جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتدى تحضير بكالوريا 2020 :: قسم الفلسفة |
الثلاثاء 12 مايو - 0:22:18 | المشاركة رقم: | ||||||||
مشرف
| موضوع: العولمة، المدلول والمبررات، قراءة نقدية العولمة، المدلول والمبررات، قراءة نقدية مدلول العولمة: * ارتبط مفهوم العولمة في الفكر المعاصر بالتطور الحضاري العلمي والتكنولوجي الهائل الذي ميّز العصرين الحديث والحاضر وانتشاره عبر مختلف أقطار العالم، ولفظ عولمة يشير إلى لفظGLOBALIZATION المشتق من الكوكب بالانجليزية لذلك تُترجم إلى كوكبية، ويشير إلى لفظ MONDIALISAION المشتق من لفظ MONDE بالفرنسية أي العالم، كما تمثل العولمة أو الكوكبة أو الكونية كما يحلو للبعض أن يسميها أبرز تحوّل تأثّر به عصرنا، وتعني أن العالم البشري أجمع صار كتلة ووحدة واحدة يتأثر أدناه بأقصاه بسبل سهلة وظروف يسيرة، أي تعميم استعمال نمط حضاري إيديولوجي وثقافي واقتصادي وسياسي على كافة شعوب العالم، والنمط يكون للبلد الأقوى حضاريا يُصدّره بمختلف السبل والوسائل، حتى بقوة الحديد والنار، وعلى الشعوب الأخرى أن ترضى في أنظمتها السياسية والاقتصادية وفي نظمها الأخلاقية وكافة أنماط حياتها وسلوكياتها، والعولمة بهذا المدلول يُراد بها اختراق الدول وشعوبها في كافة مجالات حياتها ولا يُستثنى أيّ مجال، ويكون ذلك كله لفائدة الجهة التي تصدر نمطها الحضاري، ويؤدي إلى انصهار الهويات والثقافات والديانات وغيرها في الجهة المصدرة، فينتهي الأمر بضياع الثقافات والهويات والسيادة والاستقلال، ويؤثر ذلك في المستقبل الذي أصبح محكوما بالعولمة، ولا يتطور المجتمع من منظور العولمة ولا تقوم له جهود الحداثة والتحديث إلا بالارتكاز على توجهها، وضمن هذا المعنى داخل التعدد والتنوع في ضبط مفهوم العولمة وفي تقييمها وتقدير تداعياتها، تراوحت النعوت والأوصاف بين نعت يعتبرها محاولة هيمنة وتسلط فيها الكثير من التحريف والتزييف المغرض لصالح العالم المتقدم المهيمن على الساحة العامة، المالك للقوة العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والمالية والعسكرية وصاحب الحل والعقد وله سلطة القرار في التشريع والتخطيط والتنفيذ لسير حركة العالم على حساب مصالح وأغراض ومصائر الآخرين، ويوجد نعت آخر يعدّها حقيقة مشروعة تستمد شرعيتها وقيمتها من التطور العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي وفي جميع ميادين الحياة -خاصة في مجال الاتصال- ومن إيجابيات التطور الحديث والمعاصر للحضارة وهي كثيرة جدّا، الإيجابيات التي ينبغي أن تُعمم على كافة شعوب العالم لتنعم بها وتتطور، وهو أمر تقتضيه مطالب وحاجات هذه الشعوب والأمم ولا يتعارض مع هويّاتها وقيّمها التاريخية، لأنّ العولمة هي محاولة توسيع نطاق استعمال منتجات الحضارة الحديثة والمعاصرة في جميع مستويات الحياة الفردية والاجتماعية ثقافيا وفكريا وعلميا وتكنولوجيا وكذلك بالنسبة لنظام الحكم وإدارة المجتمع، ليشمل هذا الاستعمال كل سكان الكرة الأرضية، فيصبح العالم يشبه القرية أو أيّة مؤسسة في المجتمع خاضعة لمنجمنت معين يقودها ويدير شؤونها. * والعولمة لا تعني الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى والتواصل معها في حوار وتأثير متبادل سعيا وراء جوّ الإبداع والتطور، وبعيدا عن محاولات طمس هذه الثقافات والنيل من شعوبها، فهذا ضرب من العالمية لا العولمة، لأن العولمة أبرز ما تتميز به لدى الوصف الأول هو أنّ طابعها مهيمن وتوجهها أحادي يفرض نفسه ويمارس التسلط والتعسف على ما هو ذاتي خاص يحرص على إقصائه بدعوى الانفتاح والتكيّف مع ما هو جديد ومع ما تتطلبه حاجات ومصالح العالم وبدعوى أنّ مصلحة أيّة جهة من الجهات مرتبطة بمصالح العالم ككل المحكوم بمنجمنت الأقوياء، وفي هذا التعميم للإنتاج الثقافي والحضاري الحديث والمعاصر من أتمتة وتوجّه تقاني في المال والأعمال وفي الإعلام والاتصال وفي السياسة والاقتصاد وغيرها على كافة أقطار العالم وبالكيفية المتسلطة المتعسفة اختراق لكثير من الثقافات ولقيّم الشعوب وخصوصياتها، على الرغم من اتجاه العالم صوب الانفتاح الثقافي المبني على الحوار والتسامح والداعي إلى احترام حقوق الإنسان بما في ذلك الحريات والحقوق الثقافية، وهي مطالب مدونة في مواثيق ودساتير الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية، الأمر الذي يعكس النوايا والمقاصد وراء محاولات عولمة الفكر والثقافة والسلوك في الغرب الأوربي والأمريكي وعولمة منتجات التقدم الحضاري الحديث والمعاصر، مما يؤكد إرادة الهيمنة والتسلط ونفي الآخر من خلال نفي خصوصياته الثقافية والتاريخية، ومن خلال فرض النمطية الأحادية الثابتة، النمطية الأوربية الأمريكية الغربية الصهيونية، إلاّ أنّ ما تطمح إليه شعوب العالم هو الارتقاء بثقافاتها وقيّمها الخاصة من الخصوصية الضيقة إلى العالمية الرحبة، وممارسة التلاقح بين خصوصيات عدة للارتقاء بها في درجات سلم الحوار والإبداع والتواصل والتعاون والأخذ والعطاء وغيرها نحو ما هو كوني عالمي عام، لأنّ الإسلام أكّد على الحكمة من وجود التعدد الثقافي وتنوع الأجناس والاختلاف بين الشعوب والقبائل في الكثير من الجوانب، وهي حكمة الغاية منها التعارف والتواصل والتعاون لا التباعد والتنافر والتناحر والاقتتال، وبقيّم التعارف والتواصل والتعاون تستقيم حياة الناس وتتحقق الغاية القصوى التي لأجلها خلق الله الإنسان وكرّمه أيّما تكريم وفضّله على كثير من مخلوقاته، غاية العبادة والتعبد. * لكن طموح الشعوب في الانتقال من المحلية إلى العالمية غير مشروع في ظل العولمة المتوحشة، التي تقف في وجه أيّة محاولة تقوم في أيّة جهة تخرج عن نمطية الغرب الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية وعن نموذجها الثقافي والحضاري الذي تقوده مصالح البلدان المتقدمة والذي لا يبالي بغير مصالح هذه البلدان، ويمارس الاختراقية على النماذج الثقافية والحياتية الأخرى متعاليا على كل ما هو مُشرق في ثقافة الآخرين وفي حياتهم، متباهيا بما لديه بعيدا عن الموضوعية والحياد، الأمر الذي يجعل الآخر يستجيب وينفعل سلبا في وجه توحش العولمة وشراستها ويطالب بأنسنتها، ليحتل هو الآخر مكانته في العالم ويكون محل تقدير واحترام ويتسنى له الإسهام الإيجابي في مجريات الأحداث المختلفة والمساهمة في البناء الحضاري، لأنّ ظاهرة الاحتكار الحضاري تعسفية تسلطية تتنافى تماما مع روح وجوهر الحضارة والتحضر، وسنن التحضر ذاتها تقصي كل محاولة لاحتكار الحضارة، ومحاولة جعل الحضارة حكرا على جهة ما هو بداية لإقصاء سنن التحضر ولانهيار الحضارة، الحضارة التي لا تقوم إلاّ على اكتمال شروط البناء الحضاري وأهمها الطابع العالمي الأممي للتحضر في نشأته وفي مشاركة التعدد الثقافي والتنوع الفكري في ذلك واستفادة الجميع من منتجاته بعيدا عن الاحتكار والهيمنة التي يمارسها توجه العولمة المعاصر من حيث احتكاره للتقدم العلمي والتكنولوجي ولسائر التقنيات المعاصرة المستخدمة في كل مجالات الحياة، مستغلا ضعف الآخر ومستخدما هذه التقنيات في تكريس تبعية هذا الآخر له واستغلال طاقاته البشرية ونهب ممتلكاته وخيراته بدون هوادة ومن غير مشفقة، هذا الأسلوب في توجه العولمة يعكس بجلاء خط العولمة الذي لا يراعي البتة أدنى مبادئ وقيّم الإنسانية من عدل ومساواة وتعاون وغيرها، وهو ضرب من العنف والتعانف لا يجلب سوى العنف المضاد ولا يصنع سوى منظومات فكرية تكون وراء منظمات وتنظيمات تنطبع بالعنف والتعانف، وهو حال الواقع الإنساني في العالم المعاصر الذي تهيمن عليه العولمة المتوحشة الشرسة، واقع مليء بالظلم والاستبداد وبالحروب التي تفتك بالأفراد والجماعات، وهذا ناتج عن تصور العولمة وممارستها في الفكر الغربي وهو الفكر الذي ظهر في الغرب وانتشر بعد ذلك خارج الغرب. * إنّ التصور المعاصر للعولمة في الغرب الأوربي وفي الولايات المتحدة الأمريكية ولدى كل من يسير في خطهما يتعدد ويتنوع من جهة إلى أخرى و من اتجاه فكري إلى آخر ومن مفكر إلى آخر، كما يختلف عن تصورها في العام العربي والإسلامي، فمفهوم العولمة ليس واحدا لدى الغرب والعرب لأن الغرب هو المنتج والمصدر للعولمة أما العرب فهم المستورد والمتأثر، وشتان بين المنتج وقوّته وتحكّمه في زمام الأمور وسلطته في اتخاذ القرار، وبين المغلوب وتبعيته للغالب طوعا أوكرها، يقوم الفكر الغربي بربط العولمة بالاقتصاد وبالإنتاج ووسائل الإنتاج وبعلاقات الإنتاج وبالسوق والتبادل وسائر القطاعات الاقتصادية التي عرفت وتعرف تطورا كبيرا نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل، وارتبط ذلك بالتوجه الليبرالي اقتصاديا وسياسيا وبالصراع بين الجماعات التي تعيش على الهجرة والجماعات المستقرة، كما ارتبط بالأبعاد الثقافية والإيديولوجية القائمة أو تلك الناتجة عن تحولات العصر وتحدياته، كل هذا كان وراء العولمة باعتبارها التحول الأكثر بروزا في العصر، ويؤكد العديد من المفكرين في الغرب بأن العولمة مرتبطة أصلا وأساسا بأصول دافعة وغائية مرتبطة بالسياسة والتكنولوجيا وبالتعاون الاقتصادي والمالي وبالعامل السيكولوجي، هذه الدوافع هي التي تضفي على العولمة مشروعيتها وتبرر ضرورتها وحاجة العالم أجمع إلى دورها، فهي الأسلوب الوحيد والأساسي الذي يسمح بتكثيف جهود الأفراد والجماعات وتكثيف وتنويع الإنتاج وتكثيف تقديم الخدمات وتكثيف إنتاج التكنولوجيا وتطويرها ونشرها وانتشارها لتعم جميع أقطار العالم، ومن جهة أخرى فإنّ العولمة في الفكر الغربي لا تقتصر على تعميم استغلال منتجات الحضارة الحديثة والمعاصرة لتشمل العالم كلّه، بل تمثل الوسيلة التي تعطي الفرصة لتوحيد مصدر الأحداث الكبرى والقرارات المصيرية والأنشطة التي توجه الحياة في العالم وتقودها، ولها تأثير مباشر على حياة الأفراد والجماعات، هذا المصدر الذي ينبغي أن يمتلك منظومة العالم القيمية والسياسية والعلمية التي تعتني بما هو خاص بالشعوب والأمم في سياق منظومة التفاعل على المستوى المحلي والقطري والإقليمي والعالمي، والانطلاق من منظور أساسه الواقع وخصوصياته وحاجاته يعتبر العولمة حقيقة لا مردّ لها وواقع لا يمكن تجاهله وإغفاله، فهي ليست مسعى أراده الإنسان المعاصر من بين عدة بدائل وخيارات وإنّما هي أمر واقع، وواقعة يعيشها الإنسان في حياته اليومية ليل نهار في غذائه وفي لباسه وفي أثاثه المنزلي وفي وسائل الإعلام والاتصال وفي مناهج ووسائل التعليم والتثقيف والمثاقفة وفي وسائل التسلية والترفيه، وفي الاستهلاك الذوقي والجمالي وفي كل وسائل العمل والإنتاج، هذه الظاهرة أدّت إلى توحّد الفكر والممارسة بين أفراد بني البشر، وتوحّد الاهتمامات والانشغالات لديهم، وأصبح كل إنسان معني بالعولمة ينظر إلى ذاته ووجوده وهو يعتبر الآخر ويعتبر ثقافته، هذا التوحيد الثقافي والفكري والنفسي هو عين العولمة الثقافية بالإضافة إلى العولمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عامة، هذا مفهوم العولمة من المنظور الغربي الذي جعل منها واقعا وضرورة ومكسبا للإنسان في العالم المعاصر. * إنّ ما اعتبره التوجّه الغربي للعولمة بأنّها واقع وضرورة ومكسب، واقع فرضه تنامي التقدم العلمي وتعاظم التكنولوجيا ودورها وكثرة الإنتاج والمبيعات واختزال المسافات بين أقطار العالم المتباعدة والحاجة إلى نظام عالمي يقود العالم وينظم الحياة فيه، وضرورة ملحة لجمع كل أطراف العالم ومكوناته تحت لواء واحد ونظام واحد بعيدا عن التفرق والتشتت، ومكسب لكونها سبيل تعميم التكنولوجيا والمعرفة العلمية والديمقراطية وحقوق الإنسان على جميع شعوب العالم، هذا الذي تعتبره الكثير من الاتجاهات الفكرية والدينية في العالم العربي والإسلامي المعاصر منتهى الظلم والتسلط وهيمنة متوحشة شرسة في أقصى مداها، وهو وضع يعبر عن حقبة تاريخية تميزت بتحوّل جذري انقلابي نوعي وعميق للإنسانية من خلال التحوّل الليبرالي الاقتصادي والسياسي المرتبط بالتحوّل الفكري والثقافي وتحوّل العمل ووسائله وعلاقاته، حقبة عرفت هيمنة المركز على الأطراف، وسيطرة نظام عالمي عام للتبادل التجاري وتنظيم اقتصاد عدة أطراف ليس بينها تكافؤ لنفوذ إرادة هيمنه المركز أو القطب الواحد الذي هو الولايات المتحدة الأمريكية بالمرتبة الأولى وحلفائها في الغرب الأوربي الدرجة الثانية، مما يدل بجلاء على ارتباط العولمة وتوجهها في النشأة والتكوين بالحياة الاقتصادية وازدهارها وبتطور التبادل التجاري وتطور وسائل النقل وتكنولوجيا الإعلام والاتصال والإشهار. * العولمة من منظور مفكري العروبة والإسلام فكر وفلسفة ومنهج ممارسة من وحي وإنتاج القطبية الأحادية في العالم تعني توسيع دائرة الحداثة والتحديث وتعميم التوجه الليبرالي الرأسمالي وفرض النمط الحضاري والنموذج الأمريكي ونفوذه على جميع شعوب العالم، هذا من الجانب السياسي والاقتصادي والجغرافي، أما من جانب ارتباط العولمة بتاريخ الإنسان وبتاريخ حضارته فإنّها تمثل حلقة في سلسلة الحضارات التي عرفها تاريخ الإنسانية حتى الآن، كُتب لها أن تكون بيد أمريكا والغرب الأوربي وهي تتكون في الحاضر ومرتبطة بالمستقبل وتصنعه وتؤثر عليه، وإذا كانت العولمة انعكاسا للحداثة والتحديث وصورة للتوجه الليبرالي اقتصاديا وجيوسياسيا وفكريا ومرآة للنفوذ الأمريكي وهيمنته على العالم، فإنّها تعبر عن توجّه حقيقي يهدد بقوة هويّات الشعوب وثوابتها التاريخية والثقافية، خاصة الشعوب التاريخية التراثية ومنها الشعوب العربية والإسلامية، إنّ التوجه الحداثي الليبرالي يقوم على الثورة في وجه التراث القديم بحجة أنّه أعاق التقدم والتحضر طوال قرون عديدة، ويعمم هذا الحكم على كل أنماط التراث القديم، كما يقوم على العقلانية المفرطة التي تنبذ كل ما هو غير عقلاني، وعلى ما يقرره العلم وتمّ التوصل إليه بالمناهج العلمية وبالأساليب والوسائل التقنية الحديثة والمعاصرة، وهي مناهج ووسائل علمانية ذات طابع مادي تجريبي عملي آلي أداتي براغماتي يبعد كل مل هو مقدس في الأخلاق والدين سائر المعتقدات، ويقوم على الحرية والديمقراطية والتعددية وعلى الفردية المطلقة وعلى إبعاد الدولة وكل ما يعيق النشاط الفردي ويفرض عليه التوجيه في كافة ميادين الحياة، التوجه الحداثي الليبرالي العلماني بهذه المبادئ لا يهدد قيم وتراث وثقافات الناس بالفناء فحسب بل يحرص كل الحرص على إعادة بنائها وصياغتها وتشكيلها بذريعة تطويرها وبمبرر تكييفها مع تحولات العصر الحضارية، وهي حجة واهية مكشوفة يبدو أنّها تنمّ عن نظرة تتميز بالتفاؤل والإيمان بضرورة تحديث العالم أجمع، لكنها نظرة تنطوي على محاولات بسط إرادة الهيمنة والتسلط على جميع شعوب العالم التي تمثل الأطراف من قبل القطب الأمريكي الأوربي الواحد في العالم الذي يمثل المركز والنواة. * إنّ الذي يطبع تصور العولمة في المنظور الفكري العربي والإسلامي في أغلبه هو الامتعاض والسلبية والتشاؤم ، واعتبار توجه العولمة أداة قهر وظلم استغلال واستعباد في يد الجلاد، يستعملها باسم تعميم الحداثة والتحديث فيفرض هيمنته بالقوة العسكرية إن عجزت القوى الأخرى الاقتصادية والسياسية وغيرها عن تحقيق نفوذه الذي يتنامى ويتضاعف باستمرار كلّما اتسع مجال العولمة وسيطر نفوذها، ازدادت مع ذلك درجة قهر المقهورين وضعف الضعفاء وظلم المظلومين في العالم وما أكثرهم، وتنامى معها التفوق الغربي والأمريكي عدّة وعتادا وفي تقديس مصالحه المادية والثقافية على الرغم من أنّ التوجه الليبرالي لا تعنيه الحياة الروحية والدينية فهي متروكة لحرية الأفراد، وكثر المروجون لقيم العولمة في كل بلدان العالم على الرغم ما تحمله من نوايا فاسدة ومخاطر على حياة الدول الأطراف وشعوبها، ودول العالم العربي والإسلامي جزء من الأطراف في مواجهة المركز، يستمد الفكر في هذا الجزء منظوره السلبي للعولمة ولقيّمها ولتوجّهاتها من معطيات وظروف تاريخية وواقعية حديثة ومعاصرة ومن تداعيات وآثار هذه المعطيات والظروف، ومن التواصل والاحتكاك مع الجهات التي تمثل المركز والقطبية الأحادية، قبل عقود ارتبطت الشعوب العربية والإسلامية ببلدان الغرب الأوربي عن طريق الاستعمار- ومازال بعضها مرتبطا به بشكل مباشر وبعضها الآخر مرتبطا به بشكل غير مباشر إلى اليوم كما ازداد نفوذه وتعددت صوره وأساليبه وأبرزها العولمة- الذي لا يزال وسيبقى محفورا في الذاكرة الجماعية لدى هذه الشعوب، ولا يمكن أن تنسى ما فعله من إجرام كبرت بشاعته وتعددت أشكاله إلى درجة لا يمكن وصفه، ومثل ذلك ما فعله الاستعمار الفرنسي في الجزائر شعبا وأرضا ودينا ولغة وثقافة وتاريخا، وهكذا مع جميع الشعوب العربية والإسلامية وغيرها التي تعرضت للاستعمار ونال منها كيفما شاء، ومن جهة أخرى لا ينسى العالم والسكان الأصليين في العالم الجديد بعد اكتشافه ما فعله الدخلاء من البيض وغيرهم من جرائم في حق الإنسانية هي محفورة في ذاكرة التاريخ وفي الذاكرة الجماعية للهنود الحمر الأمريكان، كما نجد البلدان الاستعمارية ومن منطلق عقلية الاستعمار والنزعة الاستعمارية بكل ما تحمله من شعور بالعظمة والرغبة في التسلط وروح العداء وإرادة الهيمنة والنزوع نحو ممارسة القسوة والظلم واحتقار الآخر، نجدها تمارس الوصاية بمختلف السبل والوسائل على الشعوب التي استعمرتها وعلى أنظمة الحكم فيها لكونها دولا موجودة في المركز لا في الأطراف ومستغلة الوضع المتخلف والمتردي الذي تعيشه مستعمراتها التاريخية فتريد أن تكون وصايتها دائمة ومن دون منازع على الرغم من التحولات المعاصرة التي غيّرت المواقع والموازين والمعايير في العالم، الظروف والتوجهات المعاصرة ومخلّفاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية ومنها فرض التوجه الديمقراطي ونظام الإنتاج والتبادل العالمي والسوق الحرة وطغيان ثقافة الاستهلاك والترفيه والتسلية وسيادة سياسة الحلف العسكري الأطلسي الذي يبسط قواعده ويحمي مصالح بلدانه في كل نقطة من نقاط العالم كما يسيطر على كل بؤرة من بؤر التوتر والنزاع في العالم ويديرها بما يتفق مع سياسته ومصالح شعوبه وبلدانه، كل هذا جعل الأطراف تابعة للمركز الذي يتعامل معها بأساليب استعمارية في صورها الجديدة وفي صورها القديمة معا، لتبقى تحت نفوذه، هذا النفوذ الذي تعززه العولمة باعتبارها أحد التحولات الكبرى في عصرنا وأحد التحديات العظمى التي تواجه الأطراف في مواجهة المركز. * العولمة سواء من المنظور الغربي وهو منظور ابتهاجي لأنّه في مركز القوّة والثقل أو من المنظور العربي وهو منظور امتعاضي لأنّه في مركز ضعف وهوان فهي تؤكد حقائق الوضع القائم لشعوب العالم وتوزيعها على مركز وأطراف، وتجاوز الثقافة والنظم والمشكلات والخبرات وسائر الأفكار لحدود المحلية الضيقة جغرافيا وسياسيا وانتشارها عبر مختلف جهات العالم، لأنّ العولمة في جوهرها لا تعير أدنى اهتمام للمحلية والخصوصية في حياة أيّة جماعة بشرية، لا قيمة لتراث وقيّم وتاريخ الإنسانية إلاّ بما ينسجم مع قيّم العولمة وتطلعاتها، ولا تسمح للقيم الذاتية بمختلف أنواعها بالتدخل في تكوين حياة الأفراد والجماعات والدول فقط بما هو صالح للمشاركة في المساهمة فيما هو دولي شمولي وعام، وتتحمل العولمة المسئولية في نقل ما يراد نقله وبوتيرة سريعة جدّا وفي ظل تقدم علمي وتكنولوجي هائل خاصة تكنولوجيا النقل وتقنية الإعلام والاتصال والإشهار، ومما تمّ ويتمّ نقله الاستعمار والاحتلال، التهجير، التفقير والتجويع، التخدير والظلم والاستبداد، والحروب والقتل والجرائم الإنسانية، كل هذا يحدث بواسطة العولمة وفي إطار نظام دولي عام وفي سياق عالمية جديدة منفتحة وباسم مجلس الأمن وحماية الديمقراطية والأقليات وصون حقوق الإنسان وتعميم دائرة الحداثة والتحديث، فالعولمة لا تبث على مدلول واحد في الفكر الغربي أو في الفكر العربي الإسلامي أو في أي نمط من أنماك الفكر الإنساني المعاصر، لأنّها ذات دلالات وقيّم مرتبطة بالظروف والأوضاع التي صدر عنها هذا التوجّه الفكري أو ذاك، وما أكثر التوجّهات الفكرية المتعارضة بتعارض المصالح والمتصارعة بتصارع القوى لأجل احتلال الصدارة في المركز والسيطرة على الأطراف، ففي الفكر الغربي تسيطر الدعوة القائلة بأنّ العولمة أمر واقع وضرورة ومكسب وهي أبرز مظاهر التحضر التي حققتها الإنسانية الحديثة المعاصرة، أما في الفكر العربي وفي غيره لدى المجتمعات المستضعفة التي تجد قوّتها في ارتكاز حياتها على تاريخها وتراثها وماضيها وفي صبرها وفي تحمّلها آثار وانعكاسات العولمة المتوحشة الشرسة المنافية لكل القيّم والأعراف الإنسانية، فالعولمة تمثل قناعا تلبسه بلدان المركز لاستغلال الآخرين، وذريعة لفرض التوجّه الليبرالي الرأسمالي على كافة شعوب العالم بهدف إذلالها وتركعها واستغلال طاقاتها البشرية والطبيعية، ومطية للاختراق الثقافي والفكري والديني، وسبيلا للقضاء على الخصوصية القومية والوطنية بإعادة تشكيلها وإذابتها في الكوكبية التي تريد أن تصنع من العالم قرية أو مؤسسة صغيرة تسهل إدارتها والتحكم فيها، هذه هي العولمة التي تحكم حاضر العالم وتتهيأ للمستقبل وتؤثر فيه ولا نعرف مصير العالم في ظلها ومتى يتوقف نفوذها ويزول خطرها. * لما ارتبطت العولمة بتعدد وتنوع في الرؤى إليها من حيث ظروف وعوامل ظهورها وأسسها وآلياتها وتداعياتها نجد من الصعوبة إيجاد مدلول دقيق ومضبوط لها، ولأنّها ترتبط بآراء الباحثين والمفكرين وبانتماءاتهم الفكرية والدينية والسياسية وغيرها مما زاد الأمر تعقيدا، حتى أنّنا نجد من الباحثين في الموضوع من يعتبرها ظاهرة مازالت قيد التشكل والنّماء والتكوين، وبالتالي فهي تحت الوصف والتحليل من جهة وهي موطن دراسة في جانب منها تنديد بها وإدانتها وفي جانب آخر إشادة وتنويه بها من جهة ثانية، ومهما يكن من إشادة وتنويه أو تنديد وإدانة فهي ظاهرة عرفها العالم المعاصر وصارت موضع اهتمام ومحل عناية من قبل رجال السياسة والاقتصاد والمال والأعمال، ومن طرف رجال العلم والفكر والثقافة والإعلام، ومن قبل عامة المثقفين في مختلف أنحاء العالم، لذا يوجد تباين في الآراء ووجهات النظر في كل ما يخص العولمة بين لليبراليين والاشتراكيين، وبين الإسلاميين من مؤيد ومعارض، وبين دعاة العولمة ودعاة الخصوصية والدولة الوطنية، وبين أنصار النظام العالمي الجديد ومعارضيه، وداخل الاتجاه المؤيد للعولمة أو المعارض لها نجد التعدد في المواقف والتباين في التبريرات. * هناك من يعتبرها نتيجة حتمية للتطور العلمي والتقني والثورة الصناعية على مستوى الحياة العملية التي ارتبطت باستراتيجيات وإيديولوجيات الجهات التي عرفت التقدم العلمي والتقني والصناعي، وهناك من يعدّها مرحلة من مراحل الرأسمالية عرف فيها العالم تحولا من محلية الإنتاج والتجارة والتوزيع والتسويق إلى عالمية الإنتاج، وهناك من يرى أنّ العولمة مجرد تجربة من التجارب البشرية في التاريخ من الخطأ حصرها في الحياة الاقتصادية فهي تجربة نظرية وعملية تتحكم فيها عدة عناصر الاقتصاد جزء منها، وهناك من يربطها بالقوة العسكرية واستغلال النفوذ والبحث عن المال والرفاهية وممارسة وتشجيع ثقافة الاستهلاك المادي والثقافي والإعلامي الترفيهي، ومن المفكرين المؤيدين للعولمة باعتبارها حتمية تاريخية وضرورة حضارية ومكسب إنساني هي عبارة عن تفوق كبير ونصر عزيز للتوجه لليبرالي وللحداثة، ولكل الأفكار التي تعتقدها الولايات المتحدة الأمريكية، والعولمة بالتوجّه الليبرالي السياسي والاقتصادي الأمريكي تمثل آخر حلقة من حلقات سلسلة حركة التاريخ، عندها انتهى التاريخ وتوقف، ومن دون الوقوف عند هذا الرأي ومناقشته ونقده على الرغم ما نتج عنه من مناقشات وسجالات وتحليلات بين معجب وبين معارض وبين مندهش وغيره، ولأنه رأي يجانب الحقيقة والواقع والمنطق، ويخرج تماما عن المألوف، ويعبر عن البعد الإيديولوجي الغربي للعولمة، وعن تسخير كل الإمكانيات المتاحة حتى الفكر والعلم واستغلال ضعف الضعفاء في تمرير مخططات الأمركة المتصهينة والعولمة المتوحشة الشرسة والغرب الليبرالي المتطرف، وفي تبرير الأوضاع والظروف التي تزيد في قوة الأقوياء وفي سحق المستضعفين، ومن جهة فالتاريخ مجال تتحرك فيه الأفكار والممارسات ولا يعرف التوقف والنهاية، وأيّة حركة نهضوية حضارية فهي حلقة تُضاف إلى سلسلة حلقات التاريخ من دون أن يتوقف أو ينتهي، فهو عرف الكثير من الإمبراطوريات والدول والأمم التي ظهرت ونمت وتطورت ثم انهارت وانتهت وبقي التاريخ وحركته متواصلة ومجاله مفتوحا أمام الصراع المستمر بين بني الإنسان الذي لا يتوقف عند توجه العولمة في مسار الأمركة، ونجد من ينعتها بأنّها آلية فرضتها الثورة الصناعة وهي سلاح ذو حدّين إما أن تبني وتحصد وتُريح وإما أن تهدم وتخرب وترعب، ارتبطت بالتطور الهائل في مجال الإعلام الآلي واستعمال الحاسوب وشبكة الإنترنيت وسائر وسائل الإعلام والاتصال، من دون النظر لما هو قائم في العالم من ثقافات ونظم مختلفة وحدود جغرافية وسياسية بين دول العالم وشعوبه. * الاختلاف في ضبط مفهوم العولمة يرده البعض إلى أنّ ظاهرة العولمة مازالت أمام المفكرين والسياسيين في طور الاستكشاف، استكشاف الآليات النواميس الخفية التي تتحكم في مسيرتها، وهي لازالت مبهمة في الكثير من خصائصها وعناصرها، "بل إننا نستطيع أن نقول أن العولمة عملية مستمرة تكشف كل يوم عن وجه جديد من وجوهها المتعددة، وإذا أردنا أن نقترب من صياغة تعريف شامل للعولمة، فلابد أن نضع في الاعتبار ثلاث عمليات تكشف عن جوهرها: العملية الأولى تتعلق بانتشار المعلومات بحيث تصبح مشاعة لدى جميع الناس، والعملية الثانية تتعلق بتذويب الحدود بين الدول، والعملية الثالثة هي زيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات. وكل هذه العمليات قد تؤدي إلى نتائج سلبية بالنسبة إلى بعض المجتمعات، وإلى نتائج إيجابية إلى بعضها الآخر. وأيّا كان الأمر، فيمكن القول إنّ جوهر عملية العولمة يتمثل في سهولة حركة الناس والمعلومات والسلع بين الدول على النطاق الكوني." ومنه يمكن استنتاج أنّ العولمة تتخط حدود الدول الجغرافية والسياسية من خلال انتشار الخدمات والبضائع والأفراد والجماعات والأفكار والأموال وأنماط عدة من السلوك، ففي الأمر احتواء وانصهار، احتواء للمحلية والخصوصية من قبل الكوكبية وانصهار المحلية والخصوصية في الكوكبية، لكن هذا "لا يعني أنّ عملية العولمة تسير على النطاق القومي بغير مقاومة. فهناك صراع مستمر بين العولمة والمحلية. فالعولمة تقلل من أهمية الحدود، بينما تؤكد المحلية على الخطوط الفاصلة بين الحدود،والعولمة تني توسيع الحدود، في حين أنّ المحلية تعني تعميق الحدود، وفي المجال الثقافي والاجتماعي العولمة تعني انتقالا للأفكار والمبادئ وغيرها، بينما المحلية قد تميل إلى منع انتقال الأفكار والمبادئ." ففي العالم العربي والإسلامي وشعوبه تراثية تاريخية نجدها تتخوف من العولمة، وبعض الجماعات فيها تتصدى بكل إمكانياتها وطاقاتها في وجه العولمة بمختلف جوانبها خاصة المجال الديني والفكري والثقافي. الموضوعالأصلي : العولمة، المدلول والمبررات، قراءة نقدية // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: زوزو
| ||||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |