جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتديات الجامعة و البحث العلمي :: مراكز دراسات أخرى |
الإثنين 4 مايو - 1:09:49 | المشاركة رقم: | |||||||
جوهري
| موضوع: الخوض في تاريخ الأندلس من حيث ترتيب الأحداث منذ الفتح وحتى السقوط، منذ عام 92 ه الخوض في تاريخ الأندلس من حيث ترتيب الأحداث منذ الفتح وحتى السقوط، منذ عام 92 ه قبلـ= 711 م حتى عام 897 هـ= 1492 م قبل الخوض في تفصيلات هذه الأحداث، هناك بعض الأسئلة التي قد تدور في أذهان البعض نحاول الإجابة عليها، ومن أهمّها: لماذا حمل المسلمون سيوفهم وخرجوا بجيوشهم متوجهين إلى الأندلس لفتحها؟ فالأندلس دولة مستقلّة ذات سيادة ويحكمها القوط النصارى في ذلك الزمن، والمسلمون دولة كبيرة جدًا وهم جيرانهم، فلماذا يحمل المسلمون سيوفهم ويتوجهون إلى فتح هذه البلاد ليعرضوا عليها ثلاثتهم المعهودة: الإسلام أو الجزية أو الحرب؟ فهذا العمل يُعَدّ الآن في مصطلح الشرعية الدولية بمثابة تعدٍ على حدود دولة مجاورة ذات سيادة. فلماذا إذن حمل المسلمون السيف وانتقلوا إلى البلاد المجاورة؟ ومن هذا السؤال بالذات يتولد عند كثير من الناس استنتاج واستنباط هو في غير محلّه على الإطلاق ومجافٍ للحقيقة تمامًا، إنه قولهم: إن الإسلام انتشر بحدّ السيف. فهذه مشكلة كبيرة تعترض كثيرا من الدعاة، خاصة من قِبل أصحاب المناهج العلمانية. ولكن كيف وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: [لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ] {البقرة:256}. ويبقى السؤال: كيف نوفّق بين حمل المسلمين سيوفهم وخروجهم إلى هذه البلاد، وبين قوله تعالى في الآية السابقة: [لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ] {البقرة:256}. ولتوضيح هذا الأمر نقول: الجهاد في الإسلام نوعان، نوع يسمى جهاد الدفع، وآخر يسمى جهاد الطلب، وجهاد الدفع هو: ذلك الجهاد الذي يتبادر إلى الذهن من أول وهلة، ويعني الدفاع عن الأرض، وهو أمر مقبول ومفطور على فهمه عوام الناس سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين. أما النوع الآخر والذي لا يستوعبه كثير من الناس فهو ما يُسمّى بجهاد الطلب أو جهاد نشر الدعوة، أو جهاد تعليم الآخرين هذا الدين، فالإسلام هو الدين الخاتم، وهو كلمة الله الأخيرة إلى الناس، وقد كلّف الله هذه الأمة - أمة الإسلام - أمر نشر هذا الدين في ربوع العالم، وتعليم الناس - كل الناس - مراد ربهم عزّ وجلّ الذي أنزله على نبيه محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم. ومن سنن الله سبحانه وتعالى أن يكون هناك أقوام ممن يَحكمون شعوبًا غير إسلامية يحولون دون وصول هذه الدعوة إلى شعوبهم، ويقفون بكل ما أوتوا من قوة في الحدّ من انتشارها، وفي هذه الحالة شُرع للمسلمين أن يتوجهوا بجيوشهم وسيوفهم؛ لحماية الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لنشر هذا الدين وتعليمه للآخرين، فمَنْ لهؤلاء الذين يولدون في بلادٍ يعلمونهم أن المسيح هو الله؟ ومَنْ لهؤلاء الذين يولدون في بلاد يعلمونهم أن البقرة هي الإله؟ ومَنْ لهؤلاء الذين يولدون في بلاد يتعلمون أنهم خُلقوا من عدم، وأن ليس للكون إله، وأن الطبيعة هي رب الكون؟ مَنْ لهؤلاء؟ وَمَنْ يعلمهم إذا لم يعلمهم المسلمون أصحاب الرسالة الخاتمة؟ وقد جعل الله محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والرسل، ولن يكون هناك نبي أو رسول يبعثه الله عز وجل من بعده صلى الله عليه وسلم، فمَن لهؤلاء إذن غير هذه الأمة الشاهدة؟ وقد قال سبحانه وتعالى: [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا] {البقرة:143}. إنها مهمّة أمة الإسلام، أمّة الشهادة، ستشهد على الأمم عند الله سبحانه وتعالى وتقول: يارب، ذهبت إليهم وعلمتهم وشرحت لهم، وجاهدت في سبيلك، لكنهم أنكرو، أو اتبعوا. فهذه الأمة شاهدة بهذا الجهاد وبتوصيل دعوتها الربانية إلى هذه الأمم. والطبيعي أن يكون هناك من يمنعك ويصدّك، ويقف بكل ما أوتي من قوة حائلًا بينك وبين مَن تريد توصيل الدعوة إليهم؛ وذلك لأنهم- وهم الحكام- مستفيدون من عبادة هؤلاء الناس لغير الله سبحانه وتعالى، فإذا حُكِّمَ شرعُ الله انتقلت الحاكمية من هؤلاء الناس- الحكام - إلى الله سبحانه وتعالى وهم لا يريدون ذلك، ومن هنا سيقفون أمامك بجيوشهم وسيوفهم، ولن تجد من سبيل إلا أن تقف أنت أيضًا أمامهم بجيشك وسيفك حتى تحمي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. والمسلمون كما تربوا لا يقاتلون الشعوب، هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخاطب الجيوش الفاتحة فيقول: اتقوا الله في الفلاحين، اتقوا الله في عموم الناس. وهم المغلوبون على أمرهم، الذين لا يهمهم مصلحة الحاكم هذا أو ذاك، إنما يريدون أن يتعلموا أين الخير فيتبعوه، اتقوا الله في هؤلاء، يقول: ولا تقتلوا إلا من قاتلكم. فكان المسلمون يتجنبون تماما إيذاء أيّ أحدٍ لم يقاتلهم، ولو أذًى يسيرًا، فتجنبوا الأطفال والنساء والعُبّاد في الصوامع والضعفاء والكهول الذين لا يستطيعون قتالًا، بل إنهم تجنبوا الأقوياء الذين لم يعاونوا، أو يشتركوا في قتال المسلمين، وكان المسلمون يقاتلون الجيوش فقط، يقاتلون الحُكّام الذين عَبّدوا الناس لغير الله سبحانه وتعالى. لماذا تكون الدعوة إلى الله مصحوبةً بالجيش؟ وهنا قد يسأل سائل: إذا سمح لك هؤلاء الحكام بالدعوة إلى الله في بلادهم، كأن تقوم مجموعة من الدعاة المسلمين بالذهاب إلى هذا البلد أو غيره، والدعوة إلى الله فيه دون جيش أو قتال أو جزية، ويختار الناس ما يشاءون، إذا سُمح بذلك فهل يقبل المسلمون هذا ويتخلّون عن الجيش والسيف؟ وما هو موقفهم؟ ولماذا لم يبعث المسلمون أناسًا يدعون إلى الله بدون جيش؟ لماذا لم يبعثوا من يدعو إلى الله في الأندلس وفي الروم دون أن يخرج خلفهم جيش؟ أليس الإسلام قد انتشر في إندونيسيا والفلبين وماليزيا، وغيرها من الدول بالتجارة ودون سيف؟ وفي حقيقة الأمر فإن في هذا الكلام افتراض غير واقعي وغير عملي، ففكرة أن الدعاة إلى الله يخرجون إلى مثل هذه البلاد بدون جيش أمر يُعدّ مخالفًا لسنن الله سبحانه وتعالى في أرضه وفي خلقه، بل إنه مخالف للتاريخ والواقع؛ ففي التاريخ نجد أن دولًا ضخمةً جدًا دخلت في الإسلام عن طريق الفتوحات الإسلامية، أما القلّة الاستثنائية فهي التي دخلت الإسلام عن طريق التجارة، وللأسف فإن هناك كثير من الناس خاصة مِن المسلمين مَنْ يصوّر الأمر بغير ذلك - عن وعي منهم أو عن غير وعي - استحياء من فتح المسلمين للبلاد الأخرى. لكن الدين الإسلامي وهو دين الله الكامل الشامل ليس فيه ثغرات وليس فيه ما نستحي منه أو نخفيه عن الآخرين، فهذه دولة فارس والتي تشمل الآن: العراق وإيران وباكستان وأفغانستان وكل دول الاتحاد السوفيتي الجنوبية والتي تمثّل أكثر من خمسة عشر إلى ستة عشر من جملة الاتحاد السوفيتي السابق، كل هذه البلدان من هذه الدولة الفارسية أسلمت ودخلها المسلمون عن طريق الفتح الإسلامي العسكري، بالجيوش والجهاد والاستشهاد والحروب المريرة لسنواتٍ طويلة، ومثلها أيضًا دولة الروم، وكذلك بلاد الشام التي تشمل فلسطين والأردن وسوريا ولبنان وأجزاء من جنوب تركيا، بالإضافة أيضا إلى بلاد آسيا الصغرى، كل ذلك فُتح بالجهاد في سبيل الله، دولة الروم فُتحت فتحًا عسكريًا، وليس فتح القسطنطينية خافيًا عن العيون، وكذلك أيضًا كل بلدان شرق أوروبا، وكان منها على سبيل المثال: بُلغاريا واليونان ورومانيا والمجر وتشيكوسلوفاكيا وأجزاء من النمسا ويوغوسلافيا بكاملها وقبرص ومالطا، كل هذه البلدان فُتحت بالجهاد في سبيل الله في زمن الخلافة العثمانية، وعاش فيها الإسلام ردحًا من الزمن، ثم ما لبث أن اختفى منها. وأيضا دول شمال إفريقيا كلها فُتحت بالجهاد في سبيل الله، ابتداءً بمصر ومرورًا بليبيا ثم تونس ثم الجزائر ثم المغرب، ومثلها أيضًا دول وسط وغرب إفريقيا فقد فُتحت أيضًا بالجهاد في سبيل الله. ثم على سبيل الاستثناء دخل الإسلام ماليزيا وإندونيسيا عن طريق التجارة، أبعد ذلك يُغلَّب هذا الأمر الذي حدّث على سبيل الاستثناء على سنة الله سبحانه وتعالى في نشر دينه عن طريق الجهاد في سبيل الله؟! فهذا أمر لا يُعقل، ولا يمكن أن يُقرّه أحد. إذن بقيت القاعدة التي تقول: إن هؤلاء الحكام الذين يحكمون الشعوب المجاورة للدولة الإسلامية لن يتركوا المسلمين أبدًا يدعون إلى الله سبحانه وتعالى في حراسة جيش من الجيوش، ومن هنا شرع الله سبحانه وتعالى الجهاد فأصبح سنّة ماضية إلى يوم القيامة. حقيقة الحرية في البلدان الغربية إذا نظرنا إلى الأمر نظرة واقعية نجد أن الناس اليوم قد فُتنوا بما أُشيع عن حرية التعبير في البلدان الغربية مثل أمريكا وفرنسا وإنجلترا، ودول الغرب بصفة عامة، حتى ظنوا أن طريق الدعوة مفتوح، ومن ثم راحوا يقولون: ابعثوا من يدعو إلى الله في هذه الدول فلن يكون هناك من يعوقهم. لكن الحقيقة أن هذا الأمر ليس متروكًا هكذا بدون وعي منهم أو إدراك، فإنهم ما تركوا مثل هذه الحرية المزعومة إلا لمعرفتهم أن المسلمين لم يصلوا بعد إلى القوة المؤثرة المغيِّرة في هذه البلاد، ولو وصل المسلمون إلى المستوى الذي يرى حكامُ الغرب فيه أنه سيؤثّر على سياسة بلادهم فلن يكون هناك حرية، ولن يكون هناك سماح بالدعوة للإسلام، بل سيقفون لهم بالمرصاد، فهذه الدول لا تسمح بقيام دول إسلامية خارج حدودها، فما الحال لو قامت هذه البلاد الإسلامية أو الدول الإسلامية أو مجرد الفكر الإسلامي المنهجي داخل هذه البلاد؟ فها هي السودان البلد الفقير والضعيف نسبيًا بالمقارنة بغيره من الدول حينما أعلنت تطبيق الشريعة الإسلامية في بعض ولاياتها قامت الدنيا ولم تقعد، وقامت دول الغرب هذه وأمريكا على رأسها بضرب مصنع الأدوية الموجود في الخرطوم بحجة أنه يصنّع موادًا كيماوية. فهذه مجرد بادرة قيام لدولة إسلامية في مكان ضعيف معزول وبعيد تمام البعد عن هذه البلاد الغربية. ومثلها فعلت فرنسا بلد الحريات والتنوير، وبلد الحضارة كما ملأوا أسماعنا، فحين بدأت الفتيات الصغيرات يدخلن المدارس محجبات صالت صولتهم وتم منعهن من دخول المدارس، أما إذا دخلن بلباس فاضح فبها ونعمت. ولِمَ يكون ذلك؟ إنهم يحاولون بكل ما يستطيعون من قوة وقف المدّ إسلامي، ويعرفون جيدًا أن هذا الفكر الإسلامي هو الذي يتناسب مع الفطرة السليمة ومن السهل أن ينتشر ويُكتب له النجاح والغَلَبَة ومن ثَمّ فهم يسعون لإيقافه، والحادثة مشهورة ومعروفة للجميع. وفي أمريكا منذ سنوات قليلة كانوا في الكونجرس يسعون لتمرير قانون يسمح بالقبض على من يُخلّ بالأمن القومي الأمريكي بدون دليل، أي قانون يشبه قانون الطوارئ المعروف، وهذا أمر غير شرعي عندهم؛ إذ لا بد أن يكون هناك دليل قبل أن يُدان الإنسان أو يُتّهم أو تُقيّد حريتُه، ولقد كان هناك بعض الدلائل التي تشير إلى إمكانية تطبيق هذا القانون، والذي بموجبه يمكن الإمساك بالناشطين في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بحجة مسّ الأمن القومي الأمريكي أو الإرهاب. وتشير بعض الشواهد إلى أن هذا القانون ربما يتمّ تمريره وتطبيقه في وقت قريب فهذه البلاد لن تسمح على الإطلاق للدعاة إلى الله سبحانه وتعالى بالقيام بدورهم في هداية الناس وتعريفهم بربهم، ولن يستطيع الدعاة القيام بهذه المهام إلا إذا كانوا محميين بقوة تحوطهم وتحرسهم، هذه القوة هي قوة الجيش الإسلامي والفتح الإسلامي وقوة الجهاد في سبيل الله، ثم إذا افترضنا أن بلدًا مما ذُكر سابقًا من أدعياء الحرية سُمح فيه بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وسمح فيه بالمقال الإسلامي، والكتاب الإسلامي، والشريط الإسلامي، ثم يخرج عليك بعد ذلك في مقابل المقال الإسلامي بعشرة آلاف مقال علماني، وفي مقابل الصورة الإسلامية الهادفة عشرة آلاف صورة فاضحة تثير شهوات الناس وتبعدهم عن دين الله سبحانه وتعالى بل وعن الأخلاق الإنسانية، وفي مقابل دعوتك إلى أن الله سبحانه وتعالى واحد تجد عشرات المؤلفات التي تقول إن الله هو المسيح - معاذ الله من هذا القول ومن الشرك به سبحانه وتعالى - فإن كان هذا الأمر على هذا النحو فهل ستؤدي الدعوة الإسلامية نتيجتها وسط هذا الركام الضخم جدًا من المضادات المناوئة لها، ودعوة الإسلام إنما هي محاولة لإدخال كل البشر وكل الخلق في دين الله سبحانه وتعالى، وتعبيدهم له وحده، ومن هنا شُرع الجهاد في سبيل الله، وشُرع فتح البلاد المجاورة لأمة الإسلام حتى وإن أبت في بادئ الأمر. زمن فتح الأندلس في أي زمان تم فتح الأندلس؟ سؤال مهم جدا ونقصد به: مع أي العصور الإسلامية يتوافق تاريخ فتح الأندلس وهو اثنتان وتسعون من الهجرة؟ والجواب أن هذه الفترة كانت من فترات الدولة الأموية، وتحديدًا في خلافة الوليد بن عبد الملك رحمه الله الخليفة الأموي الذي حكم من سنة 86 هـ= 705 م إلى 96 هـ= 715 م وهذا يعني أن فتح الأندلس كان في منتصف خلافة الوليد الأموي رحمه الله. وهذا التاريخ يجرّنا إلى الحديث عن الدولة الأموية المظلومة في التاريخ الإسلامي، تلك الدولة التي أُشيع عنها الكثير والكثير من الافتراءات والأكاذيب والأحداث المغلوطة التي تشوه صورتها، وبالتالي صورة التاريخ الإسلامي كله، وذلك حتى يتسنى للمتربصين القول بأن التاريخ الإسلامي لم يكن إلا في عهد أبي بكر وعمر، حتى وصل الأمر إلى الطعن في تاريخ أبي بكر وعمر أنفسِهما مع علم الجميع بفضلهما. ولا يخفى على الجميع المراد من ذلك وهو أن يترسّخ في الأذهان عدم الاعتقاد بقيام أمة إسلامية أو دولة إسلامية من جديد، فإذا كان هذا شأن السابقين القريبين من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذا كان هذا شأن دولة بني أمية وبني العباس وغيرهما من الدول التي لم تستطع أن تقيم حكمًا إسلاميًا صالحًا - في زعمهم - فكيف بالمتأخرين؟ وهي رسالة يريدون أن يصلوا بها إلى كل المسلمين، وليس لهم من غرض وراء ذلك إلا أنهم [ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ] {التوبة:32}. حروبنا وحروبهم ووسط كل هذا يخرج من يتشدق بالقول: إن هذا الزمان ليس زمن الحروب العسكرية أو التغيير العسكري أو الفتوحات المزعومة، إنما هو زمن السلم وزمن السياسات والمفاوضات. لكن واقع الأمر يشهد بأن هناك حروبًا عسكرية دائرة وتدور في كل وقت، ومع ذلك يُلام المسلمون على فتوحاتهم الإسلامية السابقة في الشمال الإفريقي، وفي فارس، وفي الأندلس، وفي غيرها، ولا تُلام إسرائيل - مثلا - على ما تفعله في فلسطين، وعلى ما فعلته في عام سبعة وستين وتسعمائة وألف في مصر وسوريا، وعلى ما فعلته في لبنان ثماني عشرة سنة*. المسلمون يلامون وقد دخلوا البلاد لينشروا فيها العدل والرحمة والدين ويعبّدوا الناس لرب العالمين، ولا تُلام إسرائيل وقد دخلت البلاد التي احتلتها فقتلت ونهبت وسرقت، وفعلت الكثير والكثير من الموبقات. أيُلام المسلمون على هذه الفتوحات المجيدة التي علّموا فيها الناس دينهم وهدوهم إلى طريق ربهم ولا تُلام إسرائيل على ضرب المفاعل النووي - مثلا - في العراق أو ضرب تونس؟! أو على ضرب أمريكا لمصنع الأدوية - كما ذكرنا - في السودان؟! ألا تُلام أمريكا ودول الغرب على حروب متتالية ضد دولة العراق؟! ألا تُلام أمريكا على تدمير العراق وشعبه، وتدمير بنيته التحتية، ووفاة أكثر من نصف مليون طفل عراقي بسبب نقص التطعيمات ونقص الغذاء؟! لا يُلامون على ذلك، ويُلام المسلمون على نشرهم العلم والدين والرحمة والعدل في ربوع العالم أجمع! وهم (أمريكا) الذين صوروا لنا أنهم دخلوا العراق شفقة على الكويت، فجندوا إليها الأجناد في العالم، وأتوا بنصف مليون جندي شفقة على شعب الكويت من العراق. لا يلام الصرب على أفعالهم في البوسنة والهرسك، وعلى ما فعلوه في كوسوفا من قتل مائتي ألف أو أكثر في كل واحدة من الاثنتين، وعلى هتك عرض خمسين ألف فتاة مسلمة، ويُلام المسلمون على الحريات العظيمة التي أعطوها للنصارى واليهود في حكم الدولة الإسلامية! ألا تلام روسيا على اجتياح الشيشان