جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتديات الجامعة و البحث العلمي :: منتدى العلوم الإقتصادية و علوم التسيير |
الأحد 15 أكتوبر - 10:24:30 | المشاركة رقم: | |||||||
جوهري
| موضوع: [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية انا احتاج هدا البحث عن ابن خلدون في علم الاقتصاد في مادة تاريخ الوقائع الاقتصادية تصنف هدا البحث للحضارة الاسلامية الموضوعالأصلي : [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: ali smith
| |||||||
الأحد 15 أكتوبر - 12:47:32 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: رد: [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية الموضوعالأصلي : [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: farida
| |||||||
الأحد 15 أكتوبر - 12:47:56 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: رد: [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية تشكل "أفكار" عبدالرحمن بن خلدون الاقتصاديَّة المبادئ الأساسيَّة للفكر الاقتصادي الغربي، لكن انتقاء منهم لخدمة عقيدتِهم الماديَّة النَّصرانية، التي شغلت الاقتصاديين على مدى القرنين التَّاسع عشر والعشرين، وأفرزت مدارس اقتِصادية غربية (الكلاسيكية، الاشتراكية، النيو-ليبرالية...) ومن أشْهر النظريات الاقتصاديَّة التي ظهرت في القرن العشرين: نظرية الاقتصاديّ الإنجليزي (جون مينارد كينز) (توفي 1946)، التي اكتملتْ في كتابه المنشور عام 1936، فقد أدخل (كينز) العامل النفسي في التَّحليل الاقتصاديّ. وهذا الانتقاء الحضاري ليْس غريبًا في حقِّ هؤلاء الَّذين يُتْقِنون عمليَّة الانتقاء، وإلاَّ فكيف نفسر إسقاط نسبة الرِّبا من قِبل دولة اليابان مع الأزمة الماليَّة العالمية لهذه السنة 2009 - الَّتي يسمُّونها زورًا وبهتانًا بالفائدة - إلى مستوى الصفر؟! التي يصِفها البعض بالقزم السياسي والعملاق الاقتِصادي؛ لحصار الأزمة المالية العالميَّة التي تضرب طولاً وعرضًا أقوى بلدان العالم. إليك - أخي القارئ الكريم - أهمَّ الأفكار التي جادت بها قريحة المؤرِّخ الإسلامي الكبير ابن خلدون - رحمه الله - التي تنصَّل الفكر الاقتصادي الغربي من الاعتراف بفضلِه الكبير عليهم في هذا المجال، وأفكار ابن خلدون لم تأتِه هكذا جزافًا، بل استقاها من كتاب الله وسنَّة حبيبنا المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهذا لا يعني البتَّة أنَّ ابن خلدون لم يسقط في بعض الهفوات، وهذا ليس عيبًا في حقِّ عمالقة الاجتِهاد بنوعَيْه الشَّرعي والفكري، على حد تعبير الدكتور عمر عبيد حسنه. العدل أساس العمران الاقتصادي: لأن "العدل تُحْفظ به العمارة فالظُّلم يخلُّ بحفظها"، ويترجم الظلم في البلد من خلال "وضْع الضّياع في أيْدي الخاصَّة"، وكذلك يقوم المفسدون "بالعدوان على النَّاس في أموالهم"؛ لذا فإنَّ ابن خلدون يُزْجِي نصيحةً ليتَ كلَّ الحكَّام الفاسدين وأعوانهم يأخذون بها: "عليْنا أن ننزع الظلم عن النَّاس؛ كي لا تخْرب الأمصار وتكسد أسواق العمران، وتقفر الديار، خاصَّة وأنَّ الشَّارع أشار في غير موضع إلى تحريم الظلم". يقوم ابن خلدون بالذَّهاب إلى أبعد من الحديث عن رفْع الظلم إلى المُدَد الزمنيَّة التي تستغْرِقها الدَّولة حتى تظهر آثار الظُّلم فيها، حيث يقول: "إنَّ نقْص العمران بالظُّلم يقع بالتَّدريج"، ويتوقَّف طولُ وقِصَر زمن الخراب "حسب كِبَر حجْم المِصْر". ويقول: "يقع الخراب بالظُّلم دفعةً واحدةً عند أخْذ أموال النَّاس مجَّانًا، والعدْوان عليْهم في الحُرم والدماء، ويقع الخراب بالتدريج"، بإحْدى الوسائل الثَّلاثة الآتية: 1- بذرائع باطلة يتوسَّل بها؛ كالمكوس (الضَّرائب) المحرَّمة والوظائف الباطلة. 2- تكْليف الأعمال وتسخير الرعايا بها حيثُ يغتصبون قيمة عملهم. 3- التَّسلُّط على النَّاس في شراء ما بأيديهم بأبْخس الأثمان. القوانين الاقتِصاديَّة عند ابن خلدون: وقدِ اكتشف ابنُ خلْدون قوانين اقتِصاديَّة متعدِّدة، طبعًا استِنادًا إلى كتاب الله وسنَّة الحبيب المصطفى - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وفقه الواقع، يُمكن أن تصنَّف في مجموعتين: الأولى: تتضمَّن قوانين تعمل على تفسير نقْل المجتمع من حالةٍ إلى حالة أخرى، أو من مرحلةٍ إلى مرحلة. والمجموعة الثَّانية: تتضمَّن قوانين تعْمل على تفسير متغيِّرات اقتِصاديَّة معيَّنة. من أمثِلة النَّوع الأوَّل: القانون المفسّر لعلاقة العمران بالصَّنائع، والقانون المفسّر لعلاقة العمران بالعلم والتَّعليم. ومن أمثِلة النَّوع الثَّاني: القوانين المفسّرة للأثمان، المتضمّنة في نظريَّة القيمة عند ابن خلدون. وفائِدة القانون عند ابن خلدون يُحَدِّدها النَّص السَّادس، فالقانون مِعْيار للصِّدق والصَّواب، أو هو مِعْيار لتَمْيِيز الحقِّ من الباطل، والقانون عنده معيار لتمْييز الحقِّ من الباطل، وبذلك تكون له مرجعيَّة بالنسبة للماضي والحاضر، ولَم يسحب ابن خلدون مرجعيَّة القانون إلى المستقْبل؛ والسَّبب في ذلِك هو إيمانه بأنَّ الغيب لله يُجريه وفْقَ إرادته. أوجه المعاش في عصْر ابن خلدون وما يُقابِلُها في عصرِنا الرَّاهن: يقسِّم ابن خلدون الأعمالَ إلى نوعَين: فرْدي وجماعي، كما يفرِّق من جهة أخرى بين الإنتاج اليدوي والإنتاج الحضري، ثمَّ درس ابن خلدون الأعمال وصنَّفها من حيث طبيعتُها. إنَّ المقصود من العملِ في نظَر ابن خلدون هو "ابتغاء الرزق"، وتعريف الرِّزْق هو "الحاصل أو المقتنَى من الأموال بعد العمل والسَّعي، إذا عادت على صاحبِها بالمنفعة وحصلت له ثمرتُها من الإنفاق في حاجاته"، لقد وضع ابنُ خلدون تعريفَه هذا بالاستِناد إلى الفِقْه ثمَّ زاده تثبيتًا الحديث؛ حيث قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إنَّما لك من مالِك ما أكلْتَ فأفنيتَ، أو لبِسْت فأبليْت، أو تصدَّقت فأمضيت)). يرى ابنُ خلدون أنَّ المعاش إمارة، وتجارة، وفلاحة، وصناعة: أمَّا الإمارة فليستْ بِمذهب طبيعي للمعاش، وهي تشمل الجندي والشرطي والكاتب، وهي عبارةٌ عن الجبايات السلْطانيَّة في ذلك الوقت، والضَّرائب والرُّسوم في عصْرِنا الحاضر. أمَّا الفِلاحة والصِّناعة والتِّجارة، فهي الوجوه الطبيعية للمعاش. نَجد أنَّ الفلاحة متقدِّمة على القطاعات كافَّة؛ لأنَّها كانت بسيطة وطبيعيَّة فطريَّة لا تحتاج إلى نظرٍ ولا علم؛ ولهذا تنسب الفلاحة في الخليقة إلى آدمَ أبي البشَر، وهو معلِّمها والقائم عليْها، وهذا يعني أنَّها أقدم وجوه المعاش وأنسبها إلى الطبيعة. موقف ابن خلدون من تدخُّل الدَّولة في الحياة الاقتِصادية: يقِف ابن خلدون موقفًا متشدِّدًا من تدخُّل الدَّولة في الحياة الاقتِصاديَّة، خاصَّة في حالة الظُّلم والإفْساد والاحتِكار والتسلُّط، كما نُشاهِده عيانًا في هذا العصْر، من خلال مساعدة الدَّولة لأصحاب النفوذ المالي، والقضاء على أصحاب المقاولات الصُّغرى، الَّتي لا تتلقَّى الدَّعم من طرف الدَّولة، وبالتَّالي تتعرض للإفلاس. لذا؛ يؤكِّد أنَّ "أكثر الأحكام السلطانية جائِرة في الغالب؛ إذِ العدل المحض إنَّما هو في الخلافة الشرعية وهي قليلة اللَّبث، فالسُّلطان والأمراء لا يتركون غنيًّا في البلاد إلاَّ وزاحموه في ماله وأملاكه، مستظلِّين بحكم سلطاني جائر من صنعهم". من هنا سبق في ذلك الاقتِصادي الغربي الكلاسيكي "آدم سميث" بنحو خمسة قرون. لكن ابن خلدون يرفُض تدخُّل الدولة المباشر في الإنتاج والتِّجارة؛ لما يترتَّب عليه من أضرار اقتِصاديَّة، وأهم وجوه الضَّرر تتلخَّص في القضاء على ظروف المنافسة السَّائدة في السوق، واتِّخاذ الدَّولة وضعًا احتكاريًّا؛ لقوَّتِها الاقتِصادية، واعتمادها على نفوذها وسلطانِها في البيع والشراء، واستِنْزافها رؤوس الأموال السَّائلة لدى المنتجين والتجَّار، ممَّا يقعدهم عن السعي للكسب والمعاش، وينتهي كلُّ ذلك إلى تقليص الجباية وانخفاض موارد الدَّولة، وهي نتيجة مناقضة للهدف المبتغى من وراء تدخُّل الدَّولة في النشاط الاقتِصادي. فمن أعظم صور الظُّلم وإفساد العمران والدَّولة في رأي ابن خلدون: "التسلط على أموال الناس بشراء ما بين أيديهم بأبخس الأثمان، ثمَّ فرض البضائع عليهم بأرْفع الأثْمان، على وجه الغصب والإكراه في الشِّراء والبيع"، فإذا تكرَّر ذلك فإنَّه يدخل على الرعايا "العنت والمضايقة وفساد الأرباح، وما يقبض آمالهم من السعي في ذلك جملة، ويؤدي إلى فساد الجباية، فإنَّ معظم الجباية إنَّما هي من الفلاحين والتجَّار، لاسيَّما بعد وضع المكوس ونمو الجباية بها، فإذا انقبض الفلاحون عن الفلاحة وقعدَ التجَّار عن التِّجارة، ذهبت الجباية جملة، أو دخلها النَّقص المتفاحش". وهكذا يخلص ابن خلدون إلى أنَّ تدخُّل الدَّولة في الشؤون الاقتِصاديَّة "مضرٌّ بالرّعايا ومفسد للجباية"، ويرجع ذلك لأنَّ هذا التدخُّل يقضي على المنافسة ويدعم الاحتِكار ويضيع تكافُؤ الفرص، ويضعف الحافز الاقتِصادي لدى الأفْراد. البحث في مصْدر الثَّروة: إذا كانت إشكاليَّة القيمة تحتلُّ أهميَّة قصوى في كتابة الكلاسيكيِّين، وماركس، وألفرد مارشال، فإنَّ ابن خلدون يُعتبر سبَّاقًا في الإقرار بالعمل كأساس للقيمة؛ وذلك من منطلق عقيدتنا ودينِنا الحنيف الَّذي يحثُّ على العمل، ولنا في رسولِنا الكريم - صلَّى الله عليْه وسلَّم، المعلِّم الأكبر - الأسوة الحسنة. ويقول ابن خلدون - رحمه الله -: "فلا بدَّ في الرزق من سعي وعمل، ولو في تناوله وابتغائه من وجوهه". ويربط ابن خلدون قيمة العمل بالمنفعة المباشرة وغير المباشرة، فالحاجة إلى الأعمال والسِّلع تحدّد قيمتها، يقول: "فالكسب كما قدَّمناه قيمة الأعمال، وأنَّها متفاوتة بِحسب الحاجة إليْها، فإذا كانت الأعمال ضروريَّة في العمران عامة البلوى به،كانت قيمتها أعظم وكانت الحاجة إليها أشد". الضَّرائب: يقول ابن خلدون: يقع الخراب بالتَّدريج - كما رأيْنا آنفًا - بإحدى الوسائل الثلاث الآتية: 1- بذرائع باطلة يتوسَّل بها، كالمكوس (الضَّرائب) المحرَّمة والوظائف الباطلة. وقبل الحديث عن موقف ابن خلدون من الضَّرائب نسطِّر موقفه من الزكاة، التي جعلها حقًّا واجبًا لا إحسانًا، كما اعترف بذلك المستر "دانيل جيرج" في مُحاضرة ألقاها: "إنَّ المجتمع الغربي لم يعترِف بحق الفقراء في أموال الأغنياء إلاَّ في بداية القرْن السَّابع عشر الميلادي، عندما أصدرت ملكة بريطانيا قانونًا أسْمتْه "قانون الفقراء". ويتحدَّث ابن خلدون في موضع آخر عن مستوى "العبء الضريبي"، فرأى أنَّه يرتبط بدرجة التطوُّر والتحوُّل الاجتماعي والاقتصادي الذي تبلغه الدَّولة، فكلَّما نمت الدَّولة وتطوَّرت، زادت نفقاتها، ومن ثمَّ اتَّجهت نحو فرض المزيد من الضَّرائب والرسوم: "اعلم أنَّ الدَّولة تكون في أوَّلها بدويَّة كما قلنا، فتكون لذلك قليلة الحاجات؛ لعدم التَّرف وعوائده، فيكون خرْجها وإنفاقها قليلاً، ثمَّ لا تلبث أن تأخُذ بدين الحضارة في التَّرف وعوائدها، وتجري على نهج الدَّولة السَّابقة قبلها، فيكثر لذلك خراج أهل الدَّولة، ويكثر خراج السُّلطان خصوصًا كثرة بالغة بنفقته في خاصَّته وكثرة عطائه، ولا تفي بذلك الجباية، فتحتاج الدَّولة إلى الزيادة في الجباية، فتزيد في مقدار الوظائف والوزائع. ويدرك الدَّولة الهرَم، فتقلّ الجباية وتكثر العوائد، فيستحدث صاحب الدَّولة أنواعًا من الجباية يضرِبُها على البياعات، ويفرض لها قدرًا معلومًا على الأثْمان في الأسواق، وعلى أعْيان السِّلَع في أموال المدينة، وهو على هذا مضطرٌّ لذلك بما دعاه إليْه ترف النَّاس من كثرة العطاء مع زيادة الجيوش والحامية، وربَّما يزيد ذلك في أواخِر الدَّولة زيادة بالغة، فتكسُد الأسواق لفساد الآمال، ويؤذن ذلك باختِلال العمران ويعود على الدَّولة، ولا يزال ذلك يتزايدُ إلى أن تضمحل". الإنفاق العام: أي: إنَّ النَّفقات العامَّة تزيد بتطوُّر حظِّ الدَّولة من الحضارة والعمران، ويرى ابن خلدون إذًا أنَّ إنفاق الحكومة للمال العامّ في شراء السِّلَع والخدمات، وتقديم الأموال (الإعانات) لبعض المواطنين - ضروري لرواج الأسواق وتحقيق النمو الاقتِصادي، وهي ذات الأفكار التي تمثِّل المحور الرئيس للنظرية الكينزية التي أحدثت ثورة في الفكْر الاقتصادي قبيل الحرب العالميَّة الثَّانية، فزيادة الطَّلب الفعَّال المموّل من الدَّولة، في إطار مشروعات الأشْغال العامَّة والإعانات الاجتِماعيَّة - هو الحل المتميِّز الَّذي اقترحه جون مينارد كينز (اللورد كينز) للخروج من أزمة الكساد الكبير التي حاقت بالاقتِصاديَّات الغربية في فترة ما بين الحربين العالميتين. النمو الاقتصادي وعلاقته بالعمران: يقول ابن خلدون: "فالعمران يؤدِّي إلى زيادة الدَّخل، التي تؤدي بدوْرِها لزيادة الإنفاق، الَّذي يمثل طلبًا على السلع التَّرَفيَّة ما يؤدي إلى رواجها، ومن ثمَّ زيادة حجم إنتاجها، الأمر الذي ينجم عنه زيادة الدَّخل الذي يحقِّقه القائمون على هذا الإنتاج، ثم يتحوَّل هذا الدخل مرَّة ثانية إلى إنفاق، وتتكرَّر الدورة نفسها من جديد". فنظرية ابن خلدون التطورية للاقتصاد لا تتوقَّف عجلتها عند وصف الأوضاع الاقتصادية في راهنيتها، بل تتجاوزُها إلى تحليل تطوُّر الأوضاع الاقتِصاديَّة على مسافة زمنيَّة طويلة، ودراسة الآثار المترتِّبة عن حدث اقتِصادي معين، وهو ما نسمِّيه حاليًّا بالتَّخطيط الاقتصادي. تعظيم المنافع: أي: البحث عن أعظم منفعة، بافتراض بقاء الأشياء الأخرى على حالها؛ أي إذا استوى خياران في كلِّ شيء إلاَّ المنفعة، تمَّ الأخذ بالخيار ذي المنفعة العظمى، يقول ابن خلدون (808 هـ): "اعلم أنَّ التجارة محاولة الكسب بتنمية المال، بشراء السِّلع بالأرخص، وبيعها بالغلاء، أيًّا ما كانت السِّلْعة، من دقيق أو زرع أو حيوان أو قماش، وذلك القدْر النَّامي يسمى ربحًا، فالمحاول لذلك الربح إمَّا أن يَختزِن السِّلْعة، ويتحيَّن بها حوالة (تغيّر) الأسواق من الرّخْص إلى الغلاء، فيعظم ربْحه، وإما بأن ينقله إلى بلد آخر، تنفُق (تروج) فيه تلك السلعة أكثر من بلده الذي اشتراها فيه، فيعظم ربحه". نظريَّة ابن خلدون في التزايد السكَّاني: تتَّسم نظرة ابن خلدون بالتفاؤل، على عكس مالتوس؛ وذلك تبعًا لمرجعيَّة كل منهما، فالأول إسلاميَّة والثَّاني صهيونية، فالإنسان هو سبب الظَّاهرة الاقتصاديَّة، وقد ربط بين الزيادة السكَّانية والزيادة في العمران، وعلاقتها بمستوى المعيشة، كما بحث أثر الرَّخاء في زيادة السكَّان. وبهذا يكون ابن خلدون قد خالف النظريَّة التشاؤميَّة لروبير مالتوس، وتعامل مع القضيَّة بنوع من الموضوعيَّة في الطَّرح عوض الانسياق وراء الترَّهات المادِّيَّة، الَّتي تسعى لهدْم كرامة الإنسان والإنسانيَّة عامَّة والنُّزوع بها إلى الحيوانيَّة كما نظَر لذلك اليهودي "روبير مالتوس": النمو السكَّاني يجلب الحاجة إلى تخصُّص الوظائف الذي بدوْرِه يؤدِّي إلى دخول أعلى. النمو السكَّاني يتركَّز أساسًا في المدن؛ لذلك سكَّان المدن ذات الحجم الكبير أكثر رفاهية من المناطق ذات الحجم السكَّاني الأقل، والسَّبب هو الاختلاف في طبيعة الوظائف التي تؤدى في المناطق المختلفة. ودائمًا في دراسته للسَّاكنة النَّشيطة يقول ابن خلدون: "يؤدي نمو السكَّان وتطوُّر العمران إلى ظهور تقْسيم للعمل الاجتِماعي، وتخصص يزيد من مقدار الإنتاج". والسَّبب في ذلك كما يشرحه ابن خلدون: "أنه إذا عرف وثبت أنَّ الواحد من البشر غير مستقلٍّ بتحصيل حاجاته في معاشه، وأنَّهم متعاونون جميعًا في عمرانِهم على ذلك، والحاجة التي تحصل بتعاون طائفة منهم تسدُّ ضرورة الأكثر من عددهم أضعافًا، فالأعمال بعد الاجتماع زائدة على حاجات العاملين وضروراتِهم". الموضوعالأصلي : [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: farida
| |||||||
الأحد 15 أكتوبر - 12:48:36 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: رد: [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية تحليل ظاهرة التضخُّم: ولم يغفل ابن خلدون تحليل ظاهرة التضخُّم بالقدر الذي كانت عليه في عصره، فيرى أنَّه "إذا استبحر - اتَّسع - المصر وكثُر ساكنه، رخصتْ أسعار الضَّروري من القوت وما في معناه، وغلت أسعار الكمالي من الأدم (جمع إدام، وهو ما يستمرأ به الخبز) والفواكه وما يتبعها، وإذا قلَّ ساكن المصر وضعف عمرانه، كان الأمر بالعكس". وتفسير ذلك هو أنَّ إنتاج السِّلع الضروريَّة يزيد بزيادة العمران حتَّى تعمّ وترخص أسعارُها، أمَّا السِّلع الكمالية فإنَّها لا تنتشِر بالقدر نفسه وترتفع أثْمانُها لثلاثة أسباب: "الأوَّل: كثرة الحاجة لمكان التَّرف في المصر بكثرة عمرانِه، والثَّاني: اعتزاز أهل الأعمال بِخدمتهم وامتهان أنفسهم لسهولة المعاش في المدينة بكثرة أقواتِها، والثالث: كثرة المترفين وكثرة حاجاتِهم إلى امتهان غيرِهم وإلى استعمال الصنَّاع في مهنهم، فيبذلون في ذلك لأهْل الأعمال أكثر من قيمة أعمالهم مزاحمةً ومنافسةً في الاستئثار بها، فيعتزُّ العمَّال والصنَّاع وأهل الحرف، وتغلو أعمالهم وتكثُر نفقات أهل المصر في ذلك". ويدين ابن خلدون الاحتِكار بعبارات صريحة، فيقول: إن "احتكار الزرع لتحيُّن أوقات الغلاء مشؤوم، وإنَّه يعود على فائدته (المقصود صاحبه) بالتَّلف والخسران". ب- ابن خلدون وظاهرة الريع: فقيمة العقارات ترتفِع مع تطوُّر العمران، ومن ثمَّ تزيد ثروات ودخول ملاَّكها دون سعي وكدٍّ من جانبِهم. ج- ابن خلدون والنقود: يوضِّح ابن خلدون نظْرَته إلى النقود على أنَّها مقياس للقِيمة ووسيط للتَّبادُل، حيث هي حكمة إيجادها: "إنَّ المال المتردِّد بين الرعيَّة والسُّلطان، وهو حكمة إيجاده منهم إليْه ومنه إليهم". توازن السوق: في سوق المنافسة الحرَّة أو السوق الحرَّة، فإنَّ آلية السعر هي التي تحدث التوازن في هذه السوق، في النظريات الاقتصاديَّة يعتبر "فالراس" هو أوَّل مَن أشار إلى ذلك، لكنَّنا سنجد أنَّ ابن خلدون قد أشار إلى هذه الفكرة قبله بردحٍ طويلٍ من الزَّمن. يقوم قانون التَّوازن "الفالراسي" على أنَّه: "إذا كان هناك فائض في العرض، فإنَّ الأسعار تنخفض، بينما يؤدِّي فائض الطَّلب إلى ارتفاع الأسعار". ابن خلدون أشار إلى هذا القانون من خلال مقدّمته في موضعين: الأوَّل: عندما أراد شرْح انخفاض أسعار الغِذاء بينما تبقى أسعار الكماليات مرتفعة. الثَّاني: عندما يناقش تِجارة ونقل الأطعِمة من طرف التجَّار من مدينة إلى أخرى. خاتمة: يتبيَّن ممَّا سبق أنَّ ابن خلدون شخصيَّة شموليَّة في التَّفكير الاقتصادي؛ إذ سعى من تجرِبته الميدانيَّة وتبحُّره في العلم الشرعي إلى الخروج بمواقف وتصوُّرات اقتِصاديَّة، أصبحت إحدى الرَّكائز الأساسيَّة لبعض النظم الاقتِصادية الحاليَّة. كما أنَّ ابن خلدون توصَّل إلى تحليلات اقتِصاديَّة مركَّزة في ظروف كانت فيها أوربَّا ما تزال قابعة في ظلمات القرون الوسطى، وما يزال فيها الفكر جامدًا. الهوامش والمراجع المعتمدة: ملحوظة: ابن خلدون مفكِّر وفقيه ومؤرخ إسلامي مبدع، اعترف له الغرب - على مضض، وقلَّما اعترف لغيرِه من المفكِّرين المسلمين - بفضله عليهم . كما أنَّه ليس عيبًا أن نأخذ من الغرب ما ينفعنا، شريطة ألا يصطدِم والثَّوابت الشرعيَّة، ولله درُّ أحد العلماء الأجلاَّء إذ يقول: "فالواجب أن نأخُذ الحقَّ من كل شخص، وأن نتجنَّب الباطل مهما كان قائله". 1- المرجع الأساس: ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، الطبعة الأولى، بيروت: دار القلم، 1978. 2- جامع، أحمد، التَّحليل الاقتصادي الكلي، القاهرة: دار النهضة العربية، 1973. 3- جامع، أحمد، النظريَّة الاقتصادية، الطبعة الرابعة، ج2، القاهرة: دار النهضة العربية، 1987. 4- د. رفعت السيد العوضي: ابن خلدون وريادته للدراسات الاقتصاديّة: دراسة في البعد المعرفيّ، مجلة إسلامية المعرفة. 5- الدكتور بن علي بلعزوز والدكتور عبدالكريم قندوز: "مبدأ "الضريبة تقتل الضريبة" بين ابن خلدون ولافر"، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، الشبكة العنكبوتية. 6- علال البوزيدي، "نظرات في الفكر المنهجي عند ابن خلدون"، مجلة الأمة، العدد 38، سنة 1404 الموضوعالأصلي : [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: farida
| |||||||
الأحد 15 أكتوبر - 12:49:30 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: رد: [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية ابن خلدون نبتة حضارته، وليس ثمرة عصره فقط! كان عبدالرحمن بن خلدون (732 - 808هـ) (1332 - 1406م)، شخصيةً غير متوقعة بالنسبة لعصره، ذلك العصر الذي بلغ تفكُّكُ العالم الإسلامي فيه مبلغَه بين دويلات طائفية، بعد أن كانت دولةُ الموحِّدين قد سقطتْ في المغرب والأندلس في منتصف القرن السابع الهجري، وحوصر المسلمون في غرناطة ووادي آش، فيما يعرف باسم دولة بني الأحمر في غرناطة، أو مملكة بني نصر الغرناطية (630 - 907هـ)، بينما سقطت الوحدة المغربية، فانقسم المغرب إلى دويلات صغيرة، على رأسها دولة بني مَرِين، التي قامت في المغرب الأقصى رسميًّا سنة 668هـ، ودولة بني زيان الزناتية (عبدالواد) التي قامت في المغرب الأوسط (الجزائر) سنة 733 هـ على يد (يغمراسن بن زيان)، ودولة بني حفص في المغرب الأدنى (تونس) التي أسسها أبو حفص زعيم (هنتانة)، وأعلن استقلالها عن الموحِّدين حفيدُه أبو زكريا سنة (724هـ - 1323م). كان المناخ السياسي في المغرب مضطربًا بدرجة كبيرة، فكانتِ الفتن كثيرةَ الوقوع بين الدويلات الطائفية، بل كثيرة الوقوع بين أبناء البيت الواحد في الدولة الواحدة، ولا ننسى أن هذه الدويلات قامتْ على أكتاف خيانة الموحِّدين، وكما عانت دولة بني عبدالواد الزناتية من المصائب والويلات من بني حفص جارتِهم التونسية، فكذلك عانى الحفصيون وبنو عبدالواد من نزعة بني مَرِين المستمرة للسيطرة على المغرب كله، وقد نجحوا فعلاً في أواخر عهد السلطان أبي الحسن - الذي تولَّى عرش فاس سنة 731 - في انتزاع أجزاء كبيرة من الدولتين السابقتين! وبالجملة فقد كانت كل واحدة من هذه الدول عَدُوَّة لجارتها المباشرة، حليفة للتي بعدها؛ مما جعلها تعيش في حروب لا تقف ولا تهدأ، وقد بقي الصراع بعد انقراض الموحِّدين قائمًا على أشدِّه بين المَرِينيين وبني عبدالواد من جهة، وبين هؤلاء والحفصيين من جهة أخرى، وقد قَوِي هذا الصراع، وزاد من تفاقم الأوضاع قيامُ إمارات في كل من (بجاية) و(قسنطينة)، واستقلال القبائل الكبرى، وعدم استقرار ولائها لهذا الجانب أو ذاك[1]. ففي هذه الظروف السيئة نشأ وعاش ابن خلدون، المولود في مدينة تونس، في غرة رمضان 732هـ، في عائلة نبيلة تباهي بنسبها العربي، الذي يرجع إلى أصل يَمَنِي حضرمي، وبنسبها الإسلامي الذي يرجع إلى وائل بن حُجْر الصحابي المعروف، الذي دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبركة يوم وَفَد عليه في عام الوفود معلنًا إسلامه، كما تفاخر بتاريخها السياسي والاجتماعي في كل من إشبيلية وتونس. وكانت الأسرة الخلدونية - لتاريخها - مندفعة للدخول في حمأة هذه الصراعات، كما كانت شخصية ابن خلدون - بالإضافة لتاريخ أسرته، وظروف عصره - دافعًا قويًّا لدخول هذا المعترك. وفي مثل هذه الظروف السياسية القاسية، في المغرب والأندلس، سيطرت المناهج التربوية الخاضعة للمنهج التقليدي، الذي لا يسمح إلا قليلاً بالابتكار والإبداع، وحسب هذه الطريقة التي بسطها ابن خلدون في سيرته الذاتية، التي كتبها لنفسه، أن تحقق الانتماء إلى الإسلام والحضارة الإسلامية والعربية. فعندما بلغ عبدالرحمن سنَّ التعلُّمِ بدأ بحفظ القرآن وتجويده، حسب المنهج الذي كان متبعًا حينئذٍ في كثير من البلاد الإسلامية، وكانت المساجد حينئذٍ أهم مواطن التعليم؛ ففيها كان يحفظ القرآن، ويجوده بالقراءات على حَفَظته ومجوِّديه، وفيها كان يتلقَّى العلم على المشيخة. ولا يزال أهل تونس يعرفون إلى الآن المسجدَ الذي كان يختلف إليه ابن خلدون في فاتحة دراسته، ويعرف بمسجد القبة[2]، وقد درس ابن خلدون العلوم الشرعية - من تفسير، وحديث، وفقه - على المذهب المالكي، وأصول، وتوحيد، والعلوم اللسانية - من لغة، ونحو، وصرف، وأدب - ثم درس المنطق والفلسفة، والعلوم الطبيعية، والرياضيات. وكان ابن خلدون وفيًّا لأساتذته، بدءًا من والده (معلمه الأول)، ففصَّل الحديث في ترجمته لنفسه، في كتابه: "التعريف بابن خلدون، ورحلته غربًا وشرقًا" عن حياة كل منهم، وعن الفروع التي تعلَّمها على أيديهم، وحدَّد الكتب التي درسها عليهم، كاللامية في القراءات، والرائية في رسم المصحف للشاطبي، والتسهيل في النحو لابن مالك، والمعلقات، وبعض شعر أبي تمام والمتنبي، وصحيح مسلم، وموطأ مالك، وعلوم الحديث لابن الصلاح، والتهذيب للبرادعي، ومختصر المدونة لسُحنون في الفقه المالكي، ومختصر ابن الحاجب في الفقه والأصول[3]، وغيرها من الكتب. لكن المهم في الأمر، أن عقل ابن خلدون كان يتحرَّك من خلال هذه الدراسات، مستوعبًا وناقدًا، ومستنبطًا للخصائص الكلية، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا: إن قراءة ابن خلدون لكتاب مثل "الأغاني"، وحفظه لكثير من أشعاره - قد أحدث رد فعل عنده، على خلاف ردود الأفعال التي تكون عند الآخرين؛ لقد تعامل مع الكتاب، على أنه كتاب أدب، فاستعان به بطريقة انتقائية، فأخذ منه ما يخدم المنهج التاريخي السليم، وتَقْبَله وقائع العمران، ورفض ما سوى ذلك؛ بدليل أن تصوير صاحب "الأغاني" للحياة السياسية والاجتماعية في العصر الأُمَوي يختلف تمامًا عن تصوير ابن خلدون. وهذه القدرة النقدية في مواجهة كتاب "الأغاني"، والتي مكنت ابن خلدون من رفض كثير من آراء الأصفهاني، وإنصاف الدولتين الأُمَوية والعباسية - سياسيًّا واجتماعيًّا - لم يستطع أن يفهمها الدكتور طه حسين، فأنكر اطلاع ابن خلدون على كتاب "الأغاني"، ووقع بذلك في سقطة شنيعة من سقطاته الكثيرة التي احتشدت بها رسالته بالفرنسية عن (فلسفة ابن خلدون الاجتماعية)، التي كانت مجرد جمع تلفيقي لمثالب خيالية ضد ابن خلدون، أراد بها طه حسين ممالأة أساتذته الفرنسيين، وتشويه العملاق الأصيل عبدالرحمن بن خلدون. وكما يقول أستاذنا الدكتور علي عبدالواحد وافي - رحمه الله - فإن (ابن خلدون) لم يقرأ كتاب "الأغاني" فحسب، بل حفظ كثيرًا من أشعاره، ونقل كثيرًا من نصوصه في "المقدِّمة"، وفي "العبر"، بل لخَّص في مقدمته نفسها موضوعَ هذا الكتاب ومسائله وطريقته، ونقل عنه عبارات بنفسها، ومَدَحه ككتاب أدب ولغة[4]، ولكنه رفضه ككتاب تاريخ بصفة إجمالية. كان ابنُ خلدون ابنَ الثقافةِ الإسلامية الشرعية اللغوية، وكان عميقًا في قراءته للقرآن، واعتماده عليه، وانطلاقه منه، وقد حَرَص - وهو يبسط نظريته في العمران - على تدعيم كلامه بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والمأثور عن الصحابة أو التابعين، ومن ناحية أخرى حَرَص على أن يختم كل فصل من فصول المقدمة بآية قرآنية أو أكثر، أو بحديث نبوي، أو ابتهال إلى الله، وقد تتبع أستاذنا الدكتور "مصطفى الشكعة" نهايات فصول المقدمة، وأورد المأثورات التي وردت فيها[5]، وهذا يدل على جذور ثقافة ابن خلدون وأفكاره، لكن هذا لا يعني أن ابن خلدون كان ابن بيئته، وحصاد مجتمعه الذي عاش فيه[6]. لقد كان عصرُه عصرَ تقليد وجمود، لكن ابن خلدون أحسن القفز إلى المصادر الأصلية، بعيدًا عن ضغط الواقع الجامد، وعن وطأة اللحظة التاريخية بكل أثقالها السياسية والاجتماعية والثقافية، وأحسن الاتصال المباشر بالقيم والأفكار الدائمة الحياة في القرآن، والسيرة، والسنة، وعصور الألق والازدهار، والتجارب الوضيئة والمستمرة - بدرجةٍ ما - في كل العصور. والحق أننا بدون تصور هذا القفز بعيدًا عن ضغط الواقع، والاتصال المباشر بمصادر الإسلام، والتجارب التي تمثل حقائقه، وتنطلق منها - لا نجد تفسيرًا صحيحًا لظهور عباقرة الإسلام، ومجددي حقائقه في النفوس، أفرادًا كانوا أو جماعات. وهكذا فإن ابن خلدون لم يكن رجلاً يستسلم للفكر الساكن، أو للواقع الجامد، كما لم يكن رجلاً يقف متفلسفًا أمام الوقائع، أو مسجلاً لها وحسب، بل كان رجلاً من صنَّاع التاريخ، يغوص فيه مهما كانت الأوحال والأخطاء، ويتقلب يمينًا ويسارًا، لعله يجد ضالته، تمامًا كما كان سلفه العظيم "علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، المتوفي سنة 456هـ" يتقلَّب بين ملوك الطوائف، لعله يجد فيهم راشدًا، أو لعله يستطيع أن ينفخ في جذوة الدولة الأموية الأندلسية المنطفئة، وقد ذاق الرجلان السجن والتشريد، ويَئِسَا من الناس، ومالا إلى العزلة.. هذا في (منت ليشم) قريبًا من "لبلة" بغرب الأندلس، وصاحبنا ابن خلدون في قلعة بني سلامة، قريب من "فرندة" بولاية وهران (ولاية تاهرت في التنظيم الحديث بالجمهورية الجزائرية)! فكلاهما كان في توتره وتفاعله، وفي تعامله الثقافي، حتى مع اللامية والرائية، والمدونة، وشرح المدونة - عقلاً كبيرًا قادرًا على التفاعل الخلاَّق، ليس بالثورة، ولا بالخيانة للتراث، ولا بالاستعلاء عليه، ولا برميه بالماضوية، والجمود، والتاريخية الجامدة، ولكن ببعث الروح فيه، والانطلاق من قاعدته، كما ينطلق الصاروخ إلى الآفاق، من قاعدة صلبة مثبتة بالأرض! لا يمكن لأي باحث في سيرة ابن خلدون أن يتجاهل سنة (749هـ)، التي تمثِّل السنة السابعة عشرة من عمره، ففيها حدث الطاعون الجارف، الذي عمَّ العالم الإسلامي من سمرقند إلى الأندلس، والذي سماه ابن خلدون: (الفناء الكبير)، أو (الطاعون الجارف)، وفيه هلك أبواه، وأكثر مَن كان يأخذ عنهم العلم من مشيخته، وعكف ابن خلدون على طلب العلم، حتى استدعاه بعد ثلاث سنوات الوزير أبو محمد بن تافركين، المستبد بتونس، لكتابة العلامة عن السلطان أبي إسحاق[7]؛ أي: وضع عبارة: (الحمد لله، والشكر لله) والديباجة في المخاطبات الرسمية. وفي سنة 755هـ، وقيل: 756، استدعاه إلى فاس[8] السلطان أبو عنان المَرِيني - بعد سعي ابن خلدون - فأمضى هناك تسع سنوات مستمرًّا في عمله ضمن الكتَّاب الموقِّعين، وهو عمل رأى ابن خلدون نفسَه فوقه، فعمل على الانشغال بتثقيف نفسه، متعرضًا للاتهامات بالتآمر، ودخول السجن بين الحين والحين، والتقلب في المواقع المختلفة. ويقول ابن خلدون عن هذه الفترة: "وعاد السلطان أبو عنان إلى فاس، وجمع أهل العلم للتحليق بمجلسه، وجرى ذكري عنده، وهو ينتقي طلبة العلم للمذاكرة في ذلك المجلس، فأخبره الذين لقيتُهم بتونس عني، ووصفوني له، فكتب إلى الحاجب يستقدمني، فقدمت عليه سنة خمس وخمسين، ونظمني في أهل مجلسه العلمي، وألزمني شهود الصلوات معه، ثم استعملني في كتابته، والتوقيع بين يديه، على كرهٍ مني؛ إذ كنتُ لم أعهد مثله لسلفي، وعكفت على النظر والقراءة، ولقاء المشيخة من أهل المغرب، ومن أهل الأندلس، الوافدين في غرض السفارة، وحصلت من الإفادة منهم على البغية"[9]. "ولهذا وطد ابن خلدون العزم على خوض غمار الدسائس السياسة؛ ليحقق مطامحه وآماله، فلم تمضِ سوى سنتين على التحاق ابن خلدون ببلاط السلطان أبي عنان المريني، حتى تآمر عليه هو والأمير أبو عبدالرحمن محمد الحفصي صاحب بجاية المخلوع، وكان أسيرًا بفاس، فاتفق ابن خلدون مع هذا الأمير المخلوع على تدبير مؤامرة لتحريره، واسترداد ملكه على أن يوليه منصب الحجابة، متى تم له الأمر، فبلغ أبا عنان خبر هذه المؤامرة فقبض على ابن خلدون، وعلى الأمير المخلوع، وأودعهما سجنه، وذلك سنة 758 هـ"[10]. وبين سنتي 764 و 766 كان اليأس قد دبَّ إلى نفس ابن خلدون من المعترك السياسي في المغرب، فرحل إلى الأندلس متوجهًا أولاً إلى السلطان أبي عبدالله محمد بن يوسف بن نصر، ثالث ملوك بني الأحمر، وباني مسجد الحمراء في غرناطة، ومكلفًا ثانيًا من السلطان نفسه، بالسفارة عنه إلى (بدرو) الطاغية ملك قشتالة، فارتحل إلى إشبيلية ولقي الطاغية، وأبرم الصلح وعاين آثار أجداده بإشبيلية، وعرض عليه الطاغية الإقامة عنده، وأن يرد عليه تراث آبائه بإشبيلية، فاعتذر[11]. "وقد طابت الحياة له في الأندلس، واستقدم أهله، وهيأ لهم جميع أسباب الراحة، إلا أن أَمَد هذه السعادة لم يَطُل؛ إذ يبدو أن ابن الخطيب قد داخلتْه الغيرة بسبب الحظوة التي نالها ابن خلدون عند السلطان، فأخذ يسعى به لدى السلطان ابن الأحمر، حتى تكدَّر صفو العَلاقات بينهما، وحدثت الجفوة بين الرجلين، فأدرك ابن خلدون أنه لم يبقَ له مقام في الأندلس، وأن لا مناص من الرحيل عنها"[12]. ولعشر سنوات تالية (766 - 776) انغمس ابن خلدون في الحياة السياسية، متقلبًا في أتون الفتن، التي وقعت بين أصحاب بجاية، وقسنطينة، وتلمسان، من بني مَرِين، وبني زيان، وقد راودته نفسه غير مرة بالاعتزال، فاعتزل ببسكرة طورًا، وبرباط الشيخ الولي أبي مَرِين طورًا آخر، وبفاس طورًا ثالثًا، وأعتقد أن هذه السنوات كانت من أسوأ فترات حياة ابن خلدون. "ولم تكن تنتهي هذه السنوات العشر، حتى وجد ابن خلدون أن الأبواب قد سدَّت في وجهه، وأصبح موضع ريبة من جميع أمراء المغرب، فخلف أسرته بفاس وجاز إلى الأندلس ثانية في ربيع سنة 776هـ، لينزل ضيفًا على سلطان غرناطة ابن الأحمر، لكن بلاط فاس توجَّس خِيفة من إقامته بالأندلس، وخشي من دسائسه؛ فمنع عائلته من الالتحاق به، وفاوض سلطان غرناطة بتسليمه إليهم، فطلبوا إليه إبعاده إلى تلمسان، فأجابهم لذلك"[13]. وكان هذا السلوك ثمرةً من ثمرات هذه التجارِب السياسية المرَّة التي وضع ابن خلدون نفسَه فيها[14]. وعندما عاد ابن خلدون إلى المغرب - بعد رحلة فاشلة إلى الأندلس - حاول أمراء المغرب المتحاربون تسخيرَه لخدمتهم، لكنه كان قد اتخذ قرارًا باعتزال هذه الفتن كلِّها؛ ولهذا لجأ إلى أحياء أولاد عريف في قلعة (جبل كزول)، فأنزلوه بعد أن استقدموا له أهله من تلمسان، في قلعة بني سلامة الواقعة قريبًا من فرندة، وقريبًا من تاهرت في الجزائر (المغرب الأوسط)، وفي هذه القلعة أقام ابن خلدون أربع سنوات كتب المقدِّمة في خمسة أشهر منها، خلال سنة 779هـ، "متخليًا عن الشواغل كلها، وشرعتُ في تأليف هذا الكتاب، وأنا مقيم بها، وأكملت المقدمة منه على هذا النحو الغريب الذي اهتديت إليه في تلك الخلوة، فسالت فيها شآبيب الكلام والمعاني على الفكر، حتى امتخضت زُبدتُها، وتألفت نتائجها[15]".. ومن ثَمَّ بدأ ابن خلدون في كتابة تاريخه الموسوم بكتاب: "العِبَر وديوان المبتدأ والخبر في ديوان العرب والعجم والبربر"، معتمدًا على الكثير من حفظه وعلى قوة ذاكرته"[16]. لكن ابن خلدون اكتشف أن مشروعه الفكري من العُمق والسعة، بحيث لا يصلح معه هذا الاعتزال، وما يقتضيه من ابتعاد عن مصادر المعرفة والمعلومات؛ ولهذا رأى من الضروري أن يعمل على العودة إلى تونس؛ ليستعين بما في خزائن آثارها من مخطوطات وكتب على إتمام مشروعه، وقد مهَّد لتلك العودة بالكتابة إلى السلطان أبي العباس، ملتمسًا منه أن يسمح له بالعودة، وأن يعفو عنه، فتحقق له ما أراد. وفي أواسط سنة 780 هـ رجع ابن خلدون إلى تونس، راغبًا في اعتزال المناصب، والعكوف على مشروعه العلمي، لكن خصومه لم يتركوه، فسرعان ما كثرت ضده الوشايات، يقودها الفقيه المعروف محمد بن عرفة، ومع أنها لم تنجح، لثبات السلطان أبي العباس على حمايته، وأمره له بالإكباب على تأليف كتاب العِبر[17]، إلا أن ابن خلدون، بعد أن أمضى أربع سنوات في تونس، سئم مكابدة الأحقاد، فتوسل إلى السلطان في تخلية سبيله؛ لقضاء فريضة الحج، حتى أذن له، فركب البحر إلى الإسكندرية، فوصلها في شوال 784 هـ، وودع المغرب والأندلس إلى غير رجعة. وفي الفترة المصرية التي امتدت حوالي ربع قرن، تألَّق عبدالرحمن بن خلدون، وأعاد تنقيح (المقدمة) و(العبر) في ظلال القاهرة، التي كانت يومئذٍ (حاضرة الدنيا)، (وبستان العالم)، (ومحشر الأمم)، (ومدرج الذر من البشر)، (وإيوان الإسلام)، (وكرسي الملك)[18]، فدرس بأزهرها[19]، يوم كان أزهرَ الدنيا، الذي يجله العالم الإسلامي كله، ولا يتجاسر على النَّيْل منه أحد! ثم تولى التدريس في مدرسة القمحية[20]، التي كانت بجوار جامع عمرو بن العاص، ثم قضاء المالكية بمجلس الحكم بالمدرسة الصالحية[21]، ملتزمًا بشريعة الله، محاربًا الفساد، الذي كان من قدَر مصر في ذلك العصر، وكان قدرها في عهود أخرى كثيرة، عَرَفناها من كتب التاريخ. ومع ذلك لم تسكت حوادث الدهر عن ابن خلدون، ففجعته في أولاده جميعًا، فقد غرقت السفينة التي قَدِموا فيها من تونس، فمات أهله وولده، "وذهب الموجود والسكن والمولود، فعظم المصاب والجزع، ورجح الزهد"[22]، وطلب الإعفاء من منصبه، وعزم على الحج، وقضى فريضته، وذهب لزيارة بيت المقدس سنة 802 هـ، والتقى بتيمورلنك سنة 803 هـ، في دمشق، ثم عاد إلى القاهرة، فأعيد إلى منصبه للقضاء على مذهب المالكية، وظل يتقلب فيه بين تولية وعزل[23]، حتى لقي الله - غفر الله له - في الخامس والعشرين من رمضان سنة 808 هـ. هذه الحياة القلقة المتوترة، في هذه الظروف السياسية والقبلية المعقدة، لم تكن قادرة - بحد ذاتها - على إفراز رجل من طراز عبدالرحمن بن خلدون، لو لم يكن هناك ما يقف ابن خلدون فوقه غير هذه الأرضية الهشة، وهذا الواقع العفن المظلم، ولم يكن هذا الذي وقف ابن خلدون فوقه، غير هذه الحضارة الإسلامية، وتراثها العظيم، وأصولها الثابتة القوية. هذا الرجل الكبير، صاحب هذا العقل الموسوعي، الرجل الذي ينغمس في الأحداث، لكنه يبقى وثيق الصلة بالفكر والتراث، يحلم بلحظة الاعتزال؛ ليبحث - لمغربه وأمته - عن حل جذري، يمتد إلى أعماق الرؤية الحضارية، ويتجاوز اللعبة السياسية الظاهرة. هذا الرجل، كان يختزن تراثه، ويعرف إمكانات أمته الحضارية في الانبعاث، ويدرك أن الواقع نتاج خطأ في الرؤية، وفقر في الفكر، وضباب في الوعي الحضاري. لقد كان ابن خلدون قد يئس من الإصلاح عن طريق السياسة، ولعله وهو يحقق طموحه المشروع - المنطلق بشعوره بفوقيته وعبقريته - كان يحاول وهو يتقلب في المناصب أن يجد مكانًا ملائمًا، يستطيع التغيير من خلاله، لكنه وجد هذا الطريق السياسي مغلقًا، فالحكام المتصارعون (الطائفيون)، في المغرب والأندلس، ينظرون إلى أي منصب في دولتهم الطائفية، حتى لو كان منصب الحاجب (أو رئيس الوزراء)، على أنه منصب تنفيذي، وعلى صاحبه أن يكون مترجمًا لهوى الحاكم، وألا يحاول أن يكون عقلاً مستقلاًّ يضاف إلى عقل الحاكم، بل عليه أن يكون - لكي يبقى وينجح - جزءًا من عقل الحاكم، يبرر له ما يريده، أو شارحًا للمتن، الذي يُملِيه عليه الحاكم المعصوم! وقد لا تكون شخصية (الحاجب) أو (الوزير)، ملغاة تمامًا، لكن من المؤكد أن القرارات الكبرى، التي تتصل بالسيادة والحفاظ على (الدولة)، وطموحات صاحبها، تبقى في فترة كالتي عاش فيها ابن خلدون، غيرَ قابلة للاجتهاد، أو التعدد في الرأي، وبالتالي فأقصى ما يستطيعه السياسي التنفيذي من تغيير، يبقى في مستوى الجزئيات المعاشية الاجتماعية، والاقتصادية، وليس في البناء العام! كان الإصلاح عن طريق الفكر هو المتاح، بل المطلوب، حتى ولو تأخَّر الزمان بعض الوقت، فذلك خير من الاستسلام اليائس، وكان ابن خلدون مدركًا أن هذا هو حصاد تراكمات سياسية، ونفسية، وعقلية، سيطرت على المغرب والأندلس، بعد سقوط الموحِّدين في موقعة الأرك (609 هـ)، وظهور الدول الوارثة المتطاحنة في المغرب، وسقوط المدن الأندلسية، وانحسار الإسلام في الأندلس في غرناطة ووادي آش تحت إمرة بني نصر القحطانيين. إن هذا الواقع المريض لم يكن يملك الدواء، لكنه كان يملك عوامل الإثارة التي تدفع الطبيب للبحث عن الدواء. إن هذا الواقع السياسي والمعاشي، وما يكتنفه من أمراض وعوارض قدرية من الله - "كالطاعون الأسود" - أو الخلافات السياسية القبلية التي أفرزها خروج قطار المجتمع عن قضبانه الصحيحة -كان هذا الواقع بأوزاره، يقوم بعملية الشحن الكبيرة لابن خلدون، وبخاصة أنه عاش هذا الواقع في أسوأ مستوياته، في المستوى السياسي العفن، وكان تراث ابن خلدون الموسوعي، ورصيده في الفقه الحضاري الإسلامي، والوعي التاريخي - يشدانه إلى العكوف على تقعيد وسائل الخروج من هذا الواقع؛ إنه فقيه ومُفْتٍ، وهذا يقتضي استيعابه الكبير للمعطيات القرآنية، التي قدمت رصيدًا كبيرًا لأحوال الأمم السابقة، صعودًا وانكسارًا. ويقتضي استيعابه للسيرة النبوية الشريفة، والنموذج الأعلى الذي قدَّمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته في دولة المدينة الراشدة، ثم تجارب الأُمَوِيين والعباسيين السياسية والحضارية، كما أن ثقافته الشرعية تقتضي إلمامًا كبيرًا بأصول الفقه، وهو علم المنطق الإسلامي. كل هذه العناصر المكونة لثقافته، لا يمكن إغفال نصيبها في فكره وفي إبداعه، لا سيما وأنه ظل موصولاً بها، ولم ينقطع عنها، أو يعلن ثورته عليها، بل بَقِي يتقلَّب في مناصب القضاء والإفتاء على الفقه المالكي، حتى أواخر أيام حياته في القاهرة! "لم يكن محيط ابن خلدون - الذي هو الواقع - عاجزًا عجزًا كليًّا، بحيث إنه لم يجد في هذا المحيط أي تراث منهجي أو مفهومي يسعفه في تسمية وتحليل الواقع الماثل أمامه"[24]، فهذا الخلاء أو (الفراغ) الكامل، غير ممكن في واقع ينتمي إلى حضارة عظيمة، ذات مصادر ثابتة حاضرة دائمًا كالحضارة الإسلامية. إن سيادة الفوضى، وضعف الفاعلية، وغياب العقل، وسطحية الارتباط بالمصادر لدى العامة والصفوة - هي العوامل التي تشل الواقع، وتجهض محاولات بعثه، حتى لو كان المجتمع مكدسًا بالتراث الثري، والمفاهيم الفاعلة. إن (الإرسال) موجود وقوي، لكن (الاستقبال) ضعيف وراكد! وكانت أكبر العوائق التي يواجهها ابن خلدون، تتمثل في ضغط هذا الواقع، وكان في حاجة ماسَّة إلى الفرصة التي يستطيع فيها الخروج من هذا الواقع وتجاوزه، وبالتالي رصده بطريقة منهجية تنظيرية في ضوء رصيده الثقافي، وثوابته الحضارية، ومعطيات الواقع أيضًا. وعندما جاد الله عليه بالعزلة في قلعة بني سلامة، وجدَت الأفكارُ المختزَنة فرصتَها للبروز، فكان أن ولدت (مقدمة ابن خلدون)، كاملة الأعضاء، واضحة القسمات.. إنها لم تكن ثمرة هذه البيئة الراكدة، بل كانت نبتة شرعية لمصادر عظيمة، وموروث ثقافي وحضاري كبير! [1] محمد عابد الجابري، العصبية والدولة، ص 25، طـ الثالثة، دار الطليعة، بيروت، 1982م. [2] علي عبدالواحد وافي: عبقريات ابن خلدون، ص 25، نشر عالم الكتب، القاهرة 1973م. [3] انظر: التعريف ص 17 - 56، ط نشر دار الكتب اللبنانية 1979، (وجدير بالذكر أن التعريف هو الخاتمة للعبر، لكنه فُصل عنه، واستقل كتابًا تحت اسم: "التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا وشرقًا"). [4] انظر كتاب (العبر)، ج2، ص19، 240، 241، 272، 273 - 288، مطبعة بولاق، انظر د. وافي: (عبقريات ابن خلدون)؛ ص 31، 32، 33، طبع عالم الكتب بمصر. [5] الأسس الإسلامية في فكر ابن خلدون ونظرياته، ص 98، وما بعده، الطبعة الثانية 1408هـ، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة. [6] المرجع السابق، ص 12، (حيث يذهب الدكتور الشكعة، إلى أن ابن خلدون ابن بيئته، ونحن هنا نرد على هذا الرأي، ويذهب إلى هذا الرأي أيضًا الدكتور عفت الشرقاوي في كتاب: (أدب التاريخ عند العرب)، ص 328، طبع دار العودة بيروت، فيرى أننا لا يجوز أن نتصور ابن خلدون تصورًا بطوليًّا منفصلاً عن بيئته وعصره، ونحن نتساءل: لِمَ لا؟! وكيف يظهر العباقرة والأبطال إذًا؟! [7] انظر ابن خلدون: التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا وشرقًا، ص 57. [8] التعريف، ص 60، 69. [9] التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا وشرقًا، ص 60، 61. [10] ابن خلدون مؤرخًا، د. حسين عاصي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ص 25. [11] التعريف، ص 84، وانظر: عمر الطباع: ابن خلدون في سيرته وفلسفته، ص 39، نشر مؤسسة المعارف، بيروت، ط1، 1412هـ. [12] ابن خلدون: التعريف، ص 96، وانظر: حسين عاصي: ابن خلدون مؤرخًا، ص 31، ويصور ابن خلدون تردِّي عَلاقته بابن الخطيب في عبارات موحية، فيقول: "ثم لم يلبث الأعداء وأهل السعايات أن خيلوا الوزير ابن الخطيب من ملابستي للسلطان، واشتماله علي، وحركوا له جواد الغيرة فتنكر، وشممتُ منه رائحة الانقباض، مع استبداده بالدولة، وتحكمه في سائر أحوالها". [13] ابن خلدون: التعريف، ص 244. [14] ابن خلدون مؤرخًا؛ د. حسين عاصي، ص 38. [15] التعريف، 245 - 246. [16] انظر عبدالرحمن بدوي، مؤلفات ابن خلدون، ص 34 - 36، طبع دار المعارف، بمصر 1966. [17] التعريف، ص 249. [18] التعريف، ص 164. [19] مما أورده المقريزي في السلوك في حوادث سنة 784 هـ، قوله: "وفي هذا الشهر (رمضان) قدم شيخنا أبو زيد عبدالرحمن بن خلدون من بلاد المغرب، واتصل بالأمير الطنبغا الجوباني، وتصدى للاشتغال بالجامع الأزهر، فأقبل الناس عليه وأعجبوا به". [20] التعريف، 272، مؤلفات ابن خلدون، الصفحات من 13 إلى 27. [21] التعريف، 273، 276، المرجع السابق، الصفحات من 46 إلى 52. [22] التعريف، 279، 281. [23] انظر التعريف 388، وما بعدها. [24] سالم حميش: الخلدونية في مرآة فلسفة التاريخ، مجلة الاجتهاد، عدد 22، سنة 1414هـ، بيروت الموضوعالأصلي : [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: farida
| |||||||
الأحد 15 أكتوبر - 12:50:27 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: رد: [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية قيام الحضارات وسقوطها " ابن خلدون نموذجًا " ابن خلدون (732-808هـ =1332-1406م): عبدالرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، وليّ الدين الحضرميّ الإشبيلي، من ولد وائل بن حجر: الفيلسوف المؤرخ، العالم الاجتماعي البحاثة. أصله من إشبيلية، ومولده ومنشأه بتونس. رحل إلى فاس وغرناطة وتلمسان والأندلس، وتولى أعمالا، واعترضته دسائس ووشايات، وعاد إلى تونس. ثم توجه إلى مصر فأكرمه سلطانها الظاهر برقوق. وولي فيها قضاء المالكية، ولم يتزيّ بزيّ القضاة محتفظًا بزيّ بلاده. وعزل، وأعيد. وتوفي فجأة في القاهرة. كان فصيحًا، جميل الصورة، عاقلا، صادق اللهجة، عزوفًا عن الضيم، طامحًا للمراتب العالية. ولما رحل إلى الأندلس اهتزّ له سلطانها، وأركب خاصته لتلقيه، وأجلسه في مجلسه. اشتهر بكتابه (العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر- ط) في سبعة مجلدات، أوّلها (المقدمة) وهي تعد من أصول علم الاجتماع، ترجمت هي وأجزاء منه إلى الفرنسية وغيرها. وختم (العبر) بفصل عنوانه (التعريف بابن خلدون) ذكر فيه نسبه وسيرته وما يتصل به من أحداث زمنه. ثم أفرد هذا الفصل، فتبسّط فيه، وجعله ذيلا للعبر، وسماه (التعريف بابن خلدون، مؤلف الكتاب، ورحلته غربا وشرقا- ط) ومن كتبه (شرح البردة) وكتاب في (الحساب) ورسالة في (المنطق) و(شفاء السائل لتهذيب المسائل- ط) وله شعر. وتناول كتّاب من العرب وغيرهم سيرته وآراءه، في مؤلفات خاصة، منها: (حياة ابن خلدون– ط) لمحمد الخضر بن الحسين، و(فلسفة ابن خلدون- ط) لطه حسين، و(دراسات عن مقدمة ابن خلدون- ط) لساطع الحصري، جزءان، و(ابن خلدون، حياته وتراثه الفكري- ط) لمحمد عبدالله عنان، و(ابن خلدون- ط) ليوحنا قمير، ومثله لعمر فروخ[1]. حياة ابن خلدون: اجتاز ابن خلدون في حياته أربع مراحل، تمتاز كل مرحلة منها بمظاهر خاصة من نشاطه العلمي والعملي: (المرحلة الأولى) مرحلة النشأة والتلمذة والتحصيل العلمي. وتمتد من ميلاده سنة 732هـ لغاية سنة 751هـ، فتستغرق زهاء عشرين عامًا هجريًّا. وقد قضاها كلها في مسقط رأسه بتونس، وقضى منها نحو خمسة عشر عامًا في حفظ القرآن وتجويده بالقراءات والتلمذة على الشيوخ وتحصيل العلوم. (المرحلة الثانية) مرحلة الوظائف الديوانية والسياسية. وتمتد من أواخر سنة 751هـ إلى أواخر سنة 776هـ، فتستغرق زهاء خمسة وعشرين عامًا هجريًّا، قضاها متنقلا بين بلاد المغرب الأدنى والأوسط والأقصى وبعض بلاد الأندلس، وقد استأثرت الوظائف الديوانية والسياسية بمعظم وقته وجهوده في أثناء المرحلة. (المرحلة الثالثة) مرحلة التفرغ للتأليف. وتمتد من أواخر سنة 776هـ إلى أواخر سنة 784هـ، فتستغرق نحو ثمان سنين، قضى نصفها الاول في قلعة ابن سلامة ونصفها الأخير في تونس، وقد تفرغ في هذه المرحلة تفرغًا كاملاً لتأليف "كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر". ويطلق الآن على القسم الأول من هذا الكتاب اسم مقدمة ابن خلدون، وهو يشغل مجلدًا واحدًا من سبعة مجلدات يشغلها هذا الكتاب بحسب طبعة بولاق، ولم يستغرق تأليف هذا القسم في وضعه الأول إلا خمسة أشهر فحسب. (المرحلة الرابعة) مرحلة وظائف التدريس والقضاء. وتمتد من أواخر سنة 783هـ إلى أواخر سنة 808هـ، فتستغرق زهاء أربع وعشرين سنة قضاها كلها في مصر؛ وقد استأثرت وظائف التدريس والقضاء بأكبر قسط من وقته وجهوده في أثناء هذه المرحلة[2]. الظروف والأحداث في حياة ابن خلدون: لكل عصر قيمه وعاداته وطرائقه وأساليب الحياة السائدة فيه، التي تحدد ملامح حضارة هذا العصر، والتي يعكسها الإنتاج الفكري لعلمائه ومثقفيه. كما يعكس هذا الإنتاج الفكري ملامح الحضارة والعصر التي ينتمي إليها فهو أيضًا يتأثر بهما، لهذا ترتبط عملية استيعاب وفهم الإنجاز العلمي والفكري للعلامة "ابن خلدون" بالتعرف على ظروف عصره وملامحه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية[3]. الحياة الاقتصادية والاجتماعية في عصر "ابن خلدون": كان النشاط الاقتصادي من أكثر الأنشطة الاقتصادية رواجًا في المغرب العربي، حيث كانت قوافل التجارة تقطع فيافي هذه البلاد[4]. ويصف ابن بطوطة بلاد المغرب بأنها هي أرخص البلاد، وأكثرها خيرات، وأعظمها فوائد. وبخلاف النشاط التجاري كان هناك نشاط زراعي واسع في بلاد المغرب الأقصى، وكان استثمار الأراضي للزراعة كان يدرُّ مدخلات طيبة. وقد انعكس هذا الرخاء الزراعي على مستوى ونوعية الحياة في تلك البلدان التي عرفت أيضًا نهضة عمرانية كبيرة أشارت كتب الرحالة إلى أبرز معالمها، ولم تقتصر النهضة العمرانية على القصور فقط ولكنها تضمنت الكثير من الطرق البرية والبحرية التي سهلت التنقل من مكان إلى آخر[5]. أما من الناحية الاجتماعية: فالعصر الوسيط الذي ينتمي إليه "ابن خلدون" لم تعرف مجتمعاته الطبقات الرأسية –كما هو الحال اليوم- بل كانت طبقات ومراتب وأصنافًا أفقية على طول امتداد العالم الإسلامي. فهناك طبقة الجنود وطبقة العلماء وطبقة التجار وطبقة المتصوفة...إلخ. وكان أفراد كل طبقة يتعاطفون فيما بينهم بغض النظر عن اختلاف جنسياتهم، مهما بعدت بهم المسافات وفرقت بينهم السياسات، بمعنى أن العالمية والوحدة كانتا من سمات العصر الوسيط، وهو أمر كان ملائمًا لطبيعة البنية السياسية والنشاط الاقتصادي لذلك العصر[6]. ولم تختلف أوضاع الحياة الاقتصادية والاجتماعية بمصر - البلد التي قضى فيها ابن خلدون الربع قرن الأخير من حياته - كثيرًا عن الحياة في بلاد المغرب العربي؛ من حيث ازدهار الحياة الاقتصادية، وهو ما يظهر بوضوح في الانطباعات الخلاقة التي أوردها "ابن بطوطة" من خلال وصفه لهذه البلاد التي زارها أثناء رحلته، ووصفه لمصر الحضارية التي بهرته مثلما بهرت معاصره "ابن خلدون"[7]. الحياة الثقافية والسياسية في عصر ابن خلدون: لا يمكن الفصل بين الإنجاز العلمي الذي قدمه "ابن خلدون" للإنسانية وبين طبيعة الحياة الثقافية والفكرية والسياسية التي عاصرها "ابن خلدون"، وشكلت ملامح فكره وتكوينه المعرفي. فقد كان "ابن خلدون" تجسيدًا في شخصه لوحدة علمية وثقافية شملت العالم العربي الإسلامي، كما كان تجسيدًا في فكره لفلسفة التاريخ الإسلامي، وممثلا لحال الثقافة العربية الإسلامية في عصر توهُّجها الأخير؛ حيث عاش في زمن "كان" العرب والمسلمون فيه ما يزالون يقودون البشرية صوب التقدم والرقي، ومن ناحية أخرى كان العصر الذي عاش فيه "ابن خلدون" هو عصر "التجميع"، الذي أنتج الموسوعات الكبرى، عصر التوهج الأخير الذي شهِد محاولات "الجمع" أكثر من محاولات "الإبداع"؛ فقد كتب النويري "نهاية الأرب في فنون الأدب"، وكتب العمري "مسالك الأبصار"، وكتب القلقشندي "صبح الأعشى"، كما كتب غيرهم مؤلفات وموسوعات ومعاجم "جامعة"[8]. ومن ناحية أخرى، ازدهرت الكتابة التاريخية العربية، وتنوعت أنماط الكتابة التاريخية ما بين الكتب العامة، والرسائل ذات الموضوع الواحد، والسير الملكية، والتاريخ الحضري الذي يختص بمدينة ما، وفضائل البلدان، والخطط. كان "ابن خلدون" هو ابن العصر الأخير من عصور الثقافة العربية الإسلامية (القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي)[9]. وإذا كان هذا العصر قد تميز - كما أسلفنا - بغزارة الإنتاج العلمي لعمالقة الفكر في الغرب الإسلامي، إلا أنه يمكن القول: بأن أدب الرحلات هو من أهم الآثار التراثية التي ميزت هذه الحقبة. فقد جاب عدد كبير من الرحالة المغاربة والأندلسيين الشمال الإفريقي طولاً وعرضًا، وجاسوا فيه خلال الديار، وفحصوا أغواره، وأنجاده، واصفين لنا بدقة الأحوال السياسية، والثقافية، والتاريخية، والاجتماعية، والاقتصادية، والعمرانية لهذه البلاد[10]. ورغم ما تؤكده كتب الرحلة من ازدهار الحركة العلمية والثقافية في عصر "ابن خلدون" نجدها تشير أيضًا إلى ملامح الحياة السياسية في تلك الحقبة، وهي الملامح التي أثرت على رؤية "ابن خلدون" الفكرية، والتي يعكسها كتاب "العبر في ديوان المبتدأ والخبر" بجميع أجزائه، ففي هذا العمل وضع "ابن خلدون" خلاصة تجاربه، وبرز كمؤرخ فهم التاريخ بمعناه الحقيقي الشامل الذي يتلخص في: أن الحدث التاريخي أكبر من أن يكون حدثًا سياسيًّا فقط، بل هو نتيجة لتفاعل عدد من العوامل السياسية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك النفسية أيضًا، وهذا مما دعا "ابن خلدون" إلى الكلام عن مفهوم التاريخ على أنه أشبه بمفهوم الحضارة؛ أي: جعله تاريخًا للأمم والشعوب بدلاً من سير الملوك والأمراء وطبقات الأعيان، لهذا لا يمكن فصل رؤية "ابن خلدون" عن أسباب قيام الحضارات والدول وانهيارها بمعزل عن واقع الحياة السياسية في عصره بكل تعقيداتها والتي كان "ابن خلدون" نفسه طرفًا في بعضها، فقد حكمت الشمال الإفريقي في هذا العصر إمارات تميَّزت إلى حد ما بالرفاهية والقوة والمنعة، وهي الإمارات التي تجزَّأت إليها دولة الموحدين بعد سقوطها عام 667هـ/1268م[11]. وقد تواترت في رحلات الرحالة في تلك الفترة الإشارة إلى الصراعات السياسية بين الإمارات المتنازعة وجهود بعض الحكام لتوحيدها[12]. وبجانب الصراعات السياسية الناشئة بين حكام الإمارات، وما أدت إليه من اضطراب سياسي، كان هناك أيضًا مشكلات الصراعات القبلية التي نجَمت عن ضعف السلطة السياسية، وأدت إلى خروج العديد من القبائل عليها وممارستها لعمليات السلب والنهب[13]. كذلك تشير كتب الرحلة في تلك الفترة إلى ظلم واستبداد الحكام ونهبهم للمحكومين بدون أي رادعٍ[14]. كان العالم الإسلامي أيضًا يعاني من أعداء صليبيين، ولا سيما في المغرب والأندلس؛ حيث كثيرًا ما لجأت الأندلس لاستصراخ إخوانها المغاربة للجهاد ضد المسيحيين[15]. أما الجناح الشرقي للعالم الإسلامي، فقد كان يتعرض لخطر هجمات التتار الذين احتك بهم "ابن خلدون" بنفسه[16]. هذه هي أهم الصور والأحداث التي أثرت في فكر "ابن خلدون"، وكان لها اكبر الأثر في فكره وكتابته. قيام الحضارات وسقوطها عند ابن خلدون: اهتم ابن خلدون بقضية الحضارة والعمران وبيان أسبابها ومظاهرها، وأسباب اندثارها وانحطاطها، هذا ما برز في مقدمة ابن خلدون، وسوف نتحدث عن هذه القضية من كلام ابن خلدون نفسه. ولكن قبل أن نبدأ نقرر: أن ابن خلدون لم يرتكب خطأً حصر نفسه في المتغيرات الاقتصادية وحدها لتفسير التنمية والانحطاط، بل إنه اعتمد على مقاربة دينامية متعددة فروع المعرفة؛ ليُبين كيف أن العلاقة المترابطة للعلاقة الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية، والسياسية والتاريخية والديموغرافية، تؤدي إلى نهضة المجتمعات وسقوطها[17]. أسباب الحضارة والعمران عند ابن خلدون: 1- العوامل الطبيعية الجغرافية: إن للحضارة عند ابن خلدون سببًا طبيعيًّا جغرافيًّا، ففي المقدمة الثالثة يعنونها ابن خلدون بعنوان: "في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير من أحوالهم"، ثم يفسر ذلك بقوله: "قد بينا أن المعمور من هذا المنكشف من الأرض إنما هو وسطه لإفراط الحر في الجنوب والبرد في الشمال، ولما كان الجنبان من الشمال والجنوب متضادين في الحر والبرد، وجب أن تندرج الكيفية من كليهما إلى الوسط، فيكون معتدلاً، فالإقليم الرابع أعدل للعمران، والذي حافته من الثالث والخامس أقرب إلى الاعتدال، والذي يليهما من الثاني والسادس بعيدان من الاعتدال، والأول والسابع أبعد بكثير، فلهذا كانت العلوم والصنائع والمباني والملابس والأقوات والفواكه، بل والحيوانات وجميع ما يتكون في هذه الأقاليم الثلاثة المتوسطة مخصوصة بالاعتدال، وسكانها من البشر أعدل أجسامًا وألوانًا وأخلاقًا وأديانًا، حتى النبوات فإنما توجد في الأكثر فيها، ولم نقف على خبر بعثة في الأقاليم الجنوبية ولا الشمالية، وذلك أن الأنبياء والرسل إنما يختص بهم أكمل النوع في خَلْقهم وأخلاقهم؛ قال تعالى: ﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ [آل عمران:110]...[18] [19]. 2- الانتقال من البداوة إلى الحضر: ثاني هذه العوامل التي تساعد في قيام الحضارة والعمران الانتقال من طور البداوة إلى طور الحضارة. فقد بين ابن خلدون أن أجيال البدو والحضر طبيعية، فاختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نِحْلَتِهِم من المعاش، فإن اجتماعهم إنما هو للتعاون على تحصيله والابتداء بما هو ضروري منه وبسيط قبل الحاجي والكمالي، فمنهم من يستعمل الفلح من الغراسة والزراعة، ومنهم من ينتحل القيام على الحيوان من الغنم والبقر، والمعز والنحل والدود، لِنتَاجِها واستخراج فضلاتها، وهؤلاء القائمون على الفلح والحيوان تدعوهم الضرورة - ولا بد - إلى البَدْو؛ لأنه متسِعٌ لما لا يتَّسِعُ له الحواضر من المزارع والفُدُن والمسارح للحيوان وغير ذلك، فكان اختصاص هؤلاء بالبدو أمرًا ضروريًّا لهم، وكان حينئذ اجتماعهم وتعاونهم في حاجاتهم ومعاشهم وعمرانهم من القوت والكِنِّ والدَّفاءة، إنما هو بالمقدار الذي يحفظ الحياة، ويحصِّلُ بُلغَة العيش من غير مزيد عليه، للعجز عما وراء ذلك. ثم إذا اتسعت أحوال هؤلاء المنتحلين للمعاش، وحصل لهم ما فوق الحاجة من الغنى والرَّفْه، دعاهم ذلك إلى السكون والدَّعة، وتعاونوا في الزائد على الضرورة، واستكثروا من الأقوات والملابس، والتأنق فيها وتوسعة البيوت، واختطاط الأمصار للتحضر، ثم تزيد أحوال الرَّفْه والدَّعة فتجيء عوائد الترف البالغة مبالغها في التأنق في علاج القوت واستجادة المطابخ، وانتقاء الملابس الفاخرة في أنواعها من الحرير والديباج وغير ذلك، ومعالاة البيوت والصروح، وإحكام وضعها في تنجيدها، والانتهاء في الصنائع في الخروج من القوة إلى الفعل إلى غاياتها، فيتخذون القصور والمنازل، ويُجْرون فيها المياه ويعالون في صَرْحها، ويبالغون في تنجيدها، ويختلقون في استجادة ما يتخذونه لمعاشهم من ملبوس أو فراش، أو آنية أو ماعون، وهؤلاء هم الحضر، ومعناه الحاضرون أهل الأمصار والبلدان، ومن هؤلاء من ينتحل في معاشه الصنائع ومنهم من ينتحل التجارة. وتكون مكاسبهم أنمى وأرفه من أهل البدو؛ لأن أحوالهم زائدة على الضروري ومعاشهم على نسبة وُجْدهم. فقد تبين أن أجيال البدو والحضر طبيعية لا بد منها كما قلنا[20] [21]. 3- وجود سياسة ينتظم بها أمر العمران: يرى ابن خلدون أن الاجتماع البشري ضروري، وأنه لا بد لهم في الاجتماع من وازع حاكم يرجعون إليه، وحكمه فيهم: تارة يكون مستندًا إلى شرع منزل من عند الله يوجب انقيادهم إليه إيمانُهم بالثواب والعقاب عليه الذي جاء به مبلَّغُه؛ وتارة إلى سياسة عقلية يوجب انقيادهم إليها ما يتوقعونه من ثواب ذلك الحاكم بعد معرفته بمصالحهم. فالأولى يحصل نفعها في الدنيا والآخرة لعلم الشارع بالمصالح في العاقبة، ولمراعاته نجاة العباد في الآخرة، والثانية إنما يحصل نفعها في الدنيا فقط. وما تسمعه من السياسة المدنية فليس من هذا الباب، وإنما معناه عند الحكماء ما يجب أن يكون عليه كل واحد من أهل ذلك المجتمع في نفسه وخلقه حتى يستغنوا عن الحكام رأسًا: ويسمون المجتمع الذي يحصل فيه ما يسمى من ذلك "بالمدينة الفاضلة"؛ والقوانين المراعاة في ذلك "بالسياسة المدنية". وليس مرادهم السياسة التي يُحْمل عليها اهل الاجتماع بالمصالح العامة؛ فإن هذه غير تلك. وهذه المدينة الفاضلة عندهم نادرة أو بعيدة الوقوع، وإنما يتكلمون عليها على جهة الفرض والتقدير. ثم إن السياسة العقلية التي قدمناها تكون على وجهين. أحدهما يراعي فيها المصالح على العموم ومصالح السلطان في استقامة ملكه على الخصوص. وهذه كانت سياسة الفرس وهي على جهة الحكمة. وقد أغنانا الله عنها في الملة ولعهد الخلافة، لأن الأحكام الشرعية مغنية عنها في المصالح العامة والخاصة والآداب، وأحكام الملك مندرجة فيها، الوجه الثاني أن يراعى فيها مصلحة السلطان وكيف يستقيم له الملك مع القهر والاستطالة، وتكون المصالح العامة في هذه تبعًا، وهذه السياسة التي يحمل عليها أهل الاجتماع التي لسائر الملوك في العالم من مسلم وكافر، إلا أن ملوك المسلمين يجرون منها على ما تقتضيه الشريعة الإسلامية بحسب جهدهم؛ فقوانينها إذًا مجتمعة من أحكام شرعية، وآداب خلقية، وقوانين في الاجتماع طبيعية، وأشياء من مراعاة الشوكة والعصبية ضرورية، والاقتداء فيها بالشرع أولاً، ثم الحكماء في أدبهم والملوك في سيرهم[22]،[23]. 4- الثروة ودورها في الحضارة والعمران: المال عند ابن خلدون لا يعتمد على الحظ أو قراءة النجوم، أو وجود مناجم الذهب والفضة؛ يقول ابن خلدون: "اعلم أن كثيرًا من ضعفاء العقول في الأمصار يحرصون على استخراج الأموال من تحت الأرض، ويبتغون الكسب في ذلك، ويعتقدون أن أموال الأمم السالفة مختزنة كلها تحت الأرض مختوم عليها بطلاسم سحرية لا يفض ختامَها ذلك إلا من عثر على علمه، واستحضر ما يحله من البخور والدعاء والقربان"[24]. وقد أكد ابن خلدون أن الكسب والإنتاج والعمران لا يتحقق إلا بالعمل، فيقول: "فلا بد من الأعمال الإنسانية في كل مكسوب ومتمول؛ لأنه إن كان عملاً بنفسه مثل الصنائع فظاهر، وإن كان مقتنى من الحيوان والنبات والمعدن، فلا بد فيه من العمل الإنساني كما تراه، وإلا لم يحصل ولم يقع به انتفاع"[25]. 5- العدل ودوره في العمران والحضارة: فقد أكد ابن خلدون على أهمية العدل في قيام الحضارات، ففي عنوان له في المقدمة "الظلم مؤذن بخراب العمران"؛ يقول ابن خلدون: "اعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها لما يرونه حينئذ من أن غايتها ومصيرها انتهابُها من أيديهم، وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها انقبضت أيديهم عن السعي في ذلك، وعلى قدر الاعتداء ونسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب، فإذا كان الاعتداء كثيرًا عامًّا في جميع أبواب المعاش، كان القعود عن الكسب كذلك لذهابه الآمال جملة بدخوله من جميع أبوابها، وإن كان الاعتداء يسيرًا كان الانقباض عن الكسب على نسبته، والعمران ووفوره ونَفَاق أسواقه، إنما هو بالأعمال، وسعي الناس في المصالح والمكاسب، ذاهبين وجائين، فإذا قعد الناس عن المعاش وانقبضت أيديهم عن المكاسب كسدت أسواق العمران، وانتقضت الأحوال وابْذَغَرَّ[26] الناس في الآفاق من غير تلك الإيالة في طلب الرزق فيما خرج عن نطاقها، فخف ساكن القطر، وخلت دياره، وخربت أمصاره، واختل باختلاله حال الدولة والسلطان؛ لما أنها صورة للعمران تفسد بفساد مادتها ضرورةً"[27]. ثم يقول ابن خلدون: "واعلم أن هذه هي الحكمة المقصودة للشارع في تحريم الظلم، وهو ما ينشأ عنه من فساد العمران وخرابه، وذلك مؤذن بانقطاع النوع البشري، وهي الحكمة العامة المراعاة للشرع في جميع مقاصده الضرورية الخمسة، من حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فلما كان الظلم كما رأيت مؤذنًا بانقطاع النوع لما أدى إليه من تخريب العمران، كان حكمة الحظر فيه موجودة، فكان تحريمه مهمًا، وأدلته من القرآن والسنة كثيرة، أكثر من أن يأخذها قانون الضبط والحصر"[28]. أسباب انهيار الحضارة والعمران عند ابن خلدون: أشار ابن خلدون في مقدمته عن أسباب انهيار الحضارات وخراب العمران، ومن هذه الأسباب التي ذكرها ابن خلدون: 1- تغلب العرب على الأوطان[29]: وقد أشار ابن خلدون إلى هذا الأمر، وعنون له عنوانًا: "العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب"، وقد فسر ذلك بقوله: "والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم، فصار لهم خلقًا وجبلة، وكان عندهم ملذوذًا لما فيه من الخروج عن رِبقة الحكم، وعدم الانقياد للسياسة، وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له"[30]. 2- الاستبداد بالملك وحصول الترف: وقد بين ذلك ابن خلدون بقوله: "وبيانه من وجوه: الأول: ما كان المجد مشتركًا بين العصابة، وكان سعيهم له واحدًا، كانت همتهم في التغلب على الغير والذّبِّ عن الحَوْزَةِ، وإذا انفرد الواحد منهم بالمجد قرع عصبيتهم، وكبح من أعنَّتهم واستأثر بالأموال دونهم، فتكاسلوا عن الغزو، وفشل ريحهم، ورئموا المذلة والاستعباد، ثم رُبِّي الجيل الثاني منهم على ذلك، يحسبون ما ينالهم من العطاء أجرًا من السلطان لهم على الحماية والمعونة. والوجه الثاني: أن طبيعة الملك تقتضي الترف، فتكثر عوائدهم وتزيد نفقاتهم على أعْطِياتهم، ولا يفي دخلهم بخرجهم؛ فالفقير منهم يَهْلك، والمترف يستغرقُ عطاءه بتَرفِه، ثم يزداد ذلك في أجيالهم المتأخرة إلى أن يقصُر العطاء كله عن الترف وعوائده. وأيضًا فالترف مفسد للخُلق بما يحصل في النفس من ألوان الشر والسفسفة وعوائدها، فتذهب منهم خلال الخير التي كانت علامة على الملك ودليلاً عليه، ويتصفون بما يناقضها من خلال الشر، فتكون علامة على الإدبار، والانقراض بما جعل الله من ذلك في خليقته، وتأخذ الدولة مبادئ العطب، وتتضعضع أحوالها وتنزل بها أمراض مزمنة من الهرم إلى أن يقضي عليها. والوجه الثالث: أن طبيعة الملك تقتضي الدعة، وإذا اتخذوا الدعة والراحة مألفًا وخُلُقًا، صار ذلك طبيعة وجِبلة، فتربَّى أجيالهم الحادثة في غضارة[31] العيش ومهاد الترف والدعة، وينقلب خلق التوحش، وينسون عوائد البداوة التي كان بها الملك؛ من شدة البأس، وتعود الافتراس، وركوب البيداء، وهداية القفر، فلا يفرَّق بينهم وبين السُّوقة من الحضر إلا في الثقافة والشارة، فتضعف حمايتهم، ويذهب بأسهم، وتنخضد شوكتهم، ويعود وبال ذلك على الدولة بما تلبس به من ثياب الهرم..."[32]. 3- الظلم مؤذن بخراب العمران: "ومن أشد الظلمات وأعظمها في إفساد العمران تكليف الأعمال وتسخير الرعايا بغير حق، فإذا كلفوا العمل في غير شأنهم واتُّخذوا سُخْريًّا في معاشهم، بطَل كسبهم واغتُصبوا قيمة عملهم ذلك، وهو مُتموَّلهم، فدخل عليهم الضرر، وذهب لهم حظ كبير من معاشهم، بل هو معاشهم بالجملة، وإن تكرر ذلك أفسد آمالهم في العمارة، وقعدوا عن السعي فيها جملةً، فأدى ذلك إلى انتقاص العمران وتخريبه"[33]. "وأعظم من ذلك في الظلم وإفساد العمران والدولة التسلط على أموال الناس، بشراء ما في أيديهم بأبخس الأثمان، ثم فرض البضائع عليهم بأرفع الأثمان على وجه الغصب والإكراه في الشراء والبيع، وربما تُفرض عليهم تلك الأثمان على التراخي والتأجيل، فيتعلَّلون في تلك الخسارة التي تلحقهم بما تحدثهم المطابع من جبر ذلك بحوالة الأسواق في تلك البضائع التي فرضت بالغلاء إلى بيعها بأبخس الأثمان، وتعود خسارة ما بين الصفقتين على رؤوس أموالهم..."[34]. 4- الحضارة غاية العمران ونهاية لعمره ومؤذنة بفساده: "الملك والدولة غاية العصبية، والحضارة غاية للبداوة، وأن العمران كله من بداوة وحضارة وملك وسوقة له عمر محسوس، كما أن للشخص الواحد من أشخاص المكونات عمرًا محسوسًا، وتبين في العقول والنقول أن الأربعين للإنسان غاية في تزايد قواه ونموها، وأنه إذا بلغ سن الأربعين وقفت الطبيعة عن أثر النشوء والنمو برهة، ثم تأخذ بعد ذلك في الانحطاط، فلتعلم أن الحضارة في العمران أيضًا كذلك؛ لأنه غاية لا مزيد وراءها، وذلك أن الترف والنعمة إذا حصلا لأهل العمران دعاهم بطبعه إلى مذاهب الحضارة والتخلق بعوائدها، والحضارة كما علمت هي التفنن في الترف واستجادة أحواله، والكَلَف[35] بالصنائع التي تؤنق من أصنافه وسائر فنونه من الصنائع المهيَّئة للمطابخ أو الملابس، أو المباني أو الفرش، أو الآنية ولسائر أحوال المنزل، وللتأنق في كل واحدة من هذه صنائع كثيرة لا يحتاج إليها عند البداوة، وعدم التأنق فيها، وإذا بلغ التأنق في هذه الأحوال المنزلية الغاية تبعه طاعة الشهوات، فتتلون النفس من تلك العوائد بألوان كثيرة لا يستقيم حالها معها في دينها ولا دنياها، أما دينها فلاستحكام صبغة العوائد التي يعسر نزعها، وأما دنياها فلكثرة الحاجات والمؤونات التي تطالب بها العوائد ويعجِز الكسب عن الوفاء بها"[36]. هذه هي نظرية "ابن خلدون" في قيام الحضارات وسقوطها، ولا شك أنه تحليل مهم قد سبق به علماء الاجتماع في العالم أجمع، ولا شك أن "ابن خلدون" نظر فيه نظرة شمولية، غير قائمة على الجزئية في النظر، لكنه وصف للظاهرة من كل جوانبها، فاستحق بذلك أن يكون عالم الاجتماع الأول في تاريخ الإنسانية. نتائج البحث: بعد استعراضنا أسباب قيام الحضارات وسقوطها عند ابن خلدون، نستطيع أن نلخص أهم النتائج التي توصل إليها "ابن خلدون" في الآتي: 1- الحضارة عن ابن خلدون عكس البداوة، وهي غاية العمران، وتؤذن بخرابه، وتحمل بذور فساده. 2- تعاقب البداوة والحضارة عند ابن خلدون، فطور البداوة هو طور الخشونة والبأس والغلبة والاكتفاء بالضروري والفضائل، أما طور الحضارة، فإسراف وترف وسكون ودعة ومفاسد. 3- للدول أعمار كما للأشخاص أعمار، لا تتعدى مائة وعشرين عامًا، وتمر بثلاثة أجيال: الخشونة والبسالة في المجد، والترف والانكسار وضعف العصبية، والترف والعجز عن المدافعة وانقراض الدولة. 4- لقيام الحضارة وانهيارها أسباب متداخلة سياسية واجتماعية وأخلاقية واقتصادية. هذه أهم النتائج التي استخلصناها من بحثنا عن قيام الحضارة وانهيارها في فكر العلامة ابن خلدون. المراجع: 1- الزركلي، خير الدين بن محمود بن محمود، الأعلام، الطبعة الخامسة عشرة، دار العلم للملايين، مايو 2002م. 2- وافي، علي عبدالواحد، مقدمة ابن خلدون، الطبعة السادسة، دار نهضة مصر للنشر، إبريل 2012م. 3- شابرا، محمد عمر، الحضارة الإسلامية (أسباب الانحطاط والحاجة إلى الإصلاح)، الطبعة الأولى، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1433هـ=2012م. 4- الجوهري، محمد، يوسف، محسن، ابن خلدون إنجاز فكري متجدد، د.ط، مكتبة الإسكندرية، 2008م. [1] الأعلام، خيرالدين الزركلي (3/330). [2] علي عبدالواحد وافي، مقدمة ابن خلدون، ص27. [3] محمد الجوهري، محسن يوسف، ابن خلدون إنجاز فكري متجدد، ص20. [4] للتعرف على هذه الرحلات الاقتصادية انظر: الطنجي، رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، تحقيق: عبدالهادي التازي، الرباط، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية رحلة ابن بطوطة، ص1/161. [5] محمد الجوهري، محسن يوسف، ابن خلدون إنجاز فكري متجدد، ص26،21،20 بتصرف. [6] المرجع السابق، ص20. [7] المرجع السابق، ص28. [8] المرجع السابق، ص29،28. [9] المرجع السابق، ص29. [10] المرجع السابق، ص30. [11] المرجع السابق، ص34. [12] المرجع السابق، ص37. [13] المرجع السابق، ص37. [14] المرجع السابق، ص39. [15] المرجع السابق، ص39. [16] المرجع السابق، ص40. [17] الحضارة الإسلامية (أسباب الانحطاط والحاجة إلى الإصلاح)، محمد عمر شابرا، ص61. [18] مقدمة ابن خلدون، علي عبدالواحد وافي، ص401،399،393،392. [19] للتعليق على العامل الجغرافي وأثره في الحضارة والعمران، المرجع السابق، ص404،403، تعليق رقم: (268). [20] المرجع السابق، ص468،467. [21] للاستزادة في الحديث عن هذا العنصر انظر: المرجع السابق، ص480،479،478،477،476،473،472. [22] المرجع السابق، ص725،724. [23] للاستزادة في الحديث عن هذا العنصر انظر: المرجع السابق، ص489-782. [24] المرجع السابق، ص838. [25] المرجع السابق، ص833. [26] ابْذَغَرَّ: ابذعروا تفرقوا وفروا (القاموس). [27] المرجع السابق، ص698،697. [28] المرجع السابق، ص700،699. [29] يستخدم ابن خلدون في معظم فصول المقدمة كلمة "العرب" بمعنى الأعراب أو سكان البادية الذين يعيشون خارج المدن ويشتغلون بمهنة الرعي، وخاصة رعي الإبل، ويتخذون الخيام مساكن لهم، ويظعنون من مكان إلى آخر حسب مقتضيات حياتهم وحاجات أنعامهم التي يتوقف معاشهم عليها؛ وهم المقابلون لأهل الحضر وسكان الأمصار. كما تدل على ذلك الحقائق نفسها التي عرضها ابن خلدون في الفصول التي وردت فيها هذه الكلمة (تعليق رقم 359) للدكتور/ على عبدالواحد وافي، مقدمة ابن خلدون، ص469. [30] المرجع السابق، ص509،508. [31] الغضارة: النعمة والسعة والخصب (القاموس). [32] المرجع السابق، ص535،534،533. [33] المرجع السابق، ص701. [34] المرجع السابق، ص701. [35] كَلِِفْتُ به كَلَفًا فأنا كَلِف، أحببته وأولعت به (المصباح). [36] المرجع السابق، ص818،817. الموضوعالأصلي : [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: farida
| |||||||
الأحد 15 أكتوبر - 12:51:10 | المشاركة رقم: | |||||||
مشرف
| موضوع: رد: [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية منهجية ابن خلدون والإسقاطات المادية في إطار الآراء الفلسفية، يذهب الأستاذ (مهدي عامل) - المفكر اللبناني - إلى أن التاريخَ ليس حركة الأحداث، بل حركة الوقائع؛ أي: حركة الكل الاجتماعي، ويذهب كذلك إلى أن التاريخ - (أي: الممارسة التاريخية) - بالتالي ليس إخبارًا حدثيًّا؛ أي: نقلاً للأحداث، بل هو إخبار واقعي، والواقع بالضرورة اجتماعي، ولئن كان الإخبار الحدثي نقلاً، فإن الإخبار الواقعي (الاجتماعي) ليس نقلاً أو سردًا، وليس بإمكانه أصلاً أن يكونَ كذلك؛ لأن النقل أو السرد هو بالحدث وللحدث، والواقع الاجتماعي الذي يخبر التاريخ عنه - أي: يؤرِّخه - ليس أحداثًا؛ إنما هو بناء مترابط معقَّد من العلاقات المختلفة[1]. وهذا القول ليس صحيحًا على إطلاقه؛ لأن المؤرخ لا يستطيع تجاوز الإخبار الحدثي كلية، فلا يقف عنده، بل يسير به نحو اكتشاف العلاقات المختلفة وضعية أو جزئية، كما أن المؤرخ - كذلك - لا يقف عند اكتشاف قوانين الحركة؛ ليرى فيها قوى ذاتية عمياء تحرِّك التاريخ وتصنع الأحداث كما يريد منا (مهدي عامل) وغيره من أصحاب التفسير المادي أن نؤمِنَ، بله أن نؤمن بأن ابن خلدون قال به، أو حسب قوله في عبارته المألوفة عن الماديين: "إن الضرورة التاريخية هي - في تعبير آخر - منطق الاجتماع البشري...، إنها الضرورة الخلدونية في انتقال المجتمع من البداوة إلى الحضارة، أو في انتقال الدولة من طَور إلى طور، أو في وصول العصبية إلى غايتها، التي هي الملك"[2]. فهي حركة داخلية عمياء (ضرورة)، وعلمية فكر ابن خلدون - بالتالي - عند "مهدي عامل" ليست بسيطة، إنها عِلميَّة معقدة، لقد قفز ابن خلدون بالفكر العربي إلى علميته؛ بتحريره النظر في الموجودات - ومنها الواقعات العمرانية التاريخية - من هيمنة الفكر الديني الذي ينظر في الموجودات جميعًا في ارتباطها بمبدأ وجودها، الذي هو من خارجها، وهو خالقٌ، وهي خليقته. أما الفكر العلمي الخلدوني، فيقوم العقل فيه على استقلال الموجودات بذاتها عن كل ما ليس هو، وعن كل ما هو من خارجه، فلا يدخل في دائرة معرفته إلا ما هو ضروريٌّ بضرورته، لا بضرورة غيره[3]. (أي بدون تدخل من الإله.. من المطلق...!). ولئن ألجأت الضرورة إلى النظرة في الدين، ففي ضوء القوانين العمرانية كظاهرة عمرانية، أما ربط العمران بالدين ربطًا تبعيًّا، فهذا - في رأي مهدي عامل - ما يرفضه ابن خلدون رفضًا قاطعًا[4]. وأخيرًا في رأي مهدي عامل أيضًا تكمن علمية فكر ابن خلدون في أنه وجَّه التاريخ والاجتماع إلى هدفٍ واحد، حين تخطى حدود الحقل التاريخي المغربي إلى حقل التاريخ الاجتماعي بعامة، فنجح في ربط صياغة القوانين الكونية - التي هي عملية بناء النظرية العلمية للتاريخ - بعملية البحث في هذه الأسباب؛ أي: بعملية التفسير المادي (الاجتماعي) للتاريخ[5]! وفي الطريق نفسه، ولنَقُلْ: في إطار هذا "التعليب المادي"، إذا صح التعبير مع قليل من التوسعة - يبدأ (سالم حميش) بحثه الذي بذل فيه جهدًا تحليليًّا متميزًا حول (الخلدونية في مرآة فلسفة التاريخ) بالوقوع في الحفرة المادية - الماركسية أو شبة الماركسية - نفسها. فمن البداية يسجل الباحث أن الطريقةَ التي يعالج بها ابن خلدون الحياةَ السياسية والثقافية "لها بعض القرابة بالطريقة التي يحلل بها مثلاً ماركس أو فيبر نمطَ الإنتاج الرأسمالي؛ فكلهم يسعون إلى عرض البِنية الأساسية وسيرها النوعي"، ويؤكد اتجاهه (في الهامش) بعرض بعض نماذج التشابه المثيرة بين ماركس وابن خلدون، وهي تشابهات يمكن أن توجد بين ماركس وعشرات المفكرين دون أن يكون الفكر منتميًا إلى فلسفة مادية؛ فالجانب المادي في الحياة - كجانب من جوانب الصراع والتفاعل في المجتمع - جانبٌ لا يمكن إنكاره، ولم ينكره فيلسوف مسلم واحد، باستثناء بعض منحرفة الصوفية الذين لا يُعتد بهم، وقد تتبعه كثيرون وحاولوا - عبثًا - إخضاعَه لفلسفة مادية متجاوزين جذوره الإسلامية الشمولية. في مشروع ابن خلدون الضخم يقول سالم حميش: "يقوم الخطاب على ازدواج التركيب حول العلم والعقيدة الدينية، والمطلوب دومًا هو فك ارتباطاته والتباساته، ليس لقصد بيداغوجي فحسب؛ وإنما أيضًا لغاية معرفية؛ ذلك لأن الموضوعية ليست هي القاعدة المهيمنة دومًا عند مؤرخنا (!)، فمن حين لآخر يختلط بها شعوره الديني (وهل الشعور الديني مخالف بالضرورة للموضوعية؟!)؛ فيحدث له تمييزات وتقسيمات يلزم أن نكون حذرين بإزائها، ولا أدلَّ على ذلك مثلاً من تمييزه بين العصبية الإيجابية (المحمودة) في سبيل الله، والعصبية السلبية المذمومة، أو (على الباطل) في الجاهلية ومع المذاهب والتيارات اللاحقة"[6]. يواصل سالم حميش تحليله المادي لمنهجية ابن خلدون: "أما إذا أعدنا الخطاب التاريخي الخلدوني إلى مادته العلمية، وخلصناه من حلقاته وعُقَده الموثوقية البارزة (الباحث يقصد التحليل الخلدوني الإسلامي)، فإنه قد يكتسي بالعمق مع وجود فوارق خاصيات ثلاث: المادية، والوضعية، والدائرية"[7]. وفي سياق إثبات مادية الفلسفة الخلدونية، يرى الباحثُ أن ذلك يبرز في فكرتين: في نصوص ابن خلدون النظرية، وهما: "الطبيعية"؛ حيث إن ابن خلدون - ككلِّ الماديين القدامى والمحدثين - يرجع للإنسان وضعه ككائن طبيعي خاضع لمنحنى بيولوجي ضروري وشمولي، "والسببية" أو "العِلِّيَّة": هي الفكرة الثانية المثبتة لمادية فلسفة ابن خلدون التاريخية - في رأي الباحث - والسببية تعني: أخذ الكائن التجريبي المحسوس بعين الجد؛ (أي: إهمال ما وراء الحس)، وكيف يمكن أخذُ العالم الواقعي بعين الجد إن لم يكن بالإعراض عن التحليقات الما ورائية والصوفية؟! (أي: ترك القول بالميتافيزيقا، أو تحليل الواقع عن طريق الإيمان بدور القدرة الإلهية في التاريخ!)، واعتمادًا على تأويل غير موضوعي لنص ابن خلدون الذي يقول فيه: "واعلم أن الإنسان مفتقرٌ بالطبع إلى ما يقوته ويمونه في حالاته وأطواره من لدن نشوئه إلى أشُدِّه وكِبَره"، يستنتج الباحث أن الفكر الاقتصادي الخلدوني الطبيعي يرى أن الله "لا يختص" إلا بخَلْق شروط الحياة المادية، أما سيره وغاياته، فأمورٌ موكولة إلى الإنسان[8]. ويتابع سالم حميش تحديد (صلاحيات الله)[9] واختصاصاته وَفْق تأويله للمنهج الخلدوني الاقتصادي، فيرى أن "إتاحة التدخل الإلهي" - وهذا نص تعبيره - لربما أن وظيفته - يتابع حميش - حل الطابع الإشكالي والعرَضي للرزق، والمتجلي من وجهة أخرى في تقدير قيمة البضائع، وتحديد الأسعار[10]! وعندما يجد "سالم حميش" أن عبارةَ ابن خلدون واضحة في أن الله هو الموكل إليه كل شيء والمسؤول عن الرزق، يحاول تأويل الأمر، ويلمح إلى أن ابن خلدون متناقض مع نفسه؛ لأنه أفاد بأن كسب الرزق من عمل الإنسان في موقع آخر، يقول حميش: "وأما الرزق، فهو في اعتبار ابن خلدون موكل إلى الله، وهذه الإحالة في ميدان خاص - كالاقتصاد - ليست سوى تعبيرٍ عن عقيدة أو إيمان، وهو على كل حال لا يتوافق مع قولين للمؤلف: واحد قطعي، والآخر استدلالي"، ثم ينتهي إلى عبارة حاسمة تنفي التدخل الإلهي في الرزق، يقول: "وعلى هذا النحو يظهر أن دائرةَ المعاش مستقلَّة وقائمة بذاتها"[11]؛ فهي - في الفلسفة الخلدونية من وجهة نظره التأويلية - لا دخل لله فيها، بل هي عمل إنساني محض، حتى لو قال ابن خلدون بأنها موكلة إلى الله؛ لأن قول ابن خلدون هذا - حسب رأي حميش - مجرد تعبير عن عقيدة وإيمان! إن هذا الإسقاط والتعسف في توجيه آراء ابن خلدون الذي يقدمه سالم حميش - إنما يرجع إلى ضغط النزعة الأيديولوجية المادية، التي لا تريد أن تبصر العوامل الأخرى، ولا تريد أن تعترف بهيمنة الله وعنايته بالتاريخ الإنساني والحضارة البشرية، بل والكون كله. ويقع كل هؤلاء الماديين في خطأ كبير حين يفرضون التصور اللاهوتي على الإسلام، ويتصورون أن أي قول بفعل الله ورعايته المباشرة يعني التناقض الكامل مع فعل الإنسان ومع الأسباب والقوانين الداخلية، التي هي (نظام الله) الذي أودعه "داخل" كل كيان حي أو منتج! إن الذي خلق المواد الخام في عقيدتنا (شروط الحياة المادية بتعبير حميش) هو الله الذي يرعاها في كل لحظة، وكل مكان، وكل حركة، وهو الذي يُخضعها باطِّرادٍ للسنن، ويبطل فاعليتها - بالمعجزات - لو شاء، إنه المالك لقوانينها، وليس اطِّرادُها إلا يدًا من أياديه، ونعمةً من نِعَمه، وإلا لأصبح فقه الكون والمجتمع وتسخيرهما مستحيلاً. وعندما يأذن الله بخرق النواميس أو طي صفحة من صفحات الحضارات، أو ركن من أركان الأرض، فإنه يفعل ذلك في ومضةٍ خاطفة؛ فعلمه وقدرته فوق كل علم وقدرة إنسانية، وهما راعيان وموجِّهان لعلم الإنسان وقدرته. إن المفكر المسلم الذي يرفض اللاهوت، ويعي دور الإنسان الرائع الفاعل، والتناغم في صناعة الحضارة - لا يشعر بالتناقض أو صراع بين فعل الإنسان وبين رعاية الله وعنايته، إن رعاية الله ليست "تكبيلاً" ولا "إلغاءً" لكل ملكاته وأجهزته واختراعاته، بل تحيطه برحمة عامة تشبه الرحمة التي يرسلها الله في الهواء والماء والشمس لكل الناس، ولا سيَّما هؤلاء الذين ينسجمون مع سُننه وأوامره ونواهيه، إنهم الأكثر انسجامًا وإبداعًا وخيرًا وحقًّا، في الإطار الإنساني الأوسع زمانًا، والأعمق روحًا، والأرحب مكانًا. لكن التفسير المادي يَعجِزُ عن إدراك هذه المنظومة الرائعة، ويفصل - بحسم - بين ما هو مادي وما هو روحي ومعنوي، ويضع أسوارًا من التناقض والصراع بين ما هو عُلْوي وما هو أرضي! وهي أسوار - وهو كذلك صراع - لا وجود لهما إلا في مخيلته ومقولاته غير العلمية وغير الموضوعية! [1] مهدي عامل، في عملية الفكر الخلدوني، ص 14، 15، دار الفارابي، طـ2، بيروت. [2] المرجع السابق، ص 18. [3] المرجع السابق، ص31. [4] المرجع السابق، ص 32. [5] السابق، ص 28. [6] الخلدوني في مرآة فلسفة التاريخ، الاجتهاد، ص 133، عدد 22، 1414هـ. [7] السابق، 114. [8] السابق، 118. [9] يشبه هذا الإله إله اليهود، المختص بهم وحدهم، والذي يعمل لصالحهم طول الوقت، أساؤوا أم أحسنوا. والحقيقة أن هذه كلها مفاهيم وثنية، تتناقض مع كمالية الألوهية، ومع ذات الله رب العالمين، الذي يحيط بكل شيء علمًا، والقادر على كل شيء، والذي يكفل كل الناس بعدل ورحمة كاملين. [10] السابق، 118. [11] السابق، 118. نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات مقالات ذات صلة الفكر الاقتصادي عند ابن خلدون توطئة للتأصيل الإسلامي لنظريات ابن خلدون ابن خلدون نبتة حضارته وليس ثمرة عصره فقط! طرائق البحث التاريخي قبل ابن خلدون الأصول الإسلامية لنظريات ابن خلدون تطوير دراسة التفسير في ضوء مقالات ابن خلدون مختارات من الشبكة عرض كتاب: (منهجية ابن أبي جمعة الهبطي في أوقاف القرآن الكريم) للشيخ ابن حنيفة العابدين(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري) بين منهجية التبرير ومنهجية التأثير(مقالة - ثقافة ومعرفة) ابن النجار وابنه تقي الدين ابن النجار(مقالة - ثقافة ومعرفة) ابن بطة الأب وابن بطة الابن(مقالة - ثقافة ومعرفة) من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب(مقالة - ثقافة ومعرفة) الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل) الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل) أثر العامل الفكري في فكر الإمام ابن مفلح(مقالة - ثقافة ومعرفة) المنهجية والتأويل(مقالة - ثقافة ومعرفة) هل ابني ضعيف الشخصية ؟(استشارة - الاستشارات) الموضوعالأصلي : [مهم]بحث لابن خلدون في الوقائع الاقتصادية // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: farida
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |