جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: فنون منوعة |
الجمعة 27 مارس - 12:05:12 | المشاركة رقم: | |||||||
جوهري
| موضوع: الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني يعيش بطل مونولوج " الثعلبة و القبعة " صراعات داخلية عديـدة ناتجـة عن إصابته بداء الثعلبة ( PELADE) و هو مرض جلدي يؤدي إلى سقـوط شعر الرأس ومن الناحية العلمية البحتة فإن لهذا المرض عدة أسباب و تتوقف طـرق علاجه على مسبباته و لأن البطل " الله غالب " كان بصدد الذهاب إلى بيت حبيبته " دنيا " قصد خطبتها فإنه حريص جدا على إخفاء مرضه الذي جعله يعاني من عقدة الشعور بالنقص . فيلجأ إلى حيلة تتمثل في شراء كل أنواع القبعات بنية اختيار قبعة مناسبة يضعها على رأسه و لكنه يفشل في رحلة البحث و اختيار القبعة المناسبة و يقرر في النهاية انطلاقا من موقف ثوري تمردي حلق شعر رأسه تماما . و عبر تنامي أحداث المونولوج يتحدث البطل عن مرضه و عن عذابه و سعيه لدى الأطباء بحثا عن الشفاء كما نعيش معه رحلة البحث عن القبعة المناسبة التي تستر عاهته . و أمام المرآة تتعرى شخصية البطل و تكشف عن عمق الأزمات و التصدعات التي تكابدها , كما تبوح بأحلامها و موقفها من الذات والعالم من حولها . و إذا كانت عقدة البطل في ظاهرها ذات طابع نفسي و اجتماعـي , فإن توظيف المونولوج لطروحات العلوم التجريبية و حقائق مرض الثعلبة و طرق علاجه و للقبعات يحيلنا إلى عدة رموز و إيحاءات تصور أزمة العقل و ضياعه بين مختلف الإيديولوجيات . فالعقدة في إحالاتها ذات أبعاد حضارية . الشخصيات: الله غالب : شاب في الثلاثين من عمره , يظهر داء الثعلبة على رأسه بوضوح ,وعلى خده الأيمن خال . المكـان : صالون بسيط به مشاجب , و ساعة حائطية متوقفة وجهاز هاتف ومرايا . الزمـان وقتــنا الحاضر اللـوازم مجموعة من القبعات تتمثل في : القبعة الأمريكية قبعة نابليون بونابرت القبعة الروسية القبعة اليهودية القبعة الإيطالية القبعة العسكرية العمامـة الإسلامية الشـعر الاصطناعي الله غالـب : " يظهر حاملا على ظهره كيسا وهو يرقص على وقع ترانيم سمفونية مختارة "هاهي المشكلة " يشير إلى موطن سقوط شعر رأسـه و لكـن هاهي الحلول "يشير إلى الكيس " سـأخطـبك يا حبيبتي دنيا و لن يلاحظوا أنني مريض بدأ الثعلبة. لكل داء دواء و دوائي هنـا في هـذا الكيس .صحيح : لكل مشكـلة حل و المشكـلة التي ليس لهـا أي حل لا تعتبر مشكـلة و نحن الحمد لله ليـست لدينا مشاكـل . واحد زائد واحد تساوي إحدى عشر و إننا نرفض التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية. مازال من الوقت ساعة لأكـون في موعد الخطوبة من المؤكـد أن حبيبتي دنيا تستعد الآن للقائي و أنها تتزين لي و تلبس أجمل لباس مع أنها ليست في حاجة للتزويـق والتنميق فجمالها الطبيعي يضاهي كل مقاييس الجمال . من المؤكد أيضا أنّ حماتي الرائعة تجهز صالون الاستقبال بالزرابي و الأرائك وصينية الحلويات و المشروبات . و إنّ صهـري العزيز يبدي عدم الاهتمام بالخطوبة رغم أن تركيزه في الحقيقة منصب على كل التفاصيل , الجو هناك استعدادات حثيثة , وأنا هنا مازلت لم أستعد كما ينبغي " ينظر إلى الساعة الحائطية " اللعنة على هذه الساعة , عقاربهـا سلحفاة عنيدة ترفض أن تتحرك . ولكن لا بأس فمازال من الوقت ساعة حسب اتفاقنا على الموعد و قبل أن يمضي الزمن الأرعن أكون قد وجدت الحل لمشكلتي."يتأمل نفسه في المرآة" هذه الثعلبة الملعونة ضربت شعر رأسي خبط عشواء فجعلته مملوءا بالبقع مثل الغربال .ولكن هاهـو الحل هي هـذا الكيـس . لقد اشتريت كل أنواع القبعات و سأختار واحدة مناسبة لحجم رأسي وشكلـي و طبيعة عصري , ثم اذهب إلى بيت حبيبتي دنيـا حاملا نبض قلبـي الضابح بالحب و أريج الأزهـار الفواحــــة . " يرقص و يخرج القبعات من الكيس ثم يعلقها على المشاجب في جو استعراضي " . سيداتي أوانسي سادتـي: " يأخذ القبعة الأمريكـية " * هذه القبعة الأمريكية : جينقو و الفار واست و مطاردات جيرينيمو عبر الجبـال ومن منطقها كان لجورج واشنطن وضع حجر الأساس وهي الآن في عيون العالم وحدها تحكـم العالم و كقطعة من العجين تشكله كما تشاء . " يأخذ قبعة نابليون بونابرت " * و الآن باسم الحرية و العدالة و الأخوة , نقدم لكم قبعة نابليون بونابرت كبيرة و عميقة , الرأس فيها يا طويلة ولدي مفقود مفقود . نابليون كان قصير القامة و لكن قبعته و ممتدة إلى السماء , فملأت شعاراته كل الآفاق و عندما جاءت إلينا صارت الأحلام كوابيس و تناقض الشكل مع المضمون . " يأخذ البقعة الإيطالية " * أما هذه فلقد ولدت في صقلية و ترعرعت في الشوارع الشعبية لإيطاليا من لاكامورا إلى آلكابوني : دعه يعمل , أتركه يمر .سيداتي و سادتـي هاهي البيري باص بالهيل و الهيلمان و لسلطة المافيـا كل الملك و الصولجـان . " يأخذ البقعة الروسية " *ومن هناك في أعالي سيبيريا و القوقاز حيث البرد و تحديات البروليتاريا كانت القبعة البلشفية أحلاما تزغرد على رأس لينين و ستالين ,ثم يكورها ماوتسي تونغ قليلا ليقود المسيرة الكبرى, و تدور أكثر حول رأس تشي غيفارا وتسطع الشمس على قلاع سايغون : هوشي مين هنا و الياندي هناك فما أجملها أحلام البروليتاريا في هذه القبعة . " يأخذ القبعة اليهودية " * و الآن شالـوم لبوثوكولات حكماء صهيـون : أخرجي من الليل كي تراك الشمس يا نصف حاملة النهدين . شعب الله المختار يريد أرضا بلا شعب لشعب بلا أرض . شالوم , ولهيكل سيدنا سليمان حكاية و لحائط المبكى حكاية و حكايــة و يا حمائم القدس و أطفال الحجارة أنتم البداية و النهاية . " يأخذ البقعة العسكرية " * انتبه الآن واحد- اثنان , واحد – اثنان : استعد –استرح –استعد , القبعة العسكرية شريعة أبي العباس السفاح و طقوس الكنيسة ورثها بعد ذلك هيثـلر و بوكاسا وبينوشي كثير من الجنرالات الحكام . العسكر هو الأساس يا أكذوبة المجتمع المدني تحية يا جنرال قبلة حارة على التراب النائم تحت حذائـك . " يأخذ العمامة الإسلامية " *من ترانيم طلع البدر علينا و انتصار الحق في القادسية و اليرموك تسافر هذه البسيطة لتعيش معنا النكسة و الهزيمة فيحترق التاريخ بنيران الدين والسياسة لا يقال لها قبعة و إنما عمامة و يا لضياعنا في قبضة الحكام و خيانة الإمام . " يتأمل مشهد القبعات وهي معلقة على المشاجب " ويح قلبي : العالم مجرد قبعات . كل أنواع الإيديولوجيات و ما جاد به الفكر البشري , هنا من أرسطو و سانت أوغستين وابن رشد و الحلاج وابن عربي إلى ديكارت و هايدغر . هاهي المشكلة :" يشير إلى مواطن سقوط شعر رأسه " و هاهي الحلول " يشير إلى القبعات " حبيبتي دنيا في انتظاري تنتصب بقامتها الهيفاء نخلة أصيلة عميقة الجذور . " يتأمل نفسه في المرآة " . قبل أن ألجأ إلى القبعات , كنت قد ذهبت إلى طبيب ليعالج هذه الثعلبة , وكنت أظن أن مرضي بسيط جدا و لكن الطبيب بعد أن عاينني فاجأني : - منذ متى أصابك هذا المرض ؟ - لا أعرف بالضبط . فأنا لا أقف أمام المرآة بتاتا. كما تعلم يا حكيم فالحياة ابتلعتنا بالهموم و أنا منذ الصباح اجري حتى المساء و ليس لدي الوقت الكافي للوقوف أمام المرآة و الاطمئنان على منظري . ثم إنني في حالـة عـداء دائم مع المرآة فهي تفضحنـي يا حكيم . - و كيف عرفت إذن بأن مواطن عديدة من رأسك قد سقط منها الشعر ؟ زملائي في العمل , صاروا ينادونني مازحين : يـا فرطاس ثم اخبروني بالأمر . و أصدقك القول أنني لـم أتضايق من سقوط شعر رأسي بقدر ما أتضايق من لقب :يا فرطاس الذي أصبح يصفع أدني في كل مكـان من المؤسسـة إلى الشارع . أصبحت عندي حساسية مفرطة من كل كلمـة تنتهـي بالسين خاصة إذا كانت على وزن فعـلال هكـذا فرطـاس –كراس – قرطاس- حتى كلمة لا بأس التي يرددها الناس فيما بينهم عند كل لقاء , صرت لا أحتملها و بمجرد سماعها تحمر وجنتاي خوفا من انحراف كلمة لا بأس إلى كلمة فرطاس . - اسمع يا سيد الله غالب : مرضك يدعى الثعلبة , وهو مرض معروف .... - و لكـن يا حكيم ما هو سبب هذه الثعلبـة ؟ - بالنسبة لك هي صدمة نفسية , كنت قد تعرضت لها في وقت ما وهذا ما أدى إلى سقوط الشعر من رأسك .هاهي الوصفة , عليك بشرب الدواء بانتظام . خرجت من العيادة , و أنا مصدوم بما أخبرني به الطبيب المعالج , مصدوم و أفتش في أعماقي عن الصدمة الحقيقية التي أصابتني فأسقطت شعر رأسي . و لأنني أعرف أن كل الناس مصدومون فإنني ببراءة أتساءل لماذا يسقط شعر رأسي أنا فقط ؟ وكالميت في يد الغسّال اشتريت الدواء و تناولته بانتظام ولكنني لم أشف . لقد حاولت مرارا أن أسوي هذه الشعرات التي هنا على البئر الذي هناك و أجعل هاته الكومة التي هناك تنزلق على هذا السطح الأمرد الذي هنا . و لكن كل محاولاتي باءت بالفشل فالبقع تزداد و عملية الترقيع لم تعد مجدية . و لذلك قررت البحث عن حل جذري عن طريق وضع قبعة على رأسي , خاصة و أنني اليوم أخطب حبيبتي دنـيـا و في كل الأحوال لا يجب أن يلاحظ صهري و حماتي بأن خطـيب أبنتهمـا أقرع . بصراحة عندي عقدة الشعور بالنقص . " يأخذ العمامة ويشرع في وضعها على رأسه " ليس أحسن من العمامة الأصيلة إنها التاريخ و التراث و فيها تتلخص طلعة الأجداد , "يحلم" عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحق العدل فيضرب القوي ليأخذ بحق الضعيف و بكل تواضع ينام تحت الشجرة , هكذا عدلت فأمنت فنمت يا عمـر . و هارون الرشيد يزن مقابل الكتاب ذهبا , والمتنبي يغازل الكبرياء و الكرامة , و طارق بن زياد يحرق سفنه وينشد : أين المفر؟ , والأمير عبد القادر و غيرهم كثير ... " يرن الهاتف " - ألو... دنيـا ... صباح الخير يا عزيزتي الغالية ... صوتك في الهاتف ينعش روحي و يغمرني بالسعادة ... كيف أنسى ؟ أبـدا يا دنـياي ,هذا يومي و موعـدي مع التاريـخ فكيف أنساه إذن ؟ ... أنا أحضر نفسي فقط لا تخافي: لن يقولوا لك خطيبك مريض بداء الثعلبة لأنهـم لن يلاحظـوا ذلـك... سأحضر واضعا قبعة على رأسي نعم , نعم قبعة جميلــة و مناسبة ... لن أنسى باقة الأزهار ... حاضر... حاضر ... لم يبق من الوقت إلا أقل من ساعة ... حاضر ... إلى اللقــاء " يضع سماعة الهاتف " الله الله من الآن بدأت تتحكم ... هكذا كل النساء لديهن غرام خاص بالسيطرة , العصمة في يد الرجل , والفاعلية في يد المرأة ... و لكن أحبها ...و الله أحبها ... أنا خلقت هكذا عاشقا لها ... ربما قبل أن أولد ومنذ أن كنت نطفة فعلقة فمضغة كنت أحبها ... إنها قدري و خياري ... نعم آه كم تعبت من أجل الظفر بها ... لا أذكر كم حذاء مزقت ؟ وكم سنة بت ساهرا مؤرقا . غازلتها و تفاخرت أمامها و لكنها رفضتني , كتبت لها مئات الرسائل و ما أجابتني , أرسلت لها الهدايا فرمتها أمامي هي تمشي في الشوارع و أنا مثل ظلها ألاحقها من مكان إلى مكان : - دنيا , إنني أحبك صدقيني , حرام كل هذا التعذيب الذي تمارسينه عليّ , أنا أحبك . - و أنا لا احبــك , ألا تفهــم ؟ - أفهـم ,أفهـم , و لكن لماذا لا تحبينني ؟ - هكـذا , ما دخلـك ؟ - نعم , نعم أنا لا دخل لي في مشاعرك,و لكن ماذا أفعل حتى تحبينني ؟ رمقتني بعينيها جيـدا ثم قـالـت لي : - مجـــنـــون . أبدا لم أغضب لأن جميع العشاق غبر التاريخ مجانين فهم يقولون : مجنون ليلى و مجنون لبنى . ما المشكلة إذا عندما أكون أنا مجنون دنيــا ؟ قيس بن الملوح كان يهيم في الصحراء يعد ذرات الرمل ومع كل ذرة يسبح باسم ليلى العامرية و يقول :ليلى – ليلى – ليلى . و أنا صرت هائما في الوديان و الجبال أمد الخطوات و ليس في نبضي سوى حب دنيـا . الحب يا إخوان شيء رباني يسمو فوق كل الأسباب و العلل . أصدقكم القول أنني قبل أن أقع في حب دنيـا كنت كثيرا ما أتعرض لحالات من الإعجاب بالغوادي الحسان اللائى كثيرا ما نقابلهن في غفلة من حياتنا دون قصد يصف: فهذه هيفاء نقابلها تمشي الهوينى على طول الشارع , لا ريث و لا عجل , فتتقاطع خطواتنا و نهم بمغازلتها ثم لانفعل , فنمضي وتمضي تاركة عطرها و سحرها . و هذه تجلس في مكتبة أو حديقة أو على مقعد للسفر فتسرق منا العينين و لا تعيدهما إلى محجريهما , ثم تمضي و تترك لنا رقتها تراوح الأعماق . وتلك غانية تضفي متعة على غصة انتظارنا في الطابور الطويل أمام الشبابيك – و ما أكثرها –فنفسح لها الطريق ونعرض عليها دورنا حتى إذا ما قضت حاجتها أخـذت معها أنظارنا و انصرفت تاركة دلالها نقاوم به عذاب الطوابير .وتلك غادة تغازل أمواج البحر فنرسمها على الرمال و تغار منها الأسماك, ومن أجل عينيها نظهر مهارتنا في السباحة حتى ولو ابتلعنا الماء أو غمرتنا الأمواج. و واحدة أخرى تسألك عن الساعة فتظل تائها من جمالها مدة ساعة . المرأة إكسير الحياة و سحرها يا إخوان تصوروا معي الحياة بدون حضور المرأة . هكذا كل الناس ما شاء الله ذكور ميامين , حتما سيكون العالم بلا طعم و لا رائحة , وتصبح مشاهد حركة الناس في المدينة جنازات متدافعة نحو مقبرة حياتنا الخالية من المرأة .و لذلك فإن حياتي بدون دنيـا جحيم لا يطاق , فهي تختصر جميع ما في الأرض من نساء . غير أن حبيبتي تجاهلتني , أسكنتها قلبي و أسكنتني قمقم الآهات و الأنين و العذاب . أحيانا كثيرة أكاد أقتنع بأن هذه الحياة لم تعلمنا – في النهايـة – شيئا , فعالم المشاعر و الأحاسيس أطهر وأجمل و اعمق من عوالم العقل و المعرفة . العقل قد يخطئ و لكن الإحساس أبدا لا يخطئ و تلك حكمة عذرية الأشياء و حقيقة جوهر الحياة . كان على ديكارت أن يقول : أنا أعشق إذا أنا موجود . بدل أنا أفكر إذن أنا موجود . أما صديقي المتخصص في شؤون العشق و مشتقاته فقد نصحني : - المرأة يا صاحبي مثل الظل , لاحقه يهرب منك , أهرب منه يلاحقك . وبكل ثقة في القدرات الغرامية لصديقي انسحبت من الميدان ولم أعد ألاحقها و أغازلها على أساس أنها تسأل عني يوما أو تشتاق لرِؤيتي , ولكن ما أكثر الصيادين : وفي غياب القط يصير الفأر ملكا ففي أحد الأيام – صدفة ولله – رأيت تاجر الخردوات يكلم حبيبتي و يغازلها .و طبعا فأنا أعرف ذلك الرجل , أنه زير نساء . يستعمل الاحتيال و الخديعة للإيقاع بهن فلما يقضي وطره من الواحدة منهن يغيرها بأخرى تماما كما يغير ربطات العنق . وسمعته يقول لها مغازلا : - يا ذات القوام الرشيق , والخصر المشنوق , والصدر البارز , و الجدائل الممدودة في خيلاء . دعيني أعانقك , وخدي حماما من حنفية لساني . أعيريني ظفائرك لأشنق رغبتي . فار دمي واسودت الدنيا في وجهي , لم أتمالك نفسي فتقدمت إليه ورحت أضربه بكل ما أملك من قوة ومن غضب . كنت أضربه و كان الشباب من حولي يصرخون: - أضربه , أقتله , يظن الناس بنات لعبة . - و سمعت شابا يقول :هؤلاء هم الذين أدلونا مع النساء ,الواحد منهم يصاحب مائة و نحن لا نظفر بواحدة . - وعلق آخر: الخير موجود و لكن المشكلة في سـوء التوزيع يا إخوان . لقد ضربت تاجر الخردوات حتى أغمي عليه كنت أريد أن أظهر بمظهر الفارس المغوار الذي يقهر كل الأعداء و لا أحد يشق له غبار , عندما كنت أضربه كانت روح الشهامة و الرجولة تملأ أعماقي ثم إن الحب و الغيرة غمراني و لم أكن أعلم أبدا أن الدون كيشوت بداخلي يصارع الطواحين الهوائية معتقدا أنها عمالقة . ثم جاء دوري ليغمى عليّ. فقد حضر أخو دنيا ولم يجد كيف يداري عاره إلاضربي أنا .و الحقيقة أنني تمتعت كثيرا بضربه لي و لم أحاول أبدا مجرد تفادي لكماته و ركلاته . فتركته يضربني كيفما يشاء و جعلت الأمر قضية داخلية بين أفراد العائلة , كساني الدم و لم أقل: آه , يداه حنونتان و آلامي تزهر بالآمال , كان يضربني بقوة و الشباب الذين شجعوني على ضرب تاجر الخردوات حولوا مواقعهم و صاروا يشجعون أخ دنيـا على ضربي : - أضربه , حتى يتعلم احترام نفسه و يتجنب التدخل فيما لا يعنيه , كنت أظن – حسب قوة الضربات المنهالة على جسدي – أن الله سيتوفاني برحمته بعد لحظات , كنت مستعدا للموت فلم أقاوم و لم أغضب ففي تلك اللحظة كانت رغبتي في الموت أكبر رغبتي في الموت من إرادتي في الحياة . و ما يضيرني أن أموت في سبيل حبي ؟ فالحياة حلم وقضية , ولكن الموت أيضا حلم و قضية. و إذا كانت حياتي قضيتي فإن موتي مشكلة للآخرين . أما أنا فسأنطلق متحررا من كومة الطين التي تسيج روحي و أسافر حيث الشهداء و السلف الصالح الذين حتما سيفرحون بقدومي و يسألوني عن أحوال الناس و الأوطان باعتباري آخر القادمين من عالم الدنيا , وهكذا أرواح في أرواح بلا وجوه و لا أجساد و لا قبعات نلتقي,هم يسألون و أنا أجيب بصدق و صراحة و لن أخجل فلن يتصبب مني العرق و لن تحمر وجنتاي , لأنني مجرد روح بلا كومة طين تحتويها . و لكنني عندما فتحت عيناي رأيت فتاة جميلة ترتدي ثوبا أبيض , فاعتقدت أنها نصيبي من حوريات الجنة فصرخت مهللا : - الله أكبر , هل أنت حورية ؟ فردت باستهزاء : - لا أنا زوليخة ... لا تتحرك من السرير حتى تشفى من كسورك و انتبهت فإذا أنا في المستشفى معلق الرجلين و اليدين , و لكــن المفاجأة الكبيرة أن دنيــا جاءت لزيارتي و أحضرت لي باقة أزهار فسعدت كثيرا و نسيت عظامي المكسورة و جراح جسدي . - قلت لها : أحبك - قالت لي: نعـم ما أغرب طبائع البشر , الواحد منا يجب أن يهان و يسيل دمه حتى تحبه المرأة التي يحبها,مساكين أولئك الذين لم يجربوا الحب و لم يتذوقوا حرارة الأشواق و الذوبان في النصف الأخر, والحنان و الحنين, أصبحت أحب الحياة وأرى الجمال متسربلا في كل مكان,صرت أحب الناس كل الناس وأرغب في لقائهم بحرارة ومصافحاتهم و تقبيلهم إن سمحوا لي بذلك. أما صديقي المتخصص في شؤون العشق و مشتقاته فقد جاء هو أيضا لزيــارتي في المستشفى و قال لي : - المرأة فرس لا يركبها إلا الفارس المغوار و عندما غادرت المستشفى ذهبت رأسا إلى دنيـا لأرافقها و أصاحبها عبر الشوارع كما يفعل كل العشاق. اشتريت لباسا جديدا,و لمعت حدائي و شعري أيضا حينها لم يكن قد تثعلب بعد , وفي عرض الشارع رأيت دنيـا و من خلالها رأيت حياتي و كياني ووجودي و مستقبلي , و كبحر متلاطم الأمواج كانت دقات قلبي تتسارع . أنا لم أقد خطواتــي و لكن خطواتي التي كانت تسبقني إليها. - لقد غادرت المستشفى أخيرا , أخوك كسر عظامي و لكن لا بـأس فالضرب من يد الحبيب تفاح , كنت قـادرا على ضربه و لكنه أخوك و أنا أحبه هو أيضا حتى قطكم أحبه . - ماذا تريد ؟ - لاشيء فقط أردت مرافقتك - اسمع يا ابن الناس - اســمي الله غـالب ...قولي : الله غالب - المهم , أنا لست من نوع الفتيات اللائى يقمن علاقات مع الذكور ويمارسن طقوس الغـرام في الشـوارع و الصالونات و الحدائق العمومية . - غرضي شريف و الله - إذن كن شـريفا و اسلك طريق الشرفاء اذهب إلـى والدي و اطلب يدي . - و عينيك و شفتيك و كل شيء فيك , حاضر سأذهب إليه و أطلبــك منه . آه كـم تعذبت لأصل إلى هذا اليوم الذي أخطب فيه دنيــا "يحلم "سنتزوج و نملأ الدنيا بالبنين و البنات" يتأمل نفسه في المرآة " مـاذا لو أذهب لخطبتها واضعـا هذه العمامة على رأسي ؟ أليست العودة إلى الأصل فضيلة ؟ يمكنني أن ألبس أيضا قميصا أو برنوسا أبيض . سأكون في أحسن صورة , التراث و تقاليد الأجداد.في هذه العمامة يتدفق تاريخ ذهبي ناصع . الله الله في طلعتي بريق القرون الخوالي حيث كنا سادة العالم . كأنني أخرج من المتحف فوا أسفي على حاضرنا التعيس , لكن الماضي ليس كل ما مضي بل هو النقاط المضيئة في المساحات المعتمة , إشكالية التراث يلزمها قراءة عميقة انطلاقا من مواقف حداثية . حتما إنهم سيرفضونني إذا ذهبت إليهم هكذا " ينزع العمامة " لم تعد صالحة لهذا العصر , لعنة الله على هذه الثعلبة , فقد انتظرت مجيء العام الذي أخطب و أتزوج فيه لتقوم بغزو شامل لشعر رأسي هكذا , نكاية و حسدا . الواحد منا يجب أن يكون و اقعيـا . سأجرب هذه " يضع قبعة نابليون على رأسه " , ذاك الطبيب لم يحدد لي الأمور بدقة ووضوح . يقول : صدمة نفسية كنت قد تعرضت لها في وقت ما و هي السبب في سقوط شعر رأسي : كيف يمكنني أن أعرف هذه الصدمة ؟ فمنذ ولدت و أنا أتعرض للصدمات . أنا أصلا ولدت مصدوما ومن شدة الصدمة كنت أصرخ وأبكي,ولكن النسوة من حول أمي كن يزغردن, و كلما تصاعد بكائي تصاعدت زغاريدهن : - الغوث الغـوث يا الله , و الشفاعة يا رسول الله , ويا سيدي عبد القادر : مدد مـدد . ذكر و نشيط سنسميه : الله غالـب. عجيب لم يجدوا لي اسما إلا اسم الله غالب هكذا حتى أعيش مقهورا و إذا ما سقط غيري في نهر يفكرون في استعمال أياديهـم و أرجلهم للسباحة و إذا سقطت أنا أظل أفكر فيما إذا كان قـدري ذلك قدري ؟ . كنــت أبكي لأنني بالفطرة كنت أعرف بأن الحياة مشاكـل و هموم , كنت أبكي لأعبر عن رفضي للمجيء إلى هذه الحياة . أمي و أبي هما السبب , كانا يعبثان و خلقت أنا نتيجة لذلك العبث أنجباني و تركاني أعيش مصدوما : - تقدم , تأخر, أحذر, حذار, اجتنب , انتبـه , انظـر أمامك خلفك يداهمك الخطر , أحم شمالك و عن يمينك احترس . عشت خائفا و مصدوما , أخاف الحياة , وأخاف الموت . الجوع و الفقر و المرض و العجز و خيانة الناس , أنام و أنا خائف و لذلك لا أنـام , الموت في كل مكان : تدخل المقهى فيجلس بجانبك و يطلب منك سيجارة , تفتح الجريدة فتجده يطل بعينيه بين ثنايا الصفحات , تحتمي بالبيت فيراقبك عبر ثقب المفتاح , فوق السريـر هو يختبئ تحت السرير , وعندما يفتقد الأمان في هذه الحياة كيف يمكن أن نسميها حياة ؟ يجب أن أكون حذرا دائما وإلا سأموت , والأكيد أنني يوم أموت سأختم حياتي مصدوما وسيصدم موتي كثيرا من الناس,حتى قبري سأصدمه ربما من صدمته سيفر مني هم أيضا. ذات ملل غمرني الضجر فحملت فأسا و ذهبت متسللا إلى المقبرة , أتخير مكانا أحفر فيه لي فيه , قلت أخطف لي مكانا تحت الليل أضمن به موتة مريحة , أولاد الحرام خطفوا الدنيـا لأنفسهم من بين أيدينا فسجلوا البر والبحر و الهواء بأسمائهم و أسماء زوجاتهم و لم يتركوا لنا إلا المقابر ... و قبل أن اشرع في حفر قبري و أدعي أنه ملكي سمعت همهمة وحفيفا يغزو المكان ... مرعوبا كنت عندما التفت لأجد القوم من حولي يحتجون و بأيديهم فؤوس و هراوات ... ضاعت الدنيا من بين أيدينا فصرنا نتشاجر على الموت و مواضع الدفن ... نيرون فينا يرهقنا و يفنينا و في شطح نزواته يأمرنا فنحرق المدينة و في اللجج يتيه الشراع و تغرق بنا السفينة لو يدق باب بيتك أحدهم يرتفع ضغط دمك و تبتلعك الصدمة , لو ينقطع التيار الكهربائي تحس نفسك حشرة تحت قدم فيل , لو يضرط أحدهم في الشارع كل الناس يفرون , نشرة الأخبار صدمات في صدمات , لو يناديك أحدهم في مؤسسة عملك يصفر وجهك و تعتقد الموضوعالأصلي : الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: lotfifethi
| |||||||
الجمعة 27 مارس - 12:05:47 | المشاركة رقم: | |||||||
جوهري
| موضوع: رد: الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني أن المدير سيسلمك بلاغ تسريحك من العمل . ولكن هل أنا فقط معرض للصدمات ؟ كلنا مصدومون . فلماذا إذا يسقط شعر رأسي أنا فقط ؟ لو أصدق كلام الطبيب بخصوص نظرية الصدمة فإن الناس جميعا يسقط شعر رأسهم و أبدانهم , و هكذا تختفي الأسماء و نصبح ننادي بعضنا : - اسمع يا أقرع , لست أنت الأقرع بل ذاك الأقـرع الذي يجلس بجانب الأقرع الذي بجانبك . فـي أحد الأيام قام أقرع مثلي بسرقة شيء من السـوق فطارده الناس و الشرطة فراح السارق يجري في كل الاتجاهات مثل الفأر مذعورا و لأن الطيور على أشكالها تقع فقد لاحظ رجل أقرع مشهد المطاردة فاعتقد أن المجتمع يقوم بتصفية عرقيه لكل من هو أقرع فقام يجري ملتحقا بالسارق و عندما اقترب منه سأله عن سبب فراره فاخبره بأن القوم يريدون صناعة دف من جلد رأسه , وبكل حماقة أخرج الرجل الأقرع خنجرا وراح يمزق جلد رأسه قائلا في كبرياء : - لن تصنعوا من رأسي طبولا . بعد مدة من العلاج بلا فائدة عدت إلى الطبيب ليصف لي دواء آخر و بعد التفكير و المعاينة قال لي : - اسمع يا سيد الله غالب , يجب عليك أن تمكث في المستشفى عدة أيام تخضع خلالها للعلاج عن طريق الأشعة ما فوق الحمراء , فالأشعة وحدها قادرة على مقاومة هذه الثعلبة و بذلك ينمو شعر رأسك من جديد . - و لكن ما هو السبب الحقيقي في مرضي يا حكيم ؟ - الصدمة يا سيد الله غالب , لقد أخبرتك بأنك تعرضت لصدمة عنيفة في وقت ما و هي السبب في سقـوط شعر رأسك . - ألا يمكن أن يكون شيء آخر ؟ - يمكن ذلك و لكن الأقرب إلى المنطق في مثل حالتك أنك مصدوم . أقول لكم الصدق أنني لم أقتنع بالسبب الذي قدمه لي ذلك الطبيب , حتى و لو سلمت بكلامه فإنه لا يمكن لي أبدا معرفة الصدمة الحقيقية التي أسقطت شعر رأسي. الصدمات كثيرة و متتالية في حياتي الخاصة و العامة إلى درجة أن تاريخنا كله صدمات و صدمات : " يتأمل نفسه في المرآة " هذه القبعة في حد ذاتها تصدمني كما صدمت أجدادي سنة 1798 . ورغم محاولات الأطباء في تركيز الأشعة بانتظام على رأسي إلا أن كل جهودهم باءت بالفشل , الثعلبة اللعينة ازدادت انتشارا و قاومت الأشعة بإصرار كبير هذه القبعة ابتلعـت رأسي فصار منظري غريب " يأخذ العمامة " ماذا لو أضع العمامة فوق قبعة نابليون بونابرت . لقد ازداد رأسي ضخامة و غرابة صرت مثل الحمامة التي حاولت تقليد طريقة مشي الغراب فما استطاعت و عندما حاولت العودة إلى مشيتها الأصلية نسها فأصبحت مسخا بين هذا و ذاك . بهذه الهيئة يمكنني أن أنشئ حزبا سياسيا رجلاه هنا و رأسه ففي فرساي .و يمكنني أيضا تقديم برنامجي الانتخابي للناس : - أيتها السيدات و السادة يجب علينا نسيان الماضـي و تصفية الأحقاد , إننا شعب طيب و للنسيان فوائد نحن أبناء هذا العصر و لا خيار لنا إلا المعاصرة , البتـرول لم يعـد يكفي لسـد حاجياتنا و لذلك سنبيعهم هواءنا و سماءنـا و إذا أرادوا التراب سنحمله في أكياس و نصـدره لهم و المهم أننا نحتفظ بالجغرافيا , يمكننا أيضا تعديل القرآن إن اشترطــوا ذلك لقيام علاقات أخوية بيننا و المهـم هو الاهتمام باللغـات الحية لندخل العصر من بابـه الواسع . سياستي تقـوم على الانفتاح فلننفتح لتفتح الحياة أبوابها لنا .التفتح مطلب حضاري دعونا من التزمت و الانغلاق و سياسة النعامة التي تغـرس رأسها في الرمال كلما داهمها الخطـر فلنفتـح الأبـواب و النوافذ , و لندع الهواء يتدفق من كل الجهات . وإن كـان الهواء رياحا عاتية تحملنا إلى الشمال أو تحمل الشمال إلينا , فذلك أيضا مطلب حضاري . نريد أن نعيش أيتها السيدات و السـادة :احملوا الشموع و الفوانيس و غنـوا معـي : Live is life . " يصــفق " كلام رائع , أنا فعلا أصلح لقيادة حزب . التعددية مكسب جماهيـري و الواحـد منا يجب أن يكون ديموس قراطوس حتى مع نفسه فيطلب من نفسه انتخاب نفسه , هكـذا حتى يتحقق مبدأ التداول على السلطة , فبقـدر ما يضع رجلـه اليمـنى على اليسرى مثلا , يضع اليسرى على اليمنى ليدفع بالغبن على الجهة البائسة " يجلس و يخلط في وضع رجليه " حتى إذا ما اختلطت عليك الأمور ولم تعجبك نتائج الصندوق يمكنك تأسيس لجنة لانقاد نفسك من نفسك فتشنها حربا ضروسا ضد نفسك من أجل نفسك و " يسقط و يتمرغ " الأحمر ينبع من الأسود فالدماء تسيل بسبب الأفعال السوداء , و الأسود ينبع من الأحمر فعندما تسيل الدماء يتشح العالم بالحزن و السواد : " ينهض " المصالحة أيضا مطلب جماهيري و حتمية , و الواحد منا يجب أن يتصالح مع نفسه, فاليد الواحدة لا تصفق و الرجل الواحدة لا ترقص "يصفق ويرقص ويردد " نعم للاختلاف لا للخلاف , نعم للاختلاف لا للخلاف . هاتوا بطاقات أحزابكم لعلي أصنع منها باقة أزهار أهديها لوطني الحزين بدل أن تصنعوا منهـا قنبلة و نيرانا . " مستدركا " ولكن ما دخلي أنا في شؤون السياسة و النخاسة و النجاسة ؟ حزبي الوحيد هو دنيـا و الأكيد أن قبعة نابليون بونابرت لا تناسبني وأننـي إذا ما وضعت عليها العمامـة أصير مثل المهرجين في السيرك : " ينزعه " , ثم إن والد دنيـا أي صهري العزيز عنده حساسية مفرطة إزاء الأمور التاريخية فهو مازال يغالب ذاكرة النسيان و يصر على أن العدو عدو مهما غير جلده و خطابه .حسنـا سأجرب هذه ,ربما تكون مناسبة لظروف المرحلة : " يأخذ القبعة الروسية و يضعها على رأسه " إنها جيدة , تناسبني كشاب يواجه أهم خطوات الحياة . شكرا لكم يا أبناء سيبيريا و القوقاز , نظرة عميقة للوجود أنا فعلا ابن البنية التحتية و عانيت كثيرا من استغلال البنية الفوقية , آن الأوان للبروليتاريا كي تمتلك وسائل الإنتاج , آن الأوان لي للزواج من دنيا فالإنسان أثمن رأس المال , ستكون حياتي معها قائمة على العدالة و الإنسانية , و ستحبني كثيرا بعد الزواج فالمادة قبل الروح , جوع الجسد للجسد : أحببتها لأنني أعشق جسدها و ما يكتنزه من جمال جنسي آسر ... الشعر المتسربل كحصان جامح و النهدان تفاحتان و الحلمتان شهوتان لقبلة لم تكتمل و أنا أضيع في بحر عينيها ... نورس تائه بين الأمواج يستطلع الشاطئ بين الأفق و المدى ... في أعماقي تتصاعد رغبـة قوية للذوبان في جسدها , أحب الضياع على صدرها و أعشق الموت بين أحضانها . جسدها الطري الطازج أهوى امتلاكه و ملامسته بهدوء لعلي أتتبع خطوات الريشة التي رسمته ... يا المرأة في حنايا النساء , ما أجمل إنعتاق الأنوثة في محراب الذكورة. الملموس هو الأساس . من حقها أن ترفض مصاحبتي قبل الخطوبة و الزواج , يجب أن أقدم لها الدليل المادي على صدق حبي ... أكيد أن الملموس هو الأساس و لذلك فإن ربط ذلك الطبيب بين داء الثعلبة و الصدمة النفسية ربط غير صحيح لأنه لا يخضع إلى برهان مادي و لذلك ضاع العلاج بالأشعة سـدى . كنت متأكدا بوجود سبب مادي أدى إلى سقوط شعر رأسي فغيرت الطبيب و قصدت طبيبا آخر أجرى تحاليل مادية شملت كل أجهزة جسدي و أسفرت النتائج عن وجود التهاب في حنجرتي فصرح لي قائـلا : - لقد كشفت التحاليل يا سيد الله غالب عن وجـود التهاب في حنجرتك ومن المؤكد أن ذلك الالتهاب هو السبب في سقوط شعر رأسك . و إن شفاءك من الثعلبة يرتبط أساسا بشفـاء حنجرتـك من الالتهاب . اشرب هذا الـدواء و ستشـفى مـن المرضين . - هل أصبحت أعاني من مرضين بدل مرض واحد يا حكيم ؟ - نعـم هما مرضان مرتبطان : الالتهاب و الثعلبة. - جاء يسعى فخسر تسعة كنت سأسأله عن سبب التهاب حنجرتي و لكنني خشيت على أبناء البنية التحتية طول الانتظار أمام بابه , ثم إنني لو ناقشت معه مسألة الالتهاب ربما سيجري ذلك في الحديث عن قضايا سياسية ربما ستجني عليّ في النهاية , ثم إنني مقتنع تماما بالتحاليل المادية فلماذا التساؤل إذن الذي قد يجر إلى الشك في منهجية الملموس ؟ . و الحقيقة أن كل شخص هو في النهاية طبيب نفسه فلماذا أسأل عن سبب التهاب حنجرتي إذا كنت أعرف السبب ؟ . فالتهاب حنجرتي مرتبط بانحباس صوتي ... أنا عندي عسر في الصوت , فما أكثر الكلام الذي يتأجج في صدري فيندفع في لحظات الغضب خارجا كالحمم , و لكنني أكبح تلك الحمم على مستوى الحنجرة , و يبدو أن الحمم تراكمت حتى تمزقت حبالي الصوتية . فوقع لي التهاب في الحنجرة . أذكر أنني لم أعبر عن عواطفي الحقيقية إلا في لحظة الميلاد إذ كنت أصرخ بلغة البراءة معبرا عن الرفض , لم يفهمني أحد لكنني عبرت عن رأيي بصراحة . ماعدا ذلك عشت حياتي كلها في صمت . وكان الناس يعجبهم صمتي و في المدرسة علموني : - إذا كـان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب و كنت أتفوق على زملائي في الصف الدراسي بملاحظة : - مهذب و صامت .جيد جدا . قال لنا الكبار : - نحن نتكلم بدلا عنكم . و قال لهم كبار الكبار : - حرية التعبير حق دستوري , مارسوا حقكـم بالتصفيق عليــنـا . و بذلك صار كبار الكبار يتكلمون , و الكبار يصفقون مرة بأيديهم و مرات على وجوهنا " يتأمل نفسه في المرآة " . الثورة الزراعية و التسيير الاشتراكي للمؤسسات و بناء القرى الاشتراكية. ارقصوا يـا أبناء البنية التحتية فالبنية الفوقية تتهاوى . هذه القبعة تناسبني جيدا فهي مواتية لحجم رأسي و شكلي وتطلعاتي و لكنهـا لا تغطي كامل رأسي و بالتالي فالثعلبة لا تختفي تماما , يجب عليّ البحث عن حل يتمم الحل الذي وجدته و لا يلغيه و لا يتناقض معه سأجرب وضع العمامة فوق القبعة الروسية "يشرع في تنفيذ ذلك" رأسي صار خيمة في أعالي سيبيريا يا إخوان . حسنـا سأضع القبعة فوق العمامة " يشرع في تنفيذ ذلك " رأسي صـار كبيرا و القبعة لم تعد تحتويه. سأستعمل القوة و الذكاء , يجب على القبعة أن تتكيف مع حجم العمامة فهما لا يتناقضان دليل ذلك في التاريخ أن الصحابي الجليل أبادر الغفاري كان في صراع مستديم مع الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه و كان يخوضها حربا ضروسا منتصرا لأحلام الفقراء و البسطاء ز جاء وحده و مات وحده . نعم القبعة الروسية و العمامة لا يتناقضان " يحاول و لكنه يفشل " يجب أن أجد الحل , حبيبتي دنيـا في انتظاري , المنطقة الشرقية من رأسي يجب تتوازن مع المنطقة الغربية , كما يجب على الجنوب أن يكون في مستوى الشمال . جنوب جنوب في مواجهة الشمال شمال هذه القبعة فوق رأسي لا تستقر على حال " ينزعهـا " كانت محاولتي ستكلل بالنجاح لولا البيروستريكا , كل محاولات الإصلاح التي قمت بها فاشلة لأنها لا تستجيب لطابع خصوصيـة رأسي و لذلك فالحل في الخوصصة, مكاسب البنية التحتية يجب أن تصفى و تباع بالدينار الرمزي : ارقصوا يا أبناء البنية الفوقية قد عاد زمن الخماس الغصة في حلقي ومع ذلك يمكنك أن تقبلني يا شعب , عندي التهاب في الحنجرة تسبب في سقوط شعر رأسي , إني صامت و ألبي دعوة الانتخـاب, هكذا يمكنني وضع صوتي في صندوق الانتخابات . ولكن حتى صوتي المسكين الذي وضعته في الصندوق سرقوه فكيف لا يحدث لي التهاب في الحنجرة ؟ " يصـرخ " هم ينخرون السفينة و نحن دائما نتحمل مسؤولية تبعاتها و إصلاحها و عندما تتصارع الصقور في السماء تكون السنابل هي الضحية . ليس لي أي مساحة إلا موقع المتهم في كل الأحوال . أنـا الذي اختلست الأموال و أفلست المؤسسـات أنا الذي سرحتكم جميعا فاذهبوا فانتم الطلقاء , أنـا الذي وقعت كل الصكوك على بياض , سرقت الرمل و التراب و البحر و السماء و قدمته هدية لجميلات جزر البليار . أبدا لست أنا فوجهي وجهكـم . لا أعرف شيئا كنت ذاهبا لأرى دنيـا عندما حدث كل شيء , شاركت نعم شاركت في المسيرة الحمراء و الخضراء و البيضاء . عندي كل البطاقات " يخرج البطاقات من جيبه " هذه للسياقة و هذه للهوية قبل أن تكتشف وبعد أن اكتشفت أبعاد جديدة فيها :الفتوحات الدينية واللغوية والعرقية , هذه بطاقة المهنة : مهندس معماري في مؤسسة للبنـاء . وهـذه بطاقـة النقابـة : المؤسسات أفلست و مازالت النقابة تتحدث عن ضغط العمال و مطالب الطبقة الشغيلة . وهذه بطاقة الناخب تحمل تأشيرات كل المواعيد الانتخابية المرسمة و الملغاة . الانتخاب حق ولكنه عندنـا واجب هكذا ننتخبهم مدى العمر كي ينتخبونا كل عام . و هذه بطاقة الحزب عنـدي كل البطاقـات حسب الطلب ,جيوبي ممـلوءة بالبطاقات أما أنا فلست بطاقة و لذلك من حق البطاقات أن تتكلم نيابة عني في زمن الدليل البطاقي . شاركت نعم شاركت " يصرخ " أبـدا لم أشارك , والله لم أشارك . الجدار الذي ألفته و ألفني هو المسؤول, أستحق الشنق , أستحق الجحيم هذه الثعلبة برأسي جحيما لا يطاق, كرهت شرب الدواء و مللت الأشعة , يلزمني تحليل آخر و علاج آخر . نصحني المقربون باللجوء إلى حكماء السيد كامدسيس , سافرت إليهم أجر مرضي و تعبي, كنت مرهقا و كضفدعة هرمة ألقيت رأسي في مخابرهم , لم أعد أقوى على التفكير و التحليل , يجب عليّ أن أدع ما الله الله و ما لقيصر لقيصر , كل شيء يهون في سبيل القضاء على الثعلبة هم أقوياء هذا الزمن يجب أن أعترف بجهلي و عجزي , على طاولة المعاينة الطبية أخبرني الطبيب المعالج قائلا : - مستـر الله غالب مرضك وراثي , الفطريات التي تسببت في هذه الثعلبـة وراثــية. - كيف ذلك يا حكيم ؟ - من المؤكد أن أجدادك ورثوا لك هذا المرض الذي كـان كامنا داخل الجينات الوراثية و انتقل جيـلا بعد جيل ليظهر فيما بعد على شعر رأسك . - و لكن والدي رحمه الله لم يصب بهذا الداء فيما أعلم . كان له شعر أسود داكن لم يتسلل الشيب إليـه . قهر الجبال ودك حصون الأعداء فمـات شهيدا فداءا لحرية الوطن , أما والدتي فقد كان لها شعر ملائكي تستره بثلاث مناديل زاهية الألـوان . لـم يكـن في عائلتي أي شخص يعاني من داء الثعلبة . - نعم أعرف ذلك . هذه إحدى أهـم حقائـق علـم الوراثة و هي أن الأمراض الوراثية تبـدو على بعض الفروع دون آخرين , فهنـاك أعمامـك , وأخوالك و أجـدادك الأولـون . - هذه أمور تاريخية معقدة , فأصولي الأولى تمتد عميقا في أغوار التاريخ من تينهنـان و يوغرطـة قبل الميلاد إلى اليوم في دمي يسري تاريخ طويل عريض , ولكن لماذا أنـا بالضبط . - ربـما من سوء حظك , ولكن لا تبتئس فالعلاج موجود و مخابـر صناعة الأدويـة عندنـا متوفـرة و نشيطة يلزمك بعض الحقن و تنتهي مشكلتك . - حقـن ؟ تقول حقن ؟وأيـن تغرز هذه الحقن ؟ - في جلد رأسك , ليسري الدواء فيك و يقضي على تلك الفطريات . - تغرزون حقنا في رأسي ؟ هذا مستحيل , إذا كنت لا أطيق الحقن في مستوى مؤخرتي على ما فيها من لحم وشحم,فكيف أطيقها عندما تغرزونفي رأسي ؟ - لا تخف , سنحقنك بهدوء و عبر عدة مراحل, وفي مختلف البقع التي سقط منها الشعر . - ماذا ؟ هل تريدون جعل رأسي غربالا ؟ أنـا لا يمكن أن أوافـق على هذا العـلاج . شكـرا على نصيحتك يا حكيم . - ليس لك أي حل آخر سوى العلاج بالحقـن . - هاكم جسدي افعلوا به ما تشاءون ... أنتـم الموضوعالأصلي : الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: lotfifethi
| |||||||
الجمعة 27 مارس - 12:06:28 | المشاركة رقم: | |||||||
جوهري
| موضوع: رد: الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني " ساخرا " حقنة في رأسي ؟! يا له من علاج غريب ! و أغرب نه ذلك التحليل الذي يربط بين الثعلبة و الوراثة أتعجب فعلا كيف يسافر هذا الداء من غابر ماضي الأزمنة و ينتقل لست أدري على ظهر جمل أم حمار ليصل إليّ ثم ينفجر فـيّ . أكيد أن كلام ذلك الفوكوياما يندرج في سياق مؤامرة خطيرة تهدف إلى جعلي أتمرد على الأجداد . و أنـا طبعا لن أمكنهم من ذلك فأجدادي مصابيح سطعت شمسهم من الصين شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا . في الأول قالوا صدمة علاجها الأشعة ثم تحدثوا عن الالتهاب و الآن يقولون أن المرض وراثي علاجه بالحقن على مراحـل مثـل الجدولة. لن أستسلم لهم فجسمي يتمتع بمناعة جيدة قادرة على مقاومة الثعلبة . فقط يتعين على مناعتي أن تتحرك و تشرع في القضاء على الفطريات و الأجسام الغريبة . لابد من الاعتماد على القدرات الذاتية ,ففي جسمي ثروات طبيعية كثير ة ومتنوعة , ثم إن الاعتماد على الذات واحدة من أهم الوسائل المقاومة للمخاطر الخارجية . " يتأمل نفسه في المرآة و يتناول العمامة " . الله . الله . ما أجمل العمامة شكلها لطيف ووزنها خفيف و هي تناسبني كرجل لديه اعتزاز كبير بعطاءات الأجداد . فأنا أصيل و جذوري تمتد عميقة في التاريخ . لست لقيطا حتى أجحد بما أنعم به عليّ أجدادي الأعزاء " يضع العمامة على رأسه " سأذهب إلى حبيبتي دنيـا هكـذا واضعا على رأسي تاج المجد التليد " يضع العمامة على رأسه " وسيزداد إعجابها بي لأنها ستلاحـظ ذوقي الأصيـل و ستدرك بأنني لست من نوع أولئك الممسوخين و المستلبين . دنيـا فتاة أصيلة و أخلاقها عالية . أعرف كل تفاصيل تاريخها , فهي من عائلة عريقة لا تتهافت على الماديات بقدر ما تتمسك بالقيم , ثم إنني بصراحة لست عريس غفلة كما يقولون , فحبي الشديد لها لم يمنعني من السؤال عنها و عن عائلتها و علاقاتها داخل الأسرة و في محيط عملها بالمدرسة الابتدائية حيث تشرف على تربية الأطفال و تنشئتهم . سنوات عديدة وأنا ألعب معها دور الحارس الملائكي فما أكثر أولاد الحرام ! وما أقل أولاد الحلال مثلي فرغم كثرة عشاقها و تباين أجناسهم فإنها كانت دائما تصدهم عنها و ترفضهم . و لم تنطل عليها مختلف الحيل الشيطانية التي استعملوها لجعلها تخضع لهم . و طبعا فإن الأصيل لا يمكن أن يتزوج إلا الأصيلة , هكذا الطيور على أشكالها تقع , و بالنسبة لي فقد وافق شن طبقة , و لذلك قبل أن توافق على خطبتي لها أختبرتني و تأكدت من صدق مشاعري و صفاء سريرتي . أعجبتها شخصيتي و حرصي الشديد على المبادئ السامية . أنا أيضا من عائلة عريقة تقدر القيم عشت يتيما بعد استشهاد والدي في ميدان الشرف , لكـن والدتي رحمهـا الله أرضعتني الأخلاق الفاضلة و سقتني الرجولة و كانت تذكرني دائما بأنني أحمل خانة على خدي مثل والدي . فكانت حياتي كلها استقامة و شخصيتي مضرب المثل لأقراني . " يحلـم " بيتنا نبنيه على أسس متينة فالحلال بين والحرام بين و بالنسبة للمشتبهات نتشاور في شأنها . و سأختار لأبناء أسماء من وحي هذه العمامة : الذكور أسميهم مثلا : محمـد و عمر و خالد نعم هكذا و ليس مايكـل و بـوب و دافيـد . أما الإناث فأسميهم مثلا: خديجـة و عائشـة و فاطمة نعم هكذا و ليس مـاري و كلوديا و مونيكا زواجنا سيكون رسالة نؤديها , وسنعمل معا على تربية أبنائنا تربية سليمة, فنرضعهم قيم الأجداد . لا يجب أن يرثوا داء الثعلبة مثلي , و لذلك قبل أن نتزوج يجب أن أشفى تماما من مرضي . أبنـائي أبريـاء " يحك رأسه فتسقط العمامة " . اللعنة على الثعلبة أخشى أن أتعرض إلى مثل هذا الموقف عندما أذهب لخطبة دنيـا فيظن صهري أنني أجرب , عاري يجب أن أقضي عليه أو على الأقل أستره و الاحتياط واجب , حسنا يلزمني قبعة أقل حجما من العمامة حتى إذا ما سقطت العمامة بفعل الدلك والحك أظل أحتفظ بالقبعة على رأسي فلا تظهر الثعلبة . تعالي أنت يا نصف حصّارة "يأخذ القبعة اليهودية " صغيرة الحجم لكن مشاكلها كبيرة "يضع القبعة اليهودية على رأسه ثم يضع العمامة " هكذا أحسن , رأسي صار أكثر حرارة و لكن لا بأس لن يلاحظوا أنني أضع قبعتين , ثم أليس هذا نوع من التطبيع ؟ التطبيع اليوم مطلب أساسي ومن الأحسن اجتناب تعقيد الأمور فمن يرفض التطبيع جهارا نهارا يمارسه سرا ليلا . ذاك الطبيب مشبوه إذ يدعي أنني ورثت الثعلبة عن أجدادي يشهد التاريخ أن أجدادي كانوا سادة العالم علما و قوة , شكـلا ومضمونا . كيف يعقل أن أرث المرض عن أجدادي , الناس يرثون المال و الأرض و الثقافة و أنـا أرث المرض ؟ إذا صدقت ذلك فمصدر المرض ليس أجدادي الحقيقيين و إنما من مصادر أخرى . ربما هو نتاج الزواج الذي وقع بين مسيلمة الكذاب و سجاح التميمية . أو ذلك الذي جرى بين ملوك الطوائف . أو ربما يكون الميكروب المتسبب في داء الثعلبة قد أعد إعدادا في مكان مـا : جبل صهيون مثلا , السماء ذاتها اليوم صارت تعاني من الثعلبة فهل أجدادي هم سبب ثقب الأوزون ؟ " يحك جلد رأسه فتسقط العمامة و تظل القبعة على رأسه " ها هما يتشاجران على رأسي . هذه النصف حصارة تريد السيطرة . يبدو أنها ارتاحت على رأسي .أتعجب كيف أنها صغيرة و مع ذلك لا تسقط : " يتمثل البكاء أمام المرآة " شالوم – شالوم مشردون مطرودون , شعب الله المختار , أرض الميعاد . لماذا لا يأخـذون الحائط و يتركون لنا المدينة ؟ عجيب كالفئران ينبشون الأرض ! عن أي شيء يبحثون ؟ اضربي يا حجارة فما بقي في اليد غير الحجر . هذه القبعة مهزلة . صرت أشبه صناع الفطائر و الزلابية " ينزعها ويعيد وضع العمامة على رأسه " هكذا أحسن لولا مشكلة الحك و الدلك . كم حاولت تجاهل رغبتي المتعلقة أساسا بشهوة جلد رأسي في الحك ! و لكنني لم افلح أبدا و الغريب أنني كلما حككت رأسي تساقط الشعر أكثر . ربما يكون ذلك بسبب الحقن التي انغرزت في جلدي رأسي فجعلته كالغربال , فازدادت البقع انتشارا و معها امتلأ رأسي بالقروح , فصرت أميل إلى العنف و العدوانية. أصبحت أحس أن كل الناس هم أعدائي و أنني لا أتفق معهم في شيء لم أستطيع التكيف معهم فهجرتهم جميعا و انعزلت عن المجتمع و الناس و حتى أقاربي و جيراني و لم أعد أحدثهم . ثم أنني في هذه الدنيا يتيم ووحيد و لذلك أنا ذاهب لخطبة دنيـا وحدي دون أن يرافقني أحد , لقد اختلفت مع قومي حول المسار الذي يجب أن نقيم عليه الطريق المعبد الذي يربط باديتنا بالمدينة . هذا الحلم الذي انتظرناه جميعا بشغف كبير , و بعد طول انتظار و شكاوى و وعود كاذبة من طرف مختلف الأحزاب السياسية التي تخطب ود سكان البادية في كل مناسبات انتخابيـة أخبرونـا بأن ميزانية المشـروع جاهـزة و سيشرعون في تعبيد الطريق قريبا . ومن شدة السعادة أقمنا الأفراح والليالي الملاح و غنى الأطفال الأناشيد المدرسية و قبل أن تكتمل فرحتنا تماما تحول مشروع الطريق المعبد إلى فتنة عصفت بسكان البادية فهذه جماعة تريد أن يأتي الطريق من جهة الجنوب الشرقي و جماعة أخرى تريده أن يمر عبر حقولهم الزراعية لاستغلاله في الشحن و كان لعمي بوجمعة و أتباعه من العمال في مصنع المشروبات الذي أقامه بجانب البئر الوحيد بالقرب من البادية رأي ثالث فهو يريد أن يعبر الطريق بجانب مصنعه و رغم أنني أحمل شهادة مهندس معماري حصلت عليها بعد رحلة عذاب وشقاء في المدارس و الجامعات إلا أن أحد منهم لم يأخذا برأيي و لم أمنح مجرد شرف الاستشارة. صحيح المثـقف عندنا مهمش و لا يبالي به أحـد . يطلبون منه أن يكون براحا أو مداحا وإن شاء طبالا أو مهرجا في المعبد . لقد وقع الصراع و لم تفلح تدخلات العقلاء في فض النزاع فكل جماعة متمسكة برأيها و ترى في مشروع الطريق المعبد حقا لها وحدها و هكذا تحول المشروع إلى فتنة فتم إلغاؤه تماما و يبدو أن هذا الإلغاء قد أرضى كل الجماعات المتصارعة , فرأيت أنه لم يعد لي أي سبب في البقاء مع هؤلاء القوم فهجرتهـم و سـافرت في أرض الله أبحث عن لقمتي و راحتي ,فمنّ الله علـي بوظيفـة في إحدى المؤسسات و كان لقائي بالمدينة حيث العمل و السكن و أغلى و أجمل من كل ذلك لقائي بدنيـا , أنا ابن الريف الطاهر جئت فاتحا أبواب المدينة فانفتح قلبي على الحب الكبير لقد هجرت قومي و أهلـي , ثم إنني فعلا لست في حاجة إلى أي أحد لأن الجحيم هم الآخرون و إنني مادمت سأتزوج دنيـا فما حاجتـي إلى الناس ؟ ما حاجتي إلى القمر و النجـوم إذا كانت الشمس معـي ؟ " يحك جلد رأسه فتسقط العمامة " هذه العمامة لا تثبـت على رأسي . التراث يلزمه قراءة عميقة ليثبت في مواجهة تحديات العصر و إذا سقطت تحتاج إلى وقت طويل لإعادتها بشكل سليم. و الغريب أنني كلما و ضعتها تزداد رغبتي في حك جلد رأسي.يبدو أن الحقن التي تقاوم المرض الوراثي لا يحتمل الأشياء الوراثية . ماذا لو حصنت العمامة بهذه القبعة : " يأخذ القبعة الأمريكية و يضعها فوق العمامة "صرت مثل ملوك البترول , ورغم غرابة منظري إلا أن فيه لمسات إبداعية جديدة . يمكنني أن أصبح عارض أزياء و لا داعي كي أعمل لصالح دور الخياطة يمكنني تأسيس دار للخياطة خاصة بي " يتأمل نفسه في المرآة " هناك مزيـج بين قـوة الماضي وقوة الحاضر.هذه القبعة تظلل سمائي من كل شيء و فوق ذلك لم يعد هناك أي أثر ظاهري للثعلبة و القروح "يحك جلد رأسه فتسقط القبعة "لولا الحقن ما كانت لأحك جلد رأسي من السهل القول بأن الحداثة تساوي الأصالة زائد المعاصرة و لكن من الصعب جدا عمليا التوفيق بين التراث و روح العصر . حسنا سأنزع العمامة و أكتفي بوضع القبعة فقط هكذا حتى إذا ما سقطت يسهل عليّ إعادة وضعها من جديد.وإذا كان من الضروري التزين بالعمامة فيمكنني وضعها على خصري على شكل حزام "ينفذ ذلك "صرت راقصا يا إخوان "يرقص على وقع أنغام أغنية مختارة " لم أكن أعلم أنني أحسن الرقص إلى هذه الدرجة, بطني و مؤخرتي يهتزان في انسجام كامل ورغم تمايلي في الحركة فإن القبعة لا تسقط , يبدو أنني عرفت أخيرا كيف أضع كل شيء في موضعه. القبعة على رأسي و العمامة حزام على خصري و هات يا دنيا رقصيني للصباح , حتى إذا ما الديك صاح يمكنك السكوت عن الكلام المباح . دعينا ننام نهارنا فالليل للهرج والمرج . سأجعل البيت مرقصا فالسعادة هي الأساس يجب أن أضحك لأنسى سنوات الغضب و الهموم , الحزن شعور قاتل فما جدوى الحديث عن الهزيمة و النكسة ألم يقل الأولون :أضحـك للدنيا تضحـك لـك . فلنقاوم الهزائم و الأحزان بالضحك و القهقهات " يضحك "مالدموع و الآهات إلا مشاجب للفـاشلين و المهزومين فليكـن الأمـل قمـرا يتراقص في عيوننا و الحمد لله ففي اللغة العربية عبقرية خاصة فكلمة ألم يمكن أن تصبح أمل بمجرد جعل الميم مكان اللام هكـذا: أحفظ الميم تحفظك "يضحك " , وإن الغاية تبرر الوسيلة . العالم اليوم صار قرية صغيرة بل عمارة واحدة . " يرقص وينط مثل قرد ثم رن الهاتف " - آلـو ... دنيـا حبيبتي الغالية ... لا إنني لا أفعـل شيئا ... كيف كنت أرقص فقط ... فهل كنت ترقصين أيضا ؟ كيف أنسى الموعد ؟ لم يبق من الوقت إلا القليل , حـاضـر سأكون جاهزا نعم , نعم , نعم , قبعة مناسبـة وعصريـة , حاضر حاضر . " يتأمل نفسه في المرآة " كـاد الرقص يلهيني عن موعد الخطوبة , حفظ الله حبيبتي دنيـا فلولا أنها ذكرتني كنت سأنساق مع الرقص " ينزع العمامة عن خصره " هل أنا ذاهب إلى خطوبة حيث يجب عليّ التحلي بمظاهر الرجولة والشهامة أم إلى مرقص اللعنة كدت أنسى موعد الخطوبة. منذ أن أصبحت أتناول الحبوب المضادة للقلق صارت تنتابني حالة من الشرود و النسيان . لقد أكد لي كل الأطباء بعد تجربة طويلة في المعاينات و استعمال مختلف طرق العلاج أن داء الثعلبة الذي عاني منه هو بسبب القلق و أن علاجي يكمن في تجنب أسباب القلق و في تناول أنواع من الحبوب تساعدني على الهدوء النفسي و النوم , و جميع الأطباء في النهاية بشروني بزوال الثعلبة و نمو شعر رأسي من جديد . ولقد انتصحت و شرعت في شرب الدواء بانتظام و تجنب القلق : صوت : تتواصل عمليات كلب الصحراء لإجباره على الخضوع للتفتيش . الله غالب : فتشوه كما تشاؤون و ما دخلي أنـا ؟ صوت : شتموا بعضهم بعضا ثم اتفقوا على التنديد . الله غالب : ألفناها فصارت طبيعية . صوت : أزمة السكن و البطالة و انتشار الآفات الاجتماعية و المخدرات الله غالب: " يشرب الدواء "المخدرات أيضا تساعد على الهدوء النفسي . صوت : اختلسوا أموال الشعب و خزنوها في البنوك الخارجية . الله غالب : أذكياء ضمنوا مستقبلهم و مستقبل أبنائهم إلى خمسة أجيال . صوت :الفقر والجوع و المرض و الجهل و القمل و تسريح العمال . الله غالب : اذهبوا فأنتم الطلقاء . صوت :علموهم اللغة العربية و علموا أبناءهم اللغات الحية . الله غالب : عندنا المجالس العليا . صوت : رفضوا الأرض مقابل السلام و قبلوا مبدأ السلام مقابل السلام . الله غالب : ليأخذوا الأرض و إن أرادوا سنعدل لهم القرآن . صوت : سقطت مائة ضحية . الله غالب : يرحمهم الله . صوت : انتشرت ظاهرة الانتحار . الله غالب : لن أنتحر فالحياة جميلة " يشرب الدواء " كن جميلا تر الوجود جميلا . سأقاوم القلق و لن أجعله يتمكن مني "ينزع القبعة الأمريكية و يلبس القبعة العسكرية " هكذا أصبحت أرى بوضوح أكثر. الانضباط واجب. صارت الحياة أمامي تمتد كساحة للمعركة. هذا هدف و ذاك هدف و الآخر هدف , العدو في كل مكان و يتعين علـيّ مزيدا من الحرص و الاحتراس الغفلة غير مسموح بها و يجب عليّ أن أحسب كل شيء بدقة متناهية سأفتحها حربا شعواء ضد الحياة , و أجعل من البت قيادة للأركـان . المدينة غـدارة و أنا ابن الريف الباحث عن كيانه وأشلائه يجب علـّي أن أصـون الخانة على خدي : جلافة الريـف و دعارة المدينـة من جهة و طهارة الريـف ورقة المدينـة من جهة أخرى سأكون حذرا جدا عندما أقابل صهري بعد قليل و لن تخرج من فمي كلمة إلا بعد أن أعرضها على الميزان , بهذه الطريقة فقط أجعله يخضع لشروطي أنا و لن أخضع لشروطه . سأستعرض قوتي و أجعله يستسلم دون قيد أو شرط " يسير بخطوات عسكرية " الحوار فوضى لا طائل من ورائها الأوامر هي الأساس , سأقول له آمرا : - زوجني ابنتك . وسيقول لـي : - حاضر , خدهـا . لن أسمح له بالمناقشة , ولن أعطيه الفرصة لمجرد التعليق . كل شيء سيسير بطريقة عسكرية دقيقة : أمر , نفد " يتأمل نفسه في المرآة " أنا الذي أحكم و بالتالي فأنا أقرر و على الجميع أن يروا ما أرى و أن يحبوا ما أحب و أن يكرهوا ما اكره , لأنـني في النهاية أنا تساوي هم , و إذا عطست أنا يجب أن ينتشر الزكام , أما إذا ابتسمت و هذا نادرا ما يحدث : تشرق الشمس و تغرد الأطيار و أول درس ألقنه لدنيـا هو أن تتعلم كيف تقول لي : أمرك مجاب مطاع يا سيدي . داخل هذه القبعة توجد قوة سحرية لا تقهر , أحس أنني قنبلة قابلة للانفجار في أي لحظة و هذا ما يجعل المحيط من حولي في حالة خوف دائمة . و ما أجمل أن يخافك الناس ! يمنحك ذلك شعورا بالقوة و الجبروت : جبار أنـا جبار قهار أنـا قهار فانسحقي يا حشرات فأنا و ما بعدي الطوفان . أما هذه الثعلبة ستصير على رأسي تاجا و مفخرة و ستصبح واحدة من أهم القيم الجمالية القابلة للمحاكاة و التقليد : " ينتبه إلى نفسه " هل أنا ذاهب إلى خطوبة أم معركة وما معنى جبار و قهار وهذه الثعلبة تشعرني بالضعف و العجز و الشعور بالدونية ؟ و كيف يمكن أن أظفر بالحب عن طريق نشر الخوف ؟ في أعماق يبكي هتلر أمام ايفابراون ويقول لها : - ليس أنا الذي لا يحبهم و لكن المشكلة أنهم هم الذين لا يحبونني . " ينزع القبعة العسكرية " القلق يزداد أكثر بداخلي و الأطباء نصحوني باجتناب كل ما يزعجني ويقلقنـي و يثيـر أعصابـي : "يشرب الدواء " هذه المهدئات مفعولها سريع و اللحظات مني هاربة دون أن أهتدي إلى اختيار قبعة مناسبة مازالت هذه لم أجربها : "يأخذ القبعة الإيطالية " العالم ملعب فإما أن تلعب أو تكون كرة تتقاذفها الأرجل , سأختار اللعب مع الكبـار و اتخذ من الصغـار ساحة للعب ,وليس في ذلك أي عيب ما دامت الغاية تبرر الوسيلة , و إذا كانت التجارة تقتضي وجود بائع و شار فسأكون أنا البائـع " يتمثل مشهد البيع " هنا دكان لبيع كل ما تشتهي النفس الأمارة بالسوء : أسلحة فتاكة تقدم مشاهد رائعة للموت و الخراب . كتب لنشر الفساد و الرذيلة . أفلام عارية , تذاكر مجانية لقضاء أوقات ممتعة في أرقى المراقص و المواخير,حبوب ألفيا غـرا لتـدفق المني انسجاما مع تدفق البترول , برامج حزبية لنشر الأمراض و المجاعة مخدرات تجعلك تنسى اسمك و لقبك و تغرد مثل العصافير . هنا دكان لبيع كل شيء مفقود في السوق : حليب فاسد للرضع ,خيوط العمليات الجراحية , مواد غذائية غنية بفيتامينات البوتيليزم ,المزاد مفتوح:البلاد للبيع من يفتـح المزاد ؟ " يحلـم "أفتح في كل بنك حسابا جاريا فتتدفق الأموال بكل أنواع العملات فأصبح حوتا ضخمـاله موقعه المحترم في أعالي البحار . المال يرفعك إلى أعلى مراتب السيادة في عالم كل شيء فيه للبيع الاقتصاد الحر يجعل الصغار أرجوحة يتسلى بها الكبار " يتأمل نفسه في المرآة " منظري مثل رجل أعمال و إن العين الشغوفة بحب المال لا تنتبه للثعلبة .سأذهب إلى دنيـا و أخطبها تماما مثلما اشتري بضاعة . سأقول لصهري : - هاهو الشيك موقع , يمكنك أن تكتب عليه المبلغ الذي يناسبك . سأعامله بمنطق اقتصاد السوق هكذا دعه يعمل أتركه يمر أو دعه يدفع دعه يتزوج " يتأمل نفسه في المرآة " هذه القبعة مناسبة و لكنها لا تغطي كامل رأسي , فبقع و قروح القحف باديـة للعيـان " ينزعها ويشرب الدواء "بدل أن ينمو الشعر صار القلق ينمو و يزهر بالأشواك " يحك جلد رأسه فيتساقط الشعر " كل القبعات جربتها و لم أجد أي واحدة تناسبني , موعد الخطوبة قد حان و لم أجهز نفسي بعد ولكن أين الشعر الاصطناعي الذي اشتريت من السوق؟ . " يفتش عنه داخل الكيس ثم يخرجه " تعالى هنا يا حبيبي و يا أملي الأخير , أنت وحدك الذي تنقدني من ورطتي , بحثت عنك طويلا في مختلف متاجر و دكاكين السوق و لم أعثر عليك إلا بصعوبة . السوق كان عامرا بالناس و كانت مشاهده عجيبة . بعيني رأيت الناس يسيرون إلى الخلف , رأيت الحمار يركب صاحبه , رأيت الأطفال يحتفلون و يغنون طربا بموت آبائهم . سمعتهم يسبون و يشتمون كل شيء . اختلطت الأمور وضعت أنا في الزحام أحدهم لاحظ علـيّ ذلك فقال لـي : - يا ضائع و قبل أن أجيبه رد عليه آخر قائلا : - كـلنا يا صاحبي ضائعون فجريت نحوه و سرت إلى الخلف مثله كي لا يغضب ثم سألته -أين أنـا ؟ - في الهواى سواء - نعم و لكن أين أنــا ؟ - في للبيع - أبحث عن شعر اصطناعي ففي أي محل أجده؟ - أنت تبحث عن شعر اصطناعي فقط . ما أبسط مشكلتك وما أعظم مصيبتي أنا الذي أبحث عن وجهي ! . فهل بإمكانك أن تقول لي من أنـا ؟ -أنت ... أنت واحد - إذن فأنت مثلي واحد , يعني أنا و أنت نساوي أحد عشر و إذا التحق بنا ذلك الشيخ سنصبح واحد زائد واحد زائد واحد تساوي مائة و إحدى عشر. و قبل أن أصحح له الحساب التحق بنا الشيخ و سألنا . أرجوكما:قولا لي من أين أتيت أنـا ؟و إلى أين أنا ذاهب ؟ الموضوعالأصلي : الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: lotfifethi
| |||||||
الجمعة 27 مارس - 12:06:50 | المشاركة رقم: | |||||||
جوهري
| موضوع: رد: الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني قال الباحث عن وجهه : - نحن مختطفون في الزمان و المكان لم أهتم بكلامه و واصلت البحث عن الشعر الاصطناعي حتى وجدته فاشتريته , و يبدو أنه أملي الوحيد بعد أن فشلت كل القبعات في اعتلاء رأسي المريض بالثعلبة "يضع الشعر الاصطناعي على رأسه " لقد اختفت الثعلبة تماما و لم يعد هناك أي أثر ظاهري للبقع و القروح , صار لي شعر يتسربل على رأسي في خيلاء " يتأمل نفسه في المرآة " إنه شعر اصطناعي و لكنه يشبه تماما الشعر الطبيعي , ليس مهما أن يكون مستوردا من الخارج , المهم أنه شعر و كفى و الأكثر من ذلك أنه لا ينمو و بالتالي لست في حاجة للذهاب إلى الحلاق كل مرة , كما أنني لست في حاجة إلى استعمال المشط متاعب كثيرة صرت في غنى عنها , فقط يتعين علـيّ و ضعه على رأسي كل صباح بإحكام و يمكنني أن أخرج إلى الناس دون أي شعور بالنقص فعلا لقد أصبح الاستيراد يغنينا عن كل المتاعب : ربما يكون الشعر صينيا أو يابانيا و المادة اللاصقة مستوردة من أمريكا أو أوروبا في حين أن القماش من الهند أو روسيا ثم تجتمع كل المكونات في مكان ما , لتتم الصناعة و التصدير نحو الشعوب المريضة بالثعلبة " يحك جلد رأسه فيسقط الشعر الاصطناعي " بمجرد أن ذكرتها قالت : أنا هنا , ما العمل مع رغبة الجلد في الحك و الدلك , و كيف أتصرف إذا ما تعرضت إلى نوبات الحك و أنا في بيت دنيـا أمام حماي و حماتي التي حتما أنها تراقب أدق التفاصيل ؟ هل أستأذنهم و كأن شيئا لم يحدث ؟ و إذا ما تكررت العملية ؟ ستقول عني حماتي : - خطيبك يا دنيـا يشكو من إسهال " يتأمل الشعر الاصطناعي " لا أظن أنهم لن يلاحظوا بأنه مجرد شعر اصطناعي . وربما سيتصورون ما أخفيه عنهم شيئا رهيبا.هكذا هو الإنسان له تصورات غريبة لكل الأشياء أخفيته ,و الخيال نشيط جدا في مثل هذه الأحوال. الناس قديما لم يكونوا يعرفون حقيقة الزلازل فتصوروا أن الأرض محمولة على قرن ثور و كلمـا تحركـت تحت أقدامهـم , يتصورون أن الثور قد تعب فحول الأرض من قرن إلى آخر.طوبى لك يا غاليلي : فعلا و مع ذلك فهي تدور . موعد الخطوبة قد حان و أنا مازلت غارقا في بعبع هذه الثعلبة " يأخذ القبعات من جديد و يشرع في وضعها على رأسه بلا فائدة "أحلم بالإحساس بأنني مثل سائر الشعوب و الناس, أحلم بحب و دفء دنيـا بين أحضاني , ولكن الثعلبة تقهرني و تشعرنـي بالعجـز و الدونية , أتأمل نفسي فتسخر مني المرايـا و تفضحني , و عبثا أحاول إخفاء دائي عبثا أبحث عن قبعة تسترني , قبعة واحدة تناسبني , و تنسجم تماما مع شخصيتي و تطلعاتي قالوا صدمة و في حياتي صدمات و صدمات , و قالوا التهاب و اللهيب في أعماقي يشتعل , و قالوا داء وراثي رضعته من ثدي الأجداد و لكن أجدادي عظماء و أبرياء من وجعي و ألمي و دائي ويحها النار التي تلد الرماد . ويحه حاضري الضائع بين تاريخ دافق بالبطولات ومستقبل مفتوح على الإلغاء و الغياب و العدم. و قالوا أن القلق الذي يجعل الحياة جحيما سبب المأساة . عبثا حاولت معالجة دائي بالأشعة و شرب الأدوية و تجنب القلق " يسقط على الأرض " ليس مهما أن تسقط فالسقوط من حتميات جدلية التاريخ و لكن المهم أن تنهض و تلك سمة الرجال . دنيا بانتظاري و قلبي ينبض بالحب و الوفاء و هذه الثعلبـة إن سترتهـا تفضحـني و إن فضحتها تختفي , النور وحده قادر على إخفائها . لقد أكد لي حكيم الحكماء أن الثعلبة إذا غطيتها بقبعة ستزداد انتشارا و إذا عرضتها للنور و الشمس تختفي " يأخذ أدوات الحلاقة ويشرع في حلق رأسه " هكذا تختفي البقع تماما و بفضل النور ينمو شعري من جديد . الضوء سر الحياة و سحرها الغامر , وإن العيون أسيرة الظلام لا تبصر شيئا ." يتأمل نفسه في المرآة "اسطعي يا شمس على رأسي و تدفقي يا أنوار , فالوداع يا شقائي و بؤسي ففي سمائي تغرد الأطيار , هو ربيعي يرفل بالتقدم و الازدهار " يأخذ ياقة الورد " : أنــا قادم يا دنيـا فقد حانت ساعة الخطوبة : " يقوم بإصلاح الساعة الحائطية فنسمع دقاتها ". قادم من رحم أكوام الرمال تتماوج كثبانا و سرابا خلفي , و جبال من الجليد الصلد تمتد أمامـي ... كم أتعبتني الخطوات و أرهقتني السنوات ... على قمة الدنيا وحيدا كنت أغالب الصخرة و أكتم الصرخة ... قادم إليك يا دنيـاي من حرقة الشوق قمرا يخترق الدياجر ...عاشقا يعانق سحر الحياة ورضاب شهوتها الأولى صقرا يغازل الأجواء و في كبرياء يكتسح السماء ... ومن ترانيم حبي الطافح يذوب الجليد و يتدفق أنهارا و جداول تغمر الصحراء القاحلة فتبوح الأرض بسرها الأزلي و سحرها الغامر و يرقص الربيع رافـلا في الخمائـل و الغيطـان . أراني في عينيك طفلا ينام بين يديك يغمره الحب و السعادة و الأمان ... و أراك في قلبي منتهـى الطمـوح و الأمـل تمت في 12 /01/1999 منقول الموضوعالأصلي : الثعلبة والقبعات ملخص المونولوج : تاليف احسن ثليلاني // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: lotfifethi
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |