خضر فاسدة صالحة لأكل ـــ قصة قصيركان جدي "با رحو" يبيع الخضر الفاسدة قرب حي البراريك الذي نسكن فيه ، أساعده أحيانا حينما يطردني المعلم من حجرة الدرس بسبب الشغب أو بسبب ملابسي المهترئة وشعري المقمل أو بسبب حذائي المرقع بلا جوارب الذي تنشط فيه الديدان والروائح الكريهة أو بسبب جسمي النحيف الضعيف والمتسخ ووجهي الذي يوحي الى شيئ واحد "المعدب في الأرض" أو بسبب رائحتي التي تتبعني من حي البراريك الى أي مكان أذهب إليه إنها تلتصق بي كجلدي أو بدون سبب .
أساعد جدي على دفع عربته المجرورة القديمة و المليئة بالخضراوات الفاسدة والمتعفنة ،تصدر منها رائحة مقززة حتى الحيوانات لا يمكن أن تأكلها ، الذباب والناموس والحشرات تنط فوقها والجرو يتبعنا من الخلف يعرج كالعادة ، لا شك أن أطفال البراريك هم من ضربوه، حينما يرون جرو يحملون حجرة حادة يسددونها بمهارة بالتجاهه ،فتصيبه يصرخ بصوت يشبه بكاء الأطفال.
الجرو يبدو جائع، أحيانا يرمي له جدي جزرة واحدة فاسدة وصغيرة يهشها بأسنانه السوداء يلعق أنفه بلسانه ويركض رغم إصابته بثقة زائدة هذه المرة طالبا المزيد ينظر اليه جدي ويهش عليه بالإبتعاد ، ياللروعة ،حتى الكلاب في حي البراريك عاشبة تأكل العشب والخبز البائت والخضراوات ،كان يجلبها جدي من وراء مزبلة السوق هناك يرميها الباعة الأثرياء الأنها متسخة بالتراب أو أنها منكسرة أو صغيرة ،ينتقي جدي أفضلها ويذهب بها إلى حي البراريك يبيعها بثمن بخس وقليل جدا .
رغم كل هذا فتجد إقبال كبير، يأتي كل الأباء الفقراء يشترونها كلها ويطلبون المزيد حينما تطبخها الأمهات الأرامل والبنات العازبات داخل حي البراريك فوق نار هادئة بقليل من الثوابل وكثير من الحب والشهوة تطير عنها كل الطفيليات والأوساخ و الديدان البيضاء، أبناء البراريك يكفي أن يقولوا بالسم الرب الطاهر ثم يأكلون السم ولا يموتون ،أجسامهم صلبة تقاوم أخطر الأمراض فتكا وأكثر فما بالك بالخضراوات الفاسدة ،إنهم يموتون أكثر من مرة