أوقفت شركة بايوجين العملاقة للتقنية الحيوية، في مارس/آذار 2019، تجربتين واسعتين لدوائها المسمى أديوكانماب الذي يستهدف مرض ألزهايمر، لفشله في تحسين ذاكرة المرضى. لكن بعد مرور بضع شهور عادت الشركة وشريكتها اليابانية إيساي، فطلبت من إدارة الغذاء والأدوية الأمريكية، الموافقة على الدواء، لأنها اكتشفت أن مجموعة مرضى تحسنوا بسبب تلقيهم جرعات عالية من هذا المركب الدوائي الذي أذاب نوعًا من البروتينات الموجودة في الدماغ يدعى أميلويد بيتا.

ويتشكل بروتين الأميلويد بيتا، عندما يقص إنزيم غاما سيكريتاز، بروتينًا طويلًا يسمى بروتين سلائف الأميلويد، ما ينتج شظايا تتراكم كلويحات في المخ حول الخلايا العصبية. ويتشابك بعدها البروتين مع بروتين آخر يدعى تاو يوجد داخل الخلايا العصبية. ما يتسبب بموت الخلايا وتدهور الدماغ. وبذلك أصبح بروتين الأميلويد بيتا المشتبه به الرئيس، وأصبح تثبيط نشاط غاما سيكريتاز ومنع تراكم صفائح أميلويد بيتا، هدفًا رئيسًا لأدوية ألزهايمر الجديدة.

ودفع الفشل المتكرر لعدد كبير من العقاقير، الباحثين إلى إعادة النظر في تركيز العلاجات على الأميلويد، بعد إظهار الدراسات تراكم البروتين لأعوام، قبل ظهور أي أعراض، فضلًا عن عدم إصابة جميع من يتراكم لديهم البروتين بالمرض.

وأشارت مجموعة من الدراسات؛ من بينها دراسة جماعية مدعومة من المعهد الأمريكي للشيخوخة، أجراها اتحاد للمختبرات الأكاديمية والحكومية، التي تجري تجارب سريرية لعلاج مرض ألزهايمر؛ إلى أن تراكم الأميلويد هو جانب فقط من سلسلة معقدة من التفاعلات.

وقال الأستاذ الدكتور هوارد فيلدمان، المشرف على الدراسة والباحث في علم الأعصاب «وصلنا إلى هذه النتيجة بعد تدخلات متنوعة استهدفت بروتين الأميلويد. ويَصعُب افتراض إيقاف العلاج الجديد زحف المرض لوحده، وعلى الرغم من أن فرضيتنا تفسر الأشكال المبكرة للمرض ذات الأسباب الوراثية، إلا أن الأشكال المتقدمة منه، تنطوي على مشكلات متعددة، ما يجعل علاج الأميلويد وحده غير ناجع» وفقًا لموقع ساينتيفيك أميريكان.

ويقدم العلماء فرضيات أخرى عديدة؛ منها لعب بروتين تاو دورًا أكبر من دور بروتين الأميلويد بيتا، أو أن المرض هو نتيجة التهابات أو عيوب في الحاجز الدموي الدماغي، ولكن الأدوية التي استهدفت هذين المسببين أثبتت عدم فاعليتها. ما دفع فيلدمان إلى اقتراح مقاربة تشمل مجموعة من التدخلات، وقد تكون الطريقة الأفضل لمواجهة المرض.

وقال الدكتور ديفيد هولتزمان، رئيس قسم طب الأعصاب في كلية الطب في جامعة واشنطن «ما زال دور بروتين الأميلويد بيتا ومدى تأثيره، مثار جدل في الأوساط العلمية، إلا أن معظم العلماء يؤكدون على علاقته الوثيقة بالمرض، على الرغم من أنهم غير متفقين في أي مراحل المرض يجب استهداف البروتين.»

ويبدو أن المجتمع الطبي لن يتخلى في المدى المنظور عن فرضية بروتين الأميلويد بيتا، لكن العلماء وبعد مرور عقود على النظرية، مستعدون لاتخاذ وجهة نظر أشمل، لعوامل أخرى تساهم في المرض المضر بالعقل والذكريات.