حوريـة نهر النعيــم يتوجه لنهر. يجلس على الضفة، ويتخيل نفسه مستلقيا على ظهره وسط المروج الخضراء، والرياح تحرك قلنسوته. يخف ألم رأسه، فتتسلل بعض الومضات لذاكرته، يرى نفسه يجلس بجانب عروس شقراء، يمسك بيدها وتمسك بيده، ويبتسمان للحاضرين. ومضة أخرى مقززة، ليجد نفسه داخل تابوت سحيق، غير قادر على التنفس. ومضة أخرى، والدماء تهطل من جسده، بينما يرى شاب له شعر أشقر مموج يحدق به بنظرات الرعب والحقد، يصرخ طالبا منه الرحمة، لكن الشاب صاحب الشعر الأشقر المموج يبصق عليه. يحاول أن يوقف تلك الومضات، فيحدق بالنهر. كان ضوء القمر يتمايل فوق سطحه. فجأة يصبح المكان ظلاما حالكا، لاشيء غير نزيف ضوء القمر الناصع على سطح الماء. تخرج من النهر حورية ذات بشرة بيضاء، وشعر كستنائي طويل يصل لأخمص قدميها. تسير ببطئ ورشاقة نحوه. تقف أمامه، وتهوى على ركبتاه، لتتلاقى الأعين. تحدق به ويحدق بها، ودون سابق إنذار، تلامس أنامل يدها وجهه النحيل. تبتسم له، فتسحره إبتسامتها المشرقة، لكنه مايزال متصلبا بمكانه. لقد كنا هنالك حنين للدماء بهاته الليلة، عطش شديد لشرب من كأس الدموع الذي فاض من شدة إمتلاءه خلال الثلاث سنوات الماضية. تتلاشى حورية النهر، فيقوم من على الأرضية، وينفض الخشاش الذي إلتصق بجلبابه. لقد كان حلما؛ والحلم يصبح واقعا مريرا،