واجتياح أفغانستان، وتدمير المنشآت المدنية في هذه البلاد، وقتل المدنيين ليل نهار، ويُلام المسلمون على نشر العلم والمدنية في ذات البلاد وكانت من قبل تعبد النار؟! أيُلام المسلمون على فتحهم لجمهوريات جنوب روسيا بصفة عامة ولا يلام الروس والصينيون الذين احتلوا أجزاءً كثيرة من هذه البلاد، وحكموا الناس فيها بالحديد والنار أعوامًا وأعوامًا، حتى أنهم قتلوا كل من كان يخفي في بيته مصحفًا؟! أيوجه هذا اللوم إلى المسلمين أم إلى هؤلاء الذين حكموا باسم الحضارة الحديثة والمدنية والتقدّم وما إلى ذلك من أسماء؟!! تاريخ المسلمين مليء بصفحات الشرف والعزة والمجد، وهؤلاء إنما يريدون تغيير هذه الصفحات المشرقة عن عمد؛ حتى يشعر المسلمون بشيء من الاستحياء تجاه تاريخهم، وإنما التاريخ الإسلامي صفحات بيضاء ناصعة، يُشرّف كل المسلمين ويعلي من قدرهم، وإنما الاستحياء كل الاستحياء يجب أن يكون من أدعياء الحضارة والمدنية وفُعّال الفحش والموبقات. رسالة المسلمين وهناك اعتراض آخر من قائل يقول: لندع الناس يعبدون ما يشاءون، لماذا نشغل أنفسنا بتعليمهم أن الله سبحانه وتعالى واحد؟ لماذا نجيّش الجيوش حتى نعلمهم هذا المفهوم؟ لماذا لا ندعهم أحرارًا يعبدون ما يعبدون من دون الله سبحانه وتعالى؟ والجواب: أن الله سبحانه وتعالى جعل للمسلم رسالة عليه أن يؤديها، وهذه الرسالة لََخّصها رِبعِي بن عامر في حواره مع قائد عسكر الفرس في موقعة القادسية حين قال رضي الله عنه: لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جوْر الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سَعة الدنيا والآخرة. فهذا هو مراد المسلم وهذه هي رسالته في الدنيا، روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] {آل عمران:110}. قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ. أي إذا كان الناس يأبون الدخول في الإسلام تأتي بهم ولو في السلاسل حتى يدخلوا فيه، فتنقذهم من أن يخلدوا في نار خالدة، وتنقذهم من العيش في جور الأديان، ومن ظلم الحكام إلى العيش في عدل الإسلام، والعيش في سَعة الدنيا والآخرة، تمامًا كمن يريد أن يلقي بنفسه من مكان مرتفع جدًا فأسرعت أنت وجذبته من يده وأنقذته، هل يأتي من يلوم عليك إيلام يده، أو أنك جذبت يده بقوة؟ وإذا كنت قد أنقذته من هاوية الموت المحقق الذي لن يلومك عليه أحد، فبالأحرى أن تنقذه من هاوية أبدية إنها هاوية الجحيم، بالأحرى إذن أن تنقذه من أن يخلد في نار جهنم، وتهديه إلى هذا الدين وتُعَلّمه إياه، وبالأحرى أن تأتي له بالجيش الذي يؤثّر فيه حتى يسمع كلام الله سبحانه وتعالى؛ فإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وكثير من الناس لا يسمع إلا إذا كان الداعي محاطًا بقوة وبجيش كبيرين، وهنا يبدأ يسمع ويفكّر فيجد أن ما كان يرفضه هو النجاة، وما كان يريد اتباعه هو الهلاك المحقق الذي لا فكاك منه، والكثير من الأمم التي دخلت في دين الله أفواجًا حين دخل الفاتحون دخلوا غير مكرَهين ولا مضطرين. وقد يقول قائل: إن هذا الفتح ودخول هذا الجيش يتعارض مع قوله تعالى: [لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ] {البقرة:256}. والحقيقة