جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتدى جواهر الأدب العربي :: مُنتدَى الأدبِ واللغةِ العَربيةِ العَام |
الأربعاء 15 أبريل - 23:04:01 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: لغة الصمت مقاربة تحليلية من منظور سيميائي لغة الصمت مقاربة تحليلية من منظور سيميائي ))) ((( لغة الصمت مقاربة تحليلية من منظور سيميائي ))) مَدْخَل إِنَّهَا لَمُحَاوَلَةُ إِبْحَارٍ مُتَوَاضِعَةٍ فِي النَّصّ الشِّعْرِيِّ لُـغَـةُ الصَّمْتِ لِشَاعِرنَا الْقُطْبِيِّ الْعَاتِرِيِّ الْجَزَائِرِيِّ آمِلًا كَشْفَ الْجَوَانِبِ النَّفْسِيَّةِ الْمَبْثُوثَةِ فِي خَفَايَاه. لُغَةُ الصَّمْت .. حَاوَلَ كَمْ مِنْ مَرَّةٍ وُلُوجَ عَالَمِهَا الْغَرِيبِ.. حَاوَلَ كَمْ مِنْ مَرَّةٍ الْعُبُورَ – وَلَو بِقَارَبٍ هَزِيلٍ- إِلَى شَاطِئِهَا الْمُمْتَدِّ فِي أَعْمَاقِهِ.. كَانَ كُلَّمَا اشْرَأَبَّ آمِلاً فِي ذَلِكَ، أَلْقَتْ بِهِ الأَمْوَاجُ نَحْو سِرٍّ أَعْتَمَ.. إِنَّهُ الصَّمْتُ حِينَ يَرْتَسِمُ سَحَابَةً ثَكْلَى تَتَرَصَّدُهَا حَبَّاتُ التُّرَابِ الظَّامِئَةُ.. وَتَنْتَظِرُ انْعِتَاقَهَا بُذُورُ الْحُبّ. لِأَنَّ الْقَصَائِدَ مَا اكْتَشَفَتْـكِ وَمَا عَرَفَتْ غَيْرَ لَمْسٍ وَقُبْلَهْ لأَنَّ الْحَدِيثَ عَنِ الْحُبِّ صَعْبٌ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ بِالصَّمْتِ سَهْـلَهْ لِأَنَّكِ أَنْتِ.. لِقَلْبِي صَـلاَةٌ وَأَنْتِ.. لِكُلِّ الْجَوَارِحِ قِبْلَـه لِأَنِّـي نَسِيتُ مَعَانِي الْهَوَى وَكَالأَمْسِ مَا زِلْتُ أَجْهَلُ شَكْلَهْ لِأَنِّي عَلَى شَاطِئٍ مِنْ دُمُوعٍ أُحَدِّثُ عَنْ ذِكْرَيَاتِيَ رَمْلَـهْ * * * جَمِيعُ الْحِكَايَاتِ صَارَتْ رَمَادًا وكُلُّ الْعِبَارَاتِ صَـارَتْ مُمِلَّهْ فَأَرْجُوكِ لاَ تَطْلُبِي غَيْرَ صَمْتِي فَكُـلُّ حُرُوفِيَ أَحْرُفُ عِلَّـهْ * * * إِبْرَاهِيم بَشَوَات 1997 مُقَــــدِّمَـــة: إِنَّهُ لَنَصٌّ شِعْرِيٌّ مُشْرِقٌ يَحْمِلُ بَصْمَةَ شَاعِرٍ قُطْبِيٍّ صَارِخٍ تَتَرَبَّصُ بِلَحْظَةٍ هَارِبَةٍ لِلْقَبْضِ عَلى الْحُلْمِ لَعَلِّي أَجِدُ بَعْضَ سِرٍّ مُرْهَقٍ أَعْتَمَ فِي أَغْوَارِ لُغَةِ الصَّمْت. الْبِنَاءُ التَّحْلِيلِيُّ لِلنَّصّ: أَلْسِنَةُ لُغَةِ الصَّمْتِ مُبِينَةٌ حَيْثُ تَتَحَوَّلُ طُقُوسِيَّةُ الْإِيمَاءِ إِلَى صَمِيمِ جَوْهَرِ الرَّمْزِ الدَّالِّ الصَّارِخِ صَمْتًا فِي هَذَا الْخِطَابِ الشُّعُورِيِّ الْمُنْطَلِقِ مِنَ الذَّاتِ الْأَنَاوِيَّةِ ،لِيَصُبَّ فِي الذَّات ِالْجَامِعَةِ تَارِكًا شِرَاعَ الْكَلِمَةِ الصَّارِخَةِ يَحْمِلُهُ قَدَرُ رِيَاحِ الشُّعُورِ ، حَيْثُ السِّرُّ النُّورَانِيُّ الَّذِي يُرِيدُهُ شَاعِرُنَا أَعْتَمًا ، إِنَّهُ السِّرُّ الَّذِي يَحْيَاهُ احْتِرَاقًا وَعَطَشًا ، إِنَّهُ الْأَعْتَمُ أَبَدًا حَسْبَ مَعَايِيرِ الْاِحْتِكَارِ الْأَنَاوِيِّ ، إِنَّهُ صِنْوُ الصَّمْتِ الْمُتَأمِّلِ مَلَكُوتَ الذَّاتِ الْمُبْحِرِفِي زَمَنِ الشُّعُورِ يُرِيدُهُ هَكَذَا حَتَّى لَا تَجْرَحُهُ اللُّغَةُ بِمُقَارَبَاتِهَا الشُّعُورِيَّةِ، إِنَّهُ الْحُبُّ تِلْكَ الْإِشْرَاقَةُ النُّورَانِيَّةُ الْخَالِدَةُ الَّتِي يُرِيدُهَا مُعْتَمَةً ، وَلَكِنْ تَفْضَحُ عَتْمَتَهَا الْمُشْرِقَةَ الْكَلِمَاتُ هَكَذَا يَدْخُلُ شَاعِرُنَا عَالَمَ ذَاتِهِ إِذْ يَتَمَاهَى هَذَاالْجَوْهَرُ وَالْحَبِيبَةَ حَدَّ الْحُلُولِ فَيَصِيرَانِ ذَاتًا وَاحِدَةً ، إِنَّهُ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُالَّذِي يُحَاوِلُ اكْتِشَافَهُ دَائِمًا إِذْ يُلْقِي الْبَيْتُ الْأَوَّلُ ظِلَالَهُ عَلَى لَحْظَةِ الْاِكْتِشَافِ تِلْكَ ، إْنَّهُ السِّرُّ كَمَا أَسْلَفْتُ الَّذِي لَاتَسْتَطِيعُ أَنْ تَكْتَشِفَهُ الْقَصَائِدُ ، إِذْ هَذِهِ الْأَخِيرَةُ وَمُقَارَبَاتُهَا الشُّعُورِيَّةُ صِنْوُ اللُّغَةِ وَكَأَنَّ الشَّاعِرَ يُلقِي بِهَذِهِ التَّبِعَةِ عَلَى اللُّغَةِ وَيُحَمِّلُهَا مَسْؤُولِيَّةَ عَجْزِهَا وَفَشَلِهَا ، إِذْ الْإِحْسَاسُ بِالْحُبِّ دَاِخلِيٌّ وَلَا يُرِيدُ الْإِفْصَاحَ عَنْهُ وَلَكِنَّ الْقَصَائِدَ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ حَرَكِيَّةٍ لُغَوِيَّةٍ أَفْصَحَتْ ، إِذْ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مَرَاكِبُ الشُّعُورِ وَهِيَ الْحَدَقَاتُ الْوَاعِيَةُ الَّتِي يُحَمِّلُهَا الشَّاعِرُ عَجْزَ اكْتِشَافِ الْحَقِيقَةِ الْجَوْهَرِيَّةِ فِي ذَاتِهِ ، فَهِيَ مَاعَرَفَتْ غَيْرَ تَمَظْهُرَاتٍ حِسِّيَّةٍ تَسْتَعِيرُ حَاسَّةَ اللَّمْسِ ، وَكَأَنَّ شَاعِرَنَا يُجَسِّدُ هَذَا الْجَوْهَرَ أَمَامَهُ وَيَسْتَحْضِرُهُ حِــوَارِيًّا بِحَدَقَةِ اللُّغَةِ الْخَارِجِيَّةِ أَمَامَهُ حَتَّى يُعِيدَ اكْتِشَافَهُ مِنْ جَدِيدٍ ، إِذِ اسْتِعَارَةُ اللَّمْسِ مُحَاوَلَةٌ مَادِّيَّةٌ لِاكْتِشَافِ الْحَقِيقَةِ الدَّاخِلِيَّةِ لِهَذَا الْجَوْهَرِ ، واسْتِعَارَةُ الْقُبْلَةِ مُحَاوَلَةٌ لِتَحْقِيقِ لَحْظَةِ الْاِنْعِتَاقِ الظَّامِئَةِ الْمُجَسِّدةِ مَفْهُومَ الْاِقْتِرَابِ ، أَيْ تَجْسِيدُ حَالَةِ التَّمَاهِي الْمَذْكُورِ آنِفًا ، وَمَا يُعَزِّزُ هَذَا الرَّأْيَ صُعُوبَةُ الْحَدِيثِ عَنِ الْحُبِّ الَّتِي يُبْرِزُهَا الْبَيْتُ الثَّانِي إِذِ الْبَوْحُ وَمُقَارَبَاتُهُ الْخَطَابِيَّةُ الْحِوَارِيَّةُ تَجْرَحُ الْأَنـَا الشَّاعِرَةَ ، فَمَا أَصْعَبَ الْحَدِيثَ عَنِ الْحُبِّ إِنَّهَا لَحْظَةُ التَّجَلِّي الْغَازِيَّةُ اللَّحْظَةُ الْجَارِحَةُ لِاكْتِشَافِ سِرِّ ذَلِكَ الْجَوْهَرِ الَّذِي يُرِيدُهُ شَاعِرُنـَـامُعْتَمًـاحتَّى يَبْقَى مُحَاطًا بِهـَالَةٍ طُقُوسِيَّةٍ مُقَدَّسَةٍ ، هُنـــَا تَبْرُزُ الْحَدَقَةُ الدَّاخِلِيَّةُ الْوَاعِيَةُ لِحَقِيقَةِ هَذَا الْجَوْهَرِ ، فَمَا أَسْهَلَ الْمَحَبَّةَ بِالصَّمْتِ إِذْ يَتَأَرْجَحُ الشُّعُورُ بَيْنَ ثُنَائِيَّةِ الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ ، بَيْنَ نَقِيضَيْنِ يُشَكِّلَانِ فِي الْحَقِيقَةِ وَجْهًا لِعُمْلَةٍ واحِدَةٍ .فَيَنْتَقِلُ شَاعِرُنَا مِنْ مُسْتَوَيَاتٍ نَفْسِيَّةٍ شُعُورِيَّةٍ تُجَسِّدُ حَقِيقَةَ هَذَاالْجَوْهَرِ الْمُتَأَرْجِحِ بَيْنَ نَقِيضَيْنِ يَتَوَازِيَّانِ وَيَلْتَقِيَانِ فِي الْأَخِيرِ وَيُشَكِّلَانِ مُسْتَوًى شُعُوريًّا يُقِرُّحَقِيقَةَ هَذَا الْجَوْهَرِ ، وَيَنْتَقِلُ مِنْ هَذِهِ الْمُسْتَوَيَاتِ الَّتِي تَسْتَعِيرُحَاسَّةَ اللَّمْسِ لِتُعِيدَ اكْتِشَافَ الْجَوْهَرِ مِنْ جَدِيدٍ بِحَدَقَةٍ خَارِجِيَّةٍ وَاعِيَةٍ إِلَى مُسْتَوَيَاتٍ شعُورِيَّةٍأَكْثَرَ تَحْلِيقًا وَشَفَافِيَّةً فَتُمَثِّلُ الْحَبِيبَةُ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ صَلَاةَ قَلْبِهِ وَقِبْلَةَ جَوَارِحِهِ ، إِذْ هِيَ الْمِحْرَابُ الشُّعُورِيُّ الْمَلَاذُ الَّذِي يُمَارِسُ مِنْ خِلَالِهِ طُقُوسَ بَوْحِهِ الصَّامِتِ مُتَنَقِّلًا فِي مُسْتَوَيَاتٍ أُخْرَى مَلِيئَةٍ بِاقْتِرَافِ الْحُبِّ ، حَيْثُ يَتَحَرَّرُ شَاعِرُنَا مِنْ عُقْدَةِ إِحْسَاسِهِ بِالذَّنْبِ الْجَمِيلِ الْمُقْتَرَفِ الَّذِي يُحَاوِلُ دَائِمًا إِخْفَاءَهُ عَنِ الْحَدَقَةِ الْوَاعِيَةِ ، وَلَكِنَّ اللُّغَةَ تَكْشِفُ دَائِمًا هَذَا الْهُرُوبَ سُؤَالٌ يَطْرَحُ نَفْسَهُ فِي سِيَاقٍ مُلِحّ ٍ هَلْ يَا تُرَى نَسِيَ شَاعِرُنَا مَعَانِي الْهَوَى حَقًّا ؟ ، وَهَلْ كَالْأَمْسِ مَازَالَ يَجْهَلُ شَكْلَهُ ؟ ، إِنَّهُ هُرُوبٌ جَمِيلٌ مِنَ اللُّغَةِ الْمُقَيِّدَةِ إِنَّهَا مَعْرَكَةُ الْاِمْتِلَاكِ الظَّامِئِ بَيْنَ الْوَعْيِ الْمُجَسِّدِ الْخَارِجِيِّ لِتِلْكَ الْحَقِيقَةِ ، وَبَيْنَ اللَّا وَعْيِ الْمُمْتَلِكِ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ الْمُعْتَمَةِ فَهَذِهِ الْمُقَارَبَاتُ الشُّعُورِيَّةُ الَّتِي تَطْرَحُ تَسَاؤُلًا دَاخِلِيًّا وَلَمْ يُبْرِزْهُ الْبَيْتُ الرَّابِعُ مِنَ النَّصِّ ، إِذِ الْأَمْسُ صِنْوُ الذِّكْرِيَاتِ وَقَرِينَة ُالْمَاضِي الْمُسْتَحْضَرَةُ فِي رِحْلَةِ الْبَحْثِ فَهَلْ يَقِفُ الشَّاعِرُ فِعْلًا عَلَى شَاطِئِ الدُّمُوعِ كَشَاطِئٍ لِلْاِنْهِزَامِ؟ أَمْ هُوَ شَاطِئٌ افْتِرَاضِيٌّ يُجَسِّد ُهُرَوبَ الشَّاعِر إِلَى مَلَاذِ الذِّكْرَيَاتِ ؟ ، إِنَّهُ هُرُوبٌ وَاعٍ يُجَسِّدُ فَلْسَفَةَ الصَّمْتِ وَرَفْضَ الشَّاعِرِ اللُّغَةَ الَّتِي تَجْرَحُ هَذَاالْجَوْهَرَ ، حَيْثُ تَتَبَلْوَرُ حَيْثِيَّاتُ الْهُرُوبِ فِي الْبَيْتِ الْخَامِسِ إِذْ يَتَحَرَّرُ الشَّاعِرُ فِي الْأَخِيرِ لِيَخْتَزِلَ كُلَّ الْمُقَارَبَاتِ اللَّفْظِيَّةِ الْعَاجِزَةِ الْحَاجِبَةِ جَمْرَ اللُّغَةِ الْمُتَوَهِّجَةِ الصَّامِتَةِ كَوْنَهَا رَمَادًا يُغَطِّي هَذِهِ الْحَقَيقَةَ الشُّعُورِيَّةَ وَشَيْئًا مُمِلًّا بِحُكْمِ رَتَابَةِ اللَّفْظِ الْقَاتِلَةِ ، لِيَصِلَ فِي الْمَحَطَّةِ الْأَخِيرَةِ لِطَلَبٍ وَحِيدٍ يُجَسِّدُ الْفَلْسَفَةَ الصَّامِتَةَ، فَالْحُرُوفُ شَلَّهَا الْاِعْتِلَالُ وَالْعَجْزُ لِتَحْقِيقِ إِشْبَاعٍ تَوَاصُلِيٍّ مَرْجُوٍّ ، إِذْ يُــفسَحُ الْمَجَالُ لِلُغَةِ الصَّمْتِ الْمُتَعَقِّلَةِ بِأَلْسِنَتِهَـاالْعَدِيدَةِ الْمُبِينَةِ فَمَا أَرْوَعَهــَا لُغَةُالصَّمْت. من خلال هذه التوطئة سنحاول الإبحار في مقاربة سيميائية تحليلية لقصيدة لغة الصمت. أين تبين الباحثة دليلة مرسلي في كتابها الموسوم : محاضرات في اللسانيات العامة بإن السيميائية تعنى بمجموعة النظم الدالة على الأفكار .[1] وفي ذات السياق يبين الباحث أمبرتو إيكو في كتابه الموسوم : السيميائية وفلسفة اللغة بأن اللغة اللفظية نظام من العلاقات المصنوعة والاعتباطية خلافا للعلامات الطبيعية ، ولكي ينجح التواصل في النظام اللغوي ينبغي أن يوجد سنن يجمع بين المرسل والمتلقي ، وإلا انعدم هذا التواصل ، وقد يحدث داخل اللغة نفسها .[2] من خلال هذا السياق فإن لغة الصمت مؤسسة لغوية من خلال بحرها المتقارب وأبياتها الثمانية تحاول أن تنثر معاناة روح الشاعر للقارئ المتلقي ، فاللغة اللفظية في هذا النص الذي نحن بصدد دراسته تشكل منظومة من العلاقات المصنوعة التي تحيل القارئ بدورها إلى نظام من العلامات يزخر بها الحقل الدلالي النصي للغة الصمت ، فالمفردات اللغوية لهذه الفلذة الشعرية استطاع الشاعر أن يحررها من إسار القاموسية الفجة ليعطيها دفقا شعوريا محررا لتصبح هذه المفردات كائنات شعورية حية ، والمقصود بالمفردة الشعورية الحية من حيث الاصطلاح "هي ذلك الكائن اللغوي الشعوري الحي المحرر من القمقم القاموسي ، أين تصبح المفردة اللغوية مركبة حية صالحة لنقل المنظومة الشعورية للشاعر" والمفردة الشعورية الحية مصطلح مفهومي متداول لدى جماعة القطب العاترية في نقاشاتها الأدبية . فلغة الصمت من خلال رمزها الدال " لغتها الشعرية "مؤسسة شعورية تواصلية قائمة بذاتها بين الشاعر والمتلقي ، يتم من خلالها تبادل الرموز الدالة حسب القدرة التأويلية للمتلقي وبراعة الشاعر أيضا في إيصال الرسالة النصية الشعرية لهذا الأخير ، وهذا هو السنن التواصلي الشعوري الذي يربط طرفي التلقي من خلال الرسالة " القصيدة "كما أشار إليه الباحث أمبرتو إيكو. وهذا السَّنَنُ الْإِيكْوِيُّ مبثوث بامتياز في هيكل هذا النص الشعري انطلاقا من بنية العنوان لغة الصمت ، فهناك دلالة انسجامية معبرة موحية تبين مدى ارتباط العنوان واتصاله بالمحتوى ، وهناك دلالة ارتدادية في المحتوى أيضا تتصل بالعنوان من خلال ملفوظات دلالية أخرى مبثوثة في النص ، على غرار القصائد ولمس وقبلة في البيت الأول والحديث والصمت في البيت الثاني ، ومعاني في البيت الرابع وَأُحَدِّثُ في البيت الخامس والحكايات والعبارات في البيت السادس وصمتي وحروفي وأحرف في البيت الثامن . والمقصود بالدلالة الارتدادية التي أشار إليها الدارس أن جميع هذه الملفوظات الدلالية رجع صدى للعنوان البارز لغة الصمت ، وكأن البنية الدلالية للعنوان قد انفجرت متشظية في النص الشعري إلى البنى الدلالية المذكورة آنفا لتحيلنا بدورها إلى سيميائية النص الشعري لغة الصمت ، فكل تلك الملفوظات كائنات لغوية دلالية أثثت الحقل الدلالي في هذا الفضاء النصي. وفي ذات السياق يشير الباحث أمبرتو إيكو في الصفحتين ( 47 - 48) من نفس الكتاب إلى أن موريس مؤسس نظرية العلامات أثناء تأسيسه لهذه الأخيرة ، يؤكد أن "الشيء ليس علامة إلا إذا أُوِّلَ على أنه علامة على شيء ما" ، والسيميائية لا تهتم بالأشياء العادية إلا إذا ساهمت في توليد الدلالة ، وحسب تعريف وولف للعلامة فإنها شيء يستدل به على حضور شيء آخر أو على وجوده ماضيا أو مستقبلا .[3] فمن هذا المنطلق فإن سيميائية النص الشعري لغة الصمت من خلال اللغة الشعرية المبثوثة في فضائه ومن خلال الصور الشعرية التي يحتويها هذا الأخير تحيل إلى علامات كثيرة لسنا بصدد حصرها هنا ، وإنما ما يهمنا هو مفهوم العلامة في عمومه ، على أن هذا الأخير إذا أُوِّلَ دَالًّا على شيء يصبح لهذا الشيء حضورا ومعنى ، والعلامة الْمُؤَوَّلَةُ في نصنا الشعري هذا تحيلنا في الأساس إلى المعنى النصي " المغزى " في سياقات دلالية مختلفة للغة الصمت لتحيلنا بدورها إلى مفهوم الحضور الذي يعكسه مدلول مفهوم العلامة في السياق الدلالي للنص والحضور هنا تلخصه الذات الشاعرة الهاربة من إسار الواقع إلى ماوراء الواقع لإعادة صياغة الذات وبنائها من جديد من خلال البنى اللغوية في النص ، فالسيميائية النصية في لغة الصمت ساهمت في توليد دلالي من خلال علامات اللغة الشعرية الدالة. فاللغة الشعرية في هذا النص ذات بعدين ، بعد يعكس معنى معاناة الشاعر واحتراقه ، وبعد خاص باللغة ككيان شعوري حي يجسد هذه المعاناة ، بمعنى أن الشاعر تحول إلى كينونة لغوية داخل نصه الشعري ليعبر عن حالة أحسها وعاشها على مستوى التجربة الشخصية الذاتية تختزلها التجربة الشعرية وملابساتها على المستوى الإبداعي ، أين يتحول النص إلى ظاهرة توليدية تخلع على اللغة الشعرية تلك المعاني الجديدة المجلوبة بقدرة التخيل. وفي ذات المنحى يبين الباحثان جان بريفو وجان فرانسوا سابليرول في مؤلفهما الموسوم : المولد دراسة في بناء الألفاظ بأن المولد ظاهرة لغوية ذات بعد تواصلي ومسلمة تشهد على حركة اللغة ونشاطها ، فالمولد إذا كلمة جديدة أو معنى جديدا لكلمة قديمة .[4] ومن خلال إسقاط مفهوم الظاهرة التوليدية على النص الشعري لغة الصمت ، يتحول هذا الأخير الذي نحن بصدد دراسته وتحليله إلى ظاهرة تواصلية توليدية لمعان لغوية من خلال لفظ دلالي أو آخر مبثوث في فضائه ، مما يعكس حركة اللغة ونشاطها ، فهذا النشاط التوليدي يخلع على النص معنى جديدا ، أو عدة مَعَانٍ جديدة ، فلغة النص المدروس لا تتسم بالركود بل تحمل في طياتها تلك السيولة المستمدة من سمتي النشاط والتجديد المبثوثتين فيه ، فهذه المفردات الشعورية الحية المولدة للمعاني تتسم بالبساطة والسلاسة لاتجنح إلى التعقيد مطلقا ، أين استطاع شاعرنا بملكته الفطرية أن يحول هذه الموجودات اللغوية إلى موجودات مؤنسنة ، فأنسنة المفردة تعني إضفاء بعد جمالي مجلوب بحدس شعوري تخييلي للذات الشاعرة التي صهرت في بوتقتها اللغة القاموسية لتشبعها بطاقة روحية شعورية لتسبكها من جديد في قالب شعوري ، فهذه الصهارة المؤنسنة تحولت بإكسير الروح إلى معدن لغوي شعوري نفيس فعلم الدلالة يدرس المعنى كجزء داخل المنظومة اللغوية للنص في حيزها الدلالي. وفي ذات الوجهة يبين الباحث أف.آر.بالمر في كتابه الموسوم علم الدلالة بأن هذا العلم هو اللفظة التقنية المستعملة للإشارة لدراسة المعنى والمعنى جزء من اللغة والدلالة جزء من علم اللسانيات.[5] فالنص الشعري من خلال هذا السياق منظومة لغوية ذات معنى أين تتصل المفردات ببعضها بعضا في حيزها لتحقق المعنى الدلالي الذي يجسد كينونتها كبناء لغوي جديد خرج من الظاهرة اللغوية " اللغة الأدبية التي كتب بها" ليأخذ ملامحه الجديدة خارج هذه الأخيرة ، والنص المدروس لا يخرج عن هذا الإطار فهو نظام لغوي ذو معنى ، ولتفسير المعاني المبثوثة في هذا الأخير لابد على الناقد أن يتسلح بالخيال النقدي في محاولة اتصالية لمحاورة الأبنية النصية قصد مقاربتها مقاربة موضوعية علمية ، فالفعل النقدي إذا هو تلك المغامرة الاتصالية المعرفية من أجل الكشف عن المعاني التي تتيحها الأبنية النصية في العمل المدروس. وفي ذات السياق يقول الشاعر الأمريكي عزرا باوند : "إن العمل الفني المثمر حقا هو ذلك العمل الذي يحتاج تفسيره إلى مائة عمل من جنس أدبي آخر ، والعمل الذي يضم مجموعة مختارة من الصور والرسوم هو نواة مائة قصيدة" .[6] فهذه المقولة الباوندية تعكس مفهوم التناص كمصطلح متداول في حقول الفعل النقدي كأداة يتطلبها العمل النقدي في خوض غمار المعركة النقدية ، لأن النصوص الإبداعية المختلفة تتصل ببعضها بعضا من خلال الفاعلين "مبدعي الأجناس الأدبية المختلفة" من خلال الوسائل المتاحة (( المقروءة والمرئية والمسموعة )) ، فمفهوم التناص يعني انفتاح الأجناس الأدبية على بعضها بعضا لا سيما في عصر العولمة الذي نعيشه ، أين باتت هذه الأجناس تسبح متجاورة بروكسيميا في الفضاء الشبكي الذي أتاحته الثورة المعلوماتية الاتصالية ، فهذه الظاهرة البروكسيمية " الاتصال الجواري " حسب المفهوم التيهولي " أنظر كتاب إدوار تي هول الموسوم : البعد الخفي " أثناء تناوله للظاهرة الاتصالية باعتبارها عصب الحياة الإنسانية ، فالفعل النقدي كما أشرت سابقا هو مغامرة اتصالية معرفية من أجل الكشف عن معنى العمل المدروس وتفسيره وتحليله ، لذا يجب على الناقد أن يتسلح بالمنهج المناسب وبالأدوات المناسبة في مقاربة هذا العمل الإبداعي أو ذاك . وفي ذات السياق يشير الباحث منذر عياشي حينما وَطَّأَ مقدمة استهل بها هذا الحدث الترجمي الموسوم : نقد وحقيقة مبينا "أن النقد الألسني قد بدأ يستعيد مكانته في الدراسات التحليلية والنظرية العربية لأن الفكر العربي قام في أساسه على التفقه في اللغة وجعلها بابا لفهم الإنسان والحياة ، بما أن اللغة هي الإنسان ناطقا وكاتبا كتعبير عن الذات ، وهي الإنسان فاهما ومحللا ومفكرا في الآخرين وفيما حوله من كون لا يتمثل ولا يتحقق إلا في الرموز والإشارات الذهنية التي نسميها لغة" .[7] من خلال هذا الطرح السياقي نستشف ثنائية المبدع والناقد والنص والعمل النقدي ، فاللغة هي المبدع أثناء الكتابة كتعبير عن الذات ، وهي أيضا ذلك المبدع الناقد الفاهم والمحلل والمفكر في الآخرين وفي المحيط الذي يحتويه ، فالمبدع يعيد صياغة العالم " الكون " من خلال اللغة النصية ، والناقد يعيد تفسير هذا العالم من جديد من خلال الفعل النقدي الممارس على النص، وكلاهما يعيش متعة اللذة النصية بالمفهوم البارثي. وفي ذات السياق يبين الباحث منذر عياشي أن اللذة تأتي هكذا ، إنها حضور من غير سؤال ، ووجود يعم كل شيء دون أن يتموضع في شيء .. وليس شيء أقتل للذة من سؤال يستفسر عن موضوعها فاللذة ليست موضوعا ، إنها هي لتتكشف دائما من غير سؤال وسعادة الملتذ كالنور ، تأتي بقدح زناد الروح فلا يدركها إلا من تحرر من نفسه جسدا ودخل في نفسه نصا.[8] فلكي يعيش المبدع والناقد لذة النص لابد أن يصبحا كائنين لغويين تحررا من نفسيهما جسدا ليدخلا في نفسيهما نصا . قائمة المراجع [1]-Dalila Morsly , Ferdinand de Saussure cours de linguistique générale ,EDITIONS ENAG,2ème édition 1994 , P.7. [2]- أمبرتو إيكو ، السيميائية وفلسفة اللغة ، ترجمة أحمد الصمعي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، شارع الحمرا ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى 2005 ، ص.18. [3]- جان بريفو وجان فرانسوا سابليرول ، المولد دراسة في بناء الألفاظ ، ترجمة خالد جهيمة ، مركز دراسات الوحدة العربية ، شارع الحمرا ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى 2010 ، ص.19 . [4]- أف.آر .بالمر ، علم الدلالة ، ترجمة مجيد الماشطة ، كلية الآداب – الجامعة المستنصرية ، الطبعة الأولى 1985 ، ص.3 . [5]- عبد الغفار مكاوي ، قصيدة وصورة ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد 119، الكويت ، الطبعة الأولى1978 ، ص.11 . [6]- رولان بارث ، نقد وحقيقة ، ترجمة منذر عياشي ، مركز الإنماء الحضاري ، الطبعة الأولى 1994 ، ص.ص .7 – 8 . [7]- رولان بارث ، لذة النص ، ترجمة منذر عياشي ، مركز الإنماء الحضاري ، الطبعة الأولى 1992 ، ص.7 . عادل سلطاني ، بئر العاتر يوم الخميس 4 أفريل 2012 الموضوعالأصلي : لغة الصمت مقاربة تحليلية من منظور سيميائي // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: مستر
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |