اعداد

زهير جمعة المالكي

المقدمة

حين بدأت الثورة الصناعية في اوروبا وانتقل الفلاحون بكثرة الى المدن حيث الصناعة هربا من الاستعباد الذي كانوا يواجهونه من الاقطاعيين بدأت تظهر حوادث كثيرة تؤدي الى اصابة هؤلاء المهاجرين الذين ليست لهم معرفة بالصناعة واخطارها، وكانت المصانع تعج بمختلف انواع المخاطر وكان الرأى السائد انه اذا وقعت حادثة وكان المصاب سببا فيها فان صاحب العمل لا يلزم بأية مسؤولية على الاطلاق. وحينما زادت الحوادث بشكل مفزع واصبح الكل يتحدث عنها، جرى سن قوانين وتشريعات تلزم اصحاب المصانع بتعويض المصابين عن الحوادث حتى لو كانوا سبباً في حدوثها. وحينئذ اخذ اصحاب المصانع بتحسين ظروف العمل تقلبلا للتعويضات التي يدفعونها للمصابين مما قلل من عدد الاصابات، الا أن نسبة الحوادث عادت مرة ثانية للارتفاع بسبب كثرة المواد العضوية والكيميائية التي ادخلت في العمليات الصناعية والتوسع في الاعتماد على الالة في عملية الانتاج بالاضافة الى سبب رئيسي اخر عو عدم معاملة الامن الصناعي (اداريا) بالتساوي مع اهم اهداف المنشأة وهو الربح.

اليوم اصبحت الصحة والسلامة المهنية أحد معايير العمل اللائق، وهي جزء أساسي من الحقوق والمبادئ الأساسية في العمل، وهي إلى جانب ذلك أحد معايير العمل المرضية والعادلة التي نصت عليها الشرعة العالمية لحقوق الإنسان.

وإلى جانب المحافظة على واحد من أهم حقوق الانسان المتمثل في الحق في الحياة والتمتع بأعلى مستوى صحي ممكن، يعد الحفاظ على مستوى متقدم من الصحة والسلامة المهنية للعاملين، شرطا من شروط التنمية المستدامة، وشرطا من شروط تعزيز الانتاجية، باعتبار الموارد البشرية ثروة وطنية، من شأنه الحفاظ عليها، المحافظة على موارد بشرية ماهرة وكفؤة، وتقليل الوقت المفقود من العملية الانتاجية، وتخفيض الكلف المباشرة وغير المباشرة لإصابات العمل، وتخفيف العبء على الخدمات العلاجية، مما يدفع باتجاه تعزيز عملية التنمية.

أهمية البحث

يعد موضوع الصحة والسلامة المهنية من الموضوعات ذات الأهمية الكبرى للمنظمات والدول وذلك لما له من تأثير في ناتج الدخل القومي .كما أصبح شيئاً مقدساً للنقابات العمالية التي تسعى باستمرار إلى متابعته مع إدارات المنظمات الصناعية وغير الصناعية .وذلك على اعتبار أن الأخطار المهنية لا تصاحب الأعمال الصناعية فحسب بل تكون مصاحبة أيضاً للأعمال ذات الصبغة الإدارية والمكتبية وتكون في بعض الأحيان ذات خطورة أكبر من مخاطر الأعمال الصناعية فضغوط العمل والإرهاق والتعب الذهني قد يؤدي في بعض الأحيان إلى أزمات قلبية ,وارتفاع ضغط الدم , وآلام الظهر ,وضعف البصر ,و الصداع النصفي .ويمكن تلخيص فوائد الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية :

1. ارتفاع الروح المعنوية للعاملين من خلال الشعور بالأمان والطمأنينة وبالتالي زيادة الرغبة في العمل.

2. إن الحفاظ على صحة وسلامة العاملين يعني الحفاظ على قدرتهم على العمل لأن مقدرة العامل على العمل تضعف إذا كان ذلك العامل لا يتمتع بصحة جيدة .

3. اندماج وانسجام الأفراد في العمل وحبهم له.

4. ارتفاع في إنتاجية الفرد وبالتالي في إنتاجية المنظمة ككل .

5. المحافظة على أفراد القوى العاملة وعدم تركها للعمل (انخفاض معدل دوران العمل ).

6. انخفاض تكلفة العمل (انخفاض تعويضات حوادث العمل ، انخفاض عدد ساعات توقف العمل نتيجة الإصابة )

أشكالية البحث :

بـناء على ما تقدم ذكره حول اهمية معايير الصحة والسلامة المهنية والاهمية التي تحظى بها من حـيث الأحكام الـسارية عـليها و الـتي تـعد من القواعد العامة أرى اْن إشكالية البحث ، يمكن التعبير عنها بطرح السؤال التالي:

ما مفهوم معايير الصحة والسلامة المهنية ؟ ومن هذه الاشكالية الرئيسية تتفرع الاسئلة الفرعية التالية : -

1. ما تعريف الصحة والسلامة المهنية من الناحية الفقهية وما فروعها الرئيسة ؟

2. مافوائد معايير الصحة والسلامة المهنية ؟

3. ما معايير الصحة والسلامة المهنية الدولية ؟

الفصل الاول

مفهوم الصحة والسلامة المهنية

كـان الأمـن الصناعي في الماضي تعنى وقاية المنتجين من الأخطار الصناعية وحمايتهم من الأمراض المهنية. وقد أطلق اسم الأمن الصناعي لكثرة الحوادث في المجال الصناعي من غيره، كما كان مفهوم الأمن الصناعي بأنـه عبـارة عـن ارتداء المنتجين لباس وأدوات الوقاية الشخصية . مع التطور المتزايد المستمر في صناعة الآلات والمعدات ووسـائل الإنتـاج المختلفـة وخاصة في نهاية القرن العشرين أصبح الأمن الصناعي والصحة المهنية أكثر شمولية حيـث تعدى مفهومه السابق ليشمل جميع الاحتياطات والإجراءات الوقائية الفنيـة والطبيـة، وتغيـر تسميته لمعناه الصحيح وهو( السلامة والصحة المهنيـة) ليـشمل حمايـة عناصـر الإنتـاج (الصناعية، والزراعية، والتجارية) وتأمين الوقاية من كافة الأخطار قبل وقوعها كلما أمكـن ذلك وإيجاد بيئة عمل آمنة خالية من جميع أنواع المخاطر والأمراض التي تهدد حياة وصـحة المنتجين في كافة الأعمال [1] . قمت في هذا الفصل بتقسيم الموضوع الى مبحثين الاول تناول تعريف مفهوم الصحة والسلامة المهنية اما المبحث الثاني فقد قمت بتخصيصه لفوائد الاهتمام بالسلامة والصحة المهنية بالنسبة للمنظمات.

المبحث الاول :

تعريف مفهوم الصحة والسلامة المهنية

تعددت التعاريف التي تتناول مفهوم الصحة والسلامة المهنية ،فقد عرفها الموسوي [2] بأنها " ممارسة عدد من الأنشطة بهدف حماية عناصر الإنتاج وفي مقدمتها العنصر البشري في المنظمة من التعرض للحوادث خلال العمل وذلك بإيجاد الظروف الملائمة المادية والنفسية للعاملين لأداء أعمالهم بإنتاجية عالية ".وقد عرفها البعض أيضاً على أنها:ذلك النشاط المخطط والمنظم والذي يهدف إلى ضمان صحة وسلامة العاملين في المنظمة من خلال الوقاية من حوادث وإصابات العمل ومعالجتها عن طريق القيام بتخطيط برامج خاصة لهذا الغرض وتنفيذها والرقابة عليه [3] .

أما عمر وصفي عقيلي (إدارة الأفراد،1988،ص495) فقد عرفها بأنها " مجموعة من المبادئ والقواعد التي يتم بموجبها حماية الموارد البشرية على اختلاف نوعياتهم وطبيعة أعمالهم من أخطار المهن التي يزاولونها سواء المادية الفسيولوجية أو النفسية وذلك من خلال وضع وتنفيذ ومتابعة برنامج أمن وحماية مناسب يمكن بواسطته تقليل عدد الحوادث والإصابات التي يتعرض لها العاملون في مكان العمل أو منع حدوثها أثناء تأديتهم لأعمالهم، ويتم وضع برنامج الحماية عن طريق دراسة كل عمل وتحليله لمعرفة المخاطر أو الإصابات التي يتعرض لها الفرد ,وتوفير الوسائل التي تمكن من حمايته"

ويمكن أن يلاحظ الباحث في هذا الموضوع أن هناك تسميتين تردان في هذا المجال الأولى هي "الأمن الصناعي" وأما الثانية فهي "الصحة والسلامة المهنية "وهي الأكثر انتشارا ً في الوقت الراهن "وهي التسمية المعتمدة في هذا البحث"لاسيما أن الأولى تقتصر على معالجة موضوع الحماية للأعمال الصناعية فقط دون أن تشمل الأعمال الأخرى كالإدارية والتنظيمية والمكتبية وغيرها ...

والأمن الصناعي في مفهومه البسيط يعني توفير ظروف العمل الآمنة اللازمة للمحافظة على المقومات الأساسية لعناصر الإنتاج و هي (الإنسان والآلة وباقي الموارد المادية الأخرى) وإحاطة تلك العناصر الإنتاجية بسياج من الحماية لخلق جو من السلامة والطمأنينة في بيئة العمل .

بالرغم من الاختلاف في تعريفات السلامة والصحة المهنية ولكنها جميعها تدور حول كونها تلك الإجراءات والنشاطات الخاصة بتوفير ظروف العمل الآمنة اللازمة للمحافظة على عناصـر الإنتاج الثلاثة وهى الإنسان والآلة والمادة واحاطتها بجو خالي من المخـاطر الناجمـة عـن الأعمال التي يزاولونها ومن أماكن العمل التي تؤدى إلى إصابتهم بـالأمراض والحـوادث، و العمل على توفير التأمينات الاجتماعية التي تحمى حقوق العاملين في مواقع العمل.

يشمل مفهوم الصحة والسلامة المهنية كما نلاحظ على مفهومين فرعيين هما مفهوم الصحة ومفهوم السلامة وفيما يلي توضيح بسيط لهذين المفهومين :

اولا : السلامة :

يقصد بها حماية الموارد البشرية من الأذى والضرر الذي تسببه لهم حوادث محتملة في مكان العمل , وهذا الأذى تظهر نتيجته فوراً , كالكسور بكافة أنواعها , والجروح , والحروق , والاختناق و....أي بمعنى آخر السلامة تعني (سلامة الفرد من الحوادث وتجنبه الإصابة بها).

ثانيا : الصحة :

يقصد بها حماية الموارد البشرية من الأمراض الجسدية والنفسية المحتمل إصابتها بها في مكان العمل ,والتي يكون سببها إما المناخ المادي العام , أو الفرد , أو طبيعة العمل (الوظيفة) نفسه , وهذه الأمراض لا تحدث فوراً إنما مع مرور الزمن ,حيث تتم الإصابة بها نتيجة التعرض المستمر لمسبباتها , وهذا يعني أن حدوثها ليس آنياً إنما تحدث بشكل تراكمي أي بمعنى آخريعني مفهوم الصحة (خلو الفرد من الأمراض الجسدية والنفسية) .

وفيما يلي بعض خصائص الصحة والسلامة المهنية :

أ‌. إن مسؤولية الأمن والسلامة المهنية هي مسؤولية جميع العاملين ,بغض النظر عن مستواهم الإداري أو نوع الوظائف التي يمارسونها وتعتبر إدارة الموارد البشرية المسؤولة بالدرجة الأولى عن وضع وتنفيذ ومتابعة برامج الصحة والسلامة المهنية في المنظمة .

ب‌. إن تنفيذ المسؤولية يقتضي وجود أنشطة إدارية منسقة ومتعاونة بأسلوب يضمن حماية جميع العاملين

ت‌. إن الأساليب والإجراءات الفعلية لتطبيق برامج وسياسات الحماية والرعاية يجب أن يكون هدفها وقاية الإنسان ضد ما يؤثر على قدراته العقلية والعضلية وكذلك الحفاظ عليه ورعايته أو تأهيله عن طريق الأساليب العلاجية المتنوعة .

المبحث الثاني :

فوائد الاهتمام بالسلامة والصحة المهنية بالنسبة للمنظمات:

يعد موضوع الصحة والسلامة المهنية كما ذكرنا سابقاً من المواضيع الهامة التي استرعت اهتمام جميع المنظمات الدول لما له من تأثير كبير ومباشر على معنويات الأفراد وإنتاجهم من جهة وعلى تكلفة العمل ومعدل دورانه من جهة ثانية فعندما يشعر الفرد بأن إدارة المنظمة التي يعمل فيها مهتمة بحياته وسلامته وتسعى جاهدة لحمايته من أخطار مهنته التي يزاولها فلا شك أن روحه المعنوية ستكون عالية وسيحب المنظمة والعمل فيها ولن يفكر بالبحث عن منظمة أخرى ليعمل فيها وهذه الأمور لها تأثير مباشر على معدل دوران العمل وإنتاجية المنظمة عموماً ومن حيث تأثير الصحة والسلامة المهنية في تكلفة العمل فيمكن القول أن المنظمة التي تحسن تخطيط وتنفيذ البرامج الضرورية بهذا الشأن يمكنها أن توفر على نفسها تكلفة مرتفعة جداً تؤثر في ربحيتها إيجابا وتتمثل هذه التكلفة بنواحي عديدة أهمها تكلفة النفقات الطبية ,تكلفة أيام العمل الضائعة الناتجة عن الغياب وتكلفة النفقات الطبية وتكلفة الوفاة وما يصاحبها من خسارة للعنصر البشري ودفع تعويضات ,وتكلفة إصابات العجز وتكلفة ترك العمل في المنشأة وخسارة عمال مدربين مؤهلين وتكلفة إعادة اختيار عاملين جدد بدلاً من الذين خسرتهم المنشأة .

ويعد موضوع الصحة والسلامة المهنية من الموضوعات ذات الأهمية الكبرى للمنظمات والدول وذلك لما له من تأثير في ناتج الدخل القومي .كما أصبح شيئاً مقدساً للنقابات العمالية التي تسعى باستمرار إلى متابعته مع إدارات المنظمات الصناعية وغير الصناعية .وذلك على اعتبار أن الأخطار المهنية لا تصاحب الأعمال الصناعية فحسب بل تكون مصاحبة أيضاً للأعمال ذات الصبغة الإدارية والمكتبية وتكون في بعض الأحيان ذات خطورة أكبر من مخاطر الأعمال الصناعية فضغوط العمل والإرهاق والتعب الذهني قد يؤدي في بعض الأحيان إلى أزمات قلبية ,وارتفاع ضغط الدم , وآلام الظهر ,وضعف البصر ,و الصداع النصفي .

ويمكن تلخيص فوائد الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية :

1. ارتفاع الروح المعنوية للعاملين من خلال الشعور بالأمان والطمأنينة وبالتالي زيادة الرغبة في العمل.

2. إن الحفاظ على صحة وسلامة العاملين يعني الحفاظ على قدرتهم على العمل لأن مقدرة العامل على العمل تضعف إذا كان ذلك العامل لا يتمتع بصحة جيدة .

ونلاحظ أن النقطتين السابقتين تمثلان شقي معادلة الأداء وبالتالي يمكن أن نوضح أثر الصحة والسلامة المهنية على أداء الفرد من خلال تأثيرها على شقي معادلة الأداء :

مســتوى الأداء = المقدرة *الرغبة

3. اندماج وانسجام الأفراد في العمل وحبهم له.

4. ارتفاع في إنتاجية الفرد وبالتالي في إنتاجية المنظمة ككل .

5. المحافظة على أفراد القوى العاملة وعدم تركها للعمل (انخفاض معدل دوران العمل ).

انخفاض تكلفة العمل (انخفاض تعويضات حوادث العمل ، انخفاض عدد ساعات توقف العمل نتيجة الإصابة ........)

الفصل الثاني :

معايير الصحة والسلامة المهنية في اتفاقيات العمل الدولية

أفردت منظمة العمل الدولية ما يقارب 16 اتفاقية دولية لموضوع الصحة والسلامة المهنية كما طورت الأطراف المكونة لمنظمة العمل الدولية (الحكومات وأصحاب العمل والعمال) أكثر من 40 معياراً (اتفاقية/توصية) و40 مدونة ممارسة تتضمن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل. [4] وتتألف الهيئات الإشرافية التي تراقب تطبيق معايير العمل الدولية ومدونات الممارسة من "لجنة الخبراء حول تطبيق الاتفاقيات والتوصيات، ولجنة المؤتمر حول تطبيق المعايير.

يمكن معرفة العدد الإجمالي لاتفاقيات الصحة والسلامة المهنية المصدق عليها في الدول العربية، بما فيها اتفاقيات الصحة والسلامة المهنية الأساسية، تم جمع المعلومات عن اتفاقيات منظمة العمل الدولية المصدق عليها من قاعدة بيانات ILOLEX. [5] مصر والعراق هما البلدان اللذان صادقا على أكبر عدد من الاتفاقيات (63 و61 اتفاقية على التوالي)، بينما صادق لبنان على أكبر عدد من اتفاقيات الصحة والسلامة المهنية (17 اتفاقية عن الصحة والسلامة المهنية من إجمالي اتفاقيات منظمة العمل المصادق عليها)، وعمان وقطر صادقا على أقل عدد من اتفاقيات الصحة والسلامة المهنية (4 و6 اتفاقيات على التوالي).

3- 1. اتفاقيات الصحة والسلامة المهنية الأساسية

نجد المفاهيم الأساسية للصحة والسلامة المهنية في اتفاقية الصحة والسلامة المهنيتين رقم 155 واتفاقية خدمات الصحة المهنية رقم161. بالإضافة، أنشئت اتفاقيةالإطار الترويجي للصحة والسلامة المهنيتين رقم 187 عام 2006 في محاولة لتطوير وسائل نظامية لتطبيق الاتفاقيات، والتوصيات ومدونات الممارسة. وهدف كل منها هو تشجيع المساهمة الثلاثية في كل بلد من أجل تصميم سياسات وأنظمة وبرامج.

تهدف الاتفاقية رقم 187، إلى جانب إستراتيجية منظمة العمل الدولية حول الصحة والسلامة المهنية، إلى تخفيف الأمراض والحوادث المهنية، وهو جزء من جدول أعمال منظمة العمل الدولية. تتضمن اتفاقيات الصحة والسلامة المهنية الأخرى الحماية ضد مخاطر معينة، والسلامة الصحية وخصوصاً في القطاعات الاقتصادية.

في ما يتعلق بالمتطلبات المفصلة في السياسات والأنظمة والبرامج والسياقات الوطنية، فهي مذكورة في التوصية رقم 197 التي ترافق الاتفاقية رقم 187 والتي تحث الدول على اعتماد صكوك منظمة العمل الدولية ذات الصلة بالإطار الترويجي للصحة والسلامة المهنية.

لم تصدّق أي من البلدان العربية على اتفاقيات منظمة العمل الدولية رقم 155 و161 و187، باستثناء الجزائر التي صادقت على الاتفاقية رقم 155 عام 2006. لدى البلدان العربية أسباب مختلفة لعدم التصديق على الاتفاقية رقم 155. لكن السبب الأساسي هو أن الاتفاقية تتعارض مع بعض جوانب التشريعات الوطنية في بعض البلدان، على غرار الكويت والمغرب وقطر والسعودية وسوريا والإمارات العربية المتحدة. والأسباب الأخرى هي أسباب إدارية. ومن الملاحظ أيضاً أنه في بعض البلدان، لا يغطي قانون العمل بعض القطاعات الاقتصادية مثل القطاع الحكومي/العام. قد يبدو ذلك سبباً يبرر عدم التصديق على الاتفاقية لكن الاتفاقية رقم 155 تلحظ إمكانية استثناء بعض القطاعات الاقتصادية، أو الفئات الخاصة من العمال، ما دامت البلدان قد بررت هذه الاستثناءات. في البحرين ومصر ولبنان وليبياوعمان والسودان، ما زالت الاتفاقية بانتظار التصديق عليها وهي قيد الدرس حالياً في محاولة للتسوية بين مضمونها ومحتوى التشريعات المحلية، وهي عملية تتطلب وقتاً طويلاً. ولن تصل هذه العملية إلى نهاية في غياب إرادة سياسية للتعامل معها، أي تحديد الأهداف والمهل الزمنية من أجل تكييف التشريعات مع أحكام اتفاقيات منظمة العمل الدولية حول الصحة والسلامة المهنية في إطار ثلاثي.

أشارت بعض الدول، على غرار اليمن وسوريا، إل افتقارها إلى القدرات المالية والموارد البشرية والأدوات الفنية في مختبرات بيئة العمل مما يؤخر عملية التصديق على الاتفاقية. كما أن نقص الموارد المخصصة للموارد البشرية ووضعها، الخ. في مجال الصحة والسلامة المهنية يظهر مرة أخرى أن المسألة لا تشكل أولوية مهمة في هذه البلدان.

اختلفت العوائق التي تعرقل عملية التصديق على الاتفاقية رقم 161 في عدة بلدان. فهي تركز بشكل أساسي على الاعتبارات التشريعية في الكويت والمغرب وقطر وسوريا والسعودية والإمارات العربية، والعجز في الموارد البشرية والمالية في سوريا واليمن، وهي قيد الدرس في لبنان والسودان.

في الجزائر، تأخرت عملية التصديق على الاتفاقية بانتظار صدور قانون عمل جديد وعادل لتسهيل العملية. لكن الاتفاقية رقم 161 تلحظ تطوراً تدريجياً في خدمات الصحة المهنية فتصبح الحجة التشريعية واهية.

السبب الأساسي وراء عدم تصديق أغلبية الدول على الاتفاقية رقم 187 هو أنها ما زالت حديثة، فقد اعتمدت عام 2006. هذه الاتفاقية قيد الدرس للتصديق عليها في مصر ولبنان وعمان وقطر والسودان واليمن التي تنظر في أمرها وتخطط للتصديق عليها. أما سبب عدم تصديق الاتفاقية وفق البحرين وعمان فهو أنهم لم يصدقا على الاتفاقيتين رقم 155 ورقم 162. لكن من الممكن التصديق على الاتفاقيةرقم 187 لوحدها لأنها "صك ترويجي" يعزز كل اتفاقيات منظمة العمل الدولية حول الصحة والسلامة المهنية.

المراجع

1. حلمي، أحمد والعفشوك، عبد المنعم، السلامة والصحة المهنيـة، القـاهرة، دار الكتـب العلمية للنشر، ، ٢٠٠٠م.

2. الموسوي,سنان,إدارة الموارد البشرية وتأثيرات العولمة عليها,دار مجدلاوي,الأردن,2004.

3. الندوة العربية للسلامة والصحة المهنية ،القاهرة

4. منظمة العمل الدولية. أماكن عمل آمنة وصحية: جعل العمل اللائق واقعاً حقيقياً. مكتب العمل الدولي، جنيف، 2007

5. منظمة العمل الدولية. قاعدة بيانات ILOLEX حول معايير العمل الدولية. منظمة العمل الدولية، حزيران/يونيو 2007




[1] حلمي، أحمد والعفشوك، عبد المنعم، السلامة والصحة المهنيـة، القـاهرة، دار الكتـب العلمية للنشر، ، ٢٠٠٠م.

2 الموسوي,سنان,إدارة الموارد البشرية وتأثيرات العولمة عليها,دار مجدلاوي,الأردن,2004،ص 256.



[3] الندوة العربية للسلامة والصحة المهنية ،القاهرة

[4] منظمة العمل الدولية. أماكن عمل آمنة وصحية: جعل العمل اللائق واقعاً حقيقياً. مكتب العمل الدولي، جنيف، 2007

[5] منظمة العمل الدولية. قاعدة بيانات ILOLEXحول معايير العمل الدولية. منظمة العمل الدولية، حزيران/يونيو