أن هذا الفتح وهذا الدخول للجيش لا يتعارض مطلقًا مع هذه الآية الكريمة، فالمسلمون حين يدخلون هذه البلاد يعرّفونهم أولا دينَ الله سبحانه وتعالى، ثم يُخيّرونهم جميعًا بين أن يظلّوا على إيمانهم بمعتقداتهم أو يعبدوا الله سبحانه وتعالى، فمن أراد أن يبقى في ظلم الشرك وفي ظلم الجاهلية بقي فيه، ومن أراد أن يدخل في نور الإسلام دخل فيه وكانت له سعادة الدنيا والآخرة. حاجة الجميع للإسلام إن الناس اليوم جميعًا في حاجة ماسّة إلى الإسلام، وإن أبوا ذلك فالعالم بلا شكٍ يتجه إلى كارثةٍ محققة، والدول العظمى التي تتحكم في هذه الأمم اليوم تكيل بأكثر من مكيال، وتجعل الظلم قاعدة من القواعد التي ترسّخها في العالم، والأدواء والأمراض الأخلاقية لا حصر لها. لعلكم قرأتم أو سمعتم عن المؤتمر الأخير لمرضى الإيدز (مرض نقص المناعة المكتسبة) الذي جاء فيه أنه في خلال العشرين سنة الماضية (من سنة ثمانين وتسعمائة وألف إلى سنة ألفين) قُتل عشرون مليونًا من البشر بسبب الإيدز، وأن أقلّ معدلات الإصابة بهذا المرض كانت في البلاد الإسلامية، ولعل ذلك كان نتيجة طبيعية؛ لأن هذا المرض الأخلاقي ينتشر بسبب غياب الوازع الديني، وبُعد الناس عن دين الله سبحانه وتعالى وعن شرعه عزّ وجلّ، فعموم الناس في الدول الإسلامية مرتبطة بشرع الله سبحانه وتعالى، حتى إن كان هذا الارتباط ضعيفًا، بعكس ما في الدول غير الإسلامية والتي تنكر بالكلية منهج الله سبحانه وتعالى، ونظرة واحدة على تاريخ كل المعارك والفتوحات الإسلامية لا تجد ضحاياها يقتربون من واحد على مائة من العشرين مليونا السابقة، هذا غير سبع وثلاثين مليونا آخرين من حاملي هذا المرض اللعين ينتظرون الموت. وبعيدا عن الأمراض الأخلاقية وضحاياها كانت هناك المذابح والمجازر والانقلابات التي تحدث في إفريقيا وفي أمريكا الجنوبية وغيرها من البلاد، كثير من القتلى يموتون في بشاعة منقطعة النظير، لماذا؟ لأنه ليس هناك إسلام يحكم أو يسود، لم يكن هناك دين الرحمة والعدل والإنسانية، لم يكن هناك ما يجعل الناس يعيشون في سعادة دنيوية، ومن ثم سعادة أخروية، ومع هذا الظلم من الإنسان لغيره كان أيضًا ظلمه لنفسه، وهو الشرك بربه خالقه سبحانه وتعالى، قال سبحانه وتعالى على لسان لقمان: [يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ] {لقمان:13}. التعريف ببلاد الأندلس وفي بداية الحديث عن تاريخ الأندلس نجيب أولًا عما قد يُثار من أسئلة حول معنى هذه الكلمة والمراد منها، فبلاد الأندلس هي اليوم دولتي إسبانيا والبرتغال، أو ما يُسمّى شبه الجزيرة الأيبيرية، ومساحتها (مجموع الدولتين) ستمائة ألف كيلو متر، أي أقل من ثُلثي مساحة مصر. ويفصل شبه الجزيرة عن المغرب مضيق أصبح يُعرف منذ الفتح الإسلامي بمضيق جبل طارق ( ويسميه الكتاب والمؤرخون العرب باسم درب الزقاق ) وهو بعرض 12.8 كم بين سبتة وجبل طارق. وعن سبب تسميتها بالأندلس فقد كانت هناك بعض القبائل الهمجية التي جاءت من شمال إسكندناف من بلاد السويد والدنمارك والنرويج وغيرها، وهجمت على منطقة الأندلس وعاشت فيها فترة من الزمن، ويقال أن هذه القبائل جاءت من ألمانيا، وما يهمنا هو أن هذه القبائل كانت تسمى قبائل الفندال أو الوندال باللغة العربية؛ فسميت هذه البلاد بفانداليسيا على اسم القبائل التي كانت تعيش فيها، ومع الأيام حُرّف إلى أندوليسيا فأندلس. وقد كانت هذه القبائل تتسم بالوحشية والهمجية وفي الإنجليزية إلى الآن همجية ووحشية وتخريب تعني (Vandalism) وتعني أيضا أسلوب بدائي أو غير حضاري، وهو المعنى والاعتقاد الذي رسخته قبائل الفندال، وقد خرجت هذه القبائل من الأندلس وحكمها طوائف أخرى من النصارى عُرفت في التاريخ باسم قبائل القوط (GOTHS) أو القوط الغربيين، وظلّوا يحكمون الأندلس حتى قدوم المسلمين إليها. لماذا تَوَجّهَ المسلمون إلى الأندلس دون غيرها لماذا اتّجه المسلمون في فتوحاتهم إلى بلاد الأندس خاصّة من بلاد العالم، وأيضًا لِمَ هذا التوقيت بعينه أي سنة 92 هـ= 711 م؟ كان المسلمون في هذا الوقت قد فتحوا الشمال الإفريقي كله، ففتحوا مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، ووصلوا إلى حدود المغرب الأقصى والمحيط الأطلسي، ومن ثَمّ لم يكن أمامهم في سير فتوحاتهم إلا أحد سبيلين، إما أن يتجهوا شمالًا، ويعبروا مضيق جبل طارق ويدخلوا بلاد إسبانيا والبرتغال وهي بلاد الأندلس آنذاك، وإما أن يتجهوا جنوبًا صوب الصحراء الكبرى ذات المساحات الشاسعة والأعداد القليلة من السكان... ولما كان هدف المسلمين هو البحث عن التجمعات البشرية حتى يعلموهم دين الله سبحانه وتعالى، ولم يكن من أهدافهم البحث عن الأراضي الواسعة أو جمع الممتلكات، ولأن المسلمين قد وصلوا إلى الحدود القريبة من الأندلس مباشرة، واستتبّ لهم الأمر في أواخر الثمانينيات من الهجرة فيما دون ذلك من البلاد التي فتحوها - كما سيأتي تفصيله بإذن الله - فالأندلس إذن هي البلاد التي تلي بلاد المسلمين مباشرة والله تعالى يقول في كتابه الكريم: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ] {التوبة:123}. على هذا النهج سار المسلمون في كل فتوحاتهم، ويجسد هذا المنهج ذلك الحوار الذي دار بين معاذ بن جبل رضي الله عنه وبين ملك من ملوك الروم قبل موقعة اليرموك وكان رسولا إليه، سأل ملك الروم رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل: ما الذي دعاكم إلى الولوغ في بلادِنا وبلادُ الحبشة أسهل عليكم؟ وقد كانت الروم آنذاك تقتسم العالم مع فارس، فيسأل ملكُ الروم متعجبا كيف تَطْرقون أبواب القوة العظمى وتتركون الحبشة وهي الأسهل والأيسر؟! فأجابه معاذ بن جبل قائلا: قال لنا ربنا في كتابه الكريم: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ] {التوبة:123}. أنتم البلاد التي تلينا، ثم بعد الانتهاء من بلاد الروم سنجَوِّزها إلى الحبشة وغيرها من البلاد. أي أننا لم ننس الحبشة ولكن أنتم المجاورون لنا، وهكذا كان الحال بالنسبة إلى الأندلس؛ حيث كانت هي التي تلي بلاد المسلمين. المصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــدر الموضوعالأصلي : الخوض في تاريخ الأندلس من حيث ترتيب الأحداث منذ الفتح وحتى السقوط، منذ عام 92 ه // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: RAOUFfe
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |