قراءة لفقرة من قصيدة (مليك الروح) والسمات الفنية لقصيدة الشاعرة مقبولة عبد الحليم
هشام أيوب موسى

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


لو طلبتَ الروح مني
واشتهيتَ الوصل قربا منه قلبي
منه سهدي ... منه وجدي
سوف أمضي يا حبيبي في وصالك
لن أعاود ...
لو كتبت الحرف شعرا
في هيامي في جنوني
وانسكبت الليل في بحر شجوني
سوف أغفو يا حبيبي في مدادك
لن أعاند ..
لو تملكت الحنايا
وانزرعت العمر في كل الزوايا
مالكا مني كياني
سوف أقضي يا حبيبي فيه .. أسرك
لن أجاهد ..
سوف أرويك اشتياقي
سوف أهديك ارتقائي
نبض قلبي دفق دمي وانعتاقي
عهد حب وعد صدق
حرف ذكرى..
سوف أبقى يا حبيبا
لن أهاود
في قطار العمر .. سر للحكاية
بدء سطر في تفاصيل البداية
وانتهاء في .. مدارات النهاية
يا حبيبي ...
إن تمرغت بشيبي
واغترفت الآه دمعي
غادر الدفء حصوني
جابهت .. كلي همومي
حين أحتاج حنانك
حب قلبك واحتضانك
لي سؤال يا حبيبا
هل تساند ؟!!!
*******
" من قديمي والغالي على قلبي"
******************** ******************** ********** ******************** ******************** *
الأخت الشاعرة مقبولة عبد الحليم
////////////////////////////////////
مليك الروح ... قصيدة شعرية غاية في الأناقة غاية في أنسكاب المشاعر الفياضة من القلب على الورق على الغيم على المطر ، فيها روح ُ هائمة وقلب مسهد واهات نقلتها الحروف بكل شفافية وألق .. ما اروعك وأروع هذه المشاعر التي أجتازت أعاصير الحب لتصل الى شاطىء المتلقي .
سيدتـــــــــــي يا سيدة الشعر
///////////////////////////////
لو كتبت الحرف شعرا
في هيامي في جنوني
وانسكبت الليل في بحر شجوني
سوف أغفو يا حبيبي في مدادك
لن أعاند ..
جاء بناء القصيدة ضمن مجموعات متحدة أو فقرات وهي هنا تمثل ستة فقرات تبدأ كما يلي :
1) لو طلبتَ الروح مني
2)لو كتبت الحرف شعرا
3)لو تملكت الحنايا
4)سوف أرويك اشتياقي
5)في قطار العمر .. سر للحكاية
6)يا حبيبي ...
وكل فقرة هي كيان كامل في حروفه وكلماته وأسقاطاته وتنسيقه وأن كل فقرة تؤدي الهدف التي رسمته الشاعرة لأيصاله الى المتلقي بكل شفافية ، وأسمحي لي أيتها الشاعرة بأن اقوم بتحليل الفقرة الثانية من القصيدة الوارفة بالمشاعر الأنسانية والقلبية بكل ما أعني هنا :
لو كتبت الحرف شعرا
في هيامي في جنوني
وانسكبت الليل في بحر شجوني
سوف أغفو يا حبيبي في مدادك
لن أعاند ..
تبدأ الشاعرة بكلمة لو وهي هنا تفيد بانه اذا أمتنع الأول لأمتنع الثاني لأن الأول سبب للثاني وهنا نرى قدرة الشاعرة اللغوية حين تقول (( لو كتبت الحرف شعراً فيكون الجواب " سوف أغفو يا حبيبي في مدادك " )) وهنا نبحر في شعر الشاعرة مقبولة وفي البيت ( لو كتبت الحرف شعراً ) وكما أسلفنا بخصوص كلمة لو حيث افادت الشاعرة هنا بوضوح مخاطبة الآخر وهو هنا الحبيب العاشق بانك لو كتبت الحرف شعراً وهنا يبدو لنا اعجاز الشاعرة اللغوية حيث لم تكتب حروف الابجدية بل حرف واحد وهنا يبدو لي قمة في التعجيز للطرف الآخر لان من السهولة بمكان ان نكتب من الحروف شعراً ولكن تقليص العدد الى حرف ومع كلمة لو يبدو لنا القوة في الطلب والقوة في التعبير المراد ونتابع مع شاعرتنا القديرة للبيت الثاني ( في هيامي في جنوني ) اي هذا الشعر الذي سوف تقوله من نسج هذا الحرف في حب الشاعرة الى الآخر وفي جنونها البادي في ملامحها وفي نبض قلبها الى ان نصل الى الذروة من الشيء في هذه الصورة الشعرية البليغة ( وأنسكبت الليل في بحر شجوني ) وهنا تشبيه مفعم بالحيوية المطلقة وتركت لنا الشاعرة هنا للمتلقي القدرة على التخيل في أنزياح للكلام حيث ان الواو وهي واو العطف تعود على ما قبل ( لو ) وأنسكبت الليل هنا طريقة الانسكاب حيث شبهة الشاعرة الليل في فنجان وان هذا العاشق يسكب هذا الليل في بحر شجون الشاعرة وهنا أقف أجلالا للشاعرة في روعة هذا التصوير الساحر ودقة المعاني له .. أذن اذا تحقق للشاعرة كتابة الحرف شعراً في هيامي وجنوني واذا تحقق للشاعرة هذا الأنسكاب ضمن هذه الصورة الشعرية البليغة فماذا سوف تبادل الشاعرة هذا العاشق الآخر :
سوف أغفو يا حبيبي في مدادك
لن أعاند ..
وهنا صورة شعرية واضحة ولا تحتاج الى تفسير ..
سمات القصيدة الفنية
////////////////////////
والقصيدة هي درة في الشعر وفي التصاوير حيث أعتمدت الشاعرة على الايحاء والرمز في مقطوعة شعرية بليغة لتعبر عن نفثات وجدانية وقلبية أمتلأت بها أسفار الذات العاشقة ، حيث شكلت الشاعرة عالماً فريداً تعبر فيه عن رهافة الأنثى وتجلياتها الروحية والنفسية والقلبية وأشواقها العارمة لتحقيق ذاتها في عالم قلق حافل بالعشق والحب وبين الأنا الشاعرة والآخر العاشق او المحب بين الواقع والخيال حيث صنعت لنا الشاعرة بخيالها المجنح وأحلامها الرقيقة واقع نفسي بأشواق الأنثى وحبها وعشقها وابحارها نحو هدف معين تتمنى حدوثه .
وتستمد الشاعرة تجربتها من نبع الرومانسية الخالصة والحزن الشفيف والاشواق الحارة والرغبة العارمة في الأفضاء بمكنون الذات والقلب ، وهنا نجد المفردات تجاوزالواقع الحسي حيث لا نجد تقارب في الأشياء ولا تلامس دنيا الناس وخاصة في الفقرات التي تبدأ فيها بكلمة ( لو ) ونشعر هنا بأن الشاعرة هنا تعيش ضمن عالم خلقته واستوعبت أحداثه ضمن حالة متوهجة تقبض فيها على القلب .
القصيدة تخلو من تحديد الزمان والمكان وتستند الى أطار من التجريد ونلاحظ صدق الشاعرة من حيث هذا التدفق وهذا النبض وهذه الحرارة ، وايضاً للشاعرة طاقة لغوية حيث لا تعتمد في خطابها الشعري على التقريرية والبث المباشر وأنما تستخدم بناء لغوياً متميزاً يقوم على الايحاء والرمز والتكثيف وتراسل الحواس وتجاوز الدلالات الوضعية على مستوى التركيب والصورة الشعرية البليغة حيث ان المفردات عندها ذات دلالات تعبر عن الأمتداد الوجداني والعاطفي والنمو الشعوري والمنحنى النفسي وهذه المفردات تتجمع داخل سياق القصيدة لتفصح عن الوعي الذهني والتأمل والابعاد الحسيةالتي تتفاعل داخل النسق اللغوي حيث تكسب هذه المفردات والصور الشعرية حيوية مدهشة وطبعاً نجد بأن الشاعرة لجأت الى الصورة المكثفة من الصور الشعرية التي يستعصي شرحها وفقاً لقواعد المنطق التقليدي ولكن يمكن تفسيرها في أطار الرمز ، حيث يضحي الغموض الكثيف وسيلة فنية مقصودة لإثراء الدلالة الشعرية وتعميقها وبذلك تتحقق للشاعرة المبدعة لذة الكشف والأرتياد .. وان الصورة الشعرية لدى الشاعرة ليس مصدرها الحس الخارجي الذي يدرك بالبصر وانما مصدرها الوعي الذهني والقلبي حيث تتجاوز الشاعرة الواقع الفعلي الى عوالم أخرى أبدعت فيها الشاعرة مقبولة في تصويرها وتشكيلها .
مع الاحترام
هشام
الخميس 12/3/2009 الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت العقبة البحري