دارت بينا الدورة» جديد فرقة مسرح تانسيفتسخرية لاذعة من عقلية المؤامرة والجشع والجمع بين الجاه والسياسة والمال
شدت مسرحية «دارت بينا الدورة « لفرقة مسرح تانسيفت (مراكش)، نهاية الأسبوع الماضي بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، أنظار الجمهور والنقاد والممثلين الذين حضروا بكثافة لمتابعة العرض ما قبل الأول لهذه المسرحية، التي صاغها المخرج حسن هموش في قالب كوميدي ساخر من خلال اعتماده على مشاهد ساخرة وهزلية مستعملا التعرية الكاريكاتورية، لمعالجة قضايا مجتمعية مستوحاة من الواقع المغربي.
وتشخص المسرحية قصة سالم الذي كان يستعد لخوض معترك سياسي، لتظهر في حياته وبين أهله شخصية «المهدي» الذي يدعي على أنه الابن المتخلى عنه، هذا الظهور المفاجئ سيربك حسابات «سالم» ومعه باقي أفراد العائلة المكونة من الأم «الغالية» والبنت «راضية» ليدخل الجميع في دوامة البحث عن حل لمشكلة اعتقدوا أنها مجرد مكيدة مفتعلة من الخصوم السياسيين لـ «سالم» الذي دخل في مفاوضات مع الوافد الجديد، وحاول الاستعانة بأفراد الأسرة من أجل إيجاد مخرج لهذه المشكلة، لتتوالى الأحداث وتظهر شخصيات أخرى «الهادية» و»بوشعيب» اللذين جعلا «سالم» يتأرجح بين خيارات الإذعان للمصلحة والاستسلام للإشاعة. وقد تجاوب الجمهور بشكل كبير مع الأداء الرائع للممثلين عبد الله ديدان، دنيا بوطازوت، سناء بحاج ومحمد الورادي، حيث تمت تأدية الأدوار بشكل متكامل وفي انسجام بين كل مكونات العرض الفنية، انطلاقا من الرؤية الإخراجية وكتابة النص بلغة بسيطة، تترجم عمق القصة وكذا طريقة التشخيص والحكي، التي جعلت الجمهور يتفاعل مع هذه العائلة التي نقلت نموذجا لمشاكل اجتماعية تقوم بالأساس على الجشع والرغبة في الجمع بين الجاه والسياسة والمال.
للوهلة الأولى، تبدو مسرحية «دارت بينا الدورة» ذات حبكة قوية تقترب من الواقع بشكل كبير، وكنص تشويقي سرعان ما تكشف، وبشكل تدريجي، خلفياتها الغير معلنة، والتي أراد منها المخرج وكاتب النص حسن هموش، بعث مجموعة من الرسائل المشفرة، وكأنه يقول إن خلف أحداث المسرحية، توجد مجموعة من الأفكار والرؤى التي يعبر عنها من خلال النص الإبداعي، فظهرت مجموعة من المفاهيم المرتبط بقيم إنسانية كـ «الحب» والروابط العائلية وعبثية الحياة، ودور الصدفة فيها، التي حاول المخرج التعاطي معها انطلاقا من الخلفية الفكرية التي تؤطر المرجعية الفنية لمسرح «تانسيفت».
فالحوارات والمواقف المعبر عنها، في سياق المسرحية، التي اعتمدت على اللغة الدارجة، وعلى لغة موسيقية رفيعة، كتب كلماتها وألحانها الفنان محمد الدرهم، تبرز حجم تلاحق الأحداث، والمباغتة، التي كانت تشكل البعد التواصلي بين شخوص المسرحية، إلى درجة تستحيل معها إمكانية التأمل أو محاولة الابتعاد الذهني عن النص، فعلى سبيل المثال لا الحصر مشكلة «سالم» الذي ألبس مفهوم «المكيدة» أو «المؤامرة» لمشكلة هو نفسه مقتنع بأنه هو السبب فيها، وللتهرب منها حاول بشكل مفاجئ إشراك الأم «الغالية» والبنت «راضية» لإيجاد حل يخرجه من هذه «المؤامرة» وينقذ شخصيته وصورته من الاهتزاز أمام المجتمع، في الوقت نفسه يبحث فيه مع «المهدي» عن آفاق حياة جديدة قد يستغني فيها عن الزوجة «الغالية» في علاقة مع «الهادية» الشخصية الجديدة التي ظهرت في حياته والتي يفترض أنها عشيقة «سالم».