناء القرن التّاسع عشر. وخلافاً للبلدان الأوربيَّة الَّتي كان لعلم الجمال فيها تاريخ عمره مئات السّنين، فإنّ المدرسة القوميَّة لعلم الجمال الأمريكي لم تبدأ بالتشكُّل إلاّ في مرحلة الرّومنسيَّة، لتنتهي بعدئذ على تخوم القرنين التّاسع عشر والعشرين. على أنه لوحظ منذ البداية وجود نزعتين رئيستين لهذا التّطوّر، هما النّزعة الدّيمقراطية، والنّزعة المحافظة ـــ المقلّدة، اللّتان كثيراً ما كانتا تصادَفان معاً عند كاتب بعينه على شكل مزيج معقّد من الأحكام والآراء المتناقضة. وقد جرت مناقشة واسعة لمشاكل الأدب وعلم الجمال القوميين في النَّقد الأدبيّ الأمريكيّ خلال عشرينات القرن التّاسع عشر. ففي عام 1827 كتب واحد من ألمع النّقّاد الأدبيين في أمريكا آنذاك، هو جيمس كيرك بولدنغ، مقالة عن الدّراما الأمريكيَّة قال فيها إنّ البلاد بحاجة إلى دراما قوميَّة، أي إلى مسرحيَّات تعبّر عن الشَّخصيَّة القوميَّة الأمريكيّة، أي تلتفت إلى الشّعور بالكرامة القوميَّة، إلى الإحساس بحبّ الوطن. فقد كانت البلاد مليئة بالمادّة الدّرامية التي تبحث عن خشبة عرض، ومن الصعب تصور وقت أفضل لظهور الدراما الأمريكيّة. ويستطرد بولدنغ قائلاً: "إنَّ ما نعنيه بالدّراما القوميَّة ليس تلك الملَّفات الدّراميَّة الَّتي كتبها أمريكيّون، بل تلك الّتي تتوجّه مباشرة إلى المشاعر القوميَّة، وتقوم على أساس الوقائع والأحداث الوطنيَّة, فتفسّر الحياة الوطنيَّة أو تسخر منها، أو ـ أخيراً ـ تمجّد أو تدافع بنبلٍ عن السمات العظيمة والشّهيرة الّتي تتحلّى بها الشّخصيَّة وظروف الحياة، تلك السّمات الّتي تميِّزنا من الشّعوب الأخرى... إذ أنّه ليس لنا لغة ممّيزة باستثناء الإنكليزيَّة لكي نعبّر بوساطتها عن ذاتنا، فما من شيء يتيح لأدبنا أن يصبح قوميَّاً إلاّ التّطبيق الدّقيق والمميّز لهذه اللّغة على أنفسنا بالذّات"(1). وفي ثلاثينات القرن الماضي خاض الأدب الأمريكيّ، المأخوذ حينئذ بروح "التّخلّي عن النّزعة الإنكليزيَّة" نضالاً واسعاً ضدّ الصّور والقوالب الأدبيَّة المقتبسة من الأدب الإنكليزي، والّتي لا تصلها صلة بعالم الطّبيعة الأمريكيَّة الحيَّة. وقد انصبّ الهجوم بصفة خاصّة على "القبّرة" و"العندليب". فكتب وليم كالن براينت سنة 1832 إلى أخيه الّذي ألّف قصيدة عن القبَّرة وهو يعيش في إيللينوس، قائلاً: "هل رأيت يوماً هذا الطّائر؟ فلتسمح لي أن أنصحك باستقاء صورك، حين تصف الطّبيعة، من العالم الّذي يحيط بك... ذلك أنّ القبَّرة طائر إنكليزيّ، وليس لأمريكيٍّ لم يزر أوربّا حقٌّ في أن يعرب عن إعجابه به"(2). وفي ذلك العام نفسه يسدي هنري لونغفِلو نصحه للشّعراء الأمريكّيين الشّباب أن يكتبوا الشّعر انطلاقاً ممَّا "يرونه حولهم، وليس من فكرة مسبقة عمَّا يجب أن يكون عليه الشّعر حسب التّأكيدات المستقاة من قراءة كتب كثيرة. وينطبق هذا بوجه خاصّ على وصف مناظر الطّبيعة الأمريكيَّة. فلنكفّ عن تصوير القبَّرات والعنادل فيها. لأن هذه الطّيور بالنّسبة لنا لا ترفرف إلاّ في الكتب"(3). وبعد بضع سنوات صرَّح ثورو بأنَّه يجب على الشّعراء الأمريكيّين أن يكفّوا عن التّغنّي بالقبّرات والعنادل وعن اللامبالاة بالطيور المحلية الأمريكيّة. كانت صور "الطّيور" هذه تخفي وراءها شيئاً يقلق الكتَّاب الأمريكيّين هو مسألة الموضوع القوميّ. وإنّه لمن الخطأ الظّنّ بأنّهم كانوا يرون أن الملامح القوميَّة للأدب تتمثّل في الحبكة الأمريكيَّة قبل كلّ شيء... لم يكن الأمر متعلّقاً بكون الحبكة الأوروبيَّة لا تتيح معالجة القضايا الأمريكيَّة بقدر ما كان يتعلَّق ـ على الأرجح ـ بكون الموضوع نفسه يجب أن يساعد على طرح المشاكل القوميَّة وليس على لفت الكتَّاب إلى لوحات المناظر الطّبيعيّة الإنكليزيَّة "أو رمال الجزيرة العربيَّة"، أو إلى بلدان أبعد وأشدّ غرابة. لقد كان كتّاب أمريكا التّقدميُّون يدركون أنّ الأصالة القوميَّة لا تقتصر على الموضوع الأمريكيّ. إذ بنى كوبّر، مثلاً، أحكامه حول ملامح الأدب القوميَّة على أساس الأفكار الاجتماعيَّة السّياسيَّة الَّتي يعبّر عنها الأدب، ورفع في مواجهة الإقطاعيَّة الأوروبيَّة نموذجه هو للدّولة الدّيمقراطيَّة الّتي كان يبحث عنها ولا يجدها في أمريكا الّتي عاصرها. إنّ الكلاسيَّة العقلانيَّة والمذهب التَّعليميّ المميزين لكثير من مؤلَّفات الأدب الأمريكيّ أواخر القرن الثّامن عشر ومطلع القرن التّاسع عشر أخذا يتراجعان في عشرينات وثلاثينات القرن التاسع عشر أمام الخيال الرّومنسيّ. وقد تأثّرت أكثريَّة كتَّاب ذلك الزّمن بالتّصوّرات الجماليَّة الّتي صاغها أ. ف. شليغل وس.ت. كولريدج. وتلقّف كثيرون من النّقّادّ فكرة الوحدة العضويَّة في العمل الفنّيّ، وهي الفكرة الّتي صاغها شليغل، فطبَّقوها في تحليلهم الأدب الأمريكيّ في أيَّامهم. وقد كان جيمس راسل لوويل واحداً من أبرز الذين طبَّقوا هذه الفكرة على نحو متّسق. وكان نظريَّة التّخيّل الّتي قال بها كولريدج تتمتّع بشيوع أكبر في أوساط النّقد الرّومنسيّ. وتبعاً لهذه النّظريَّة فإنّ التّخيّل الشّعري يعتبر جسراً من نوع خاصّ بين العالم المادّيّ والعالم المثاليّ. لقد أصبح الخيال والتّخيّل، بوصفهما أساس الإبداع الفنّيّ، حجر الزّاوية بالنّسبة لعلم الجمال عند إدغار آلن بو، الّذي كان في أمريكا أوَّل من أعلن النَّقد نوعاً مميّزاً من الفنّ لـه منهجه ومهامّه الخاصَّة. وقد حاول بو أن يثبت في مقالته "فلسفة الإبداع" أنّ المبدأ الأساسيّ في الفنّ يتمثّل في وحدة العمل الفّنيّ العضويَّة الَّتي تنصهر فيها الفكرة وتعبيرها، المضمون والشّكل. كان إدغار بو أوَّل ناقد أمريكيّ لاقت النّظرية الجماليَّة في أعماله تصوّراً متكاملاً ومتّسقاً. فحين عرَّف بو الشّعر بأنّه "خلقُ الجميل بوساطة الإيقاع" كان يضع فهمه هذا للشّعر في معارضة مع "التّعليميَّة المفروضة" في قصائد لونغفيلو. وكان بو يشدّد بوجه خاصّ على الصّلة الوثيقة بين النّقد الأدبيّ والنّظريَّة، مؤكّداً أنّ سبب الإخفاقات الفّنيّة يعود إلى عدم كمال النّظريَّة. لقد تمسَّك هذا الرّومنسيَّ الأمريكيّ في إبداعه دائماً بالطّروحات الّتي صاغها فيما بعد في مقالتيه البرنامجيّتين، وهما "المبدأ الشّعريّ" و"فلسفة الإبداع". ينظر أنصار "الفنّ للفنّ" إلى "فلسفة الإبداع" عادة على أنّها بيان لمدرستهم. غير أنَّهم يتناسون في هذه الحالة وحدة غائية الانطباع الفّنيّ الذي كان بو يضعه فوق التّقصيَّات الشّكلانيَّة. إنّ وحدة الانطباع الّتي كثيراً ما أفاض الأديب بو بالحديث عنها في مقالاته، تمثّل ـ من حيث الجوهر ـ رفضاً للقول بأنّ العمل الفّنيّ هدف بحدّ ذاته، وهي أيضاً رفض لمحاولة إيجاد مغزى العمل الفّنيّ في حدود العمل الفّنيّ حصراً لا غير. وقد كان بو، بوصفه ممّثلاً لعلم الجمال الرّومنسيّ، يعبّر بطريقة غير مباشرة عن مشكلة علاقة الفنّ بالواقع (بالحقيقة، كما سمَّاها هو)، أي بلغة الصّورة والرّمزيَّة الرّومنسيّتين. وتؤكّد "فلسفة الإبداع" على أنّ بو في شعره، وهو يخلق الصّور ومجمل البناء الفّنيّ للعمل الشّعريّ، لم يكن ينطلق من مخطّط، بل كان يستند إلى الواقع ويؤسّس نظريَّاً ضرورة التّعبير الرّومنسيّ عن جمال الحياة. لقد صاغ إدغار آلن بو في مقالته عن قصص هوثورن واحدة من المقولات الجمالية الأساسيَّة، وظلّ وفيَّاً لها دائماً في ممارسته الإبداعيَّة: "إذا كانت الجملة الأولى لا تساعد على بلوغ وحدة التّأثير، فذلك يعني أنَّ الكاتب قد أخفق منذ البداية، إذ لا ينبغي أن يكون في العمل ولو كلمة واحدة لا تؤدّي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى الهدف المضمر الوحيد.. هكذا، بحذق ومهارة، تتشكّل ـ أخيراً ـ اللّوحة الّتي تعطي من يتأمّلها بالمهارة نفسها، إحساساً بأكبر قدر من الرّضا". لئن كان إدغار بو يعتبر أنّ الشّعر في انسجامه مع الطّبيعة نفسها هو أكثر بعداً عن الواقعيَّة، أي عن الحقيقة، فإنّه كان يرى أنّ هدف النّثر، أي القصص، يكمن في معظمه في هذه الحقيقة تحديداً، أي في التّعبير عن جوانب محدّدة من الواقع. ويظهر مثل هذا الفصل بين الشّعر والنّثر خصوصاً في مقالاته عن هوثورن. حين كان بو يؤكّد على أنَّه لا يمكن "مزج زيت وماءِ الشّعر والحقيقة في واحد" فإنّه لم يكن يعني بالشّعر كلَّ الشّعر، وإنَّما الشّعر الرّومنسيّ وحده. كانت الحقيقة بالنّسبة لهذا الكاتب هي ذلك الواقع الّذي يحيط به. فالفنّ، أي الشّعر، في نظره يناقض الواقع التّافه، إنّهما لا يتَّحدان، شأنهما شأن الزّيت والماء. وهكذا فإنّ مدار الكلام هو التّناحر بين حلم الشّاعر والواقع، أي هو السّمة الممّيزة للفهم الرّومنسيّ للعالم. وإذ يؤكّد بو على المبدأ الشّاعريّ الّذي يسميّه الجمال، فإنّه يجعل من هذا المبدأ نقيضاً لنفعيَّة بنثام وميل الَّلذين يعطيان المقام الأوَّل للنّفع والعقلانيَّة، فيكون بذلك ممثّلاً للاتّجاه الرّومنسيّ في الفكر الجماليّ الفلسفي. كان إدغار آلن بو في قلب الصّراع الأدبي النّقدي الذي نشب في أربعينات القرن التاسع عشر حول مجموعة "أمريكا الفتيَّة" الَّتي دافعت عن مبادئ الأدب القومي. ففي ربيع سنة 1836 نظّم أربعة شباب في نيويورك منتدى أدبيَّاً أطلقوا عليه في البداية اسم "الأربعة"، ثم عُرف هذا المنتدى فيما بعد باسم "أمريكا الفتيَّة". وقد لعبت مجلّة "آركتور"، الّتي كان يصدرها النّادي، خلال عمرها القصير (1840 ـ 1842)، دوراً غير قليل الشّأن في تطوّر الفكر الجماليّ في أمريكا، وكانت، برأي إدغار بو، واحدة من أفضل مجلاَّت البلاد. لقد غدا نادي "أمريكا الفتيَّة" في الأربعينات بؤرة سجال عنيف حول قضايا الخصوصيَّة القوميَّة للأدب والثّقافة. كما شقّ هذا السّجال النّقد الأمريكيّ إلى معسكرين هما: "معسكر القوميّين" و"معسكر الشّموليين". ويرى مؤرّخ الأدب جون ستافّورد أنّ الحدّ الفاصل بين وجهتي النّظر هاتين إلى تشكّل الأدب القومي هو الذي يحدّد تقسيم الرّومنسيّين الأمريكيّين إلى "محافظين" و"تقدميين"(4). إنّ مفهوم "الأدب الأمريكيّ" الّذي يعني بالنّسبة لـ "أمريكا الفتيَّة" أدباً جديداً لإنسان جديد في العصر الجديد "كان مفهوماً ينطوي في ذاته على تصوّر لديمقراطيّته. كان مفهوم "الأدب الأمريكي" بالنّسبة للمحافظين الـ"ويغييّن"، كما سمّوهم يومذاك، أي الصّحفيّين الّذين التفّوا حول "نيويورك ريفيو" و"ويغ ريفيو" باعثاً لتصوّرهم حول انهيار الأعراف الأبويَّة الغالية على قلوبهم وقيام نظام جديد كانوا يسمُّونه "فوضى الأكثريَّة". وقد شكّل إصدار روفوس غريزولد أنطولوجيا الشّعر الأمريكيّ سنة 1842، ثم النّثر الأمريكيّ سنة 1847، مرحلة محدّدة في "بلورة" هذين الموقفين المتصارعين. إذ يطوّر غريزولد في مقدّمته لأنطولوجيا النّثر الأمريكيّ أفكاره حول أدب الولايات المتحدة كما يراه هو. فلكي يكون الكاتب أمريكيَّاً ـ برأيه ـ ينبغي عليه أن يكون قوميّاً لا بالحبكة وإنَّما بروح أعماله تحديداً. ووقع بعض الكتَّاب تحت تأثير العنفوان الوطنيّ فرفضوا جميع المواضيع الدّخيلة، الأمر الذي أفقر إبداعهم وجعله يكفّ عن كونه عفويَّاً. ذلك أنّ العمل الفّنيّ القوميّ يمكن أن يكون مكتوباً حتّى عن الأهرامات. ذلك أن ما يجب علينا عمله هو السعي لإبراز "طاقة الأمّة"، وعندئذ ينشأ الأدب من تلقاء نفسه: "لم يكن أبداً ولا أمكن أن يكون هناك أدب قوميّ محض. فالشّعوب جميعاً مدينة في تطوّرها بعضها لبعض ولما سبقها من تاريخ. لقد نشأ شعبنا من اندماج روافد مختلفة، وليس لنا إلاّ أقلّ الحقّ، بالمقارنة مع أيّ شعب آخر، في أن نطالبه بتجديدٍ صرف في ميدان الفنّ والأدب. فالقضيَّة ليست في السؤال: مَنْ يتخلّى عن الماضي بأكبر قدر من الاتّساق والكمال، نحن أم الشّعوب الأخرى؟ وإنَّما هي في من يحسن استخدام الماضي على نحو أفضل"(5). أثارت أنطولوجيا النّثر الأمريكيّ، ومقدّمة غويزولد بصفة رئيسة، سجالاً حامياً. فقد أكَّدت مجلَّتا "ويغ ريفيو" و"أمريكا الشَّماليَّة" على أنَّ أنصار الأدب القوميّ أنفسهم لا يملكون تصوَّراً لما يجب أن يكون عليه هذا الأدب. إذن، أفليس التَّمتُّع بما في الأدب الإنكليزيّ من جمال خيراً من محاولة خلق أدب جديد؟ هكذا تساءل أحد النُّقَّاد الَّذين كانوا ينكرون على الأدب الأمريكي حقّه في الوجود. كان مثل هذه الأقوال التي تطلق ضدّ الأدب الجديد يلاقي ردَّاً حاسماً في مقالات يكتبها إفريت دايكينك، أحد كبار النّقّاد في "أمريكا الفتيَّة"، وكانت تنشر في مجلَّة "ديموكراتك ريفيو". ففي مقالة "القوميّ في الأدب" (1847) يطوّر دايكينك فكرة الأدب الأمريكيّ بوصفه أدباً ديمقراطياً يعكس حياة شعوب الولايات المتَّحدة: "إنّ نظرتنا إلى القوميّ لا ينبغي فهمها بالمعنى الضَّيق. ذلك أنّ التَّزمُّت والمحدوديَّة لا يتّفقان مع قناعاتنا. ونحن لن نلجأ إلى إحراق الكتب وطرد الكتَّاب، والصدود بقلوبنا عمّا يقولـه لهم صوت الطّبيعة. لن نضيِّق آفاق الأدب، بل سنوسّعها، ولن نضيق مملكة الفكر، بل سنضيف إليها لُبُنَتنا. إنّنا لا نتَّفق مع ذلك العالم الذي ينكر في "مجلة أمريكا الشمالية" قوميَّة الأدب. وخلافاً لما تراه "مجلة أمريكا الشمالية" فإنّ وعي الذّات القوميَّة لا يعيق تطوّر المواهب الأدبيَّة"(6). كان السّجال حول مشكلة الأدب القوميّ الأمريكيّ يخبو حيناً ويتأجّج حيناً آخر بقوّة جديدة حتّى في خمسينات القرن التاسع عشر. ففي عام 1852 تعود مجلة "أمريكان ويغ ريفيو"، في أثناء مناقشتها قضايا الدّراما الأمريكيَّة، إلى ما قال به خصوم الأدب القوميّ من توكيدٍ قديم فحواه أنّه ما دامت جميع السّمات القوميَّة للأمريكّيين تنسجم مع السّمات الإنكليزيَّة، فإنّه لا يجوز الكلام عن شعب أمريكيّ ولا عن أدب أمريكيّ بوصف هذا أو ذاك يختلف عن نظيره الإنكليزي(7). عشيَّة الحرب الوطنيَّة، وفي ظلّ احتدام الأوضاع الاجتماعيَّة السّياسيَّة ونموّ الحركة الديمقراطيَّة في البلاد، عرف الأدب القوميّ نهوضاً جديداً. وأخذت أمزجة التَّعصّب القوميّ في الوقت نفسه تزداد غلياناً في الجنوب الخصب. ذلك أنَّ المتحمّسين للثَّقافة الإقليميَّة، "المحلّيَّة"، أعلنوا آداب مناطق معيَّنة على أنَّها هي المؤلّفات الأمريكية حقَّاً. حتّى أنّه ظهر شعار مميَّز في الجنوب هو: "الأمريكيّ يعني المحلّيّ". وكان وليم هلمور سيمس هو ناشر أفكار الجنوبيّين هذه الّتي كانت تقوم على أساس نزعات انعزاليَّة. ففي دفاعه عن الأدب الإقليمي الّذي كان يعني بالدَّرجة الأولى تلك المؤلَّفات الَّتي ظهرت في الولايات الجنوبيَّة، اختزل سيمس مشكلة الثًّقافة القوميَّة إلى مهمّة خلق أدب محلّيّ: "إذا كنّا لا نبدع أعمالاً قوميَّة فذلك لأنّنا لم نتمكّن من إضفاء طابع محلّيّ عليها"(جيد. وبالرّغم من محاولات المصالحة بين الآراء الإقليميَّة والقوميَّة العامَّة، فإنّ الإقليميّين كانوا يقفون مراراً ضدّ مصالح الأدب القوميّ. وهذا ما أشار إليه بحقٍّ رجال الثَّقافة التّقدّميون في الشّمال. إذ أنّ كتّاب الشّمال لم يكونوا يناضلون من أجل قيام أدب خاصّ بمنطقة ماسَّشوستس أو بنسلفانيا أو حتى نيوإنجلند، بل كانوا يرون أنّ الأعمال الأصيلة تتجاوز حتماً الأطر الضّيِّقة للولايات والمناطق، وتعبّر عن الملامح المشتركة للشّخصية القومية الموضوعالأصلي : علم الجمال الرُّومنسي فى الادب الأمريكي // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: محمد12
| |||||||
السبت 16 أغسطس - 16:20:30 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: رد: علم الجمال الرُّومنسي فى الادب الأمريكي علم الجمال الرُّومنسي فى الادب الأمريكي جزاك الله الف خير الموضوعالأصلي : علم الجمال الرُّومنسي فى الادب الأمريكي // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: زوليخة
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |