كتب الأستاذ/ ثامر محمد الميمان في مجلة المعرفة العدد 45 وتاريخ ذو الحجة عام 1419هـ في صفحة(منصب× 7أيام ) عن المطوفين وحاجتهم إلى تدريب وتأديب وتنمية الشعور الإنساني ، ويقول في مقدمة ذلك: ( سأسجن المطوفين لمدة أسبوعين ) .. كما قرأت الرد التعقيبي من المكرمين الأستاذ/ فايز صالح جمال في جريدة المدينة العدد 13148 وتاريخ يوم الاثنين 3/1/1419هـ والأستاذ/ رجاء أحمد جمال في نفس الجريدة أيضاً العدد 13151 وتاريخ 6/1/1419هـ وقد عقب وأوضح كل منهما بما فيه الكفاية عن الجزئية التي تحدث عنها الأستاذ الميمان وتطرق إليها فلا فض فوه كل منهما وصدق من قال : هذا الشبل من ذاك الأسد بارك الله فيهما وجعلهما خير خلف لخير سلف ، ونعود إلى الموضوع يقول الأستاذ ثامر الميمان لو كان وزيراً لسجن المطوفين أسبوعين وكأنما يرى الأستاذ الميمان أن الوزير يجب أن يكون جلادا ويبطش ويسجن وأن من يخرج عن خط الخدمة الإنسانية لأي ظرف كان وأي سبب كان يناله الأشد من هذا العقاب وأنه ليس من مسئوليات الوزير وواجباته التوجيه والنصح والإرشاد وإنما البطش والسجن ، ونسي الأستاذ الميمان أن صفة البطش والاستبداد تكون في وزير يعمل في ظل حكومة غير شرعية وغير عادلة وأن للعقوبات ضوابط شرعية أساسها قول الحق سبحانه وتعالى : (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) وهذا ما يعبر عنه في القانون المدني الوضعي ( لا عقوبة إلا بعد نص ) وليست هذه العقوبات هوى يتبع ولا أدري من أين استقى الأستاذ الميمان هذا القرار هل عايش المطوفين في هذا الزمان أم شارك المطوفين العمل إبان شبابه ، ونحب أن نطمئن الأستاذ الميمان أن الدولة قد قننت أعمال المطوفين فأصدرت نظام ( قواعد تأديب أفراد طوائف المطوفين والوكلاء والإدلاء الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 79 وتاريخ 14/5/1400هـ وأن معالي وزير الحج حريص أشد الحرص على تنفيذ توجيهات القيادة الحكيمة والتعليمات ومحاسبة كل مطوف فيما له وما عليه وليست العقوبات توضع بالهوى والعبث كما أن معاليه حريص كل الحرص ويعمل بكل ما أوتي من جهد للارتقاء بهذه المهنة وتحسين خدماتها لتعكس الصورة الجميلة لعطاء هذا البلد وقيادته الحكيمة تجاه ضيوف الرحمن والضرب بيد من حديد على كل من يقف عائقاً وخاملاً إزاء هذا الارتقاء وتحسين الخدمات وان المطوف المسيء يعاقب والمطوف المحسن يجازى على الإحسان إحساناً ، وتعميم الإساءة والقصور من جميع المطوفين قول لا يخدم الحق ولا يراعي المصلحة العامة ووددت من الأستاذ الميمان لو يعرف عن شؤون المطوفين الكثير وأن يعرف أصل ومنشأ هذه الخدمة لأن فاقد الشيء لا يعطيه وقديما قال الشاعر :
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
وإنني على يقين لو عرف الأستاذ الميمان وعلم عن أصل هذه الطوافة ومبادئ أساسياتها لعدل عما يقول ولطلب للمطوف ما يستحقه من إكرام ولوقف معه يشد من أزره ويعينه ولدعى له بالرحمة والغفران ومهنة الطوافة التي يرجع تاريخها إلى ما قبل سبعمائة عام أو يزيد قامت أساساً على التقوى والعمل الصالح وقوامها خدمة ضيوف الرحمن من غير كسب ولا اتجار وعلى الكفاف إن كان ثمة أجر وهكذا توارث الأبناء عن الآباء هذه المهنة وهذه الخدمة الشريفة وبهذه المبادئ الأساسية ولقد تعرض كثير من المطوفين عبر الأزمان إلى الخسائر الفادحة من خدماتهم للحجاج فصبروا ورضوا لرضاء الحجاج عن خدماتهم فعوضهم الله خيرا بالأجر والمثوبة وإذا نظرنا إلى مقدار الأجرة التي يدفعها الحاج لقاء سكنه في المشاعر ( عرفة ومنى )لأدركنا بحق أن خدمات المطوف للحاج ليست من اجل الأجرة وإنما لأجل المثوبة والعمل الصالح ، وإلا فقل لي بربك هل مبلغ (150 ) ريالا الذي يدفعه كل فرد من الحجاج مقابل أجرة سكنه في عرفة وسكنه في منى مشمولا بالفرش والنظافة والماء والثلج والكهرباء والتكييف والعناية والرعاية هل تجدها مقارنة إزاء العنت والعمل الشاق وإذا علمت اكثر أن من هذا المبلغ يستقطع منه مبلــغ ( 100 ) ريال تدفع لجهة خيام منى أي أن المطوف يستلم من هذا المبلغ ( 50 )ريالا لقاء أجرة سكن عرفة والخدمات اللازمة لها وكذلك الخدمات اللاحقة لسكن منى ، فأي مقارنة وأي نسبة يجدها أمام خدمات المطوف والأجر الذي يتقاضاه وإنني على يقين لو أن هذا الأجر عرض على شركات مسئولة أو أي متعهد ملتزم بخدمات الحاج اللازمة له والذي يقوم بها المطوف في الوقت الحاضر لامتنعت هذه الشركات وتنصلت وتراجعت ، وهناك مقولة معلومة لدى المطوفين بالتواتر مفادها أن صقر الجزيرة الملك عبد العزيز رحمه الله رغب في تقليل عدد المطوفين وطلب من الرجل الصالح الشيخ عبد الله بن سليمان رحمه الله العمل على هذا التقليل فأجابه الشيخ بن سليمان رحمه الله قائلا ( يا طويل العمر هؤلاء المطوفين جنود من غير راتب ) قال المليك رحمه الله كيف ؟ قال إن المطوفين يعملون بما يدفعه لهم الحجاج وهو مبلغ زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع وشرح للمليك خدمات المطوف وهنا قال المؤسس صقر الجزيرة رحمه الله كلمته المشهورة ( إذاً أبقوهم ونعم العاملون هؤلاء المطوفون) وقديما قال الشاعر: على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وعلى قدر أهل الفضل تأتي المكارم
وأحب أن أقول للأستاذ ثامر الميمان وأمثاله من الكتاب أيها الكاتبون لا تظلموا المطوف ولا تقولوا فيه إلا حقاً ولا تجعلوه الشماعة التي تتقبل وتتحمل ولا الجسر الذي يعبر عليه واسمح لي يا أستاذ ثامر أن أقص عليك حالة من مئات الحالات التي يعانيها المطوفون وتجعلهم في هم المهمومين وفي عداد المقصرين فاسمعوا وعوا : حافلات نقل الحجاج من مكة إلى المشاعر ومن المشاعر إلى مكة تنقل الحجاج على ردين حسب التعليمات والمطوف ينقل الرد الأول من عرفة إلى منى في عدد الحافلات المقررة له ويذهب حجاج الرد الأول وينتظر الباقون حجاج الرد الثاني والمفروض أن يبقوا وينتظروا حتى تعود هذه الحافلات ولكن الحجاج لا ينتظرون ويتصرفون ويفعلون ما لا نحن له راضون وتحضر جهات الأمن ويحضر المسؤولون وتكتب التقارير، الحجاج جالسون والمطوف لم يأت بالحافلات والمطوف لم يرحلهم إلى منى و .. و .. ، والأغرب والأنكى من ذلك أن بعض هؤلاء الحجاج ليست لهم حافلات نقل وليس لهم إركاب لأنهم لم يدفعوا أجور إركاب أصلاً ورغبوا الصعود إلى عرفات مشياً على الأقدام ، وهذه حالة ثانية سكن الحجاج في بيت أعدته واستأجرته بعثتهم وليس للمطوف قول أو رأي أو ضلع في استئجار هذه الدار بل لا يعلم عن موقعها إلا عند وصول الحجاج ومسؤولية المطوف محصورة في تصعيد هؤلاء الحجاج فقط لأن البعثة هي المسؤولة عن جميع خدمات هذه الدار وهي التي تقبض وهي التي تصرف، ويزور الدار مفتشون من جهات متعددة ويكتبون ما يلاحظون وتصدر التقارير تكدس في الغرف إهمال في النظافة أعطال في المكيفات قصور في التجهيزات وتنسب المسؤولية إلى المطوف.
هذه الحالة من مئات الحالات فقل لي بربك لو كنت مطوفا فماذا تفعل وماذا تستحق من عقاب وصدق الشاعر القائل :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
أما ما يتعلق بحساسية الموضوع والألفاظ الجارحة والخروج عن المألوف حتى لو كان وهمياً فأعتقد أن الفقرة (ح) من المادة(7) من نظام المطبوعات والنشر الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 65 وتاريخ 23/3/1402هـ قد كفلت حقوق المشاعر وأحاسيس الغير وأن الجهات المسئولة ذات الإختصاص لها حق البحث والسؤال . رحم الله الشاعر القائل :
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ألا لا يعلم القوم أنـا تضعضعنا وبـان الذل فينا |