جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: تعارف ودردشة :: دردشة وفرفشة |
الإثنين 9 يونيو - 12:35:19 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: هل نحن بحاجة إلى المسرح الإسلامي؟ هل نحن بحاجة إلى المسرح الإسلامي؟ (1) كثيرا ما يُسأل المهتمون بالأدب الإسلامي حول المسرح، وجدواه في الواقع والدعوة، وتتراوح الأسئلة بين الشك في إمكان وجود المسرح الإسلامي ودوره المنوط به في واقعنا، وشروط قيامه. وتُجمع الأسئلة بين حرص السائل على قيام المسرح بدورٍ في الدعوة، ورغبته في أن يتحقق ذلك ـ إذا كان ممكنا ـ في القريب. وسنحاول في هذه المقالة( ) أن نجيب عن بعض الأسئلة التي تتردد كثيرا مثل: *ما العمل لإيجاد مسرح إسلامي يخدم الدعوة الإسلامية؟ *نلاحظ ضعف النصوص المسرحية الإسلامية من حيث الأسلوب والأداء: ماذا يعني ذلك؟ وكيف نتغلب عليه؟ *ما أبرز سمات المسرح الإسلامي؟ *ماذا يجب على الجمهور تجاه هذا المسرح الإسلامي؟ *هل يوجد كاتب متخصص في المسرح الإسلامي؟ *ماذا قدّم الكتاب الإسلاميون من نصوص أدبية ومشاهد مسرحية لخدمة دينهم، والدعوة إليه؟ *ما الدور الذي تستطيع أن تقوم به الجامعات الإسلامية لخدمة المسرح الإسلامي؟ تُثار أمثال هذه الأسئلة كثيراً في واقعنا الأدبي، ولا بد من ترتيب الأوراق والأسئلة قبل طرح وجهة النظر، التي هي بالطبع قابلة للنقاش. 1- المسرح الإسلامي، وأبرز سماته: أبرز سمات المسرح الإسلامي: أولا: يتسع ليشمل الحياة، مادام محافظا على رؤيته الناصعة للحق والحقيقة، وخاليا من وثنيات المسرح الغربي التي ارتبطت به منذ نشأته عند اليونان الأقدمين. ثانيا: لا يتوسل بوسيلة تتعارض مع التصور الإسلامي، فلا يُبلبله، ولا ينشر الفساد في الأرض بتقديم الشاذين والمنحرفين كأنهم قدوات ونماذج يُقتدى بها. ثالثاً: لا يعمد إلى تقديم شخصيات الرسل والأنبياء والصحابة الكرام، وبخاصة العشرة المبشرون بالجنة. رابعاً: يكون باللغة العربية المبسطة التي يفهمها المشاهد (أو القارئ) العادي، ولا يجنح إلى العاميات المحلية. 2-إمكانية تحقق المسرح الإسلامي متى يوجد عندنا مسرح إسلامي؟ الإجابة: سيوجد عندنا مسرح إسلامي إذا توافر المسرحيون الإسلاميون، ولا نعني بالمسرحيين الإسلاميين كتاب المسرح من ذوي العقيدة الناصعة فحسب، وإنما نقصد كافة المشتغلين بالظاهرة المسرحية من مخرجين، ومهندسي إضاءة، ومصممي ملابس ... وغيرهم. وفي هذا المجال أتساءل: لماذا تبقى العملية المسرحية حكراً على المستغربين من بني جلدتنا؟ ولماذا لا يتوجّه الإسلاميون إلى هذا المجال الخصب لخدمة الدعوة، ولتقديم "البديل الإسلامي" حتى لا يبقى الفن المسرحي بشكله الحالي خنجراً موجهاً إلى قلب الأمة، وإلى ذاكرتها الحية. وأتمنى أن يدرس اتحاد الجامعات الإسلامية إنشاء أقسام للمسرح، كما اهتم ـ وهو محق في ذلك ـ بإنشاء أقسام للإعلام. وحتى يتم ذلك لا بد أن نهتم بما هو موجود من أعمال مسرحية تغلب عليها الصبغة الإسلامية لعلي أحمد باكثير ونجيب الكيلاني وعماد الدين خليل ويوسف القرضاوي وأحمد الشرباصي وعدنان مردم بك ومحمد الحسناوي وعامر النجار ... وغيرهم. قد يقول قائل: إن النصوص الإسلامية يعتريها الضعف في البناء الفني، فنقول له: إن النصوص المسرحية الإسلامية لا تنفرد بالضعف! فهو موجود عند غيرهم. والقليل من الكتاب هم الذين يستطيعون الإجادة في الكتابة المسرحية. 3-المسرح الإسلامي والجمهور يجب على الجمهور أن يشجع المسرحيات الإسلامية بالإقبال عليها حين تُعرض حتى يمنح المؤلفين والمنتجين والمخرجين والممثلين طاقة على أم يُكرروا محاولاتهم ويجوَّدوها، وعلى النقاد الإسلاميين أن يقفوا بجانب تجربة المسرح الإسلامي ـ حين ينشأ ـ حتى يقف على قدميه. 4-كُتّاب المسرح الإسلامي لا يوجد كاتب مسرحي متخصص في المسرح الإسلامي للأسف الشديد، ويمكن أن نقسم إسلامية المسرح ـ مبدئيا ـ إلى أربع مراحل: المرحلة الأولى: لمحات إسلامية في مسرح غير إسلامي، مثل تلك التي نجدها عند شوقي في بعض مسرحياته؛ فإننا نجد عنده بعض اللمحات أو المواقف أو الرؤى، كما نرى في مسرحية "مجنون ليلى" .. وغيرها. المرحلة الثانية: مسرحية تبغي تقديم وجه من وجوه الإسلام البارزة أو قصة من القصص التي تناولها القرآن الكريم من خلال إطار فلسفي قد يتعارض مع العقيدة. ونمثل لهذا الاتجاه بمسرحية "أهل الكهف" لتوفيق الحكيم، فهي تمثل الإنسان في مواجهة الزمن. وإن كانت القراءة الفاحصة لها تُرينا أن شخصياتها برؤاها ومواقفها قد تعارضت مع القرآن الكريم، وهذه المسرحية لا يُمكن أن تُحسب على المسرح الإسلامي، ولكنها خطوة على الطريق، نعرف أخطاءها لنتجاوزها. المرحلة الثالثة: مسرح الدعوة، ويمكن أن نمثل لها بمسرحيات علي أحمد باكثير، حيث كان يضع في صدر كل مسرحية آية قرآنية تشير إلى الهدف منها، وهي مسرحيات ناضجة، يُضاف لها بعض ما كتبه أحمد الشرباصي، وعبد الحميد جودة السحار، وعدنان مردم بك، وعماد الدين خليل ويوسف القرضاوي وعامر النجار. ومسرحيات هذه المرحلة لم يُتح لها أن تُقدّم لجمهور كبير، وتلك التي أُتيحت لها فرصة التقديم على مسرح لم تُترك فترة طويلة معروضة لتُختبَر قدرتُها على التأثير، أو مدى فنيتها، لأن المسرحية المكتوبة غير المسرحية المُشاهَدة بالطبع. أما المرحلة الرابعة التي ننتظرها فهي تلك التي تقدِّم رؤية إسلامية تٌناقش من خلالها قضايا الواقع، وهذه لا نحتاج فيها إلى المؤلف القدير فحسب، وإنما إلى المخرج الإسلامي ذي الرؤية الناصعة والعقيدة المتينة الذي يعرف كيف يجد البدائل ليُخلِّص النص الإسلامي من رتابته أو خطابيته (إذا وُجِدتا)، أو ما يكون انحرافاً في تصوير بعض الشخصيات. 5-المسرح والجامعة سبق أن أشرت إلى الدور المرجو من الجامعات الإسلامية في إنشاء أقسام للمسرح (تشمل: التأليف، والإخراج، والتمثيل،أو الإضاءة، والديكور، والملابس ...) ولكن على الجامعات الإسلامية قبل أن تنشئ هذه الأقسام أن تُدرِّس مادة "المسرح الإسلامي" في أقسام اللغة العربية بكلياتها المختلفة، وهناك الكثير من الكتب الإسلامية التي من الممكن أن تُدرّس في هذه المادة، مثل: "حول المسرح الإسلامي" لنجيب الكيلاني، و"المسرح الإسلامي: روافده ومناهجه" لأحمد شوقي قاسم، و"مفهوم المسرح الإسلامي والمسرح الغربي" لعدنان محمد وزان ... وغيرها. 6-نموذج معاصر للمسرح الإسلامي( ) يجب على المسرح الإسلامي ألا يكتفي بالوقوف أمام فترات المد الإسلامي، بل عليه أن يُعالج قضايا واقِعنا من منظور إسلامي، ويتصدّى لقضايا الفكر المُعاصر، ولموجات التغريب التي تجتاح عالمنا الإسلامي، وتهزه هزاً عنيفاً. ومن نماذج المسرحيات الإسلامية التي صدرت مؤخراً، وتشتبك مع الواقع وقضاياه المتشابكة مسرحية "العودة" للدكتور عامر النجار، وتتناول قضية الإلحاد في الفكر الوجودي (متمثلاً في سارتر وأتباعه من فلاسفة الوجودية المُلحدة) ،وقد أُذيعت المسرحية في إذاعة البرنامج الثقافي بعنوان "سارتر وأنا" ( )، ولكن المؤلف حين أراد طباعتها وضع لها اسماً آخر هو "العودة"، وقدّم لمسرحيته بكلمة عن سارتر قال في نهايتها: "وعند سارتر أن قولنا "الإنسان حر" مرادف لقولنا "الله غير موجود"، لأن وجود الإنسان عنده لا يخضع لماهية أو طبيعة محددة، بل هو إمكان مستمر على الإنسان أن يحققه؛ فالإنسان في رأيه يوجد أولاً، ثم يظل يخلق ماهيته بما يختار لنفسه من أفعال، فليس الإنسان إلا ما يُريد ويختار لنفسه من أفعال، ومن خلال هذه المسرحية نعرض خلافنا مع سارتر"( ). والشخصية الرئيسة في المسرحية هي شخصية "ليلى"، وهي سيدة جميلة في نحو الخامسة والثلاثين من العمر، تبدأ المسرحية وقد انتهت من قراءة "سجناء الطونا" لسارتر، وتستعد لقراءة "الذباب". وتُعلق على حوائط حجرتها الخاصة ثلاث صور: صورة سارتر، وصورة لهيجل، وصورتها! وتُحلل المسرحية شخصية البطلة "ليلى" التي تنغمس في الإلحاد، وتُمارس الخطيئة مع ابن عمها وأستاذها "شارل" (وتُكرر معه صورة سارتر مع سيمون دي بوفوار: حيثُ تتم المُعاشرة الزوجية دون زواج!!)، ولا تُجدي معها محاولات أمها أو عمها القس في عودتها إلى الكنيسة، وتظل سادرة في غيها، حتى تتعامل مع بعض المسلمين، وتقرأ في الديانات المختلفة اليهودية والبوذية والمسيحية والإسلام، حتى تهتدي. ومن المشهد الأول نعرف أنها ممثلة، ومتزوجة من مخرج سينمائي اكتشفها، ويقدمها في كل أفلامه، كما نعرف أنها عشيقة لابن عمها شارل، الذي كان أستاذاً لها وهي تدرس بالجامعة في قسم الفلسفة، وقد عملت بعض الوقت معيدة في ذلك القسم، قبل أن تتركه وتتفرّغ للتمثيل، ونعرف ـ منذ بدء المسرحية ـ أنها تقترف مع "شارل" خطيئة الزنا بعلم زوجها!! وينتقد شارل توجهها للسينما: شارل: تعرفين يا ليلى أنك خسارة في السينما، لم تكن السينما مجالك أبداً .. صدقيني للمرة المائة أن مجالك الحقيقي كان الفلسفة وليس الفن. إنني ألعن هذا الرجل الذي اكتشفك وأخذك من برج الفلسفة الخالد إلى الأضواء والسينما. كنتِ يا بنت عم معيدة يفخر بها قسم الفلسفة .. لم تكن السينما طريقك. ليلى: لا تنس يا دكتور شارل أنني حواء، ومهما كانت ثقافتي أو نبوغي، فكل إنسان يميل إلى الشهرة والمجد والأضواء، وليس عيباً أن أكون فنانة مثقفة، بل إن الثقافة أصبحت مهمة، الآن للفنان الذي يُريد أن يستمر( ). ويبدأ التحول مع الفصل الثاني حيث تمل "ليلى" حياتها، وتشهر أنها تعسة: شارل: ما أروع الحياة معك يا ليلى! ليلى: ما أتعس الحياة الكاملة معك يا شارل! شارل: (بدهشة) ماذا تقولين؟! ليلى: ثلاثة أعوام معاً يا شارل .. حمل ثقيل! .. بدأت أمل هذه الحياة. شارل: (يضحك) هوِّني عليك .. حقا إن العيش تحت سقف واحد ثلاث سنوات شيء مرير .. وفي هذا البيت أمرّ .. ليلى: لماذا يا شارل؟ .. شارل: كل قطعة في البيت تذكرنا بالتعيس جورج! ليلى: كل قطعة لا تذكرني بشيء، ولا أذكر شيئاً عن جورج لأنه لم يكن شيئاً يذكر في حياتي. شارل: ولا على هامش حياتك؟!! (يضحك) ليلى: لا .. لا .. شارل: إذن ما سر الملل يا بنت عم؟!! ليلى: الحياة الرتيبة (لحظة) أشعر داخل نفسي بإيقاع مؤلم دائم يدب داخل أعماقي .. ثم (لحظة) .. شارل: ثم ماذا؟!! ليلى: ثم إني ضجرت من العمل والشهرة ومُلاحقة الناس لي في كل مكان .. وضجة الصحافة حولي ( ). ولقد كان "شارل" يتحدّاها ويقف في طريقها، لكنها في لحظة مصيرية قررت أن تختار: ليلى: هكذا أرضعتني الإلحاد منذ صغري .. لكنني أود أن أبحث بنفسي، وأفتح نوافذ جديدة غير نافذة الإلحاد. شارل: تأثّرت يا ليلى بالمنشقين الرجعيين رازنكوف وبشاروف .. أما زال هذان الأحمقان يأتيان إليك ليسمما أفكارك عن الوجودية المُلحدة؟ ليلى: اسمع يا شارل .. سأقرأ بعمق في الإلحاد وفي اليهودية والمسيحية والإسلام .. وفي عقائد البوذية والصابئة، وبعد أن أدرس ذلك كله سأُقرر في النهاية إذا كنتُ سأستمر في وجوديتي المُلحدة أم أتحول إلى بوذية أو يهودية أو مسيحية أو مسلمة( )". ورغم أن شارل يقول بعد الحوار السابق: "إني أومن بالحرية، وحرية الاختيار، وواجب كل الفلاسفة أن يُساعدوا الأفراد على أن يُحرروا أنفسهم، وأن يرشدوهم إلى طريق الاختيار الصحيح"( ). فإنه يقف في وجه ليلى بعد أن تختار الإسلام ديناً، صارخاً: "لم أكن أتصور يا ليلى أن مذهب هذين الرجعيين المنشقيْن سيؤثر فيك إلى هذه الدرجة (لحظة) .. يا بنت عم .. أهذه نهاية مطاف معاناة سنوات خمس .. تؤمنين بمحمد وقرآنه .. بالإسلام .. عدو الحرية؟"( ). والمسرحية تُصور ـ في صدق ـ عوالم البعيدين عن الإسلام، والذين يقعون في وهدة الرذيلة، ويُعانون من الخواء الروحي، حتى يصلوا إلى برد اليقين ولذة الإيمان، وهي مسرحية فلسفية إسلامية قد آثرت أن تنزل البحر، وتُقدِّم رؤيتها ولم تقف تتفرّج على الشاطئ. *** لقد تأثرت ليلى بحياة سارتر وسيمون دو بوفوار، ومعروف أن "سارتر أثناء دراسته الفلسفة بالمدرسة العليا تعرف على عاشقته الأديبة الفرنسية المعروفة سيمون دو بوفوار وارتبطا معاً دون زواج رسمي، فقد كانت الحرية كما تدعي الأديبة الكلبيرة ... هي جوهر وجودهم الذاتي. تقول في أحد كتبها: "لقد وضعنا ثقتنا في العالم وفي أنفسنا، فقد كنا نُعارض ونُقاوم المجتمع بصورته وتكوينه السائديْن حينذاك، كنا نؤمن بضرورة إعادة تشكيل الإنسان وصيغته، وهي عملية لن تتم إلا على أيدينا"( ). وهكذا مارست حريتها كما تفهمها مع عشيقها شارل رغم أنها متزوجة من مخرج سينمائي، مضت معظم مشاهد المسرحية وهو صامت ـ مثل صمت القبور ـ عما ترتكبه زوجه من فاحشة تحت ستار بيت الزوجية بعلمه!! ويقول لصديق له "لو أني أعلم أن إلحادي سيسعدها لكنتُ شيخ الملاحدة، لكني أعلم أني سواء كنتُ ملحداً كبيراً أو قديساً مؤمناً فأنا في نظرها "طرطور" كبير!!"( ). *** إن التحول الحقيقي بدأ حينما تنبّهت "ليلى" لحياتها الماجنة التي تحياها، وتطلعت إلى المعرفة، ومن ثم تركت التمثيل، وتفرّغت للقراءة بعد أن مرضت عاماً كاملاً "بالروماتيزم"، جعلها تُعيد النظر في حياتها: شارل: أجمل وجه يعتزل الفن؟!! .. يُدير للدنيا كلها ظهره .. إني أسأل لماذا أعلنتِ في الصحف والمجلات نبأ اعتزالك الفن والأضواء والحياة الاجتماعية للأبد؟!! ليلى: شارل .. كررتُ لك من قبل إني أحسستُ بالملل من الشهرة والضجيج .. كرهتُ الثروةَ والفنَّ معاً .. وحقيقة ثانية كرهتُ الحياة العفنة التي أحياها معك يا شارل (...) . شارل: ليس هناك صلة بين حياتنا سويا وبين حياة الفن والسينما .. الفن عملك .. وحياتنا .. ليلى: (مُقاطعة) عملي أيضاً يا شارل .. حياتي معك تنعكس على عملي في السينما .. شارل: لم أعد أفهمك يا ليلى .. لكني أعتقد أن ليلى أنجب تلاميذ الوجودية الملحدة قرّرت اعتزال السينما والأضواء لسبب خطير وأهم من مللها الشهرة والأضواء أو كراهيتها لحياتنا معاً .. ليلى: قد يكون من أهم الأسباب مرضي الأخير يا شارل .. شارل: شدة وتزول يا ليلى .. ليلى: عام بأكمله وأنا أُقاسي من "الروماتيزم" .. صحيح قد يُقال إنه يمكنني العمل وأنا مُصابة بالروماتيزم .. لكن هناك سبباً آخر أهم من تلك الأسباب البسيطة التافهة .. السبب الكبير يا شارل هو أني أريد أن أتفرّغ للمعرفة .. إني أحس برغبة عارمة لدراسة الأديان ..( ). وتدرس الأديان فيأتيها اليقين، فتُسلم وهي الملحدة وجهها لله، وتحس برد اليقين في روحها وفكرها، وترى ـ كما تقول ـ "حقيقة الإيمان الذي يجلو صدأ القلب، ويُريح النفس والروح .. حقيقة النور الساطع والطمأنينة التي تُضيء حياة المؤمن بخالق السموات والأرض"( ). وهكذا تُصور هذه المسرحية الإسلامية كيف تحوّلت ملحدة عقيدة ـ عدة تحولات ـ في المسرحية، حتى وصلت إلى الإسلام ديناً ومنهاج حياة: ليلى: إن سعادتي لا تُقدَّر ولا تُحد .. أكاد لا أُصدِّق عيني من فرحتي وسروري .. ملحدة عريقة في الإلحاد تصبح بين طرفة عين وأخرى مُوحِّدة .. يبدو أن مرضي الأخير علّمني الكثير. الشيخ زياد: الحق يا أختنا الجديدة أن بذرة الإيمان كانت داخل نفسك ولما جاء الوقت المناسب ظهرت البذرة على السطح في حينها بعد أن صهرتها المعرفة في بوتقة الزمن فخرجت رائعة مشرقة كأنها نور عميق. ليلى: نعم يا شيخ زياد .. لقد أحسستُ لحظة إيماني بشيء عجيب غري .. لا أملّ الحديث عنه .. أحسستُ أن قلبي يكاد ينتفض .. أحسستُ أن لساني قد شُلَّ .. وفجأة انطلق لساني يقول: يا رب .. يا رب .. الشيخ زياد: الكل يقول يا رب في أصعب وأحرج لحظاته .. ليلى:لكن لعنة الله على فلسفة الإلحاد التي درستها بعمق في الجامعة على يد أساتذة تخصصوا في الإلحاد .. كانوا دائما يقولون لنا "أين الله الذي تتحدث عنه الأديان؟" .. وأنا نفسي كنتُ أردد معهم هذا السؤال بلا أدنى تفكير ( ). *** تصور المسرحية ـ على امتداد فصولها ومشاهدها ـ الكثير من نزعات الشر والإجرام عند الإنسان الذي ابتعد عن شرع الله، وتصور المسرحية أجواء الانتقام التي قد يمارسها ـ أو يُفكر فيها من لا يخشى عقاب الله ـ في علو صوت أحياناً (قد ينتقص من فنية العمل المسرحي) كما نشاهد في المشهد الثاني من الفصل الثاني، حيث يُحاول جورج المطعون في شرفه من شارل أن ينتهك شرف أم الأخير!! ويدور هذا الحوار بين جورج وأم شارل: جورج: الآن لا صمت ولا سكوت .. وإنما انتقام! أم شارل: أتنتقم يا جبان كل العصور من عجوز؟ جورج: كل العيون تنظر إليّ الآن بسخرية واحتقار، لأن العيون كلها تعرف حكاية ليلى وشارل ... هجرت الفن والإخراج وتقوقعتُ على ذاتي أفكر فيما أصابني من ذل واحتقار .. فكّرت كيف أنتقم أشنع انتقام .. بل أحقر انتقام .. ولم أجد أشنع من هذه الفكرة .. أم شارل: (بهلع) أي فكرة؟! جورج: هذا الشاب الذي أستأجره سيدخل معك حجرتك الخاصة، وسيُصورك في كل الأوضاع التي يُريدها هو ... اتركي له الحرية التامة في أن يعبث كما يحلو له .. أم شارل: (بثورة عارمة، غاضبة) لا .. لا .. إني أرفض. جورج: الرفض يعني ذبحك .. وتقطيعك قطعاً صغيرة .. وإرسال رأسك إلى ابنك( ). *** إن مسرحية "العودة" مسرحية إسلامية، صوّرت لنا بعض مشاهد الزيغ الفكري الذي تمتلئ به حياتنا، وهي مسرحية تمور بالحركة والحياة، وتنبئ عن كاتب امتلك الموهبة والأداة، ويُنتظر منه العطاء الكثير للمسرح الإسلامي. ــــــــــــــ (فصل من كتاب "كتب وقضايا في الأدب الإسلامي"، للدكتور حسين علي محمد. الموضوعالأصلي : هل نحن بحاجة إلى المسرح الإسلامي؟ // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: محمد12
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |