جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: المقالات والمواضيع |
الأربعاء 15 أبريل - 14:00:29 | المشاركة رقم: | |||||||
جوهري
| موضوع: الترجمة بين الإبداع الفكري والمفهوم الأيديولوجي الترجمة بين الإبداع الفكري والمفهوم الأيديولوجي الترجمة: بين الإبداع الفكري والمفهوم الأيديولوجي أدهم وهيب مطر يقول الجاحظ:"إن الترجمات لا يمكن مطلقا أن تغني عن النص الأصلي لان ذلك يفترض أن فهم المترجم هو في درجة فهم الذي يترجم عنه فمتى كان ابن البطريق وابن النعامة وأبو قرة وابن فهر وابن وهيلي وابن المقفع مثل ارسطاطليس،ومتى كان خالد مثل أفلاطون؟ أن الترجمان لا يؤدي أبدا ما قال الحكيم،على خصائص معانيه،وحقائق مذاهبه،ودقائق اختصاراته،وخفيات حدوده ولا يقدر أن يوفيها حقوقها، ويؤدي الأمانة فيها، ويقوم بما يلزم الوكيل.وكيف يقدر على أدائها وتسليم معانيها والإخبار عنها على حقها وصدقها،إلا أن يكون في العلم بمعانيها،واستعمال تصاريف ألفاظها، وتأويلات مخارجها ،مثل مؤلف الكتاب وواضعه"1". فما هي الترجمة وما هو دورها الحقيقي في بناء النسيج الثقافي والايديولوجية الفكرية للأدب معاصرا كان أم تراثا. يبدو السؤال للوهلة الأولى بسيطا ومربكا في نفس الوقت لتعدد الأجوبة عنه،وعلى الأخص في ظروف الانتشار والهيمنة التي تؤشر إليها الحضارات الغربية،ذلك أن أية محاولة محاولات للإجابة عليه لا يجب أن تقتصر على اعتبار الترجمة مجرد تقنية لغوية،بقدر ما تضطرها كذلك طبيعة العلاقات المتبادلة بين مجتمعي النص المترجم عنه(النص المصدر)والنص المترجم إليه(النص الهدف). وهكذا فان أي تعريف لمفهوم( الترجمة)لا بد وان يتسع ليشمل الجدليات الحية للثقافة وآفاقها المتعددة كفعل إبداعي،ونشاط لغوي،وضرورة حضارية وموقف إيديولوجي فبالإضافة إلى كونها تعتبر كنشاط لغوي،فهي تعد أكثر الممارسات اللغوية تعقيدا لما تتطلبه من مهارة تُمثّل النص المترجم تَمُّثلاً مُدرِكاً لخصائصه الثبوتية وقراءته الثقافية. وهكذا فإن الترجمة موقف إيديولوجي قبل أي شيء آخر،يقوم على اعتبار أن النص المترجم إنما هو تجسيد لثقافة بعينها،ولرؤية محددة إلى العالم وهو ما يفرض لأن تسمح بحرية التعبير عن الذات وأن تستند في ذات الوقت إلى حرية التعرف على الآخر إلا أن الترجمة لا يمكن أن ينظر إليها على أنها عمل عفوي أو ظاهرة حيادية،ذلك لأنها إنما تعتبر اختيارا حضاريا يدل على موقف إيديولوجي محدد سواء بالنسبة إلى موضوع المترجم أو الطريقة التي ينقل بها من لغة إلى أخرى. ويقول"روجيه ارنالديز": "أن تأثير الترجمات كان حاسما،ولكن إذا كانت الفلسفة قد ولدت،فلان معظم المترجمين كانوا باحثين مبتكرين واصلاء،فالطابع الشخصي للمترجم كان في الغالب مرافقا للنص المترجم عن طريق التعليق والشرح،فقسطا بن لوقا استخدم اللغة التقنية للفلسفة الناتجة عن خبرته في الترجمة من اجل أن يقدم عملا شخصيا مطبوعا بطابعه،وقد إبان قسطا بن لوقا عن حذق كبير في التحليل والتركيب وعرف كيف يستعير من مختلف العلوم ما يلزمه لمعالجة موضوعه وإضاءته". فترجمات نص ما هي ما يشكل"تاريخه" ولكنه تاريخ ينطوي على صراع واختلاف،وما ترمي إليه النظريات التقليدية عن الترجمة هو اختزال هذا الاختلاف(اللغوي والثقافي والإيديولوجي)ورده إلى وحدة جلّ المسائل التي تطرح عادة بصدد الترجمة تطرح بغية قهر الاختلاف،هذا في حين أنه لولا الاختلاف والتعدد لما كانت الترجمة ضرورية ولا ممكنة: هناك ترجمات لأن هناك ثقافات ولغات،وما الترجمة إلا عمليات التحويل اللامتناهية لتلك الثقافات وتلك اللغات، ذلك أن الترجمة لا يمكن أن تقوم إلا كعمليات تجديد وتأويل فهي لا تهدف، كما يقال عادة، إلى أن تكون نسخة طبق الأصل، إلى أن تطابق الأصل، إلى أن تكون الآخر ذاته.الترجمة استراتيجية لتوليد الفوارق وإقحام الآخر في الذات،أنها ما يفتح الثقافة،واللغة على الخارج، ما يفتح النصوص على آفاق لم تكن لتتوقعها ولا تتوخاها، إذ بفضل التحويل فإن كثيرا من المؤلفات تكتسب أهمية تعجب لها اللغة التي كتبت بها في البداية،وهكذا،كما يقول بلانشو"يعجب الفرنسيون للتأثر الذي أحدثه كتابهم الواقعيون(خصوصا موباسان)على كتاب أجانب يظهرون ابعد ما يكونون عن الواقعي.وهكذا نتعجب عندما نعرف أن فلوبير كان معلما لكافكا". إلا أننا ينبغي أن نفهم التحويل هنا في اتجاه واحد.الترجمة لا تحول النص المترجم فحسب،فهي عندما تحوله تحول في الوقت ذاته اللغة المترجمة.ويمكن أن نتذكر هنا ما حدث للكتابة باللغة الفرنسية عندما تفتحت على الأدب الأمريكي وأخذت تترجمه.ويكفي أن نذكر ما قاله سارتر عن الغريب "لكامكو" من أنه"كافكا" وقد كتبه "همنغواي" فليست الترجمة إذن،هي ما يضمن حياة النص المترجم ونموه وتكاثره فحسب،وإنما هي ما يضمن حياة اللغة والفكر ونموهما وتكاثرهما.وربما لهذا السبب فان أزهى عصور الفكر غالبا ما تقترن بازدهار حركة الترجمة.بهذا المعنى تكون الترجمة،لا علامة على تبعية ونقل وتجمد وموت،وإنما انفتاح وغليان و تلاقح وحياة توافق بيئة النص المترجم وإشكاليات التطبيق."2" لقد انتبه الماركسيون العرب إلى أن ترجمة الماركسية، وإن تكن خطوة ضرورية، لن تستطيع بحد ذاتها أن تجيب عن أي سؤال من أسئلة الواقع العربي، ومن هنا كان رفعهم لشعار تعريب الماركسية،على نحوها كان الصينيون قد قاموا بتصيّين الماركسية، ولكن تعريب الماركسية بقي مع الأسف مجرد شعار نظري، ولم يتمخض عند التطبيق إلا عن بعض الدراسات التي تناولت،بوجه خاص،علاقة الماركسية بالقومية وبالمسألة الكولونيالية، وبديهي أن العجز عن تعريب الماركسية لا تتحمل مسؤوليته الماركسية نفسها ،وأمن الانتلجانسيا العربية، فالشقّ المُتمَركِس من هذه الانتلجانسيا لم يبرهن على درجة من الخصوبة الفكرية أرقى من تلك التي برهن عليها الشق غير المُتمَركِس وهذا على الرغم من ادّعاء الماركسيين بتفوق منهجهم جوهرياً على المناهج الأخرى،وعلى الرغم أيضا من أن المنهج الماركسي كان استعاد بالفعل،على الصعيد العالمي، بعضا من خصوبته في أعقاب المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي، وقولنا بأن الماركسية بقيت بالإجمال،على الصعيد العربي،مترجمة وغير معربة،لا يعني بطبيعة الحال أن كل ما ترجم من الماركسية قد ذهب أدراج الرياح، فقد يصدق مثل هذا الحكم على الشق الإيديولوجي الصرف،ولكن بعض الكتابات المترجمة التي تتعلق بالتاريخ مثل دراسة مكسيم رودنسون عن (الإسلام والرأسمالية) أو دراسة ودولييه (وآخرين) عن نمط الإنتاج الآسيوي أو التي تتصل بوجه خاص بالجماليات والنقد الأدبي مثل كتابات لوكاش وغارودي وغولد مان وكذلك تروتسكي في كتابه الثر"الأدب والثورة"،تحافظ على راهنية مستديمة فضلا عما كان لها من امتدادات عربية خصبة سواء في مجال التاريخ أم النقد الأدبي."3" وهكذا فإن الترجمة ليست مجرد كلمة تنتقل من لغة إلى أخرى، عبر فرد أو جماعة، بل هي، بطبيعتها، طاقة حية ذات قدرة هائلة على تحويل المجتمع بسرعة إذا عرف كيف يستخدمها.الترجمة ليست كلمة منقولة بل فعل حضاري،دينامية قوى متعددة الوسائل تتحرك باستمرار باتجاه موقع الفعل والتغيير، وهي من حيث المبدأ تعبير مباشر عن القوى الديناميت في مجتمع معاصر بات،لشدة شموليته،يتبدل أمام أعيننا كل يوم وما المذياع والتلفزيون و الكمبيوتر والصحيفة والكتاب والآلة وغيرها سوى الآلات اليومية الحديثة التي تترجم بجميع لغات العالم الحية كل أشكال الإبداع الثقافي المعاصر."4" وفي هذا السياق فلا بد من الوقوف مليا عند الدور الذي لعبه المستشرقون في مجال الحوار العربي – الأوروبي فترجمت أعمال لكثيرين منهم إلى العربية وساهمت مؤلفاتهم في تعميق البحث العلمي العربي المعاصر وخاصة في مجال العلوم الإنسانية. تكتسب الترجمة اهميتها الفكرية والحضارية من عدة نقاط يمكن إيجازها بما يلي: 1. الترجمة محرض ثقافي يفعل فعل الخميرة الحفّازة في التفاعلات الكيماوية إذ تقدم الأرضية المناسبة التي يمكن للمبدع والباحث والعالم أن يقف عليها ومن ثم ينطلق إلى عوالم جديدة ويبدع فيها ويبتكر ويخترع.هذه الأرضية تصنعها الترجمة بما توفره من معارف الشعوب الأخرى التي حققت تراكما عبر التاريخ يمكنها من دفع النخبة الفكرية من النقطة التي بلغتها الثقافة البشرية وليس من الصفر،وكذلك بما تقدمه من نماذج وأساليب تمكنت الشعوب السابقة من إيجادها عبر كفاحها المتواصل والمستمر لتحسين العقل البشري وتطوير المعرفة لدى الإنسان.عملية التحريض التي تقم بها الترجمة نراها واضحة لدى كل امة خاصة حين تنتقل إلى طور حامل المشعل الحضاري،إذ تسبق حركة الترجمة دائما حركة التأليف،بالمعنى العام للكلمة،وتمهد الأولى لثانية بحيث يبدو جليا إذا ما القينا نظرة على تاريخ الأمم أن حركة الترجمة كانت دائما هي المرحلة الانتقالية ما بين مرحلة الجذب،أي عدم العطاء بالمعنى الحضاري والثقافي ،وبين مرحلة الإبداع والتأليف،ذلك انه ما من امة انتقلت،أو يمكن أن تنتقل،بقفزة واحدة من الجدب الثقافي إلى العطاء والخصب ،بل لا بد لها من فترة زمنية قد تستغرق عقودا بل ربما قرونا من السنين.نرى هذا في حضارات الشرق،اليابان الصين،الهند والشعوب المجاورة لها كما نراه في الغرب:الأسبان الذين نقلوا عن العرب وشمال أوربا التي نقلت عن جنوبها وجنوب إفريقيا التي نقلت عن شماليها وعن أوربا..الخ.. 2. الترجمة تجُسر القوة بين الشعوب الأرفع حضارة والشعوب الأدنى حضارة.ذلك أن الإنسان في سعيه الحثيث والدائب لاكتساب المعرفة يتطلع دائما إلى من سبقه في هذا الميدان، لهذا تغدو المراكز الحضارية في العالم مراكز نور وإشعاع تجذب أبناء الظلمة وتغريهم بالاندفاع نحوها.لهذا السبب غدت بغداد المنارة المضيئة للعالم ذات يوم كما كانت قبلها روما وأثينا وكما أصبحت بعدها باريس ولندن..هنا تلعب نقاط الاحتكاك الجغرافية دور الجسر الحقيقي بين الأرفع حضارة والأدنى حضارة فالتماس بين شعبين متباينين ثقافيا يدفع الأقل ثقافة إلى تقليد الأرفع ثقافة وتحصيل ما لديه من معرفة،سواء بالتحصيل المباشر أي التعلم والنقل الحرفي والمهني أم بالترجمة وبالتالي التعلم غير المباشر.وفي حضارتنا العربية لعبت اسبانيا وصقلية والبندقية دور الجسر هذا ،إذ انتقلت عبرها معارف العرب وعلومهم مترجمة إلى لغات أوربا الجنوبية ودرست في مدارسها وجامعاتها إلى أن أعطت أكلها من عصر النهضة الذي بدا أول ما بدأ في ايطاليا واسبانيا ثم انتقل إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا وليس هذا الانتقال التدريجي اعتباطيا أو محض مصادفة بل هو الجسر الحضاري الذي شكلته هذه البلدان من خلال احتكاكها المباشر والأشد فعالية بمركز الحضارة العالمي في القرون الوسطى:الحضارة العربية الإسلامية. 3. الترجمة هي الوسيلة الأساسية للتعريف بالعلوم و التكنولوجية.ذلك أن ما يكتشفه العلماء ويتوصل إليه التكنولوجيون إنما ينتقل إلى المناطق الأخرى من العالم بواسطة الترجمة وحسب.فعالم الفضاء، الذرة، الكيمياء، الطب، مهندس الإلكترون، كلهم يكتبون ما توصلوا إليه من نتائج بحث في مختبراتهم وميادينهم المختلفة ثم ينقل ما كتبوه إلى اللغات الأخرى، شفهيا في المؤتمرات والمحاضرات أو خطيا على صفحات المجلات والكتب.هنا تبدو الترجمة وسيطا مباشرا في التعريف بانجازات البشرية واطلاع بعضها على ما حققه البعض الآخر من تقدم وتطور، لولاها لامتنع هذا الاحتمال وتعذر انتقال الانجازات العلمية والتكنولوجية إلى الشعوب الأخرى ففي اليابان مثلا يتم اختراع جهاز الكتروني ما وقد ينتقل هذا الجهاز إلى هذا البلد أو ذاك لكن يبقى سر صنعته واختراعه غامضا بل مجهولا أن لم تكتب البحوث عنه وتترجم إلى اللغات الأخرى. من هنا نجد الكثير من الأسرار في عالم الصناعة والتكنولوجيا، تحتفظ بها دول بعينها وتعمل المستحيل لمنعها من الانتشار.حدث ذلك عقب اكتشاف أمريكا للقنبلة الذرية،محققة بذلك سبقا على دول الأرض كلها وتفوقا على الاتحاد السوفيتي خصوصا حاولت جاهدة الحفاظ عليه ومنع الأسرار التقنية لعملية انشطار الذرة من الانتشار، كما يحدث ذلك الآن في ما نسمعه عن حظر بعض المعلومات والتقنيات الالكترونية ومنعا من التسرب من بعض البلدان المتقدمة كاليابان مثلا إلى بعض البلدان الأخرى الأقل تقدما في هذا المضمار. 4. الترجمة عنصر أساسي في عملية التربية والتعليم.ذلك أن مناهج التربية والكتب التي تعتمدها المدارس في العملية التربوية لا تأتي من العدم ولا تنشأ من الفراغ،بل غالبا ما تتكون بصورة تدريجية معتمدة في ذلك اعتمادا أساسيا على الترجمة،إذ تنقل الشعوب الأقل ثقافة عن الشعوب الأكثر ثقافة مناهجها وكتبها أو الهيكل العظمي لهذه المناهج والكتب إلى لغتها الخاصة ثم تطورها شيئا فشيئا،بل كثيرا ما تبدأ هذه المناهج باستخدام الكتب الاجنيبة كما هي ثم تنقلها إلى لغتها تدريجيا.الأمثلة على ذلك كثيرة،ففي الهند مثلا،كان التعليم يجري باللغة الانكليزية أيام الاستعمار البريطاني،وكانت المدارس تستخدم المناهج والكتب الانكليزية تماما كما في بريطانيا،ثم شيئا فشيئا تحولت إلى اللغتين الاوردية والهندستانية وغيرها من اللغات المحلية.في سوريا ولبنان،كانت مناهج التعليم هي نفسها المعتمدة في فرنسا والكتب هي تلك المستخدمة في فرنسا،ثم ترجمت وعربت شيئا فشيئا إلى أن أصبحت عربية تماما في سوريا ومزيجا من العربية والفرنسية كما هي الآن في لبنان...لكن لا بد من أن يأتي يوم تترجم فيه هذه الكتب إلى العربية وتتبلور بشكل نهائي،متخذة أبعادها الخاصة،وذلك حين تكون الترجمة قد أدت دورها كمحرض ثقافي ومرحلة انتقالية يغدو الناس بعدها قادرين على تأليف كتبهم بأنفسهم ووضع مناهجهم من تلقاء ذاتهم،سواء على صعيد المدارس الابتدائية والثانوية التي أدت الترجمة فيها دورها بصورة عامة وبات بالإمكان الانتقال إلى مرحلة التأليف في معظم البلدان العربية أم على الصعيد الجامعي حيث ما تزال المشكلة قائمة على نحو اشد وضوحا حتى الآن ففي معظم جامعات البلدان العربية ما تزال فروع كاملة كالطب والرياضيات والعلوم تدرس باللغة الانكليزية أو الفرنسية وتستخدم فيها المناهج الأجنبية،الأمر الذي يدل على أن حركة الترجمة لم تستطع نقل هذه المعارف إلى اللغة المحلية كما ينبغي وبالتالي ما يزال يطلب منها الكثير باعتبارها العنصر الفعال في عملية التربية والتعليم. 5. الترجمة هي الأداة التي نتمكن من خلالها مواكبة الحركة الفكرية والثقافية في العالم،فنظرة واحدة يلقيها المرء على ما تصدره دور النشر باللغة الانكليزية مثلاً تجعله يقف مندهشا نظرا للأعداد الهائلة من الكتب والدوريات التي تصدر كل عام،هذا بلغة واحدة فكيف ببقية اللغات،الفرنسية،الروسية،الاسبانية،الصينية وغيرها من اللغات الأخرى...هذا الفيض من الكتب يشكل الحركة الفكرية والثقافية في العالم التي يتعين علينا أن نواكبها بهذا الشكل أو ذاك،ومواكبتنا لها لا تتم بالطبع إلا بمقدار ما يُترجم من هذه الكتب كي يكون بإمكان القارئ الاطلاع على آخر الإبداعات والأفكار والآراء في العالم. هنا نجد أن الترجمة ليست الواسطة الوحيدة،فمع التطور التقني وتقدم وسائل الاتصال باتت أجهزة الإعلام،من إذاعة وتلفزيون،تلعب دورا مباشرا في نقل أخبار الثقافة والانجازات الثقافية و الفكرية،إلا انه يبقى للترجمة مكان الصدارة في تحقيق المواكبة الفكرية والثقافية نظرا لان الكتاب كان وما يزال العمود الفقري للتحصيل الثقافي. كذلك نرى أن هناك فروقا واسعة بين البلدان في إمكانية تحقيق هذه المواكبة، فالبلدان الأرفع درجة في سلم الحضارة اشد قدرة على تحقيق المواكبة بينما البلدان الأدنى درجة في سلم الحضارة اقل قدرة على ذلك.مثال بسيط يمكن أن يوضح لنا ذلك.فالكتاب الصادر باللغة الروسية مثلا يمكن أن يترجم إلى عشرات اللغات ويصدر بها في الوقت نفسه الذي يصدر بلغته الأم،كما أن بإمكان القارئ الروسي مثلا أن يقرا الكتاب الانكليزي أو الروسي بعد فترة وجيزة من صدوره بلغته الأم،ذلك أن التقدم التقني في فن الطباعة ومجمل الشروط والأنظمة الأخرى المتعلقة بالطباعة والكتاب تمكن الناشر في بلد من هذه البلدان من مواكبة الحركة الفكرية والثقافية في العالم بينما تقف مثل هذه الشروط والأنظمة عائقا قد يكون مستحيلا تجاوزه في بعض البلدان الأخرى وبالتالي يحول بين الترجمة ودورها في تحقيق تلك المواكبة ذات الأهمية البالغة في التطور الحضاري خاصة بالنسبة إلى بلدان العالم النامي. 6. الترجمة وسيلة لإغناء اللغة وتطورها و عصرنتها، حيث تلعب الترجمة دورا هاما في إغناء اللغة وتطويرها،ذلك أن الميادين الجديدة التي تخوضها الترجمة تقتضي منها،بالتأكيد،أن تبحث عن صيغ جديدة،مصطلحات جديدة،تعابير مناسبة،كلمات ملائمة،وهذا كله إغناء للغة وتطوير لها بما أن اللغة كائن حي يولد ويزدهر ويموت،وبما أن وجوده يقوم على الأخذ والعطاء،على الموت والتجدد،ندرك ما يمكن أن يفعله في اللغة احتكاكها باللغات الأخرى.فكم من لغة ليس لها شان اليوم قد تصبح بعد حين من الزمن لغة العالم.ذلك أن هذا الكائن الحي الذي يدعى اللغة له خصائص الكائن الحي كلها،يكبر ويصغر،يزدهر ويضمحل،يعتل ويصح...الخ واللغة التي لا تستطيع التجدد والتطور لا بد من أن تموت، فسنة الحياة هي التجدد وشرط الاستمرار هو التطور، وإلاّ خمد الكائن الحي وذوى إلى أن يلفظ أنفاسه. في عملية التطور والتجدد هذه تلعب الترجمة دورا أساسيا بالنسبة للغة فهي تعرفنا بتراكيب اللغة الأخرى،تتأثر بمفرداتها،تستمد من زخمها وحيويتها، وليس في ذلك أية ُسّبة أو عار، ففي اللغة الانكليزية مثلا آلاف الكلمات ذات الأصل العربي وفي الفرنسية أكثر من عشرة آلاف كلمة وكذلك في الاسبانية والايطالية..الخ فهل أساء هذا لتلك اللغات؟ لا أظن ذلك، فالكل يستخدم كلمة "الجبر" العربية أو كلمة "أمير" أو "قصر" أو "شريف" التي يستخدمها الأمريكان، وربما، أكثر من العرب أنفسهم ودون أي شعور بالنقص. صحيح أنهم قد لا يستخدمونها بمعناها الأساسي لكن من المؤكد أن المعنى الجديد للكلمة"حاكم البلدة أو المسؤول عن الأمن والنظام فيها" هو نوع من الإغناء للغة بإضافة كلمة جديدة قد لا يتوفر معناها هذا لأية كلمة أخرى في اللغة الانكليزية. وهكذا نحن في الوقت الحاضر،يمكننا أن نغني لغتنا بكلمات منحوتة جاهزة دون أن نشعر إزاء ذلك بأي غضاضة أو ضير،فكلمة"إلكترون" أو"بروتون" أو "نيوترون"هي مصطلحات عالمية قد لا ينفع معها أن نعربها أو نجد لها بديلا وليس في استخدامها من عيب.أجدادنا في السابق اخذوا كثيرا من الكلمات الفارسية والإغريقية واستخدموها كما هي،ثم تمثلتها اللغة إلى أن غدت جزءا لا يتجزأ من اللغة...مثال على ذلك "أستاذ"، "شطرنج"، "فيزياء"، “إسطرلاب"..الخ. غير أن الترجمة تقوم،مع تطور الحضارة وتقدم التكنولوجيا،بأكبر المهام في تطور اللغة وعصرنتها.أنها تنحت كلمات جديدة، تنقلها عن اللغات الأخرى وذلك بإيجاد البديل للكلمات المستخدمة فيها، وبذلك يتشكل فيض من الكلمات الجديدة التي لم تكن اللغة تعرفها من قبل أو كانت تعرفها بمعنى آخر.مثال على ذلك:الهاتف ،السيارة،الطيارة،الرائي...الخ...وهذا ما يجعل اللغة عصرية فعلاً قادرة على مواكبة التقدم الحضاري وتمثل انجازاته،فاللغة هي قبل كل شيء مرآة تعكس تطور الناطقين بها أو تخلفهم،تقدمهم أو تراجعهم."5" الخلاصة: من الواضح بان عملية الترجمة تزداد اتساعا يوما بعد يوم،إلا أن هذا النهج قد يطرح في النهاية تحديات جوهرية تتعدى بطابعها وسرعتها إطار الترجمة في حد ذاته لتلاصق مسائل المشروع الثقافي والحضاري العربي ككل، فالمسالة ليست كمية إذاً، كما أنها لا ترتبط بعدد من العناوين المترجمة، وإنما بنوعيتها وبمدى استجابتها لمتطلبات النوع الاجتماعي والتقني والعلمي في الوطن العربي.وبما أن أي عملية حضارية وثيقة الصلة بالمصير التنموي ككل، فإنها تصبح في حاجة إلى مؤسسات تنظم والى سياسات رسمية تقرر والى برامج للتخطيط ، بل ولم لا؟ إلى إشراف ذي طابع مركزي من اجل أن تتحرك الترجمة في إطارات مرسومة لتحقيق أهداف ايجابية ومن اجل تجاوز إضاعة الجهود بالتكرار أو الفوضى بالانتقاء. معنى هذا باختصار هو أن مشكلة الترجمة في الوطن العربي ليست مشكلة مترجم وان كان لهذا الأخير دوره في تكريس الوضع المتردي للترجمات وإنما في السياسة الثقافية الرسمية التي تخطط وتبرمج لحركة النشر والتأليف.وإذ كان على المترجم الفرد أن يتقن اللغات العربية والأجنبية وان يكون ملما بالمفردات والتراكيب والإمكانات الفنية والمجازات والإيحاءات فان المطروح أمام الجماعة العربية(مجتمع الباحثين والمترجمين)ثم على مخططي السياسة الثقافية بالذات هو المبادرة إلى وضع برامج قريبة المدى تتماشى ومتطلبات التعريب التربوي و العلمي،التي نصت عليها التزامات الدول الأعضاء في منظمة الالسكو والقاضية بالتعريب المرحلي،والعاجل في الآن نفسه،لكامل القطاعات التعليمية والثقافية والإعلامية والفكرية "6" - انتهى - ــــــــــــــــ الهوامش ـــــــــــــــــــــ "1" الجاحظ : الحيوان الجزء الأول ص(75-76) "2" الترجمة والمثقافة "عبد السلام بن عبد العالي". "3" الترجمة والإيديولوجية المترجمة "جورج طرابيشي". "4" الاتجاهات الأساسية لحركة الترجمات في لبنان والوطن العربي "د.مسعود ضاهر" "5" الترجمة، أهميتها ودورها في تطوير الأجناس الأدبية "عبد الكريم ناصيف". "6" حول الترجمة والتعريب والتغريب (مأساة المصطلح وفراغ المعنى) "عبد الوهاب الحفيظ". الموضوعالأصلي : الترجمة بين الإبداع الفكري والمفهوم الأيديولوجي // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: السان سيرو وان
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |