الجمعة 30 مايو - 23:22:55 | المشاركة رقم: |
Admin
إحصائيةالعضو | عدد المساهمات : 18167 | تاريخ التسجيل : 16/06/2009 |
|
| موضوع: الحمله الفرنسية الحمله الفرنسية
- لقد تعرضت مصر على مر تاريخها لحملتين صليبيتين في عهد الدولة الأيوبية ، وكانت الحملتان تقودهما فرنسا ، أما الأولى فقد عرفت بالحملة الصليبية الخامسة ، وكانت بقيادة ( جان دي برس ) ، وأما الأخرى فقد عرفت بالحملة الصليبية السابعة ، وكانت بقيادة ( الملك لويس التاسع ) ومنيت الحملتان بهزيمة مدوية عامي 618 هـ - 1221م و 648 هـ - 1250م وخرجتا من مصر .
[--*]إلا أن احتلال مصر كانت رغبة قوية لدى فرنسا ، وبقيت أملا لسياستها وقادتها ينتظرون الفرصة السانحة لتحقيقها متى سنحت لهم ، وفي سبيل ذلك يبعثون رجالهم إلى مصر على هيئة تجار أو سياح أو طلاب ودارسين ، ويسجلون دقائق حياتها في تقارير يرسلونها إلى قادتهم .
[--*]ولما بدأ الضعف يتسرب إلى الدولة العثمانية أخذت فرنسا تتطلع إلى المشرق العربي مرة أخرى ، وكانت تقارير رجالهم تحرضهم بأن اللحظة المناسبة قد حان أوانها ولابد من انتهازها.
[--*]وكشفت تقارير سانت بريست سفير فرنسا في الأستانة منذ سنة 1768م والبارون دي توت والمسيو (مور) قنصل فرنسا في الإسكندرية ضعف الدولة العثمانية ، وأنها في سبيلها إلى الانحلال ، ودعت تلك التقارير إلى ضرورة الإسراع باحتلال مصر، غير أن الحكومة الفرنسية ترددت ولم تأخذ بنصائحهم ، احتفاظا بسياستها القائم ظاهرها على الود والصداقة للدولة العثمانية .
- [--*]وبعد أيام قليلة من تقديم تقرير مجالون ، تلقت حكومة فرنسا تقريرا آخر من - تاليران - وزير الخارجية ، ويحتل هذا التقرير مكانة كبيرة في تاريخ الحملة الفرنسية على مصر ، حيث تعرض فيه للعلاقات التي قامت من قديم الزمن بين فرنسا ومصر وبسط الآراء التي تنادي بمزايا الاستيلاء على مصر .
[--*]وقدم الحجج التي تبين أن الفرصة قد أصبحت سانحة لإرسال حملة على مصر وفتحها ، كما تناول وسائل تنفيذ مشروع الغزو من حيث إعداد الرجال وتجهيز السفن اللازمة لحملهم وخطة الغزو العسكرية ، ودعا إلى مراعاة تقاليد أهل مصر وعاداتهم وشعائرهم الدينية ، وإلى استمالة المصريين وكسب مودتهم بتبجيل علمائهم وشيوخهم واحترام أهل الرأي منهم ، لأن هؤلاء العلماء أصحاب مكانة كبيرة عند المصريين .
[--*]
قرار الحملة :
- [--*]وكان من أثر التقريرين أن نال موضوع غزو مصر اهتمام حكومة الإدارة التي قامت بعد الثورة الفرنسية ، وخرج من مرحلة النظر والتفكير إلى حيز العمل والتنفيذ ، وأصدرت قرارها التاريخي بوضع جيش الشرق تحت قيادة نابليون بونابرت في 12 أبريل 1798م .
[--*]وتضمن القرار مقدمة وست مواد ، اشتملت المقدمة على الأسباب التي دعت حكومة الإدارة إلى إرسال حملتها على مصر ، وفي مقدمتها عقاب المماليك الذين أساءوا معاملة الفرنسيين واعتدوا على أموالهم وأرواحهم ، والبحث عن طريق تجاري آخر بعد استيلاء الإنجليز على طريق رأس الرجاء الصالح وتضييقهم على السفن الفرنسية في الإبحار فيه ، وشمل القرار تكليف نابليون بطرد الإنجليز من ممتلكاتهم في الشرق ، وفي الجهات التي يستطيع الوصول إليها ، وبالقضاء على مراكزهم التجارية في البحر الاحمر والعمل على شق قناة برزخ السويس .
[--*]
تجهيز الحملة :
- [--*]جرت الاستعدادات لتجهيز الحملة على خير وجه ، وكان قائد الحملة الجنرال نابليون يشرف على التجهيز بكل عزم ونشاط ويتخير بنفسه القادة والضباط والعلماء والمهندسين والجغرافيين ، وعني بتشكيل لجنة من العلماء عرفت باسم لجنة العلوم والفنون وجمع كل حروف الطباعة العربية الموجودة في باريس لكي يزود الحملة بمطبعة خاصة بها .
[--*]لقد تمت التعمية على الجهة التي يقصدها الأسطول حتى إن الرجال كلهم - تقريبا - والبالغ عددهم 000 45 لم يكونوا يعلمون وجهة الأسطول ، وفي بيان له سمات خاصة وجهه نابليون " لجيش الشرق " الجديد أشار إليه بأنه مجرد جناح للجيش الفرنسي المعد لغزو إنجلترا ، وطلب من البحارة والجنود أن يثقوا به رغم أنه لا يستطيع حتى الآن أن يحدد المهام الموكلة إليهم ، وأبحرت الحملة من ميناء طولون في 19 مايو 1798م وتألفت من نحو 35 ألف جندي ، تحملهم 300 سفينة ويحرسها أسطول حربي فرنسي مؤلف من 55 سفينة ، وفي طريقها إلى الإسكندرية استولت الحملة على جزيرة مالطة من فرسان القديس يوحنا آخر فلول الصليبيين .
الاستيلاء على مالطة :
- [--*]وفي 9 يونيو ظهر الأسطول الفرنسي إزاء سواحل مالطا ، وكانت حكومة الإدارة قد قدمت رشوة لرئيس جماعة فرسان مالطا وذوي الشأن فيهم لتكون مقاومتهم شكليو ، ونتيجة لهذا استولى الفرنسيون على الحصن المنيع الممول جيدا في هذه الجزيرة بسهولة ولم يفقدوا في سبيله سوى ثلاثة رجال ، وتأخر نابليون في الجزيرة أسبوعا ليعيد تنظيم إدارة الجزيرة على نمط الإدارة الفرنسية وكان ( ألفريد ده ڤينه Alfred de Vigne - ) الذي سيصبح شاعرا فيما بعد - يومئذ في الثانية من عمره ، وقد قدموه لنابليون ، فرفعه وقبله ، وقال ( ألفريد ) فيما بعد عندما أنزلني بعناية إلى سطح السفينة كان قد كسب إلى جانبه ، عبداً آخر يضاف إلى عبيده ، وقد عانى نابليون طوال فترة الإبحار إلى الإسكندرية تقريبا ، وفي هذه الأثناء درس القرآن .
[--*]
معركة ابى قير البحرية :
وقعت معركة ابو قير البحرية في 2 أغسطس 1798 بين القوات البحرية الإنجليزية بقيادة نلسون والأسطول الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت على شواطئ خليج أبو قير المصري ، وإنتهت بهزيمة الفرنسيين ، وقد اعتبرت نتائجها ثورة في التكتيك البحري ، والفرنسيين أضاعوا الوقت فضاعت فرصة النصر . فور عودة الجنرال الشاب نابليون بونابرت من ايطاليا في الأسابيع الأولى من العام 1798 بعد إحرازه انتصارات عسكرية باهرة ، باشر درس أوضاع القوى العسكرية الفرنسية المكلفة غزو الجزر البريطانية ، وتحضيرها لهذه الحملة ، ولكن سرعان ما أدرك صعوبة بل استحالة تنفيذ المهمة لأسباب عديدة أهمها : ضعف القوات البحرية الفرنسية مقارنة مع البحرية الانجليزية التي باتت تؤمن السيطرة البحرية (SEA CONTROL) وتشكل سداً منيعاً أمام أي قوة تحاول غزو بريطانيا ، وأضف إلى ذلك الضعف الحاصل في التجهيزات اللازمة للقوة الفرنسية لتنفيذ الغزو ، وعدم توافر الأموال الكافية ، والبرد القارس والأمراض المتفشية بين العناصر والتي تشكل عقبة كبيرة في تحقيق الهدف المنشود . وبناء عليه تقدم الجنرال بونابرت في 28 شباط من العام نفسه من مجلس قيادة الثورة الفرنسية لعرض هذا الوضع والصعوبات التي تعترضه وتحول دون تمكينه من تنفيذ المهمة الموكلة إليه بغزو الجزر البريطانية ، وقرر طرح خطة عمل بديلة لاحتلال مصر ، وهكذا تحوّل هدف غزو الجزر البريطانية إلى تحضير لغزو مصر .
الاسطول الانجليزى يراقب الحملة :
- [--*]وعلى الرغم من السرية التامة التي أحاطت بتحركات الحملة الفرنسية وبوجهتها فإن أخبارها تسربت إلى بريطانيا العدو اللدود لفرنسا ، وبدأ الأسطول البريطاني يراقب الملاحة في البحر المتوسط ، واستطاع ( نيلسون ) قائد الأسطول الوصول إلى ميناء الإسكندرية قبل وصول الحملة الفرنسية بثلاثة أيام ، وأرسل بعثة صغيرة للتفاهم مع السيد ( محمد كريم ) حاكم المدينة وإخباره أنهم حضروا للتفتيش عن الفرنسيين الذين خرجوا بحملة كبيرة وقد يهاجمون الإسكندرية التي لن تتمكن من دفعها ومقاومتها ، لكن السيد ( محمد كريم ) ظن أن الأمر خدعة من جانب الإنجليز لاحتلال المدينة تحت دعوى مساعدة المصريين لصد الفرنسيين ، وأغلظ القول للبعثة فعرضت أن يقف الأسطول البريطاني في عرض البحر لملاقاة الحملة الفرنسية ، وأنه ربما يحتاج للتموين بالماء والزاد في مقابل دفع الثمن ، لكن السلطات رفضت هذا الطلب لتترك الاسطول الإنجليزي للمواجهة مع الحملة في معركة أبي قير البحرية والتي انتهت بتدمير قطع الاسطول الفرنسي لتترك الحملة في مصر بلا اتصال بفرنسا .
[--*]وتَوقُّعت بريطانيا أن تكون وجهة الحملة الفرنسية إلى مصر العثمانية دليلٌ على عزمها على اقتسام مناطق النفوذ في العالم العربي وتسابقهما في اختيار أهم المناطق تأثيرا فيه ، لتكون مركز ثقل السيادة والانطلاق منه إلى بقية المنطقة العربية ، ولم يكن هناك دولة أفضل من مصر لتحقيق هذا الغرض الاستعماري .
[--*]
وهذه رسالة ( نابليون بونابرت ) الذى دعاه المؤرخين المسلمين ( الجنرال على ) الى شعب مصر :
"بسم الله الرحمن الرحيم ، لا اله الا الله وحده ولا شريك له في ملكه.. ايها المشايخ والأئمة ، قولوا لأمتكم ان الفرنساوية هم أيضاً مسلمون مخلصون وإثبات ذلك انهم قد نزلوا في روما الكبرى وخرّبوا فيها كرسي البابا الذي كان دائماً يحّث النصارى على محاربة الإسلام ، ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها الكوالليرية الذين كانوا يزعمون ان الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين ، ومع ذلك فإن الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني ..أدام الله ملكه .. أدام الله إجلال السلطان العثماني .. أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي لعن الله المماليك وأصلح حال الأمة المصرية " .
- [--*]وأدرك نابليون قيمة الروابط التاريخية الدينية التي تجمع بين المصريين والعثمانيين تحت لواء الخلافة الإسلامية ، فحرص على ألا يبدو في صورة المعتدي على حقوق السلطان العثماني ، فعمل على إقناع المصريين بأن الفرنسيين هم أصدقاء السلطان العثماني ، غير أن هذه السياسة المخادعة التي أراد نابليون أن يخدع بها المصريين ويكرس احتلاله للبلاد فلم ينخدعوا بها وقاوموا الاحتلال .
[--*]
الطريق الى القاهرة :
- [--*]وفي مساء يوم 3 يوليو 1798 م زحفت الحملة على القاهرة ، وسلكت طريقين أحدهما بري وسلكته الحملة الرئيسية ، حيث تسير من الإسكندرية إلى دمنهور فالرحمانية ، فشبراخيت ، فأم دينار على مسافة 15 ميلا من الجيزة ، وأما الطريق الآخر فبحري وتسلكه مراكب الأسطول الخفيفة في فرع رشيد لتقابل الحملة البرية قرب القاهرة .
[--*]ولم يكن طريق الحملة سهلا إلى القاهرة فقد لقي جندها ألوانا من المشقة والجهد ، وقابلت مقاومة من قبل أهالي البلاد ، فوقعت في 13 يوليو 1798م أول موقعة بحرية بين مراكب المماليك والفرنسيين عند شبراخيت ، وكان جموع الأهالي من الفلاحين يهاجمون الأسطول الفرنسي من الشاطئين ، غير أن الأسلحة الحديثة التي كان يمتلكها الأسطول الفرنسي حسمت المعركة لصالحه ، واضطر ( مراد بك ) قائد المماليك إلى التقهقر صوب القاهرة .
[--*]ثم التقى ( مراد بك ) بالفرنسيين عند منطقة إمبابة في 21 يوليو 1798م ، في معركة أطلق عليها الفرنسيون معركة الأهرام ، وهناك قال لجنوده :
[--*]" إن أربعين قرنا تتطلع إليكم " ، ومرة أخرى واجه الفرنسيون هذا الهجوم بطلقات المدافع والبنادق والحراب المثبته ، فقتل سبعون فرنسيا وألفٌ وخمسمائة مملوك ، وغرق كثيرون منهم في النيل في أثناء هروبهم الطائش .
[--*]وفي 22 يوليو أرسلت السلطات التركية في القاهرة مفاتيح المدينة إلى نابليون مما يعني الاستسلام ، وفي 32 يوليو دخل نابليون المدينة البهية من غير أن يواجه مقاومة .
[--*]وكانت القوات المصرية كبيرة غير أنها لم تكن معدة إعدادا جيدا ، فلقيت هزيمة كبيرة وفر ( مراد بك ) ومن بقي معه من المماليك إلى الصعيد ، وكذلك فعل ( إبراهيم بك ) شيخ البلد ، وأصبحت القاهرة بدون حامية ، وسرت في الناس موجة من الرعب والهلع خوفًا من الفرنسيين .
نابليون فى القاهرة :
- [--*]دخل نابليون مدينة القاهرة تحوطه قواته من كل جانب ، وفي عزمه توطيد احتلاله للبلاد بإظهار الود للمصريين وبإقامة علاقة صداقة مع الدولة العثمانية ، وباحترام عقائد أهالي البلاد والمحافظة على تقاليدهم وعاداتهم ، وذلك حتى يتمكن من إنشاء القاعدة العسكرية ، وتحويل مصر إلى مستعمرة قوية يمكنه منها توجيه ضربات قوية إلى الإمبراطورية لبريطانية .
[--*]وفي اليوم الثاني لدخوله القاهرة وهو الموافق 25 يوليو 1798م ، أنشأ ( نابليون ) ديوان القاهرة من تسعة من كبار المشايخ والعلماء لحكم مدينة القاهرة ، وتعيين رؤساء الموظفين ، غير أن هذا الديوان لم يتمتع بالسلطة النهائية في أي أمر من الأمور ، وإنما كانت سلطة استشارية ومقيدة بتعهد الأعضاء بعدم القيام بأي عمل يكون موجها ضد مصلحة الجيش الفرنسي ، ولم يكن الغرض من إنشاء هذا الديوان سوى تكريس الاحتلال الفرنسي والعمل تحت رقابة وأعين السلطات الفرنسية .
[--*]ومن القاهرة أصدر أوامره بأن تدار أمور مصر عن طريق دواوين عربية تابعة لسيطرته ، ومنع جنوده من السلب والنهب ، وحمى حقوق الملكية الموجودة لكنه استمر في تحصيل الضرائب التي فرضها المماليك الغزاة على أهل البلاد لتمويل جيشه ، وجلس مع الزعماء المحليين واعترف باحترامه للشعائر الإسلامية وإعجابه بالفن الإسلامي ، وشهد ألا إله إلا الله ، وطلب مساعدة المسلمين له ليعم الرخاء والازدهار مصر .
[--*]كما عقد اجتماعا مع علماء الحملة لوضع الخطط للقضاء على الطاعون ، وإدخال صناعات جديدة ، وتطوير نظم التعليم المصري ، وتحسين القوانين المعمول بها ، وإنشاء خدمات بريدية ونظام مواصلات ، وإصلاح الترع وضبط الري ، وربط النيل بالبحر الأحمر .
[--*]وفي يوليو سنة 1799 نظم المعهد العلمي المصري من علماء مصر وعلماء الحملة ، وكان العلماء هم الذين أعدوا الأربعة والعشرين مجلداً الضخمة ، والتي مولتها ونشرتها الحكومة الفرنسية بعنوان ( وصف مصرى ) (9081-8281 De--SS--ion de L`Egypte ) ، وأحد هؤلاء العلماء وهو ( بوشار Bouchard ) ، وجد في سنة 1799 في مدينة تبعد عن الإسكندرية ثلاثين ميلا حجر رشيد Rosetta عليه نقوش بلغتين وثلاثة خطوط ( الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية ) ، وقد مكنت هذه الكتابات ( توما يونج Thomas Young (1814) وجان - فرنسوا شامبليون Jean - Francois Champolion (1821) ) من وضع أسس منهج ترجمة النصوص الهيروغليفية ، ففتحوا بذلك أمام ( أوروبا الحديثة ) أبواب حضارة مصر القديمة المركبة والناضجة بشكل يدعو إلى الدهشة ، وكان هذا من اهم نتائج الحملة الفرنسية على مصر .
[--*]عندما ترك نابليون أسطوله في الإسكندرية متجها إلى القاهرة كان قد أمر (على وفق رواية نابليون ) نائب الأدميرال ( فرنسوا-بول بروى ) ، Francois-Paul Brueys ، أن يفرغ كل حمولته من المواد اللازمة للجنود ، ومن ثم يبحر بأقصى سرعة ممكنة إلى ( كورفير Corfu) التي كان الفرنسيون قد استولوا عليها ، كما أمره بضرورة اتخاذ الإجراءات كلها لتجنب تدخل البريطانيين ، لكن سوء الأحوال الجوية أخر إبحار ( بروي Brueys ) ، وفي أثناء فترة التأخير هذه رسا بأسطوله في خليج ( أبي قير ) القريب ، وهناك في 13 يوليو سنة 1798 ، رآه ( نيلسون ) ، وهاجمه بسرعة .
[--*]وبدت القوتان البحريتان المتواجهتان متكافئتين ، فالقوات البحرية الإنجليزية قوامها 41 سفينة حربية وسفينة بصاريين ، والقوات البحرية الفرنسية قوامها 31 سفينة حربية وأربع فرقاطات ، لكن البحارة الفرنسيين كان الحنين إلى العودة إلى بلادهم قد ازداد ، ولم يكونوا متدربين بما فيه الكفاية ، أما البحارة البريطانيون فقد كان البحر هو وطنهم الثاني ألفهم وألفوه ، والآن فإن تنظيمهم ( البريطانيين ) ، الأكثر تفوقا وبراعتهم البحرية وشجاعتهم سادت طوال النهار والليل لأن المعركة الدامية استمرت حتى فجر الأول من أغسطس .
[--*]ففي الساعة العاشرة من يوم 13 يوليو انفجرت سفينة القيادة ( التي بها بروى ) التي بها 120 بندقية ، وقتل كل من كان على متنها تقريبا بمن فيهم اللواء بحري نفسه ، وكان يبلغ من العمر خمسة وأربعين عاما .
[--*]ولم تستطع الهروب سوى سفينتين فرنسيتين ، وبلغت خسائر الفرنسيين ما يزيد على 571 قتيلاً و 51 جريح ، أما خسائر البريطانيين فكانت 812 قتيلاً و276 جريحاً ( بمن فيهم نيلسون ) .
[--*]وهذه المعركة ( معركة أبوقير البحرية بالإضافة إلى معركة الطرف الأغر ، Trafalgar (1805) هما آخر محاولتين قامت بهما فرنسا النابليونية لتحدي السيادة الإنجليزية على البحار .
[--*]وعندما وصلت أخبار هذه النكسة الكاسحة إلى نابليون في القاهرة أيقن أن فتحه لمصر غدا بلا معنى ، فالمغامرون المرافقون له قد أحيط بهم الآن برا وبحرا وما من سبيل لوصول العون الفرنسي إليهم ، وأنهم سرعان ما سيصبحون تحت رحمة أهل البلاد المعادين ، والبيئة غير المواتية .
ثورة القاهرة :
ثورة القاهرة الاولى :
- [--*]وتضاعفت الأزمات على نابليون وجيشه ، فلا يكاد يمر يوم بلا هجمات يشنها العرب أو الترك أو المماليك غير المؤتلفين مع سادتهم الجدد ، على القوات الفرنسية ، وفي 16 أكتوبر قامت جماهير القاهرة بثورة على الفرنسيين الذين قمعوا الثائرين ، وتخلى نابليون لفترة عن دور الفاتح المتسامح وأمر بقطع أعناق كل ثائر مسلح .
الحملة الفرنسية فى الصعيد :
كانت مقاومة اهالى الصعيد من جرجا حتي الشلالات ( جنوب اسوان ) ، وقد أظهر أهالي الصعيد مقاومات باسلة في صد هجمات الحملة الفرنسية بطريقة أذهلت الفرنسيين انفسهم كما كتب عن ذلك الجنرال ديزية والجنرال بليار وكلاهما من قواد الحملة الفرنسية علي صعيد مصر . زحفت حملة الجنرال ديزية علي الصعيد الأعلي أو مصر العليا لإخضاعها للإدارة الفرنسية ولم تكن مهمة الجنرال ديزية سهلة حيث اشتعلت الثورة في كل مكان وتوالت هجمات الأهالي علي القوات الفرنسية التي تجتاز البر وتلك التي تجتاز البحر وواجهت القوات الفرنسية في هذا القطاع من صعيد مصر ثلاث قوات مجتمعة ممثلة في العرب القادمين من الحجاز والمماليك والأهالي ودارت معارك عديدة بين أهالي الصعيد وحلفائها وبين القوات الفرنسية.
|
| |