رسم توضيحي يوضح دوران الأرض حول الشمس وابتعادها من مركز الشمس (أرشيف الوطن)

أبها: محمد الفهيد
يشهد النصف الشمالي من الكرة الأرضية يوم غد الثلاثاء 9 أحداث فلكي سنوي هام وهي الانقلاب الشتوي الذي سيحدث في تمام الساعة 12 و42 دقيقة بعد منتصف هذه الليلة من صباح هذا اليوم بالتوقيت المحلي حين تصل (وصلت) الشمس إلى أدنى انخفاض لها في السماء بالنسبة لسكان النصف الشمالي من الكرة الأرضية وهي ذات اللحظة التي يشهد فيها سكان النصف الجنوبي من الكرة الأرضية انقلاباً صيفياً حيث يرون الشمس تصل في سمائهم أقصى ارتفاع لها ظهر يوم غد الثلاثاء. ويقول الراصد الفلكي وعضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك هاني محمد الضليع إنه بعد أن وصلت الشمس أقصى مسافة لها جنوب خط الاستواء ، يتغير غداً (تغير اليوم اتجاهها) اتجاهها لتعود أدراجها نحو النصف الشمالي من الكرة الأرضية حيث يبدأ موقعها في السماء بالارتفاع وقت الزوال يوماً بعد يوم إلى أن تبلغ أقصى ارتفاع لها يوم الانقلاب الصيفي الموافق للثاني والعشرين من شهر يونيو من كل عام شمسي. وسبب تعاقب الفصول الأربعة في الحقيقة ليس دوران الأرض حول الشمس في المقام الأول كما يعتقد الكثيرون، إنما هو بسبب ميل محور الأرض عن مستوى دورانها حول الشمس بزاوية قدرها حوالي 23.5 درجة، الأمر الذي يرينا الشمس مرتفعة في سماء الصيف ومنخفضة في سماء الشتاء. وزاوية سقوط الأشعة الشمسية على الأرض هي التي تحدد كمية الحرارة التي ستستقبلها الأرض من الشمس، فالأشعة الساقطة سقوطاً رأسياً تسخن الأرض أكثر من تلك الأشعة التي تسقط مائلة بالنسبة لها.
وبسبب ارتفاع الشمس في السماء صيفاً أكثر من ارتفاعها شتاءً ، فإن طول النهار في فصل الصيف يكون أطول مما هو عليه في فصل الشتاء، أي أن مدة مكث الشمس في السماء أطول، وبهذا تطول فترة استقبال الأرض لحرارة الشمس صيفاً عنها في الشتاء ، وهو سبب ارتفاع الحرارة في فصل الصيف.
في المقابل ، فإن أهل النصف الجنوبي (أستراليا وأمريكيا الجنوبية) يعيشون الآن انقلاباً صيفياً، لكن الفرق بيننا وبينهم هو أن شتاءنا دافئ وصيفنا معتدل مقارنة بشتائهم البارد وصيفهم الحار، فالأرض في صيفهم تكون في الحضيض، أي أقرب ما تكون من الشمس، وأما في الشتاء فتكون في الأوج، أي أبعد ما تكون عن الشمس.
ويضيف الضليع " غداً ستكون (ففي هذا اليوم تقع) الأرض على مسافة تساوي 147 مليونا و 158 ألفا و814 كيلومتراً عن الشمس، وهي مسافة أبعد من الحضيض بحوالي 50 ألف كيلومتراً. وأما في الصيف فتكون الشمس في الأوج الذي يفصل بين الأرض والشمس بمسافة 152 مليونا و 102 ألف و 377 كيلومتراً ، بفارق مسافة بين الأوج والحضيض تعادل حوالي خمسة ملايين كيلومتراً".
ومما يهم ذكره هنا أن ميل محور الأرض بزاوية 23.5 عن مستوى مدار البروج هو سبب وجود ما يعرف بمداري السرطان والجدي الموجودين على سطح الكرة الأرضية موازيين لخطوط العرض وخط الاستواء، فمدار السرطان يعبر المملكة بين مكة والمدينة، وهذا يعني أن أهل مكة ومن دونهم كأهل أبها وجيزان والمناطق الجنوبية يمكن أن ترتفع الشمس في سمائهم حتى لا يبقى لهم ظل في يومين من أيام السنة وذلك لأن الشمس تتجاوزهم نحو الشمال ثم تعود جنوباً، في حين أن أهل المدينة ومن فوقهم شمالاً كالرياض والدمام لا تصل الشمس فوق رؤوسهم أبداً بل تبقى مائلة إلى الجنوب قليلاً لأنهم يقعون على خطوط عرض أكبر من 23.5 أي درجة أكبر من خط عرض مدار السرطان.
الشمس إذاً تتردد في حركتها بين مدار السرطان شمالاً (الانقلاب الصيفي) يوم 22/6 ومدار الجدي جنوباً يوم 21/12 (الانقلاب الشتوي) عبوراً بخط الاستواء في يومي الاعتدالين الربيعيين يوم 21/3 والخريفيين يوم 23/9 من كل سنة شمسية.
وأخيراً، فإن شمس صباح يوم غد الثلاثاء ستطلع (الشمس في هذا الصباح قد طلعت) من أقصى نقطة شروق لها جنوباً وستغيب مساءً في أقصى نقطة لها جنوباً أيضا، في حين إنها في الانقلاب الصيفي تطلع وتغيب في أقصى نقطتين لها شمالاً في الشروق والغروب، وهو مصداق قول الله تعالى في سورة الرحمن (رب المشرقين ورب المغربين. فبأي آلاء ربكما تكذبان؟).