من قصص القضاة في الاسلاموميات في التاريخ الإسلامي
يروى عن أبو الْقَاسِم عبيد الله بْن سُلَيْمَانَ ، قال : كنت أكتب لموسى بْن بغا ، وكنا بالري ، وقاضيها إذ ذاك أَحْمَد بْن بديل الكوفي ، فاحتاج موسى أن يجمع ضيعته هناك ، كان له فيها سهام ويعمرها ، وكان فيها سهم ليتيم ، فصرت إلى أَحْمَد بْن بديل ، أو فاستحضرت أَحْمَد بْن بديل ، وخاطبته في أن يبيع علينا حصة اليتيم ، ويأخذ الثمن فامتنع ، وقال : ما باليتم حاجة إلى البيع ، ولا آمن أن أبيع ماله ، وهو مستغن عنه ، فيحدث على المال حادث ، فأكون قد ضيعته عليه ، فقلت : إنا نعطيك في ثمن حصته ضعف قيمتها ، فقال : ما هذا لي بعذر في البيع ، والصورة في المال إذا كثر مثلها إذا قل ، قال : فأخذته بكل لون وهو يمتنع ، فأضجرني ، فقلت له : أيها القاضي ، لا تفعل ، فإنه موسى بن بغا (وكانت له هيبة وسطوة في بني العباس )، فقال لي : أعزك الله ، إنه الله ، تبارك وتعالى ، قال : فاستحييت من الله أن أعاوده بعد ذلك ، وفارقته فدخل على موسى ، فقال : ما عملت في الضيعة ؟ فقصصت عليه الحديث ، فلما سمع أنه الله بكى ، وما زال يكررها ، ثم قال : لا تعرض لهذه الضيعة ، وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح ، فإن كانت له حاجة فاقضها ، قال : فأحضرته ، وقلت له : إن الأمير قد أعفاك من أمر الضيعة ، وذاك أني شرحت له ما جرى بيننا ، وهو يعرض عليك قضاء حوائجك ، قال : فدعا له ، وقال : هذا الفعل أحفظ لنعمته ، وما لي حاجة إلا إدرار رزقي ، فقد تأخر منذ شهور ، وأضر بي ذلك ، قال : فأطلقت له جارية . .
[size=16]تاريخ دمشق لابن عساكر اسلام ويب[/size]